الخليجي ومثقفوه: يقتلوا الشام لمن!
عادل سمارة
هكذا كان…حيث دندن هاتفي الخليوي
– نعم…
– دكتور ماذا تعرف عن دولة…؟
– ماذا تقصد، هذه دولة كبيرة!
– أجهز أطروحة ماجستير في جامعة بير زيت عنها واود أن تجيبني على بعض الأسئلة وأنا ساكتب الآن.
– مش معقول…هذا لا يناسب مقالة صحفية في كزيطة!
– لا لا ولا يهمك بس كم سؤال، أنت ساعدت كثيرين. سأبدأ بالكتابة
– نعم ولكن كباحثين مع اوراق ومراجع وجلسات…
بدأ بالأسئلة وأجبت كما اذكر ستة.
قبل ايام قرأت لنفس الشخص مقالة لم يترك فيها سكيناً إلا وغرسه في الرئيس السوري. قلت لنفسي، ماذا وراء هكذا كتابات غير فلوس قطر والسعودية! فبعد كا الحقائق في سوريا عن الإرهاب من جهة وعن إصلاحات النظام من جهة ثانية، ما معنى عدم سكوت هؤلاء سوى أنهم مأمورون! ترى هل يفهم هذا ما هو النظام العالمي الذي يولد اليوم، وما معنى تهالك التقسيم العالمي “الجديد” الذي يتهالك، وما معنى تدمير العراق وليبيا وأفغانستان؟ أم أن هذا يقول: بضع مئات من الدولارات أحسن من دولتي بني أمية في الشام والأندلس.
إنها حرب وسخة بكل المعاني، يطغى فيها الجاهل على العاقل والأمي على المفكر والسلفي على المتحضر، والمتهالك معنويا على المناضل، والخائن على المخلص.
أعادني هذا المشهد المتناقض حتى التفاهة إلى كتاب جون بيركنز عن الولايات المتحدة “الاغتيال الاقتصادي للأمم –اعترافات قرصان اقتصادي” The Hit-Man. (نلاحظ هنا ان hit-man هي اشتقاق من حرب الغوار-العصابات أضرب واهرب ولكن هنا اضرب واستقر على صدر الضحية).
ومختصر الكتاب هو تفصيل كيف تقوم الولايات المتحدة بإخضاع الدول عبر كلبشتها اقتصاديا لتبقيها في دائرة نفوذها كادوات وضيعة ليس أكثر. لكنني لا اعتقد أن هذا ما تقوم به الولايات المتحدة فقط، بل كل دول الغرب، كلٌّ حسب حجمه ودوره في المبنى السياسي العام لحفاظ الغرب على سيطرته على العالم، إنه تقسيم عمل بين أوغاد المرحلة وبالطبع تآخي اللصوص.
ومن بين ما ورد في هذا الكتاب أن الولايات المتحدة حينما تُركِّع دولة اقتصاديا وبالديون خاصة تأمرها، من بين ما تأمر، “صوتوا معنا في الأمم المتحدة”. بهذه الطريقة يتم تزوير الإرادات.
ولكن، كيف لدولة أن تقبل لنفسها هذه المكانة الوضيعة!
لا يكمن السبب في الفقر، بل في المصالح الطبقية للطبقات الحاكمة التي تمارس حقاً خيانة شعوبها من أجل الكسب.
لقد نبتت منظمة الأمم المتحدة من رحم اللبرالية الغربية التي من بين مزاعمها سيادة الدول على أراضيها، وجرى تجريعها قسراً لمختلف أمم العالم، وكانت الجرعة الأكثر قساوة عند انتقال اللبرالية الأم إلى اللبرالية الجديدة التي استعادت شهيتها للنهب فجعلت من سيادة الدول الصغيرة مسألة افتراضية. ففي حين جرى تدمير العراق لأنه استعاد الكويت وهي الولاية 19 من العراق بحجة أن العراق خرق استقلال “دولة” الكويت، جرى احتلال العراق وتدميره عام 2003 بحجة أن لديه اسلحة دمار شامل وأن العرب متخلفون إذا امتلكوا هذا السلاح سوف يضربون واشنطن! واستسلمت الأمم المتحدة أمام هذا الزعم الزائف وجعلت الاحتلال شرعياً. وبعد عشر سنوات خرج بعض جيش الاحتلال بعد أن عين هناك من يقسموا العراق ويفرطوا بكل ارضه وناسه وثروته وكلهم يثرثرون عن”الديمقراطية”.
