موجز تذكير بالسلوك السياسي لقطبي سلطة اوسلو: عباس وحماس، والتعاطي مع الامبريالية الصهيونية.


التحرير  يبدا بقول الحقيقة للشعب العربي الفلسطيني وللبشرية جمعاء

*****

“ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة

زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر

“الحقوقُ لا تُشحَذُ، بلْ بحدِّ السّيفِ تُنتَزَعُ”

“الجنرال الكوبي الملحمي أنطونيو ماسيوANTONIO MACEO

ملاحظة: هذه االمقتطفات وردت  في رسالة دكتوراة بعنوان السياسة الخارجية الامريكية تجاه القضية الفلسطينية. مقاربة انطلاقا من الجنوب الجيوسياسي ، انجزها الكاتب وتتناول الفترة الخاصة بعهدي الرئيس الامريكي جورج بوش الابن (2001 ـ 2009)، بالاضافة الى مقتطفات ايضا من اجاباته على اسئلة المعارضة الاكاديمية اثناء الدفاع عن الرسالة يوم 21 يوليو 2010. بشكل اساسي تتطرق المقتطفات الى حماس وسلوكها السياسي حتى ذلك التاريخ، وكذلك وبالمعية سلوك سلطة اوسلو رام الله، من اجل فهم السلوك الراهن  وآفاقه  ،لئلا نقع في مصيدة نسيان الماضي،  وضبابية الحاضر،  وفقدان المستقبل.

نورالدين عواد

هافـــانــــا ـ كوبــــــــا

*****

ارادت الادارة الامريكية الاسراع في اخماد الازمة على الساحة الفلسطينية من خلال القوة العسكرية، معولة على لاعب داخلي متناغم وراضٍٍ باستراتيجيتها: السلطة الفلسطينية، ولم تاخذ بالحسبان لاعبا داخليا حاسما آخر: الشعب الفلسطيني. اعتزمت الادارة وضع حد للمقاومة في الضفة الغربية، بالتنسيق مع اسرائيل والسلطة الفلسطينية، من اجل محاولة القضاء على المقاومة المسلحة في غزة، وبهذا تسهيل الظروف امام تطبيق خارطة الطريق، وتوطيد الوضع القائم: حكم ذاتي مدني اداري محدود وتصفية القضية الفلسطينية،  بمشاركة فلسطينيين وعرب واوروبيين واسرائييليين والامم المتحدة، تحت الزعامة الامريكية. اي ان النتيجة النهائية لن تكون دولة، بل حلقة مفرغة من المفاوضات على الدولة الوهمية. (ص 94)

شدت كوندوليزا رايس بالقول: ” لن تكون هناك دولة فلسطينية ولا بعد 100 عام، الا اذا قامت القيادة الفلسطينية، اولا وقبل كل شيء، بمحاربة الارهاب”[1] . اي انه كان يتوجب على السلطة الفلسطينية ان تحارب وتقضي على مقاومة شعبها، كثمن لدولة، لن تكون في احسن الاحوال، ووفقا للظروف والوقائع القائمة على الارض، اكثر من سقط (جَنين ابن سبعة شهور)، في خدمة مصالح الامبريالية الصهيونية في المنطقة. وبما ان سلطة رام الله، لم تكن لديها القدرة على القضاء على المقاومة الفلسطينية، بينما كان المحافظون الجدد يحلمون بقرن امريكي، فانني استنتج ان الدولة الفلسطينية الموعودة، ليست الا ضربا من المستحيل التعجيزي[2] . (ص95).

