نشرة “كنعان”، 30 ابريل 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6533

في هذا العدد:

السودان فوق صفيح ساخن، “اشتباك عربي”

التحديات التي تواجه الكيان الصهيوني بعد 75 عاماً، زهير أندراوس

شاهد:

عادل سماره: من صهينة الساسة إلى صهينة المشايخ

✺ ✺ ✺

السودان فوق صفيح ساخن

“اشتباك عربي”

تتنازع السودان الكثير من التناقضات المرشحة للتفجر، فهذا البلد الشاسع يعاني الأمرين في تدبير معاش مواطنيه، والأخيرون يعانون الأمرين من أجل تسديد فاتورة إثراء طبقة محدودة العدد من مواطنيه تتحكم في الطعام والدواء والسفر والكساء وجميع الخدمات. تؤكد بعض التقارير الصحفية أن معدلات نمو الثروات الخاصة تجاوزت خمسمئة بالمئة في العام الواحد، وأصبحت المشاريع العقارية الضخمة ظاهرة ملحوظة حتى في الحواضر الصغيرة والنائية، وباتت الطبقات الثرية من تجار وأصحاب شركات الاستيراد والمخازن والموزعين الإقليميين تملك مشروعات عقارية أكثر بكثير من أي وقت مضى، حتى عن فترة الوفرة النفطية بين منتصف التسعينيات إلى عام 2012. وتعزى تلك الظاهرة بالأساس إلى تحول الدولة إلى النمط الجبائي الصرف، وقد تركت عنان السوق بيد القطاع الخاص الذي انطلق في خم الأرباح بسعار محموم وكأن العالم ينتهي غدا.

نعيد ونكرر ذلك التقديم لأنه جميع ما تلا ذلك من انشطارات أفقية ورأسية في التجارب المماثلة في البلقان وغيرها إنما عن ذلك الإثم قد تفرع، انسحاب الدولة اقتصاديا وبالتالي كشف الغطاء الجامع والإيذان باحتماء الأفراد والجماعات برداء القبلية والعشائرية بحثا عن قدر من الضمان الاجتماعي والأمن.

وهذا المنحدر بالذات هو ما يعوق تخلق هوية جامعة لهذ البلد الذي بالكاد بدأت الطرق بين أقاليمه تستقيم قبل أقل من خمسة عشر عاما، وها هي ضغوط الولايات المتحدة لتحرير الاقتصاد تنسف تطور تلك الهوية عبر رفع يد الدولة اقتصاديا واجتماعيا ومن ثم تسليم الناس لانتماءاتهم العرقية، حيث وكما حدث في جميع البلدان التي تتكون من قبليات وعشائر غير مندمجة تمام الاندماج، تقود حالة انفلات السوق إلى صراع على الموارد والأراضي والثروات الفعلية والمحتملة ويتحفز كل قبيل لضمان أكبر قدر منها. بالطبع بيئة كهذه تكون أرضا خصبة للتأثيرات الخارجية من إدخال السلاح إلى التحريض ونشر الشائعات وغيرها، وكل ما من شأنه تفجير الأوضاع ونسف السلم الاجتماعي، أي الشرط الأساسي لتطور هوية جامعة مقنعة تضمن وحدة البلد واستمراره وتقدمه.

بين عامي 2003 و2007 نشأت وتطورت ظاهرة الجنجويد في غرب السودان بين شمال وجنوب وغرب إقليم دارفور، وتتكون من عشائر تنتمي غالبيتها لقبيلة الرزيقات الممتدة حدوديا عبر السودان وتشاد وإفريقيا الوسطى. وهي قبلية تحترف الرعي بعضها يرعى في سافانا فقيرة وشبه متوسطة وهم الأبالة (رعاة الإبل)، وبعضهم بقارة يرعون البقر في حزام عشبي أكثر غنى وأوفر مياها، والكثيرون منهم يعملون في تجارة الإبل والبقر. لعبت ظاهرة التصحر التي ضربت المنطقة منذ الستينيات والسبعينيات دورا جوهريا في تفجر النزاع بينها وبين قبائل الفور المزارعين من مساليت وغيرهم، وحسب تحليل المفكر المصري الراحل الأستاذ عيداروس القصير في تحليله لأزمة دارفور فإن النشاط الرعوي يحظى بأولوية الاهتمام من الدولة بحكم أنه الأكثر تصديرا وتسديدا للضرائب وجلبا للعملة الصعبة، مقارنة بالنشاط الزراعي الذي بالكاد يكفي مواطني الإقليم ولا تكاد الدولة تحصل عنه شيئا. ومهما قيل من تبريرات عرقية وعنصرية حول عروبة الرعاة وزنوجة المزارعين تبقى تلك مجرد تمظهرات للصراع الاقتصادي، حيث حددت الدولة انحيازها للرعاة على حساب المزارعين. يحب البعض أن يضيف إلى ذلك الانتشار الجيد والمعقول لإيديولوجية الحركة الإسلامية بين المجتمعات في شمال دارفور عنها في الجنوب والغرب مثلا، إلا أن هذا البعد صعب التعويل عليه نظرا لما أثبتته الحوادث من تبلبل الولاء عند منتمي المدرسة الإخوانية، ممثلا في شخصية الراحل دكتور خليل إبراهيم ابن قبيلة الزغاوة المنتشرة بين السودان وتشاد، الذي كان ابنا للحركة الإسلامية وأحد أبرز قادتها العسكريين فترة الحرب الأهلية، إلا أنه تمرد على حكم البشير مرددا أن الحركة الإسلامية قد تخلت عن مسؤولياتها بعد وصولها إلي السلطة وأن النخبة الشمالية تسيطر علي جميع المناصب في الدولة، فيما شعوب أطراف السودان تعاني التهميش.

