نشرتُ بالأمس على صفحتي رابط فيديو للسيد ناصر قنديل يعلن فيه أن الكيان سينهار سريعاً ومن تلقاء نفسه وكفى الله المؤمنين شر القتال وذلك من خلال جرعة تفاؤل مخدرة كبيرة جداً. إن لم تقتل المتلقي فهو لن يعود إلى طريق العقل والتفكير السليم ابداً.
هذا اسمه قتل الوعي السليم وليس تفاؤل ثوري. وهو يصلح لفضائيات مختصة بذلك كالميادين وأخواتها ومروجيها ومن مع يتعاطون هكذا صنف.
لقد أعاد لي هذا التضخيم تجربة كل من أحمد سعيد في صوت العرب قبيل 1967 ومحمد سعيد الصحاف في العراق، مع فارق أن هذين الرجلين كانا يقومان بدور إعلامي فيه مبالغات، نعم، ولكن في خدمة بلديهما اللذين كانا في خضم الرد على عدوان غربي بل عالمي وضمنه جيوش عربية كما حصل ضد العراق 1991
وضد العراق ايضا 2003، بينما السيد قنديل هو داعية لدولة غير عربية لم تقدم مقاتلاً واحداً في فلسطين بل وصل بالإعلام الإيراني الزعم بأن خيري علقم مرتبط بإيران، وهذا الرجل هو فدائي فرد ليس ضمن اي تنظيم وتحديداً استخدم قطعة سلاح جدا قديمة وأكد أنه يثأر لأبيه. ولم يكن لإيران أن تفعل هذا لولا أنها تعلم أن لا أحداً ممن تنفق عليهم سوف يقول كلمة تعديل أو نفي أو نقد!
واليوم أرسل لي صديق من لبنان مقالاً للسيد ناصر قنديل يمجد فيه مجرم حروب المخيمات على الفلسطينيين نبيه بري وملك الفاسدين واللصوص في لبنان وخاطف هانيبعل القذافي طلباً للفدية ومن اراضي الدولة السورية وضارباً وطاعناً بهيبة ومكانة سورية الشعب والدولة والقيادة.
أما حُجَّة نبيه بري فهي أنه يبحث عن الشيخ موسى الصدر الذي اختفى بعد خروجه من ليبيا لم يعثر لا نبيه بري ولا كل الطائفيين على ما يؤكد مقتل الرجل في ليبيا! اي ان بري يغوص في مقولة: “عذر أقبح من ذنب”.
الكارثة أن ناصر قنديل يتحدث عن نبيه بري وكأنه القائد الأعلى للمقاومة ومحورها والمدافع عنها وعن فلسطين في وجه المتآمرين ومشاريعهم.
أترككم مع نص “معلّقة” قنديل الموجهة لملك الفساد في لبنان:
:::::::
نبيه بري العربيّ الفلسطينيّ
ناصر قنديل
المصدر: جريدة “البناء”، العدد:2890 تاريخ:05/03/2019
الرابط:
– شخصياً لم أتمالك نفسي من الشعور بتيار كهربائي يجتاحني وأنا أسمع دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يصدح بصوته الرخيم وتعابيره الجزلة، المكتوب والارتجالي منها، في الكلمة الرسميّة وفي مناقشات البيان الختامي في مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي. هو شعور بالفخر ممزوج بشعور بالفرح والثقة بأن دنيانا العربية لا تزال بخير، وأن فلسطين ليست وحيدة، وأن كلمة الحق هي العليا، وأن هناك رجالاً رجالاً بهمم قمم، تنوء تحت حملها الجبال فلا تكلّ ولا تملّ، ولا تقرأ إلا في كتاب الحق، بينما يقرأ ما يتوهّمه الآخرون في كتاب القوة، وقد صار الحق بذاته قوة وصارت له قوة، ويعرف من يعرف أن المقاومة التي يزلزل ذكرها حسابات كبار القادة في كبريات عواصم العالم، قد ولدت في رحم هذا الإيمان، وقد كان لهذا الإنسان القمّة والهمّة البصمة الأساسية والتأسيسية.
