التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية،

 د. منذر سليمان

مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

واشنطن، 21 سبتمبر 2012

المقدمة:

        اندلاع الاحتجاجات والمظاهرات المعادية لسياسة الولايات المتحدة طغت على كل ما عداها من قضايا في سلم اولويات مراكز الفكر والابحاث.

        سيلقي قسم التحليل نظرة فاحصة على التطورات سريعة الوتيرة في كل من ليبيا ومصر، في ضوء الانتخابات الاميركية التي تشتد شراسة بين المرشحيْن؛ وما هي حظوظ انعكاساتها وتداعياتها على مجمل العملية الانتخابية، اي هل يمكن للسياسة الخارجية ان تقحم نفسها كعامل مؤثر في الانتخابات بخلاف ما يشير اليه تاريخ الانتخابات الرئاسية الاميركية؟

ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

 

سورية:

        تناول مركز الدراسات الحربية Institute for the Study of War ما اسماه ظاهرة الجهادية في سورية محذرا الولايات المتحدة انه “ليس بوسعها دعم مجموعات ستهدد استقرار سورية في المستقبل .. بل ان الحكومة الاميركية استندت الى قلقها من أهلية تسليح الجهاديين كأحد الدوافع للحد من تقديم اساليب الدعم للمعارضة السورية .. تقاطع مصالح الجهاديين مع اهداف دول الخليج يؤشر الى امكانية استثمار تلك الدول نفوذها لدى الجهاديين لتحقيق اهدافها الاستراتيجية الخاصة، وفي نفس الوقت تقليص النفوذ الغربي.”

 

ليبيا:

        اعرب معهد هدسون Hudson Institute عن قناعته بأن ليبيا ستنهض مجددا بصرف النظر عما اصابها، وقال ” ليبيا ينتظرها طريق طويل، بيد ان الطبيعة الاستقلالية لليبيين تبشر بالأمل .. من ضمن ما ينتظرنا من مهام هل سيكون باستطاعة الليبيين التحلي بالمسؤولية كما هي لدى الاميركيين وبسط سيطرتهم على شوارعهم قبل اقدام اقلية صغيرة على اختطاف ثورتهم.”

                المساعدات الخارجية الاميركية لكل من ليبيا ومصر كانت محطة اهتمام مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation، اذ اقرت ان “المساعدات الخارجية الاميركية هي وسيلة ترويج للمصالح القومية الاميركية، وليست هبة دولية لبرامج اجتماعية.” واوضحت انه يتعين على الولايات المتحدة تقديم العون لمصر بغية “بسط الاستقرار (في المنطقة) .. والحفاظ على (اتفاقية) السلام مع اسرائيل، وهزيمة الارهابيين الاسلاميين،”  كما حثت الرئاسة المصرية الانخراط سريعا والتصرف كما يتصرف اي حليف للولايات المتحدة. وشددت مؤسسة هاريتاج على ضرورة استمرار “تدفق الدعم الاميركي لليبيا طالما ان حكومتها تمضي في مساعيها للتعاون بغية تعزيز اجراءات الأمن لحماية الديبلوماسيين الاميركيين، ومحاصرة الارهابيين المسؤولين عن هجوم بنغازي، وحرمان القاعدة ومتشددين اسلاميين آخرين من انشاء ملاذ آمن داخل الاراضي الليبية.”

ايران:

        مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relations سلط الضوء على اوهام “ترسيم الخطوط الحمراء،” مؤكدا ان “الايرانيين لم يتخذوا قرارا” بعد لانتاج قنبلة نووية. وحذر من قيام “اسرائيل” شن هجوم احادي الجانب على المنشآت النووية الايرانية، لان من شأنه “مفاقمة الاوضاع الى الاسوأ، ولن يسفر عن تدمير البرنامج النووي بل سيبطء وتيرة عمله في ابعد الاحوال.” اما ان قررت الولايات المتحدة توجيه انذار واضح لايران بعدم “تخطي الحد المقبول والا ستواجه عواقب وخيمة” فقد تسفر تلك “الاستراتيجية عن تراجع ايران في انتاج القنبلة (النووية) لعام او عامين.”

الاردن:

      حالة عدم الاستقرار السياسي في الاردن كانت محطة اهتمام معهد واشنطن Washington Institute اذ حث الادارة الاميركية على حفز السلطات الاردنية “الاقدام على خطوات تراتبية واضحة باتجاه الاصلاح … خشية الوقوع تحت سيطرة الاخوان المسلمين،” ومساعدة الاردن ايضا في بلورة “بدائل واقعية عوضا عن الخطوات السريعة المعتمدة ..” التي لا تجدي نفعا.

