(1) ترامب أقوى من الإدانة
(2) ليس للحب يوماً
(3) القول المجزوء لغم حتى في الموتى
● ● ●
لم يكن، ولن يكون ترامب نبتاً غريباً وطارئاً في المجتمع الأمريكي. وإذا كانت حقبته قد تٌوِّجت بالهجوم على “القلعة” في محاولة يمينية برجوازية لتقليد شعار ماو تسي تونغ في الثورة الثقافية Target the Headquarter ، فقد كان ذلك استعراضاً للقوة وتعويض نفسي لأنصاره أكثر مما هو انقلاب كما روّج الإعلام قصير النظر وخفيف الدسم.
يعرف ترامب وأنصاره أنه ربما تفوق على بايدن.
إن مجرد وجود هذا الشك، وإن لم نقل اليقين والمعرفة، يعني أن صندوق الاقتراع يمكن تغيير ما في داخله. واذا كانت الدولة العميقة الأمريكية قادرة على تغيير أنظمة بأكملها في العالم بالتآمر خاصة، فما الذي يُفقدها تقنية التزوير أو يمنعها عن ذلك.
ليس غريباً ايضاً اللجوء، من قبل ترامب، إلى العنف التجريبي في المجتمع الأمريكي لأن العنف وصولاً حد التمتع بالدم والجريمة هي من مكونات السيكولوجيا الأمريكية لا سيما وأن المستوطنين الأوروبيين الأوائل في أمريكا هم من المجرمين والشواذ والعنصريين والطامعين في المال والمغامرين، ولذا، هم حتى الآن يعتبرون أنفسهم الأمريكيين الحقيقيين اي المستوطنين البيض وبأن مختلف أنواع الأعراق والألوان التي أتت لاحقاً للعمل هي مهاجرون وليسوا بيضاً اصليين بل إن كثيرا منهم جرى اغتصاب أرضهم بما هم مكسيكيون اصلا.
وهنا تتشابه أمريكا مع الكيان الصهيوني حيث يرى الإشكناز أنهم المستوطنون الأعلى مرتبة إلى حد رفض دفن اليهود العرب من اليمن في مقابرهم. ولا يختلف الموقف في مختلف المستوطنات الراسمالية البيضاء في كندا، أستراليا، نيوزيلندا وجنوب إفريقيا سابقا وحتى الآن وإن تغير الطربوش.
أما في المستوى العددي، فإن وراء ترامب نصف الناخبين الأمريكيين، وإلا فما معنى 75 مليون منحوه اصواتهم؟ ولذا، فهل يجرؤ الكونجرس على تجريم ترامب؟ أي على نقل تشقق المجتمع الأمريكي إلى انشقاق؟ فلو حصل هذا لكان الكونجرس أُصيب بمس من الجنون وسياسيا بخيانة هي تقويض الدولة.
وعلى المستوى الشعبي، أليست الطبقة الوسطى الدنيا وقطاعات عمالية كبيرة قد منحت ترامب صوتها؟
ألم يلاحظ هؤلاء أن الوضع الاقتصادي قد تحسن في فترة ترامب، ولولا أن الدولة العميقة وخاصة الراسمالية الممولنة هي التي اصرت على:
· الإغلاق
· دفع نصف تعويض الجلوس في البيوت
· وحصول كورونا
لولا اجتماع هذه لكان فوز ترامب مؤكداً. فبحلول حزيران (يونيو) 2019 ، مع تأثير زيادة الرسوم الجمركية على قطاعات جديدة ، لم تعد الصين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة ، حيث تخطاها شركاء الولايات المتحدة في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ، المكسيك وكندا. في نهاية عام 2019 ، انخفض العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين بشكل كبير ووصل إلى -345.6 مليار دولار ، أي أقل من نهاية ولاية باراك أوباما الثانية – وهو تحول كان واضحًا منذ الأشهر الأولى من عام 2019.
وهذا يشير إلى توجه حمائي قاراتي –من قارة- بدل التورط في سياسات اقتصادية معولمة ويشير بالطبع إلى تراجع الدور المعولم لأمريكا. وهذا يعني ان حقبة العولمة والنيولبرالية فقدت زخمها.
