نشرة “كنعان”، 13 أغسطس 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6608

في هذا العدد:

الأستاذ أنيس فوزي القاسم … تأخير القوْل ولوم الغير! عادل سماره

  • لا قيمة للرفض بعد القبول

أختام مكة … والفتوحات المكية الإسرائيلية، نارام سرجون

  • تعليق عادل سماره

انقلاب النيجر: طرد الاستعمار القديم وواشنطن تعدّ غزواً عسكرياً بالوكالة، د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

✺ ✺ ✺

الأستاذ أنيس فوزي القاسم … تأخير القوْل ولوم الغير!

لا قيمة للرفض بعد القبول

عادل سماره


شاهدت مؤخرا لقاء مع الأستاذ القاسم عن فلسطين وأوسلو/التسوية. يتحدث الرجل بهدوء وبعبارات دقيقة ربما لأنه قانوني. يمكنك الالتقاء معه في الكثير، ربما ليس لبراعته، بل لأن القضية أُهلكت فبانت عظامها.

أوضح الرجل أنه بعد الجلسة الثالثة لمدريد ترك دوره في الوفد احتجاجاً.

وهذا موقف يُحسب له، لكن من حقنا نقد مجرد مشاركته في المفاوضات لأنها تقوم على بقاء الكيان في المحتل 1948 اي تنقض حق العودة. ولا يخفى أن الرجل يعرف ذلك، لأن المفاوضات هي بين طرفين يعترف كل طرف بحق للآخر بمعنى أكثر أو اقل والكيان ليس له حقاً. لذا كان ولا يزال بوسع الرجل القول: أنا اعترف بالكيان ولكن كان ممكن أن نحصل في المفاوضات أكثر مما حصلنا باتفاقات أوسلو. وحينها يكون في موقع وفريق آخر هو فريق لا تاريخي.

لفت نظري أنه رفض موقف عرفات مع العراق في تحرير الكويت!

وبدوري أستغرب كيف يمكن لحقوقي أن يعتبر الكويت دولة مستقلة مع انها ولاية عراقية تحكمها عائلة وليست حتى حزبا ولو بائساً. ارتكز القاسم على أن الأمم المتحدة تعترف بالكويت!! وبأن الفلسطينيين كانوا في الف نعمة في الكويت! لكنه نسي أنهم بنوا الكويت، فلم يكونوا ضيوفا في فنادق! ومع ذلك، كيف يغفر لسلطة الكويت طرد 400 ألف فلسطيني فقط لأن قيادة المنظمة وقفت مع العراق لأيام؟ هل يمكن لحقوقي أن يقبل بهذا الانتقام قام به حاكم بدوي والخادم للكيان والغرب! هل يحاسب شعب على كلمة لزعيم! هل هذه الديمقراطية التي يؤمن بها. ربما لو جرى استفتاء للفلسطينيين الذين كانوا في الكويت لوقف معظمهم ضد العراق ولو من باب خطئ التوقيت او على اساس انتهازي نفعي. حبذا لو يتابع السيد القاسم اليوم أن الكويت تقوم باحتلال أراض عراقية! وتتنفس مع ضواري السعودية وإيران على أراض عراقية.

اشاد الأستاذ القاسم بالراحل د. حيدر عبد الشافي الذي ترأس الوفد الفلسطيني في جولات مدريد العشرة وهي جولات تفاوضية اي تقوم على الاعتراف بالكيان. ومرد الإشادة في اعتقاد القاسم أن هذا الفريق كان يمكن أن يحصل من الكيان على أفضل مما حصل عليه فريق أوسلو!

ولنفترض ذلك، ولكن ما هو أقصى ما كان سيحصل عليه/ أم ما هو أقصى ما كان سيقدمه العدو؟ أعتقد الشيء نفسه بغض النظر عن التغليف. وفي أفضل الأحوال كان سيبقى الأمر في نطاق أوسلو أكثر أو اقل.

