متابعة ملف العلاقات الروسية – الصينية (الحلقة الثانية والأخيرة)، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي

محتوبات الملف:

  • حققت الصين وروسيا سلاما مزعجاً للبعض
  • دعونا لا نكرر أخطاء الماضي 
  • يدا بيد نحو نظام عالمي جديد
  • كيف تغلبت بكين على واشنطن
  • خدمة نقدية تقدمها موسكو إلى بكين
  • عكس التيار – في نقد تطوير العلاقات الروسية الصينية
  • الصين اتخذت خيارا استراتيجيا لصالح روسيا
  • الصين وروسيا بحاجة إلى بعضهما البعض

✺ ✺ ✺

حققت الصين وروسيا سلاما مزعجاً للبعض

 مكسيم سوكولوف، كاتب ومذيع تلفزيوني روسي شهير

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 29/3/2023

 مر بالفعل الأسبوع الثاني منذ زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وردود الفعل على اجتماع بوتين مع رئيس الصين لا تبارح عناوين الأخبار.  لقد كانت زيارة تاريخية، أو من الأفضل الانتظار مع مثل هذه التقييمات، لكن تأثيرها طويل المدى في مجال الإعلام لا يمكن إنكاره.  وهذا في عصرنا، عندما لا تعيش الأخبار طويلاً – يوم أو يومين على الأكثر.

 بالطبع هم يتفاعلون بشكل مختلف

الموالون-المتفائلون يغنون أغنية عام 1949 “الروس والصينيون أخوان إلى الأبد”.  على الرغم من أن علاقات بلادنا مع الصين الشعبية، كما هو معروف، كانت متباينة بعد عام 1949.

 أفاد “المتشائمون” على جانبي  الحدود الروسية لأول مرة أنه نتيجة لحركة بارعة من المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بوتين فإن الزيارة سيتم إلغاؤها، وجاء ذلك عندما كانت طائرة الرئيس الصيني في الجو بالفعل متوجهة إلى موسكو.  عندما انتهى المطاف بـشي جين بينغ أخيرًا في موسكو، قاموا على الفور بتغيير رأيهم معبرين عن إمتعاضهم – “هذا فقط قبل أن تزحف القيادة الروسية أمام الولايات المتحدة، والآن سوف تزحف أمام جمهورية الصين الشعبية.  ولا يُعرف هل يكون السيد الجديد أرحم أم العكس” (حسب رأي التيار المعادي للتحالف مع الصين-المترجم).

وانخفض رد فعل زعماء الغرب إلى سؤال غاضب “نعم كيف يجرؤون!”.  على الرغم من أن السؤال عما تجرأوا عليه ظل غير واضح بشكل كافٍ.

 كان بوتين وضيفه الصيني لطيفين للغاية مع بعضهما البعض، لكن أولاً، المجاملة المتبادلة ليست جريمة، وثانيًا، العناق والقبلات العامة هي خدعة دبلوماسية قديمة تهدف إلى “إستفزاز” قوة ثالثة.

 دعونا نتذكر الود الواضح الذي أبداه ألكسندر الأول ونابليون في تيلسيت والسنة التالية – في إرفورت..

(سلام تيلسيت هو معاهدة سلام أبرمت في الفترة من 13-25 يونيو حزيران 1807 في تيلسيت (الآن مدينة سوفيتسك في منطقة كالينينغراد) بين إسكندر الأول ونابليون بعد حرب التحالف الرابع 1806-1807، الذي ساعدت فيه روسيا بروسيا-المترجم).

(مؤتمر إرفورت – مفاوضات بين نابليون والإمبراطور الروسي ألكسندر الأول، التي عقدت في خريف 1808 في إرفورت.  كانت نتيجتها توقيع معاهدة تحالف بين الأباطرة، والتي، مع ذلك، لم يتم احترامها لاحقًا – المترجم).

 في هذه الحالة، كان بوتين وشي يستفزان الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي بشكل اقل.

 ظلت مسألة ما إذا كان التحالف الهجومي والدفاعي قد أُبرم بين روسيا والصين.  ربما دخلوا حقًا في اتفاق سري، و ربما لم يفعلوا.  نظرًا لأنها معاهدة سرية، فنحن لا نعرف شيئًا عنها.

 لكن رد الفعل المرضي لشركائنا الغربيين السابقين مفهوم حتى بدون معرفة أسرار الكرملين.

 القضية ليست في تحالف افتراضي، ولكن في حقيقة أن كل من روسيا والصين قد ضمنتا جبهتهما الداخلية.  في المستقبل المنظور، لا ينوون محاربة بعضهم البعض، وهو أسوأ شيء بالنسبة للشركاء الغربيين.

 بعد كل شيء، تأليب الحلفاء المحتملين – هو أسلوب قديم قدم العالم.  على سبيل المثال، أقنع إيفان الثالث، الذي واجه التهديد المشترك من قبل الملك البولندي كازيمير و خان مينجلي-غيريا  زعيم تتار القرم، اقنع الأخير من خلال الجهود الدبلوماسية بالذهاب لنهب الأراضي البولندية.

 هو نفسه كان في دور الضاحك الثالث. (كان ذلك في نهاية القرن الخامس عشر-المترجم).

 كان إيفان العظيم ميكافيليًا، لكن الأنجلو ساكسون وصلوا إلى أعلى المستويات الفعلية في علم فرق تسد.

 ربما كان من دواعي الفخر في نجاحهم أنهم أعلنوا عن أنفسهم سلالة خاصة متفوقة.  وكان لديهم السبب.

 حتى تاريخ المولود الجديد في القرن التاسع عشر كان يمكن أن يسير بشكل مختلف إذا نجح الانقلاب في السياسة الخارجية، وهو ما بدأ نابليون بونابرت تنفيذه، وحتى بنجاح كبير، في عام 1800.  وهي المصالحة التاريخية مع روسيا.

 أعجب الإمبراطور الروسي “بول الاول” بفكرة إعادة السلام والهدوء إلى أوروبا، وأخبر بونابرت ممثل بول، الجنرال سبرينغبورتن: “ملكك وأنا مدعوون لتغيير وجه الأرض”.

 كان من المفهوم أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تضارب خطير في المصالح بين القوتين، ولكن في المستقبل كان من الممكن لهما المشاركة في “اللعبة الكبرى” – مع قواتهم المشتركة لتهديد (من خلال جنوب روسيا وآسيا الوسطى) تواجد المستعمرة الإنجليزية في الهند.

 على أقل تقدير، سيكون من الصعب معارضة الهدوء العام في أوروبا، في حال التوصل إلى اتفاق ودي بين باريس وسان بطرسبرغ، باستثناء شيء واحد.  جاء هذا في ليلة 1 مارس 1801، عندما أغتيل بول الاول في غرفة نومه على يد مجموعة من الضباط. (بجانب أسباب شتى يشتبه في وجود تمويل من بريطانيا التي كانت غير راضية عن قطع العلاقات مع روسيا وتحالف الأخيرة مع نابليون-المترجم).

 بعد أن تلقى نبأ موته، صرخ نابليون بونابرت: “الانجليز لم يفوتوا الضربة نحوي في بطرسبورغ!”

 تم دق الإسفين بين القوتين، وتم إنقاذ إنجلترا، وكان أمام أوروبا 15 عامًا أخرى للقتال.

 في نهاية القرن التاسع عشر، تم ضمان الهدوء في أوروبا من خلال اتحاد ثلاثة أباطرة – النمساوي والألماني والروسي.  لكن لا شيء يدوم إلى الأبد، وابتعدت روسيا عن تحالف وسط أوروبا لصالح “اتفاق ودي” (الوفاق) مع فرنسا وإنجلترا، والذي انتهى بالحرب العالمية الأولى، بموت ثلاث إمبراطوريات، ولكن مع صعود الأنجلو ساكسون (بريطانيا والولايات المتحدة)، الذين نجحوا في تأليب الإمبراطوريات القارية.

 بعد معاهدة فرساي، في عام ظهور اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في “رابالو” (1922)، حدث تقارب سوفياتي-ألماني، تمليه المصالح المشتركة والعزلة الشديدة لكل من ألمانيا والاتحاد السوفياتي.  وهو الأمر الذي كان يمكن أن يحول تاريخ العالم القديم مرة أخرى في اتجاه مختلف.  لكن التناقضات السوفياتية الألمانية وصلت إلى 22 يونيو 1941 (بداية حرب ألمانيا النازية ضد الإتحاد السوفياتي – المترجم)، وفي 24 يونيو، كتب السناتور هاري ترومان في صحيفة نيويورك تايمز: “إذا رأينا أن ألمانيا تفوز، فيجب أن نساعد روسيا، إذا كانت روسيا تفوز، فإننا يجب أن نساعد ألمانيا وبالتالي السماح لهم بقتل بعضهم البعض قدر الإمكان “.

 من خلال السماح للاتحاد السوفياتي وألمانيا بقتل بعضهما البعض في حرب شاملة، أصبحت الولايات المتحدة قوة عظمى.

ومن هنا، مرارًا وتكرارًا: القوى، القادرة من حيث المبدأ على أن تكون حليفة، استعملت كل قواتها من اجل الإبادة المتبادلة لصالح طرف ثالث.

 لكن الآن يحدث خطأ ما.  كان من المفترض أن تتقاتل روسيا والصين فيما بينهما، من أجل توسيع وتقوية الهيمنة الأنجلو ساكسونية،  وفقًا للنموذج الذي تم اختباره بالفعل سابقا. ولكن الصين وروسيا ذهبتا بعيدًا عن هذا الاحتمال واحتضنتا بعضهما البعض.  أصبح مصير الديمقراطية في العالم (أي الأنجلوسكسونية) تحت تهديد رهيب.

 إذا لم تتواجه روسيا و الصين،  وبشكل سريع، فإن انجازات الأنجلو ساكسون قد تكون في خطر.

 وهذا هو السبب في إمكانية اتخاذ الإجراءات الأكثر حزمًا من جانب “حفظة السلام” الأنجلو ساكسونيين.  الان او لن يحصل ذلك ابدا.

✺ ✺ ✺

دعونا لا نكرر أخطاء الماضي 

رومان أنتونوفسكي، كاتب وناشر، مؤلف قناة على تيليغرام  

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

  21/3/2023

 اليوم يقوم شي جين بينغ بزيارة تاريخية إلى موسكو، وتسمع أصوات المناوئين داخل روسيا يكررون نفس الفكرة السائدة: “يجب ألا ننبطح أمام الصين”، “سنصبح عبيدًا للإمبراطورية السماوية”.

 هذا ليس من قبيل الصدفة.

من المهم أن نفهم أنه من أجل هزيمة الغرب، نحتاج إلى حليف قوي.  يشكل التحالف العسكري والسياسي والاقتصادي الروسي الصيني صداعا وكابوسا للندن وواشنطن.

 مرة أخرى، لنتذكر ونتعلم أخيرًا دروس التاريخ.  عندما بدأ الأوروبيون في تمزيق إمبراطورية تشين الصينية الضعيفة في مطلع القرنين التاسع عشر والعشرين، قرر الإمبراطور تحديث الدولة من أجل جعلها قادرة على المنافسة في الصراع ضد الغرب.  عارض المتعصبون البوذيون  الإصلاحات على النموذج الأوروبي.  هكذا اندلعت انتفاضة ملاكمي Yihetuan تحت شعارات مناهضة لأوروبا. (انتفاضة Yihetuan حرفيا، “مفارز الوئام والعدالة” ضد التدخل الأجنبي في الاقتصاد والسياسة الداخلية والحياة الدينية في الصين في عام 1898 -1901 – المترجم)

 نظرًا لأن “الملاكمين” لم يقاتلوا فقط  القوات الإمبراطورية الصينية، بل قاموا أيضًا بذبح الأوروبيين، بدأ تدخل القوى الأوروبية الخمس واليابان في الصين.  تم إرسال أكبر الفرق من قبل الروس والبريطانيين واليابانيين.

 من جانبنا، كانت المشاركة في هذا التحالف خطأ سياسيًا.  بالطبع، كان علينا حماية العمال والموظفين الروس الذين عملوا في بناء السكك الحديدية من المتمردين، لكننا شاركنا عبثًا في إضعاف الصين وإذلالها.

 كان هناك حزبان في روسيا آنذاك.  الحمائم بقيادة وزير المالية الحكيم “سيرجي فيت” كانوا يعتقدون أننا بحاجة إلى تحالف عسكري – سياسي على قدم المساواة مع الصين. اما الصقور، بقيادة وزير الشؤون الداخلية “مورافيوف”، فقد اعتقدوا أنه يجب علينا المشاركة في تقسيم الصين مع القوى الأوروبية وأخذ منشوريا لأنفسنا.

 في النهاية، انتصر الصقور، لكن اليابانيين والبريطانيين لم يسمحوا لنا بأخذ منشوريا تحت حماية روسيا.

 سرعان ما عارضت القوى الخمس، التي قمع معها الروس تمرد  “الملاكمين” وأضعفوا الصين، روسيا بشكل مباشر أو غير مباشر.

 إلتقينا بالنمساويين والألمان في ساحة المعركة (الاشارة الى قيام الحرب العالمية الأولى-المترجم)، نسج الفرنسيون والبريطانيون المؤامرات لإفساد جبهتنا الداخلية وإسقاط نيكولاس الثاني (الإشارة إلى خلع القيصر الروسي عقب ثورة شباط  1917 البرجوازية الديمقراطية – المترجم).  وأصبحت الحرب الروسية اليابانية (1904-1905) حافزًا لانهيار الإمبراطورية الروسية ونمو المشاعر الثورية.

تخيلوا كيف كان التاريخ سيتغير لو لم تسمح روسيا لليابانيين والأوروبيين بتدمير الدولة الصينية واكتسبت حليفًا قويًا في الشرق الأقصى.  هل كان اليابانيون ليجرؤون بعد ذلك على الدخول في الحرب ليس فقط ضد روسيا، ولكن أيضًا ضد الكتلة الروسية الصينية (1931-1945)؟

 دعونا لا نكرر أخطاء الماضي مرة أخرى.

✺ ✺ ✺

يدا بيد نحو نظام عالمي جديد

قناة بتيتشيا ياغودا على تيليغرام

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

   22/3/2023

 لقد استمعت باهتمام خاص إلى جميع تصريحات الرئيس شي جين بينغ خلال زيارته لموسكو.  و في غمرة الانطباع الإيجابي، فان الشعور ببعض الديجافو لم يتركني Déjà vu.