الميزانية العسكرية الاميركية:

        انضمت مؤسسة هاريتاج Heritage Foundation ، كما كان متوقعا، الى اصوات تحذير الادارة الاميركية المضي بتخفيض الانفاقات العسكرية كما هو مقرر. وقالت ان من شأن “تلك التخفيضات اعاقة قدرة القوات العسكرية الاميركية تنفيذ المهام المتعددة المنوطة بها عبر العالم وبصورة يومية.”

العلاقات الهندية الاميركية:

        لفت المجلس الاميركي للسياسة الخارجية American Foreign Policy Council الانظار الى الذكرى الخمسين “للتحالف العسكري بين الولايات المتحدة والهند،” الذي ينبغي تطوير العمل به بصرف النظر عن “الشكوك الاميركية بالاعتماد على الهند” عند الحاجة، والمضي قدما للدفاع عنها امام اي تهديد. واوضح المجلس ان للولايات المتحدة مواقف تاريخية واضحة في مسألة النزاع الهندو-صيني على الحدود المشتركة بينهما، والذي اتخذ “بعدا غامضا” قابل للانفجار في الفترة المقبلة.

التحليل:

مدى تأثير السياسة الخارجية على الانتخابات الرئاسية الاميركية:

        شكل مقتل السفير الاميركي في ليبيا واقتحام سفارتها في مصر انعطافات هامة في وعي الجمهور الاميركي الذي بدأ يتسائل حول تأثير الامر على مسار الانتخابات وحسم نتائجها الى جانب اي من المرشحيْن سيكون الرابح الاكبر. وذلك استثناء لتاريخ الانتخابات الرئاسية الاميركية التي عادة ما تشكل الحالة الاقتصادية والبرامج الضرائبية عمادها الاساسي في التعبئة والحشد الشعبي.

        بالنظر للاوضاع الاقتصادية الراهنة وتفاقم الازمات التي ولدتها، يصبح منطقيا الاستنتاج بأن الرئيس اوباما ينبغي ان يكون خاسرا بفارق كبير، الا ان نتائج استطلاعات الرأي المستمرة تشير الى نقيض النتائج المتوقعة، بل انه استطاع التفوق على خصمه رومني في اغلب الولايات المتصارع عليها. الاجابة التقليدية للمواطن الاميركي ان كان يشعر بأنه افضل حالا مما كان عليه الامر قبل اربع سنوات (مدة الولاية الرئاسية) تفضي الى اجماع عام بتراجع الاحوال الاقتصادية. فالنمو الاقتصادي المرجو يسير ببطء شديد، ومعدلات البطالة شهدت ارتفاعا مستمرا، ومعدلات الفقر في تصاعد (الاحصائيات الرسمية تشير الى نحو 15% من مجموع الاميركيين هم دون مستوى الفقر) علاوة على انقطاع بضعة ملايين من الموظفين عن سوق العمل. هذه النتائج المقلقة هي التي تميز عهد الرئيس اوباما، خاصة وان معدلات متوسط الدخل تدهورت الى ادنى مستوى منذ عام 1995. اذ تم اعتماد شهر حزيران / يونيو 2009 كمحطة فاصلة لنهاية حالة الركود الاقتصادي، ومنذ تلك الفترة للحظة الراهنة تضاءل متوسط الدخل الاسري من 53,508 دولارا الى 50,964 دولار. كما ان كافة الفئات الاجتماعية ما دون سن 65 عاما شهدت تراجعا ملحوظا في معدل دخلها السنوي، بينما الفئة العمرية الشابة من سن 25 الى 34 عاما فقد تراجعت معدلاتها بنسبة 8.9%. وعلى الرغم من سلسلة الفشل لسياسة اوباما الاقتصادية، فانه يتمتع بالافضلية الشعبية للفوز في الانتخابات.

        وهنا ينبغي اخذ عامل السياسة الخارجية في الاعتبار وتأثيره على مجرى الانتخابات. مثلا، شكلت عملية احتجاز الرهائن الاميركيين في ايران عام 1980 عاملا مباشرا في ترجيح كفة الانتخابات لصالح المرشح الجمهوري رونالد ريغان، وقضت نهائيا على آمال الرئيس جيمي كارتر في اعادة انتخابه. وفي حقبة التاريخ القريب، ساهمت الحرب العالمية الثانية في فوز الرئيس فرانكلين روزفلت لولاية رئاسية ثانية، عام 1944، على الرغم من حالته الصحية المتدهورة والتي ادت لوفاته بعد 6 أشهر فقط.

