أمريكا ومنع التجول في مصر
لاحظنا ان الولايات المتحدة كانت اول المعترضين على حالة الطوارىء ومنع التجول في مصر منذ إعلانها يوم أمس. وهو موقف في منتهى الغرابة. ونتمنى ممن يحبون مصر ، بغض النظر أين يقفون، أن يفكروا! فمنع التجول يحقن الدماء ويمنع الصدامات فلماذا ترفضه امريكا ومعها كل الغرب الذي كان “وسيطا” قبل ايام؟ وأمريكا ومن معها يعرفون بأن الإخوان لا يمكنهم مواجهة الجيش ومؤيديه من الشعب. فما الحكمة وراء رفض منع التجول؟ هل هناك سبب سوى ان امريكا والغرب يريدون توسيع الصراع في مصر كي تتجه إلى نفس وضع سوريا والعراق.
من جهة ثانية، ألا يسمح لنا هذا الموقف الغربي بالاستنتاج بأن الغرب صُدم من سقوط الإخوان بعد أن راهن عليهم ليستلموا الوطن العربي كاملا؟ ولذا يتجه الغرب إلى تصعيد الصراع ضد مصر.
ومن جهة ثالثة، هل سيكون مأزق مصر بعد اليوم هو محاولة الغرب والكيان الصهيوني وقوى الدين السياسي فصل سيناء عن مصر لتشكيل إمارة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء وإقامة دولة إسلامية في سيناء، وخاصة على ضوء مفاوضات رام الله تل أبيب والتي سوف تعيد الكونفدرالية مع الأردن وأمنيا مع الكيان باسم “دولة” فلسطينية في اجزاء من الضفة؟
اليوم يدرك المصريون ما هو كامب ديفيد. فالجيش المصري إن حاول تصفية الإرهاب في سيناء ربما يجد نفسه في حرب مع الكيان وهو ليس مجهزا لها. وإن سكت على تكوين إمارة إسلامية انفصالية فسوف يُستغل هذا ضده كما أستغلت هزيمة حزيران ضد عبد الناصر وضد سوريا.
قد ننتهي إلى القول بأن المعركة تنفتح مع الغرب وأنظمة الدين السياسي وقوى الدين السياسي والصيهيونية. وهذا قد يفتح مجددا باب التوجه شرقا حيث لا خيار أمام مصر سوى الشرق. ويبقى السؤال: هل قرر الغرب ذلك؟ وإن قرر يكون قد توصل إلى أنه نفض يده من قيادة جيش مصر.
المهم أن الغرب يريد دماء مستدامة في الوطن العربي.
■ ■ ■
أصالة أصيلة أكثر من المستمعين/ات
يثير استجلاب مطبعن عربا إلى الأرض المحتلة نقدا متعددا ومتواصلا ومتزايدا رغم كل ما يحظى به التطبيع من حماية أنظمة وحكومات وتمويل الأنجزة والقطاع الخاص والأنظمة له. ويتم توجيه النقد إلى المُستجلبين/ات أو إلى سلطة الحكم الذاتي التي تبذل في هذا المجال أعلى جهد ممكن سر ا وعلانية، وضد الداعين المباشرين للمستجلبين. وفي أغلب الأحيان لا يتم ذكر الأسماء ضمن ثقافة البرجوازية الصغيرة المتأدبة إلى ان تفوح رائحة لا تصدها طيوب الرض؟
ولكن قلما، وربما لم يحصل، أن وُجه النقد إلى مَنْ يحضروا هذه حفلات أو لقاءات المستجلبين أو الجَلَب! وهذا يفتح على مسألة هامة وخطيئة كبرى وهي تقديس الجمهور في مطلق الأحيان.
الجمهور مصطلح فضفاض شبيه بالإيديولوجيا يكتسب معناه في كثير من الأحيان من مقاصد الاستعمال ومواقع من يستعملونه. لذلك فإن تقدس الجمهور في مطلق موقف هو سلوك خبيث وخادع للجمهور في ثوب تقديره.