(الشعور الغريب بأنك كنت هنا وفعلت هذا من قبل يسمى déjà vu.  إنها لغة فرنسية تعني “تمت رؤيتها بالفعل”، ويمكن أن تكون تجربة غريبة جدًا وحتى مقلقة.  منطقيًا، أنت تعلم أنك لم تختبر هذه اللحظة من قبل، لكن عقلك يخبرك بخلاف ذلك-المترجم).

 واستنادًا إلى رد الفعل الهستيري عبر المحيط، كان الغرب مفعم بنفس الشعور.

 هنا، على سبيل المثال، ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي:

” هناك حيث يتقاطع الضغط على الولايات المتحدة وتأثيرنا في جميع أنحاء العالم.  حيثما تتقاطع، هناك معارضة لما نسميه النظام الدولي القائم على القواعد “.

 وأضاف أن الصين وروسيا ترغبان في تغيير هذه القواعد، باعتبار كل منهما الأخرى مكملاً مفيدًا لتحقيق هذه الأهداف.

 بعبارة أخرى، لم تسحق الولايات المتحدة الشيوعيين الملعونين لسنوات عديدة حتى يظهروا هنا مرة أخرى مع راياتهم الحمراء في تجسيد جديد.

 صحيح.  بالإضافة إلى التعزيز الاقتصادي والاستراتيجي الواضح للتحالف الروسي الصيني، جلب الرفيق “شي” مشكلة غير سارة، إن لم نقل أكثر، لقاطني صالونات واشنطن: لقد أظهر للعالم فكرة.  وهذه الفكرة، بعبارة ملطفة، لا تتوافق مع الأولويات الغربية.

 إذا قرأتم بعناية مقال الرئيس  الصيني الذي نشر غداة سفره إلى موسكو في صحيفة Rossiyskaya Gazeta، و استمعتم إلى تصريحاته، فيمكنكم تتبع هذا الخيط الأحمر:

 “الصين وروسيا، باعتبارهما شريكين في التنمية والبعث، ستقدمان مساهمة أكبر في تقدم الحضارة الإنسانية.”

 الفضاء، العلم، التقدم، الثقافة، الروحانية.  والشيء الرئيسي – ليس الانفصال والتقسيم إلى أصدقاء وأعداء، وهو الأمر الذي يخطئ به الغرب باستمرار، بل هو الطريق نحو الوحدة على أساس القيم العالمية، والحاجة إلى فهم أننا جميعًا مرتبطون ارتباطًا وثيقًا على هذا الكوكب لتجنب التصرف بشكل مدمر ومجزأ.

والآن روسيا والصين –  هما ضامنتان، وحصن الاستقرار، وحاملتان لهذه القيم والتطلعات.  لذا انضموا إليهما أيها الرفاق، لن يقوم أحد بزرع أي “ديمقراطية” عندكم، عيشوا، تطوروا كما يحلو لكم.

 أستطيع بالفعل سماع صرير العقول المسنة لحشد واشنطن، حيث يبلغ متوسط ​​العمر أكثر من 80 بقليل، وهو ما تتذكره “جماعتنا” بأكملها أنهم رأوا بالفعل شيئًا مشابهًا مرة واحدة في حياتهم.

✺ ✺ ✺

كيف تغلبت بكين على واشنطن

 سيرجي ستروكان، صحفي و كاتب

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 26/3/2023

 خطة السلام الصينية حول أوكرانيا بعد محادثات الرئيس الصيني شي جين بينغ في موسكو وعودته إلى بكين –  تبدأ في العمل.

 هذا، إن لم يكن إحساسا، فهو تطور غير متوقع للأحداث، نظرًا لأن الكثيرين في البداية لم يأخذوا المبادرة الصينية على محمل الجد، ورفضتها الولايات المتحدة تمامًا.

 بمجرد الإعلان عنها، أصبحت الخطة الصينية موضع انتقاد.  لنفترض أن هذه مجموعة من التصريحات لكل شيء جيد مقابل كل شيء سيء.

لكن الادعاء الرئيسي للرئيس بايدن كان أن الخطة كانت صينية.  نُظر إلى مبادرة بكين على أنها محاولة تحت غطاء الوساطة المحايدة للعب إلى جانب موسكو ضد كييف وتحقيق صيغة تسوية من شأنها أن تكون مفيدة لروسيا، ولكن ليس لأوكرانيا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن فكرة أن أحد تجسيدات الشر العالمي، الصين، يمكن أن تظهر كقوة قادرة على فعل الخير للعالم، بدت فكرة تجديفية لواشنطن.

 لكنه يضحك من يضحك أخيرًا

 تبين أن التابوت، الذي تم لصقه على عجل للخطة الصينية، كان من الورق المقوى وسرعان ما تناثر.  هناك المزيد والمزيد من الأدلة على هذا.

وفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، يدفع الاتحاد الأوروبي شي جين بينغ للتحدث مع فولوديمير زيلينسكي.  في الواقع، سيكون من المفيد أن يكتشف الرئيس الأوكراني سبب اعتبار الصين، القوة العظمى في العالم، أنه من الانتحار أن تعتمد كييف على الجيش، وليس على حل سياسي ودبلوماسي.

وبعد ذلك، تم تقييم مهمة شي جين بينغ بشكل إيجابي من قبل دبلوماسي الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الذي قال إن زيارة شي جين بينغ لموسكو قللت من خطر نشوب حرب نووية.  وذكر بوريل أن الخطة الصينية تحتوي على بند بشأن عدم جواز استخدام الأسلحة النووية.  وكيف سمح لنفسه ولو لمرة ببيان يتعارض مع الخط الأمريكي؟

بدوره، يعتزم رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز السفر إلى بكين الأسبوع المقبل.  “ما اقترحته الصين هو موقف بشأن ما تعتبره ضروريًا لتحقيق السلام”.  قال بيدرو سانشيز “هناك بعض النقاط التي، في رأيي، ذات أهمية”.  “الصين ليست مثالية، لكن في يوم من الأيام قد نحتاج إليها”.  ونقلت بوليتيكو عن مسؤول في بروكسل قوله “عدد من دول الاتحاد الأوروبي تشارك هذا الرأي”.

 والأحد المقبل، يتوجه الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى بكين في زيارة.  “لقد أشار الرئيس مرارًا وتكرارًا إلى أنه يسمع الكثير عن الحرب، ولكنه يسمع القليل عن السلام”.  وقال وزير الخارجية البرازيلي ماورو فييرا في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز “إنه مهتم بمحادثات السلام”.  ووفقا له، فإن المفاوضات مع شي جين بينغ ستشهد على عودة البرازيل إلى دور لاعب نشط في السياسة الخارجية.  تتمثل فكرة الرئيس البرازيلي في إنشاء ما يسمى بنادي السلام مع الصين ودول الجنوب العالمي، الأكثر تضررًا من الاضطرابات الناجمة عن تصعيد الصراع.

 بشكل عام، في صراع روايتين عالميتين حول أوكرانيا، يخسر “حزب الحرب” أرضه، بينما “حزب السلام” ينتزع زمام المبادرة ويكسب النقاط.  لقد تسببت خطة السلام الصينية بالفعل في سلسلة من ردود الفعل، وبدأت العملية.

 هذه هي الطريقة التي تتفوق بها الصين على الولايات المتحدة، والتي مع الوقت وبشكل غير متوقع وفي القضية الأوكرانية، قد لا تلاحظ كيف ستجد أمريكا نفسها مع جميع حلفائها،  في عزلة استراتيجية.

✺ ✺ ✺

خدمة نقدية تقدمها موسكو إلى بكين

 فالنتين كاتاسونوف

عالم إقتصاد، دكتوراه في الاقتصاد، بروفيسور، رئيس قسم في معهد موسكو للعلاقات الدولية

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 25/3/2023

في 21 مارس وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في اجتماع مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، رسالة مهمة للغاية : “نحن مع استخدام اليوان الصيني بين روسيا ودول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية. أنا متأكد من أن هذه الأشكال من الحسابات باليوان سيتم تطويرها بين الشركاء الروس ونظرائهم في بلدان ثالثة”.

 في الواقع، هذا وعد بمنح الجانب الصيني خدمة جادة للغاية في الترويج لليوان في الساحة الدولية. ومع ذلك، على مدى السنوات العشر الماضية، لم تقدم أي دولة أخرى مثل هذا الدعم للعملة الصينية مثل روسيا.  أولاً، في العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، بدأت روسيا في استخدام اليوان (مقابل استخدام الجانب الصيني الروبل) ؛  ثانياً، أدرجت روسيا العملة الصينية في احتياطياتها الدولية.

 تم اتخاذ قرار إدراج اليوان في الاحتياطيات الدولية من قبل البنك المركزي الروسي في نهاية عام 2015 بعد أن قرر صندوق النقد الدولي إدراج العملة الصينية في ما يسمى بسلة حقوق السحب الخاصة.  وهذا يعني أن اليوان حصل على الوضع الرسمي كعملة احتياطية، والتي كانت حتى ذلك الحين فقط الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.  ومع ذلك، على الرغم من أن اليوان حصل على اللقب الفخري “احتياطي العملة”، إلا أن هذا لم يؤثر بشكل كبير على تكوين الاحتياطيات الدولية لمعظم دول العالم.  في عام 2016، وفقًا لصندوق النقد الدولي، كانت حصة اليوان في الحجم الإجمالي للاحتياطيات الدولية لجميع البلدان 1.1٪ فقط (كانت حصة الدولار الأمريكي 64.0٪).

وفقًا لأحدث البيانات، اعتبارًا من 1 أكتوبر 2022، ارتفعت حصة اليوان إلى 2.9٪ (كانت حصة الدولار الأمريكي 59.5٪).

 راكمت روسيا اليوان في تكوين احتياطيات الذهب والعملات الأجنبية.  وفقًا لأحدث البيانات المفتوحة من بنك روسيا، اعتبارًا من منتصف عام 2021، كانت حصة اليوان في الذهب وأصول الصرف الأجنبي للبنك المركزي 13.1٪ (ثالث أكبر مكون بعد اليورو بحصة 32.3 ٪ والذهب بنسبة 21.7٪).  من حيث القيمة المطلقة، بلغت احتياطيات اليوان الروسية في منتصف العام الماضي 76.7 مليار دولار، أي ما يقرب من ربع إجمالي احتياطيات اليوان لجميع البنوك المركزية في العالم في ذلك الوقت.

 لا نعرف كم عدد اليوان الصيني في احتياطيات العملات لدى بنك روسيا اليوم، أغلق البنك المركزي جزءًا كبيرًا من إحصائياته.  منذ ايام، كشف عن هذه الإحصاءات جزئيًا، لكن المعلومات المتعلقة بالعملة و الدول الحاضنة للاحتياطيات الدولية لا تزال مغلقة.  من خلال الأدلة غير المباشرة، يمكن افتراض أنه في الجزء غير المجمد من احتياطيات النقد الأجنبي، يكون اليوان، إن لم يكن العملة الوحيدة، فهو العملة المهيمنة.

 أما بالنسبة لاستخدام اليوان كعملة تسوية، فقد رفع بنك روسيا حجاب السرية هنا.  في مراجعة مخاطر الأسواق المالية، أفاد أنه في عام 2022 ارتفعت حصة اليوان في مدفوعات الصادرات في روسيا من 0.5٪ إلى 16٪، وحصة الروبل – من 12٪ إلى 34٪.  وهكذا، استحوذت العملتان الروسية والصينية على نصف تسوية التجارة الخارجية لروسيا.

لا شك أن القفزة النوعية في مؤشر اليوان حدثت بسبب العقوبات الواسعة النطاق التي فرضها الغرب الجماعي على روسيا بعد 24 فبراير 2022.

 كما تغير هيكل عملات الدفع مقابل  الواردات بشكل كبير العام الماضي: انخفضت حصة عملات الدول غير الصديقة (حصريًا الدولار الأمريكي واليورو) من 65٪ (يناير 2022) إلى 46٪ (ديسمبر). “ويعزى الانخفاض في حصة العملات “السامة” بشكل رئيسي إلى زيادة حصة اليوان في التسويات: فقد ارتفعت على مدار العام من 4 إلى 23٪.  في الوقت نفسه، انخفضت حصة الروبل في مدفوعات الواردات انخفاضًا طفيفًا – من 29 إلى 27٪، وبلغت حصة عملات الدول الصديقة الأخرى في بداية عام 2023 4٪”، – يلاحظ موقغ Obzor.

 أشار النظام المصرفي الدولي لنقل المعلومات واتمام المدفوعات وهو (SWIFT) في تقريره إلى أن روسيا أصبحت في أغسطس 2022 الدولة الثالثة في العالم من حيث المدفوعات الخارجية باليوان (التي تمر خارج  الصين).  بحلول نهاية عام 2022، انخفضت حصة روسيا من مدفوعات اليوان خارج الصين.  في نهاية ديسمبر، تراجعت إلى المركز السادس بحصة 1.89٪.  ومع ذلك، في يناير 2023، بدأت حصة روسيا في تسويات اليوان في النمو مرة أخرى ووصلت إلى 2.57٪، وارتفعت روسيا إلى المركز الخامس في تصنيف SWIFT.

 كما كتبت مرارًا وتكرارًا، يوجد في سوق الصرف الأجنبي المحلي بديل نشط للعملات “السامة” (بالدرجة الأولى الدولار الأمريكي واليورو) بعملات الدول الصديقة.  من بين الأخيرة، من الواضح أن اليوان الصيني يهيمن.

في نهاية فبراير، كان هناك إحساس طفيف في قاعة تبادل العملات في بورصة موسكو: جاء اليوان الصيني في المقدمة من حيث حجم التداول، متقدمًا على الدولار الأمريكي.  شكل اليوان ما يقرب من 40 ٪ من إجمالي حجم التداول بالعملات الرئيسية (1.48 تريليون روبل)، والدولار – ما يزيد قليلاً عن 38 ٪ (1.42 تريليون روبل)، واليورو – 21.2 ٪ (0.79 تريليون روبل).).  لكن في فبراير 2022، كانت مراكز العملة الأمريكية هي المهيمنة بحصة مجهرية من العملة الصينية: الدولار – 87.6٪، اليورو – 11.9٪، اليوان – 0.32٪.  وصف الخبراء التغيير المسجل في فبراير في بورصة موسكو بالانتقال من الدولرة إلى اليواننة.