ومع ذلك، من غير المؤكد على الإطلاق أن حرب ترامب التجارية، إذا ورثها بايدن، ستنجح في ثني الصين مثلما فعل رونالد ريغان مع اليابان في ثمانينيات القرن الماضي ، إلا أن التشابك التجاري والنقدي الوثيقين لأول اقتصادين في العالم – قوة عظمى واحدة في حالة انحدار ، والأخرى في صعود – يشكل مخاطر مقلقة للغاية بالنسبة للبلدين ، فضلاً عن الاقتصاد العالمي. من الواضح أن مبلغًا كبيرًا من الدولارات التي جمعتها الصين من فوائضها التجارية تعود إلى الولايات المتحدة في شكل مشتريات ضخمة من قبل السلطات النقدية الصينية لأذونات الخزانة الصادرة عن الولايات المتحدة لغرض تمويل تجارتها الخاصةالعجز. ومع ذلك، هذا لا يُرضي راس المال الاحتكاري الممولن.
لقدكتبتُ حينما فشل ترامب بأن الطبقة الراسمالية الأمريكية والتي هو جزء منها منشقة إلى جناحين، ليسا جمهوري وديمقراطي كحزبين سياسيين بل كلا الحزبين يحتوي على جزء من كلتي الشريحتين اي:
· الرأسمالية ذات التوجه والقاعدة الإنتاجية، الاقتصاد الحقيقي والتي تحاول تثبيت سيطرة الغرب الراسمالي اعتماداً على قوة الإنتاج ، وهذا جناح يحتوي ترامب
· والراسمالية الممولنة التي تسيطر على العالم بالدولار والطباعة الورقية للدولار وهي قوة المصارف وعلى راسها بنك الاحتياطي الفدرالي، وهي ايضا تحاول بقاء سيطرة الغرب على العالم.
إن هزيمة ترامب لا تعني إذن هزيمة مشروعه ولا فريقه لأن له فريقا وله مشروعاً.
هذا من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الصراخ وال “ولولة” التي تصنعتها ناسي بيلوسي على “الديمقراطية الأمريكية” لا تعني بها الداخل الأمريكي، لأن الداخل مضبوط بغض النظر عن الكذب.
بيلوسي تدافع عن الكذبة الكبرى وهي امريكا أمام العالم والتي منذ قرابة قرن تزعم بأنها نظام الإنسانية والثروة والخير والديمقراطية!
بينما أمريكا هي التي تغتصب معظم العالم، وقامت بعشرات الحروب ضد شعوب العالم، والوحيدة التي استخدمت القنبلة النووية علناً. نقول علناً لأن فرنسا استخدمت قنابل تكتيكية في الجزائر وبريطانيا استخدمتها في زيمبابوى.
ورغم كل هذه الجرائم، بقيت أمريكا بصورة “دولة الخير”، وهذا تناقض هائل، كما يدل بقاء هذه الصورة على أن هناك خلل في الواقع الإنساني خلقه الإعلام المجرم. لذا تسارع بيلوسي لإطفاء الوعي الشعبي في العالم. هذا ما تخافه بيلوسي وهذا أحد أهم اسباب تصويت الكونجرس ببراءة ترامب.
واليوم، إذا لم يتمكن ترامب من امتطاءالحزب الجمهوري، فإنه سوف يخلق الحزب الثالث، وهي المرة الأولى التي سوف يتمكن بها أحد في امريكا من خلق حزب ثالث، وهذا ما يحاول الجمهوريون احتوائه.
لكن الأهم من هذا كله، على أهميته طبعاً، أين نحن العرب من كل من:
· ترامب الشعبوي الذي دفع الشعبوية من سلطة داخل بلد إلى سلطة معولمة وعدوانية ضد العرب بشكل خاص.
· ومن بايدن الذي ، على الأقل، يلتزم بسياسات ترامب تجاه فلسطين وسوريا.
المثير للسخرية أن القشرة الثقا/سية في الوطن العربي هي صنيعة امريكية من جهة ومن جهة ثانية لا يوجد بديل ثوري يسترد الشارع العربي ويقود باتجاه مغادرة التبعية لأمريكا لأنها من جهة عدو ومن جهة ثانية تضمحل.