في العهد الرئاسي الثاني لادارة جورج بوش الابن، اوجدت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس توازنا في السياسة الخارجية، وذلك بالحدّ من تغليب عسكرة تلك السياسة على حساب الدبلوماسية. قالت رايس “الدولة الفلسطينية تشكل عنصرا من الامن القومي الامريكي (…)هدفنا يتمثل في احراز اتفاق سلام مع انتهاء عهد الادارة”[3] . اعتقد ان وعود الامبرياليين لا تتحقق الا اذا اجبروا على الوفاء بها؛ وهذه المسالة بديهية تاريخية في العلاقات الدولية المعاصرة. (ص96)

بدات الادارة عهدها الرئاسي الثاني وهي تعول على وضع فلسطيني مؤات لاسقاطات سياستها، نظرا لوجود قيادة يتزعمها محمود عباس[4]، المتوائم مع فكر واداء الامبريالية الصهيونية. مع مخططها لدمقرطة الشرق الاوسط، صدّرت امريكا وفرضت بقوة المال والسلاح[5]، لاعبين سياسيين نخبويين جدد، متناغمين مع نظرتها لـ “التغيير” في المشرق الاسلامي، تمشيا مع مفاهيم الحرب الوقائية والفوضى الخلاقة. في هذه الصيرورة، اخضعت الادارة انظمة الشرق الاوسط للابتزاز، والترغيب والترهيب،والربط بين البدائل السياسية والاقتصادية والعسكرية، من اجل تحويل تلك الانظمة من دول فاشلة الى دول دمية[6].

في الحالة الفلسطينية، فرضت امريكا سلام فياض[7]، ومهمته الاولى المشاركة في تصفية ياسر عرفات وتدمير نفوذه المالي، بينما كانت مهمته الرئيسية، تصفية المقاومة الفلسطينية، وانشاء نظام فلسطيني جديد تابع للكيان الصهيوني. في هذا السياق اصرّت امريكا على اجراء انتخابات تشريعية في اراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والقطاع[8]. فجاءت النتائج لصالح حماس، المعارِضة ايديولوجيا وسياسيا للمخططات الامريكية والاسرائيلية في فلسطين، وتراعي سلوكا اجتماعيا وعسكريا مناقضا، حتى تلك اللحظة، مع مسلمات السياسة الخارجية لادارة بوش. (ص ص 96ـ 97)

*****

سلوك الادارة خلق واقعا سياسيا وتحديا جديدا مناوئا لمصالحها. منذ ذلك الحين، اضطرت الادارة الى التعامل مع السلطة الفلسطينية، المنقسمة في الواقع الفعلي الى قطبين، متناحرين ظرفيا، في سبيل حصة كل قطب من الثروة والسلطان: رئاسة السلطة محمود عباس في رام الله، والحكومة برئاسة حماس في غزة. يتعلق الامر بمدخلين نظريين وبرنامجين سياسيين متعارضين: واقعية مبتذلة مقابل واقعية عقلانية. نخبة سلطة رام الله حولت موقفها السياسي الى ريع اقتصادي، تجسد في راسمال طفيلي مقاول، وفي خلق اقطاعيات عائلية، وانخرطت في مخططات الامبريالية الصهيونية، على غرار نخب عربية اخرى امينة على مصالحها الطبقية.

كانت رايس قد تعهدت لاسرائيل بعقد مؤتمر دولي، تحت رعاية امريكا وروسيا، بمجرد انتهاء عملية اعادة انتشار القوات الصهيونية من قطاع غزة[9]، بغية تطبيع العلاقات بين اسرائيل ودول شمال افريقيا والخليج العربي، والنظر في دفع مبلغ 2.2 مليار دولار لاسرائيل، من اجل تمويل تلك العملية، واعادة توطين اولئك المستوطنين في الجليل والنقب، والشروع بتنفيذ خارطة الطريق. بينما كان عباس يصرح انه مستعد لوضع حد لاطلاق الصواريخ على الاهداف الاسرائيلية مهما كان الثمن[10].

واصبح الوضع الفلسطيني الداخلي مؤاتيا للاختراق الامبريالي الصهيوني لمؤسسات سلطة رام الله وللشعب الفسطيني الخاضع لاحتلال رباعي[11]. وبما ان الادارة كانت تدرك ان تسوية اي صراع، هي نتيجة لتناسب القوى المتحاربة شموليا، سخّرت جهودها نحو ادارة القضية الفلسطينية. في العهد الرئاسي الثاني، تم تجسيد التكتيك المتّبع على ارض الواقع، في ثلاثة مسارات تكمل بعضها بعضا، وترنو الى الهدف الاستراتيجي، بمعنى، تفريغ القضية الفلسطينية من جوهرها، وتحويل المدافعين عنها الى نقيض ذاتهم (ص ص 97 ـ 98)

 

تحت عنوان اولا: المسار الاجتماعي الثقافي ودور المنظمات غير الحكومية(الانجزة)، ورد …..