 ومع ذلك، في حين أن اليوان لم يصبح مطلوبًا من قبل معظم الكيانات القانونية والأفراد في الاتحاد الروسي كعملة أجنبية، والتي كان الدولار الأمريكي مطلوبا لها قبل 24 فبراير من العام الماضي.  انخفضت حصة الأموال بالعملات الأجنبية للسكان في الودائع المصرفية اعتبارًا من 1 يناير من هذا العام إلى 11.2٪ مقابل 19.9٪ في العام السابق.  يتزايد حجم أموال الأسر المعيشية باليوان الصيني، ولكن، كما يلاحظ بنك روسيا، فإن نصيبه “على نطاق جميع أموال الأفراد لا يزال ضئيلاً”.

 في مراجعة تحليلية حديثة بعنوان “القطاع المصرفي” (مارس 2023)، لاحظ البنك المركزي أن حصة القروض بالعملة الأجنبية بالدولار واليورو في المحافظ المصرفية آخذة في الانخفاض، لكن اليوان لا يملأ الفجوة.  لا يزال دور اليوان في إقراض الشركات الروسية صغيرًا.

 ومع ذلك، لنعد إلى الأخبار التي ذكرتها في البداية.  اقترح رئيس روسيا تسريع إضفاء الشرعية على العلاقات الاقتصادية الخارجية للاتحاد الروسي.  أي للمساعدة فعليًا في تنفيذ المهمة التي حددتها القيادة الصينية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين – لجعل اليوان عملة دولية حقيقية.  ذكر بوتين دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.  منذ نهاية العقد الماضي، كانت روسيا تتفاوض مع هذه الدول بشأن إلغاء دولرة تسويات التجارة الخارجية.  تكثفت المفاوضات بعد 24 فبراير من العام الماضي.  ومع ذلك، خلال هذه المفاوضات، كان الأمر يتعلق باستبدال الدولار الأمريكي واليورو والعملات السامة الأخرى بعملات وطنية.  أولئك مقابل الروبل الروسي وعملة الدولة الشريكة.

 في 21 مارس، اقترح فلاديمير بوتين استبدال العملات السامة في التجارة مع الدول الثالثة باليوان الصيني.  في الواقع، وعد الرئيس بترويج اليوان على المسرح العالمي.  خدمة صرف العملات الأجنبية باهظة الثمن إلى بكين من موسكو.  آمل أنه إذا كان هناك استخدام لليوان في تجارة روسيا مع دول ثالثة، فلن يكون على حساب الروبل.

✺ ✺ ✺

عكس التيار – في نقد تطوير العلاقات الروسية الصينية

إيغور سكورلاتوف، دكتوراه في العلوم السياسية، بروفيسور معهد موسكو للعلاقات الدولية والوطنية

زعيم حزب روسي وطني معارض

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

آذار مارس 2023

مقدمة من المترجم:

هذه الكاتب يتزعم حركة سياسية معارضة يسميها “الطريق الثالث”. ينتقد بوتين والحكومة الروسية بشدة خاصة في مجالي الدفاع والاقتصاد، يركز نقده على بطء العمليات العسكرية وعدم الحسم في أوكرانيا، ولا يوافق على سياسات البنك المركزي الروسي المالية ويتهم رئيسته بمهادنة الغرب وخيانة روسيا. كما ينتقد الأحزاب والحركات الموجودة سواء الشيوعي الروسي أو حركة اوراسيا بزعامة ألكسندر دوغين مرورا بالحزب الحاكم. يكتب ويتحدث بحرية تامة ويتسع صدر بوتين لكل هجماته.

أعرض نماذج مما كتب عن التقارب الروسي الصيني للإطلاع.

والان إلى نص ما كتب على تيليغرام:

  1. ” شي” وصنع سلامه الزائف

 20/3/2023

 الشرق – موضوع حساس وماكر.  أعرفه بالضبط.  لمدة 8 سنوات درست اللغة والثقافة الهندية في مدرسة داخلية، لم يقرأ لنا المعلمون في الليل قصة خيالية عن إيفان تساريفيتش والأميرة الضفدعة، بل ماهابهاراتا.

 لذا دعوني أذكركم بأهم شيء.  يتمثل الصراع الجيوسياسي الرئيسي في القرن21 في إزاحة الولايات المتحدة المتدهورة اقتصاديًا وروحيًا بواسطة قوة مهيمنة جديدة – وهي الصين سريعة النمو.

 روسيا مثل “عظمة سمك في الحلق” لكليهما.  هاتان الدولتان القويتان هما عدوانا الواعدان، اللذان يستفيدان ويحتاجان إما إلى روسيا ضعيفة، أو  روسيا كمصدر موارد رخيصة، أو بضع عشرات من الدول “المحررة” بدلاً من روسيا الواحدة، على غرار يوغوسلافيا.

 تنفذ الصين بدقة العقوبات الغربية ضد روسيا، حيث تأخذ مواردنا مجانًا، وبثمن بخس لإعادة بيعها إلى دول ثالثة ولاحتياجاتها الخاصة، ردًا على ذلك، تقوم بإرسال مجموعة من القمامة منخفضة الجودة في شكل سلع استهلاكية و أخرى بشكل “الخرز للروس الأفارقة” إلى الاتحاد الروسي.

 اليوم، وصل “شي” إلى موسكو، بعد أن تبادل سابقًا المقالات الفارغة والسكرية في وسائل الإعلام المركزية.  ماذا يريد “الصديق” الاحول من بلدنا.

  1. كي يوقف الاتحاد الروسي من جانب واحد الحرب وينسحب من الأراضي المحررة، أي أن يستسلم
  2.  زعيم الإمبراطورية السماوية بسبب خدماته “السلمية”  فهو يطالب بتوقيع عدة عشرات من عقود الاستعباد للاتحاد الروسي بمبلغ عدة تريليونات من الدولارات حتى عام 2030. “اطرقوا على الحديد وهو ساخن”، كما يقولون.

 سيصيغ الكرملين الاجتماع نفسه وهذه القرارات على أنها “اختراق” وتاريخية.  شيء مقرف.  (إنه أمر مثير للاشمئزاز لدرجة أنني لا أريد حتى أن أكتب، لكن لا بد لي من ذلك).  ومع ذلك، ماتت مهمة “شي” لحفظ السلام قبل ولادتها.  لعب الغرب دورًا متقدمًا على المنحنى من خلال عدم الاعتراف مسبقًا بمبادرة السلام الصينية باعتبارها غير مقبولة، والأهم من ذلك، من خلال الإعلان عن وضع المشتبه به في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

 هذا الموقف مفيد استراتيجيًا لروسيا.  ففي هذه الحالة، الحرب والنصر هما وحدهما القادران على إنقاذ الاتحاد الروسي من عار “السلام”، أي الاستسلام.

  القدير في صفنا.  إلى متى

  • مع “شي” مصاص الدم روسي   

21/3/2023

 الكثير من المعلومات، لكنني سأقوم بنشر جزء منها فقط.

  1. لا يتمثل الهدف الرئيسي لـ “شي” في حفظ السلام، على الرغم من أنه  مهم أيضًا – بل لتصوير نفسه في أعين الغرب على أنه “دجاجة” بريئة (وهو من أجل السلام والديمقراطية والسعادة العالمية)، ولكن “مرتبط” مع مستعمرة جديدة (روسيا) في مجال نفوذه  باتفاقيات اقتصادية مسبقة واتفاقيات أخرى معها لسنوات عديدة قادمة.
  2. وهكذا، تلوح في الأفق بعض “اتفاقيات” التعاون مع الصين حتى عام 2030 مع التمديد التلقائي.

 لكن إليكم الشيء المضحك – ما هو ثمن تقليد “العناق السياسي” للصين؟  أؤكد – على وجه التحديد تقليدًا، لأن الولايات المتحدة والصين يقسمان العالم إلى تابعين لهما، ولا يبنيان علاقات “شراكة” أسطورية.

 لذلك، فإن سعر العقود للمواد الخام الروسية، وفقًا للمصادر، أقل بعدة مرات من أسعار السوق العالمية، ولكن أيضًا المحلية، وأسعار الجملة.  ومع ذلك، لماذا تتفاجأ إذا تبين أن الأسعار المعلنة لعقود الغاز، على سبيل المثال، بالنسبة للصين، كانت أقل عدة مرات من أسعارها لسكان مقاطعة أمور.

  • من هنا – الاستنتاج الثالث – الروس هم “النفط والغاز الجديد”.

 هنا استراتيجية واعدة.  سوف يدفع الروس جميع تكاليف شركة “غازبروم” والشركات الأخرى التي عانت قليلاً من العقوبات.  تعني كلمة Shiyo ارتفاعًا متعددًا في أسعار الكهرباء والغاز والبنزين والمواد الغذائية.

إن السطو على سكان روسيا، الذي تم اختباره بنجاح في العام الماضي، والاختباء وراء “مراوغات” تافهة مع الناس العاديين، سيستمر هذا العام بقوة متجددة.  لكن مع بعض التأخير.  حتى حلول الخريف.

  • من المقرر أن يكون “التعاون” العسكري بين الصين وروسيا وهميًا تمامًا.  سأشير فقط، على سبيل المثال، إلى أن مشاريع “الملاحة” المشتركة ستسمح لضباط المخابرات الصينية بالحصول على معلومات كاملة عن أسلحتنا وتحركاتها وأماكن وجودها.

 يمكن أن تستمر النقاط، لكن هذا يكفي لفهم أن “شي” هو “مفترس”  لجسد روسيا التي تعاني زفرات الموت.

حسنًا. “دع العاصفة تحتدم!”

(مكسيم غوركي).

  • طارشيبعيدًا، لكنه وعد بالعودة

21/3/2023

 لم تحدث هناك أي مفاجئات في القمة.  يسر الكرملين أن وضع المنبوذ من الصعب عليه الآن أن لا يستمر – فقد وعدت الصين بدعم الاتحاد الروسي في الأمم المتحدة، وعينت روسيا بشكل صحيح باعتبارها تابعة لها بحكم الأمر الواقع (ولا حتى شريكًا، للأسف).

 ثمن “الصداقة” – هو نهب بلادنا.  سيتم قطع المزيد من الغابات، وستتم إزالة التربة السوداء من الأراضي الروسية.  حتى بسعر أرخص، سنبيع الغاز والنفط والموارد الأخرى للمملكة السماوية.  لذا فإن الأطراف راضية.

 على عكس عامة الناس، الذين يتعين عليهم مرة أخرى دفع ثمن كل شيء، ودفع ثمن الخدمات وشراء البقالة بأسعار متزايدة.  لم يكن هناك عدالة في روسيا، ولا يوجد عدالة.  السير إلى “طريق مسدود” مستمر.

✺ ✺ ✺

الصين اتخذت خيارا استراتيجيا لصالح روسيا

يوري تافروفسكي، مستشرق سوفياتي وروسي، استاذ جامعة الصداقة بين الشعوب، كاتب، صحفي ورحالة.رئيس مجلس الخبراء التابع للجنة الروسية الصينية للصداقة والسلام والتنمية

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 27/3/2023

 قد تكون المحادثات بين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ في مارس 2023 تساوي – في الأهمية والنتائج – المحادثات التي جرت بين جوزيف ستالين وماو تسي تونغ في يناير وفبراير 1950.  حينها تم الوصول إلى مستوى عال جدا وغير مسبوق  من العلاقات بين موسكو وبكين – تحالف عسكري وسياسي.  الوثيقة التي وقعها الزعيمان في 14 فبراير 1950 في الكرملين كانت تسمى “معاهدة الصداقة والتحالف والمساعدة المتبادلة بين الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية”.  لم يوطد ستالين وماو اتحاد الدولتين الاشتراكيتين في شكل قانوني دولي فحسب، بل أكدا أيضًا تقليد التعاون العسكري السياسي بين القوتين الأوروآسيويتين الجارتين.  تم توقيع المعاهدة لمدة 30 عامًا، لكن في الواقع استمرت أقل من عشر سنوات.  ولكن حتى خلال هذه الفترة كانت مثمرة لدرجة أن المؤرخين كتبوا الكثير عن “حقبة الصداقة السوفياتية الصينية”. (يتهم خروتشوف الذي حكم بعد ستالين بافساد العلاقات مع الصين-المترجم).

 يرتبط المستقبل الجيوسياسي لروسيا والصين ببعضهما البعض بشكل وثيق مثل الماضي.  على مدار 400 عام من العلاقات الرسمية بين الحضارتين-الدولتين، تصادما في كثير من الأحيان في المناطق الحدودية، لكنهما لم يعلنا الحرب على بعضهما البعض.  لكن تم الحفاظ على علاقات الحلفاء وتثبيتها بموجب معاهدات 1896 و 1937 و 1945 و 1950.  بعد بضعة أشهر من توقيع معاهدة التحالف عام 1950، أرسلت الصين مليون مقاتل إلى جبهات الحرب الكورية (1950-1953).

 كان هناك أول اشتباك بين المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي وتحالف الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة.  لم يشارك الاتحاد السوفياتي رسميًا في تلك الحرب، لكن طياريه غطوا الصينيين، وأسلحته وقروضه سمحت لـ “متطوعي جيش الشعب الصيني” بتحقيق “تعادل مشرف” في ساحة المعركة، ليثبت للبنتاغون عدم جدوى الاعتماد على انتصار سهل على العالم الاشتراكي في الحرب العالمية الثالثة.

 وبنفس الطريقة، بقيت الصين وروسيا السوفياتية أحيانًا في الظل، وأحيانًا تدخلان في معركة علنية، أصبحا بدورهما “الجبهة الثانية” لبعضهما البعض خلال الحرب العالمية الثانية.  جذبت الصين قوات اليابان ومنعتها من ضرب سيبيريا والشرق الأقصى.  بدورها، سلمت موسكو أحدث الدبابات والطائرات، وأرسلت الآلاف من الضباط والجنرالات لمساعدة الصينيين، مما ساعدهم على البقاء وعدم الاستسلام، على غرار “القوى العظمى” الأوروبية.

(“الجبهة الثانية” – في التاريخ الروسي، الاسم التقليدي للعمليات الحربية في أوروبا الغربية، وفي المقام الأول تلك التي بدأت مع إنزال الحلفاء في نورماندي في يونيو 1944. كان من المفترض أن يؤدي فتح الجبهة الثانية إلى التخفيف من وطأة وضع الجيش الأحمر، الذي كان يقاتل حتى الموت لمدة ثلاث سنوات ضد غزو الجيش النازي على الجبهة الشرقية باجبار هتلر على القتال على جبهتين.  وكان الحلفاء يماطلون ستالين في فتح الجبهة الثانية لانهاك الجيش السوفياتي-المترجم).

