أدعية رمضانية

حنظلة

عرفت رمضان وعرفني منذ كان طفلا في المدينة. وسألني:

ـ لماذا لا تأكل من زادي ياحنظلة؟

ـ لا آكل طعام صدقة.

ـ ألله أمر بها.

ـ أمر بإعطائها لمن يقبلها ولم يأمر بأخذها.

ـ وما وجه امتناعك عنها.

ـ أنها تفضل علي من بشر مثلي. وإن شاء الله لكفاني كما كفاه.

ـ هل هذه حجة لك على الله.

ـ إنها حجة لي على نفسي وعلى الناس. وهي حجة لله علي وعليهم. علي أن أعمل وعليهم ألا يسرقوا.

ـ وما حجتك علي وقد كرمني الله بالصدقة؟

ـ أنت شهر من الشهور لا لك ولا عليك. والتكريم لزمن النزول وليس لك.

ـ لا تكلمني منذ اليوم!

ـ لا أنفر من شهر غيرك. فقد جعلوا منك مهرجانا للصوص.

ومرت الدهور لم يكلمني ولم أكلمه. مر عصر الراشدين والأمويين والعباسيين والشعوبيين والمماليك، ونحن الأن في عصر السمانين والبزازين ” أي البرجاوية ” الذين يصرالرفيق عادل سمارة على تسميتهم الكومبرودوريين أي (عتالي السوق العالمية)، ولو كنت مكانه لما أنعمت عليهم بهذا الأسم الفخم. فخلفاؤنا الحاليون من هؤلاء، مساكين سوق، أي صعايدة في القاهرة، يبيعهم العالم الحجارة مقابل الخبز، وينقلون ملا بسهم الداخلية بالطائرات، ويرسلون ثمنها بالناقلات البحرية.

وجاء رمضان هذه السنة والدنيا في أرذل أحوالها، ونحن فيها ومنها أتعس ناسها. جاء ونحن أجوع من فيها وأذل من فيها وأجهل من فيها. جاء وكل بلد عربي دولة مثل وولت ديزني، يديرها شخوص ليس لهم مصطلح ولا تعريف. يشبهون شخوص الخرافات ولكن بدون مضمون. اختطف العقل العالمي عقلهم والإقتصاد العالمي اقتصادهم والتاريخ الدولي تاريخهم، واختطفت البلاد بلادهم والأوطان أوطانهم والإرادات إرادتهم والمصالح مصالحهم. وباختصار منفيون بوجود غيرهم، ونحن منفيون بوجودهم، وكل ذلك من أجل يأكلوا وينكحوا ويلبسوا الطراطير على أنها تيجان. ولما كان ثبت بالتجربة ومنطق الحال أن كل قول فيهم أو عنهم هراء وعبث. وأنه لا يجوز فيهم منهج ولا فكر، ويعجز عن وصفهم البيان بلغة من لغات البشر، ويستحيل فيهم التصور. آليت على نفسي هذه المرة أن أصلح علاقتي برمضان لأتوجه فيهم إلى الله، عل له بركة زمانية، نافعة في الدعاء. وقد أعانني حقدي وقلة حيلتي فيهم أن أقول :

دعاء واحد بالجملة

أللهم وقد بلغتني بفضلك كفاف الجسد، أسألك كفاف النفس. لعقت من الألم فوق ما أطيق، ومن الذل فوق ما يليق بعدلك، ومن ظنون الروح بك فوق ما يحق لي. فأعط شغف الذات فوق الكفاف، لتستعيد شغفها بك فوق الحب. نريد بك ولا نريد عليك، فما في الذات غير ذاتك. ألست تغضب وتنتقم وتعذب كما تشاء؟ فإذا شئت خرجت من ذات الخلق ووكلتهم لأنفسهم ليستوجبوا غضبك وانتقامك بالعدل. عذبتنا وأنت فينا بهم ولست فيهم، فأقدنا منك بالعدل، ومنهم بالإنتقام. فإذا لم تمنن علينا بالعدل فيك فامنن علينا بالإنتقام فيهم. كلهم إلينا كما وكلتنا إليهم ثم افعل بنا ما تشاء أو ما نستحق، إليك الأمر.

أللهم بارك لهم في عذابهم وزد.

دعهم يشكرون على العمى، ويفرحون بالصمم.

سلط عليهم أغربة أقدارك أنكرها نعيقا، وأشدها سوادا، وأكثرها نحسا، وخرب ما عمروا، أحبه إليهم، بأيدينا أو بأيدي أمريكا وإسرائيل.