اقترح ناثان شارانسكي بناء مجتمع فلسطيني، يتمتع بوسائل اتصالات، ونظام قضائي، واحزاب سياسية مستقلة، ومنظمات غير حكومية، يمكنها دعم تسوية مع اسرائيل: “اذا ما ركّزت امريكا على بناء مجتمع مدني فلسطيني (…)سيكون لدينا في غضون ثلاثة اعوام، سلطة فلسطينية مختلفة تماما . مع المسؤولين الذين يمكن انتخابهم حينئذ، يمكننا مناقشة قضايا مثل مستقبل القدس واللاجئين”[12].  في هذا السياق، ظهرت مبادرات تجازف بحقوق الشعب الفلسطيني. قيادة سلطة رام الله، ارتمت في احضان مخطط بوش مستسلمة دون شروط، بحيث “تم اغتيال فلسطين بالتسوية؛ وكان الوطن مجرد اتفاق اوسلو (1993)، والدولة كانت اعلان الاستقلال (1988)”[13]، بينما 11 الف فلسطيني “يستمتعون” بمعسكرات الاعتقال الصهيونية، و 6 ملايين فلسطيني يعيشون كلاجئين.

بالتزامن مع ذلك، ما فتئت الامبريالية الصهيونية تخوض غمار حرب ثقافية دائمة ضد الشعب الفلسطيني، وقضيته القومية، بهدف تحطيم هويته، واحباط استعادة حقوقه التاريخية. الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من الامة العربية و”الامة الاسلامية”. اي ان ثقافة الشعب الفلسطيني من حيث الجوهر هي ثقافة عربية اسلامية، حتى اننا ـ الشيوعيين والماركسيين اللينينيين العرب ـ  ننطلق في نضالنا، من تلك التربية والثقافة من اجل تغيير الوقائع الاجتماعية الاقتصادية السائدة. كما يجب الاشارة الى ان الاستراتيجية الامبريالية الصهيونية، على الجبهة الثقافية، تستهدف كل الفضاء الجغرافي السياسي العربي ـ الاسلامي. تندرج الحرب الثقافية ضد الشعب الفلسطيني في اطار هذه الاستراتيجية القديمة ـ الجديدة. ان ثقافة شعب ما، هي قلعته الاقوى، في مواجهة التحديات التي تهدد كينونته ووجوده. ان تدمير الثقافة الوطنية يشكل شرطا لا بد منه، لتحطيم وتدمير الكينونة القومية.

في هذه المرة، يتوخون القضاء على الحامل الاجتماعي للاسلام، او تغيير الاسلام، او تصفية كليهما، خاصة اذا عرفنا ان ايديولوجيي الامبريالية الصهيونية  يبشرون بـ ويروجون لحرب الحضارات، “التي تفتقت عنها عبقرية” صاموئيل هانتينغتون، بينما يطالب القياصرة الجدد ـ مستغلين المرحلة الدولية الراهنة، التي تتسم بالقطبية الاحادية، وموازين قوى مؤاتية لهم، وتفوق عسكري مطلق ـ باحياء الحروب الصليبية ضد “العدو الاخضر”: الاسلام، او على اقل تقدير، تكريس فرضية بارسونز القائلة “الطريق الاكثر نجاعة للتنمية تشقه سيرورة المجتمع الغربي. وبناء عليه، سيقتصر مجال اختيار المجتمعات الاخرى على اتخاذ قرار بان تتغربن، او عكس ذلك، ان ترغب بالحفاظ على نظامها الاصلي ساري المفعول، وهو ما يحكم عليها بالتخلف، او بما هو ليس افضل، اي بالانحلال الدائم” (بارسونز، 1974؛ 1979). بكلمات اخرى، اما ان نتكيف مع الواقع القائم الجديد واما ان نفنى، انه مدخل كارثي بحت.

