رشاد أبو شاور
أود أن أشكر الأخوة في (المنتدى العربي الناصري الديمقراطي) الذين شرفوني اليوم بالتحدث في ذكرى ميلاد القائد المعلم جمال عبد الناصر.
وأن أشكر مجمع النقابات، ذلك أنه المكان المناسب لهذا الاحتفال، فقد كان ناصر نصيرا للعمال، وباني مصانعهم في حلوان، والمعني بحقوقهم.
السيدات والسادة الحضور:
أحسب أنكم جميعا تعرفون ما قدمه جمال عبد الناصر لمصر، وللعرب، وللعالم، ولذا سأعفيكم، وأعفي نفسي، من سرد منجزاته التي لا يمكن حصرها، والتي ألهمت ملايين العرب، وجعلت من مصر القوة التي يركن إليها، حيث لسنوات كانت القاهرة مركز قيادة الأمة، وموئلها، وسندها، ومرجعيتها.
اليوم يبلغ الرئيس جمال عبد الناصر السادسة والتسعين، هو الذي رحل وهو في الثانية والخمسين، عام 1970، في ال28 من أيلول.
أربعة وأربعون عاما مرّت على رحيله عن دنيانا، ومع ذلك فهو حي يملأ السمع والبصر، حاضر في المنجزات، لدى مزارعي مصر، وعمّالها، ومثقفيها الثوريين الشرفاء، وكل من تعلم وارتقى علميا بفضل مجانية التعليم، ولدى جنود وضباط وقادة جيش مصر العظيم.
جمال عبد الناصر حاضر في الميادين، مرفوع بأيدي الملايين، ومن كافة الأجيال، من جيل الستينات، ومن أجيال ما بعد الستينات، الستينات التي يتنكر لها من اختاروا لأنفسهم العداء للأمة، والخروج عليها.
لقد بلغ الأمر بالمتآمرين أن يحاولوا تصفية جمال عبد الناصر جسديا عام 1954، على اعتبار أن الانتهاء منه سينهي حركة الجماهير العربية التي استجابت لنداءاته،واعتنقت مبادئه، ومضت وراء قيادته في حركة جماهيرية عارمة من المحيط إلى الخليج، وسيمكن المتآمرين من القفز على الحكم، وانتزاعه من أيدي الضباط الأحرار بقيادة ناصر.
أيها الحضور:
أن نلتقي اليوم، فهذا يعني أننا في حضرة جمال عبد الناصر القائد، وأننا لا نحتفي عاطفيا، لنقول كلمات طيبة، ثم ينفض لقاؤنا.
نحن نلتقي في حضرة جمال عبد الناصر لنجدد العهد على مواصلة الكفاح، ورفع راية الثورة العربية لتحقيق أهداف الأمة: بإلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني واستعادة عروبة فلسطين، وتحقيق وحدة الأمة العربية، وامتلاك أسباب نهوضها، لتأخذ الأمة دورها في العالم حرة، سيدة، مهابة.
نحن لا نتغنى بما مضى من منجزات، لأن معركة وجودنا، وحريتنا، وكرامتنا، ما زالت مفتوحة، ولأن الآمال لم تتحقق بعد، فالطريق أمامنا طويل ووعر، وهو ينتظرنا، ويهيب بنا أن نستأنف المسيرة التي بدأها ناصر، ورسخ فيها الأساسات، والملامح، والمفاهيم، وأرسى محددات النصر، ورفع مداميك البناء.
أربعة وأربعون عاما على رحيل القائد الذي غادر دنيانا شابا، ينتقل بالأمة من معركة إلى معركة، ليخرج بها من الزمن العثماني الذي امتد أربعمائة عام من التخلف والجهل والعزلة، ومن زمن استعمار الدول الأوربية: بريطانيا، وفرنسا، والوريثة أمريكا، والأدوات الرجعية المنبتة في بلاد العرب.
أيها الحضور:
انظروا ماذا وقع للأمة من مصائب وكوارث منذ رحل ناصر.