إذاً فإن الحركة الإسلامية مدت يد التحالف فيما بعد إلى قادة آخرين من الرزيقات رغم كونهم غير محسوبين على تيار الإسلام السياسي، أبرزهم موسى هلال من عشيرة الماهرية وحمدان دقلو من المحاميد وكانا على رأس قوات الجنجويد، أي راكبي الجياد والمسلحين من قبل الدولة. بعد عام 2008 بدأ البشير في تنظيم الجنجويد في قوات شبه نظامية وبدأ إمدادهم بالعربات والمدافع الرشاشة، الثقيلة وبعيد انفصال الجنوب 2011 وفقدان البلاد لـ 75% من دخل النفط أصبح الوضع الاقتصادي في غاية الصعوبة، خصوصا لتوفير رواتب تلك القوات القائمة على التجنيد الطوعي. انكشفت في 2012 منطقة جبل عامر عن مناطق غنية بخام الذهب وسرعان ما شرع موسي هلال في الاستيلاء على امتيازات تنقيب، وشرع حمدان دقلو هو الآخر في بسط نفوذه. وحدث التصادم الذي انحازت فيه الخرطوم إلى دقلو وزودته بالمدرعات المملوكة للجيش لإنهاء الصراع والقبض على موسي هلال، ومن ثم منحته الخرطوم حقا شبه حصري في ذهب جبل عامر وهو الأمر الذي خلق ظاهرة حميدتي التجارية ودفعت طموحه السياسي إلي عنان السماء. يتمتع حميدتي (الاسم هو تدليل محمد ويقال للطفل الصغير وقد أطلق على حمدان دقلو بسبب ملامحه الطفولية) بذكاء فطري رغم تواضع تعليمه النظامي مكنه من الصعود السريع. فيما بعد طالبت القوات المسلحة باسترداد المدرعات التي أعارها البشير لقوات الدعم السريع إلا أن حميدتي ماطل في ذلك ولم يعدها أبدا، وهو الآن يقوم بحشدها في الخرطوم كنوع من استعراض القوة أمام قيادة الجيش النظامي.

خلفية الوضع الحالي هي تعثر التوقيع على ما يسمى بالاتفاق الإطاري بقيادة قوى الحرية والتغيير، رغم عدم اعتراف الشرق والبجوات به ولا قوات حركة مؤثرة وكبيرة مثل جيش تحرير السودان في دارفور. إلا أن الإعلام الغربي والعربي التابع روج لهذا الاتفاق باعتباره نهاية الوجع الانتقالي وبداية تشكيل حكومة وتسيير الدولة وفق أوضاع عادية.

كعادة الأزمات التي يدير الغرب دفة تسويتها يتغلب السياسي على الاقتصادي وتسود رؤى مهومة حول المستقبل تملأ الفراغات بالوعظ الفارغ عن التسامح والمساواة، والبدء من جديد وكأن التاريخ هو حقل ثقافي يمكن تفسيره وتحريكه بمجرد تغيير القناعات عند بعض الأفراد وتطييب خاطر هذا أو ذاك، ولهذا فإن تلك التسويات غالبا ما تتعثر ولا تنحل عقدتها إلا بالانشطارات والانفصالات الجغرافية، وهو المراد الحقيقي للإمبريالية التي ترعى وتقود وتخلق المناخ لتحصد ما تريد.

