- في الذكرى الثمانين للانتصار على نهر الفولغا: أنهت هزيمة ألمانيا في ستالينغراد “استراتيجية فاكهة الكاكا الناضجة” اليابانية
- زحف باولوس إلى الشرق، لكنه استسلم في ستالينغراد…
- ستالينجراد: “تقرر هنا بداية نهاية العدو”
✺ ✺ ✺
(1)
أنهت هزيمة ألمانيا في ستالينغراد “استراتيجية فاكهة الكاكا الناضجة” اليابانية
في الذكرى الثمانين للانتصار العظيم على نهر الفولغا
أناتولي كوشكين، دكتوراه في التاريخ، أستاذ معهد البلدان الشرقية
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
2/2/2023
الهجوم المضاد القوي للقوات السوفياتية لكسر حصار موسكو في شتاء 1941-1942 أجبر طوكيو على إجراء تحليل أكثر جدية لفرص الاستيلاء على شرق سيبيريا والشرق الأقصى السوفياتي مع القليل من إراقة الدماء، وهو ما كان يسمى بإستراتيجية “فاكهة الكاكا الناضجة”.
في 15 يناير 1942، طالب الإمبراطور الياباني هيروهيتو، رئيس الأركان العامة للجيش هاجيمي سوجياما، بتقديم تقرير عن نتائج الهجوم السوفياتي المضاد. كتب الجنرال في تقريره: “إن الاتحاد السوفياتي، بعد أن حافظ على حوالي 40 في المائة من قدراته الصناعية، يعيد تسيير عجلة الإنتاج بشكل منهجي، ولا ينبغي لنا أن نقلل من شأنه”.
في 22 يناير، ردا على سؤال الإمبراطور حول توقيت بدء الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، صرح سوجياما أنه، في رأيه، “في الوقت الحاضر وحتى صيف هذا العام، من غير المناسب القيام بعمليات هجومية في الشمال”. ومع ذلك، استمر إعداد الجيش الياباني لمهاجمة الاتحاد السوفياتي.
في سياق الحرب ضد الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى واستمرار العمليات العسكرية في الصين، احتفظت اليابان بما يصل إلى 40 في المائة من فرق القوات البرية للحرب ضد الاتحاد السوفياتي. كانت منتشرة بالقرب من الحدود السوفياتية في منشوريا وكوريا وساخالين وجزر الكوريل، وغيرها. تم تخصيص حوالي 50% من فرق المشاة، و75-80% من وحدات الفرسان، وحوالي 65% من أفواج الدبابات، ونصف المدفعية والطيران للمشاركة في حرب الشمال ضد الإتحاد السوفياتي.
في “اللحظة المواتية”، لم تستبعد القيادة اليابانية إمكانية نشوب حرب على جبهتين. في هذه الحالة، كان يُعتقد أن الاتجاه الرئيسي لن يكون الجنوب، بل الشمال.
وفقًا لخطة هيئة الأركان العامة اليابانية، كان من المقرر اتخاذ قرار مهاجمة الاتحاد السوفياتي في آذار مارس، وكان من المفترض أن تبدأ العمليات العسكرية في مايو 1942.
في 10 كانون الثاني (يناير) 1942 صدر الأمر التوجيهي رقم 1073 بإرسال الوحدات المفرج عنها بعد العمليات في الجنوب إلى الجبهة الشمالية. في الأشهر الأولى من عام 1942، عززت القيادة اليابانية جيش كوانتونغ بفرقتين، مما رفع عديده إلى 1.2 مليون جندي وضابط.
(جيش كوانتونغ هو فرع من الجيش الياباني كان مؤلفاً من مجموعة جيوش ضمن الجيش الإمبراطوري في بداية القرن 20، تمركزت قيادته في منشوريا بالصين. ويعد واحدا من أكبر وأعرق الوحدات العسكرية في الجيش الإمبراطوري الياباني – المترجم).
في صيف وخريف عام 1941، نقلت القيادة السوفياتية من الشرق الاقصى نحو الغرب 12 فرقة مشاة، و5 فرق دبابات، وفرقة آلية واحدة، بإجمالي 122 ألف فرد، وأكثر من ألفي مدفع وهاون، و2209 دبابة خفيفة، وأكثر من 12 ألف سيارة، و1.5 ألف الجرارات. تكرر الوضع في صيف عام 1942، عندما شن الألمان هجومًا على الجناح الجنوبي بهدف الوصول إلى نهر الفولغا والاستيلاء على ستالينجراد. في يوليو – سبتمبر 1942، تم نقل 11 فرقة من الشرق الأقصى وسيبيريا إلى ستالينجراد.
في 20 يوليو 1942، كتب رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة، شينيتشي تاناكا، في مذكراته: “في الوقت الحاضر، من الضروري حل مسألة مبادئ قيادة الحرب ككل. على ما يبدو، في 1942-1943 سيكون من المناسب تجنب المعارك الحاسمة وشن حرب طويلة الأمد. الحرب ضد الاتحاد السوفياتي ليست مناسبة في الوقت الحاضر “. كما لم ينصح السفير الياباني في موسكو يوشيتسوغو تاتيكاوا ببدء الحرب في الشمال ضد الإتحاد السوفياتي.