بيرنارد لويس، مؤرخ بريطاني ويعتبر الاب الروحي للمحافظين الجدد، كان اول من استعمل مصطلح “صدام الحضارات” في عام 1964، عندما ربطه بالصراع الاسرائيلي ـ العربي، فقال “انها اطروحة بسيطة: الازمة في الشرق الاوسط لا تنشا من صراع بين دول بل من صدام حضارات”. اي انه وفقا لبيرنارد، لا يمكن فضّ الصراع بالوسائل السلمية بل بالوسائل العسكرية. لقد احتل بيرنارد لويس مكانة “المشعوذ الاكبر” للمحافظين الجدد، الذين يحملون العصا الذهنية الواقفة خلف عقيدة الامن القومي ومكافحة التطرف العنفي”[14].

وهذا هو ما يفسر لنا التدمير المقصود للتراث الثقافي والحضاري للامة العربية ـ الاسلامية، لا سيما في فلسطين و العراق، والحملة الشرسة ضد القرآن والسنة النبوية، اي ضد الاسلام، حيث توجد على الشبكة العنكبوتية “انترنيت” نسخة من القران الجديد، تفرغه من جوهره وتحرّفه تحريفا كاملا، وتوجد ايضا نيّة فاجرة في اعادة اعداد برامج التعليم في المدارس العربية، ومسخ اللغة العربية الى اللاتينية، من خلال تغيير الحروف الابجدية العربية باخرى لاتينية. ان الحرب الامبريالية الصهيونية ضد الديانة الاسلامية واللغة العربية، ستفضي الى تداعيات بدانا برؤيتها، ومنها ترسيخ المشاعر والهويات الثقافية والقومية، وتجذير العداء الشعبي ازاء امريكا والغرب.

ان “صراع الحضارات” يشكل خطرا نظريا يعتزم فرض مقولة سياسية غير موجودة موضوعيا،على العقل المعرفي للافراد والمجتمعات، بهدف القضاء على مقولة “الصراع الطبقي” الموجود فعلا في كافة المجتمعات المعروفة. فالثقافة السياسية للمجتمعات، لها مضمون مادي وروحي، ينبثق عن اقتصادها وايديولوجيتها. لقد اثبت التاريخ انه، لا توجد اية عقيدة ايديولوجية يمكن تجسيدها على ارض الواقع بالقوة الخشنة، لانها تجازف بالتحول الى نقيض ذاتها، وفقدان صلاحيتها النظرية والعملية.

ان جنوح ادارة بوش الى ربط القوة الخشنة بالقوة الناعمة او المخملية، وجد له تاصيلا نظريا في نظرية جوزيف ناي ومشروع راند. يؤكد ناي على ان القوة الناعمة تعتمد على جاذبية الافكار والاقناع، بدلا من استعمال القوة العسكرية المكلفة والمرفوضة، ولذلك فانه يدعو الى ان تقوم نخبة سياسية او دولة ما، بالترويج “للقوة الناعمة” بالوكالة، لانها تكون مقبولة اكثر من الراي العام العربي والاسلامي. ويصل الامر بالاستاذ ناي الى الاقرار بملائمة اندلاع “حرب ايديولوجية”، داخل المجتمعات العربية والاسلامية. وتنسب اليه العبارة الشهيرة “لينون تغلب على لينين” لدى تعليقه على مفعول نظريته في مجتمعات اوروبا الشرقية.

راند تتطابق مع الاستاذ جوزيف ناي[15] في نظريته ازاء ضرورة توظيف القوة الناعمة من اجل بلوغ الاهداف الاستراتيجية للسياسة الخارجية للادارة الامريكية. اذ يتوخى مخطط راند تدمير الميراث الروحي والايديولوجي، والثقافة والافكار الوطنية والقومية، والمناوئة للامبريالية في العالم العربي ـ الاسلامي، من خلال صيغ مائعة لـ “اسلام امريكي”. في نفس هذا السياق يندرج غراهام فولر صاحب كتاب “سقوط الاسلام السياسي” (الناشر بالغريف ماكميلان. مايو 2004) الذي يشير الى “انه لا يوجد شيء يمكنه ان يرينا المذهب الاسلامي في صورة ليست جذابة اطلاقا، افضل من تجربة فاشلة في السلطان”[16].