إبان الانتفاضة في 2018 و2019 رفضت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي التصدي للمتظاهرين حسب قوله واكتفي بالتأمين، مدعيا وقوفه إلى جانب مطالب الشارع بالديمقراطية والحكم المدني. ذهبت المناقشة مع الرعاة الغربية في كل اتجاه فيما تركت مسألة دمج الدعم السريع في القوات النظامية لتوحيد القوات المسلحة لذيل الجدول، فتركت وقتا طويلا ليحشد الدعم السريع دعما إقليميا ماليا وعسكريا كبيرا جدا ليكون قوة موازية للجيش النظامي. حيث تلقت مؤخرا أسلحة مضادة للطائرات لأول مرة في تاريخها فضلا عن تمويل ضخم لضم الآلاف من المقاتلين الجدد وشراء مئات عربات اللاند كروزر. وهكذا عندما حانت لحظة الحديث عن مستقبل الدعم السريع تفاجأ الجميع بأن الدعم السريع يحشد في الخرطوم قوات كبيرة ليظهر بمظهر القوات المنظمة القادرة على حفظ الأمن، والتي لا تقل عسكرة وحرفية عن الجيش النظامي. وهذا التطور الكبير لم يكن بعيدا عن التوجيه الغربي الذي يسعى إلى إضعاف المركز السياسي للدولة لتسهيل انفصال الشرق الذي أصبح يمارس نوعا من الحكم الذاتي، مع نصيب وافر من دخل الدولة على طريقة إقليم كردستان المدلل دون ضمانات محاسبية ولا مسؤولية واضحة أمام المركز.

يسعي الآن حميدتي للقفز على السلطة عبر انقلاب عسكري لا يستبعد أن يكون دمويا. توجه مئات من مقاتليه دون تفويض من القيادة العامة للجيش إلى قاعدة مروي الجوية شمال البلاد ليتمركزوا في منطقة تم شراؤها وتهيئتها قبل شهور، ما يكشف تبييت النية على فرض السيطرة أو على الأقل تحييد القوة الجوية عن ساحة الصراع حال تفجره في المركز (الخرطوم). وهنا يبرز دور كتائب المثقفين الممولة غربيا والذين بدأوا في ملء الفضاء الإلكتروني والصحافي بتبريرات لتحركات قوات حميدتي، بأنها تطهر البلاد من القواعد الأجنبية (نظرا لوجود قوات جوية مصرية تمارس تدريبات مشتركة مع القوات السودانية من قاعدة مروي). وهكذا تتكامل الأدوار ويظهر دور الغرب من خلال أدواته الكثيرة وبالخصوص مثقفي وسط البلد، وسقط اليسار المناضلين بأجر من فريدريش أيبرت إلى الوقف الديمقراطي الأمريكي، مع شحن مستمر ضد المؤسسة العسكرية باعتبارها الشر المطلق والتناقض الرئيسي العائق لحركة التاريخ في السودان. وبغض النظر عن رجعية القيادات العسكرية وطبيعتها المشوشة والقابلة للتنازل والتطبيع، إلا أن بقاء المؤسسة العسكرية وتماسكها يظلان العاصم الوحيد من انفجار يأخذ أطراف السودان إلى أشلاء مترامية ويطيح بالسلام الاجتماعي ربما لعقود، ويشظي الأرض إلى دويلات متحاربة تستقوي على بعضها البعض بالتحالفات مع الكيان الصهيوني أو الإمبريالية الغربية. وهو ما يجعل طريق مصر إلى منابع النيل أبعد بكثير من قدرتها على الاحتواء ويديم تبعيتها لقرار أديس أبابا، ويحكم على دلتاها وواديها بمصير دلتا الفرات ودجلة. فضلا عن تفجير آخر نطاقات جغرافيا السودان التي بقيت على مر الزمن موئل الباحثين عن السلام والابتعاد عن نطاق الصراعات.

تصر قيادة الجيش على الدمج السريع للقوات غير النظامية في حدود عامين في حين يطالب حميدتي بأن تمتد الفترة إلى عشر سنوات، كما يطالب بالسماح لقواته بإنشاء قاعدة جوية في المنطقة بين الحدود مع مصر وليبيا، لماذا وتحت أي تصور؟ إذا كان هناك حديث عن توحيد الجيش وإنهاء التنظيمات المسلحة غير النظامية فما معنى إنشاء قاعدة جوية للدعم السريع؟ وماذا يتبقى من السيادة للجيش الوطني؟ تدعي الرباعية الدولية الممثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكل من السعودية والإمارات البحث عن حل لتنفيذ توقيع الاتفاق الإطاري، الذي أعلن أركو مناوي قائد جيش تحرير السودان في دارفور وحاكم الإقليم الحالي رفضه له، ودعوته لقواته بالتجمهر في شوارع العاصمة لرفض الاتفاق.