 أدت هزيمة جيش كوانتونغ في منشوريا على يد القوات السوفياتية في عام 1945 إلى وضع حد للعدوان الياباني المستمر منذ 14 عامًا وفتح فرصا للصين لاستعادة السيادة الكاملة والوحدة الوطنية.

(جيش كوانتونغ او جيش كانتو كان جيشاً يابانياً مؤلفاً من مجموعة جيوش ضمن الجيش الإمبراطوري الياباني في بداية القرن العشرين، تمركزت قيادته في منشوريا بالصين. ويعد واحدا من أكبر وأعرق الوحدات العسكرية في الجيش الإمبراطوري الياباني-المترجم).

كان التفاعل بين الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية منذ البداية قائمًا على المصالح الوطنية وبالتالي كان مثمرًا. على العكس من ذلك، فإن الخروج عن معاهدة 1950 نصًا وروحًا، والشجار الأيديولوجي خلال الستينيات وحتى الثمانينيات من القرن الماضي، طغى على المصالح الوطنية وأدى إلى عواقب مأساوية لكلا الدولتين.

 من نواحٍ عديدة، شرع ماو تسي تونغ في عام 1958 في سياسة “القفزة الكبرى” و “الثورة الثقافية”، “نكاية” بموسكو.  بعد عقد مثمر من الصداقة مع الاتحاد السوفياتي، خسرت الصين عقدين من التطور التدريجي و 30-40 مليون شخص في سياق “تجارب بدون تخدير”.

كما أن الخلاف مع بكين لم يجلب شيئًا جيدًا لموسكو أيضًا.  أولاً، أدت المناوشات الأيديولوجية، ثم قطع العلاقات التجارية والاقتصادية، إلى توتر على طول الحدود، و إلى اشتباكات في جزيرة دامانسكي وبحيرة جالاناشكول. (الإشارة إلى اشتباكات عسكرية بين البلدين في آذار مارس 1969-المترجم).

 لكن الاسوء لم يأت بعد.  بعد وفاة ماو تسي تونغ في عام 1976، تولى دنغ شياو بينغ السلطة.  في عام 1979، سافر إلى الولايات المتحدة ووافق على إنشاء “جبهة عالمية مناهضة للهيمنة”.  بعد انتقال بكين إلى جانب الغرب، اضطر الاتحاد السوفياتي وحده إلى شن مواجهة “على جبهتين”.  كان الإجهاد المفرط للقوات في تلك المواجهة أحد أسباب انهيار دولة عظيمة.

 على الرغم من المساعدة الاقتصادية والفنية والسياسية الواسعة من الغرب في تنفيذ دنغ شياو بينغ “لسياسة الإصلاح والانفتاح”، تطلبت المصالح الوطنية للصين على الأقل الوصول لتطبيع العلاقات مع موسكو.

 أعادت زيارة ميخائيل جورباتشوف إلى بكين في ربيع عام 1989 العلاقات بين الحزبين الحاكمين وفتحت فرصًا جديدة لتحسين نوعي في التجارة العلاقات الإنسانية بين الدول.  لكن هذه الفرص ضاعت.  دفعت الاضطرابات في ميدان تيانانمين في بكين وفي مدن أخرى الصين إلى شفا حرب أهلية.  أدت أزمة “البيريسترويكا” الشاملة إلى وقوع بلدنا في كارثة في عام 1991.

بحلول عام 2001 فقط كان من الممكن تطوير هذا الحجم من الاتصالات في مختلف المجالات التي جعلت من الضروري إضفاء الطابع الرسمي والقانوني عليها. من أولى الوثائق المهمة التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين في يوليو 2001 كانت “معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون”.

 ليس من الصعب ملاحظة الاختلاف في عنوان هذه الوثيقة ومعاهدة عام 1950.  لم تحتوي على كلمة “اتحاد”.  يستخدم نص الوثيقة مفهوم “الشراكة الاستراتيجية”، التي ليس لها أهمية قانونية دولية ولا وزن لها.

النقطة هنا ليست فقط في حساسية الدبلوماسيين الصينيين لكلمة “تحالف” ومفهوم التحالف مع أي دولة.  في جميع الوثائق السياسية، يكررون الصيغة حول عدم قبول المشاركة في الكتل والاحلاف بالنسبة للصين.  النقطة المهمة أيضًا هي أن الحالة البائسة لروسيا الممزقة والمسلوبة لم تجعلها حليفًا محتملاً للصين، التي أصبحت بالفعل إحدى القوى الاقتصادية الرائدة في العالم.  لقد استغرق الأمر أكثر من عقد من البناء البطيء لحجم العلاقات الثنائية قبل أن تصبح مسألة التحسين النوعي في التفاعل مع روسيا أولوية بالنسبة لبكين.  كان رمز التغيير هو زيارة الرئيس الصيني المنتخب حديثًا شي جين بينغ إلى موسكو في مارس 2013.

 روسيا تشارك في “الحلم الصيني”

 الآن، بعد 10 سنوات، أصبح من الواضح أن المسار الجديد في العلاقات مع روسيا كان جزءًا لا يتجزأ من خطة “الحلم الصيني بالتجديد العظيم للأمة الصينية”.  تم تصميمه وكتابته من قبل شي جين بينغ وفريقه من الأشخاص ذوي التفكير المماثل حتى قبل انتخابه كأعلى شيوعي “للإمبراطورية السماوية” في المؤتمر الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني في نهاية عام 2021.  تم حساب هذه الخطة طويلة الأجل حتى عام 2049.  لقد انطلق من فهم حتمية تعزيز “احتواء” الغرب للصين مع نمو النجاحات الصينية، وعدم توافق المصالح الوطنية للولايات المتحدة والصين.  بدأت المحاولات الأولى للتطويق العسكري والاستبعاد من السلاسل الاقتصادية العالمية بعد عام 2009، عندما رفضت بكين اقتراح واشنطن بإبرام تحالف G-2 وأن تصبح “أخًا صغيرًا” من أجل الحفاظ على الهيمنة العالمية ل “المدينة المشرقة على التل. “

 يتكون “الحلم الصيني” من عدة استراتيجيات مرتبطة ببعضها البعض مثل التروس في آلية معقدة.

 “الوضع الطبيعي الجديد” أعاد توجيه الاقتصاد من أولوية دخول الأسواق الخارجية بأي ثمن إلى خدمة السوق المحلية.  أزال “البحث عن النمور والذباب” سلاسل الإنتاج والتسويق داخل الإمبراطورية السماوية من المسؤولين الفاسدين من مختلف الكوادر، وقلل من المستوى الخطير للتوتر الاجتماعي.  أدى ضعف الاعتماد على الأسواق الخارجية إلى زيادة الاستقلال في السياسة الخارجية، “الخروج من الظل”، حيث بقيت الإمبراطورية السماوية لمدة 30 عامًا وفقًا لشهادة دنغ شياو بينغ.

 كان من المفترض أن تنشئ مبادرة الحزام والطريق طرقًا تجارية برية موثوقة وأن تصبح “شريان الحياة” للصين في حالة فرض حصار على الطرق البحرية، حيث يتم نقل 80٪ من الصادرات والواردات.  لم يقتصر دور روسيا على موقع رئيسي على “طريق الحرير الجديد”.  بعد أن بدأت روسيا في التعافي، احتفظت بتقنيات عسكرية مهمة، والأهم من ذلك أنها أصبحت مثالاً لسياسة مستقلة تستحق لقب قوة عظمى.

حتى الحجم الذي لا يُضاهى مقارنة مع الاقتصاد الصيني تم تعويضه من خلال التجربة الاستراتيجية والشجاعة للرئيس فلاديمير بوتين، الذي سعى شي جين بينغ إلى التقارب معه.

 لم يخطئ الزعيم الصيني في التقدير.  دعمت روسيا جميع خططه وإجراءاته في السياسة الخارجية، بدءًا من فكرة إنشاء “مجتمع المصير المشترك للبشرية”، التي طُرحت في موسكو خلال تلك الزيارة الأولى.  بعيد ذلك، تم إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” في أستانا.  نما ثقل السياسة الخارجية للصين بسبب الجهود المشتركة لبكين وموسكو في تعزيز منظمة شنغهاي للتعاون ومنظمة “البريكس”.

نظرًا لاعتمادها على التجارة مع الغرب، فقد دعمت بكين موسكو بدقة بالغة في الأوقات الصعبة التي تلتها واحدة تلو الأخرى.  غالبًا ما تم التعبير عن هذا الدعم في صمت حقيقي ردًا على مطالب إدانة أفعال روسيا والمشاركة في العقوبات.  في بعض الأحيان، كان الجواب هو العمل التوضيحي، مثل زيارة شي جين بينغ لأولمبياد سوتشي وسط مقاطعة غربية.  بدوره، جاء الزعيم الروسي إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في شتاء عام 2022، رغم استمرار خطر الفيروس.  التقى شي جين بينغ وفلاديمير بوتين قدر المستطاع.  بالإضافة إلى تبادل الزيارات لعواصمهم، تحدثوا على هامش اجتماعات دولية مختلفة.  على الرغم من “كوفيد” لمدة ثلاث سنوات، فقد التقيا بشكل غير مسبوق في كثير من الأحيان خلال 10 سنوات – 40 مرة!

 “تنسيق قتالي” بين موسكو وبكين

 استنادًا إلى تلاقي المصالح الوطنية، تطور التقارب بين روسيا والصين بوتيرة جيدة طوال السنوات العشر التي كان فيها شي جين بينغ في السلطة.

لقد كسب التقارب تسارعا بعد بدء ما يشبه “الحرب الباردة” مع الغرب ضد القوتين “الاصلاحيتين”.

على الخريطة الجيوستراتيجية للعالم، ظهرت جبهتان بوضوح – الغربية والشرقية.  بدأ تشكيل الجبهة الغربية التي تهدف إلى احتواء روسيا، في عام 2007 وانتهى بحلول عام 2022 على الخط الممتد من فنلندا إلى تركيا.  تم تحديد أوكرانيا كنقطة انطلاق للضربة الرئيسية، واضطرت موسكو لشن ضربة استباقية في 24 فبراير 2022. انكشف تشكيل الجبهة الشرقية في عام 2018 مع الثورة الملونة في هونغ كونغ والتحريض على الاضطرابات في شينجيانغ وفرض عقوبات اقتصادية ومحاربة شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية.  يمتد خط الجبهة الشرقية الآن من اليابان إلى أستراليا، مروراً بكوريا الجنوبية وتايوان والفلبين وسنغافورة. ضوقد تم تعزيزه من قبل الكتلة العسكرية الجديدة AUKUS ومنظمة KVAD.  صنفت تايوان كنقطة انطلاق للاستفزاز العسكري.  يتم ضخها بأسلحة حديثة، وسلطاتها تدفع لإعلان الاستقلال عن جمهورية الصين الشعبية، وهو ما يعادل إعلان الحرب.

في ظل هذه الظروف، أصبحت روسيا والصين مرة أخرى “جبهة ثانية” لبعضهما البعض.  من خلال إجبار الغرب على نشر قواته إلى الغرب والشرق، تعمل موسكو وبكين على تقليل الضغط العسكري، والذي، إذا تم تركيزه، يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على أي من الجبهتين.  تمكنت روسيا، بفضل الصين، من إعادة توجيه تدفقات صادراتها التي وقعت تحت العقوبات.  تُظهر الصين، بفضل روسيا، للغرب أن محاولات خنق الاقتصاد من خلال حرمان المواد الخام الاستراتيجية وإغلاق طرق النقل البحري محكوم عليها بالفشل.

 على هذه الخلفية تمت زيارة شي جين بينغ “الرئيس لثالث مرة”  إلى موسكو.  جوهرها، في رأيي، كان “التنسيق القتالي” لروسيا والصين.  مثل قادة الجنود في الخنادق المتجاورة، كان القائدان عمليان ومحددان.  لمدة أربع ساعات ونصف، ناقشوا أهم جوانب هذا التنسيق، تسلسل الإجراءات، وأشكال الأعمال المشتركة.  وغني عن البيان أن كل هذه الأحاديث ستبقى سرية تمامًا، لكن الأفعال التي تلي الكلمات سيشاهدها العالم بأسره قريبًا.

 بعد المحادثات وجهاً لوجه، انضم رؤساء الوزراء والوزراء والجنرالات وكبار الصناعيين إلى قادتهم.  جلب شي جين بينغ 120 شخصية من “العيار الثقيل” إلى موسكو.  كما نشر بوتين “مدفعية القيادة الرئيسية”.

 أرى معنى هذا الاجتماع للنخب في إظهار الإرادة السياسية المشتركة لكبار القادة لمحيطهم.

“الصين اتخذت خيارا استراتيجيا لصالح روسيا”! يجب سماع هذا البيان من قبل شي جين بينغ ليس فقط في موسكو وعواصم العالم الأخرى، ولكن أيضًا في الصين نفسها، حيث يحتل الأشخاص ذوو التعليم الغربي والمتعاطفون مع الغرب مناصب عليا في السلطة والأعمال.  لكن الأوهام حول الغرب لم تعد مقبولة الآن.  يجب أن يتم “التنسيق القتالي” دون تأخير مصطنع، و “صعوبات موضوعية”.  في الأساس، تم التوقيع على “خريطتي طريق” في الكرملين – إعلان سياسي وبرنامج اقتصادي حتى عام 2030.

 هذه الفترة ليست مصادفة.  من الواضح أن بوتين وشي جين بينغ لن يتركا موقعي القبطان.  على سبيل المثال لا الحصر لفترتين مدتهما خمس سنوات، ينوي الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني بوضوح المشاركة في المؤتمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي الصيني في عام 2032.  كما يأتي تمني نجاح بوتين في الانتخابات الرئاسية عام 2024 من هذا المنطق.  يضمن الحفاظ على سلطة الرئيس بوتين استقرار الإبحار المشترك على مسارات متوازية وإمكانية التنبؤ به.  إذا نجح كلا الطيارين، فقد يحتلان المكان المرموق نفسه في تاريخ بلديهما وسجلات البشرية مثل ستالين وماو تسي تونغ، اللذين افتتحا حقبة جديدة في العلاقات بين موسكو وبكين وقادا بنفسهما مرحلتها الأولى.