لم يتفق مؤيدو تدمير الاتحاد السوفياتي مع هذا الرأي. استمروا في اعتبار هجوم هتلر فرصةً نادرة لاحتلال المناطق الشرقية من الاتحاد السوفيتي وضمها لاحقًا إلى الإمبراطورية الاستعمارية اليابانية.
قدم “معهد الحرب الشاملة” الياباني في فبراير 1942 إلى الحكومة برنامجًا استراتيجيًا للاستيلاء على المناطق الشرقية من الاتحاد السوفياتي. وذكر “في حالة نشوب حرب مع الاتحاد السوفياتي، يجب استغلال الوضع الاستراتيجي للعدو في المسارح الرئيسية للحرب وبعده عن القواعد العملياتية الرئيسية. ويجب القيام بتوجيه الضربة الأولى بأقوى ما يمكن، وتدمير القوات والتعزيزات المتاحة للعدو بسرعة، والسعي لحسم الحرب في وقت قصير، وبعد الاستيلاء على مناطق مهمة، يجب شن حرب طويلة الأمد.
كانت الخطة العملياتية للحرب ضد الاتحاد السوفياتي، التي طورتها هيئة الأركان العامة للجيش لعام 1942، ذات طابع هجومي واضح. أدلى توموكاتسو ماتسومورا، نائب رئيس أركان جيش كوانتونغ، بشهادته في محاكمة طوكيو: “أصدرت هيئة الأركان العامة تعليمات لقيادة جيش كوانتونغ بوضع خطة عمليات ضد الاتحاد السوفياتي (لعام 1942) بهدف عام هو احتلال منطقة “بريموري” الروسية وتدمير القواعد الجوية هناك. تم تحديد اتجاه الضربة الرئيسية نحو مدينة فوروشيلوف (اوسوريسك). تعليمات هيئة الأركان العامة لجيش كوانتونغ تؤكد أنه بعد احتلال بريموري، يجب ان يكون جاهزًا للعمليات اللاحقة.
بالاعتماد على نجاح الهجوم الألماني الذي بدأ في منتصف يوليو 1942 على القطاع الجنوبي من الجبهة السوفياتية من أجل اختراق الفولغا في منطقة ستالينغراد، وضعت هيئة الأركان العامة للجيش الياباني خطة مفصلة ل الحرب ضد الاتحاد السوفياتي “العملية رقم 51”. وفقًا للخطة، كان من المقرر استخدام ما مجموعه 30 فرقة مشاة في عمليات ضد القوات السوفياتية في الشرق الأقصى. كانت فكرة العملية هي تدمير الطيران السوفياتي، بما في ذلك الطيران بعيد المدى، من خلال توجيه ضربة جوية مفاجئة على المطارات، وبعد تحقيق التفوق الجوي، باستخدام قوات ثلاثة جيوش ميدانية (الجبهة الأولى) لاختراق خط دفاع القوات السوفياتية في الاتجاه الشرقي – جنوب وشمال بحيرة خانكا والاستيلاء على “بريموري”.
في الوقت نفسه، كان على قوات الجبهة الثانية (جيشان ميدانيان) عبور نهر أمور، واختراق خط دفاع القوات السوفياتية في الاتجاه الشمالي – غرب وشرق بلاغوفيشينسك، وبعد السيطرة على السكك الحديدية في مقطع Svobodny – Zavitinsk، يمكن منع وصول التعزيزات من الغرب. كان من المتوقع أن تكتمل العملية في غضون شهرين.
تم تكليف قوات جيش كوانتونغ “بالتقدم على العدو استعدادًا للحرب وخلق وضع يسمح، وفقًا لتقديرهم الخاص، بتوجيه الضربة الأولى في وقت مناسب لحل المشكلة الشمالية”.
(أي القضاء على روسيا – المترجم).
ومع ذلك، فإن خطط الاستيلاء على المناطق الشرقية من بلدنا وتحويلها إلى مستعمرة يابانية لم يكن مقدرا لها أن تتحقق. انتهت معركة ستالينغراد بهزيمة ساحقة للقوات الألمانية، واضطرت القيادة العسكرية والسياسية لليابان مرة أخرى إلى تأجيل خططها لمهاجمة الاتحاد السوفياتي. تم تأكيد تنبؤات قسم الاستخبارات في هيئة الأركان العامة اليابانية بأن الاتحاد السوفياتي لن يتراجع، وأنه في عام 1942 لن تؤتي ثمارها استراتيجية انتظار لحظة مواتية (“استراتيجية فاكهة الكاكا الناضجة”).
وبالرغم من ذلك، استمرت الحكومة اليابانية في تهديد المناطق الشرقية من الاتحاد السوفياتي بهجوم لم يسمح بنقل القوات والمعدات التي تحرس حدود الشرق الأقصى إلى الجبهة السوفياتية الألمانية.
في 15 مايو 1942، كان السفير الألماني لدى اليابان، يوجين أوت، لا يزال يأمل في الحصول على مساعدة اليابان من الشرق، أبلغ برلين: “… تفكر الحكومة اليابانية دائمًا في توسيع الاستعدادات العسكرية (ضد الاتحاد السوفياتي) … وكذلك من أجل إبقاء قوات روسيا السوفياتية في الشرق الأقصى، والتي يمكن أن تستخدمها في الحرب مع ألمانيا.
