فنانون اردنيون يتساءلون أين ذهبت لوحاتهم؟!!!

فقدان جداريه مكونة من “60” لوحة فنية شارك فيها أكثر من “20” فنان تشكيلي أردني من اجل قضية وطنية

إلى متى سيبقى الفنان ضحية لسوء الإدارة وعدم جدية بعض الجهات الراعية للنشاطات الوطنية المختلفة؟

الفنانون الأردنيون يتساءلون أين ذهبت لوحاتهم؟!!!

السبيل – كوثر عرار

(نشرة “كنعان” الالكترونية ـ السنة العاشرة ـ العدد 2130 )

في وقت سابق من العام 2007، وبعد العدوان الإسرائيلي السافر على لبنان وشعبه، بادر نادي المهندسين الاردنين بدعوة الفنانين التشكيلين الأردنيين والعرب للمشاركة في إنجاز جدارية جماعية عملاقة يشترك في إنجازها أكبر عدد من الفنانين، بهدف عرضها في مزاد علني في بيروت، يذهب ريعه كاملا لدعم صمود أهلنا في لبنان، من المتضررين وأسر وعوائل الشهداء والجرحى، والمساهمة بإعادة الأعمار، حينها هرع عدد كبير من الفنانين للمشاركة في تلك المبادرة، مدفوعين بحس وطني وانتماء حقيقي، فلطالما كان الفن وسيلة تعبير فني ناجحة، في سبيل كشف الظلم والعدوان، وبناء على اقتراح المهندس عصام السعدي وهو من الجهة الراعية لهذا العمل حينها تم التنسيق مع أحد المراكز الثقافية في جبل اللويبده “محترف الرمال”والقائم عليه شخص يدعى “عبد العزيز أبو غزالة” لوضع اللوحات التي يتم انجازها في المكان كأمانة لحين الوقت المناسب للعرض، خاصة وان صاحب المكان أبو غزالة فنان مشارك بالعمل ورحب بوضع اللوحات لديه كوديعة، وذلك لسهولة الوصول إلى المكان وتردد عدد كبير من الفنانين عليه، بحيث تحفظ الأعمال المنجزة لديه كوديعة إلى حين استكمال المشروع وعرضها في الذكرى السنوية الأولى للعدوان، لكن كانت المفاجئة الكبرى للفنانين المشاركين في تلك التظاهرة، هي (فقدان) عدد كبير من الأعمال المكونة لتلك الجدارية، بلغ عددها حوالي عشرون لوحة من أصل حوالي ستين (60) لوحة، مجهولة المصير حتى الآن، حالت دون إستكمال المشروع لا في الذكرى الأول ولا في الثانية لحرب تموز.

ومن الفنانين المشاركين بهذه الجدارية والتي اختفت أعمالهم “محمد نصر الله، محمد العامري، جهاد العامري، حسين نشوان،خوله صيدم، علي عمرو، حكيم جماعين،عبد الرؤوف شمعون،احمد ورده، احمد الشاويش، بدر محاسنة، اياد كنعان، احمد صبيح، محمد ابو عزيز د.حسني أبو كريم، سامية الزرو…..)

الفنان محمد نصر الله قال: شاركت بجدارية “أعمار لبنان”، لإيماني بهذه القضية الوطنية ولكن عندما آن الاوأن لعرض هذه الجدارية فقد جزء كبير منها، ومن ضمنهم لوحتي التي شاركت بها وقيل لنا إن هذه اللوحات تم إعارتها، وبعد ذلك قالوا لنا القائمين على هذا العمل، لقد قام أبو غزالة التي تم وضع اللوحات لدية كوديعة ببيعها دون الرجوع إلى الجهة الراعية نادي المهندسين، وأضاف نصر الله أنا لا اعرف أبو غزالة، شاركت بالعمل من اجل قناعاتي أولا ولثقتي بنادي المهندسين ورئيسه م.عصام السعدي المعروف بمواقفه الوطنية الثابتة.

الفنان محمد العامري قال: تم الاتصال معي من قبل رئيس نادي المهندسين الأردنيين المعروف بمواقفه الوطنية وطلب مني المشاركة بعمل جداريه تعرض في الأردن وبعد ذلك في لبنان ويتم بيعها لصالح أعمار لبنان وهذا عمل أنساني وكلنا معه ، وسميت الجداربه ب “جدارية اعمار لبنان”، ولكن في الموعد المتفق عليه للعرض، حدثت تلك المشكلة وهي فقدان عشرين لوحة من أصل ستين لوحة ومن ضمن الأعمال المفقودة عملي الذي تبرعت به لصالح هذا المشروع، والمطلوب الآن أن نعرف لماذا لم يتم رفع دعوى قانونية من اجل اعادة الأعمال التي تم بيعها من قبل صاحب المكان التي وضعت عنده كأمانه ، وأين ذهبت باقي اللوحات ؟؟ ولماذا قيل لنا أن هناك دعوة قانونية ضد المدعو أبو غزالة ؟ نحتاج لإجابة على كل هذه الأسئلة..