لماذا تحتاج ميليشيا الدعم السريع كل ذلك الزمن؟ وخصوصا بعد تحصلها على مضادات الطائرات بمساعدة الإمارات فما الذي تريده الإمارات؟ هل هو تسهيل وتسريع إيقاع انفصال الشرق لتحصل على امتيازات في الأراضي بالشراء أو الإيجار تسمح بخلق مستعمرة لها تكون فرعا لدولة الإمارات في إفريقيا تعوضها عن حلم الوصول إلى نهر الجانج الباكستاني؟ هل هي خدمات تقدمها عربون صداقة للكيان الصهيوني الراغب بشدة في تمزيق ظهر مصر وقطع شريان النيل وجعله موضوع مساومة، وقطع طريق تطور السودان إلى وطن له هوية جامعة تحسبا للمستقبل؟ وضمن خطته جعل المنطقة من حوله كيانات عرقية ومذهبية صغيرة لا تشكل تحديا له أو قاعدة لدعم النضال الفلسطيني؟

دخلت السعودية على الخط عبر استخدامها الدعم السريع كقوات حرس حدود مع اليمن وفي مناطق متاخمة بين شمال اليمن وجنوبه منذ عام 2020، مع ما وفره ذلك النشاط من مدخول ضخم لتلك الهيئة العسكرية المالية الممثلة في قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي.

هل كان خافيا على السعودية ما يقود إليه ذلك من تضخيم وضعية الدعم السريع الإقليمية ودفعه لطموحات قائده السياسية؟ هل تناكف السعودية مصر وتنتقم للماطلة في تسليم جزيرتي تيران وصنافير بنقل مربع النزاع العسكري إلى المنطقة المحرمة في شمال السودان الذي يشكل العمق الاستراتيجي الأخطر والأهم لأمن مصر القومي؟ فماذا يفيد السودان من وقوع شعبه ضحية استخدام الميليشيات من قبل الكيانات الخليجية في تهديد مصر أو غيرها بتحويل أرض الشمالية إلى ساحة مستباحة؟ هل يقع إثراء الدعم السريع وتحويله إلى مؤسسة دولية النشاط ضمن جهود الوساطة السعودية لحل أزمة الانتقال في السودان؟ هذا السؤال الأخير يقع على عاتق المروجين لارتكاريا التدخل المصري من الإعلاميين والمثقفين السودانيين وعليهم أن يجيبونا كيف تقبلوا وصمتوا عن قيام الدعم السريع بتقديم خدمات عسكرية في السعودية، دون موافقة جهاز الدولة السودانية التي يحلو لهم كثيرا التمسح والتنطع بسيادتها وحياديتها كلما ظهر وجه مصر أو روسيا في أي موضع، رغم أن الدولتين تتبعان دوما الطرق الرسمية وتتعاملان مع جهاز الدولة السودانية التي نسي الكثيرون أن الجيش منذ الاطاحة بالنظام في 2019 هو ممثلها الوحيد طبيعيا ودستوريا، بفعل الشحن المستمر ضد المؤسسة أصبح على الجيش أن يبرر تحركاته ونشاطاته وكأنه قوة احتلال أجنبية.

تحاول الجزيرة والصحفيون المرتبطون بالمال الخليجي عادة إثارة النعرات ضد مصر، وخلط الأمور فيصبح تواجد الدعم السريع في مروي مشفوعا بتحريرها من الاحتلال المصري. فهل يعتقد هؤلاء أن ممارسة الجيش السوداني للسيادة عبر اتفاقيات التدريب المشترك مع مصر نوعا من التدخل في شؤون السودان؟ يقولون هذا وهم. يجلسون في حضرة أعداد لا تحصى من الوسطاء والرعاة الغربيين والسعوديين والإماراتيين فيما يقتصر دور مصر على مشاورات يجريها مسؤولون معها من وقت لآخر.

فما هو المطلوب من القوى التي تقف وراء تدمير أخر مظاهر وجود الدولة السودانية عبر خلق جيش مواز، وعلى ماذا راهن عبد الفتاح البرهان عندما وافق للدعم السريع على عمل إنشاءات حول قادة مروي الجوية أو بتسليم شحنات الأسلحة القادمة لهم من الإمارات؟ هل لا يمكن للعين أن تخطئ أن تحركات الدعم السريع تقنيا ودون مواربة هي عملية انقلاب عسكري مدعومة ومسلحة من قبل أعضاء في الرباعية الدولية، التي يركن المعارضون إليها باطمئنان شديد؟