لم يكن “ميثاق الحياد” هو الذي منع القيادة اليابانية من مهاجمة الاتحاد السوفياتي، كما يدعي المؤرخون اليابانيون اليمينيون وبعض مؤيديهم في بلادنا. تم إحباط الخطط اليابانية العدوانية من قبل المدافعين الأبطال عن موسكو ثم ستالينغراد.
(ميثاق الحياد بين الاتحاد السوفياتي واليابان هي معاهدة تم توقيعها في موسكو في 13 أبريل 1941. سمح الاتفاق للاتحاد السوفياتي بتأمين حدوده الشرقية في حالة حدوث صراع مع ألمانيا. أصبحت اليابان حرة في وضع خطة للحرب في شرق آسيا الكبرى ضد الولايات المتحدة وبريطانيا – المترجم).
هذا ما لا ينكره المؤرخون العسكريون اليابانيون المعاصرون. يعترفون: “كانت العلاقات بين اليابان وألمانيا النازية قائمة على هدف مشترك – سحق الاتحاد السوفياتي… اعتقدت وزارة الحرب أن اليابان يجب أن تساهم في النجاحات العسكرية للجيش الألماني… كان الالتزام بالاتفاق الثلاثي (المقصود اتفاق دول المحور عام 1940 الذي يضم ألمانيا، ايطاليا واليابان-المترجم) مفهوماً كرغبة في عدم التنازل لإنجلترا والولايات المتحدة، لكبح جماح قواتهما في شرق آسيا، وإبقاء القوات السوفياتية في الشرق الأقصى، واستغلال اللحظة المناسبة لهزيمتها”.
هزيمة جيوش هتلر في ستالينجراد، أقنعت الساسة والجنرالات اليابانيين بأن اللحظة التي يسقط فيها الاتحاد السوفياتي، مثل “فاكهة الكاكا الناضجة”، لن تأتي.
توصل مؤلفو موسوعة “التاريخ الرسمي الياباني للحرب في شرق آسيا الكبرى” الذين يزيد عددها عن مائة مجلد إلى الاستنتاج:
“الاتحاد السوفيتي، بينما كان يخوض حربا شرسة ضد ألمانيا، فقد حافظ في الشرق الاقصى على قوة تعادل جيش كوانتونغ الياباني. لقد اتاح له ذلك تحقيق أهدافه – الدفاع عن الشرق وتجنب الحرب مع اليابان.
كان العامل الرئيسي هو أن الاتحاد السوفياتي، الذي يمتلك أرضًا شاسعة وعددًا كبيرًا من السكان، أصبح قوة اقتصادية وعسكرية قوية بفضل الخطط الخمسية لتطوير الاقتصاد في سنوات ما قبل الحرب”.
اعتراف مميز. إنه من الجدير تذكره اليوم.
(2)
زحف باولوس إلى الشرق، لكنه استسلم في ستالينغراد…
ألكسندر بريلوكوف، كاتب وباحث روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
31/01/2023
“لا أحد يستطيع هزيمة الشعب الروسي!”
قبل 80 عامًا بالضبط، في 31 يناير 1943، استسلم المارشال فريدريك باولوس في ستالينجراد. في الطابق السفلي من متجر كبير وبدون زي المارشال الميداني وعصاة المارشالية. لم يكن لديهم الوقت لخياطة البزة له. وضع هتلر العصا على نعش فارغ في جنازة رائعة للمارشال باولوس، الذي كان يُزعم أنه مات في ستالينجراد…
في 2 فبراير 1943، انتهت معركة ستالينجراد.
و في11 فبراير 1946 سيكون باولوس في نورمبرغ، في قاعة انعقاد المحكمة العسكرية الدولية كشاهد للادعاء. كان شاهداً على خطط وجرائم ألمانيا النازية وأتباعها فيما يتعلق بالاتحاد السوفياتي.
سيتوفى باولوس في 1 فبراير 1957 – في اليوم السابق للذكرى الرابعة عشرة لهزيمة قوات هتلر على يد الجيش الأحمر في معركة ستالينجراد. نجح القائد الألماني في كتابة بعض ذكرياته: “لم يكن الشرق هو الذي هدد هتلر، لكن هتلر هدد الشرق!”
خلال الحرب العالمية الثانية، قاتل المارشال المستقبلي (الذي سيقع في الأسر الروسي) في بولندا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وجهز عملاء هتلر في رومانيا والمجر وفنلندا، ثم قاتل على أراضي الاتحاد السوفياتي.
كتب في رسالة إلى الحكومة السوفياتية في 24 أكتوبر 1953 (لدى إطلاق سراحه من الأسر حيث توجه الى ألمانيا الشرقية وعاش فيها حتى وفاته-المترجم)، “قبل أن أغادر الاتحاد السوفياتي، أود أن أخبر الشعب السوفياتي أنني أتيت إلى بلدهم في طاعة عمياء كعدو، وأنا الآن أغادر هذا البلد كصديق له “.
قبل سنوات قليلة من وفاته، طلب العفو من أهل ستالينجراد.