        ومن المفارقات التاريخية ان الرئيس اوباما قرر الاستناد الى سجل السياسة الخارجية، قبل اسبوعين، في سعيه لصرف النظر عن الاوضاع الاقتصادية ودرء مخاطرها. للدلالة، تصدر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، جون كاري، بلورة خطاب الحزب الديموقراطي بالتوجه نحو السياسة الخارجية في كلمته امام المؤتمر العام للحزب؛ اذ وصف فريق الخصم الجمهوري بأنه “عديم الخبرة في السياسة الخارجية للمضي في حملة الترشيح لمنصبي الرئيس ونائب الرئيس منذ عقود خلت.” وهاجم الرئيس اوباما في خطابه امام المؤتمر كلا المرشحين عن الحزب الجمهوري بانهما “حديثي العهد في ادارة السياسة الخارجية” محذرا بانهما “سياخذونا للوراء الى عصر يسوده الغطرسة والتخبط والذي كانت اعباءه بالغة جدا على الولايات المتحدة.” وعليه، يجد الديموقراطيون ملاذهم الآمن في تسليط الضوء على الخبرة التي اكتسبها اوباما في ادارة دفة السياسة الخارجية.

        وفجأة انقلبت الاوضاع للاسوأ في مجال السياسة الخارجية الاسبوع الماضي في ظل التطورات التي شهدتها منطقة الشرق الاوسط: اندلاع سلسلة من المظاهرات المناهضة للسياسة الاميركية ومقتل السفير الاميركي وآخرين في ليبيا. في البداية، صبت الوسائل الاعلامية الرئيسة جام غضبها على المرشح الجمهوري ميت رومني للسرعة القياسية التي دفعته للتعليق على الاحداث الساخنة قبل الاوان. بل ان بعضها ذهب بوصف تصرفه بأنه يجسد ضحالة خبرته وانعدام حصافته.

        في المقابل، اساءت الادارة الاميركية تقدير الاحداث واصدرت تصريحات متتالية اعتبرت ركيكة ولا ترتقي لمستوى الحدث، اذ رمت الى حرف مسار الانتقادات بتوجيهها اللوم الى الفيلم المسيء للرسول الكريم، مما فاقم غضب النبض الشعبي امام انتشار المظاهرات المعادية للولايات المتحدة على امتداد العالم قاطبة. وتصاعدت موجة الانتقادات للادارة الاميركية ككرة ثلج متدحرجة على خلفية ما تم كشفه من خفايا الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي والتي أشرت الى قيام السلطات الليبية بتحذير الولايات المتحدة مسبقا من تدهور الاوضاع الامنية في بلادها، مما ادى للاستنتاج بأن ادارة الرئيس اوباما اخفقت في اتخاذ اي اجراءات احترازية. كما ان توقيت الهجوم في الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر الاليمة عزز مشاعر التوجس والريبة لدى العامة من ان الامر ينطوي على ما هو ابعد من ثمة اندلاع مظاهرات عفوية.

        المحصلة العامة للحظة هي تراجع رصيد الرئيس اوباما في السياسة الخارجية لدى الجمهور. ودل على ذلك استطلاع للرأي اجرته سويا صحيفة وول ستريت جورنال وشبكة ان بي سي للتلفزة على عينة من 900 فرد مسجلين في الكشوفات الانتخابية والذي اشار الى ان نسبة 49% تؤيد اداء الرئيس اوباما في السياسة الخارجية مقابل 46% اعربت عن عدم رضاها، مما يعني تدهور شعبية الرئيس اوباما بنسبة 5% عما كان عليه الامر قبل شهر مضى، وزيادة نسبة عدم الرضى الى 6%. نسبة التأييد له على مستوى عموم الولايات المتحدة ثابتة عند 49%، وهي المرة الاولى التي تنخفض شعبيته الى ما دون 50% منذ شهر نيسان / ابريل 2011، قبل اعلانه عن مقتل اسامة بن لادن.