أحسب أنكم جميعا عانيتم من استدارة وانحراف من خانوا الأمانة، ومن كانوا ينتظرون موت القائد في الميدان ليخلوا لهم ليعيثوا به فسادا.
في مقدمة كوارثنا انتزاع مصر، وإخراجها من دورها القيادي، وتغييبها، وتحويلها إلى تابع يؤمر فينفذ، وهذه جناية السادات، ووضعه مصير مصر في يد أمريكا، وعقده لسلام كامب ديفد الذي لم يحرر سيناء، وارتهن مصر، وأضعف العرب، وتسبب في حصار المقاومة.
لقد غيبت مصر أربعة عقود بدأها السادات، وأكملها حسني مبارك، وهو ما مكن أعداء الأمة من التحكم في مصيرها، والعبث بأقدس قضاياها.
أيها الحضور:
يهيأ لي أن جمال عبد الناصر يطل علينا هذه الأيام، وأنه لا يقبل منا أقل من الانخراط في معركة الدفاع ببسالة، وعناد، وإرادة لا تلين، عن أمتنا التي تتعرض لهجمة جديدة شديدة الخطورة على حاضرنا ومستقبلنا.
لقد استبشرنا بالحراكات الشعبية العربية مشرقا ومغربا، بعد أن يئسنا من قدرة الجماهير على الفعل، بسبب سنين التغييب والقهر والقمع وتحكم أنظمة الفساد، ولكن الجماهير العربية فعلتها، بانفجارها إثر إشعال البوعزيزي للنار في بدنه سخطا على المهانة والذل، فانطلقت الشرارة من تونس ليبدأ الحريق العربي الذي طال انتظاره.
كانت تلك لحظة مجيدة لامست فيها نيران جسد المواطن التونسي البسيط بارود الغضب العربي المختزن في النفوس، فتوالت الانفجارات من تونس إلى مصر فاليمن فليبيا فالبحرين فسورية.
لكن أعداء الأمة الذين ذهلوا من نار الغضب المكتسحة، لم يقفوا مباغتين واجمين طويلاً، فأمريكا ما كان لها أن تقف مكتوفة اليدين أمام الحراكات التي بدأت تبشر ببؤر ثورية في عدة أقطار عربية، تعد بالاتساع والانتشار والاكتساح للأنظمة العفنة التابعة، ولإنهاء الهيمنة الأمريكية على مقدرات الأمة، وعلى احتلالها المعلن في دول الخليج بقواعد عسكرية عدوانية رأينا دورها الإجرامي الخياني في تدمير العراق، بموافقة وترحيب تلك الدول المُحتلة الأرض والإرادة، والمنتهكة السيادة، والمعادية للعروبة.
لقد بدأت عملية الخلط بالتدخل في ليبيا، عندما صارت الاستعانة بحلف الناتو مطلبا(ثوريا) نجم عنه تدمير ليبيا، وتمزيقها، ونهبها، وأخذها إلى التيه والضياع، وكانت قطر القواعد الأمريكية في العيديد، والسيلية، عرابة التدخل.
ها نحن نرى ما يقترف في اليمن، من جرائم القاعدة، ومن وقاحة مطالبة بعض الجنوبيين بالانفصال في البلد الواحد، وتمزيق وحدة الشعب الواحد. وهنا يحق لنا أن نسال: هل الحراك الشعبي اليمني كان بهدف تمزيق وحدة اليمن، أم للتخلص من نظام حكم علي عبد الله صالح الفاسد المستبد، ومن هيمنة السعودية وتآمرها؟!