سقت هذا لأؤكد ما يلي:

أولاً: إن اية مشاركة في المفاوضات هي أولا اعتراف بأن المحتل 1948 هي ارض للكيان.

وثانياً: قناعتي بأن أوسلو ليست موقف رجل واحد ولا فصيل واحد وقد ابانت ذلك الأيام. وما اراد خدمة شعبنا اليوم عليه بالصراحة ونقد الذات. ولذا “مرجلة” كثيرين على عرفات هي بصراحة بلا معنى ولا قيمة بعد أن كانوا مطواعين ومؤيدين وحتى بعد أن فلسفوا التسوية ووضعوا لها نظريات فلماذا يقلبون للرجل، وقد رحل، ظهر المِجن! إن مقتضيات الشرف هي نقد الذات. وإذا كان لأحد أن يقول بأنهم يكتبون للتاريخ، فهناك مؤرخين لم يكونوا في هذا الفريق أو ذاك وهؤلاء الأجدر.

كما انتقد الأستاذ القاسم وقوف صدام مع عون في لبنان؟ ولكن، من الذي ثبتت وطنيته أكثر لاحقاً ميشيل عون أم بقية القوى اللبنانية التي لولا تدخل سوريا لصالحها لتحول لبنان إلى دولة وطنية، وها هم الذين انقذتهم سوريا والمنظمة يشتمون سوريا ليل نهار ويقتلعون حتى أجداث شهداء فلسطين من اي شبر يمكنهم في لبنان! هذا مع أن هذا الاستقطاب في لبنان هو من خطايا الأنظمة العربية في كل الوطن ولذا يتناكفون ويقتتلون والإمبريالية والكيان تسيطر أكثر.

كان يمكن للقاسم القول قلما نجد زعيما عربيا بمستوى المهمات فلا داع لتقديس أحدهم وشيطنة آخرين. 

واليوم وبعد ثلاثة عقود على أوسلو، شاهدوا ماذا يقول نتنياهو بوضوح، وأترك لكل شخص استنتاجه الخاص. 

✺ ✺ ✺

أختام مكة … والفتوحات المكية الإسرائيلية، نارام سرجون

نارام سرجون

2023/08/12

عندما تغادر المنطق ستصل الى اللامنطق اي الاسطورة .. وتصل الى تفسير اسطوري لما يحيط بك .. ولاتختلف في طريقة تفسيرك للأشياء عن طريقة اولئك الذين عاشوا في القرون الوسطى .. قرون الجهل .. حيث الارض مسطحة .. والارواح الشريرة تسكن الابدان .. والزلازل تحدث عندما تنتقل الارض بين قرون الثور الأسطوري الذي يحمل الارض ..

وهذا الميل للتفكير القروسطي في الاشهر الماضية هو ماكان يتجول في عقول الناس .. وهم يرون تغيرات السياسة التركية والسعودية .. وكان قرنا الثور التركي ينقل الوضع السوري من قرن الى قرن .. من صفر مشاكل الى مشاكل بلانهاية ثم الى صفر مشاكل … فيما كان بن سلمان وفق التفسيرات الاسطورية لحركته البهلوانية الرشيقة يخرج الارواح الشريرة من العقل السعودي بعد ان استوطنته منذ لحظة ميلاده على يد الانكليز .. وكأن العقل السعودي كان سليما وسكنته الارواح الشريرة في زمن عبد الناصر فقط .. وليس عقلا صممه الانكليز على مقاس اسرائيل ..

