عن دور الملك حسين في حرب حزيران 1967، حسين الربيعي

19 نيسان ابريل 2023

عن أفشاء الملك الاردني حسين بن طلال موعد الحرب العربية التي اشتركت فيها جيوش الجمهورية العربية المتحدة والجمهورية العربية السورية والجيش الاردني ودول عربية اخرى إلى رئيس وزراء “اسرائيل” انذاك ..

مما تسبب في توجيه الضربات الجوية “الأسرائيلية” المطارات الحربية والقواعد والاسلحة المضادة التابعة للجيش المصري والجيش السوري وتكون القوات العسكرية للجيشين بدون غطاء جوي، ويكون العمق الاستراتيجي للبلدين معرضين لهجمات الطائرات والصواريخ المعادية دون صد او مواجهة .. وهذا ما ادى لحدوث النكسة العسكرية في حرب حزيران 1967، وقد كان الجيش الاردني شريكا في تلك الحرب وفق الخطة العربية للقوات العربية المشتركة .

وهذا لم يحدث في حرب تشرين اكتوبر 1973, حيث كانت خطة الحرب وضعت ونفذت بين القيادتين العسكريتين المصرية والسورية فقط .. وأذكر ان الاتفاق بين القيادتين السياسيتين أنذاك كتم الخطة والموعد عن الملك حسين بناءا على افتضاح امر أفشائه لموعد تنفيذ خطة حرب حزيران يونيو 1967 إلى جولدا مائير .. وهذا وحده يكذب ما يروجه بعض المنصات الاعلامية بأن الملك حسين اخبر جولدا مائير عن موعد وخطة حرب تشرين اكتوبر .. علما ان الأردن استبعد من المشاركة في هذه الحرب بناءا على ما تاكد من حقيقة ابلاعه الصهاينة موعد حرب حزيران والذي تسبب بحدوث النكسة او الهزيمة العسكرية .

ومن الادلة عن تورط وخيانة الملك حسين وأفشائه اسرار التوقيتات والتحضيرات العربية للحرب .. جاء في كتاب “نورزاد الساطي” ارملة “الامير زيد بن شاكر” في كتابها “زيد بن شاكر .. من السلاح إلى الانفتاح :

“قبل يومين من الحرب، زار “الحسين” قوات أردنية في الضفة الغربية” وتابعت “وقال للضباط والجنود : إن وقعت الحرب، الله لا يمتحننا، لأننا غير قادرين وغير مستعدين لمواجهة إسرائيل في الظرف الذي نحن فيه، ولأن النتائج ستكون عكس ما نأمل وعكس ما … الخ”

ان طبيعة هذا الخطاب واضحة بما كان في ذهن الملك حسين، وهو لا ينفع ان يكون لزعيم دولة مع قواته العسكرية وهي على ابواب حرب قادمة .

ومن الفقرات والمعلومات المهمة التي وردت في كتاب ارملة الامير زيد بن شاكر المعلومة التالية :

“في 30 مايو (أيار)، أي قبل الحرب بأيام قليلة، اتخذ الحسين قراره الحاسم بالسفر إلى مصر للقاء عبد الناصر، مع وفد رسمي رفيع المستوى يتشكل من رئيس الوزراء سعد جمعة، ووزير الخارجية أحمد طوقان، ورئيس هيئة الأركان عامر خماش، وقائد سلاح الجو الملكي صالح الكردي. فالتقوا بعبد الناصر، حيث مازح الحسين بقوله: «بما أن الزيارة سرية يمكنني أن أعتقلك؟ فأجاب الحسين: لم أفكر في هذا الأمر».

خلال اللقاء سأل الحسين عبد الناصر إن كان مستعداً للمواجهة وجاداً في قرار الحرب إذا وقعت، وأعرب الحسين عن خشيته على مصير القدس، فكان جواب عبد الناصر، كما نقله عامر خماش لاحقاً لزيد: «ح ادكاها لك» (سوف أدك القدس) من القاهرة. ولإظهار وقوفه المفصلي إلى جانب العرب في المواجهة، فاجأ الحسين عبد الناصر بطلبه توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين، شبيهة بالمعاهدة المصرية – السورية، والتي تم فعلاً استبدال كلمة الأردن بدلًا من سوريا، ووقع عليها الحسين وعبد الناصر.