        جدير بالذكر ان الاستطلاع اجري على مدى اربعة ايام من 12 الى 16 ايلول الجاري، عقب اقتحام المتظاهرين للسفارة الاميركية في مصر والهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي يوم 11 أيلول/سبتمبر. ان تسارع التطورات  وتداعياتها تشير الى عدم ارتياح بالكامل بين الناخبين لادارته الازمة الديبلوماسية وتنامي التساؤلات حول اهلية خبرته في السياسة الخارجية.

        كما اسهمت المظاهرات المناهضة للسياسة الاميركية في اثارة الشكوك مجددا حول قدرة اوباما الحقيقية، لا سيما وان الانطباع السائد بين جمهور الناخبين بان الادارة لديها القابلية والنزعة لانتهاك المادة الاولى من التعديل الدستوري والتي تنص على صون حرية التعبير، فضلا عن القلق حول سلامة البعثات الديبلوماسية الاميركية المنتشرة عبر العالم. كما ان النبض الشعبي تجاوز “انجاز” الادارة لمقتل اسامة بن لادن الذي جرى تسليط الاضواء عليه في المؤتمر العام للحزب الديموقراطي.

        فريق حملة الرئيس اوباما الانتخابية عدّل مسار الخطاب السياسي فجأة وابتعد عن ذكر مزايا السياسة الخارجية في سجل الرئيس، مما يعكس بطلان الفرضية السابقة بان انجازات اوباما في مجال السياسة الخارجية ستشكل مأزقا للخصم الجمهوري ميت رومني.

        لا زالت الاوضاع الاقتصادية المتردية تتصدر اولويات الحملة الانتخابية، ونتائج السباق الرئاسي الاولية تبشر بمعركة حامية الوطيس بين المرشحيْن، ومن المرجح ان تسهم مسألة السياسة الخارجية في حسم موقف الناخبين المترددين. واستنادا الى مجريات الاحداث في منطقة الشرق الاوسط، يمكننا القول ان بعض الناخبين سيحسم أمره بناء على استنتاجه مَن مِن المرشحيْن هو الافضل لادارة دفة السياسة الخارجية. وهذا يتطلب من الرئيس اوباما العمل على ترميم العثرات المتعددة في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز 50 يوما. اما التحدي الذي يواجهه خصمه رومني ينطوي على مهارته في تسويق نفسه كمرشح رئاسي كفؤ وجدير بتبوأ منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة، بيد ان المسألتين تمثلان تحديات اساسية من الصعب التغلب عليها.

تقديس حرية التعبير في الداخل الاميركي

        جاء في النص الوارد في المادة الاولى من تعديل الدستور الاميركي ما يلي: “الكونغرس غير مخول سن قانون يراعي اقامة مؤسسة دينية، او يحظر حرية ممارسته؛ او الانتقاص من حرية التعبير او للصحافة؛ او حق الشعب في التجمهر السلمي، ومطالبة الحكومة النظر في مظالمهم.”

        مفهوم الحرية التامة للتعبير قد لا يجد صدى في بعض المجتمعات، لكنه يمثل حجر الزاوية في الحريات الاميركية والفكر السياسي. يعتقد الاميركيون ان حق التفكير هو بداية التحرر، والتعبير ينبغي حمايته من تطاول الحكومة لتلازم التعبير والتفكير في معادلة دائمة.

        التعبير الذي يحرض على العنف يمنع في اميركا، وهناك قيود مشددة تحدد الاساليب التي تروج للعنف. في المفهوم الاميركي، الخطاب الذي قد يؤجج الاجواء ضد معتقدات دينية محددة لا يعتبر خطابا يروج للعنف. على سبيل المثال، حادثة قيام فنان مغمور بوضع الصليب، الرمز المقدس للمسيحيين، في وعاء من البول تبقى حرية محمية. اما مئات الملايين من المسيحيين الاميركيين فكان ردهم على الحادثة محصور في شجب العرض الفني بقوة عوضا عن اللجوء لاستخدام العنف ضده.

        الجمهور الاميركي يتعاطف، بشكل عام، مع مشاعر غضب المسلمين نتيجة للفيلم المسيء لمعتقداتهم ورموزهم الدينية، لكنهم ايضا يراعون حرية الفرد للتعبير عن ارائه. اما طائفة المسيحيين الانجيليين، القلقين لمجرد الادلاء باصواتهم لصالح احد معتقدي مذهب المورمن المنبوذ لديهم، فمن المرجح ان يلجأ انصارها للتحريض على موقف الادارة الاميركية واتهامها بانتهاك هذا النمط من حرية التعبير، وتوجيه اللوم لها بالتزامها الصمت امام الهجمات التي تشن على المسيحيين. مصير هذه الحملة من الادعاءات هو الارتماء في احضان حملة المرشح الجمهوري ميت رومني.