ألهذا ملأت الجماهير اليمنية الشوارع والميادين، وطالبت بالعدالة، والحرية، والكرامة، وقدمت نموذجا مبهرا لشعبها الذي تدفق وحرر الميادين والشوارع دون أن يحمل السلاح، رغم ما هو معروف عن عشقه وامتلاكه للسلاح؟
أيها الحضور:
عجزت الجماهير العربية عن التحرك احتجاجا على ظلم الأنظمة المستبدة البطاشة لعقود، وحين انفجرت لم تكن هناك قوى سياسية ثورية منظمة جاهزة قادرة على قياداتها لتحقيق أهدافها، وتسليحها بالوعي للتمييز بين أعدائها وأصدقائها، وتبصيرها بالطريق الذي ينبغي سلوكه، وبالحلفاء الذين يمكن الوثوق بهم، بحيث لا تسرق هذه الانتفاضات الشعبية العفوية، وبحيث تنتقل من حالة العفوية إلى الفعل الثوري الواعي الذي لا يمكن الأعداء من حرفه عن مساره وأهدافه.
اندفعت قوى سياسية وقفزت على الحراكات الشعبية، واختطفتها، وبدأت تبشرنا بدولة الخلافة، وبالدولة الإسلامية،، وإنكار هويتنا القومية العربية، والسخرية منها وتسفيه الانتماء لها.
أصحاب ذلك الخطاب الساذج الهادف لتمزيق المجتمعات العربية، قصدوا الالتفاف على أهداف وطموحات الأمة، وهكذا صار أردوغان هو البطل الموعود المنقذ، وصار الطموح يتجسد في العودة إلى زمن الولايات العثمانية التابعة للدولة العلية التي تحكمت بالعرب أربعمائة عام، وسلمتهم جهلة، مغيبين عن العصر، لدول الاستعمار الأوربي: بريطانيا، وفرنسا، وهم لا حول لهم ولا قوة.
بهذا الخطاب باتت بنغلادش أهم من سورية، وتركيا أهم من مصر، أمّا وحدة العرب فهي من قبيل الكفر، ومن يقول بها يستحق قطع الرأس، أو التفجير، أو أقله الاختطاف، وهكذا انتشر التنكيل بالمواطنين بأساليب أكثر بشاعة وانحطاطا مما تفعله كانت تفعله الأنظمة المستبدة التي ثارت عليها الجماهير الغاضبة.
أنا واحد من الذين لم يكفروا بالحراكات العربية، مع نفوري من مصطلح ( الربيع العربي)، راهنت على تطور وتصاعد الحراكات، وتواصلها، وأذكر بأن هذا حدث بين انتفاضتي تونس ومصر، فقد قدم شباب تونس خبراتهم لأخوتهم شباب مصر، في كيفية التغلب على قطع حكومة مبارك لوسائل التواصل: النت، والفيس بوك، وشبكات الهاتف الخلوي، وهذا لشعور شباب تونس ومصر بأن ثورتهم واحدة، وأن انتصار انتفاضة هذا البلد تؤدي لانتصار البلد العربي الشقيق، وتنفتح على انتفاضات جديدة تعزز ما قبلها، وتراكم انتصارات جديدة على طريق وحدة أقطارنا، ورفع راية عروبة فلسطين.
الحضور الكرام:
لقد رأينا ما جرى في سورية من حراك شعبي مطلبي، وكيف حوّل إلى تدفق لعشرات ألوف المسلحين براياتهم المختلفة، وخناجرهم التي تقطع الرؤوس، وبالدعم المالي والسلاح من دول الخليج، وبرعاية تركية أرد وغانية، ومن حزبه الحاكم، وبتشجيع أمريكي، بريطاني ، فرنسي.
لقد خلطت الأوراق فالدول الرجعية، دول القواعد الأمريكية، دول الفساد والخراب في بلاد العرب، تتقدمها السعودية، ويا للعجب، باتت منافحة عن الديمقراطية، وصناديق الاقتراع، وتسابقت مع دويلة قطر، في تصدر المشهد، حتى هيئ أن قطر هي المايسترو، وأن فضائيتها هي رئاسة الأركان الفكرية والثقافية، وأنها الموجه للحراكات الشعبية.
قطر تطاولت إلى حد أنها بدأت تعبث في أمن مصر، ومسارها الثوري، وانتصرت للإخوان في حين أنها قاعدة أمريكية، وحكم مشيخي بائس، ومركز للنشاط الصهيوني المعلن والمفضوح.
