نقاط التحول السيكولوجي …!

 

نواف الزرو

    انطلقت يوم امس الاول اضخم مناورات للجبهة الداخلية الاسرائيلية، اطلق عليها”نقطة تحول- 6″ وستنتهي يوم بعد غد الخميس، وفي اطار المناورة سيتم التدرب لاول مرة على سيناريو تقع فيه هزة أرضية شديدة، كما ستتدرب مؤسسات التعليم ورياض الاطفال في أرجاء البلاد، والوزارات الحكومية والمؤسسات العامة على عملية الخروج من المباني المغلقة، كما ستشارك في المناورة نحو 250 سلطة محلية، مع وحدات الارتباط بسلطات قيادة الجبهة الداخلية.

    قد تبدو هذه المناورة الضخمة للبعض عادية، غير انها في الحسابات الاسرائيلية تنطوي على ابعاد وتداعيات استراتيجية، فنقطة تحول” بدأت بالرقم-1- ثم تسلسلت لتصل الى الرقم-6-اليوم، فالماثل امامنا انهم على مستوى المؤسسة العسكرية والسياسية والاعلامية، وكذلك على مستوى الراي العام الاسرائيلي، يربطون ربطا جدليا ما بين هذه التدريبات والمناورات”المتحولة..المتسلسلة من 1-6 حتى الآن …” وما بين حرب الصواريخ القادمة التي باتت تهيمن على الخطط والقناعات والمناخات والسيكولوجيا الاسرائيلية..!

   فالاسرائيلي عموما، من الرئيس، الى رئيس الوزراء، الى الوزراء، الى كبار الجنرالات والضباط،الى الجنود في كل مكان، الى رجال الدين-الحاخامات، الى رجال الاعلام والاكاديميا، الى عصابات المستوطنين في انحاء الضفة، كلهم بالاجماع اصبحوا ينتظرون اندلاع حروب، وهم يرون حرب الصواريخ القادمة عبر هذه التدريبات العسكرية الاوسع والاشمل في تاريخ تلك الدولة الصهيونية..!.

   فنقطة التحول، في مضمونها العسكري، تشكل نقطة تحول ليس على مستوى التدريبات والاستعدادات الحربية لديهم فقط، وانما اخذت تتكرس كنقطة تحول استراتيجي في المواجهات العسكرية الحربية منذ الهزيمة الحارقة التي لحقت بجيشهم الذي لا يقهر في تموز/2006، وشكلت بالتالي نقطة تحول سيكولوجي في استعداداتهم النفسية  لمواجة حروب اخرى مع حزب الله وعلى الجبهات الاخرى، بل يبدو ان المشهد الاسرائيلي بات مثقلا ب”نقاط التحول” المقترنة بسيكولوجيا الرعب والقلق، وهواجس الوجود، من الحرب ومن الخسائر ومن الهزيمة المحتملة، ومن المستقبل الغامض، ومن احتمالات الانهيار الشامل، فوزير “الجبهة الداخلية” الإسرائيلية السابق، الجنرال متنان فيلنائي، كان رسم سيناريو الرعب الإسرائيلي المتوقع في أية حرب مستقبلية مع العرب، ويتمثل بسقوط آلاف الصواريخ يوميا، لمدة شهر كامل على الأقل، واستهداف محطات إنتاج الطاقة والبنى التحتية، والمؤسسات الاقتصادية، وتعرض مدينة تل أبيب لقصف مكثف”.

   فحينما يرسم الجنرال فيلنأي هذا السيناريو، فان في ذلك معان ودلالات حربية صريحة…!.

   فقد قال فيلنائي في لقاء مع أرباب الصناعة والتجارة والأعمال:”ستسقط آلاف الصواريخ يوميا على إسرائيل، وسترتفع ألسنة النيران من مواقع استخراج الغاز، ينبغي أن نكون مستعدين لحرب شاملة مع سوريا وحزب الله وحماس”، واصفا مواقع التنقيب عن الغاز في عرض البحر بأنها الخاصرة الرخوة لإسرائيل. موضحا: “السوريون ليسوا بحاجة لإطلاق عشرات الصواريخ على تلك المواقع، فلديهم منظومات دقيقة، ويكفي بضعة صواريخ لإحراق كل شيء”، وقال فيلنائي”إن العرب يعرفون استخلاص الدروس، هم لا يخافون، ولا يهربون كما علموكم ذات مرة، انسوا ما علموكم إياه، هم يعرفون أنهم لا يمكنهم هزيمة إسرائيل في ساحة المعركة، لهذا يستعدون لضربها في العمق بواسطة الصواريخ، يمكنكم احتساب كم صاروخا بحوزتهم، كم منها يمكننا قصف مواقع إطلاقها، وكم سنسقط منها قبل وصولها، سيطلقون علينا آلاف الصوارخ والقذائف، وستسقط مئات الصواريخ وما في منطقة المركز، هذا ما سيحصل هنا، وسيستمر شهرا عل الأقل، دون توقف.

وكان المحلل الاسرائيلي جدعون ليفي كتب في /هآرتس تحت عنوان:”أربما لا يوجد خيار عسكري” يبشر الاسرائيلييين-او يضعهم في صورة الحقائق القائمة والقادمة- قائلا:”ستكون الحروب الآتية هي حروب الجبهة الداخلية، وهذه المرة ستتضرر الجبهة الداخلية الاسرائيلية على نحو لم نعرفه من قبل، فقد كانت حرب الخليج الاولى وحرب لبنان الثانية من هذه الناحية المقدمة لما قد يحدث فقط، ان هجوما بآلاف الصواريخ، كما يتنبأ الخبراء، سينشأ واقعا يصعب على اسرائيل الصمود فيه، فهي غير مزودة لذلك وقد رأينا هذا في الكرمل، وهي غير مستعدة لذلك وقد رأينا هذا في حرب لبنان”.

   لقد بات واضحا تماما، ان كل هذه التدريبات البرية والجوية والبحرية التي اجرتها وتواصلها دولة الاحتلال، وصولا الى تدريبات المؤخرة او العمق الاخيرة “نقطة تحول..6″، على تماس مباشر بتلك الهزيمة في لينان من جهة، وعلى تماس مباشر بالحساب المفتوح من جهته ثانية، ولكنها تؤشر من جهة ثالثة الى حالة الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي اهتزت بعنف زلزالي  في مواجهة تموز/2006.

:::::

Nzaro22@hotmail.com