اذ ابدع المبدعون القروسطيون في قراءة التحركات السعودية والتركية ورأوا فيها نقلة ثورية واعادة تموضع وفق التغيرات الدولية التي زعموا فيها ان السعوديين والاتراك قرؤوا فيها فرصة للانعتاق من قيد اميريكا .. وصار محمد بن سلمان يبدو وكأنه يعاقب اميريكا وينضم الى حلف روسيا والصين .. فكيف انعتقت البقرة فيما ان اروبا كلها لم تقدر ان تنعتق .. وفيما باكستان الدولة النووية أطيح بزعيمها عمران خان لأنه تجرأ على التريث في اوامر امريكية تخص روسيا .. رغم ان بن سلمان كان قبل أشهر ذليلا في البيت الابيض يشتري البضاعة الفاسدة من السلاح والتي لايريدها رغما عنه بمليارات الدولارات .. ورغم ان محمد بن سلمان كاد يساق الى محكمة الجنايات الدولية بقصة الخاشقجي التي رسمها له أردوغان والاسرائيليون في تنسيق واضح حيث كان المطلوب تنصيب ملك على السعودية مطلوب دوليا للاعدام .. ولكنه من أجل النجاة سيقدم ثمنا باهظا وهو ختم مكة على التنازل عن المسجد الاقصى .. لأن محمد بن سلمان يملك وحده ختم مكة لآخر توقيع على التنازل عن الاقصى والقدس بعد ان ختم السادات وعرفات بالختم العربي على التنازل عن فلسطين الارض .. فالسادات صاحب اكبر دولة عربية وبيدع الختم العربي وعرفات صاحب الختم الفلسطيني .. ولم يعد ينقص الا الختم الاسلامي من مكة تحديدا وليس من استانبول لان استانبول لم تكن يوما جزءا من حالة اسلامية داخلية بل اسلام خارجي وارد ..
تعالوا نعيد تركيب الصور التي خلطها التفكير القروسطي ونركب الحقيقة التي تحطمت تحت أسنان الدعاية .. ونفهم التشابه بين بن سلمان واردوغان في سجع اميهما وفي حكاية صناعتهما ..

بن سلمان تم تقديمه كما تم تقديم صاحب قطر قبل الربيع العربي .. فالثائر الاممي حمد بن خليفة آل ثاني تجرأ على اميريكا واسرائيل من قطر التي صدق الناس انها راعية للديمقراطية والحرية وهي حاضنة القاعدة .. وأقنع حمد الناس ان قطره تجرؤ على اميريكا وتنتقدها وتحرض ضدها عبر الجزيرة ولايخشى في ذلك لومة لائم .. الى ان تبين للناس ان قطر هي ثكنة عسكرية وان اميرها لايملك من بلاده شيئا بل هو موظف معه ختم يختم به على فواتير المخابرات الامريكية التي مولت كل حربها على العرب والمسلمين من مال قطر والخليج ولم تنفق سنتا واحدا من اموال اميركا على اي حرب .. فالعرب هم من مول والعرب هم من قاتل العرب .. والعرب هم من دفع الدم .. مشروع لم يخطر ببال الشيطان ان يفكر به في ان يشن حروبا لم يخسر فيها قطرة دم ولا سنتا واحدا .. منذ افغانستان الى عاصفة الصحراء الى غزو العراق والربيع العربي .. كلها اموال عربية وشباب عربي يموت في سبيل اميريكا وهو يظن انه يموت في سبيل الله ..

من هذا الفهم يمكن ان نعيد المنطق الى المنطق .. والبدهية للبدهية .. فالسعودية هي جوهرة التاج الامريكي ولايمكن ان يسمح لها ان تتحرك الا في مصلحة هذا التاج ولو اقتضي الامر احراقها .. واقترابها من ايران كان امر عمليات امريكيا وليس قرارا سعوديا .. واقترابها من سورية كان ايضا امر عمليات اميريكي .. فالرجل بن سلمان ليس ربما بالرجل الشرير ولكنه اعادة انتاج لاردوغان في السعودية ويشبه صعوده صعود اردوغان .. واقترابه منا كان مثل اقتراب اردوغان منا ..

