يوم الغضب في السعودية:

بركان الثورة في أحضان الرماد ودوي إنفجارها قريب

كتب ناصر العابد- عربي برس – الرياض

أسئلة كثيرة خيّمت على الذكرى السنوية الأولى لـ”يوم الغضب” الذي جرى تنظيمه في السعودية، فهل حقق النظام السعودي اصلاحات ملحوظة تقنع الشباب السعودي بالوثوق بحكامه، أم أن البطالة والفقر وقمع الحريات والتظاهرات الذي ارتفع خلال العام الماضي أمور تفجر بركان ثورة كامنة تحت السطح في اية لحظة مرتقبة…

في التقرير التالي اضاءة على أبرز مظاهر الحراك السعودي خلال عام على يوم الغضب السعودي

وحذر باحث في منظمة “رايتس ووتش” من بركان تحت السطح في السعودية قد ينفجر في أي لحظة

أكد باحث في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن على السعودية أن تأخذ عبرة من الربيع العربي الذي بدأ يقترب منها كثيرًا، ملمحًا إلا أن الأجواء ربما تشهد هدوءًا نسبيًا، لكن ما تحت السطح يؤكد وجود بركان قد ينفجر في أي لحظة.

وأكد “كريستوف ويلكى” باحث أول في منظمة “هيومن رايتس ووتش”، والذي يتابع الملف السعودي منذ فترة طويلة، أنه في 11 مارس/آذار 2012 دعى نشطاء سعوديون إلى “يوم غضب” أملاً في انتقال المدّ الصاعد إلى المملكة؛ فلم يتظاهر في ذلك اليوم إلا شخص واحد. لكن تحت السطح الهادئ ثمة أشياء تتغير في السعودية، والمعارضة تغلي على مهل.

وأضاف: “من التغيرات الهامة أنه أصبح بإمكان النشطاء الطعن على التوقيف الإداري أمام المحاكم الإدارية، ويصادفهم النجاح في ذلك أحيانا. والتغير الثاني هو أنه ومن أجل تفادي هذه الطعون، تتقدم الأجهزة الأمنية الآن باتهامات رسمية ضد المعارضين المحتجزين، وتحيلهم إلى المحاكمة بسبب نشاطهم. القصد أن: في دولة يغيب عنها القانون الجنائي المكتوب، فإن حمل الحكومة على الخضوع للقضاء يمنح قضية المعارضين المشروعية”.

واشار “ويكلي” إلى انه لقد ظهر من رد الفعل السعودي الرسمي على محاولات الاحتجاج والتظاهر أن الحكومة لن توسّع هامش الفضاء السياسي قيد أنملة ولن تستوعب دعوات الإصلاح، بل إن الحكومة السعودية اختارت في فبراير/شباط ومارس/آذار 2011 تهدئة المواطنين السعوديين بتقديم ما يُقدر بـ 135 مليار دولار من الإعانات. وفي الوقت نفسه، قامت الأسرة الحاكمة السعودية – التي يشغل كبارها بالإضافة إلى عرش البلاد وزارات أساسية وأجهزة الحكم المحلية – أقول قامت بقمع الاحتجاج في بدايته. لكن ومع كل الجهود الحكومية لرسم صورة أن الحياة طبيعية ومع محاولتها قمع الاحتجاجات؛ تستمر أشكال التعبير عن الغضب الشعبي.

واضاف: “في فبراير/شباط 2011 قبضت قوات الأمن على أول المتظاهرين، وهم مجموعة من الأفراد كانوا يعتزمون تدشين أول حزب سياسي سعودي، وقبضت على مجموعة مثقفين كانوا يطالبون بالإصلاح السياسي، عبر سلسلة من العرائض التي أصدروها ذلك الشهر. في مارس/آذار وقبل “يوم الغضب” المُعلن عنه على الفيس بوك، أصدرت وزارة الداخلية ومجلس كبار العلماء – أعلى هيئة دينية مكلفة بتفسير الشريعة – حظراً على جميع المظاهرات”.

واكمل: “ثم وعلى مدار الشهور التالية، زاد عدد المحتجزين من المتظاهرين الذين تحدوا الحظر، في المنطقة الشرقية ذات التواجد السكاني الشيعي الكثيف. وفي مارس/آذار – ثم في ديسمبر/كانون الأول – تم أيضاَ القبض على متظاهرين سلميين في العاصمة الرياض، وفي القصيم، الواقعة شمالاً. وفي مايو/أيار ويونيو/حزيران أوقفت السلطات سيدات قمن بقيادة سيارات احتجاجاً على الحظر غير الرسمي في المملكة على قيادة النساء للسيارات”.