في فلسطين التاريخية، قامت الامبريالية الصهيونية بتدمير 532 قرية فلسطينية وتغيير الاسماء العربية باخرى توراتية لاكثر من 98 الف موقع، وحذف اللغة العربية من اشارات المرور على الطرقات، وتغيير تضاريس الارض وتدمير الزيتون، احد رموز وأعلام فلسطين.  في جسم الرسالة ( ص ص 70 ـ 72، 80 ـ 82، 93 ـ 102) تم التطرق بايجاز الى تجليات الحرب الثقافية ضد القضية الفلسطينية ومحاولاتها في خلق “الفلسطيني الجديد”.

لقد ساهمت السياسة الخارجية للادارة الامريكية في تشويه الثقافة السياسية لقطاعات واسعة من الجماهير الشعبية في فلسطين، وانعكس ذلك في سلوكها السياسي السلبي والمغترب (المتخارج)، مما اسهم في توطيد اركان نخب سياسية فلسطينية متلاحمة مع الامبريالية الصهيونية، واستراتيجيتها للسيطرة الاقليمية، وتحمل رؤية وتراعي سلوكا سياسيا ـ عسكريا ينطلقان من واقعية مبتذلة، لا تتورع عن التضحية بمصالح الشعب الفلسطيني، وحقوقه التاريخية والقومية، في سبيل الحفاظ على امتيازاتها النخبوية.

ان الانبطاح التام لهذه النخب امام السلوك الامبريالي الصهيوني، لا يمكنها من الحصول على دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة، اذ ان الاشتراطات الموضوعة على اقامتها، تقضي مسبقا على صلاحيات اية دولة حقيقية. ابتلاع الارض والتطهير العرقي اللذين تضطلع بهما الامبريالية الصهيونية في فلسطين التاريخية تقلّص الى الحد الادنى الفضاء الطبيعي ـ الترابي لاقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهذا الامر يجوّل هذه الفكرة الى مسخ سياسي يبطلها. (ص ص 90  ـ 102)

تحت عنوان المسار الاقتصادي ـ التمويلي، ورد:

ان استبدال نخبة سياسية فلسطينية (فتح) بنخبة اخرى (حماس)[17] في “سلطان” السلطة الفلسطينية، لا يشكل تغييرا جوهريا في طبيعة ذلك المسخ، ولا يعني انقلابا على المؤسسات، بل هو احلال قانوني وشرعي في اطار حكومة الحكم الذاتي، المكبّل باصفاد اتفاق اوسلو.

وفقا للاستراتيجية الامريكية، اية عملية او تسوية سلمية للصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، يجب ان تخدم الامن الاستراتيجي لدولة اسرائيل، بغض النظر عمّن يشغل رئاسة السلطة الفلسطينية. ومع ذلك فان امريكا والاتحاد الاوروبي واسرائيل دعموا موقف محمود عباس وساندوا المفاوضات، لان السلطة الفلسطينية تتشبث باستراتيجية المفاوضات الابدية وبالسلام كخيار استراتيجي[18].

بالمقابل نرى ان المقاومة المسلحة والمقاومة السلمية سواء بسواء، تجعل للحلول السياسية قيمة، وتعطيها امكانية التطبيق. ان التخلي عن خيار المقاومة المسلحة وتبني خيار الحلول السلمية كخيار استراتيجي، يشكل انتحارا سياسيا، واستسلاما وفقدانا لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. (ص 104)

*****

قررت الادارة الامريكية تمويل قوة “كونتراس فلسطينية” بمبلغ 86 مليون دولار، بناء على توصية من “امير الظلام” جون نيغربونتي، (المعروف بدمويته في قيادة الثورة المضادة، وفرق الموت في امريكا الوسطى خلال عقد الثمانينات)، بهدف مكافحة المقاومة الفلسطينية وربما المقاومة العربية، اذ ان امريكا واسرائيل والسلطة الفلسطينية، يريدون المنطقة خالية من اي نوع من المقاومة، لاسيما حزب الله وحماس.

