حركة الديمقراطية

حركة الديمقراطية الشعبية المصرية

يا شعب مصر: الرئيس الأمريكي يكرر أكاذيبه

ألقى الرئيس الأمريكي أوباما خطابا يتعلق بالإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساء الخميس 19/5/2011. والشرق الأوسط الأمريكي هو المنطقة العربية واصلة إلى تركيا وإيران. وأكد أن “مستقبل بلاده مرتبط بشكل وثيق بمستقبل الشرق الأوسط”. وهذا صحيح، لأن هذه البقعة الجغرافية من العالم هي مخزن الثروة النفطية والموقع الإستراتيجي ومهد الحضارات الكبرى خاصة المصرية والعربية والفارسية. من أجل هذا أقام الاستعمار العالمي بالقيادة البريطانية الفرنسية ثم الأمريكية إسرائيل في القلب منها للحفاظ على استمرار الإستراتيجية الإمبريالية الرأسمالية العالمية المتضمنة نهب ثروات هذه المنطقة وإخضاع تطورها للمصالح الاستعمارية العليا، ولجم تحرر شعوبها بإتاحة حكمها بحكومات عميلة معادية للشعوب ومتحالفة مع الاستعمار والصهيونية. وما قاله أوباما ليس جديدا، لكنه تكرار للقديم الكاذب، فالإلحاح على الكذب والنفاق لعله يخلق حالة من التصديق لدى شعوب أضعف الفقر والذل ذاكراتها الوطنية وألجأتها الحاجة إلى الاستماع للأكاذيب علها تقيلها من واقعها المزري.

خاطب أوباما دول الشرق الأوسط خاصة الدول العربية وكأنه رئيسها، ولم لا فكل الأنظمة العربية واقعة في الهوى الأمريكي الصهيوني، وإن تراوحت بين صراحة مثل السعودية ودول الخليج ومصر قبل الثورة (وبعدها بالصمت المريب) واليمن والمغرب العربي (ماعدا المشاغبات القذافية فارغة المضمون والتي آلت إلى تقبيل الأحذية الاستعمارية) وبين سوريا (الممانعة) لكن غير المقاومة وإن كانت تؤيد مقاومة الآخرين بعيداً عنها. فأخذ أوباما يوزع العطايا والنفحات ويمنح مشروعية الاستمرار للبعض ونزعها عن البعض الآخر حسب درجة التبعية والولاء للوالي الأعظم و”خليفة العصر”. فأثنى على الثورة المصرية (التي لم تقطع علاقات التبعية مع الرأسمالية العالمية والصهيونية) بتوجهاتها الليبرالية للحفاظ على هذا التوجه وعدم إشراك الطبقات الوطنية والشعبية في تقرير مصيرها ودفعها إلى الأمام، ولذلك أسقط عن كاهلها مليار دولار من ديونها المستحقة للولايات المتحدة واعتَمد مليار دولار آخر “لمشروعات البنية التحية ودعم القطاع الخاص وتوفير فرص عمل للشباب”، يعنى لدعم الرأسمالية التابعة. وحث صندوق النقد والبنك الدوليين على دعم عمليات “التحول” في مصر وتونس على غرار الدعم الذي تم لدول أوربا الشرقية في انتقالها من النظم الاشتراكية المعيبة إلى الرأسمالية والقطاع الخاص والنهب الذي تم بها والنتائج الاقتصادية والاجتماعية البشعة التي تعانى منها شعوبها حاليا نتيجة تنفيذ روشتات المنظمات الرأسمالية العالمية برعاية الولايات المتحدة بنفس التوجيهات والتعطفات الكاذبة التي يبديها أوباما لمصرنا وللدول العربية. كما أنه حثَّ منظمة أوبك وهى “نقابة” مصدري البترول في العالم وأغلب أعضائها عرب خليجيون على إنشاء صندوق بملياري دولار لدعم “الاستثمار الخاص” في جميع أنحاء المنطقة. هكذا يحث الوالي/الخليفة أمراء الولايات على تنفيذ إستراتيجيته. ولم ينسى الوالي أن يدعو القذافى إلى التنحي ويدعو على عبد الله صالح في اليمن إلى تنفيذ وعوده بنقل السلطة مع عدم فرض عقوبات. أما الأسد فقد خيره بين قيادة “الإصلاح” أو التنحي مما يعنى إبقاء بعض العطف عليه أملا في العدول عن “ممانعته” وبشرط فك تحالفه مع حزب الله وإيران. ولم ينسى أن يعلن التزامه بأمن البحرين داعيا إلى “حوار” بين السلطة والمعارضة وكأنه لم يكن هناك انتفاضة شعبية ضد الحكم المستبد قوبلتّ بقمع دموي. أما عن قضية المصير المصري والعربي، قضية فلسطين المغتصبة من إسرائيل، فقد عاد إلى التأكيد على “دولة يهودية لإسرائيل” يعنى مفرغة من العرب وأخرى فلسطينية منزوعة السلاح، والأولى تعيش في “أمن وأمان” طبعا بمفهوم الأمن الإسرائيلي الذي لا يتحقق إلا بنفي الفلسطينيين وما تبقى من العرب، والثانية “قابلة للبقاء” لأن البقاء الحقيقي هو لله وحده ولأمريكا العظمى. أما عن قضيتي مستقبل القدس واللاجئين الفلسطينيين فقد سماهما الرئيس المؤمن أوباما بأنهما من “القضايا العاطفية”، وبما أننا فى مجال الحزم والجد فلا مجال “للعواطف”. ولم ينسى الرئيس الأسمر أن يؤكد أن التزام أمريكا بأمن إسرائيل “لا يهتز” وأن المشترك بينهما “متجذر”. وشكك في قيمة المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح من باب بقاء أحد أطرافها (يقصد حماس) ينكر حق إسرائيل فى الوجود وأنه “لو استمرت حماس في العنف (يعنى المقاومة) لن يتحقق السلام”.ولكي يترك الذئب يتفاوض مباشرة مع الضحية لافتراسها قرر “لا أحد يستطيع فرض السلام لا الولايات المتحدة ولا غيرها”.