فاردوغان صعد اميريكيا تحت عيون وأنف الجيش التركي الذي لجمه الناتو عن ايقاف صعود اردوغان .. وكان يجب تقديم انجاز يمس عصب الشعب التركي وهو الوضع الاقتصادي الصعب .. فتم تقديم اردوغان على انه معجزة اقتصادية عبر ضخ مليارات الدولارات والاستثمارات في البورصة التركية فظهر وكأنه عقل جبار ينقذ الاقتصاد التركي .. ومن نافذة الاقتصاد تم اخراجه للجمهور الاسلامي .. ولاعطائه صفة البطولة كانت بعد ذلك مسرحية مرمرة ودايفوس حتى ان من سمع بمرمرة ودايفوس كان يظن ان اردوغان البطل سيعلن الجهاد المقدس لاسترداد القدس فاذا به يسترد اياصوفيا ويريد الصلاة في الجامع الاموي ..
صعود بن سلمان كان شبيها جدا .. فقد تم تقديمه على انه يحارب فساد اسرته ويصادر أموال الفاسدين الكبار والامراء الذين هم امراء اميريكيو الهوى والعلاقات .. ثم انه يتمرد على اقوى مؤسسة ديينة وهابية مشهورة بقسوتها وعنفها وشراستها وحكمت المجتمع بعنف الفتاوي بلاحدود .. فيأتي بن سلمان ويذيب هذه المؤسسه وتنهار بين يديه بعد ان كان شبحها يخيم على الناس حتى في داخل بيوتهم .. ويدفع الشعب السعودي للانفتاح ويحول المملكة الى دبي كبيرة ويطلق المشاريع الترفيهية الاوروبية الطابع .. فيبدو كأنه مجدد وثائر في نظر شعبه ونظر الشعوب العربية ..


وكيلا يظن الامير الشاب انه فعلا عبقري .. تم استدراجه بالاتفاق مع اردوغان الى فخ الخاشقجي الذي يجب ان يتساءل الانسان عن سبب اختياره للقنصلية التركية وليس غيرها .. وعن سبب هذا التجسس الرهيب ضد كل البروتوكولات داخل السفارة من قبل المخابرات التركية الا لأنه فخ محكم تركي .. فصارت عنق بن سلمان بين يدي اميريكا .. وهي التي سلمها لهم اردوغان بنفسه عندما سلم كل التسجيلات التي حصلت عليها المخابرات التركية .. وكانت الغاية هي تنصيب ملك سعودي مطلوب للاعدام .. وضعيف .. وامامه قضية جنائية دولية .. ستبقى تلاحقه الى ان يقوم بتقديم ختم مكة على التنازل عن الاقصى .. فالختم الاسلامي الأكبر هو الختم المكي الذي بيد بن سلمان ..


الاسرائيليون حصلوا على الختم العربي للتنازل عن فلسطين عبر ختم مصر اكبر دولة عربية وأختام الزعماء العرب .. وطبعا الختم الفلسطيني في اوسلو .. ولكن الختم الاسلامي ليس بيد استانبول لأن استانبول ليست لها سلطة معترف بها لأن الاتراك مسلمون من خارج النطاق الاسلامي التقليدي مهما حكموا الشرق لأنهم ليسوا من داخل البيت الاسلامي التقليدي الذي تأسس على يد اسر عربية .. ومن يملك مفتاح المسجد الاقصى هو مكة قلب الاسلام .. ولاتستطيع قوة اسلامية في الدنيا تسليمه .. لا الاخوان المسلمون ولا قم .. بل ان المسجد الاقصى مرتبط بمكة والمدينة .. ويجب ان تتخلى عنه مكة .. بختم عليه اسم مكة .. يختم به ملكها ..


