هي سِرتْ: اللحظة أو يُلوى سيفك إلى عنقك

رسالة إلى بعض الجبهة الشعبية

” كتب لينين عن يوم أكتوبر: لم يكن للثورة أن تنتصر لو تأخرت يوماً أو بكَّرت يوما واحدا” هذا التقاط اللحظة

عادل سمارة

هي الهجمة علينا من الغرب كله، بالسيف والكلمة والرغبة والأمنية والحلم كذلك. الهجمة الدائمة بلا توقف. لا ينكر هذا سوى المغفل أو المرتبط سياسيا واقتصاديا وأكاديميا وثقافة بالطبع. ولا ينسحب من المواجهة حتى لو بالعصا أو بكلمة دعاء، هو خارجي متخارج ولغم موقوت.

حين احتُلت بغداد كان المعلن عنه 33 دولة شاركت في العدوان. ومن يقرأ تفاصيل منظمات الأنجزة يجد أن لكل دولة غربية منظماتها تنخر أذهاننا قبل اقتصادنا، ومن ينظر إلى السودان يقوم الغرب بتفتيته علنا وتفتيت الصومال وتسليح عملائه في لبنان وفي هذه كلها تشارك مختلف الدول الغربية وليس أميركا وبريطانيا وفرنسا وحسب، أما موريتانيا فيتم توظيفها للبحث عن سبعة مجرمين فرنسيين. أما وهو الموت المصمم مع سبق الإصرار، فلا اقل من أن نفضحه ونرى بعد ذلك ما العمل!

هي الحرب المعلنة الدائمة إذن، وإن كانت ناراً تخف وتشتعل أحياناً وأحيان.

هذا الحديث على هامش قمة سرت في ليبيا. أين؟ في ليبيا. وهي القمة الأولى التي تنخرط فيها الأنظمة العربية في عملية التسوية علناً وعلانيةً مهما كانت هناك من مواربة.

في هذه القمة كان المأزق الكبير. أميركا تريد من الحكام العرب الاستحقاق الان. هذا مصير الكمبرادور، أو خاروف العيد. والحكام العرب يعلمون أن الشارع العربي لم يُهزم، على الأقل إلى هذا الحد، لذا يحاولون إلقاء تَبِعة التفاوض على الحكم الذاتي على اعتبار أن القيادة الفلسطينية هي التي اختارات اوسلو. الحكام العرب يريدون التدخل متى شاؤوا والإنزواء متى خافوا غضبة الشعب. وهذا الانزواء ترفضه أميركا فيخافوها وبذا يقعوا في برزخ بين الخوفين.! وهذا الانزواء يرفضه الحكم الذاتي الذي شهد تدخلات من الحكام العرب ويخشى ان يغرق وحده.

بكلمة، كل يحاول رمي دم الفلسطينيين بعيدا عن ثيابه، لكن المِدية حمراء في يده!

هذا القول المتواضع والحزين معاً وجهته ليست سرتْ. بل الشعب العربي. وليست وجهته المثقفين في خدمة العدو الذين ينقسمون إلى من:

· ينصح الجبهة الشعبية بأن تقبل المفاوضات غيرالمباشرة ويمتدح رئيس وزراء الحكم الذاتي

· او من ينصح الجبهة الشعبية بأن تعلق عضويتها في م.ت.ف وميتد رئيس الحكم الذاتي!

بينما المطلوب أن تنتمي الجبهة الشعبية إلى الجبهة الشعبية ذاتها، وأقصد هنا الكوادر والعناصر التي تكظم الغيظ وليست التي تقضم الدولارات. واقصد كل فلسطيني شريف ونظيف لم يمارس معصية التطبيع والقبض والإخبار وكتابة التقارير السياسية والأمنية والأكادمية لأنواع الأعداء.

هي اللحظة إذن، وهي الدهشة حقاً لا تتكرر مرتين، دهشة العمل والحب والثورة. نعم هي الدهشة ورغم الدنس ما زالت هناك عذرية هائلة في هذه الأمة وفي البشرية جمعاء.

إن تعليق المفاوضات لشهر ما هي إلا استغلال اللحظة لتبريد الموقف والعودة إلى ما لا يمكن مغادرته، اي إلى التسوية كي تُفتح الطريق للخراب الكبير إلى مذبحة مجدو؟ قد تقوم أميركا بزعم الضغط على الكيان ليجمد ولو مشافهة لأن التجميد فقط مشافهة. لأن ما تريد أميركا اكبر: هو ذبح كل من يحمل رأسه النظيف على كتفيه بدءا من حسن نصر الله إلى أحمد سعدات إلى الطفل الذي صدمته سيارة المستوطن أمس في القدس العربية إلى من سيصوت في السودان ضد الانفصال إلى المقاومة العراقية وإلى وإلى.

لحظة الانسداد هذه تعني أن العدو يترنح. لا بأس ، يترنح في معركة صغيرة، هي معركة صغيرة أمام ما هو مطلوب، ولكن ألا تبدأ طريق الانتصار الكبير من معارك صغيرة وحرب موقع؟