في هذا الصدد، سأقتبس كلمات لودميلا أوفشينيكوفا، التي نجت من شتاء الحرب لعام 1941/1942 عندما كانت طفلة في ستالينجراد بينما مات أربعة عشر من أقاربها.
في عام 2013، كتبت: “اعتذار باولوس تم فقط لأن مقاتلينا حاصروه في النهاية في قبو المتجر في ستالينجراد وأجبروه على الاستسلام. وإلا فإن هذا القائد كان سيبذل كل جهوده لتنفيذ خطة “بربروسا” الوحشية. لاحقًا، بعد عودته من الأسر، كرر أكثر من مرة: “لا أحد يستطيع هزيمة الشعب الروسي!”
تم أسر المارشال من قبل قوات الجيش 64 بقيادة شوميلوف، على وجه الخصوص، الملازم أول إيلشينكو، ثم اللفتنانت كولونيل فينوكور ثم تم نقل الأسير إلى قائد جبهة الدون روكوسوفسكي. تم أسر أكثر من 100.000 جندي نازي، بما في ذلك 2500 ضابط و 24 جنرالًا.
كانت أوروبا بأكملها في المرجل – الألمان والرومانيون والمجريون والكروات والإيطاليون…
* * *
لماذا تتطلب حقيقة القبض على المارشال باولوس وأسر ما تبقى من قوات هتلر في ستالينجراد التحديث؟
لأن الغرب وأوروبا نسوا دروس الحرب العالمية الثانية. لأن التاريخ يعاد كتابته. لأنه في 2 فبراير 2023، سنحتفل بالذكرى الثمانين لنصرنا المؤزر في معركة ستالينجراد، والتي من الواضح أنهم لن يتذكروها في الغرب. بعد كل شيء، لم تتم دعوة وفد روسيا إلى الاحتفال المتعلق بالذكرى 78 لتحرير معسكر اعتقال أوشفيتز النازي من قبل الجيش الأحمر عام 1945. (الاحتفال يقام في بولندا-المترجم).
لا يتم تكريم الْمُحَرِّرِين. وكما قالت وزيرة الخارجية الألمانية بيربوك: “نحن في حالة حرب مع روسيا”.
وتعهد أولئك الذين يشنوا الحرب علينا بتزويد نظام كييف النازي بدبابات أبرامز وليوبارد وتشالينجر لقتل الروس.
في هذه الأثناء، منذ 24 فبراير 2022، تقوم روسيا بعملية عسكرية خاصة في أوكرانيا. بادئ ذي بدء، لوقف الإبادة الجماعية في دونباس، على غرار تلك التي نفذتها ألمانيا وعملائها في 1941-1944 في الأراضي السوفياتية المحتلة.
من الضروري أيضًا تحديث حقيقة القبض على باولوس فيما يتعلق باعترافه: “لم يكن الشرق هو الذي هدد هتلر، لكن هتلر هدد الشرق!”. في بداية الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، في 22 يونيو 1941، وجه هتلر نداءً إلى الشعب الألماني (قرأه جوبلز). وجاء في النداء أن “الشعب الألماني لم يُكِنُّ أبدًا مشاعر معادية تجاه شعوب روسيا”، لكن “السلطات اليهودية البلشفية في موسكو تحاول إشعال النار ليس فقط في ألمانيا، ولكن في جميع أنحاء أوروبا”، “لفرض سيطرتها على شعوبنا والشعوب الأوروبية الأخرى”.
واليوم في الغرب يقولون إن شعوب روسيا ليست هي التي تهدد أوروبا وحلف الناتو، بل القيادة الروسية. ومع ذلك، فإن هذا “الحب” لشعوب الإتحاد السوفياتي وروسيا لم يمنع هتلر من شن حرب لتدمير شعوب روسيا السوفيتية، كما لم يمنع الفراو الألمانية من الإعلان من منصة أوروبية عالية أن الناتو وأوروبا ” تشن حرب ضد روسيا “، متناسين القول ان ذلك يتم – بمساعدة النظام النازي في أوكرانيا.
* * *
في 11 فبراير 1946، في جلسة محكمة جرائم الحرب في بوتسدام، تحدث باولوس عن حقائق لا جدال فيها تشهد على استعدادات ألمانيا للحرب ضد الاتحاد السوفياتي، وليس عن الإجراءات “الوقائية” التي اتخذتها ألمانيا ردًا على العدوان السوفياتي المزعوم. في 12 فبراير / شباط، استجوبه محامو المجرمين النازيين الجالسين على المنصة. ولم تشكك المحكمة في شهادة باولوس.
دعونا نحدد المحتوى الرئيسي لشهادة باولوس، بناءً على نص محاضر اجتماعات المحكمة العسكرية الدولية في 11 و12 فبراير / شباط 1946.
باولوس، بصفته مصمم خطة “بربروسا” (الاسم الذي أطلقه هتلر على خطة غزو روسيا عام 1941 – المترجم)، ادعى أن جميع المواد التحضيرية للخطة التشغيلية لمهاجمة الاتحاد السوفياتي قد تم جمعها في برلين بحلول سبتمبر 1940. وشهد قائلاً: “أمرني رئيس أركان القوات البرية، العقيد الجنرال هالدر، بمواصلة تطوير هذه الخطة”. التخطيط لحرب عدوانية مستقبلية “، و” 18 ديسمبر / كانون الأول عام 1940، أصدرت القيادة العليا لجيش هتلر الأمر التوجيهي رقم 21. وكان هذا الامر هو الأساس لجميع الاستعدادات العسكرية والاقتصادية للحرب.