بعد الإدراك الكامل لمهام العقد الأول للحركة نحو “البعث العظيم للأمة الصينية” تحت شعار “العصر الجديد”، انتقلت الصين، في نهاية المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر 2022، إلى ” مسيرة جديدة “.  يجب أن يضمن تحديث النموذج الفعال “للاشتراكية ذات الخصائص الصينية” إلى “التحديث الاشتراكي” بحلول عام 2035 مضاعفة دخل الفرد من السكان والناتج المحلي الإجمالي للصين، والانتقال إلى اقتصاد مبتكر.  ولكن، ربما الأهم من ذلك، يجب إجراء توزيع أكثر إنصافًا للثروة الاجتماعية وفقًا لشعار الحزب “الرفاهية العامة”.  تعود الصين إلى المثل العليا للاشتراكية وتقدم خبرتها في إنشاء اقتصاد عالي الكفاءة ونظام اجتماعي عادل بشكل متزايد لأصدقائها وجيرانها على كوكب الأرض.

 من بين أقرب الأصدقاء، يسمي القادة الصينيون والصينيون العاديون –  روسيا.  بدأنا “التنسيق القتالي” في الأوقات الصعبة.  معا سنقف بحزم ونمضي قدما نحو السلام والاشتراكية.

✺ ✺ ✺

الصين وروسيا بحاجة إلى بعضهما البعض – مقابلة صحفية تكشف العديد من الأسرار

يوري تافروفسكي

مستشرق سوفياتي و روسي، خبير في الشؤون الصينية، استاذ جامعة الصداقة بين الشعوب، كاتب، صحفي ورحالة. رئيس مجلس الخبراء التابع للجنة الروسية الصينية للصداقة والسلام والتنمية

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

27/3/2023

سؤال – من المقبول عمومًا أن يتم التعبير عن الصين بشكل أفضل بلغة الإشارات والرموز بالإضافة إلى المعجم الدبلوماسي الرسمي. ما هي رموز الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى موسكو؟  على سبيل المثال، حقيقة أن وصول الزعيم الصيني تزامن مع الاعتدال الربيعي في 21 مارس تم الحديث عنه من قبل جميع وسائل الإعلام لدينا تقريبًا.  لكن هل هذا مهم؟

جواب – أعتقد أن الرموز الرئيسية لهذا الحدث ليست مرتبطة بالنجوم، ولكن حقيقة أنه منذ 10 سنوات تقريبًا، في 22 مارس 2013، زار شي جين بينغ موسكو لأول مرة.  في ذلك الوقت، كانت أيضًا أول رحلة خارجية للزعيم الصيني، تمت بعد فترة وجيزة من خلافته ل “هو جينتاو”. الآن، بالطبع، حاول الصينيون توقيت الزيارة التاسعة لشي جين بينغ مع تلك الذكرى.

 بالمناسبة، في عام 2013، كان شي جين بينغ أيضًا يشغل ثلاثة مناصب : رئيس الصين، والأمين العام للحزب  ورئيس المجلس العسكري المركزي.  أي رأس الدولة والقائد الأعلى وزعيم الحزب الحاكم.  في تلك الأيام بدأ “العصر الجديد” في تاريخ  الصين.  في الواقع، يُطلق على كامل فترة حكم شي جين بينغ حتى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني اسم “العصر الجديد”.  يظهر هذا الاسم في معظم الوثائق الرسمية الصينية.  ولكن ابتداء من المؤتمر العشرين، الذي عقد في أكتوبر من العام الماضي، بدأوا فترة أخرى أطلق عليها “الحملة الجديدة”.  كلا المرحلتين مرتبطتان بتحقيق الخطة طويلة المدى “الحلم الصيني لتجديد شباب الأمة الصينية”، والتي تسمى ببساطة “الحلم الصيني” باختصار.  تذكرون أنه في الثلاثينيات، كان الشيوعيون الصينيون قد شهدوا “المسيرة الكبرى”، لذا فإن “المسيرة الجديدة” تهدف إلى تذكر الطبيعة الاشتراكية للصين الحديثة.  أصبحت هذه الدورة واضحة بشكل خاص بعد المؤتمر التاسع عشر للحزب، عندما أُعلن: “سنكون مخلصين لمبادئنا الأصلية”.

منذ ذلك الحين، اتجهت الصين مرة أخرى علانية نحو الاشتراكية، نحو “اللون الأحمر”.  على مدى السنوات العشر الماضية، تم تحقيق “متوسط ​​الرخاء”، ويُشار إليه في اللغة الصينية بمصطلح “xiaokang”.  وبالفعل، لم يعد آخر 100 مليون شخص خلال هذه الفترة متسولين.

 للمقارنة: عندما وصل الشيوعيون إلى السلطة في الصين عام 1949، كان حوالي 95٪ من السكان فقراء، أي يعيشون تحت خط الفقر.  بحلول عام 2012، عندما تولى شي جين بينغ منصب رئيس الدولة، بقي 100 مليون فقط في حالة فقر.  الآن تم انتشال هؤلاء الناس من براثن الفقر المدقع وأصبحوا فقراء ببساطة.  كقاعدة عامة، يعيشون على 1000 يوان في الشهر ( 10-11 ألف روبل).  هذا ليس بالأمر السهل بالطبع، لكن ما يقرب من 600 مليون شخص لديهم مثل هذا الدخل.  يبلغ عدد الطبقة الوسطى في الصين أكثر من 400 مليون شخص، وهم الذين سافروا حول العالم كسائحين قبل جائحة كوفيد، وكنا نراهم في كثير من الأحيان في شوارع موسكو وسانت بطرسبرغ.

 الآن، في إطار “الحملة الجديدة”، تم الإعلان عن مهمة أخرى خلال السنوات العشر إلى الخمس عشرة القادمة: مضاعفة دخل السكان، ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي مرة أخرى وتنفيذ (كما يقولون هم أنفسهم) التحديث الاشتراكي.  النقطة المرجعية هي مجتمع “الرفاهية العامة”، “gong tong fu yu”.  علاوة على ذلك، يعد تحسين العلاقات مع موسكو جزءًا لا يتجزأ من مسار شي جين بينغ هذا.  هذا مهم جدا بالنسبة لنا وللصين.

 تذكر أن “دنغ شياو بينغ” بدأ حقًا عهده برحلة إلى الولايات المتحدة، حيث التقى بجيمي كارتر وأعلن إنشاء جبهة موحدة ضد الاتحاد السوفياتي.  منذ ذلك الحين، اضطرت بلادنا للدفاع عن نفسها على جبهتين – الغربية والشرقية، وهذا بالمناسبة هو أحد أسباب الانهيار الاقتصادي للاتحاد السوفياتي.

 لم يتحقق تطبيع العلاقات إلا في عام 2001، عندما وقع فلاديمير بوتين والرئيس الصيني جيانغ تسه مين” اتفاقية حول حسن الجوار والصداقة والتعاون.  ووصل شي جين بينغ بدوره إلى السلطة بهدف تحسين العلاقات الروسية الصينية تحسبا لتدهور علاقات الصين مع الغرب.  لقد توقع بالفعل بعد ذلك أن النجاحات الاقتصادية الصينية ستثير الغيرة والمعارضة من الحضارة الغربية وستبدأ مرحلة من الاحتواء النشط.

والآن، بعد 10 سنوات من الزيارة الرسمية الأولى، جاء “شي جين بينغ” مرة أخرى لزيارة فلاديمير بوتين، وفي اليوم الأول، لمدة 4.5 ساعة، تحدثوا خلف أبواب مغلقة عن شيء مهم للغاية.  ما كانوا يتحدثون عنه، سنكتشفه في الأيام والأسابيع والأشهر وحتى السنوات القادمة، لأنه، على ما أعتقد، أثيرت مواضيع خطيرة للغاية.  لا يسعنا إلا أن نرى غيض من فيض من المفاوضات : المصافحة، والابتسامات، وعبارات البروتوكول المدروسة، لكننا سنتعرف على “الجزء الواقع تحت الماء” بشكل تدريجي.

 ليس سراً أنه منذ اجتماعهم الأخير في 4 فبراير 2022 في بكين، تغير الوضع في العالم بشكل كبير: لقد أطلقنا عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا، واقتربت الصين جدًا من عتبة نزاع عسكري متعلق بتايوان. هذه ديناميكية مقلقة للغاية بالنسبة للصين.  إذا بدأت الحرب الباردة الجديدة ضد روسيا في حوالي عام 2007، عندما تحدث بوتين في ميونيخ ضد العالم أحادي القطب ودعا إلى العيش وفقًا للقواعد، وليس بناءً على طلب الولايات المتحدة، فقد بدأ كل شيء بالنسبة للصين في عام 2017  عندما وافق المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني على برنامج “الحلم الصيني” لشي جين بينغ، والذي يقضي بأن تصبح “الإمبراطورية السماوية” بحلول عام 2049 (الذكرى المئوية لجمهورية الصين الشعبية) أقوى دولة في العالم.

 و مدد نفس المؤتمر ولاية الرفيق “شي” إلى أجل غير مسمى، والغى فترتي الحكم لخمس سنوات وهو ما كان ينطبق في السابق على القادة الصينيين.  وبناءً عليه، خفض الأمريكيون حاجبهم وذهبوا إلى الهجوم.  تم عقد المؤتمر التاسع عشر في أكتوبر 2017، بعدها في ربيع 2018 بالفعل، بدأ دونالد ترامب في فرض رسوم على البضائع الصينية.  في نفس العام، في الخريف، جرت محاولة لثورة ملونة في هونغ كونغ، عندما واجهت الشرطة المحلية آلاف المتظاهرين (ما يسمى ثورة المظلات).  في ذلك الوقت، تحدثت صحيفة الشعب اليومية الرئيسية الصينية عن الحاجة إلى “الوقف الفوري للقوى المعارضة للصين و” سحق الخطط الخبيثة للأعداء الخارجيين “.

 في نفس الوقت تقريبًا، استؤنفت مشاكل شينجيانغ (المرتبطة بصراع طويل الأمد بين الأعراق بمشاركة الأويغور – المحرر)، بالإضافة إلى دفع السلطات التايوانية لإعلان الاستقلال مع ضخ موازٍ للأسلحة في الجزيرة.

 وهكذا، بدأ الغرب الهجوم  – قبل ذلك بقليل ضد روسيا، وبعيد ذلك بقليل – ضد الصين، ونحن الآن نشهد حربًا عالمية باردة جديدة مع جبهتين واضحتين للغاية.  الأولى هي الجبهة الغربية، من فنلندا إلى رومانيا، مع وجود قطاع نشط في أوكرانيا، حيث تدور بالفعل حرب ساخنة، والأخرى هي الجبهة الشرقية، والتي بدأت في الظهور في عام 2018 مع الإجراءات الأولى لاحتواء الصين.

تمتد هذه الجبهة من اليابان والفلبين إلى أستراليا وتشمل دولًا مختلفة مثل الهند وكوريا الجنوبية وغيرها، حيث يتم تنشيط القواعد الأمريكية.

تم إنشاء كتلة عسكرية جديدة AUKUS، والتي، كما تعلمون، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، تشمل أستراليا، وكذلك الكتلة الدبلوماسية العسكرية QUAD بمشاركة الهند واليابان.  في ظل هذه الخلفية، فإن مشكلة تايوان ذات أهمية خاصة بالنسبة للصين – فبالإضافة إلى ضخ الأسلحة، تتمتع هذه الجزيرة نفسها بجدارة بسمعة طيبة باعتبارها “حاملة طائرات” غير قابلة للإغراق مع صناعتها العسكرية الخاصة وحتى برنامجها النووي الخاص.

 على خلفية هذا السياق الدولي المزعج، نفهم أنه ليس فقط رئيسان، بل قائدين عسكريين التقيا في موسكو هذا الأسبوع، وهذا الجانب، على الأرجح، نوقش بشكل كبير خلال المفاوضات.

 والجانب الثاني اقتصادي: تم التوقيع على إعلان “حول خطة تطوير المجالات الرئيسية للتعاون الاقتصادي الروسي الصيني حتى عام 2030”.  ولكن يجب أيضًا النظر إليه من منظور ما أسميه “التنسيق القتالي” لروسيا والصين.  يعد تعاوننا في المجال الاقتصادي أيضًا ذا طبيعة إستراتيجية – بالنسبة للصينيين، نحن الجبهة الداخلية فيما يخص الاقتصاد والمواد الخام، وبالنسبة لنا، تعد الصين مصدرًا للتكنولوجيا والأموال، حيث تشتري بكين كمية ضخمة من السلع الخاضعة للعقوبات منا.  في الواقع، من الصعب تخيل ما سيبدو عليه الوضع بالنسبة لروسيا على الجبهة الغربية (في حرب أوكرانيا ومواجهة الناتو-المترجم) الآن إذا لم تكن الصين قد “سحبت” الناتو والقوات الأمريكية في الشرق باتجاهها.  وينطبق الشيء نفسه على الصينيين: لو لم يكن الأمريكيون ملزمون بالصراع الأوكراني وكان بإمكانهم توجيه كل قواتهم نحو الصين، فعندئذٍ في تايوان، ربما يكون الصراع العسكري قد بدأ بالفعل.

سؤال – لماذا تسمون بلادنا الجبهة الداخلية للصين؟  هل هناك جبهة داخلية تجري فيها الحرب ؟

جواب – عندما أقول إن روسيا هي الجبهة الداخلية للصين، فأنا لا أبالغ.  يتلقى الصينيون ما يصل إلى 80 في المائة من موادهم الخام عن طريق البحر – من الشرق الأوسط، ومن إفريقيا، وجميع التدفقات تمر عبر بحر الصين الجنوبي، حيث لا يزال الأسطول الأمريكي السابع، للأسف، يهيمن.  هذا يعني أنه يمكن قطع هذا الطريق في أي لحظة.  وبالتالي، ليس من قبيل المصادفة أنه خلال المباحثات بين بوتين وشي جين بينغ، تم التركيز على طرق النقل.  هناك اتفاق خاص بشأن ميناء “أوست لوغا” في مقاطعة لينينغراد، حيث سينتهي أحد فروع طريق الحرير العظيم (نحن نتحدث عن جذب رجال الأعمال الصينيين لبناء مصنع لإنتاج الغاز الطبيعي المسال ومجمع كيميائي للغاز بسعة 13 مليون طن – المحرر).  بشكل عام، يبدو المسار كما يلي:

بدءًا من مدينة Lianyungang الساحلية على شواطئ البحر الأصفر، يمر عبر Zhengzhou و Xi’an و Lanzhou و Urumqi إلى محطة Alashankou الحدودية في شينجيانغ، ويمر عبر كازاخستان وروسيا وبيلاروسيا وبولندا وألمانيا.  الطول الإجمالي11ألف كيلومتر.  ومع ذلك، فإن هذا المسار، كما رأينا بالفعل، يمكن قطعه بسهولة في بولندا.  خط السكك الحديدية الحالي، والذي يسمى “الجسر القاري الجديد” وهو طريق حاويات تم إطلاقه في عام 1992، يمكن أن يصاب بالشلل من قبل البولنديين حسب نفس السيناريو الذي يبطئون فيه بالفعل النقل البري.  ستغلق محطات السكك الحديدية البولندية لسبب أو لآخر، وسيتاخر التخليص الجمركي لمدة أسبوع أو أكثر.  ماذا نفعل حينها بالسلع الصينية؟  خاصة عندما تعلم أن الصين تتاجر مع أوروبا بحوالي 800 مليار دولار في السنة.  بالمناسبة، هذا أكثر من حجم التجارة مع أمريكا.