وكي يتم هذا الامر بشكل أسهل سمح للأمير ان يقترب من ايران ومن سورية بحدود دقيقة لايتجاوزها .. فتصالح مع ايران وفتح ابواب الجامعة العربية لسورية .. لكن اقترابه كان رمزيا لأن لاشيء تغير في هذه العلاقات .. فالسوريون لم يدخل خزينتهم دولار واحد من السعودية .. ولبنان لم ينتخب رئيسه بل هناك تحركات سعودية مريبة بدأت تكشر عن انيابها .. واليمن لم تتزحزح الحرب فيها .. ومن الواضح ان هذه الحركة من التقارب مع سورية وايران يقصد بها توفير غطاء من الاحراج والصمت على ختم مكة بالتنازل عن الاقصى .. لأن اي تطبيع رسمي قادم بين السعودية واسرائيل سيكون وضع بن سلمان وهو صديق لايران وسورية مثل وضع بن زايد ومن قبله امير قطر عندما استمر الهدوء الايراني والسوري على السلوك الشاذ للعلاقة مع الاسرائيليين .. بسبب طابع العلاقات اللاعدائي ..


لذلك كل من يعتقد ان بن سلمان قادر على ان يغير اي شيء او انه يملك صوتا للاحتجاج فانه يحتاج الى جرعة من المنطق وثلاث حبات من الحكمة بعد الطعام الى جانب حقنة يومية من التاريخ في وريده .. واما من يظن ان بن سلمان لم يوافق الامريكيين على تعديل انتاج النفط للضغط على روسيا فعليه ان يعالج نفسه بحقنة شرجية وينظر في وفرة النفط وتراجع اسعاره في الغرب بعد قرار السعودية برفض الطلب الامريكي والذي تبين انه قام سرا بالاستجابة لطلب السوق فاتخمت اوروبة بالنفط الرخيص ..


استطيع القول ان المنطقة كلها تدار من اميريكا وتل ابيب .. من استانبول الى الرباط والى دبي وكراتشي مرورا بالكعبة .. وكل مايقال عن زعامات استثانئية وقبضايات عرب ومسلمين فهو واهم او انه يحتاج ان يدخل مشفى المجانين .. ولم يبق من الاستقلال العربي الصريح الا تلك المساحة الباقية من سورية التي تشبه مثلث برمودا لكل قرار امريكي .. وهي آخر بقعة عربية مستقلة وحرة في هذا الكوكب ..


لذلك استطيع ان اقول انني لم أصدق ان اردوغان سينسحب انشا واحدا الا بالعنف .. ولن أصدق الا انه عميل اميريكا الذي ينفذ مهامها .. وأنه وصل الى الحكم برضائها وسيغادر عندما تنتهي مهمته وتجد اميريكا بديلا افضل لمرحلة اخرى .. أما الان فانه الافضل للدور المرسوم له وهو يراوغ روسيا وايران ويمسك سوريا بمخالبه الارهابية .. ولن أصدق الا ان السعودية ليست الا جوهرة تاج اميريكا بنفطها وبيت مالها الذي تشرف عليه اميريكا وامساكها بكل المسلمين من مكة .. فالكعبة نفسها صارت ملكا لأميريكا ..


عندما نفهم القضايا لانقع في الفخاخ .. ولاتصطادنا الاوهام .. ولاتمر بنا المصائب .. وعندما نقبل اللامنطق نصبح من اتباع الاساطير .. اساطير الاغريق والفراعنة واساطير الف ليلة وليلة .. حيث الحكايات العربية هذه الايام تشبه ألف ليلة وليلة .. عفاريت وجن وشياطين وأحداث لايصدقها عقل .. ولكنها الليالي العربية اللعينة .. بكل شياطينها وعفاريتها الاميريكيين .. ومجانينها وأبطالها


لذلك قد يأتي زمن لانذكر فيه الفتوحات المكية للشيخ الصوفي محي الدين بن عربي لأننا سندرس الفتوحات المكية للاسرائيليين .. الذين يتسللون الى الجزيرة العربية ويطوفون حول خيبر .. والمدينة ..
هذه ليست اسطورة تلمودية بل هدفا تلموديا للتلموديين الجدد ..

المصدر: مدونة الكاتب

✺ ✺ ✺

تعليق عادل سماره

ننشر هذا المقال الرزين للكاتب نارام سرجون حيث نتقاطع معه في الكثير وخاصة:

– كشف ضحالة المحللين المنشبكين الذين روجوا لحداثة بن سلمان الشكلية.