قدم باولوس، في شهادته، تغطية كاملة لسياسة برلين تجاه يوغوسلافيا، وإعداد أراضي رومانيا وفنلندا والمجر للحرب مع روسيا السوفيتية، وتزويدهم بالأسلحة للمشاركة في الحرب لصالح ألمانيا.
أشار باولوس إلى أن الخطة العملياتية للحرب مع روسيا السوفيتية لم تكن تدبيرًا وقائيًا لألمانيا: “… ثم لم يُعرف أي شيء عن أي استعدادات من جانب روسيا”، معلومات “حول النوايا العدوانية للاتحاد السوفياتي، لم تأت من المخابرات “. كما وصف الإجراءات الألمانية لـ “خداع العدو” لأنه، على حد قوله، “لم يكن هناك خوف من أن يحاول العدو فجأة عبور الحدود”.
اعترف باولوس عدة مرات بأنه كان يجري الإعداد لـ “هجوم إجرامي”، و “عمل إجرامي”. حسب اعتقاده فان الهدف من الحرب مع الاتحاد السوفياتي “يميز السياسة العدوانية لهتلر والقيادة النازية التي لا تعرف حدودًا”.
* * *
لا تزال ذات صلة إجابات باولوس على أسئلة حول: “لماذا، مع العلم بالطبيعة الإجرامية لخطط هتلر، لم يفعل شيئًا للاحتجاج، سواء أثناء تطوير الخطة أو أثناء قيادة الجيش السادس؟”
هذا اقتباس من نص استجواب باولوس في 12 فبراير 1946:
“نيلتيه (المحامي المدافع عن كيتل): إذن أنت وهالدر تعرفان مثل هذه الحقائق التي تصف الحرب ضد روسيا بأنها هجوم إجرامي، ومع ذلك، لم تفعل شيئًا ضدها؟
باولوس: نعم.
نيلتيه: بمعرفة كل هذه الحقائق، هل توليت قيادة الجيش الذي تم إرساله إلى ستالينجراد؟ أخبرني، هل فكرت يومًا في تجنب استغلالك في أعمال وصفتها بأنها إجرامية؟
باولوس: فيما يتعلق بالوضع الذي كان قائماً آنذاك في الجيش، وأيضاً فيما يتعلق بالدعاية الهائلة التي حدثت في ذلك الوقت، كنت أعتقد، مثل كثيرين آخرين، أنه يجب أن أؤدي واجبي تجاه وطني.
نيلتيه: لكنك عرفت الحقائق التي تناقض مفهوم الواجب هذا، أليس كذلك؟
باولوس: تلك الحقائق التي أصبحت واضحة لي فيما بعد بفضل ما كان عليّ أن أراه كقائد للجيش السادس، والتي بلغت ذروتها في معركة ستالينجراد، قادتني لاحقًا إلى إدراك أن هذه كانت أعمالًا إجرامية، لأنني قبل ذلك لم يكن لدي سوى فكرة مبتورة عن الوضع الفعلي للأمور.
نيلتيه: إذن يجب أن أعتبر تعريفك لـ “الهجوم الإجرامي” بالإضافة إلى التعريفات الأخرى لمروجي الحرب على أنها تعريفات جاءت إليك لاحقًا؟
بولس: نعم.
نيلتيه: أستطيع أن أقول إنه على الرغم من الشكوك وعلى الرغم من حقيقة أنك تعرف الحقائق التي في ضوءها كانت الحرب ضد روسيا إجرامية، فقد اعتبرت، من منطلق الطاعة، أنه من الضروري أداء واجبك، وتولي قيادة الجيش السادس وإبقائه بالقرب من ستالينجراد حتى الرمق الأخير؟
باولوس: سبق وقلت إنني عندما توليت القيادة لم أتخيل الحجم الكامل للجرائم المرتبطة ببدء هذه الحرب وشنها، ولم أستطع تخيلها. أدركت هذا فقط عندما أصبحت قائدًا للجيش الذي تم توجيهه نحو ستالينجراد.
* * *
سيكون من الجيد لو تمت قراءة مواد محكمة نورمبرغ، بما في ذلك شهادة باولوس، من قبل بايدن وماكرون وشولتس وبيربوك وبوريل وجونسون ووالاس ومورافيتسكي وزيلينسكي وكوليبا وريزنيكوف وزالوجني وساسة البغاء البلطيقيين… لأنه مع الكم الهائل من المعلومات، لا يمكن أن يكونوا غير مدركين للأسباب والعواقب الحتمية للنزاع المسلح الذي أطلقه الغرب على أراضي أوكرانيا.
إنني متشكك للغاية في حقيقة أن باولوس، كما يقولون، لم يمثل حجم جرائم الألمان النازيين وحلفائهم خلال الحرب ضد الشعب السوفياتي.