نتكلم قليلا في موضوع آخر : الشريك التجاري الرئيسي للصين اليوم هو دول جنوب شرق آسيا، ACEAN.  الشريك الثاني الأكثر أهمية هو أوروبا والثالث فقط هو الولايات المتحدة.  لذلك، تعتبر الطرق الاحتياطية إلى أوروبا مهمة للغاية بالنسبة للصين، ويبدو أن أراضينا، وهي دولة صديقة لها، هي الأمثل لطريق الحرير العظيم.  في نفس مقاطعة لينينغراد وسانت بطرسبرغ، توجد موانئ أخرى مثل بريمورسك وبرونكا وفيبورغ، حيث يمكن توصيل البضائع إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.  من هنا، ليس من قبيل المصادفة أن شي جين بينغ دعا فلاديمير بوتين وميخائيل ميشوستين لحضور المنتدى الدولي الثالث كجزء من مشروع “حزام واحد، طريق واحد”، والذي من المقرر عقده في بكين في مايو.

 وبالتالي، فإن الصين وروسيا بحاجة إلى بعضهما البعض حقًا، وفي الوقت الحالي، يجري التنسيق العسكري في اتجاهات عديدة في وقت واحد.  كما يقول شي جين بينغ : نحن نقف “كتفا لكتف” مع الاتحاد الروسي.  لدى الصينيين أيضًا تعبير مفضل عن الشفاه والأسنان – وهذا عندما تغطي الشفاه الأسنان.  من الذي سيلعب أي دور، سنكتشفه أثناء المسير.  على أي حال، فإن الزيارة الأخيرة هي زيارة تاريخية، فهي تغلق العقد السابق من “العصر الجديد” وتفتتح العقد القادم من “الحملة الجديدة”.  تفتح فترة جديدة من التفاعل الاستراتيجي في الواقع الجيوسياسي الجديد الذي ظهر خلال العام الماضي.

سؤال – لماذا، في رأيك، كان من الضروري عقد اجتماع منفصل بين شي جين بينغ وميخائيل ميشوستين؟  اقترح بعض المراقبين أن هذا هو نوع من “الاشهار” لخليفة محتمل لفلاديمير بوتين.

جواب – لا، لا أعتقد ذلك – هذا حدث بروتوكولي بحت.  من المفترض أن تكون هذه هي الحال: يلتقي الرئيس دائمًا ليس فقط مع زميله، ولكن أيضًا مع رئيس الوزراء.  بالإضافة إلى ذلك، نعلم أنه خلال الاجتماع في 20 مارس، تمنى شي جين بينغ لبوتين النجاح في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.  قيلت هذه العبارة: “أنا متأكد من أن الشعب الروسي سوف يدعمك بقوة في خطواتك الطيبة”.  بطريقة ما ميشوستين لا يتناسب مع فكرة “العرض”.  يناسب بوتين شي جين بينغ بنسبة 150٪، تمامًا مثل بوتين شي جين بينغ، و تربطهما علاقة شخصية جيدة.  لذا فإن الزيارة الحالية هي أيضًا حلقة وسيطة لصداقتهما، وهي “رسم خطين” بقلم أحمر تحت العقد الأول من التفاعل الشخصي.  بالمناسبة، عندما أتحدث عن هذا، يبدأ الصينيون دائمًا في الضحك، مع فهم التلميح : بعد كل شيء، العقد الأول ليس هو الأخير بكل تأكيد.  نفترض أن شي جين بينغ سيحكم الصين حتى حوالي عام 2035.

سؤالأتساءل إلى متى سيحكم بوتين؟.. بعد كل شيء، هما تقريبا في نفس العمر والرفيقشي“.

جواب – حسنًا، نعم، في 15 يونيو سنحتفل بعيد ميلاده السبعين لشي جين بينغ.  وهكذا، فإن الزعيم الصيني سوف يلحق ببوتين في عدد سنوات عمره.

سؤال – ألا تعني زيارة رئيس جمهورية الصين الشعبية أننا سنحصل الآن على تسمية الحاكم في موسكو من قبل  الصين، كما فعلنا ذات مرة في اوردا الذهبية؟

جواب – هناك الكثير من الأشياء التي يمكنك التفكير فيها حول هذا الموضوع… بالمناسبة، هل تعلم أن قديسنا الروسي العظيم ألكسندر نيفسكي تلقى حقًا التزكية للحكم من الصين؟  كان ذلك في كاراكوروم.  كانت الصين، مثل روسيا، جزءًا من الإمبراطورية المغولية في القرن الثالث عشر، لذلك ذهب ألكسندر نيفسكي إلى باتو خان.  لذلك كانت هناك بالفعل أمثلة.

 هناك كاتبان بارزان في سانت بطرسبرغ (خبراء الشؤون الصينية) – فياتشيسلاف ريباكوف وإيغور أليموف.  كتبوا سلسلة من الروايات تحت العنوان العام “السمفونية الأوراسية”، حيث تجري الأحداث في دولة أوردوس (اوردا وروس)، والتي تشكلت بدورها بعد اتفاق قادة روسيا ومنغوليا على الاتحاد.  الدولة، التي يبدو أنها موجودة اليوم، لديها ثلاث عواصم في وقت واحد: بكين (خانباليك)، كاراكوروم والإسكندرية نيفسكايا، التي يقصد بها  سانت بطرسبرغ بسهولة.  معا يقاتلون ضد أعدا انء مختلفين.  أحد الكتب في هذه السلسلة الرائعة، والذي نُشر في عام 2001، بعنوان “حالة الدراويش المستقلين”، حيث يقاتل الأبطال أولئك الذين نسميهم الآن القوميين الأوكرانيين.

لكن في الواقع، حيث لا توجد “أوردوس”، لا يحتاج الصينيون إطلاقاً إلى تحمل روسيا بمشاكلها الكبرى، الاقتصادية والسياسية.  الصينيون عمومًا متمركزون جدًا حول الصين: بالنسبة لهم، لا يوجد سوى “الإمبراطورية السماوية”، التي يجب أن يعيش فيها المرء، بينما يعيش البرابرة على الجانبين.  البرابرة لديهم مشاكلهم الخاصة – لذا دعهم يحلونها بأنفسهم.  في الواقع، هذا هو السبب في أن الصينيين أنفسهم لم يتدخلوا في أي مكان.  تم توسيع حدود الإمبراطورية السماوية من قبل الغزاة – المغول والمانشور.

سؤاللكن، فيما يتعلق بالاتحاد الروسي، آمل أن الصينيين لم يعودوا متعجرفين كما كانوا في السابق؟  أتذكر أن بعثة الكونت يوري جولوفكين الروسية، التي أُرسلت من سانت بطرسبرغ إلى الإمبراطورية السماوية عام 1805، طُلب منها الركوع 3 مرات وضرب جباهها على الأرض 9 مراتلم يفعل الكونت هذا العمل المهين، وأعيدت السفارة بأكملها إلى روسيا.

جواب – الآن ينطلق الصينيون من حقيقة أن مصالحنا الوطنية تتطابق، بالإضافة إلى إمكاناتنا الإجمالية، على الرغم من حقيقة أن اقتصادنا وعدد سكاننا أصغر بعشر مرات.  ومع ذلك، لا تزال روسيا قوة عسكرية ودولية كبيرة، ولدينا الكثير من الخبرة (خاصةً لدى بوتين)، بينما بدأ الصينيون للتو في الخروج من الظل.  تذكر كيف اوصى دينغ شياو بينغ ذات مرة: “ابق في الظل، وقم ببناء القوة، وانتظر الفرصة ولا تبرز بأي حال من الأحوال”.  لذلك، فإن الصينيين، الذين ظلوا في الظل لفترة طويلة، لديهم القوة، لكن لا توجد خبرة عسكرية وخبرة دولية، ولدينا الكثير منها.  بهذا المعنى، تعتبر روسيا مدرسًا مهمًا جدًا لجمهورية الصين الشعبية.

سؤالانتبه كثير من المراقبين إلى الكمامة على وجوه الصينيين الذين وصلوا إلى روسياحتى قائد الطائرة التي أحضرت رئيس الصين إلى روسيا التزم بالكمامة.  هل ما زالت الصين خائفة من فيروس كورونا؟

جواب – هناك الآن تفشي للإنفلونزا في الصين، لذا فإن الصينيين، كأشخاص منضبطين، يرتدون كمامات. وفي  الصين نفسها، لا يزال السكان يرتدون كمامة في الشوارع – ليس لأنهم مجبرون، ولكن لأنهم مسؤولون ومثقفون.

سؤال – لكن في نفس الوقت كان الرفيق “شي” بلا كمامة

جواب – نعم، يظهر القادة الصينيون في الأماكن العامة بدون كمامة، لأن لديهم حجر صحي خاص وطب خاص.  حتى في مؤتمرات الحزب – انتبه!  – الجميع يرتدون كمامة، لكن شي جين بينغ والصف الأول من أعضاء المكتب السياسي ليس لديهم كمامة.

سؤالمن جانبنا، التقى الوفد الصيني بالعديد من المسؤولين الروس البارزين، بمن فيهم رئيسة البنك المركزيإلفيرا نابيولينا“.  هل هذا يعني أننا مستعدون للسماح للبنوك الصينية بدخول روسيا؟  بعد كل شيء، فإن النظام المصرفي الصيني ممثل على نطاق واسع في العالملنفترض أن نفس البنك التجاري الدولي لديه فروع في نيويورك، ولوكسمبورغ، وباريس، ومدريد، وكما يقولون، في كل مكان.

جواب – الحقيقة أن بنوكنا الروسية أقزام مقارنة بالبنوك الكبيرة المملوكة للدولة في الصين.  لذلك، لا تتسرع البنوك الصينية إلى روسيا – بل إننا نتوسلهم للمجيء إلى هنا وحتى إلى حد ما هناك محاولات لاجبارهم.  أعتقد أن إحدى نتائج الزيارة الأخيرة ستكون أن الحزب الشيوعي، الذي يمتلك ويدير هذه البنوك، سيقوم بطريقة ما بنشرها في بلادنا على الرغم من أنهم غير راغبين بشكل رهيب في القيام بذلك – يمكن للمرء أن يقول، إلى درجة كبيرة.  من الواضح أنهم يخشون فرض عقوبات اقتصادية  عليهم.  بالإضافة إلى ذلك، يتمتع المصرفيون لدينا بخبرة في التواصل مع زملائهم الصينيين، وهو أمر لا يمكن وصفه بأنه إيجابي ومعقول.  أعني، عندما يبدأ رئيس أحد البنوك الروسية الكبيرة، الذي يعتبر في الواقع قزمًا مقارنة بالعمالقة الصينيين، في تعليم المصرفي الصيني كيفية تطوير البنك، وكيفية المشاركة في التقسيم العالمي للعمل، و أين تخزين الأموال (بالطبع، حسب رأيه، في “بنوك التوفير” الغربية) وما إلى ذلك.

 ونتيجة لإحدى هذه المحادثات، قال رئيس أحد البنوك الصينية في قلبه: “لا أريد أن أرى هذا الأحمق في مكتبي مرة أخرى”.  لن أعطي اسمًا، لكنني سأقول إنه الآن فقط، بعد حوالي 10 سنوات، من المقرر أن يزور – رجل الأعمال الروسي هذا – بكين.

 لذلك من غير المجدي الحديث عما إذا كانت “نابيولينا” ستسمح بشيء أم لا.  لسوء الحظ، هي لا تُقارن بأولئك الذين يديرون النظام المصرفي الصيني، ومكانتها في هذا التفاعل –  لا مكان لها.

سؤال – ما هي البنوك الصينية التي يمكن أن تأتي إلى روسيا في رأيك؟  بنك التنمية، ABC، ​​ICBC

جواب – ما الذي تتحدث عنه، ليس ICBC!  في أحسن الأحوال، البنوك الإقليمية الصينية، التي لديها مع ذلك رأس مال أكبر من “سبيربنك” وغيره من الهياكل المصرفية الروسية.  تذكر: الاقتصاد الصيني أكبر بعشر مرات من الاقتصاد الروسي، واليوان الصيني أغلى بعشر مرات من الروبل!  ضع في اعتبارك، على سبيل المثال، أن مقاطعة قوانغدونغ الصينية، ومركزها في مدينة قوانغتشو، لديها ناتج محلي إجمالي أكبر من روسيا بأكملها (يعيش 126 مليون شخص هناك)!  وهذا في مقاطعة واحدة فقط!  لذلك، إذا أتت إلينا البنوك من قوانغتشو أو شينزين التي أنشأها شي تشونغ شون، والد شي جين بينغ عندما كان حاكمًا هناك، فسيكون ذلك نعمة كبيرة لنا.  والبنوك الصينية الكبرى، الخمسة الكبار من الصين على أراضي  روسيا هي خيال علمي!

سؤال – وكيف يمكن أن يتطور تعاوننا العسكري مع الصين؟  بعد كل شيء، كان وزير دفاعنا سيرجي شويغو أيضًا جزءًا من “مجموعة التفاعل” التي تواصلت مع ضيوفنا من الصين.

جواب – نحن نتعاون بالفعل في هذا المجال، وتفاعلنا يتطور على قدم وساق.  نجري مناورات برية مشتركة، وتطير قاذفاتنا الإستراتيجية بشكل وثيق نحو اليابان وكوريا الجنوبية.  تقوم سفننا الحربية أيضًا بالمناورة جنبًا إلى جنب، حيث تلتقي ببعضها البعض في مكان ما في مياه بحر الصين الشرقي.  سلمنا إلى الصين أكثر أنظمة الإنذار من إطلاق الصواريخ تطوراً.  عندما يقولون إن علاقاتنا في بعض المجالات أعلى من علاقات الحلفاء، فهذا يعني في المقام الأول المجال العسكري.  لذلك ليست هناك حاجة لتغيير أي شيء هنا – يجب اتباع نفس المسار وتعزيز التعاون العسكري.