وهكذا يسيح بنا الوالي الأمريكي في حديقة الربيع العربي، منسوبا إلى ربيع براغ وربيع جورجيا وأوكرانيا الذي كان وبالا على شعوبها. ويوزع “المساعدات” والنفحات للإفساد السياسي والاقتصادي والثقافي ويوزع المسئوليات والمتطلبات، لكي تكون الشجرة الأمريكية هي البازغة في الأرض العربية وتحت ظلالها وفى حضنها فرعها الرئيسي إسرائيل وفى الحضن الآخر الموثوق بهم من العرب على رأسهم السعودية وحوارييها من دويلات الخليج. لم يتحدث عن مجازر إسرائيل في غزة وحصارها وتجويعها وتقتيل نسائها وأطفالها وعجائزها وشبابها يوميا وبعضا منه في الضفة المستسلمة بقيادة أبو مازن الحالم بدولة معلنة عن طريق الأمم المتحدة في سبتمبر القادم الحلم الذي أجهضه أوباما بقوله “إن جهود تجريد إسرائيل من الشرعية ستنتهي إلى الفشل والتحركات الرمزية لعزلها في الأمم المتحدة في سبتمبر لن تخلق دولة مستقلة”، ولم يتحدث عن قمع الشعب فى السعودية وحصار أى نبع عقلاني أو ديمقراطي أو علماني وكذا قمع شعوب الخليج. ألا تستحق هذه الشعوب ديمقراطية” أوباما؟ وأين هو من القمع فى المغرب والجزائر؟ المبدأ أن الحلفاء والشركاء لا يطالبون بالديمقراطية والحريات. والمبدأ “اخضع” تنعم بالرضا الأمريكي.

فيا شعب مصر العريق. هذا هو الرئيس الأمريكي يكرر أكاذيبه التي بدأها بجامعة القاهرة في مستهل ولايته، ليعوق تطوير ثورة 25 يناير إلى ثورة وطنية وشعبية في وجه التبعية والتخلف والحماية الأمريكية الصهيونية التي هي السبب في تدهور اقتصادنا وتعليمنا وصحتنا وتمكين الاستبداد والقهر منا. فهذا الرئيس هو نفسه (و سابقيه) الذي حالف حسنى مبارك وعصابته وتمسك به إلى آخر لحظة حتى خرجت أمور الثورة عن سيطرته ويحاول الآن العودة للسيطرة عليها ببعض المساهمات المالية المنحطة والتي لا تليق بشعبنا. وهو يصر على الإستراتيجية الأمريكية لحكم أو إدارة الحكم بالمنطقة لصالح الرأسمالية العالمية وإسرائيل وهو ما يفطن إليه شعبنا بقواه السياسية الوطنية الديمقراطية التي ندعوها إلى رفض خطاب أوباما بما فيه من معونات مزيفة بل وضارة ببناء اقتصاد وطني مستقل معتمد على الذات وعلى جهود أبنائه تسعى إليه بلادنا.

وستظل إستراتيجية حركتنا ديمقراطية وطنية شعبية في مواجهة التبعية والتخلف والاستبداد والهيمنة الأمريكية الصهيونية كمقدمة للاشتراكية.

21/5/2011            حركة الديمقراطية الشعبية المصرية