– يتحدّث كثيرون ويتفلسفون ويغمزون بعيونهم، فيغمضون واحدة ويفتحون أخرى في الحديث عن علاقة الرئيس نبيه بري بسورية، سورية الرئيس حافظ الأسد، وسورية الرئيس بشار الأسد، ويوهمون لكنهم في الحقيقة يتوهّمون، أنّهم يعرفون ما لا يعرفه الآخرون عن مشاكل تمرّ بها هذه العلاقة، فيتلو النبيه على مسامعهم جميعاً مزاميره، «لا نستطيع الشعور بالمسؤولية تجاه الفلسطينيين وفلسطين ونحن نعزل سورية»، فسورية كانت ولا تزال وستبقى في العقل الذي نظر وينظر من خلاله نبيه بري المناضل والمقاوم، قبل رئيس المجلس النيابي، للمشهد العربي، حيث هي منذ البدايات إلى نهاية النهايات، حيث لا نهايات، فهي قلب العروبة النابض وهي قلعة المقاومة العصيّة على العصر والكسر معاً، وهي عرين أسود لا تُضام، ويكفي أنها القلب في بلاد الشام، وهو لمن لا يعرفون أو لا يعترفون، مع سورية ظالمة أو مظلومة، يجادلها وهي في عزّ سطوتها، حيث لا يجرؤ الكثيرون، من موقع البحث عن مكامن القوة العربيّة وتعزيزها، ونقاط الضعف والوهن وتلافيها، كشريك في الغرم، وليس كباحث عن شراكة في الغنم، لكنه عندما تتعرّض سورية للضيم ويأتي زمن الضراء، يشهر قلبه ويقاتل بشغافه كي تبقى سورية القوية القادرة الحاضرة، وهي مرتع الأحلام وساحة البطولات، وموطن الشهامة والوفاء، يعرفها وتعرفه، كما يعرف السيف غمده، وتعرف القلعة حراسها، وتعرف الساحة فرسانها، وفي الميدان يسرج برّي صهوة جواده ويقتحم، حيث لا يصل إلا صوته، فيُشهره عالياً، سورية مصدر فخركم وبدونها أنتم ذلّ وهوان، فحافظوا على بقايا الشهامة العربية المتهالكة، واحتموا بها، سورية لا تحتاج حمايتكم بل أنتم مَن يحتاجها، علامة أمة لم تُهزَم.
– عندما يتحدّث الرئيس نبيه بري عن فلسطين في خطابه الرسمي فهو لا يفاجئ، لأننا نعرفه، وليس لأن المقال لا يناسب المقام، لكن عندما يناقش بعفويته وتدفقه نصوص البيان الختامي، مداخلاً ومتدخّلاً، تشعر برغبة أن تقفز من وراء الشاشة لتطبع قبلة فخر على جبينه، فيناقش رئيس الجلسة عند فقرة التطبيع، ويقول «هذا البند هو كل المؤتمر سيدي الرئيس»، «لأن التطبيع يعني إزالة الحاجز النفسي بين العرب وبين العدو الإسرائيلي، دون إعطاء أية حقوق للفلسطينيين، نحن نقول ذلك وأمامنا مؤتمر القمة، وأحدد مؤتمر القمة في 2002 الذي دعت إليه المملكة العربية السعودية، فإذا سمحتم تنبّهوا أن هذا البند هو كل المؤتمر»، وعندما يستجيب المؤتمرون لإضافة الفقرة المقترحة برفض التطبيع، وفيها الدعوة لقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة العام 67 وعاصمتها القدس، يتذاكى المتزحلقون لنيل الرضى الأميركي بتحفيف مضمون النص، فيقترحون إضافة الشرقية إلى القدس، لتصير القدس الشرقية، فيهمّ بري إلى جواده مجدداً في جولة جديدة يكسبها، فيقول، أنا أقول القدس الشريف ويتلفت حوله منتظراً، ولما يأتي رد متفذلك، يلاحقه بكلمة قائلاً، لماذا نعطي بالمجان، طالما هم لا يعترفون فلماذا نتسابق على الاعتراف؟ ويمسك كلمة ويكتب، ويقول بصوت عالٍ: «نعم، القدس الشريف وينتهي الأمر».
– القضية ليست بأهميّة مصيريّة تقريريّة يتمتع بها مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي، بل بأهمية نسخة من المواجهة التي تدار ويتم ربحها، من منصة يسيطر عليها وعلى التفكير فيها، عقل الهزيمة، فيطغى صوت الحق والحقيقة رغم قلة العدد والمال، حيث يجتمع المال والعدد، لأن المهابة التي تجلل صاحب الكلام، فيحضر التاريخ المليء بالنبض العربي الأصيل، فهو نور مبهر، ونصل صقيل، وصوت جهير، وهو في اللغة حقل مزهر، وفي الخطاب نصٌّ جزيل، وفي المضمون كبير وكثير وخطير.
– جولة ربحناها، ربحها نبيهُنا لنا، ربحتها العروبة ليكون الأمل بالغد لفلسطين.
(انتهى نص مقال ناصر قنديل)
لعل هذا يطرح السؤال الكبير:
هل يُعقل أن محور المقاومة والذي يؤكد دوماً على صدق مقولاته أن يطرب لمثل هذه المعلَّقة التضخيمية! بإطلاق العنان لأمثال هذا الرجل في تشويه وعي الشعب! أم أن المحور وراء تضخيمه كما حصل مع عزمي بشارة إلى أن ضرب ضربته!
كيف يتم تمرير هذه الأساطير والأوهام يومياً بينما الشعب يرى ما يدور في لبنان و في فلسطين و العدوان ضد سورية و تجويع شعبها…الخ.
هذا المستوى من الكذب وتضخيم إشكالات العدو هي حقنة لحظية تُنعش لأيام مما يجعل عدم ثبوتها مثابة طعنة نفسية ومعنوية للناس فلا يدوم سوى القول والتحليل المنطقي والواقعي والمستند إلى الحقائق.
________
ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….