ربما لم يكن المواطن العادي يعرف هذا “فيما يتعلق بالدعاية الهائلة التي حدثت في ذلك الوقت”. ومع ذلك، لم يسعه إلا أن يعرف هذا – هو نائب رئيس الأركان العامة للقوات البرية الألمانية (من يونيو 1940 إلى ديسمبر 1941)، ثم قائد جيش الفيرماخت السادس (من 1 يناير 1942 إلى 31 يناير 1943). بالمناسبة، الجيش السادس، المعروف بفظائعه وجرائمه في عام 1941 على أراضي الاتحاد السوفياتي (في كييف وخاركوف).
لا شك أن القادة الحاليين والفوهررز في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وحلف الناتو والاتحاد الأوروبي – على أراضي أوكرانيا يعرفون الواقع الحقيقي، بما في ذلك الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها الجماعات النازية الأوكرانية والمرتزقة والمستشارون ورجال الأعمال الذين توافدوا لمساعدة كييف – على مدى السنوات التسع الماضية (ناقصة ثلاثة أسابيع).
يبدو أن القادة الحاليين والفوهرر على يقين من أن أفعالهم لن تضطرهم للإختباء في الأقبية. بعد كل شيء، لم يفكر المارشال باولوس أيضًا ولم يخطط لإنهاء حربه كقائد ميداني في الطابق السفلي (او كما يقولون عندنا في طابق التسوية تحت الأرض – المترجم) …
وتستمر أوروبا في “تدعيم السلام”. صَوَّتَ البرلمان الأوروبي لصالح قرار دعا فيه إلى إنشاء محكمة دولية خاصة للتحقيق في “جرائم روسيا في أوكرانيا”.
في أوروبا والولايات المتحدة، المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ لا يتذكرها أحد. لأنهم يعرفون: تم إنشاؤها من قبل الدول المنتصرة بمبادرة من ستالين، على الرغم من أن الأنجلو ساكسون أرادوا أن يفعلوا ذلك بشكل مختلف. يعتقد تشرشل أنه “سيكون من الأفضل إطلاق النار على المجرمين الرئيسيين بمجرد القبض عليهم”، واقترح روزفلت “التأكد من القضاء على خمسين ألف ضابط ألماني بروسي”.
هؤلاء هم الأنجلو ساكسون…
(3)
ستالينجراد: “تقرر هنا بداية نهاية العدو”
ألكسندر بريلوكوف، كاتب وباحث روسي
تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف
2/2/2023
بالنسبة للشعب السوفيتي، أصبحت ستالينجراد رمزًا للشجاعة والنصر، ففي أغسطس 1942، كُتِبَت قصيدة وطُبعت على منشورات، يمكن أن يُحاسب كاتبها على إفشاء أسرار (الدولة) العسكرية. كانت “محادثة نهر الفولغا مع نهر الدون” تدور حول حقيقة أن العدو بالقرب من ستالينجراد سيتم تطويقه وهزيمته: “العدو لن يترك الحلبة / ستوضع البداية هنا / نهاية العدو”.
أثناء معركة ستالينجراد. في 28 يوليو، صدر الأمر الصادر عن مفوض الدفاع الشعبي للاتحاد السوفياتي رقم 227 “لا خطوة للوراء!”.
في 23 أغسطس، دمر الألمان المدينة على نهر الفولغا التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 550 ألف شخص بقصف مركز. كان الوضع متوتراً للغاية. تم اتخاذ القرار المبدئي للقيادة السوفيتية للتحضير لعملية هجومية “أورانوس” في 13 سبتمبر 1942. فقط ستالين، جوكوف وفاسيليفسكي كانوا على إطلاع.
وهنا تأتي قصيدة بفكرة عملية استراتيجية. يتذكر المؤلف لاحقًا: “في هذا الوضع الكارثي، لم نر أي مخرج آخر – النصر فقط هو الذي يمكن أن ينقذ البلد، والجبهة، وعائلاتنا، وكل واحد منا. كيف ومتى سيأتي النصر، لم يعرف أحد. لقد فهموا وشعروا وأحسوا بكل خلية وبكيانهم الكامل – من المستحيل، ولا يمكن تصور السماح للعدو بعبور نهر الفولغا”.
في 25 سبتمبر، نشرت صحيفة كومسومولسكايا برافدا قصيدة “محادثة…”. في 19 نوفمبر، بدأ الهجوم المضاد للجيش الأحمر بالقرب من ستالينجراد. في 24 نوفمبر، نُشرت هذه القصيدة عن النصر في البرافدا. لكن (الشاعر) يفغيني دولماتوفسكي مع ذلك كان عليه تحمل “المسؤولية”. في 29 يناير 1943، قبل نهاية معركة ستالينجراد بثلاثة أيام، حصل على وسام النجمة الحمراء.
* *
استمر الهجوم الألماني من 17 يوليو إلى 18 نوفمبر 1942. بدأت الهجوم مجموعة من القوات الألمانية وحلفائها يزيد عددهم عن 430 ألف شخص في ستالينجراد. على الرغم من الخسائر الفادحة، بحلول نوفمبر 1942، تركز في منطقة ستالينجراد أكثر من 987 ألف جندي وضابط من ألمانيا (> 400 ألف) وإيطاليا (220 ألف) والمجر (200 ألف) ورومانيا (143 ألف)، فنلندا (20 ألف)، كرواتيا (4 آلاف).
