أغسطس 29, 2012
منذ 25 عامًا، وفي 28 أغسطس 1987، رحل المناضل العربي والفنان الفلسطيني ناجي علي، إثر محاولة اغتيال تمت في لندن في الثاني والعشرين من يوليو من العام نفسه. ورغم أهمية الحدث على المستويين السياسي والثقافي، فإننا نكاد لا نذكر أية مظاهر للاحتفاء بهذه الذكرى، سوى بضع مقالات في جريدة الأخبار اللبنانية، نشرت بمناسبة ذكرى حادث الاغتيال، بجانب بعض المقالات هنا أو هناك.
ناجي العلي، المقاوم الذي لم يحسب حسابًا سوى لفلسطين وقضيتها، ولم يضع في حساباته أية خطوط حمراء سوى التنازل عن أي شبر، ناجي العلي الذي أدان كاتم الصوت، يموت في لندن وبطلقة من مسدس كاتم للصوت. وبمناسبة مرور ربع قرن على رحيله، قمنا بالاتصال بخالد ناجي العلي، النجل الأكبر للشهيد، كان يشغل بالنا، ولا يزال، سؤال، نظنه عصيًّا على الإجابة: من قتل ناجي العلي؟
وهل بالفعل شاركت منظمة التحرير الفلسطينية بأي شكل من الأشكال في اغتيال ابن فلسطين؟ وما مدى صلة ياسر عرفات بهذه الجريمة؟ وما مدى مصداقية ما يردده البعض عن تورط الشاعر الكبير محمود درويش في هذا الاغتيال؟
لأن جهاز التحقيقات الجنائية بالعاصمة الإنجليزية، لم يخرج علينا بإجابات، اتصلنا أكثر من مرة مع خالد العلي وبعض المثقفين الفلسطينيين وأصدقاء ناجي العلي، بدا خالد أكثر الشخصيات التي تواصلنا معها تحفظًا في الكثير من إجاباته، وهو التحفظ الذي سيطر عليه حين شارك في فيلم وثائقي من إنتاج قناة الجزيرة عن استشهاد والده.
في البداية أكد خالد العلي أن ملف التحقيق لا يزال مفتوحاً بالنسبة للسلطات البريطانية. وبالفعل تم سجن إسماعيل صوًان لحيازته السلاح الذي كان عبد الرحيم مصطفى قد أودعه عنده. فيما لا يزال الأخير مطلوبًا من قبل السلطات البريطانية للاستجواب في قضية اغتيال الوالد. مشيرًا إلى أن مسألة بشار سمارة “مرتكب الجريمة” “قد يكون هذا مجرد تكهن، وليس مؤكدًا بأي دليل قاطع”.
وحين سألناه عن إشارة البعض إلى تورط أسماء فلسطينية في اغتيال ناجي العلي، مثل ياسر عرفات، حركة فتح، محمود درويش، القوة 17 .. استدرك العلي “أرجو ألا تنسى إسرائيل”. موضحًا أن “الشهيد أبو إياد، من خلال صحفي مقيم في لندن، حذًر الوالد من أنً شيئاً يحضًر له.وتابع العلي: بالنسبة لمحمود درويش، نشرت بعض الصحف بعض مقالات بالنسبة لهذا الموضوع. لا نعتقد أن محمود قرّر أو خطط أو موًل أو بالطبع نفًذ عملية الاغتيال واستقبلناه في بيتنا لتقبل تعازيه، فقط لابعاد هذا الاتهام عنه. بالنسبة لبقية الأطراف، ما نعرفه هو أن الوالد كان ضد سياسة التوجه “السلمي الاستسلامي” لمنظمة التحرير وقائدها حين ذلك، ياسر عرفات. لم يتحمل ياسر عرفات هذا فحاول بالترغيب والترهيب التأثير على الوالد وعندما فشل في ذلك، ضغط على الكويت لإبعاده. هذا لم يثن الوالد، الذي تابع حياته والتعبير عن أرائه كأنما شيئاً لم يحدث حتى لحظة اغتياله.
وعن الخطر الذي كان يمثله “ناجي” على من تورط من الأسماء السابقة، أشار العلي: بالطبع، ليس أمنياً أو عسكرياً. و ليس هنالك داع لشرح لكاتب ومثقف، أهمية وخطورة الفكرة والكلمة وفي حالة الوالد، الرسمة، في كل المجتمعات وخاصة التي ترزح تحت أنظمة استبدادية. مشددًا إنه إذا كانت بعض الأيادي الفلسطينية تورطت في عملية الاغتيال فإن ذلك يجرحه كثيرًا ، و”كما قلت سوف تكون وصمة عار كبيرة في حال ثبت أن جهة فلسطينية كانت وراء الاغتيال”.
وأضاف العلي: أن رسائل التهديد كانت تصل إلى الوالد بشكل مستمر، بخاصة في الأيام الأخيرة، وكانت الوالدة تحاول أن تثنيه عن بعض الرسومات، وتحاول أن تجعله أن لا يكون مباشراً جداً في رسومه، لكن الوالد لم يكن يستجيب.
أما فيما يخص علاقة ناجي العلي بمحمود درويش، أوضح خالد العلي أن درويش لم يكن صديقاً لناجي. وقال: كان الوالد يرى أن لديه الإمكانية والقدرة على أن يكون مستقلاً وأن يكون لديه المساهمة المستقلة في الشأن الفلسطيني العام كاتحاد الكتاب والصحفيين وأن لا يُستخدم لتمرير سياسات ياسر عرفات. الوالد انتقد مواقفه وهذا لم يعجب درويش الذي كان يعتبر نفسه فوق النقد، “يحق للشاعر ما لا يحق لغيره”.
وفيما يخص رسومات ناجي التي أشار البعض إلى أنها قد تجاوزت الأربعين ألف.. في حين ما نشر ثمانية آلاف.. بيّن خالد العلي: أنه من الصعب معرفة عدد الرسوم التي رسمها الوالد ولكن لا أتصور أنها تخطت الـ 15 ألف رسم بكثير. تمً نشر حوالي 12 ألف عمل منها.
كما عبر خالد عن عدم رضاه بالنسبة لفيلم عاطف الطيب، ونور الشريف عن ناجي العلي، مؤكدًا أنه تمً تجاهلهم “عمداً” منذ البداية حتى النهاية. وقال: باختصار، لم أشاهد ما يشبه والدي في الفيلم من أي ناحية وكذلك بالنسبة لسائر أفراد الأسرة وهذا ليس مستغرباً إذا أخذنا بعين الاعتبار ما قلته في البداية. كما عبر عن حزنه واستيائه من تجاهل المؤسسات الفلسطينية والعربية لذكرى والده، مؤكدًا أنه لم يتلق أي دعوة من أية جهة رسمية أو غير رسمية لإحياء ذكرى استشهاد العلي.
واستدرك: عدد من محبي الوالد قاموا بتحضير كتاب عن الوالد في الأردن وسيصدر قريباً. وقمنا بالاتصال بعدد من الصحف بخصوص إحياء هذه المناسبة. وسنقوم بإعادة طباعة كتاب أصدرناه قبل 4 سنوات، يتضمن مختارات من أعماله من سنة 1985 حتى 1987، ونعمل على إصدار كتاب جديد يتضمن مختارات من أعماله من سنة 1983 حتى 1985. كذلك نعمل على إقامة معارض للوالد في عدد من الأماكن قبل نهاية العام.