أيها الحضور: سورية استهدفت، وزج عبر حدودها بألوف القتلة الإرهابيين الجهلة، الذين قتلوا، واغتالوا، وهدموا المساجد والكنائس، وذبحوا بالخناجر، واستباحوا الأعراض والممتلكات، وعملوا على إثارة الفتنة الطائفية، وها هم يقتتلون رغم مرجعياتهم( الإسلامية) كما يدعون، فمنهم من يبشرنا بالخلافة، ومنهم من يعلن انه سيبني دولة إسلامية، ويوجه لهم المايسترو من أفغانستان، أو باكستان، الأوامر التي لا يطيعونها بتراجع بعضهم إلى العراق حيث حدود دولته، دولة داعش، وحصر دولة النصرة في بلاد الشام!
إنهم يقسمون بلادنا إلى دول، وإمارات، ويمزقون وحدة مجتمعاتنا، وينشرون الخوف والذعر والموت الأسود المجتاح كالوباء في وطننا العربي مشرقا ومغربا.
انتقل هذا الموت إلى مصر التي يرعبهم نهوضها، وتسيد شعبها، واستئنافها لدورها، وهو ما يتجلى في الميادين شعارات ثورية جذرية، ورايات، وصور للقائد جمال عبد الناصر، وهتافات بالمطالب: عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية…
أليست هذه هي مطالب، وأهداف كل الجماهير العربية؟
أليست هذه هي الثقافة الناصرية التي لقننا إياها المعلم والقائد الذي صاح بنا موقظا: إرفع رأسك يا أخي فقد ولى عهد الاستعباد؟
أيها الحضور: المهام الملقاة على أكتافنا ثقيلة، وجليلة، وكبيرة، ومصيرية…
أولها: حماية القضية الفلسطينية التي تعمل أمريكا عدوة أمتنا على إنهائها، وانتم تتابعون حركة كيري، ومن خلفه إدارة أوباما، وبتأييد رجعي عربي متحمس لإنهاء الصراع، ووأد القضية الفلسطينية.
أنتم تتابعون ( انفتاح) دول خليجية على الكيان الصهيوني، واللقاءات مع القادة الصهاينة، واستقبال وزراء من حكومة نتينياهو في عواصم الخليج،ن وتستمعون لتصريحات رجال أعمال وسماسرة خليجيين تفتقت ( عبقرياتهم) عن تنظير سياسي، سيما على قضية فلسطين.
السعودية، وقطر، ودولة الإمارات يبرز دورها في عملية تطبيع مع العدو الصهيوني، على طريق التحالف مع عدو العرب، بحجة مواجهة إيران.
ثقافتنا العربية الناصرية بالنسبة لفلسطين: صراع وجود لا صراع حدود، وهذه المقولة الفكرية الحاسمة، المركزة، تقول: ليس الصراع مع العدو صراعا على الحدود يمكن تجاوزه بإصلاح ذات البين بتعديل الحدود، إنه صراع بين أمتنا العربية، وبين المشروع الصهيوني، ومهما امتد لا بد أن يكون النصر فيه حليف أمتنا.
لقد أحرجت فلسطين دائما الأنظمة الرجعية العملية التابعة المتآمرة على عروبتها، ودائما عملت هذه الأنظمة، وفي مقدمتها السعودية _ انضافت لها دويلة قطر الوكر– لتصفية القضية ظنا منها أنها بهذا تسحب هذه القضية من أيدي الجماهير العربية، كونها دينامو مُوّلد للوعي والثورة، وسلاح في أيدي القوى الثورة العربية، وفي المقدمة منها: الناصرية.
كيري يبشر بيهودية الدولة، أي بتنازل الفلسطينيين والعرب عن عروبة فلسطين، ومباركة الصهاينة ومبايعتهم، والإقرار لهم بان فلسطين يهودية تاريخيا وجغرافيا، وكل المعلومات تدلل على الدور السعودي المستكلب لتمرير هذه الخيانة التاريخية للأمة، وخلفها دول ودويلات عربية خليجية، وغير خليجية.