– وروجو ا لانفتاحه على سوريا بضبط امريكي. اي لا شيء

– واعتبروا توافق إيران السعودية طفرة هائلة وابتلعوا السنتهم عن تضمين التوافق تمرير المبادرة العربية التي هي تطبيع رسمي شامل.

– ولم يدينوا اعدامات شباب سعوديين ظلما

– ولم يعاتبوا صمت ايران عن ذلك

– واخطرهم من ينشر على موقعه المأجور لعملاء يعيشون في فلسطين في موشافات وهم مقدمة لدولة مع المستوطنين.

من اهم ما في المقال ان سوريا البقعة العربية الوحيدة التي صمدت.

✺ ✺ ✺

انقلاب النيجر: طرد الاستعمار القديم

وواشنطن تعدّ غزواً عسكرياً بالوكالة

د. منذر سليمان وجعفر الجعفري

            إعلان “قوات الأمن والدفاع” في النيجر عزل الرئيس محمد بازوم واحتجازة في القصر الرئاسي، يوم 26 تموز/يوليو 2023، وإغلاق حدود البلاد، جاءا صادمَين لعدد من محطات صنع القرار في الولايات المتحدة، والتي تكهّنت طويلاً بطلب الدول الإفريقية مغادرة القوات الفرنسية أراضيها، بينما ما زالت النيجر تستقبل القوات الأميركية بناءً على “ترتيبات” سابقة بين واشنطن والرئيس بازوم.

تُّوج نجاح “الانقلاب” السلمي بعقد مؤتمر قمة روسية-أفريقية في اليوم التالي في سان بطرسبرغ، بحضور واهتمام لافتين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومندوبين عن “قوات الأمن والدفاع” النجيري ونحو 49 من القادة الأفارقة، بينهم 17 رئيس دولة.

لا يُعتقد ان هناك رابطاً مباشراً بين الحدثين، سوى في المغزى والرسائل، التي اراد المشاركون ايصالها إلى العالم بكل وضوح: إفريقيا تدخل عصراً جديداً تمارس فيه سيادتها وحماية ثرواتها وطرد فرنسا الاستعمارية، بالإضافة إلى صدى لقاء سان بطرسبرغ المدوّي، إيذاناً ببزوغ عالم متعدد الأقطاب، وقطع اختلال التبادل التجاري السابق بين إفريقيا وأوروبا الاستعمارية، وإبداله بصيغة أكثر عدلاً وإفادة بين الدول الإفريقية وروسيا، تحت عنوان “سيادة الغذاء”.

ولم يفت مراعاة روسيا لتاريخ الاتحاد السوفياتي السابق بدعم حركات التحرر في إفريقيا، بصورة خاصة، وأعادت إحياء “جامعة باتريس لومومبا للصداقة بين الشعوب”، في 5 شباط/فبراير 2023، لتعزيز الدور التاريخي لهذا الصرح في “تطوير العلاقات التعليمية والعلمية الدولية، وتدريب الكوادر الوطنية في الدول الصديقة لدولة روسيا الاتحادية”، كما جاء في إعلان الخارجية الروسية.

ما يهمنا في هذا التطور هو تسليط الضوء على طبيعة “الرد” الأميركي على انقلاب قاده عسكريون انطلاقاً من دوافع وطنية، بحسب معايير المؤسسة الإعلامية الأميركية، واستقراء ما في جعبة واشنطن، التي قادت تاريخيا كل الانقلابات المعادية لطموح الشعوب، في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية، آخرها انقلاب باكستان على رئيس الوزراء المنتخب عمران خان.