تشكلت جبهة ستالينجراد (من ناحية روسيا) في 12 يوليو 1942 على أساس القيادة الميدانية لقوات الجبهة الجنوبية الغربية. كان عدد قوات الجيش الأحمر المشاركة في معركة ستالينجراد بحلول الوقت الذي بدأ فيه الهجوم النازي – 386 ألف شخص. تكبدت القوات خسائر فادحة، ولكن بحلول نوفمبر 1942، ارتفع عدد مجموعة ستالينجراد إلى 780 ألف شخص.
في 2 فبراير 1943، تكللت معركة ستالينجراد بالنصر. من جانب الجيش الأحمر، قدمت عروض لجميع قوات العدو المحاصرة لوقف المقاومة غير المجدية، وإلقاء أسلحتهم والاستسلام في ديسمبر 1942، ثم في 8 و24 يناير 1943. فقط بعد ذلك بدأ “تفتيتهم” و “تدميرهم”. تمكن ما يزيد قليلاً عن 100 ألف جندي وضابط من قوات العدو من البقاء على قيد الحياة ووقعوا في الأسر.
قبل بضع سنوات، تم الإشادة بتلميذ من “اورنغوي” (بلدة قطبية روسية – المترجم) في البرلمان الألماني لتحدثه عن المعاناة على قبور “الموتى الأبرياء” الذين تم أسرهم “فيما يسمى مرجل ستالينجراد” الذين “أرادوا العيش في سلام ولم يريدوا الحرب.” ذهب التلميذ وموجهوه إلى أبعد من باولوس. لم يدعي المارشال الأسير أن لا أحد يريد القتال.
بعد ستالينجراد، أدرك أن ألمانيا وحلفاءها قد ارتكبوا “عملًا إجراميًا” بمهاجمة روسيا السوفيتية.
في عام 1943، كانت هزيمة ألمانيا في ستالينجراد بداية النهاية. لكن في يناير 1943 كانت أوروبا كلها تقريبًا تعمل لصالح هتلر، وكانت نقطة التحول الجذرية في الحرب الوطنية العظمى بعد معركة كورسك (أكبر معركة للدبابات في التاريخ 5 يوليو تموز – 23 أغسطس اب 1943 – المترجم)، ولم تنتقل المبادرة الاستراتيجية إلى الاتحاد السوفياتي إلا في يوليو وأغسطس 1943.
في معركة ستالينجراد، خسرت ألمانيا 32 فرقة و3 ألوية بكامل قواتها. تم تدمير الجيشين السادس والرابع المدرع الألمانية، والجيش الإيطالي الثامن، والجيش الروماني الثالث والرابع، وتم القضاء على 22 فرقة من رومانيًا و10من إيطاليًا و10 فرق مجرية وفرقة كرواتية.
بعد ستالينجراد – إيطاليا، رومانيا، المجر، فنلندا، اليابان وتركيا، بدأت في إعادة النظر في خططها للمشاركة في الحرب ضد روسيا السوفيتية.
تحركت الولايات المتحدة وبريطانيا، و في يوليو بدأت قواتهما الأعمال الحربية في أوروبا القارية (الإنزال في صقلية).
في مؤتمر طهران (28 نوفمبر – 1 ديسمبر 1943) اضطر روزفلت وتشرشل بإعطاء ستالين وعد بفتح جبهة ثانية في فرنسا في موعد أقصاه مايو 1944. لم يقبل ستالين خيار البلقان (خيار تشرشل)، ودعم روزفلت الزعيم السوفياتي.
* *
بالنسبة للشعب السوفيتي، أصبحت ستالينجراد رمزا للشجاعة والنصر. بالنسبة لألمانيا، كما كتب بعض المؤرخين الألمان، كان يُنظر إلى الهزيمة في ستالينجراد لسنوات عديدة على أنها مأساة وطنية. بعد نصف قرن فقط، أدركت ألمانيا أن الهجوم على الاتحاد السوفياتي كان جريمة. في مايو 1985، فعل ذلك الرئيس الألماني فايتسيكار، وتطرق إلى موضوع الخلاص: “يجب علينا جميعًا، مذنبين وأبرياء، صغارًا وكبارًا، أن نقبل الماضي. كل أولئك الذين يغمضون أعينهم عن الماضي هم عميان عن الحاضر “. بحلول منتصف الثمانينيات، كان الألمان ينظرون إلى ستالينجراد على أنها مأساة وحزن شخصي لعائلات القتلى، الذين سعوا لتدمير الروس في معركة نهر الفولغا.