كذلك، طلب الحسين من عبد الناصر إرسال عبد المنعم رياض معه إلى الأردن ليقود الجبهة الأردنية، وليكون مسؤولاً عن القوات الأردنية والقوات العربية المتوقع قدومها من العراق والسعودية، ولأن العلاقات كانت متوترة بين الأردن ومصر على خلفية طرد الأردن لأحمد الشقيري (رئيس منظمة التحرير الفلسطينية) بعد شعور الحكومة بالضيق من تصرفات قادة المنظمة خلال وجودهم في الأردن، فقد طلب عبد الناصر من الشقيري القدوم إلى الاجتماع ولقاء الحسين لإزالة الاحتقان بينهما، بل وتوسط لدى الحسين لاصطحاب الشقيري معه بالطائرة في رحلة العودة إلى عمّان، بالإضافة إلى عبد المنعم رياض .

بقي سؤال المليون الذي ما زال جدلياً في الأوساط الأكاديمية، والسياسية والعسكرية، يتمثل بالأسباب التي دفعت الحسين إلى الدخول بالحرب، والإقدام على تلك الخطوة الحاسمة؛ زيارة عبد الناصر وتوقيع المعاهدة، ثم دخوله الحرب لاحقاً إلى جانب القوات العربية الأخرى، رغم خشيته من غلبة الجانب العسكري الإسرائيلي، ومن عدم جدية استعداد العرب وغياب التخطيط الاستراتيجي عنهم .”

وجاء ايضا في كتاب ارملة الامير :

فمسلسل الأحداث التي وقعت منذ عام 1958 وحتى عام 1967، دفع الحسين إلى المبالغة في إظهار وقوفه إلى جانب عبد الناصر عندما بدأت إرهاصات حرب 1967 بالظهور. كان الحسين يتخوف من نتائج مثل هذه الحرب في حال وقوعها، ولا سيما إن لم يشارك فيها، فبادر إلى زيارة عبد الناصر وتوقيع اتفاقية الدفاع المشترك معه، رغم ظنه أنها ستكون حرباً خاسرة. كما أن الاتهامات للأردن وإفقاد الثقة به عربياً (من قبل أحمد سعيد في «صوت العرب» وغيرها من وسائل الإعلام المصرية)، هي ما دفعت الحسين إلى الطلب من عبد الناصر إرسال قائد عسكري مصري (عبد المنعم رياض) ليتولى قيادة العمليات من الأردن. وقد عبّر الحسين عن ذلك صراحة في لقائه مع عبد الناصر، بقوله له إن القيادة المصرية تتهم الأردن وقيادته، وهو لذلك يريد قائداً مصرياً ليرى كيف نخوض المعركة.

ورغم أن الوقت أظهر نجاح سياسات الحسين في مقابل فشل سياسات عبد الناصر، والزمن هو أكبر حكم، فإنه يظل أكثر ما يحز في النفس – لدى زيد وأنا – ما واجهه الحسين من صعوبات ومعاناة لإثبات مصداقيته. فعقب الانقلاب في العراق، بلغ الحد بعبد الناصر أن يشتم والدة الحسين، جلالة الملكة زين الشرف، في أحد خطاباته، بالتزامن مع الحملات الإعلامية غير المنقطعة، التي كانت تصف الحسين بأنه «من أذناب الاستعمار».”

ومن الدلائل الاخرى عن دور الملك حسين ضمن علاقته مع الكيان الصهيوني، كشفت صحيفة “معاريف” الصهيونية عن العلاقات السرية “المباشرة” التي تربط الملك حسين بجهاز المخابرات الإسرائيلية .. ذكرت الصحيفة في مقال كتبه “يوسي ميلمان” الذي يوصف بأنه أحد اهم الصحفيين ومحللي الامن “القومي الإسرائيلي” .. بأن “اللقاء الاول تم في 1963 بين الملك حسين ويعقوب هرتسرغ نائب مدير مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أنذاك، في منزل طبيب في لندن بهدف “تنسيق المواقف” .. لا تعليق على هذه المعلومة فهي كافية جدا .

ومن أهم الكتب التى صدرت حديثا وألقت الضوء على دور الملك حسين أثناء حرب يونيه 1967 ذلك الكتاب الذى صدر حديثا عن دار نشر “بالانتاين بوكس” الإنجليزية ونشر على مواقع الكتب على شبكة الإنترنت تحت عنوان” 6 أيام من الحرب: يونيه 1967 وتشكيل الشرق الأوسط الحديث”.