وأضاف ويكلي: “ليس اعتقال المعارضين بالظاهرة الجديدة في السعودية. ففي الماضي قامت المباحث – جهاز الشرطة السرية مرهوب الجانب في المملكة – بحبس آلاف المشتبهين بتبني منهج العمل المسلح، وكذلك نشطاء سلميين إصلاحيين. وفي بعض الحالات غاب المحتجزون مدداً طويلاً في غياهب السجون.

وفي النهاية أكد أن “آل سعود” حُكام مُطلقون، إلا أن الربيع السعودي ترك أثره. ويتزايد شك الرأي العام في منطق الحكومة الذي يُصوّر النشاط الإصلاحي السلمي – قومي وديني المنابع في أحيان كثيرة – بصفته عمل تخريبي خطير.

وفي تقرير نشرته صحيفة السفير اللبنانية بقلم هيفاء زعيتر تناولت فيه قابلية السعودية للتغيير واعتبرت أن

كل المؤشرات في السعودية اليوم تشي بأن وصول “الربيع” إلى أرجاء المملكة بات مسألة وقت لا أكثر. أما ما ارتكز عليه النظام من عوامل لتعزيز الاستقرار الداخلي، سواء عبر “الرشوة” الاستباقية التي أسكت بها التململ السياسي معتمداً على وفرته النفطية، أو عبر ارتكازه على التحالف التاريخي مع المؤسسة الدينية لتفريق صفوف المعارضة من جهة والدعم الغربي الذي يحظى به من جهة أخرى، فيبدو أن أركانه بدأت تهتز تحت وطأة التحديات المتنامية.

فهل السعودية باتت جاهزة للتغيير إذاً؟ وهل إن النظام سيستطيع احتواء المطالب “المادية” لسكان المملكة بما هو معروف عنه منذ عهود؟ ولكن كيف تفسّر المؤشرات الاقتصادية – الاجتماعية كالارتفاع “الكارثي” في معدلات البطالة وإضراب طالبات جامعة الملك خالد في أبها ألم تسبق تلك المؤشرات نفسها شرارة الاندلاع في بلدان أخرى؟

اليوم “بدأ الحراك الإقليمي ينعكس على الداخل السعودي، وتبدو أوضاع البلاد قابلة على المستوى السياسي والاجتماعي، وتعكس هذه القابلية كذلك الصراعات بين الليبراليين والمحافظين ومشكلة البطالة الصارخة وما يتبعها من تظاهرات لطلاب ومتخرجين”، حسب الكاتب والمحلل السياسي السعودي حمد الباهلي الذي يؤكد أن “الأزمة الحقيقية هي عدم انسجام الخطاب السياسي الرسمي مع المشكلات الداخلية المتراكمة، فالمشكلة لا تقتصر فقط على عدم رسم سياسة واضحة لمستقبل الدولة، بل حتى لمستقبل الحكم نفسه”.

وأضافت أن مشكلة البطالة تحولت إلى “حديث الساعة” في السعودية، بعيداً عن مظاهر الوفرة التي تشتهر بها المملكة والتي يدعيها النظام، أما نسبة الـ10 في المئة من العاطلين عن العمل، أي حوالى مليوني عاطل، التي تؤكدها التقارير الرسمية فهي خير دليل، في وقت تصل هذه النسبة إلى عشرين في المئة بحسب الأرقام غير الرسمية. وهذه الأرقام نفسها، وفقاً لتقرير للباحثة إلهام فخرو نشره معهد “كارنيغي”، تكشف أن 670 ألف عائلة، أي حوالى ثلاثة ملايين شخص من أصل 18 مليون نسمة، تعيش في الفقر. كما أن البؤس لا يقتصر على المناطق الريفية، فقد نقل وثائقي عُرض عن الفقر في الرياض مؤخراً شهادات عن عائلات تأكل وجبة واحدة في اليوم، ويقيم عشرون من أفرادها في المنزل نفسه. ويبلغ معدل الرواتب أقل من 1300 دولار في الشهر، مع وجود فجوة هائلة بين الطبقات الاجتماعية، خاصة أن 22 في المئة من السكان يعيشون في الفقر، ما يعني أنه ليس للثروة النفطية تأثير كبير على مستوى حياة المواطن العادي كما هي الحال في دول الخليج الأخرى، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية. وتؤكد الصحيفة أن السعودية هي المصدرة الأولى للنفط في العالم، لكنها مهدَّدة بخسارة هذه المكانة بسبب الاستهلاك الداخلي المفرط للوقود الذي ينمو بنسبة سبعة في المئة سنوياً.