سؤال – هل ستزودنا الصين بأسلحة يمكن أن نستخدمها في الصراع في أوكرانيا؟

جواب – لا أعتقد أن مثل هذه الاشياء يمكن إجراؤها علانية، ولكن يتم إخفاؤها من خلال بعض القنوات، ربما تكون عمليات التسليم جارية بالفعل عبر البلدان الثالثة أو الرابعة.  كل هذا يتحدث عن سبب عدم قيام الصين بتزويدنا بالمساعدة العسكرية، وليس من عقدة النقص.  بعد كل شيء، نحن أولاد كبار، وبدءًا من الحرب في أوكرانيا، آمل أن نفهم أنه سيتعين علينا نحن أنفسنا التعامل مع العواقب.  هذا ما نقوم به الآن، وأعتقد أننا قادرون على حل هذه المشكلة بدون المتطوعين الصينيين والدبابات الصينية.  لقد قمت بالفعل بتسمية المساعدة العسكرية الرئيسية التي قدمتها الصين إلينا – هذه هي الجبهة الشرقية.  إذا كان الأمريكيون قد أزالوا حاملات طائراتهم وقاذفاتهم الاستراتيجية وما إلى ذلك من هناك ونقلوها إلى أوكرانيا مع قوات الناتو، لكنا مررنا بوقت عصيب.  أما بالنسبة لتوريد القذائف والأسلحة الأخرى التي يرغب بعض قادتنا في الحصول عليها من الصين، فهذا ما يسميه الصينيون أنفسهم “الضفدع الجالس في قاع البئر”.  لا ترى سوى قطعة من السماء وتفكر مليًا في الأمر.  من الضروري أن ننظر “أوسع وأكثر عمقا”!

سؤال – قبل بدء الزيارة، قال السكرتير الصحفي لبوتين، دميتري بيسكوف، للصحفيين إن آيس كريم شي جين بينغ “جاهز دائمًا”.  نعلم جميعًا من الأخبار أن الزعيم الصيني يعشقه.  لكن ربما يكون الآيس كريم الحقيقي لـ “شي” هو مشروع القطب الشمالي، الذي دعونا الصينيين إليه؟

جواب – بالنسبة لطريق بحر الشمال، إذن، بالطبع، نعم – يحتاج الصينيون إلى طريق احتياطي آخر لبضائعهم.  بالعودة إلى عام 2013، حصلت الصين على وضع دولة مراقب دائم في مجلس القطب الشمالي بدعم نشط من روسيا، وكذلك النرويج والدنمارك.  ولكن، لكي نكون صادقين، اتخذنا موقفًا متحفظًا إلى حد ما في مسائل التعاون المشترك في هذا المجال، لذلك بدأ الصينيون في تطوير برنامج القطب الشمالي الخاص بهم.  في الوقت الحاضر، تعلموا بالفعل كيفية بناء كاسحات الجليد الخاصة بهم، على الرغم من أن أولها، والتي تسمى “Snow Dragon” (“Xuelong”)، تم شراؤها في حوض بناء السفن في خيرسون وتم الانتهاء منها لاحقًا في حوض بناء السفن في شنغهاي. أنشأت الصين قسمًا خاصًا لتطوير طريق بحر الشمال، وهناك جامعة القطب الشمالي في مدينة تشينغداو، وأكثر من ذلك بكثير.

 ومع ذلك، إذا قام بوتين وشي جين بينغ الآن بتحديث اتفاقيات القطب الشمالي، فهذا جيد جدًا.  الصينيون، كما نعلم، استثمروا في مشاريع الغاز في القطب الشمالي.  إذا أصبحوا، نسبيًا، أعضاء في “الشركة المساهمة Sevmorput”، فإن الأمريكيين سيكون لديهم فرص أقل لإخراجنا من هناك.  ومثل هذه المحاولات، كما قد تتوقع، إذا لم يتم إجراؤها بشكل مباشر، فمن المؤكد أنها مخطط لها.

سؤال – لقد شاهدت العديد من الأحداث الصينية الهامة، ولا سيما المأساة التي وقعت في يونيو 1989 في ميدان تيانانمن، عندما تم قمع الاحتجاج بوحشية.  يقولون إن المتظاهرين في ذلك الوقت كانوا يطالبون بـ “البيريسترويكا” و “الجلاسنوست” وفقًا لأنماط غورباتشوف.  ولكن هل يمكن للصين أن تحقق نفس النجاح الذي تحققه اليوم لو كان لديها “بيريسترويكا” خاصة بها؟

جواب – لقد شاهدت فقط المرحلة الأولى من الأحداث في ميدان تيانانمن – قبل تطبيق الأحكام العرفية.  بدأ إطلاق النار بدوني – كنا مجموعة مرافقة لميخائيل جورباتشوف، في تلك اللحظة كنا قد عدنا بالفعل إلى موسكو.  حينها عملت في القسم الأيديولوجي للجنة المركزية للحزب الشيوعي، و قمت باعداد زيارة جورباتشوف هذه إلى الصين (تمت في 15-18 مايو 1989 – ملاحظة المحرر)، وبالتالي شاركت فيها.  لقد منحتني الفرصة لمراقبة كل ما كان يحدث في بكين في ذلك الوقت.

 وماذا حدث بالضبط؟  في الواقع، كانت أزمة الحزب الشيوعي الصيني هي التي تطورت بالتوازي مع أزمة الحزب الشيوعي السوفياتي بقيادة جورباتشوف.

 منظم الأحداث في ذلك الوقت لم يكن سوى الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني تشاو تسييانغ، الذي أراد أن يتبع طريق جورباتشوف من خلال “البيريسترويكا” و “التفكير الجديد” وما إلى ذلك.  تمكن من خلال قنواته من التأثير على الشباب.  كل هذا حدث على خلفية التدهور العام في الوضع الاقتصادي وتفشي الفساد، ولكن كما هو الحال في بلدنا، في الاتحاد السوفياتي.

من الجدير بالذكر أنه بعد عامين فقط، وقعت أحداث مماثلة لتلك التي حدثت في الصين في الاتحاد السوفياتي خلال انقلاب أغسطس 1991.  كان الاختلاف الوحيد هو أنه في الصين كان هناك رجل مصمّم يُدعى دنغ شياو بينغ، استخدم صلاحياته كرئيس للمجلس العسكري للحزب لاتخاذ إجراءات قاسية للغاية ضد المتظاهرين.  تم إعلان الأحكام العرفية، ودخلت دبابات ووحدات جيش التحرير الشعبي الصيني إلى المدينة.  ونتيجة لذلك، ووفقًا لمصادر مختلفة، قُتل ما بين 1000 إلى 3000 شخص، ومن كلا الجانبين، حيث ألقى المواطنون “المحبون للسلام” زجاجات حارقة على الدبابات وضربوا افراد الجيش وشنقوهم وحتى قطعوا أعضائهم التناسلية.  ومع ذلك، أنقذ دنغ شياو بينغ بلاده من التفكك، واحتفظ بسلطة الحزب الشيوعي كهيكل لتشكيل الدولة.

 كما حدث في بلدنا بعد عامين، عندما تكررت أحداث مماثلة في الاتحاد السوفياتي، لم يكن لدى غورباتشوف القوة لإنقاذ الحزب والبلد ووضع حد للاضطرابات.  وهكذا، انتهى بنا الأمر حيث نحن الآن. وخسرنا ليس الف أو 3 آلاف شخص، بل مئات الآلاف وربما الملايين، ويستمر هذا العدد المشؤوم، لأن ما نراه في أوكرانيا اليوم هو نتيجة لانهيار الاتحاد السوفياتي.

سؤال – وقبل قمع الانتفاضة هل التقيت شخصيا بالمتظاهرين؟

جواب – نعم بالطبع رأيتهم.  كان نصفهم من الطلاب والنصف الآخر من العمال الشباب.  ركبوا شاحنات، وساروا في صفوف، يحملون لافتات عليها أسماء الجامعات.  كان هناك حتى علماء من أكاديمية العلوم الاجتماعية.  ساد الابتهاج العام، وكان الناس يؤيدون بشدة المتظاهرين.  على سبيل المثال، كسر الناس الزجاجات الصغيرة ظاهريًا.  الحقيقة هي أن اسم دنغ شياو بينغ يمكن قراءته من اللغة الصينية على أنه “زجاجة صغيرة”.  وهكذا تغلب الصينيون على هذه الزجاجات، لأن ابن دينغ شياو بينغ، دينغ بوفانغ، كان يُعتبر أحد المسؤولين الفاسدين الرئيسيين في البلاد.  في السابق، كان ضحية “للثورة الثقافية” –  تم وضعه في السجن والقاؤه من النافذة، مما أدى إلى كسر عموده الفقري.  لذلك، تم منح ضحايا “الثورة الثقافية” وخاصة أقارب أعضاء المكتب السياسي مزايا اقتصادية ضخمة، على سبيل المثال، تصريح تصدير معفى من الرسوم الجمركية.  أدى هذا إلى خلق أرضية للفساد، الأمر الذي أغضب الناس الذين يعيشون في فقر مدقع.  أدت هذه المشاعر إلى دعم شعبي للمتمردين.

 لا بد من الذكر أنه كانت هناك اضطرابات ليس فقط في بكين، ولكن أيضًا في العديد من المدن الأخرى – شنغهاي وهاربين وما إلى ذلك.  في الواقع، خرجت مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء البلاد.

سؤال – وهذا يعني أن تيانانمن هو ميدان صيني تم قمعه بنجاح…

جواب -:نعم، أو ساحة Manezhnaya التي تم إخمادها بنجاح. (الساحة التي حدثت فيها الاضطرابات في موسكو – المترجم).

سؤال – بالمناسبة، عندما كنتم تستعدون لزيارة غورباتشوف، ماذا كان موقفه من الصين؟هل استمع إليكم  كمستشاريه؟

جواب – كما تعلم، في رأيي، كان المستوى الفكري لميخائيل غورباتشوف منخفضًا جدًا.  كان كل هذا مصحوبًا بنوع من جنون العظمة، لذلك لم يول اهتمامًا كبيرًا لكلمات مستشاريه ومساعديه، ولم يكن يستخدم دائمًا تلك الوثائق التي تم إعدادها خصيصًا لزيارته بأي حال من الأحوال.  على سبيل المثال، كتبت له ثلاث خطابات، لكنها لم تكن مفيدة أبدًا.  وبدلاً من ذلك، قام بتشغيل “النافورة” الخاصة به، ولفترة طويلة كانت الكلمات عن كل أنواع “البيريسترويكا” و “الجلاسنوست” تتساقط منها.

 على الرغم من وجود أولئك في القيادة السوفياتية في ذلك الوقت ممن اعتقدوا أننا بحاجة إلى استخدام التجربة الصينية: التحدث أقل والانخراط في الإصلاحات الاقتصادية أكثر.

 أما بالنسبة لموقف غورباتشوف الشخصي تجاه الصينيين، فقد عاملهم، على ما أعتقد، بشكل أسوأ من الأوروبيين.  مثل النخب السوفياتية بأكملها، كان ميخائيل غورباتشوف يفضل التوجه نحو الغرب.  علاوة على ذلك، كانت فترة المواجهة مع الصين قد انتهت لتوها… بعد كل شيء، ما هو الغرض من زيارة غورباتشوف للصين في ذلك الوقت؟  توقفت استعادة العلاقات بين الأحزاب في عام 1960.

سؤال – ومتى برأيك بدأ الانعطاف نحو الصين في الكرملين الحديث؟  في عهد بوتين المبكر؟

جواب – وقع بوتين معاهدة “الصداقة وحسن الجوار” مع الصين لعام 2001.  لكنني أعتقد أنه في ذلك الوقت، كان بوتين، مثل النخبة بأكملها، ومخابراتنا، التي تربى فيها، وكذلك “الجمهور الديمقراطي” بأكمله، بالطبع، مواليا للغرب. اعتبرت العلاقات مع الصين ثانوية، واستمرت الشكوك حول”الإمبراطورية السماوية” لفترة طويلة جدًا، لذلك لا يزال هذا الشعور لديها قائمًا.

في العام الماضي فقط حدثت  تحسينات كبيرة في العلاقات مع بكين، لأنه، كما اتضح، ليس لدينا حلفاء جادون، ولا رفاق في الفكر، ولا شركاء في المصائب، باستثناء الصين.  لذلك، يتم الآن إلغاء القيود غير المعلنة التي تم فرضها سابقًا على العلاقات الاقتصادية مع  الصين.  كل هذا ينعكس بشكل أو بآخر في الوثائق الموقعة في 22 مارس في موسكو.  نحن نرى أن بوتين يتغير.

 في السابق، بالطبع، كان يتجه نحو الغرب، خاصة أنه ألماني الهوى.  ولكن في حوالي عام 2007، بدأ بوتين في الظهور – على الأقل بعد ذلك فقد إيمانه بالحضارة الغربية، على الرغم من أنه لم ير بعد في الصين بديلًا.

سؤال – كثيرا ما تتحدث عن عدم قابلية المقارنة بين مقاييس روسيا والصين الحديثة.  لكن الأمر لم يكن دائمًا على هذا النحو.  في بداية القرن العشرين، اقترح مبعوث الدالاي لاما إلى بلاط نيكولاس الثاني، أغفان دورجييف، أن يأخذ الإمبراطور الروسي التبت تحت حمايته.  وبعد ذلك، حسب قوله، “ستسقط الصين مثل التفاح الناضج في يدي الإمبراطورية الروسية.”  وبالتالي، كانت لدينا فرصة لابتلاع “الإمبراطورية السماوية”، وليس العكس على الإطلاق، كما يخشون الآن.

جواب – نعم، من سيدعنا نفعل هذا؟  حتى في بداية القرن العشرين، لم يكن البريطانيون ليدعوا هذا يحدث.  ثم بدأت “اللعبة الكبرى”، كما تعلم.  كل هذه الرحلات الاستكشافية لنيكولاي برزيفالسكي إلى آسيا الوسطى ورحلات دورجييف الأخرى لم تكن أكثر من عمليات خاصة لمجتمع الاستخبارات.  ومع ذلك، وقفت الإمبراطورية البريطانية في طريق هذا التوجه.  نعم، والآن كل شيء يعود إلى “قسم ذكريات المستقبل”.  نعم، كل شيء ممتع عند قراءته.  لكن اقرأ، على سبيل المثال، الأمير إسبير أوختومسكي (أرستقراطي روسي، مستشرق، كاتب 1861-1921 – المحرر)، رئيس تحرير وناشر “سانت بطرسبرغ فيدوموستي”، الذي كان خبيرًا في وزارة الخارجية برفقة القيصر نيكولاس في رحلته الشرقية الشهيرة.  كان أوختومسكي أذكى بكثير من دورجييف نفسه عندما كتب أن الصين ستنهض بالتأكيد من ورطتها وأن روسيا بحاجة إلى إقامة علاقات طبيعية و على قدم المساواة معها.

