الملف السويدي مجددا…!

نواف الزرو*

 Nzaro22@hotmail.com

مرة اخرى يعود الملف السويدي للمشهد الاعلامي الاسرائيلي، في احدث تطورات العلاقات الاسرائيلية السويدية المتوترة دائما، كشفت صحيفة هآرتس العبرية 2012-4-20 النقاب عن “هروب اليهود من مدينة مالمو السويدية بعد ازدياد الكراهية لهم بسبب العدوان على غزة”، وقالت الصحيفة إنّ ظاهرة كراهية اليهود المقيمين في المدينة اشتدت بعد الحرب على غزة حيث زادت الاعتداءات على اليهود في المدينة فقد بلغ عددها 79 اعتداء، فضلاً عن الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها، ونقلت الصحيفة عن أحد اليهود الذين يقطنون المدينة انه لم يشاهد مثل هذه الكراهية منذ 20 عاماً.

الى ذلك، تلقّت”اسرائيل” صفعة مجلجلة من السويد، التي أبلغت الخارجيّة الإسرائيليّة ووزارة المواصلات بشكلٍ رسميّ “أنّها لا تسمح بأيّ حالٍ من الأحوال لجهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيليّ) بأنْ يقوم بفحص الركاب السويديين المسافرين إلى إسرائيل كما جرت العادة”، وبهذا تنضم هذه الدولة الاسكندينافية إلى دولة أخرى هي الدانمارك، التي منعت الشاباك الإسرائيليّ السنة الماضية من مواصلة إجراء الفحوصات الأمنيّة للركاب في المطارات التي تقع تحت سيادتها.

في”اسرائيل”يطلقون على حالة التوتر والتصعيد الاعلامي-السياسي الملفت ما بين السويد واسرائيل اسم “الملف السويدي”، وقلنا ابان ذروة التصعيد  الاعلامي بين البلدين، ان هذا”الملف السويدي – الاسرائيلي” يجب ان لا ينزل عن الاجندات الاعلامية والسياسية والقانونية والاخلاقية فلسطينيا وعربيا وامميا، فهذا الملف ظهر انه مزعج جدا لجنرالات وساسة “اسرائيل” كونه يكشف النقاب عن واحدة من ابشع الجرائم والانتهاكات الاسرائيلية لحقوق الشعب والانسان والوطن الفلسطيني، وهي منهجية القتل المتعمد مع سبق الاصرار والتخطيط للاطفال والنساء والشيوخ والشبان والاستيلاء على اعضائهم والمتاجرة بها…!.

ولعل من اهم ما فتحه الملف السويدي هو ذلك السجل الطويل بلا نهاية من جرائم الحرب الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وهي جرائم تمتد على مدى عمر تلك الدولة، وحتى الى ما قبل قيامها…!.

ردود الفعل الاسرائيلية على الصحفي السويدي الذي كشف النقاب قبل نحو عامين عن الجريمة الكبيرة وعلى الحكومة السويدية كانت محمومة وهستيرية وصلت الى مستوى لاسامي و كارثي…!

الحكومة الاسرائيلية خصصت وقتا طويلا لبحث القضية، والوزراء اجمعوا على الملف السويدي، ووصفوه بأنه “فرية دم”، ونتنياهو طالب باستنكار سويدي: “نطالب ونتوقع من السويد استنكارا رسميا وليس اعتذارا عما قيل”، والخارجية الإسرائيلية وجهت انتقادات للحكومة السويدية، والبست المسالة بعدا لاساميا صريحا، واعربت عن خيبة أملها من إعلان رئيس الوزراء السويدي فريدريك رايْنفلدت أن حكومته لن تستنكر التقرير، ومن جهته هاجم ليبرمان بشدة موقف الخارجية السويدية من قضية نشر التقرير مضيفا”أن هذا الموقف من الخارجية السويدية يذكر إسرائيل بموقف السويد مما أسمته (المحرقة ضد اليهود) حيث لم تتدخل السويد لإيقافها”، واتنقل ليبرمان من ساحة الهجوم على السويد إلى جارتها النرويج، وقال في محاضرة أمام طلاب في جامعة “أرئيل” الواقعة في مستوطنة أرئيل في الضفة الغربية: “ذهلت حين علمت أن الحكومة النرويجية قررت الاحتفال بالذكرى الـ 150 للأديب هامسون(كونت هامسون) الذي شجع النازيين ، وقام بالتبرع بالجائزة التي حصل عليها عام 11943 ليوسف غابلاس(وزير إعلام الرايخ الثالث) ، بل وكتب رثاء لأدولف هتلر قال فيه إنه حارب من أجل الإنسانية “، مردفا:”أذكر أنه في مؤتمر ديبرن 2 ، وخلال كلمة أحمدي نجاد  كانت النرويج من بين الدول القليلة التي لم تغادر القاعة، واليوم يتضح أن ذلك ليس صدفة، أسأل إلى أي حد يمكن التمادي؟”. ولم يتخلف وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك عن ليبرمان فطلب من المستشار القضائي لوزارة الدفاع فحص إمكانية تقديم دعوى تشهير ضد كاتب التقرير، كما يوجه رسالة إلى الخارجية السويدية يطالب فيها بأن تتنصل السويد مما أسماه “النشر الكاذب” الذي يتهم جنود الاحتلال بسرقة الأعضاء البشرية من أجساد الفلسطينيين.

ورئيس “مجلس الأمن القومي الإسرائيلي” عوزي أراد طالب بدوره وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت، باستنكار تقرير الصحيفة، وترد حكومة السويد إنها لا تعتزم تقديم اعتذار، ونقلت وكالة الأنباء السويدية “تي تي” عن رئيس الوزراء السويدي فردريك راينفلدت قوله “لا يستطيع أي إنسان أن يطالب الحكومة السويدية بانتهاك دستورها، حرية التعبير شيء لا غنى عنه للمجتمع السويدي”، ووزير المالية الاسرائيلي يوفال شطانتس يقول: إن الحديث يدور عن فرية دم لاسامية وحكومة السويد لا يمكنها أن تبقى لامبالية”، فيما دعا وزير الرفاه يتسحاك هرتسوغ إلى “محاربة ما أسماه “النشر المخجل” بوسائل قضائية، ووزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي يصدر قرارا بتجميد تأشيرات الإقامة في إسرائيل للصحفيين السويديين”.

اذن – نحن امام ربما جنون اسرائيلي واسع النطاق ضد السويد دولة وحكومة وصحيفة وصحافي …، فكيف تتجرأ تلك الصحيفة السويدية على اتهام “اكثر جيش اخلاقي في العالم” باقتراف جريمة حرب كهذه…

فملف كهذا قد يصل إلى محاكم العدل الدولية بتهمة قيام إسرائيل بجرائم حرب كما تقول صحيفة يديعوت احرونوت العبرية…!

لذلك جندت “اسرائيل” لوبياتها وعلاقاتها واوراقها واعلامها وحلفائها للضغط على السويد وحشرها في دائرة ضيقة بتهمة “اللاسامية”…!

وهذه هي التهمة الاسرائيلية الجاهزة دائما كما تعلمون لكل منتقد لسياسات التطهير العرقي التي تمارسها تلك الدولة منذ اكثر من اربعة وستين عاما…!

الشهادات والوثائق والاعترافات التي تتحدث عن الجرائم الصهيونية لا حصر لها، وكانت دائما بحاجة الى من يحملعها اعلاميا وقضائيا واخلاقيا على المستوى الاممي.

ويبقى السؤال كالعادة: لما لم ولا يستثمر الفلسطينيون والعرب هذا الملف السويدي…؟!