وهذا يبرز سؤالان: اين موقع أنظمة عربية من هذا. وما دور مثقفين عرباً في هذا؟
يقوم حكام الخليج العربي وخاصة السعودية وقطر بدفع الرشى لأنظمة عربية أخرى كي تدعم مشروعها في تدمير سوريا، كما يقومون كذلك بدفع رشى لدول أخرى من أجل نفس الغرض، والحديث الذي دار بين وزير خارجية قطر وبين ممثل الاتحاد الروسي في مجلس الأمن هو أفضل توثيق ليس فقط لأن القطري عرض المليارات بل لأن الروسي صفعه بما يُشعرنا حتى نحن بالخزي، وبالطبع ليس من بيننا المثقفين الذين يقبضون من قطر والسعودية والإمارات.
إن تدمير سوريا هو في حقيقة الأمر لصالح نفوذ الولايات المتحدة في الوطن العربي ولصالح الكيان الصهيوني وليس هذا غريبا، بل طبيعياً انطلاقاً من حقيقة أن الغرب بأجمعه يشن حروباً متتالية ومتواصلة ومتنوعة ضد الأمة العربية. لكن الغريب أن تقوم بهذا الدور الخطير أنظمة وحكام عرب. أن يقوم هؤلاء بتمويل المجموعات الإرهابية لتدمير سوريا كما فعلت في العراق ليبيا. وأن ترشي هذه الأنظمة دولاً فقيرة وصغيرة في إفريقيا وآسيا كي تصوت ضد سوريا.
وهذا يفتح على السؤال الثاني: وهو دور كثير من المثقفين الفلسطينيين والعرب. وفي الحقيقة أن مصطلح مثقف فضفاض جداً بمعنى أن من السهل أن يصف امرءاً نفسه بانه مثقفاً وبوسع كثيرين سرقة مقالة من هنا وفقرة من هناك وأن يصبح مؤلفاً. ومن جانب آخر يتحدد مستوى المثقف احياناً طبقاً للمستوى الثقافي في ساحة معينة. مثلاً في الأرض المحتلة، المستوى الثقافي بائساً جداً ومن هنا نجد جيشاً من المثقفين لأن المسافة بين المثقف ومن أزال الأمية كالمسافة بين الشارب واللحية. هناك ابحاث تصدر هنا عن التنمية لا علاقة لها بالتنمية، وتحمل عناوين إمبريقية وهي مكتوبة على الطاولة.
في لحظة الفلتان متعدد الوجوه يصبح من يكتبون لصالح قطر، وهي دولة لا يمكن تعريفها، فهي طارئة، والعرب فيها من 8-12 بالمئة، ومعظم ارضها مغطاة بقواعد عسكرية أميركية والأمير اغتصب السلطة من ابيه باوامر أميركية لا شك، فهل يُعقل أن يفهم في الديمقراطية؟
أليس عجيباً بل إنه أمر دنيء أن تصوت 137 دولة في الأمم المتحدة لصالح مشروع قطري ضد سورية متعلق بالديمقراطية بينما يحكم قطر رجلان؟
إنما العجب الأشد هو المثقفون الفلسطينيون والعرب الذين يصطفون لصالح هجوم قطر والسعودية التي تمتطي الجامعة العربية ! هل يمكن فهم هذا الاصطفاف سوى انهم مرتشون مالياً.
قد يختلف الأمر في حال مثققفي الدين الإسلامي السياسي بمعنى أن هؤلاء ماخوذون بمشروع التعاقد بين الإخوان والمركز الراسمالي الغربي لاستلام السلطة ناهيك عن حقدهم على القومية العربية.