الدكتور إبراهيم اللدعة*
فلسطين المحتلة
إتخذت الولايات المتحدة الأمريكية من أحداث 11 سبتمبر منذ وقوعها حجةً ومبرراً لخوض حروب علنية وأخرى سرية طالت بقاع المعمورة من أقصاها إلى أقصاها وجيشت لصالحها الجنود والأحلاف فذهب ضحيتها أضعاف أضعاف ما قتل في إنهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك.
ولهذه المناسبة فإن الواجب يملي علينا تقديم العزاء من جديد لذوي ضحايا هذه الهجمات من الأبرياء الذين استخدمت دمائهم كشماعة أهرقت مقابلها دماء الكثيرين من النساء والأطفال والشيوخ في العراق وقبلها في أفغانستان وهو ما يدفعنا وبنفس العزيمة والأصرار لنعبر عن تضامنناً الكامل مع هؤلاء الشهداء والجرحى الذين غصت بهم شوارع افغانستان وباكستان والعراق ومناطق أخرى من العالم بعضها علمنا به والبعض الآخر لا زال سرياً لم يعلن عنه.
في العراق قدرت بعض التقارير عدد شهداء حروب الإدارات الأمريكية بمليون ونصف وربما يكون العدد مماثلاُ أو أكبر في أفغانستان وباكستان واليوم وبعد عشر سنوات على ما أصطلح على تسميته بهجمات الحادي عشر من سبتمبر فإن الغموض لا زال يكتنف ما جرى حيث أن اللجان التي شكلت للتحقيق في الحادث تضاربت استنتاجاتها وتصادمت في بعض الأحيان والنقاط الجوهرية ولم تجتمع كلها على إدانة جهة بعينها وتحملها المسؤولية عن ذلك.
هذه التضاربات في التقديرات والاتهامات في ظل غياب الأدلة والبراهين القاطعة مع تصاعد التشكيك حتى في أوساط أعضاء الكونجرس وقيادات أميريكية وحتى مراقبين دوليين في الرواية الأولى التي ساقتها الإدارة الأمريكية منذ وقوع الهجمات ومنها ما فندته مرشحة حزب الخضر للرئاسة الامريكية سنثيا ميكاني عام 2008 تدفعنا في مؤسسة لجان العمل الصحي للفصل بين أسباب الحروب والظروف الدافعة لخوض هذه الحروب وما يسمى بالحرب على الإرهاب.
إن دوافع خوض الحروب وتدمير بلدان أخرى كثيرة معلومة منذ فجر التاريخ ضمن السعي للسيطرة على مقدرات الشعوب والأمم الأخرى وتطويعها وجعلها إما أدوات تخدم صناعات المعتدي أو أسواقاً لمنتجاته بغض النظر عن جودتها بما يشجع الاحتكارات الرأسمالية ويعطي العملة الامريكية الدولار الأفضلية لتبقى العملة القوية على المستوى الدولي وكل هذا تحت مبرر الحرب على الإرهاب الذي يبدو ظاهرياً كأمر منطقي تؤسس الاحلاف وتجهز الجيوش من أجله.
ومما يدلل على ما نقوله تراجع كل منظري الحرب على العراق عن إفاداتهم السابقة التي أدت إلى إحتلال البلد وتدميره ومنهم وزير الخارجية الأسبق للإدارة الأمريكية كولن باول الذي اعترف بتقديم معلومات خاطئة ومضللة عن القدرات العسكرية للعراق وذلك أمام مجلس الأمن الدولي.
ما تقدم يقود لاستنتاج قوي بان أحداث الحادي عشر من سبتمبر أستغلت بغير حق ووجهت لخدمة أهداف إمبريالية لا علاقة لها بالجريمة فدماء القتلى هناك وظفت لخدمة الكارتيلات الصناعية الكبرى التي تمتص خيرات البلدان التي احتلت بذريعة الثأر لكرامة الولايات المتحدة تحت شعار محاربة الإرهاب، وفي هذه الحرب قتل الملايين من الأبرياء وشرد مئات الملايين عدا عن إلحاق الأذى الجسدي والنفسي بمئات الاف المعتقلين والأمهات اللاتي شاهدن أبنائهن يذبحون باحدث أنواع تكنولوجيا القتل العسكرية.
وفي حالتنا الفلسطينية تشجعت إسرائيل كدولة احتلال عنصرية على تكثيف قمعها ودمويتها ضد شعبنا الأعزل مستخدمة ذات الأعذار التي تسوقها واشنطن في قتلها للأبرياء. فأسرائيل تحتجز الاف الفلسطينيين في سجونها وسط ظروف مجافية لأبسط قواعد الانسانية ومنهم أطفال ونسوة، وإسرائيل تمنع الفلسطينيين من الوصول إلى مقدساتهم الإسلامية والمسيحية في القدس التي تحاصرها بالحواجز العسكرية والمستوطنات وتهود معالمها وتضيق على سكانها وتمنعهم من حقهم في التعليم.
وعلى ما تقدم فإننا ندعوا لفتح باب التحقيق مجدداً في أحداث الحادي عشر من سبتمبر من حيث تحديد الجهة التي تقف وراءها وكيفية تنفيذها مع تزايد الشكوك بالرواية الأمريكية الرسمية حول ذلك وصولاً إلى محاكمة المتسببين بالحروب التي شنت بعد ذلك، ولعل أبرز ما يبرر مطلبنا هذا كفلسطينيين أننا كنا أكثر الناس تضرراً بهذه الأحداث وما ترتب عليها.
وعليه فإننا نطالب:
1-الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون تشكيل لجنة تقص للحقائق مستقلة ومهنية تأخذ على عاتقها فتح ملف التفجيرات مجدداً على أن تنشر ما تتوصل إليه من حقائق على العلن.
2- تقديم كل من قدم إفادات كاذبة أدت إلى شن حروب ومجازر للمحاكمة الدولية ولا سيما القادة الذين أقروا لاحقاً بكذبهم وتدليسهم بشأن أحداث الحادي عشر من سبتمبر أو أسلحة العراق وغيرها.
3- تعويض الدول والشعوب عن الخسائر التي لحقت بها جراء الاعتداءات والاحتلالات والحروب التي شنت عليها من العراق الى أفغانستان وباكستان وغيرها.
4- إجبار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الامتثال لقرارات الامم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ومحاكمة قادتها على الجرائم التي اقترفوها بحق الشعب الفلسطيني منذ احتلال أرضه.
:::::
* مدير عام مؤسسة لجان العمل الصحي