اما الفنان عماد أبو حشيش احد المشاركين بجدارية اعمار لبنان قال: شاركت بالعمل بالبداية للفكرة الوطنية وقناعتي بالمشروع وخاصة ان الجهة المشرفة على العمل معروفة بمواقفها الوطنية وهي نقابة المهندسين ونادي المهندسين والذي اتصل معي مشرف العمل المهندس عصام السعدي وقدمت عملين من اجل دعم الأعمار في لبنان ولكن ، لم يتم المشروع …… وأطالب بكشف تفاصيل الموضوع، أين ذهبت هذه الأعمال التي بذلنا فيها مجهودا كبير ووقتا اكبر لاجل قضية نؤمن بها. وأنا أطالب الجهات المعنية بالموضوع بالكشف لنا عن كل اللوحات، هناك 60 لوحة فنية شارك فيها عدد كبير من الفنانيين التشكيلين من اجل مشروع وطني ولم يتم، أين ذهبت تلك اللوحات.

الفنان إياد كنعان قال: كانت الاستجابة من قبلي ومن قبل باقي الفنانين التشكيلين للجهة القائمة على المشروع لما لها من سمعة جيده ودور مميز في العمل الوطني ورئيس هذه الجهة المهندس عصام السعدي في حينه اتصلنا به للإستفسارعن فقدان هذا الجزء الكبير من اللوحات فأكد لنا السعدي ، بأنه لن يفرط بحق الفنانين المشاركين في تلك الجدارية، وانه سيبحث في الموضوع لمعرفة كيف فقدت تلك الأعمال. وبالبحث والمتابعة عن تفاصيل هذه القضية تبين أن المدعو أبو غزالة قد باع تلك اللوحات دون علم احد، اتصلنا مرة ثانية برئيس نادي المهندسين السعدي الذي قال انه توصل إلى التاجر الذي اشترى الأعمال الفنية وهو لبناني ومقيم في امريكا، وخلال تواجد التاجر نعيم فرحات في لبنان زاره السعدي، وقال: أكد لنا تاجر الأعمال الفنية أن الأعمال بحوزته وهو اشتراها من المدعو أبو غزالة الذي قال للتاجر إن هذه الأعمال ملك خاص له، وحصل السعدي على وصل البيع بخط أبو غزاله، وقال لنا السعدي أن القضاء هو الفصل في هذه المسألة، حيث أن الجهة الداعية، بصدد رفع دعوى قضائية بهذا الشأن، وأنه واثق بعدالة القضاء ونزاهته.

وعند الاتصال مع المهندس عصام السعدي وسؤاله حول ما قاله الفنانين التشكيلين الأردنيين قال: إن كل ما قيل من الفنانين صحيح.

وأضاف السعدي قمت بالاتصال مع صاحب محترف الرمال عبد العزيز أبو غزالة ورتبنا لجلسة حضرها أكثر من شخص منهم الكاتب زهير أبو شايب، والكاتب الياس فركوح، وطالبناه بتوضيح ما حصل من فقدان الأعمال الفنية فقال لنا انه أعار هذه الأعمال للمدعو نعيم فرحات من اجل عرضها فقط، وهنا بادرة بالاتصال بتاجر الأعمال الفنية وهو نعيم فرحات، وسافرت إلى لبنان على نفقتي الخاصة بهدف لقائه، والذي أكد لي أن الأعمال بحوزته فعلا، لكن ليس بهدف عرضها وإرجاعها كما أدعى صاحب (محترف الرمال)، بل قام بشرائها منه، بموجب وصل استلام خطي وقعه معه في مركزه الثقافي الموجود في اللويبده في 16حزيران 2007.

وأضاف السعدي وبمواجهة صاحب (المركز الثقافي) بصورة من وصل الاستلام الذي خطَّه بيده وحمل توقيعه وتضمن إقرارا صريحا باستلام مبلغ من المال ثمن لتلك الأعمال، جدد نفيه بيع تلك الأعمال، مؤكدا أن وصل الاستلام مزور ولا أساس لصحته، متهما بعض الجهات (الأمنية)، أو بعض الجهات (المنافسة) بتدبير هذه (المؤامرة) بهدف تشويه سمعته وسمعة مركزه الثقافي .

واجمع الفنانون المشاركون بهذه الجدارية على التساؤل التالي… “من يتحمل مسؤولية ضياع أو فقدان أو بيع تلك الأعمال بطريقة غير مشروعة؟ وإلى متى سيبقى الفنان ضحية لسوء الإدارة وعدم جدية بعض الجهات الراعية للنشاطات الوطنية المختلفة؟، تلك الجهات التي ما زالت تقوم بالنشاط تلو النشاط دون أن تأخذ على عاتقها مهمة كشف حقيقة ما حدث وتقديم الجناة للعدالة، وتحمل المسؤولية القانونية والاخلاقية عن ضياع أو تلف أو تسرب تلك الأعمال التي قدمها الفنانون من أجل قضية لا يختلف إثنان على عدالتها”.