أما السؤال الذي يبذل النشطاء أبناء المنظمات الممولة كل جهدهم لكيلا يقرع عقول العامة من السودانيين فهو: ما هو مستقبل الديمقراطية وتداول السلطة في السودان في حال تفوق حميدتي وحسم الأمر لصالحه سواء بانقلاب أو عبر صندوق انتخاب وشراء أصوات وولاءات كما يفعل حاليا بكل الوفرة المالية التي تحت يديه؟ ماذا عن وحدة أراضي الدولة ووحدة جهاز الدولة؟ هل هي ثمن مستعدون للتضحية به من أجل مدنية الحكومة؟ هل إلى هذه الدرجة أصبحت المدنية نوعا من الهوس المقدس الذي يمكن تمرير أي مصيبة من خلاله؟

هذا جزء من الأسئلة المغيبة دوما في المفاوضات والبرامج والتسويات التي يرعاها الغربيون عموما في القرن الأفريقي، إنهم يخلقون عبر الإعلام والببغاوات الموالين لهم مناخا يحصر تصور الحلول في التراضي والتوافق والمحاصصة، والتي تتم دائما على حساب قوى مهمشة خفيضة الصوت سرعان ما تقلب الطاولة لاحقا بعد أن يكون الجميع قد خطو بعيدا في الطريق الذي يريده الغرب. بدأ هذا المسار حتى قبل رحيل البشير، منذ إقامة وزير ماليته لقرابة الشهر في واشنطن يفاوض الأمريكيين من أجل رفع العقوبات، فاضطروه إلى رفع دعم الخبز فانهارت الأرض تحت أقدام النظام خلال أسابيع. يتصور السياسيون أن ما أسقط البشير ونظامه هو فقط توق الشعب للحرية وسأمه من حكم العسكر والدكتاتورية هكذا تحب النخب الليبراليون ويسار الاستعمار تصوير الأمور بهذه الدرجة من السطحية، متناسين أن جميع الانتفاضات خرجت في أعاقب اختفاء الخبز ومقومات الحياة اليومية، لم تندلع مظاهرة واحدة عندما أعدم نظام الإنقاذ عشرات الضباط عام 2001 ولا حين قتل عشرات الأطفال المشردين في معسكر العيلفون. بل إن أقل فترات النظم دموية وأقلها تشددا هي التي شهدت انتفاضات عارمة. الطعام ومقومات الحياة هي ما تدفع الجماهير إلى الشوارع، وهي من تدفعهم اليوم إلى التخندق وراء القبيلة والعشيرة والإقليم. ليست المسألة في إقناع المتحاربين بأن (الجريمة لا تفيد) على طريقة البرامج التلفزيونية الساذجة وحيث يصور الغرب الأمور عبر نشطائه، هناك معطيات مادية ملموسة تخلق المسار الذي تنحدر عليه الأوضاع ولا نجاة إلا بتغيير المسار كليا، بمعالجة أصولها المتلازمة وأركانها.

تهوم النخب حول العدالة الانتقالية وعشرات القضايا الفرعية التي لا تشغل المواطن البسيط والتي لا تعصم الوطن من الانشطار، فهل سيوقف إعدام عمر البشير مثلا مسار انفصال الشرق؟ هل ستوقف محاكمة قيادات الشرطة والجيش المسير المرعب الذي تتحرك فيه البلاد الآن؟ المؤسف والمحزن هو تكرار سيناريو الإنهاك ذاته الذي تكرر في مصر وتونس وفي العراق خلال عام 2022، والذي شهد انتفاضة عارمة في العراق وحلا للبرلمان لكن عن ماذا تمخض كل ذلك؟ مجرد إعادة انتخابات وفضح بعض أطراف العملية السياسية ووعود بوقف قطار الفساد؟ وماذا بعد؟ في حالة السودان الوضع خطير للغاية بسبب الحساسيات التاريخية بين الأقاليم والغبن الذي يظن كل إقليم أنه من نصيبه وحده، وهذا السلاح الكثير بيد المرتزقة والذي تحول بفعل أطراف الرباعية الدولية أنفسهم إلى دولة داخل الدولة.

يضع قائد الجيش شرطا واحدا لتفادي التعثر واستكمال الاتفاق يتضمن دمج الدعم السريع خلال عامين في القوات النظامية، فيما يضع حميدتي خمسة شروط من بينها إقالة وزير الداخلية وإقامة قاعدة جوية عسكرية له على الحدود المصرية الليبية، فترى من يحكم السودان اليوم؟ لا يبدو الحديث عن المناورات المشتركة بين الجيشين المصري والسوداني سوى نوعا من التعتيم والتضليل حول جوهر تحركات الدعم السريع، وحجرا يلقى من جانب السعودية والإمارات ضد مصر التي تمانع تسليم جزيرتي تيران وصنافير وتماطل في تصفية أصول الدولة المصرية وتمليكها لرأس المال الإماراتي، الذي اعتاد الكسب الخرافي والسريع من بيع مقومات الصناعة الكبري والموانئ فيها.

