فضائح القادة

ديبلوماسية البروستاتا ونادي برشلونة وفضائح القادة

د.عبد الرحيم كتانة

الرابط بين العناوين الثلاثة هو الكذب الذي يمارسه القادة العرب على شعوبهم ، اذ وصلني قبل اسبوع رسالة الكترونية من احد الاصدقاء عن ديبلوماسية البروستاتا وهي تتكلم عن قائد عربي (ملك البحرين )  سافر الى واشنطن للعلاج من تضخم البروستاتا، ولكن وسائل الاعلام البحرينية ادرجت الزيارة بانها “من اجل مناقشة القضية الفلسطينية ورفع العبء عن كاهل الشعب الفلسطيني”، بينما لم يعمد اولمرت الى اخفاء سبب زيارته الى واشنطن حيث صرح بأنه ذاهب لعلاج تضخم البروستاتا بدون لف ولا دوران.

وقد لفت نظري زيارة الرئيس الفلسطيني الى مدريد وادراجها من قبل وسائل الاعلام الفلسطينية بانها تاتي لحصد التاييد للاعتراف بفلسطين في الامم المتحدة  ورفع العبء عن كاهل الشعب الفلسطيني، في حين ان بعض وسائل الاعلام ” الخبيثة ” اشارت  الى ان الزيارة تاتي تلبية لرغبات احفاد الرئيس لزيارة نادي برشلونة ، لان احفاده( حفظهم الله ) ذخرا للقضية، من عشاق النادي المذكور وزميله نادي ريال  مدريد . طبعا لم ينسى الديبلوماسيون الفلسطينيون ان يشيروا الى ابداء الرئيس رغبته في اقامة مدرسة برشلونية في دولة فلسطين على ما تبقى من الوطن (وهو لا يزيد عن 13 % من مساحة الضفة الغربية). وبمناسبة الحديث عن حشد الدعم للدولة الفلسطينية نشير الى ان دولة فلسطين عندما اعلن قيامها الراحل ياسر عرفات عام 1988 في الجزائر اثناء انعقاد المجلس الوطني حصلت على تأييد واعتراف اكثر من مئة دولة في حين ان دولة ” اسرائيل لم تكن حينها تحظى باعتراف اكثر من سبعين دولة وان ذلك لم يقدم ولم يؤخر .وكما يشير المفكر الفلسطيني انيس الصايغ فان الذهاب الى الامم المتحدة في ايلول لن يجدي نفعا لان “ العضوية في الأمم المتحدة مشروطة بصدور قرار من الجمعية العامة، بناءً على توصية من مجلس الأمن الدولي (المادة 4/2 من ميثاق الأمم المتحدة)، وصدور توصية من مجلس الأمن سوف يصطدم بالفيتو الأميركي و/أو البريطاني و/أو الفرنسي، بالتالي فإن هذه المحاولة محكوم عليها بالفشل مسبقًا، من الناحية الإجرائية على الأقل. ‌ب- وعلى سبيل الفرض الساقط أن طلب الانضمام إلى الأمم المتحدة قد مرّ بنجاح من مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة وأصبحت “فلسطين” عضوًا في المنظمة الدولية، فما هي الفوائد التي سيجنيها الفلسطينيون؟ والجواب: لا شيء تقريبًا. فإن وضع منظمة التحرير في الأمم المتحدة هو وضع لم تتمتع به أي حركة تحرير وطني أخرى في تاريخ المنظمة الدولية، بل إن منظمة التحرير تتمتع بامتيازات لا تتمتع بها بعض الدول، لأن منظمة التحرير تستطيع دعوة مجلس الأمن – على سبيل المثال- للانعقاد على أساس المادة 37 ( المقتصرة على الدول) من النظام الداخلي للمجلس، بينما المنظمات الأخرى تدعو المجلس على أساس المادة 39 ( المقتصرة على المنظمات غير الدول). وتتمتع منظمة التحرير بمقعد كامل في جميع المنظمات الدولية المنبثقة عن هيئة الأمم، ولها اعتراف دبلوماسي من أكثر من مئة دولة، ويتمتع رئيسها في العديد من الدول بالامتيازات المقررة لرئيس دولة، وكذلك بعثاتها الدبلوماسية. وتشارك في الجامعة العربية والمنظمات المنبثقة عنها بعضوية كاملة، وتقف على قدم المساواة مع باقي الدول الأعضاء، وكذلك الحال في منظمة المؤتمر الإسلامي ودول عدم الانحياز. فماذا بقي لمنظمة التحرير من مكاسب تفتقر إليها حاليًا وسوف تكتسبها فيما لو أصبحت عضوًا في المنظمة الدولية؟