وقد جاء في الكتاب :

أشكول وحسين

عندما جاءت الأخبار بأن هناك حشودا إسرائيلية على الحدود مع سوريا لم يصدق الملك حسين نفسه لأن الأردن كان يمتلك محطة رادار قوية فى عجلون وهذه لم تلتقط أية إشارات بوجود حشود إسرائيلية على حدود سوريا، وعندما أخبر الملك حسين الإسرائيليين بمعلوماته عن الحشود طلب منه “ليفى أشكول” رئيس الوزراء الإسرائيلى أن يصمت، بل إنه طلب منه أيضا أن تكف الأردن عن انتقاد عبد الناصر وأن تنضم للدول العربية التى تصفه بأنه بطل العرب الأوحد، وأطاع الملك حسين الأمر فى الحال.

وفي فقرة اخرى، ذكر الكاتب في كتابه :

وإزاء هذا حسم الملك حسين موقفه، سوف يقف ويساند عبد الناصر فى العلن بينما سيقوم فى السر بمواصلة اتصالاته المخابراتية مع إسرائيل خوفا من انتقامها، وهكذا قام الملك حسين فى يوم 31 مايو بعمل استعراض عسكرى فى شوارع عمان وهو يرتدى ملابس عسكرية، كان الغرض هو القيام باستعراض قوة بينما كان يعرف فى قرارة نفسه أنه لن يستخدم هذه القوة أبدا، وقد حدث فى يوم الاستعراض أن قرر عبد الناصر إغلاق مضيق تيران، وعندما علم الملك حسين بهذا القرار ازداد غيظا من عبد الناصر لأن الرجل حرمه حتى متعة الانتشاء بالعرض العسكرى حتى ولو كان عرضا مزيفا، هكذا تعود عبد الناصر أن يخطف الأنظار من الملك حسين دائماً، وفى الحال قام الملك حسين بارسال برقياته لإسرائيل وللدبلوماسيين الأجانب فى الأردن: هذا القرار قرار مجنون سيؤدى لكوارث لأنى أعرف أن العرب ليسوا مستعدين لخوض الحرب وقال الملك حسين فى برقياته: إن عبد الناصر رجل مجنون لا يقدر العواقب ويعتمد على دعم وهمى من السوفيت، أما فى العلن فقام الملك حسين بإصدار أوامره للمتحدث باسمه بأن يمتدح قرار عبد الناصر وأن يعلن عن استعداد الأردن لتقديم الدعم الكامل له، وفى نفس الوقت أيضا التقى الملك حسين بيرنز السفير الأمريكى فى عمان وطلب منه ضرورة أن يحث الرئيس جونسون إسرائيل على مهاجمة تيران ولكن واشنطن لم تستمع له.

وفي جزء اخر تحدث الكاتب عن عقدة الملك حسين :

كان حسين يشعر بتجاهل واشنطن له وانحيازها أكثر من اللازم لإسرائيل، أما إسرائيل فرغم معلومات التجسس التى تأخذه منها قد تجتاح مملكته فى أى لحظة لو أحست بأنه يخدعها، هنا أدرك الملك حسين أنه يجب أن يلجأ لعبد الناصر فى النهاية ويقنعه بإخلاص الأردن لقضية الحرب بينما هو يضمر شيئاً آخر فى الخفاء، وبسرعة قرر الملك حسين اتخاذ عدد من الخطوات التى يمكن أن تنال رضاء عبد الناصر، أولا قام بعزل وصفى التل رئيس الديوان الملكى ثم قام بتحريك بعض قواته لعبور نهر الأردن والوصول إلى اريحا وثالثا قام بارسال رئيس الأركان قماش للقاهرة للاجتماع مع عبد الحكيم عامر بينما رفض عبد الناصر استقباله، وبعد القيام بهذه الخطوات قام الملك حسين بالاتصال بالأمريكان من خلال السفير بيرنز وأخبرهم أن هذه الخطوات هدفها فقط اتقاء شر عبد الناصر ولكنه لا ينوى القيام بأية أعمال عدوانية ضد إسرائيل وطلب منهم أن يبلغوا الإسرائيليين بذلك.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….https://kanaanonline.org/2022/10/27/%d9%85%d9%84%d8%a7%d8%ad%d8%b8%d8%a9-%d9%85%d9%86-%d9%83%d9%86%d8%b9%d8%a7%d9%86-3/