أصبح السودان الآن حقل ألغام وأصبحت العملية السياسية حبلا يرخى لكي تشده الأطراف الواقفة خلفها عند اللزوم، فهل تتصدى على الأقل الأحزاب التاريخية والجيران الحريصون على مصلحة السودان لرأب الصدع والقيام على مسار أكثر عدالة للإنسان البسيط وأقرب إلى التحقق والاستمرار من الاتفاقات والمواثيق التي تصنعها الرباعية الدولية على عجل لتحقيق مأرب خاصة لا تحسب حسابا لوجود السودان من عدمه، اتفاقات الترضيات والمحاصصة التي تعمق الشقوق وتكرس الأطماع وتهدر سلطة مركز الدولة وتبيع البشر للأكثر عتادا ومالا؟ ألم يكن ذلك المسار هو ذاته الذي رعته أمريكا والأمم المتحدة خلال الفترة من 2004 إلى 2012؟ ألم تكن توصياتهم بتقاسم السلطة قد أوجدت فوضى حتى إن جهاز الدولة انتفخ بوزارات ما أنزل الله بها من سلطان، ثم لم تقد في النهاية إلا إلى تشجيع من خرج من القسمة بلا منصب على ترس السلاح والزحف لانتزاع حصته؟ كما أذاقت من حاصصوا طعم أبهاء السلطة والمرور عبر بوابات صالات كبار الزوار في المطارات ليتحولوا من مجرد شركاء في السلطة إلى قادة دول كاملين؟ ألم توزع ريع البترول يمينا وشمالا تحت أقل شروط المراقبة ما فتح شهية الشريف والفاسد لإعلان المزيد من التمرد ليلحق ما فاته؟

ماذا عن فتح الباب للصهيوني للدخول والخروج؟ ترافقت أولى زيارات وزير خارجية الكيان للسودان بتدشين حملة إنترنيتية للتحريض على مصر لم يسبق لها مثيل، وتدشين عشرات المواقع التي تنشر الأكاذيب حول أصول المصريين بما ملخصه أطردوهم من وادي النيل فهم حثالة من الغرباء. هذا دون تطبيع على مستويات شعبية أو ثقافية، فأين يذهب السودان بعلاقة جيدة مع الصهيوني ودعاية للحرب مع مصر؟ تصوروا كادت تندلع حرب شعبية بين مصر والسودان ألقت بظلالها على مباراة كرة قدم تتناثر التهديدات بمذبحة للمصريين في الخرطوم، هذا فقط في أعطاف زيارة فماذا بعد فتح سفارة وتبادل سفراء؟ وهل ينفصل التحرك والهرولة نحو التطبيع عن الانهيار الماثل على كل الأصعدة في السودان؟ إنها سلة واحدة فسودان ضعيف ممزق هو الهدف، حسب الوثيقة التي نشرها الدكتور محمد سيف الدولة مطلع عام 2020، لم يكن أبدا التطبيع من أجل إنقاذ السودان من العقوبات، لم يشفع له التطبيع فقد صوتت أمريكا والإمارات على تمديد العقوبات على السودان. التطبيع هو من وجهة الكيان الصهيوني استحقاق منتزع لتثبيت كيانهم الهش والنيل من عزيمة المقاوم الفلسطيني بتجريده من عمقه العربي الداعم، وتخريب معنوياته وثقته في تحقيق الانتصار. إنه ضرورة ملحة لتدمير الحواضر العربية من حولهم وحتى محاصرتها بعد تدميرها بمحيط إفريقي وأسيوي مدمر وممزق، ولم يأت التطبيع للسودان بخير علي أي صعيد. ثم هل كان السودان منخرطا هكذا في الصراع مع الكيان الصهيوني ليدعي أيا كان بأن أزماته نتجت من معاداة الكيان وتكاليفها الباهظة؟ لنكن واقعيين لم يكن السودان دولة مواجهة كان ضمن المحيط الداعم للقضية، لكنه في أي مرحلة من الصراع لم يدفع كلفة بشرية أو مالية أو تنموية تذكر بحال، لكنه كان بحال أفضل عندما كان يقوم بدوره كمحيط داعم للقضية.

