ببالغ الحزن والأسى ينعى المكتب السياسي القومي لحزب البعث الديمقراطي الرفيق المجاهد الدكتور :إبراهيم ماخوس عضو القيادة القطرية والقومية ووزير الصحّة والخارجية ونائب رئيس الوزراء سابقاً عن عمر ناهز السادسة والثمانين…مناضل تلمّس هموم وطنه مذ كان فتىً عندما شارك في إنشاء جمعية خيرية في أوائل أربعينيات القرن الماضي لا تقبل في عضويّتها ذوي النزعات الطائفية والمذهبية والعشائرية والجهوية.. وانتسب إلى حزب البعث العربي منذ تأسيسه في عام ١٩٤٧، وناضل بين صفوفه،كما شارك بفعالية مع رفاقه في المظاهرات الطلّابيّة ضدّ الأنظمة الديكتاتورية.. وفي عام ١٩٥٧ تطوّع للجهاد في الثورة الجزائرية مع ثلّة من رفاقه البعثيّين الأطبّاء وفي مقدّمتهم المرحوم الرفيق الدكتور نور الدين الأتاسي، والرفيق الدكتور يوسف زعيّن، وناضل في منطقة الأوراس الجزائرية التي كان يقودها المرحوم الرئيس علي الكافي..
وبعد قيام حركة ٨ آذار عام ١٩٦٣ ساهم بدور رئيسيّ في قيادات الحزب والدولة، وخلالها كان يقف بحماس إلى جانب مصالح الطبقات الفقيرة والكادحة، والمقاومة الفلسطينيّة، وقضايا الأمة العربية جمعاء وحركات التحرّر في العالم..
وبعد ارتداد حافظ الأسد عن خط الحزب في ١٣ / ١١ / ١٩٧٠ واعتقال معظم قيادته توارى عن الأنظار فترة من الزمن ثمّ انتقل سرّاً إلى لبنان ومن هناك سافر إلى الجزائر حيث استقبلته القيادة الجزائرية مشكورة بكلّ حبّ واحترام وتقدير، وعرض عليه الرئيس الراحل المرحوم هوّاري بو مدين بتكفّل الحكومة الجزائرية بكلّ شؤونه الماديّة ولكنّه فضّل العمل باختصاصه كطبيب جرّاح في مستشفى مصطفى الجامعي كغيره من الأطبّاء وبقي كذلك حتى بلغ سنّ التقاعد،.. ومن هناك لعب دوراً بارزاً في قيادة الحزب وإعادة تنظيمه، واحتضان مناضليه وحمل رايته، كما بذل جهوداً كبيرة في تحضير وثائق المؤتمر القومي الحادي عشر عام ١٩٨٠، وعقده.. وبناءً على توصية وتوجيه الرفيقين :نور الدين الأتاسي الأمين العام للحزب، وصلاح جديد الأمين العام المساعد بضرورة انتخاب أمين عامّ جديد للحزب نظراً لعدم قدرتهما على ممارسة دورهما القيادي بسبب ظروف السجن مع التعبير عن ثقتهما ودعمهما الكامل لعقد المؤتمر وللقيادة القومية المنتخبة الجديدة، فقد تمّ انتخاب الرفيق ابراهيم ماخوس أميناً عاماً للحزب واستمر في تحمّل هذه المسؤولية بكل صدق وإخلاص وتفانٍ ووفاء لمبادئ ومنطلقات الحزب وخطّه الثوريّ، ومواقفه الراسخة تجاه قضيّة فلسطين والصراع العربي – الصهيوني، وجميع القضايا الوطنيّة والقوميّة الأخرى…
عُرِف الفقيد بجرأته وصراحته وحماسه الكبير في التعبير عن آرائه الشخصيّة والحزبيّة، وبنظافة اليد وبحرصه الدائم على المتابعة المستمرّة لقضية رفاقنا المعتقلين في سجون حافظ الأسد لدى منظمات حقوق الإنسان وبعض القادة والرموز العربية الشريفة.. وبقي مصرّاً على القيام بمسؤولياته وواجباته الحزبيّة في فترة صراعه الطويل والمرير مع المرض حتى عجزت أنامله من مسك القلم.. وكم كنّا بحاجة ماسّة إلى آرائه وتوجيهاته وخبرته في السنوات الثلاث الماضية، ولكنّنا حُرِمنا منها بسبب قساوة المرض، وهنا من واجبنا أن ننوّه ثانية بموقف السلطات الجزائرية أثناء فترة مرضه حيث وقفت إلى جانبه ورعته كامل الرعاية وبالشهامة الجزائرية المعهودة تجاه مجاهديها وأصدقائها..
– وإنّنا إذ نعزّي أنفسنا ورفاقنا وكافّة محبّيه في سورية والجزائر والوطن العربي بفاجعة رحيله فإنّنا نعاهده على الاستمرار في حمل راية الحزب التي حملها طيلة حياته بكلّ إخلاص، ومهما قست الظروف علينا انسجاماً مع إيماننا بها ووفاءً لروحه وأرواح رفاقه الذين سبقوه وقضوا على هذا الطريق الشاق،وفي الوقت نفسه، فإنّنا نعزّي أسرته الصغيرة وخاصة زوجته الكريمة التي كافحت إلى جانبه وساندته ورعته بصبر وحبّ ووفاء قلّ نظيره وحتى آخر لحظة من حياته.. وراجين من الله أن يتغمّد رفيقنا الكبير وأخانا وصديقنا الحبيب بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جنانه ويلهمنا مع عائلته ومحبّيه الصبر والسلوان.
في ١٠ / ٩ / ٢٠١٣ المكتب السياسي القومي
لحزب البعث الديمقراطي الاشتراكي العربي