اذن لماذا يبتهج الفلسطينيون بايلول ويجوب القادة  الشرق والغرب دعما لهذا الاستحقاق ؟يجيب المفكر الفلسطيني اياه “الظن عندي أنه ليس لديها شيء آخر “تلعب به” بعد فشل كل أنشطتها وعلى كل الصعد. فلا المفاوضات أدت إلى شيء ولا المصالحة الفلسطينية أنجزت ولا وضع الشعب الفلسطيني أصبح أقلّ قهرًا وتدهورًا. هكذا يجزم السيد الصايغ بكلمة” تلعب به” واظن انه اصاب كبد الحقيقة.

الا ان المصادرة المستمرة للاراضي وآخرها قرار الحكومة مصادرة 135 الف دونم من الاراضي الاميرية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات لم  يستفز ولم يستنفر هذه القيادة لان اقامة مدرسة برشلونية في ( فلسطين ) اضمن وابقى واهم.

كنت في السابق اشغل نفسي بتعداد الايام التي يسافر فيها الرئيس ياسر عرفات وازعج نفسي بان الراحل لا يجلس في مكتبه وبين ابناء شعبه اكثر من 30 يوما في السنة والباقي يقضيه على طائرته لحشد الدعم للقضية الفلسطينية والنتيجة ان القضية طارت مثلما كان المرحوم طائرا – على طول، الا ان الرئيس الحالي لا يقضي حتى نصف المدة التي كان الرئيس الراحل يقضيها بين ابناء شعبه والتبرير الذي يساق – خدمة القضية التي طارت وتبخرت  أكثر في عهده.

وما اثارني هذه الايام ان الفضيحة التي نشرت في الصحف حول اتهام وزيرة الشؤون الاجتماعية بصرف المساعدات لكبار المسؤولين لم يتوقف عندها احد ابدا، وكأنها تجري في بلاد الواق واق. والقضية ان احد النواب اتهم وزيرة الشؤون الاجتماعية بصرف مبالغ هائلة من الاموال كنثريات لبعض المسؤولين في السلطة والمنظمة- الممثل الشرعي والوحيد للفساد-.

وقد عقدت السيدة الوزيرة مؤتمرا صحفيا ردت التهم المنسوبة اليها واشارت الى ان الاموال صرفت فعلا ولكن ليس من وزارتها او باسم هذه الوزارة وذلك بالشكل التالي:

108 الاف شيقل صرفت الى جبريل رجوب ضيافة
210 الاف شيقل الى وزير الاوقاف الهباش
576 الاف شيقل الى وزير الاوقاف مساعدات اجتماعية الى الهباش
18 الف شيقل الى بسام ابو شريف
54 الف شيقل عبد العزيز ابو دقة بدل سكن الى مستشار رئيس الوزراء
37 الف شيقل الى اشرف العجرمي
ومبالغ بدل سفر الى الوزراء وبدل شهر عسل الى سعدي الكرنز، وغيره وقالت: اتحدى ان صرفت هذه المبالغ من ميزانية الوزارة .
وقد اكدت المؤسسات المحايدة صحة ادعاء الوزيرة التي اعرف بصدقها وامانتها ووطنيتها.

والسؤال المطروح امام الرأي العام الفلسطيني الم يحن الوقت لهبة جماهيرية للدفاع عن المال العام ؟ ام ان ثورة ضد الفساد والفاسدين يجب ان يقوم بها الشعب الفلسطيني بحيث تقتلع والى الابد جذور الفساد والفاسدين ؟ الا يحق لنا – نحن النعاج – ان نعرف ما معنى ان يصرف 786 الف شيكل للسيد وزير الاوقاف كمساعدات اجتماعية  وان يصرف 108 الاف ضيافة للسيد جبريل الرجوب ؟

هل اصبح هكذا خبر لا يحرك ساكنا ولا يستفزنا؟ هل مات الشعب او احبط بحيث لم يعد يكترث حتى لو سرق ماله وارضه ؟

طوال عشرين عاما ونحن نحذر من الفساد السياسي والاداري والمالي ولم يتحرك احد، اللهم الا اذا اشرنا ان السلطة اعتقلتنا عام 1999 عندما وقعنا بيان العشرين الذي يتهم القيادة ويسميها بالاسم بالفساد وبرعايته.

ولكن ما يجري اليوم اخطر بكثير من عام 1999 ، فاليوم ضاع الوطن ولم يتبق منه الا صندوق مال سيسرقون منه ما دام المانحون راضون عن تنازلاتنا.