جوهر المشروع الأمريكي لتصفية قضية فلسطين: يهودية دولة العدو، وتصفية قضية اللاجئين وحق العودة، ووقوف جيش الاحتلال على الضفة الغربية لنهر الأردن، وتكريس القدس عاصمة للكيان الصهيوني…
علينا نحن الناصريين أن نعلن بالفم الملآن، وبالحراك الشعبي الميداني، وبالتعبئة العامة: فلسطين هي قلب الوطن العربي، وهي لا تخص الفلسطينيين وحدهم، وبأن جناحي الوطن العربي سينهاران بدون فلسطين.
في زمن جمال عبد الناصر كانت فلسطين حاضرة، والمقاومة حاضرة، والفدائي حاضرا، وكان الشعار المقدس: المقاومة هي أنبل ظاهرة جاءت ردا على الهزيمة..لأن ناصر كان مقاوما، ثائرا، وهو الذي قاتل في عراق المنشية والفلوجة، والتحم بالصهيونية في الميدان وجها لوجه، وعرف فلسطين الأرض والتاريخ والجغرافيا، وأهميتها لمصر كبوابة شرقية، وكجسر يصل ويوحد جناحي وطن الأمة.
وانطلاقا من رؤية ناصر القومية النهضوية، تم دعم ثورة الجزائر، واليمن، والعراق، وتمت حماية لبنان من الانعزاليين والنفوذ الأمريكي.
وإيمانا منه بدور الشعب العربي الفلسطيني في المواجهة التاريخية، فقد دعم بروز منظمة التحرير الفلسطينية، رغم رفض كثير من الدول العربية، وفي مقدمتها السعودية…
أيها الحضور:
هناك ذعر يتملك أعداء الأمة، من عودة الخيار الناصري في مصر، ولذا يتآمرون بضراوة على سيادة مصر، وعودتها لدورها، وها هم يغرقونها في الإرهاب، ويتطاولون على جيشها، ويحاولون إنهاكها اقتصاديا لتركيعها، ولا عجب أن نرى أمريكا تتباكى على الديمقراطية، وحكم الأخوان، وتحجب المساعدات التافهة المُرتهنة لإرادة مصر عقابا لمصر ولشعبها ولجيشها.
بشائر الثورة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج، الثورة بأهدافها التي يجب أن نتصدى لتزويرها: عروبة فلسطين وتحريرها، والوحدة العربية، وامتلاك ثروات الأمة.. هذه الثورة تختمر في كل أنحاء بلاد العرب، وما نراه مخاض عظيم، وهذا المخاض المبشّر يتعرّض لتآمر نفس القوى التي تحالفت لتدمير المشروع الناصر القومي النهضوي.
أيها الحضور:
في غياب التيار القومي، وفي المقدمة منه الناصري، تتفشى الطائفية والإقليمية، وتخلط الأمور، فإيران تحل في مكان العدو الصهيوني، وحزب الله يعاقب على انتصاراته بالتآمر عليه بالمال السعودي وبالإرهاب السعودي الممول لطائفيي لبنان، وفي مقدمتهم حلفاء الكيان الصهيوني…
أيها الحضور:
انظروا إلى دعاة الخلافة، والدولة الإسلامية، وهم ينقلون للعلاج في مستشفيات العدو الصهيوني الذي يقتل أسرانا بالسرطان. هل هولاء هم مجاهدو دولة الخلافة، والإسلام هو الحل؟!
أيها الحضور:
أن تكون ناصريا يعني أن تكون قوميا عربيا وحدويا مخلصا منزها عن الإقليمية والطائفية.
أن تكون ناصريا يعني أن تكون مع العمال والفلاحين، ومع بناء الجيش العربي القومي الذي يصون وحدة الأمة، وحدودها، وسيادتها.
أن تكون ناصريا يعني أن تكون تقدميا، نصيرا لكل ثورات الشعوب في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وآسيا..فهذه هي الثقافة الناصرية.