أللهم بادلهم كل شيء يحبونه بكل شيء يكرهونه، واجعل أكثر كراهيتهم لانفسهم ولمن يليهم.

إحمل عليهم بسخطك، فافرط عقدهم وبدد جمعهم، واجعل مقامهم في غير بلادهم، وأغر بهم شياطين الناس يسومونهم سوء العذاب.

إقطع بينهم وبين الرضا بالسخط، وبينهم وبين الري بالظمأ،وبينهم وبين الغنى بالحاجة، وبينهم وبين الحب بالبغضاء.

إغضب عليهم بضعف رضاك، ونكل بهم بضعف رحمتك، وأوقفهم في لعنتك إلى يوم لا حي غيرك.

إقهرهم بما كان يسرهم، يتحكم فيهم عبيدهم، ويخدمون خدمهم، ويتملقون من كان يتملقهم.

حرمتهم بلوى الشرف والعزة والشهامة، فابتلهم بها إذ هم لا يقدرون عليها.

أبعث عليهم اليأس من كل خير، والقنوط من كل رحمة، واملأ قلوبهم بالخوف، وأكثر عليهم من وساوس الشر.

لا أقدار لهم تسقطها ولا نفوس لهم تنكل بها، فأصبهم في شهوات أجسادهم. انشر الموائد أمامهم وحل بينهم وبينها، ولا تمتهم.

إجعلهم يتمنون البول شرابا، وصنوه طعاما ولا يصلون إليهما.

أفرغ أجسادهم من القدرة واملأها بالشهوات واعرض عليهم الفتنة العارية تمشي أمامهم مشية الإبل.

أنت المبدع فأبدع فيهم المصاب، فقد أبدعوا فيك المعصية وأبدعوا فينا السقوط.

سلط عليهم صنوفا من العاهات تبدأ بمخ العظام وتنتهي بأطراف الشعر، تقتل ولا تميت. واجعل شغفهم بالموت كما كان شغفهم بالصبايا والصبيان، ولكن لا يجدونه.

إجعل لهم بكل شعرة على أجسادهم داء لا يعرفه البشر، واحرمهم الدواء. وضاعف لهم الألم مرات بعدد الرمال.

أصبهم بأرق لا نعاس معه، وأعطهم جفونا لا تعرف الغمض، وانصب حولهم الأسرة، عليها ناس يشخرون.

أنصب لهم شاشة من الجهات الست، عليها كونداليسا رايس تروي سيرهم الذاتية واحدا واحدا لأحمد منصور.

لا! لا لزوم لهذا! فهم لا يستحون.

ارزقهم بدله بذباب يطير بلا أجنحة، حتى لا يتحرك حولهم الهواء، وبعوضا مثله كل بعوضة بألف حمة من الفولاذ أو أكثر تلسع باطن أحشائهم.

أللهم ابتلهم بكل مستحدث من العذاب، وكل غير مسبوق من ألم النفس والجسد، يحسدون معه الحجارة.

أللهم إذا أمتهم فكثر بهم الجيف ولا تكثر بهم الحفر، واحرمهم سترك أحياء وأمواتا، إنك على كل شيئ قدير.

أدعية مفردة

1) أللهم لا أعرف كيف يكون عذاب البغال، فأحسن فيه عذاب البغل بعلمك يا قدير.

2) أللهم لا تمته مضطجعا ولا جالسا ولا كما يموت الحي. زده في العمر كما زدته في الخسة ودعه يتساقط لحمه عن عظمه رويدا رويدا ماشيا أو واقفا أو معلقا كموسوليني.

3) أللهم دل عليه أحمد منصور. إنه لا يستحق أكثر من ذلك.

4) أللهم أعتم قمرها، وخرب شاشتها، وأضيء نجومها نهارا، وأطفيء نجماتها ليلا ونهارا، وأسكت بوقها، وأكسد سوقها، وأكثر بغاثها، وافضح أمواجها وسواحلها، وسفنها وموانئها، ونوتيتها وربابنتها، والعن خيرها وشرها لأن خير الشيطان شر محجب.

5) أللهم زده هرنا، وأغنه طرنا، وباركه عرنا، وأكثر فوحه، وخفف بوحه، ولقنه ما يضحك الثكلى، وزده تعقيدا، حتى يقول لمحدثه، أنتبه لذكائي، وتعجب من لباقتي، سقراط لا يعيبه قدري، وفيصل القاسم لا يبلغ خصري.