بدايةً، لا نستطيع الجزم بمعرفة أجهزة الاستخبارات الأميركية مسبّقاً بالانقلاب، بحيث تشير الدلائل المتعدّدة إلى عكس ذلك، يعززها تقاسم المهمّات بين الدول الغربية في أفريقيا: فرنسا في مستعمراتها السابقة، والولايات المتحدة كطرف داعم بوجود 3 قواعد عسكرية أميركية في النيجر، على الرغم من إقرار البنتاغون بوجود قاعدة وحيدة هناك، وقاعدة أخرى للطائرات المسيّرة.

الثابت أن الولايات المتحدة أدانت رسمياً الانقلاب، وكذلك حليفتاها بريطانيا وفرنسا، وطالبت بإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها، وحمّلت روسيا و”مجموعة فاغنر” مسؤولية التمدد في أفريقيا لمقارعة الوجود الأميركي.

الشخصية الرئيسية في الانقلاب كانت رئيس الحرس االرئاسي، عبد الرحمن تشياني، بدعم عدد من كبار قادة الجيش والقوات المسلحة، الأمر الذي يدلّ على تفاقم حالة تذمّر عامة في اوساط القادة العسكريين، أبرز أسبابها انصياع الرئيس بازوم لتنفيذ متطلبات فرنسا، بينها حق طلب تدخلها عسكرياً في بلاده، علاوة على تدهور الأوضاع الأمنية، وانتشار الاتجار غير المشروع بثروة الذهب الوطنية.

لم تُخفِ واشنطن نياتها في التدخل العسكري وإعادة الرئيس المعتقل وإبرام معاهدات عسكرية وأمنية جديدة تحابي المصالح الأميركية، لكن ما يمنعها في هذا الظرف بالتحديد جملة عوامل، لولاها لشهدنا تكرار الغزوات في ليبيا والعراق.

بين تلك العوامل، حساسية المسألة الداخلية من جراء استنزاف حرب أوكرانيا لموارد الدولة من دون أفق مرئي، وتفشي حالات العنف والانتحار بين جنودها العائدين من حروب أفغانستان والعراق، والانتشار العريض للقوات العسكرية الأميركية عبر العالم، وتكثيف حضورها في مواجهة الصين وروسيا، والجاهزية القتالية المشكوك فيها للقوات الأميركية، بعيداً عن الضخ الإعلامي الدعائي.

بشأن حالة الجاهزية، تُبلغنا مجلة “نيوزويك” فشل التكتيكات القتالية الأميركية في أوكرانيا، استناداً إلى تقرير داخلي للبنتاغون، من ضمن ما ذكره حالة الذهول بين القادة الاستراتيجيين الأميركيين بسبب عدم تحقيق أي تقدم ملحوظ ضد روسيا، وربما “التدريبات القتالية لم تنجح بالقدر أو المستوى الذي كان متوقعاً”، مضيفاً أن القوات الأوكرانية “طرحت جانباً الأساليب القتالية الأميركية، وطبقت التكتيكات التي تعرفها جيداً”، والعائدة إلى الحقبة السوفياتية (أسبوعية “نيوزويك”، 10 آب/أغسطس 2023).

والنتيجة الصادمة التي أثارتها المجلة الأميركية،- جاءت بصيغة سؤال وجواب: “إذاً، لماذا نشهد فشلاً للتكتيكات الحربية الأميركية في أوكرانيا؟”. وجواب المجلة المباشر “لأن القتال الحقيقي ضد روسيا لا يشبه أي فيلم تُخرجه هوليوود، عنوانه الجندي الأميركي يطلق النار بغزارة”.

أمام تلك الاعترافات الصادمة، والتي ليست متاحة للتداول بسهولة، ما يتبقى من خيارات لواشنطن لبسط سيطرتها على مناطق العالم هو “القتال بالإنابة”، أي تجنيد قوات من دول أخرى تدور في فلك واشنطن للقيام بالمهمة، وهي تنفذ ذلك حالياً في أوكرانيا.