ألم يكن ناصر، ومصر الناصرية، موئلاً لثورات شعوب أفريقيا؟ ألم يرسل وحدات من جيشه لتقاتل في الكونغو حماية لثورة شعبها بقيادة الفريق الشاذلي؟ ألم يدعم ثورة شعب جنوب أفريقيا ضد العنصرية البيضاء، وهو ما ذكّر به المناضل البطل مانديلا عندما زار القاهرة وقال بحزن: جئت من أجل موعد تأخر ثلاثين عاما..
الناصرية أيها الحضور لم تكن حبيسة الوطن العربي، بل فاضت ووصلت شعوب أمريكا اللاتينية، بحيث حمل من آمنوا بالنهج الناصري صفة ( الناصريين)، ولعل رفيقنا الكبير الراحل شافيز أراد تذكير العرب والعالم بفضل ناصر، وحضوره الفكري الثوري، عندما أعلن بالفم الملآن: أنا ناصري…
الناصرية أيها الحضور هي إضافة لحركات التحرر في العالم، لأنها قرنت بين التحرر من الاستعمار وبين العدل الاجتماعي، وتطبيقا لهذا وزعت الأرض على المزارعين، وبنت المصانع للعمال، وفتحت أبواب الجامعات والمدارس لأبناء الفقراء، وغير القادرين على تعليم أبنائهم، لأن العلم والمعرفة من المنظور الناصري في مقدمة أهم أسلحة التغيّر، والانتقال بالأمة من حال التخلف إلى حال التقدم، واللحاق بالأمم المتقدمة.
لهذا ناصر حاضر، والناصرية كمبادئ ومثل حاضرة، ولهذا نحتفي بعيد ميلاد القائد السادس والتسعين.
أيها الحضور:
الناصرية أوسع من أن تكون حزبا، إنها تيار شعبي عارم جوهره فكر المعلم جمال عبد الناصر، ودروس معاركه، وما تركه لنا من تراث، ومن قيم أخلاقية، فالناصرية أخلاق في الممارسة، والعلاقة بالجماهير…
أيها الناصريون: وحدوا صفوفكم، ففلسطين تناديكم أن تنقذوها من كامب ديفد، وأوسلو، ووادي عربة، ونهج التفريط الرسمي…
فلسطين تناديكم، وتنادي كل القوى القومية التقدمية أن ننقذها من المؤامرة الأمريكية الصهيونية الرجعية العربية التي تستغل انشغال الجماهير بهمومها المحليّة، وانهماك مصر في أوضاعها الداخلية، ومشاغلة سورية، ومواصلة ذبح العراق في حقبة الديمقراطية الأمريكية…
أيها الناصريون وحدوا صفوفكم من أجل حماية جمر الثورة العربية، والمضي بها إلى الأمام، إلى المستقبل…
أيها الناصريون: أعداء الأمة يزجون بالألوف من الإرهابيين لتدمير وحدة سورية، ومصر، وحرق لبنان، وتمزيق وحدة اليمن، وتفكيك ليبيا..فماذا أنتم فاعلون، وماذا تنتظرون؟
آن لنا أن نكون ناصريين حقيقيين، بالفعل لا بالكلام…
يا قائدنا جمال عبد الناصر: في يوم ميلادك السادس والتسعين نعاهدك أن نبقى الأوفياء للمبادئ، وأن نسير على طريقك، حاملين راية وحدة الأمة، وعروبة فلسطين، بأيد لا تهتز، وبإرادة لا تلين.
المجد لذكرى قائدنا ومعلمنا جمال عبد الناصر
عاشت الأمة العربية
عاشت فلسطين حرة عربية
العار لأمريكا عدوة العرب، ولتابعتيها بريطانيا وفرنسا المجرمتين الملطختين بدم العرب مشرقا ومغربا
العار للعملاء المتحكمين ببلاد العرب، المتآمرين على فلسطين، المكرسين لتمزيق الأمة، والمبددين لثرواتها…
* نص كلمة الكاتب ، التي شارك بها في احتفالية ميلاد جمال عبد الناصر ال 96 في ( مجمع النقابات ) بعمّان، يوم السبت 18 يناير الجاري 2014.