100 سنة اخرى من “الهراوة والجزرة”

نواف الزرو

ليس صدفة ان تؤكد الكاتبة الاسرائيلية اوريت دغاني الخلفية الثقافية الاجرامية، لما يقترف في فلسطين من من محرقة ابادية في مقال نشرته صحيفة “معاريف 1 ـ 1 ـ “2009 قائلة:”أن المجتمع الإسرائيلي بات مستلباً لثقافة الحرب، ولا يعرف أي لغة غيرها”، مضيفة:”إن الإسرائيليين يندفعون للحرب لأنهم يكرهون السلام، ويعتبرون أن القوة هي الخيار الوحيد لتحقيق الأهداف”، مؤكدة: “أن الحروب تجري في عروقنا مجرى الدم، حيث أننا نتصور أن من الطبيعي أن نندفع نحو الحرب التي يقتل ويجرح فيها الناس، لذا فإننا عادة ما نشعل حربا بعد عامين ونصف العام تقريباً على انتهاء آخر حرب خضناها”.

فحسب المكونات الجينية للعقلية الصهيونية ـ الاسرائيلية فان كل هذه الحروب الممتدة من فلسطين الى لبنان، وكل هذه الانتهاكات الجرائمية ليست عفوية او ردات فعل على ما يطلقون عليه “الارهاب الفلسطيني” انما هي نتاج مكثف لثقافة القتل والهدم والجدران، التي فرختها ورعتها وقوتها مستنقعات الفكر العنصري الصهيوني، ذلك الفكر الذي لا يرى بالاخرين من الفلسطينيين والعرب على نحو خاص، سوى”اغيار من الحيوانات”، التي يجب “سحقها او تصفيتها وابادتها بالصواريخ”، حسب تصريحات كبير حاخاماتهم عوباديا يوسف.

وليس صدفة ان يطل علينا قبل ايام قليلة وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه (بوغي) يعلون، في مقابلة صحافية مع آري شبيط (ملحق”هآرتس”، 15/6-2012-، ل”يقترح ان نعيش 100 سنة اخرى على “الهراوة والجزرة”،

الذي كان قبل ذلك طالب الاسرائيليين ب”التعود على فكرة أننا في وضع إدارة الأزمات وأننا لن نحلها، وهذا الوضع قائم منذ 20 عاماً وربما يستمر لمئة عام أخرى-هآرتس الثلاثاء ,24/05/2011″.

وفي ثقافة الهراوة والجزرة، كان جنرالهم شارون قد أعلن في أكثر من مناسبة”أن إسرائيل توجد في حالة حرب، وأن الجيش ينطلق فيها لينتصر”، كما تحدث عن”أن الصراع وجودي متواصل منذ أكثر من مائة عام”.

 وشارون لم يكن منفرداً في ذلك، إذ” أن القيادة الصقورية الشابة التي كانت تحيط به تتمسك بمقولة الصراع الوجودي بصورة أشد.. وإسرائيل بالتالي في حالة حرب بقاء وليس أقل من ذلك “، وهي”حرب من أجل أرض إسرائيل الكاملة التي كان له إسهام كبير في بنائها.. وإلى ذلك هناك مجموعة كبار الضباط النظاميين تعتبر نفسها أيضاً في حرب وجودية”.

ومن هنا فـ “إن القتال مع الفلسطينيين هو قتال حتى الموت، لأنه طالما بقي هناك أمل – في التحرر لدى الفلسطينيين، فلن يتوقف الإرهاب – كما أعلن وزير الأمن الداخلي في حكومة شارون الاولى عوزي لنداو لصحيفة لوموند الباريسية”، وبالتالي فإنه”في اليوم الذي يتخلون فيه عن كل آمالهم في طرد اليهود من هنا فسوف يوافقون على التوقيع على اتفاق سلام طويل الأمد لأنه لن يكون أمامهم خيار آخر”.

 ولأن الأمر كذلك وعلى هذه الخلفية بالذات ” توقع الاسرائيليون والامريكيون المزيد من التصعيد / زئيف شيف-هآرتس”، و”المزيد من العمليات والاغتيالات حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي / صحيفة هآرتس”.

 ما جعل الكثيرين يستخلصون”أنه لا أمل في أن يحل الهدوء، لأن إجماع متخذي القرارات في الحكومة الإسرائيلية يقول أنه يجب إخضاع الفلسطينيين بالقوة، من أجل كسر إرادتهم في تحقيق إنجازات بواسطة النضال، غير أن هؤلاء لا يقولون كيف يمكن أن تنتهي الأمور طالما أن لا أحد في الجانب الإسرائيلي يريد أن يفتح باباً للأمل/عوفر شيلخ / صحيفة يديعوت أحرونوت “.

 ولذلك أيضاً دخلت المواجهة مع الفلسطينيين في جولة الموت-معاريف”، و”باتت الأطراف على أعتاب عناق الموت كما أكد يوسي بيلين مهندس أوسلو من الجانب الإسرائيلي-هآرتس”، وأخذ بالتالي”سيناريو الرعب يتحقيق / الكس فيشمان- يديعوت أحرونوت”، ما استدعي من وجهة نظر رئيس الموساد الإسرائيلي السابق شبتاي شبيط إلى التصريح مذكراً بـ:” ويضرب العمالقة – أي الفلسطينيون – فتهدأ البلاد – أي إسرائيل اليوم – أربعين عاماً، ويضرب اليبوسيون فتهدأ ثلاثين عاماً وهذا هو الطريق/يديعوت أحرونوت”.

البعد الإبادي الإرهابي المرعب الذي عززه الجنرال يعقوب عميدرور قائد الكليات الحربية الإسرائيلية حينما صرح في لقاء مع صحيفة يديعوت أحرونوت (1/3/2002) قائلاً:”أن منظومة العلاقات بيننا وبين الفلسطينيين في المستقبل القريب سوف تقوم على القوة باعتبارها العامل المركزي”، مذكراً هذا الجنرال بما قاله تشرشل للورد هاليفكس الذي اقترح عليه أن يتفاوض مع هتلر بواسطة الإيطاليين:”الشعوب التي تسقط في الحرب تنهض من جديد، أما تلك التي تذهب للمقصلة كالخراف فإنها ستزول”.

 أنه ذات النهج والطريق العنصري الإرهابي الدموي الإبادي التطهيري ضد الفلسطينيين، وعلى هذا الطريق الإرهابي الصهيوني، أخرجت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة الخطط والمخططات الحربية المتكاملة، وإن اختلفت تسمياتها، والتي تتواصل منذ خطة “الصدمة”، عبر”السور الواقي” لتصل الى “امطار الصيف” وغيرها من الخطط الحربية العدوانية المفتوحة.

هي بالتاكيد اذن، 100 سنة اخرى من “الهراوة والجزرة” من وجهة نظر يعلون وجنرالاتهم، غير انها يمكن ان تكون 10 سنوات او ربما خمسة عشر سنة، او عشرين، فالمسافة الزمنية رهن من جهة اخرى بمنسوب الدور والتدخل الفلسطيني العربي في المعادلة الصهيونية….!

:::::

Nzaro22@hotmail.com