في غياب الوعي الطبقي والسياسي كثيرا ما يكون الجمهور قطيعاً ولا سيما في المواقف المتعلقة بالوطن لأن الوطن ليس مجرد مصطلح لغوي ولا حتى معنى بل هو وجود أو اساس الوجود الاجتماعي الشعبي.
لذا، فالجمهور الذي يلتقي ويستمع للمطبعين هو جمهور قطيعي ولا وطني، شاء أم لا وعي أم لا فهذا أمر آخر. وهذا ينطبق تماما على من يحضر أو ينتظر حضور حفلات السورية اصالة التي ترتكب خيانتين معاً، خيانة الشعب السوري وخيانة الشعب الفلسطيني مما يجعل جمهورها خائنا في المستويين كذلك.
وخطورة المطبعين ابعد من هذا، فهم بما هم جيل وسط، يقوموا بإيلاج استدخال الهزيمة في الجيل الصغير. مثلاَ، حينما سُئل أحد الذين استجلبوا الموسيقار الصهيوني دانييل برنباوم إلى المركز الثقافي برام الله وبترحيب من معظم أعضاء بلدية رام الله السابقة، سُئل هذا الجلاَّب: لماذا تفعلون هذا؟ فقال: إن أولادنا بحاجة للترفيه! وهو بالطبع ممن لم يكن له في الشأن الوطني تحديق لحظة!
فأصالة التي تقف مع الإرهابيين في سوريا، تعرف تماما علاقات قيادات هؤلاء مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة وأنظمة النفط، ولذا، فهي اصيلة في ارتباطاتها هذه.
والسؤال الآن هو إلى لجان مناهضة التطبيع : أين صوتكم/ن؟
وهنا أخص قوى الدين السياسي: إذا كنتم ضد الاعتراف بالكيان وضد التطبيع فهل صمتكم مكافأة لها لأنها ضد سوريا؟ تماما كما فعلت حكومة غزة حينما استقبلت بيرنباوم رغم تأييده لمذبحة غزة 2008-9؟ هل يمكن للكيدية السياسية أن تطعن وطناً؟
بقي ان نلاحظ بأن سلطتي رام الله وغزة تتصالحان فيما يخص التطبيع! هزلت والله.
■ ■ ■
قانون الترابط الشامل
(قانون في الديالكتيك يؤكد على تناول جميع مكونات الحدث وليس مكونا واحدا)
بهذا يمكننا تناول الجيش واليسار والأزمة الوطنية المصرية: في ازمة كهذه لا يمكن الحكم على كل الجيش المصري بأنه مع الشعب او ضده بل يبقى السؤال هل هو جيش وطني أم لا. في ظل ازمة احتمال قيام الكيان الصهيوني بإقامة دولة فلسطينية في غزة وجزء من سيناء وإقامة إمارة إسلامية في بقية سيناء يصبح الأهم: ماذا على الجيش أن يفعل. ومع ذلك، لماذا ننتقل إلى إصدار الأحكام القطعية بسهولة. والأمر نفسه بالنسبة لليسار الذي يجب ان يحمل هموم وتحريك الطبقات الشعبية.اليسار منقسم بين تروتسكيين (الاشتراكيين الثوريين) الذين يقفون مع قوى الدين السياسي اي الإخوان وبين يسار يقف ضد الإخوان. أما الموقف الأكثر غرابة فهو دعوة بعض اليساريين الطبقة العاملة بالابتعاد عن المعسكرين والتنبه لمصالحها، وكأن على اليسار أن لا يعبأ بالمأزق الوطني، اي كأن اليسار خارج الوطن! وهنا علينا ان نتذكر أن يسارا لا يناضل وطنيا لن يقبله الشعب. ما حصل في مصر ان الإخوان لم يغيروا في نهج مبارك شيئا لا اجتماعيا طبقيا ولا قوميا ولا وطنيا وحصر الأمر في الديمقراطية الشكلانية بينما بدأوا بتطهير الجيش من غير اتباعهم. . ناهيك عن مسألة اساس يقع بعض اليسار في عدم إدراكها وهي أن دولة دينية هي لنصف المجتمع. وهي طائفية. فعلى المدى المتوسط سيكون في مصر تحت الإخوان نظام يقمع المرأة ويعبد السوق ويسحق الأقباط. وها هم الإخوان – دعنا نقول- قسم منهم يحرق الكنائس. فمن اين اتى هؤلاء بهذه الثقافة ؟ اليس من مناخ الإخوان؟ أليس مرسي الذي لم يقل كلمة واحدة عن ذبح 4 شيعة؟ إذن نحن أمام صراع له تأثيره اللحظي والمستقبلي. علينا ان نتذكر أن سيطرة الإخوان على مصر يعني سيطرة قوى وأنظمة الدين السياسي على الوطن العربي كاملا. ألا نلاحظ أن دول الخليج تشن حربا على العراق وسوريا؟
من هنا أعتقد ان الخليط، رغم تصارعه الداخلي، والذي فرز البرادعي خارجا، هو الطرف الأكثر مصداقية. ولا أقول بأنه الطرف المطلوب. وكل هذا ستقرره الأحداث والتطورات. ولذا حاولت توضيح أن على اليسار كي يساهم في لجم الجيش أن يقف في الصف الوطني وأن يعمل على الأرض لخلق لجان شعبية لحماية الأحياء وأن يقيم في هذه اللحظات مجالس العمال والفلاحين. اي ان يكون جزءا من حماية الوطن والدفاع عن حقوق الطبقات الشعبية. ومع ذلك نبقى مراقبين للمشهد المصري ولسنا داخله. من هنا، اعتقد أن الهجوم على كل الجيش ليس دقيقاً.
هناك ملاحظة أخيرة، وهي: تقوم امريكا بتسريع تجنيد كل توابعها ضد سوريا . لماذا الآن هكذا؟ أليس لهذا علاقة بقلقها من تطورات مصر؟ لنلاحظ تحرك السعودية في حرب شاملة على سوريا، وتحرك السودان وتحرك رئيس لبنان وتحرك سلطة رام الله ومجيء ديمبسي إلى تل ابيب؟؟؟ ألا يسمح هذا بالاستنتاج ان امريكا كانت مرتاحة اكثر للإخوان، وبانها تخشى تطورات مصر. إن وضع المسألة في مصر بين عسكر وإخوان غير دقيق وهو مأخوذ بخطاب الغرب وليس بفهم الواقع إنه يتناسى خروج عشرات الملايين ضد الإخوان.
■ ■ ■
إلى الشرق يا مصر
حينما يحتد الصراع ويتم تدويله، يصبح ضبط الأعصاب نصف النصر. لنتذكر أن شكل التحالف الإرهابي للثورة المضادة(الكيان وواشنطن والاتحاد الأوروبي والرجعيات العربية والتركية) يضم قوى الدين الإسلامي السياسي وماركسيين مرتدين وخاصة التروتسكيين، ومسيحيين ومثقفين وأكاديميين من طراز صادق العظم وفواز طرابلسي وعزمي بشارة…الخ. وهناك في سوريا تم ذبح كل من ليس وهابيا وإخوانياً، وخاصة المسيحيين. لم تحتج امريكا واوروبا. وبقيت تثرثر عن حقوق الأقباط!!!
ماذا طلبت امريكا من الجيش المصري قبل اليوم؟ هل طلبت الاصطفاف ضد سوريا حيث امريكا تجند كل توابعها اليوم بقيادة أداتها بندر بن سلطان امريكا تخطط والسعودية تدفع وتنفذ، وفي هذا السياق استأسد رئيس لبنان لتشكيل حكومة سعودية، وقام رئيس السودان بالتورط ضد سوريا كي لا تعاقبه امريكان وهو نفسه الذي باع المناضل كارلوس بفرنسا، وتورطت رئيس سلطة أوسلو-ستان في مفاوضات تصفوية. أنها حالة اصطفاف ضد الحواضر العربية الثلاثة مصر وسوريا والعراق وضد المقاومة.