ويشرح مصدر سعودي معارض أن هذه المشاكل تتفاقم نتيجة الحلول المؤقتة. ووفقاً للمصدر “عندما يتصاعد العاملان، الاجتماعي والاقتصادي، يتحولان إلى سياسي، وعندها تكون البؤر الصغيرة من الاحتقان والتوتر مرشحة للالتقاء مع بؤر أخرى”، مردفاً أن “سيناريوهات المستقبل تبقى معقدة تستعصي على القراءة الواضحة، إلا أن الأمر برمته يبقى منوطاً بعنصر المفاجأة الذي لا يمكن لأحد توقعه”.

يعود الكاتب عقل الباهلي ذو التوجه الليبرالي إلى تقييم أداء النظام كونه الباب الأكثر وضوحاً لفهم المسار الذي تسلكه المملكة. ويقول “عندما توفي ولي العهد الأمير سلطان تحولت الأنظار إلى الأمير نايف على أمل أن يظهر ميلاً لصياغة سياسات أكثر تماسكاً، ولكن تبيّن لاحقاً أن عدم الاستقرار يوسّع رقعته مهدداً النظام السياسي”.

ينتقل الباهلي إلى مشكلة الشيعة في المنطقة الشرقية كونها “المثال الأكثر وضوحاً لإنكار النظام لأزماته”. ويؤكد أن “النظام يميل إلى التهويل بالخطر الإيراني في إطار المخطط الإقليمي الكبير للمواجهة السنية ـ الشيعية، ولكنني أعرف الناس في المنطقة الشرقية، هم ينتظرون حلولاً سهلة. مطالبهم بسيطة تكفيها تقديمات متواضعة، يمكنها أن تحولهم على المدى المتوسط إلى عنصر داعم لاستقرار الأوضاع… بمعنى أن احتواء مشكلة المنطقة الشرقية أمر ممكن بالنسبة للسلطة يعززه الولاء الكبير الذي يمتلكه أهلها تجاه البلاد”. والجدير بالذكر هنا أن المنطقة الشرقية تضم 90 في المئة من احتياطيات النفط في البلاد، إلا أنها من الأشد فقراً في السعودية، ويشتكي سكّانها منذ وقت طويل من التمييز المذهبي.

ينسحب الأمر، حسب الباهلي، على باقي المشكلات “سواء ما حدث في أبها قبل أيام، أو ما أثير حول قضية حمزة كشغري وغيرها من قضايا الاعتقال التعسفي لمجموعة من المحامين قبل سنوات وللمدونين وسجناء الرأي، حيث تمتلك السلطة الإمكانيات المادية والمعنوية لحلها ببساطة، ولكن ما ينقصها هو جرأة الاعتراف بوجود هذه المشاكل والاستمرار في الاستناد إلى نظرية “الوضع في السعودية مختلف” السائدة حاليا”.

يُذكر أنه في تشرين الثاني الماضي، وفقاً لتقرير “كارنيغي”، حُكِم على ستة عشر رجلاً بالسجن لفترات طويلة بعدما حاولوا إنشاء منظمة لحقوق الإنسان. كما اعتُقِل مؤسّس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية في أيار الماضي، وكذلك عشرة أعضاء من حزب الأمة الإسلامي الذي طالب بتمثيل أكبر وبإنهاء الحكم الملَكي المطلق. ويوضع آلاف المواطنين أيضاً في الحجز في مختلف أنحاء البلاد على خلفية تُهَمٍ أمنية. علماً أن المعلومات الخاصة تشير إلى أنه تجري حالياً مناقشة قانون جديد لمكافحة الإرهاب سيجيز تمديد الحجز من دون تهمة بموجب تعريفات واسعة للإرهاب تشمل “تعريض الوحدة الوطنية للخطر” و”الإساءة لسمعة الدولة أو مكانتها في العالم”.

ترى صحيفة “الغارديان” أن الخلافات بين أفراد الجيلَين الثاني والثالث في العائلة المالكة، اللذين تتعارض آراؤهما حول وتيرة الإصلاح ومساره، قد تخلق فرصةً لإعادة خلط أوراق التحالفات. فيما يسعى قادة جدد إلى تطوير مساحات نفوذ خاصة بهم.

بدأ شبح الثورة يتردد على آل سعود، فالشباب الغيور على وطنه بات يدرك حتمية ازاحة عائلة ينخر السوس في عظامها، قبل أن تَهلَك وتُهلِِك بلدهم، وما خروج المئات مناصرة لانتفاضة القمامة إلا تأكيداً على نضوج الشارع السعودي وتحديد خياراته في حياة ينعمون فيها بثرواتهم ولهذا هم سيخرجون بالآلاف لانتفاضة أعم وأشمل…

VT1

http://www.youtube.com/watch?v=Lvyg9L70P_s

رياح التغيير تهب على السعودية

VT2

http://www.wijhatnadar.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-3023.html

احتجاج الطلاب واعلان اضراب الطيارين

:::::

المصدر: عربي برس

http://www.arabi-press.com/?page=article&id=28610