لم يكن على الأقل مسرحا مفتوحا لنشاط الموساد، كان أكثر تماسكا داخليا وأقل توترا على حدوده وأقل فقرا وعوزا، هذا ما يجب ألا ينساه أحد. إن النشاط الهدام للرباعية الدولية التي تقدم إعلاميا ومن قبل النخب السودانية كرسول سلام وصانع استقرار في السودان، هي ذاتها التي تسببت في تطور الخطر إلى ما هو عليه الآن، وهي التي ساقت في اتجاه التطبيع بلي الذراع. فمخطئ من يعتقد أن الحراك السياسي والعسكري لدول الخليج ليس جزءا من استراتيجية الإمبريالية الأمريكية وذراعها إسرائيل للشعوب العربية والإفريقية.

بالأخير كما يقول المثل الشعبي هذا الجمل وذاك الجمال، فإذا كانت الاتفاقات التي تولد اتفاقات بعد اتفاقات قد قادت السودان ليصبح الشعب وقد وجد نفسه رهينة لجيش قطاع “خاص”، خلقته توجهات الإخوان المسلمين النيوليبرالية المنحطة ونمى من تدخلات ودعم التابع الخليجي والأصيل الأوروبي؛ فإن توزيع اختصاصات الدولة وأدوار الدولة وريع الدولة على طبقة من الوسطاء والمندوبين والمسلحين، الريع الذي يتأتى من تقاسم الربح مع طبقة التجار ورجال الأعمال، ذلك الربح المقتطع على حساب الغالبية الشعبية هو معادلة دائرة مغلقة ما أن تنتهي حتى تبدأ من جديد.

:::::

المصدر:

  • مجلة اشتباك عربي، العدد الخامس، السودان من “المشهد العربي”

#اشتباك #السودان #حميدتي #البرهان #الجيش السوداني

صفحة “اشتباك” على فيس بوك

https://www.facebook.com/EshtebakPage

موقع “اشتباك”

https://eshtebakpage.mystrikingly.com/

✺ ✺ ✺

جنرالان يُحذِّران: تضارب المصالح الاستراتيجيّة بين الكيان وواشنطن يُحوِّل إسرائيل من ذخيرةٍ لعبءٍ بالنسبة لأمريكا.. إيران نوويّة ستجعل إسرائيل مُهدّدّةً وجوديًا والشرق الأوسط سيتغيَّر

الناصرة-“رأي اليوم” – من زهير أندراوس:

أكّد الجنرالان عاموس يادلين وأودي أفيطال أنّه في الوقت الذي احتفل فيه كيان الاحتلال بمرور 75 عامًا على تأسيسه، فإنّه يُواجه أزمة داخلية تهدد قوته وإنجازاته، وتطرح علامات استفهام حول وجهته المستقبلية، لا سيما في كيفية خروجه من الأزمة الحالية.

ووفقا للجنرالين، اللذين نشرا مقالهما المُشترك في موقع القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ فإنّ “أهم تحدّ تواجهه إسرائيل في عامها الجديد يتمثل بتفوّق الصين على الولايات المتحدة، وتحولها لتصبح القوة العالمية الرائدة، أمام ضعف الأخيرة، ممّا يعني خسارة إسرائيل دعمًا أساسيًا قويًا، ويستدعي في الوقت ذاته فرصة أمامها لأنْ تصبح شريكًا استراتيجيًا تقنيًا للولايات المتحدة، ويقوي روابطها في المعسكر الغربي وآسيا”.

وبحسبهما فإنّ “التحدي الثاني يكمن في البيئة والنمو السكاني، مما يقوض الطاقة والمياه والأمن الغذائي فيها، لعدم تحقيق إسرائيل لأهدافها الخاصة بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتتخلف عن الركب بالانتقال لمصادر الطاقة المتجددة، مع أنها ليست مستعدة لتأثير الكوارث الطبيعية والحروب”.

“ويتمثل التحدي الثالث بالوضع السياسي، وتفكك العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب على خلفية إضعاف القيم المشتركة، وتضارب المصالح في القضايا الاستراتيجية، الأمر الذي يُحوِّل إسرائيل من ذخيرة إلى عبء بالنسبة للولايات المتحدة”.

وشدّدّ الجنرالان على أنّه “عندما لا يكون الفيتو الأمريكي مضمونًا في مجلس الأمن، تقع إسرائيل في عزلة سياسية، وتعاني من قرارات صعبة فيه، وقد تتعرض لعقوبات من قبل الشركات الدولية، وتعريض كبار ضباطها لمذكرات توقيف في محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع تخوف من عدم تجدد المساعدة الأمريكية بعد 2028، مما يعني تأثر التعاون الدفاعي، ومبيعات المعدات العسكرية المتقدمة، وازدياد التهديد بفرض حظر عسكري عليها”.