عجيب ها هي نفس القوى الوهابية تذبح الأقباط الآن في مصر بينما أوروبا وأمريكا تهاجم الجيش المصري الذي يحميهم؟ فهل يفهم البسطاء أن الصراع ليس ديني ولا طائفي. إنه صراع في مصر وسوريا على الوطن العربي.
يبقى السؤال المعلق: هل تورط الغرب ضد مصر إلى حد الصراع المفتوح؟ إن حصل هذا، فمعناه أن الغرب يئس من احتواء قيادة الجيش المصري. وإن حصل هذا فهل تتجه مصر شرقا كما اتجهت سوريا.
الوقت مبكر على القطع بهذا، فهذا وغيره مرتبط بضبط الجيش للساحتين: ساحة سيناء قبل أن يحولها الكيان الصهيوني إلى دولة إسلاميى بشقين :شق غزة موسعة كدولة فلسطينية وشق دولة إخوانية. وساحة مصر ذاتها.
■ ■ ■
لماذا اريحا؟
يعقد لقاء المفاوضات مع الكيان الصهيوني الإشكنازي يوم 14 الشهر الجاري في أريحا. لماذا أريحا؟ وليست رام الله. ولماذا القدس المحتلة؟ القدس المحتلة لأن أوسلو تعترف بأنها عاصمة الكيان. لا جدال إذن!!! أما أريحا لأن أوسلو هو اتفاق غزة-أريحا. اي ان الاحتلال لم يوقع على تسليم الحكم الذاتي سوى غزة وأريحا، وبالتالي فإن الكيان لا يعتبر أي شبر من الضفة في عهدة الحكم الذاتي سوى أريحا ومع ذلك مسموح لجيش الكيان بالمطاردة الساخنة فيها أي قتل الفدائيين، بينما المفاوضات هي مطاردة باردة . وهذا السؤال موجه للذين طالما قالوا عن مدن الضفة مدنا محررة. لا يا سادة لا محرر سوى الجنوب اللبناني. آمل من خبراء التسوية أن ينقضوا ما اقول ويؤكدوا القض وسأكون شاكراً. وآمل أن ينجح اهالي بيت لحم مطاردة باردة للصهيونية السورية أصالة.
■ ■ ■
د.عريقات (تعقيب على مقالة الرفيق فنون) حينما استعاد العراق الكويت 2 آب 1990 عقدت ندوة في القدس في سينما النزهة شارك فيها د. صائب عريقات و غسان الخطيب وأنا وأدار الندوة المتوكل طه. طلب عريقات ان نتحادث قليلا قبل الندوة وقال: يجب ان ننسق موقفنا تجاه الشرعية. قلت ماذا تقصد؟ قال ان نؤيد قيادة المنظمة. قلت أنا لم التق بموقف هذه القيادة قطعياً، هذا رغم أنها في الأيام الأولى لتحرير الكويت من الاستعمار ووكيله عائلة الصباح وقفت مع العراق ثم تزحلقت. فقال: يا اخي هل أنت قومي لها الدرجة! قلت له ها قد عرفت. ذهبت الأيام وأصبح عريقات كبير المفاوضين وابدع شعار: الحياة مفاوضات، ودخل غسان الخطيب وزارات سلطة اوسلو ستان عن حصة حزب الشعب، واصبح المتوكل سفيرا في ليبيا الناتو، وانا بقيت على شعار نحتته: الحياة مقاومة. (نص الندوة منشور في كراس صادر عن اتحاد الكتاب الذي كان يراسه المتوكل.)
::::
صفحة الكاتب على الفيس بوك