ونحن بدورنا اتصلنا بالسيد نعيم فرحات تاجر لوحات فنية لبناني الأصل مقيم في أمريكا وسألناه عن صحة ما قيل من انه اشترى 20 لوحة من المدعو أبو غزالة قال: نعم هذا الكلام صحيح، وأنا لا اعرف خلقيات الموضوع ولا اعرف انه لا يملك اللوحات، عندما زارنا في الفندق التي كنت أقيم به خلال زيارتي لعمان ودعاني الى مقره (محترف الرمال) بجبل اللويبده ، وعرض على ما عنده من أعمال سألته إذا كانت هذه الأعمال للبيع ، فقال نعم ولكن ليس كلها وسألته هل يملك حق بيعها كونها أعمال متنوعة وكثيرة ولفنانين كثر، قال هذه اللوحات ملك له ، ويستطيع التصرف بها كما يشاء، ومن هنا اخترت عشرون عملا ودفعت له ثمنها وكان برفقتي فنان أردني اسمه عدنان يحيى بإمكانكم الرجوع اليه، وطلبت من أبو غزالة أن يكتب لي ورقة بأسماء الفنانين المشاركين باللوحات التي اشتريتها لعدم معرفتي بهم كلهم، وأيضا قلت له اكتب المبلغ الذي استلمته ثمن لهذه الأعمال الفنية، وهذه الورقة عندي وسأرسلها لكم عبر الايميل، وسبق وأعطيت نسخة منها للمهندس عصام السعدي الذي قال أن الجهة الداعية للمشروع ستقوم برفع دعوة قضائية على المدعو.

وقمنا بالاتصال بالفنان عدنان يحيى، وسألنا عما ورد في حديث السيد نعيم فرحات، فقال: كل ما قاله السيد فرحات صحيح، كنت معه عندما اشترى تلك الأعمال ودفع ثمنها.

وبدورنا قمنا بزيارة نقابة المهندسين لمعرفة خلفيات هذا الموضوع فكان الرد من قبل المهندس ناصر الهنيدي لقد اتصلنا بالمهندس عصام السعدي لمعرفة تفاصيل الموضوع الملف الآن أمام الدائرة القانونية.

أما رئيس نادي المهندسين الأردنيين م . حسان عابدين قال: بعد أن استمعنا لتفاصيل الموضوع وضع الملف أمام الهيئة الإدارية، وهناك قرار سابق من الإدارة بتكليف م.عصام السعدي بمتابعة الموضوع، وتم الاتصال بالمهندس عصام الذي سيحضر خلال أيام لمتابعة الموضوع.

وخلال لقاءنا مع غازي أنعيم رئيس رابطة الفنانين التشكيلين، وسؤالنا له عن موقف رابطة الفنانين التشكيليين من هذه القضية؟

قال أنعيم: نحن في الهيئة الإدارية نقف إلى جانب الزملاء بقوة للمطالبة بحقوقهم مع العلم أن الزملاء شاركوا في الجدارية من خلال نادي المهندسين ولم يكن هناك تنسيق ما بين الرابطة والنادي، والرابطة تنتظر ما سيقوله نادي المهندسين في هذه القضية التي من المفترض أن ترفع للقضاء، وبعد أن يصدر الحكم في هذه القضية سيكون لنا رأي وسنتخذ الإجراء المناسب، والرابطة تستنكر ما قام به صاحب محترف رمال، لان هذا السلوك ليس للحركة التشكيلية ولا للفنا نيين الأردنيين الذين وقفوا إلى جانب قضاياهم الوطنية والقومية.ٍ

حاولنا الاتصال مع الفنان عبد العزيز أبو غزالة لمعرفة رأيه في كل هذه الاتهامات ولكنه لا يجيب على تلفونه، وخاطبناه عبر موقع المحترف على النت ولكن أيضا لم يجيب.

وبين أن ترفع دعوى قضائية أو لا ترفع، وتعود الأعمال المفقودة أو لا تعود، وبين أن تكون تلك الأعمال بيعت أو أعيرت دون إذن أصحابها سواء من الفنانين أو الجهة الداعية، يبقى السؤال المحير الذي يحتاج إلى إجابة حقيقية وفورية: من يتحمل مسؤولية ما حصل؟ والى متى يبقى دماء الشهداء وأسرهم وقضيانا المأساوية مادة للربح من التجار الذين يعملون باسم الوطن والقضية الفلسطينية والقضايا العربية، إلى متى سيعيش هؤلاء التجار حالة من الفصام؟