وأوضحا أن “التحدي الرابع يتمثل بالعلاقة مع يهود العالم، صحيح أن إسرائيل ستظل أكبر مركز لهم، لكنها لم تعد دولتهم القومية على خلفية اتساع الفجوة بينهما”.

ويتعلّق “التحدي الخامس بالتكنولوجيا، والتخوف من فقدان إسرائيل للميزة العسكرية والنوعية التي احتفظت بها، عقب الحدّ من وصولها للتقنيات الحساسة بما يضرّ قدرتها على ترجمة الابتكار التكنولوجي لأنظمة دفاعية وأرباح واستثمارات وأبحاث متقدمة، فيما يجهز أعداء إسرائيل أنفسهم بقدرات أكثر تقدمًا في مجالات الصواريخ الدقيقة والطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي والإنترنت، وبمساعدة الصين وروسيا، ويستفيدون من نقاط ضعف إسرائيل”.

ويرتبط “التحدي السادس بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عقب الفشل بالتوصل لتسوية سياسية، والتعجيل بالضمّ الفعليّ للمستوطنات، وعزل الضفة الغربية بما لا يسمح بالاستمرار الإقليمي لدولة فلسطينية، وموت حل الدولتين”.

وأشارا إلى أنّ “التحدي السابع يرتبط بإيران بحصولها على سلاح نووي، ونشوء خطر وجودي على إسرائيل، حتى لو لم يكن هجومًا نوويًا فوريًا عليها، والشرق الأوسط يتغير، ويصبح أكثر خطورةً تحت المظلة النووية، ويزيد وكلاؤها جهودهم لمهاجمة إسرائيل، ويواجه جيشها تحديات مستمرة ومتفاقمة على الحدود، ومطالب بالتحضير للحرب في خمس ساحات بنفس الوقت، حتى تلك التي لا حدود لها معها، وأن تكون إسرائيل محاطة بدول مسلحة نووية كالسعودية وتركيا ومصر والعراق في شرق أوسط متفجر وغير مستقر”.

علاوة على ماء جاء أعلاه، أكّدا أنّ “التحدي الثامن ذو صفة اقتصادية، وزيادة الخطر أنّ إسرائيل ستتدهور إلى اقتصاد العالم الثالث، ومعاناة قطاعي التكنولوجيا الفائقة والأكاديمية من “هجرة الأدمغة”، ويتقلصان بسبب عدم الاستقرار الداخلي وتضرر العلاقات مع الولايات المتحدة”.

وطبقًا لهما فإنّ “التحدي التاسع يتعلق بمؤسسة الجيش، مع زيادة التهرب من الخدمة العسكرية، وتآكل الدافع للتجنيد، وانهيار نموذج الجيش الشعبي، حتى أنّ المستوى البشري للجيش آخذ في التدهور، ومع تآكل ميزته البشرية، فإنّ أثمان كل صراع آخذة في الازدياد، مع توجهات مماثلة في جهاز الأمن العام، والإضرار بقدراته على مكافحة المقاومة”.

وخلُص الجنرالان الإسرائيليان إلى القول إنّ “التحدي العاشر يتمثل بالمجتمع الإسرائيليّ، وما يشهده من حالة استقطاب متعمقة، تتعلّق باليمين واليسار، المحافظة والليبرالية، العلماني والمتدين، الأغنياء والفقراء، توسيع الانقسامات، وتفكيك البنية التحتية الاجتماعية، وتتعرض المرونة الوطنية للخطر”، على حدّ تعبيرهما.

يُشار إلى أنّ العلاقات بين واشنطن وتل أبيب ما زالت قويّةً، بيد أنّ عدم دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للقاءٍ تقليديٍّ مع الرئيس الأمريكيّ بالبيت الأبيض يُعتبر بنظر الإسرائيليّة مهانة تحمل رسالةً خطيرةً.

:::::

رأي اليوم – https://www.raialyoum.com

✺ ✺ ✺

شاهد:

عادل سماره: من صهينة الساسة إلى صهينة المشايخ، 24 نيسان 2023

موضوع هذا الفيديو هو نقد قيام مشايخ الفتنة بتوجيه من الأنظمة الحاكمة العربية وإيران بمشاغلة الشعوب في قضايا تؤجج الكراهية ولا تفيد في شيء لا علميا ولا سياسيا ولا اجتماعيا ولا أخلاقياً، بل تأخذ الناس بعيدا عن همومهم الوطنية والقومية وحتى الشخصية مما يوفر راحة كبيرة للأنظمة الحاكمة سواء في الفساد أو مختلف مجالات التغوُّل على الجماهير.. ويكون المستفيد من وراء ذلك هو الكيان الصهيوني والإمبريالية بالطبع.

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:

https://kanaanonline.org/

  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org