(2)
ليس للحب يوماً
الثالوث الأهم في التاريخ هو: “العمل والحب والثورة”. يعمل الإنسان على امتداد عمره سواء عملا ذهنيا أو عضلياً وإن توقف أحدهما يبقى الآخر وخاصة الذهني حيث يبدأ من لحظة الهبوط إلى برودة الأرض/رعشة الميلاد إلى رعشة الانتهاء إلى بطنها. ويُحب الإنسان على امتداد عمره، وإذا كان هو/هي يُحب يوماً فقط فذلك أمر عابر تماماً. ومن جرَّب الحب الحقيقي يتفق معي تماماً لأنه يدرك بأن الحب يُمدُّ الإنسان بطاقة غير مفهومة ليست قابلة للقياس الفيزيائي ولا الكيميائي ولا بالتحليل الطبقي فما بالك بالتحليل النفسي/أحيانا هبل نفسي، ولعل أقرب معيار قياسه هو جنون الشعر البليغ. أنظروا إلى المُنتجين إنسانياً ، تراثهم هائل وتأكدوا بأنهم كانوا يعملون كل عمرهم ويحبون طول عمرهم، ولذا، هم ثوريون دوماً وابداً.
لا يتقاعد من يعمل إذ ينتقل من الذهني للجسدي ثم الذهني، ولا يتقاعد من يُحب ولا يتقاعد الثوري. فالثوري لا يُجزِّء حياته إلى عقدين للنشوء وعقدين للثورة وعقدين للتقاعد أو الخيانة وعقدين للتآكُل.
إختبر نفسك بهذه المعايير، تصل إلى الآتي، لا يوجد يوماً واحداً فريدا متفردا في حياتك سوى يومين وحيدين منفردين: يوم لم تعينه أنت هو يوم الإتيان بك،ويوم لك فيه أن تختاره أو أن يُفرض عليك وهو يومك الأخير، وهذا إما أن تختاره تضحية واستشهاداً أو تقرر الهروب بالانتحار أو يكون رحيلك بالهرم أو المرض أو الاغتيال أو القتل. …الخ. وفي الحالتين هو يوم يمكن تحديده.
لذا إهنئوا بالعمل والحب والثورة كل يوم.
(3)
القول المجزوء لغم حتى في الموتى
واذا كان لغما واحدا يقطع ساقك فاثنين يقعدانك فما بالك بحقل ألغام. لذا، في قراءة المثقف مرحبا حيا او مرحبا ميتا لا بد من الإنتباه إلى الفارق بين الانتماء للوطن وبين الايديولوجيا. فالوطنية والقومية حتما مع سوريا بينما يمكن للأيديولوجيا ان تكون ضدها والامثلة عديدة شيوعي/شيوعاني او دين سياسي فلسطيني يزعم حب فلسطين ويعشق تدمير سوريا. أقوال وكتابات جميلة وبليغة ك كلام مجرد كلام ولكن موقف مع جيوش وطائرات وقنابل داعش وامريكا وبريطانيا وفرنسا وقطر و الامارات والسعودية والكيان وخاصة تركيا. .. الخ هذا النمط من التشوه خاص بفلسطينيين. نموذج عليه الراحل مريد برغوثي. رحل يبكي اغتصاب فلسطين ويتغزل باحتلال سوريا. بل أثناء لفظ أنفاسه كان القصف الصهيوني على دمشق فهل هذا يخدم فلسطين. فمن هو واين هو. لم تكفه عشر سنوات لفهم ان سوريا هي فلسطين وان موقفه جريمة وربما يحتاج لستين سنة أخرى ليطابق موقفه ضد سوريا مع كلامه عن فلسطين.
بئس التمسك بمقولة :”اذكروا محاسن موتاكم” فهي مقولة لا تاريخانية ابدا. بل اذكروا الجانبين كي لا تنجبوا اجيالا منفصمة اخلصوا على الاقل لاولادكم. لا تورثوهم ازدواجية جعلتنا تحت كل الأقدام.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.