في يونيو 2021، زار الرئيس الألماني شتاينماير المتحف الألماني الروسي “برلين كارلسهورست” وألقى خطابًا استمر نصف ساعة عشية الذكرى الثمانين لهجوم ألمانيا النازية على الاتحاد السوفياتي. شهد الخطاب على حقيقة أن قيادة ألمانيا الحالية تعرف بالتفصيل حجم الجرائم التي ارتكبها الألمان خلال سنوات الحرب. وأشار شتاينماير: “منذ الأيام الأولى، كان هجوم القوات الألمانية مدفوعًا بالكراهية: معاداة السامية ومعاداة البلشفية، والجنون العنصري ضد الشعوب السلافية والآسيوية في الاتحاد السوفياتي. أولئك الذين شنوا هذه الحرب قتلوا الناس بكل الطرق الممكنة، وأظهروا القسوة والفظائع التي لم يسبق لها مثيل من قبل. قدم تفاصيل محددة…
اليوم، على خلفية حقيقة أن ألمانيا قررت وضع دبابات “ليوبارد” في حلبة الصراع في أوكرانيا، من اللافت للنظر أنه في عام 2021 حث شتاينماير الألمان على زيارة ساحات القتال التي لا تُنسى على أراضي بيلاروسيا وأوكرانيا وروسيا: ” أود بشدة ان يقوم الشباب بزيارة تلك الأماكن المنسية في شرق قارتنا تمامًا كما يأتي الناس إلى النصب التذكارية للحرب العالمية الثانية في الغرب “.
في خطاب ألقاه شتاينماير في عام 2021، تم الإعراب عن اعتراف آخر: “حقيقة أنه بعد كل ما حدث، يشعر الألمان اليوم في هذه الأماكن بالذات بضيافة سكان بيلاروسيا أو أوكرانيا أو روسيا، وأنهم…يلاقون ضيوفهم مع قلب طيب – كل هذا لا يمكن أن يطلق عليه أي شيء سوى معجزة “.
لماذا تريد ألمانيا والغرب مرة أخرى تدمير حاملي هذه المعجزة وروسيا – العمود الفقري لها؟ لماذا اليوم، بدلاً من زيارة الأماكن التي لا تُنسى، يتم توريد الدبابات الألمانية والأسلحة الألمانية للنظام النازي في أوكرانيا؟ هل تعاني القيادة الألمانية من فقدان الذاكرة؟ اتضح أن هذا ليس السبب.
قبل أيام، قال المستشار الألماني أولاف شولتس: “نحن نتخذ قرارات يتم تقييمها دائمًا والاتفاق عليها على المستوى الدولي”…
* *
أثناء الهجوم المضاد في معركة ستالينجراد، نفذت القيادة السوفياتية أيضًا إجراءات يمكن أن تعتبر بالنسبة للغزاة معجزة – للبقاء على قيد الحياة. مرة أخرى، أذكر أنه في ديسمبر 1942 ومرتين في يناير 1943، عرضت القيادة السوفياتية على المجموعة المعادية (المحاصرة) وقف المقاومة وإلقاء أسلحتها والاستسلام. ولكن لم يكن الأعداء يريدون معجزة. لذلك، تم تفتيت المجموعة وتدميرها، وتم أخذ البقية أسرى.
في فولغوغراد، يتضح حجم انتصار الشعب السوفياتي على نهر الفولغا من خلال المعروضات الموجودة في متحف ومحمية “معركة ستالينجراد”. هنا يتم جمع أكثر من 7 آلاف معروض تم اهداؤها للمدينة من قبل وفود من 65 دولة في أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا. بعد الانتصارات في موسكو و ستالينجراد، نمت هيبة الاتحاد السوفياتي بشكل لا يصدق (في عام 1945، كان لدى 42 دولة علاقات دبلوماسية مع روسيا السوفيتية، في 1941 – 26). يضم المتحف أيضًا “سيف ستالينجراد” لملك بريطانيا العظمى. في عام 1943، قرر الملك جورج السادس ملك بريطانيا العظمى تقديم “سيف الفرسان الكبير” كهدية للمدينة. تم تزيينه بالنقوش الروسية والإنجليزية:
“Гражданам Сталинграда
Крепким как сталь
От короля Георга VI
В знак глубокого восхищения британского народа”
“إلى مواطني ستالينجراد
الاقوياء كالصلب
من الملك جورج السادس
عربون اعجاب عميق من الشعب البريطاني “.
To the steel-hearted
citizens of Stalingrad
The gift of King George VI In token of homage of the British people.”
“إلى مواطني ستالينجراد أصحاب القلوب الفولاذية
هدية الملك جورج السادس
تكريما من الشعب البريطاني “.
صُنع “سيف ستالينجراد” يدويًا بواسطة حرفيين من مدينة كوفنتري – مدينة دمرها القصف الألماني عام 1940. وفي عام 1944، تم توقيع اتفاقية حول الصداقة والتعاون بين ستالينجراد والإنجليزية كوفنتري.
أقيم الاحتفال الرسمي لتقديم السيف في 29 نوفمبر 1943 في طهران خلال لقاء ستالين، روزفلت وتشرشل – قادة دول التحالف المناهض لهتلر. كما قدمت ملكة بريطانيا هدية خاصة للمدينة – مقسم تليفوني ل 10 الاف رقم. تم التبرع بستة مستشفيات من إنجلترا من خلال جمعية ستالينجراد للإغاثة…
والآن يتم توريد الأسلحة الفتاكة من بريطانيا العظمى إلى الفضاء السابق لروسيا السوفياتية. في عام 2020، كان البريطانيون في “الفناء الخلفي لروسيا” يتدربون بالفعل على عمليات إنزال القوات…
_________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….