موقف رومني من المسألة الفلسطينية

        تكشفت حقيقة مواقف رومني وتفكيره في ما يتعلق بلب الصراع في المنطقة العربية عبر تسريب شريط فيديو لخطاب مطول له في شهر ايار / مايو الماضي امام حلقة مغلقة من كبار الاثرياء الاميركيين المدعوين الى لقاء ودي وبالغ الصراحة والتعبير. في اجابته لسؤال احدهم حول رؤيته “للحل السلمي بين اسرائيل والفلسطينيين” لم يتردد رومني في الافصاح عن مكوناته العقائدية، اذ قال “نظرتي للفلسطينيين انهم لا يرغبون رؤية نهاية سلمية (للصراع)، لاعتبارات سياسية، (اذ انهم) ماضون في التزامهم بتدمير والقضاء على اسرائيل، (امام) هذه القضايا الشائكة، لا استطيع الا القول ان (الحل السلمي) ليس وارد ابدا. وعليه دعوني اقول ان ما ينبغي عمله، هو الدفع بمسار الاحداث قدما بافضل السبل المستطاعة. وبهذا نعوّل على قدر ما من استتاب الاستقرار، لكننا ندرك ان (الصراع) سيبقى قائما دون حل.”

        ومضى رومني موضحا لكبار مموليي حملته الانتخابية “اترك الباب مفتوحا على مبدأ (التوصل لحل سلمي)، دعوني اقول لكم، ان ثمة ممارسة ضغط على الاسرائيليين – بغية تقديم تنازل معين لتحفيز الفلسطينيين القيام بالمثل، هي اسوأ فكرة على نطاق العالم. لقد مارسنا ذلك مرة تلو اخرى (وثبت) عقمها. وعليه، فان الجواب الوحيد هو اظهار حجم القوة (لدينا). مرة اخرى، (المقصود) القوة الاميركية، والتصميم الاميركي، بوجه الفلسطينيين لعلهم يتوصلون يوما ما الى مفصل اكثر الحاحا للتوصل الى سلام افضل من الجهود التي نبذلها في هذا الاتجاه عليهم – حينئذ سيكون مفيد عقد محادثات (بهذا الشأن). لحين تبلور تلك الصورة، يبقى الامر مجرد رغبات ذاتية.”

        بعد افتضاح الامر ونشر الشريط بكامله لما احتواه من ازدراء لنصف الشعب الاميركي، سعى الرئيس اوباما استغلال ثغراته لصالح حملته الانتخابية، لكن التفاعل الشعبي لم يتبلور للمستوى المرجو. بعيدا عن القواعد الفكرية للجمهور الاميركي، فهو بغالبيته يجري وراء السياسة الرسمية المؤيدة “لاسرائيل،” وساهمت الاحداث المتتالية في الايام القليلة الماضية في تجاهل الشعب لاي نوايا تتعاطف مع الفلسطينيين.

                لا شك ان ظهور رومني بموقف يتنبى فيه الرواية الاسرائيلية المتشددة قد يعود عليه باصوات اضافية لليهود، لكن حقيقة الامر والمسار التاريخي للحملات الانتخابية السابقة تشير الى ثبات اغلبية الاصوت اليهودية الى جانب الحزب الديموقراطي.

        تجدر الاشارة الى امكانية عودة مسائل السياسة الخارجية لتتصدر الحملة الانتخابية الضارية في الايام القليلة المقبلة، بيد ان هناك شبه اجماع بين المراقبين والمعنيين ان الامر لا يعدو مؤقتا وتأثيراته هامشية، الا اذا تبلورت الاوضاع وانخرطت الولايات المتحدة في عمليات عسكرية او شنت حربا في المنطقة. اما ما عدا ذلك، سيظل الدور الابرز والاهمية القصوى للاوضاع الداخلية التي ستقرر مصير الانتخابات المقبلة.

::::::::

يمكن مطالعة النص الكامل للتقرير باللغتين العربية والإنكليزية في الموقع الألكتروني للمركز:

www.thinktanksmonitor.com

المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

مدير المركز: د. منذر سليمان

العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com