 ومع ذلك، لطالما كانت الصين موضع خوف في المجتمع الروسي المتعلم.  نفس فلاديمير سولوفيوف، بالطبع، الفيلسوف، وليس مقدم البرامج التلفزيونية الراهن، كتب في وقت من الأوقات عن استيلاء “العرق الأصفر” على روسيا.

لطالما كان لدى المثقفين الروس مجموعة كاملة من الاضطرابات العقلية التي تمت ملاحظتها لعدة قرون.  الآن يجب أن ننطلق من الحقائق، وليس من ذكريات القرن التاسع عشر حول كيف يمكن للأشياء أن تتحول بشكل مختلف. هل ينقصنا  التعامل مع التبت اليوم في الوقت الذي لدينا فيه بالفعل مشاكل في آسيا الوسطى وكازاخستان والقوقاز وأوكرانيا؟ تصور لو كانت لدينا التبت أيضا بالإضافة إلى كل شيء آخر، فهل سيكون ذلك ممتعا!؟

سؤال – لكن أليس الموقف الحذر نفسه تجاه الصين هو السائد الآن؟

جواب – كما تعلم، فإن المثقفين الروس ينظرون بعين الشك إلى بعضهم البعض.  في موسكو، على سبيل المثال، هناك موقف حذر تجاه سانت بطرسبرغ، والعكس صحيح.  ويمكنك أيضًا أن تتذكر أن إمارة “تفير” الخسيسة قاتلت مرة ضد موسكو.  على الرغم من أن سكان موسكو هم أيضًا المسؤولون عن حقيقة مقتل “ميخائيل تفيرسكوي”، بتحريض منهم، في “اوردا” عام 1318.

 (هي دولة متعددة الأعراق من القرون الوسطى في أراضي وسط أوراسيا، والتي، على أساس العرق التركي، وحدت العديد من الخانات والقبائل والشعوب المختلفة والبلدان – المترجم).

 في اراضينا الشاسعة، للأسف، هناك الكثير من الأشخاص المجانين الذين تم إطلاق سراحهم، وهم ناجحون جدًا في استخدام حرية التعبير الحديثة، وكتابة مقالات لا حصر لها وإزعاج الناس.  لكن واجبنا، على ما أعتقد، هو أن نشرح للناس كيف تسير الأمور حقًا.  إذا عممنا شكوكنا في السياسة الحقيقية، فسنجد أنفسنا منغمسين أكثر مما هو عليه الآن.  إذا فقدنا، بالإضافة إلى كل شيء، الدعم الصيني أيضًا، فلن يكفي إعلان تعبئة جزئية، بل سنحتاج تعبئة شاملة في البلاد.

سؤال – أي من المشاريع الاقتصادية التي تم التطرق إليها خلال الزيارة الصينية يبدو لك أنها تحظى بأولوية قصوى لتنمية التعاون بين بلدينا؟

جواب – نعم، كلها ​​متساوية في الأهمية.  نحن نتحدث عن تحول حاسم لاقتصادنا كله نحو الصين.  والعكس صحيح: سيتجه الصينيون في اتجاهنا، في انتظار العقوبات الغربية والحصار ضد الإمبراطورية السماوية.  من الناحية الجيوسياسية والجيواقتصادية والجيواستراتيجية، محكوم علينا أن نكون معًا، لذا فكلما زاد لدينا عدد خطوط أنابيب الغاز والطرق البحرية الشمالية وطرق الحرير، ستصبح روابطنا أقوى.

 لذلك أسافر أحيانًا في أنحاء مقاطعاتنا، وكنت مؤخرًا في “موردوفيا” ويمكنني أن أقول إن لديهم الآن أملًا واحدًا فقط في بيع منتجاتهم الزراعية إلى الصين.  لا يوجد مكان آخر: الغرب لا يأخذ، وحتى في بلادنا، لا يمكننا أن نأكل 5 مرات في اليوم.  في غضون ذلك، حققت الزراعة نجاحًا كبيرًا في موردوفيا، ويحلمون بدخول السوق الصينية، التي تنمو بسرعة غير عادية، نظرًا لأن الصينيين يعيشون حقًا أفضل –  متوسط ​​رواتبهم بالفعل يزيد بمقدار 1.5 مرة عن روسيا.  إنهم يريدون أن يرتدوا ملابس جيدة، ويأكلوا جيدًا، وان يعيشوا في شقق جميلة. السوق المحلي تحت حكم شي جين بينغ،  يتفوق على الخارجي، على الصادرات.  على سبيل المثال، طالب نفس دنغ شياو بينغ بتصدير جميع المنتجات تقريبًا من البلاد – للتصدير، للتصدير! (سياسي ومنظّر وقائد صيني، قاد الصين بين عامي 1978 و1992 نحو تبني اقتصاد السوق. تولى قيادة الحزب الشيوعي الصيني بعد إطاحته بهوا جيو فينج. له نبوءة عام 1978 بأن الصين تحتاج إلى نصف قرن لاستكمال عملية التحديث والسيطرة السياسية والاقتصادية – المترجم).

ويركز “شي” على الانسان، وبالتالي يعلن القيم الاشتراكية، والتي بدورها لها قيمة سوقية واضحة للغاية – ينمو السوق المحلي، ويتراجع الاعتماد على الأسواق الخارجية وعلى ​​الغرب، وتبدأ الدولة في التطور وفقًا لدورتها الخاصة، والتي يسمونها “التداول الداخلي”.  هذا هو الشيء الرئيسي الآن، و “التداول الخارجي” ثانوي.  من المدهش أن مكان روسيا موجود هنا وهناك.  من ناحية، روسيا بالنسبة للصين، بالطبع، “تداول خارجي”.  من ناحية أخرى، يمكننا أيضًا أن نكسب من التداول الداخلي، من حقيقة أن الصينيين يريدون أن يعيشوا بشكل أفضل.

سؤال – الراية الصينية الحمراء بجوار الالوان الثلاثة الروسية، عندما يتم تثبيتهما جنبا الى جنب فى الاجتماعات الرسمية، تبدو دائما كنوع من اللوم، وتذكير بماضينا “الاحمر”.  إذن، هل يمكن أن يكون تعاوننا ليس اقتصاديًا فحسب، بل وأيديولوجيًا أيضًا؟  هل تستطيع الصين الاشتراكية التأثير على روسيا الرأسمالية؟

جواب – نعم، يمكن أن تؤثر بالفعل.  هل تتذكر ما قاله بوتين وهو جالس بجوار شي جين بينغ قبل بدء المحادثات؟  كان معنى الكلام هو أنكم، كما يقولون، أنشأتم نظامًا فعالًا للإدارة الاجتماعية في الصين، ونحن “نحسدكم قليلاً”.  ما الذي كان يتحدث عنه؟  أعتقد أنه كان يتحدث عن اشتراكية ذات خصائص صينية.  لا يزال من الصعب على بوتين نطق كلمة “اشتراكية”، لكن هذا بالضبط ما نتحدث عنه.  النموذج الصيني، بغض النظر عن نظرتك إليه، هو نموذج اشتراكي، وهناك المزيد والمزيد من الاشتراكية فيه.  بالإضافة إلى اللون الأحمر، الذي يميز العلم الوطني لجمهورية الصين الشعبية وعلى راية الحزب الشيوعي الصيني (هما متماثلان تقريبًا، الرموز فقط مختلفة: هناك خمسة نجوم على علم الدولة، ومطرقة ومنجل على راية الحزب).

سؤال – هل سيهتم الحزب الشيوعي الصيني بدعم الحركات الاشتراكية في روسيا؟

جواب – لن يفرض الصينيون أي شيء على أي شخص، مرة أخرى بسبب مركزيتهم الصينية.  مثلا، إذا كنت مهتمًا بشيء ما في الصين، تعال، راقب، ادرس.  عن قصد، لن يقوموا بتصدير نموذجهم الاشتراكي، وهو ما  يتحدثون عنه بشكل شبه صريح.

في السياسة الروسية، يحافظون على العلاقات مع كل من الحزب الشيوعي الروسي وحزب روسيا الموحدة (حزب بوتين الحاكم-المترجم)، ويقيمونهما تقريبًا بشكل متماثل، ولا يعطون أي منهما علامة عالية.

سؤال – لكن ماذا عن الماوية، التي، كأيديولوجية، كانت مخصصة للتصدير على وجه التحديد؟

جواب – نعم، كان الأمر كذلك، لكن الصينيين الآن لا يفعلون مثل هذه الأشياء.  على الرغم من أنهم يقولون إن نموذج التحديث الصيني، الذي يختلف اختلافًا جوهريًا عن النموذج الغربي، قد يكون مناسبًا لدول أخرى.  لكن في الصين، لن يفرضها أحد، على عكس “أسلوب الحياة الأمريكي” العدواني بشكل أساسي.  والصينيون لديهم ما يكفي من الواجبات المنزلية.

سؤال – هل يمكن وضع مقترحات شي جين بينغ بشأن أوكرانيا موضع التنفيذ وأخذها في الاعتبار من قبل نظام كييف وأسياده الغربيين؟

جواب – بالطبع، قال بوتين إن بعض النقاط مثيرة للاهتمام للغاية – حيث يتحدثون عن الامتثال للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والأفكار العامة الأخرى.  ومع ذلك، فإن هذه المقترحات، بالطبع، ليست خارطة طريق لحل الصراع الأوكراني – فهي مجرد مظهر من مظاهر نشاط السياسة الخارجية الصينية المتنامي.  لكن الصينيين لا يعتبرون أوكرانيا موضوع علاقات دولية ولا يعتبرون  زيلينسكي شريكًا.  الحقيقة هي أن أوكرانيا، على مدار سنوات من وجودها المستقل، إستغلت الصين ماديا مرارًا وتكرارًا، كما ينسب لزيلينسكي شخصيًا.  لكن الحالة الأولى حدثت في عهد فيكتور يانوكوفيتش: قبل فترة وجيزة من ثورة الميدان، ذهب إلى الصين ووافق على أن طريق الحرير العظيم سيمر عبر شبه جزيرة القرم إلى “يفباتوريا” وأن الصينيين سيحصلون على مناطق “الأرض السوداء” في أوكرانيا لمشارعهم الزراعية.  على سبيل المثال، في شبه جزيرة القرم، تم التخطيط لتأجير حوالي 160 ألف هكتار للصين لزراعة القمح والذرة.  على خلفية هذه المحادثات، أخذ فيكتور يانوكوفيتش قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار واختفى معه في طي النسيان.  أما بالنسبة لزيلينسكي، فقد قام، وهو بالفعل رئيس أوكرانيا المستقلة، بتمزيق اتفاقية الاستثمار في مصنع Motor Sich بأمر من الأمريكيين.  علما بأنه في عام 2016، استحوذ المستثمرون من الصين على 56 في المائة من أسهم هذه الشركة.  دافع زيلينسكي عن قراره بالحاجة إلى “تأميم” المصنع. (الإشارة إلى مصنع محركات الطائرات في زابوروجي-المترجم).

بالطبع، بعد مثل هذا السلوك من قبل القادة الأوكرانيين، يدرك الصينيون جيدًا من يتعاملون معه.  وإذا كنا نتحدث عن حل سلمي للنزاع الأوكراني، فيجب إجراء المفاوضات مع موسكو وواشنطن.  على الرغم من أنني بصراحة، لا أعتقد أن الصينيين قلقون للغاية بشأن مصير أوكرانيا.  وأعني ليس فقط الصينيين العاديين، ولكن أيضًا القيادة الصينية نفسها، الدوائر السياسية.  بالنسبة للصين، هذا منطقة نائية، علاوة على ذلك، يسيطر عليها الأمريكيون.

سؤال – لاهاي، التي سارعت محكمتها عشية وصول شي جين بينغ إلى روسيا لإصدار مذكرة اعتقال بوتين، هل هي أيضًا مقاطعة عالمية عميقة للصينيين؟  أم تم ذلك من اجل وقف زيارة الرئيس الصيني لنا؟

جواب – حسنًا، هذا مجرد انحراف آخر من “أصدقائنا” الأوروبيين الغربيين – فهم بالفعل يغرقون في حالة غريبة.  من الجيد أننا لا نتفاعل معها.  كما قال ماو تسي تونغ ذات مرة: “لدينا موقف مبدئي فيما يتعلق بهذا الإجراء.  يتكون من جزأين: الأول، نحن نرفض، وثانيًا، نحتقر.

 هل يمكن أن يوقف هذا زيارة شي جين بينغ؟  حسنًا، ما الذي تتحدث عنه؟  هل يمكنك تخيل مدى اختلاف هذه القيم؟

 ومع ذلك، فإن خبرائنا والصحف والتلفزيون لدينا معتادون على الإمساك باي مصدر إعلامي يأتي من الخارج.  ما تكتب عنه الصحف الغربية، نكتب عنه نفس الشيء.  اتضح أن أجندتنا الإعلامية، والخطاب ما زال يمليهما الغرب بالكامل: ما ذكرته النيويورك تايمز أو الواشنطن بوست، سيتحدث عنه الجميع.  ليس لدينا استقلال ورؤية خاصة للعالم.

سؤال – عندما قال شي جين بينغ في موسكو: “نحن نقف بثبات على الجانب الصحيح من التاريخ”، ماذا كان يقصد؟  أين هذا “الجانب الصحيح من التاريخ”؟

جواب – بالطبع، في هذه الحالة، كرر شي جين بينغ ببساطة ما يردده الغرب.  إن التاريخ هو الذي سيقرر الجانب الذي تقف أنت في صفه، ولكن من السابق لأوانه الحديث عنه في الوقت الحالي.  لكن حقيقة أن الصينيين خلفهم خمسة آلاف عام من التاريخ يسمح لهم بأن يكونوا في علاقة خاصة مع التاريخ.  من الواضح أنهم يعرفون مكانهم.  لكن الولايات المتحدة، التي كانت موجودة منذ 200 عام فقط، يمكن أن تواجه بالفعل مشاكل جمة.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….