ونتيجةً لهذه الأسباب مجتمعة، بالإضافة إلى الدعم الشعبي لعناصر الانقلاب، أوكلت مهمة “التصدي للانقلاب وعكس مساره” إلى مجموعة من الدول الأفريقية المجاورة للنيجر، بعد تعثر فرنسا في القيام بالمهمة، تحت مسمّى اقتصادي هذه المرة “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” – “إيكواس”. تأسست المجموعة عام 1975 بعضوية 15 دولة، ومقرها عاصمة نيجيريا أبوجا، وانسحبت موريتانيا من العضوية عام 2001.

وعليه، تزخر وسائل الإعلام الأميركية بعنوان مشترك “إيكواس توافق على التدخل العسكري في أقرب وقت ممكن”، نقلاً عن رئيس ساحل العاج، الحسن واتارا، عقب اجتماع المجموعة لتدارس الخطوة المقبلة بإيعاز من واشنطن.

الإعداد للتدخل العسكري المنشود سيستغرق “نحو 6 أشهر”، بحسب قائد عسكري رفيع في “إيكواس” لصحيفة “وول سترتيت جورنال،  بتاريخ 11 آب/أغسطس 2023، وسط أنباء رصدت وصول “معدات عسكرية أوروبية إلى نيجيريا”. وانضمت روسيا سريعاً إلى دعم قادة النيجر الجدد بإصدارها تحذيراً لدول “إيكواس” بعدم التدخل عسكرياً لما ينطوي عليه من مخاطر بحرب طويلة الأمد وتدهور الاستقرار في منطقة الساحل الإفريقي.

وطبّقت نيجيريا وصفة التدخل بقطعها التيار الكهربائي عن النيجر، وسارعت الجزائر إلى تدارك الموقف وتوريد الطاقة “مجاناً” إليها.

أرفقت واشنطن موقفها المعلن بإعادة الاعتبار إلى الرئيس السابق بإرسال نائبة وزير الخارجية فيكتوريا نولاند، للقاء قادة الانقلاب و”الاطمئنان” على صحة الرئيس المعتقل. استقبلها قادة النيجر الجدد بمقاطعتها ورفض اللقاء المباشر معها، وعدم السماح لها برؤية الرئيس السابق، بل التحدث إليه هاتفياً. وأقصى ما حصلت عليه هو لقاء مع الجنرال موسى سالو بارمو “الذي نصّب نفسه وزيراً للدفاع”، وهو الذي “عمل مع القوات الخاصة الأمريكية في النيجر عدة أعوام”، أرفقته بإعلان وقف المساعدات الأميركية المقررة للنيجر.

بعض النخب السياسية الأميركية عدّ زيارة نولاند تمهيداً لاستدراج القادة الجدد بتصفية الرئيس المعتقل كي يتوافر لها مبرر التدخل العسكري المباشر. لكن يقظة القادة وحنكتهم أفشلتا مرامي نولاند المشهورة بتوزيعها الحلوى في ساحة “ميدان” في كييف عقب انقلاب أطاح رئيسها المنتخب عام 2014.

لم تتراجع حظوظ الوصفة الأميركية المفضّلة بالتدخل العسكري، بالرغم من العقبات الواردة أعلاه، لكن خطابها اليومي يزخر بالتمسك بالديموقراطية وإعادة “الرئيس المنتخب”، ريثما تنضج بعض الظروف قيد الإعداد، ضمن سقف الاستراتيجية الكونية للولايات المتحدة.

لكن تمدد خطابها العدواني ضد روسيا والصين معاً قد يدفعها إلى التريث في تطبيق ذلك مباشرة، وإيلاء المهمة للقوات النيجيرية تحت سيطرة رئيس البلاد الموالي لواشنطن، بولا تينوبو، الأمر الذي يعزز هدف وصول المعدات العسكرية الغربية إلى نيجيريا في ظلّ هذا الظرف المتوتر.

ينشر بالتعاون مع الميادين.

:::::

مركز الدراسات الأميركية والعربية، واشنطن

الموقع الإلكتروني:

http://thinktankmonitor.org/

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org