لقد ادت سياسة الادارة الى تشويهات وتغيرات مفاهيمية في المباديء الاساسية للصراع القائم في فلسطين التاريخية. فبالاضافة الى تحويل الصراع العربي ـ الصهيوني  الى صراع اسرائيلي ـ فلسطيني، نجحت في تحويل هذا الاخير الى صراع فلسطيني ـ فلسطيني، تمشيا مع عقيدة الفوضى الخلاقة. نعتقد بان الادارة فعلت ذلك انطلاقا من قرارها بفرض هندسة اجتماعية بالقوة العسكرية، مما يمهد لبسط سيطرتها على المسرح الاقليمي، الذي يشكل مصدرا لموارد اقتصادية رئيسية (طاقة و مال وسوق) وموارد سياسية (انظمة ونخب سياسية) وربما موارد عسكرية (المنطقة تشكل مخزن سلاح امريكي، تدفع ثمنه النخب العربية، وقد تم استخدامه في حروب الادارة). (ص 106)

*****

في اطار تكتيك الاغتيالات الانتقائية للقيادة التاريخية الفلسطينية، تورطت امريكا في محاولة لاغتيال زعيم حماس خالد مشعل؛ تم التخطيط  للعملية في عاصمة بلد عربي، بمشاركة خبراء من وكالة الاستخبارات الامريكية، وجهازي الموساد والشاباك الاسرائيليين، واجهزة استخبارات البلد المضيف، والاستخبارات الفلسطينية، والامن الوقائي الفلسطيني. وجدير بالذكر ان مشعل كان قد تعرض لمحاولة اغتيال اسرائيلية فاشلة في عمان الاردن في ايلول 1997.

استنادا الى وثائق رسمية، كشفت رويتر النقاب عن مخطط جديد للادارة، يعتزم الاطاحة بحماس: “يدعم المخطط هدف ايجاد بدائل ديموقراطية للخيارات السياسية الشمولية او الاسلامية المتطرفة بـ (42 مليون دولار)، توظف للترويج لمجموعات رصدن وصحفيين محليين يراقبون نشاطات حماس (…) كما سيتم اعتماد 5 ملايين دولار لصالح مدارس خاصة، تقدم برنامج تعليمي بديل للبرنامج الذي تسيطر عليه حماس (…)  ولتقديم الاستشارة والتدريب لسياسيين، واحزاب علمانية، يعارضون اسلاميي حماس، وهذه مهمة يقوم بها المعهد الجمهوري الدولي الامريكي (…) ولتحسين الاداء الانتخابي والاصلاح الحزبي الداخلي، وهي مهمة يقوم بها المعهد القومي للديموقراطية الامريكي وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية[19]. (ص ص 108 ـ 109).

*****

نظرا للاستقطاب السياسي ـ العسكري بين طرفي السلطة الفلسطينية (حماس وعباس)، لجات حماس الى استخدام القوة العسكرية، ووضعت حدّا نهائيا لسلطان الامن الوقائي الفلسطيني[20].  هناك مقال نشرته مجلة صندي تايمز البريطانية يؤكد ان “امريكا واسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية (السلطة الفلسطينية) كانوا يتآمرون ضد نتائج الانتخابات الفلسطينية النزيهة، لانها ببساطة لا تناسبهم” (…) امريكا تحاصر حماس، وبالتالي ليس امام حماس الا ان تصمد وتقاوم سياسيا وعسكريا و زيادة الدعم الشعبي لحكومتها”[21].

كرد فعل على هزيمة قوات النخبة التابعة له في قطاع غزة، اعلن محمود عباس حالة الطواريء في الضفة الغربية، وسنّ سلسلة من المراسيم الرامية الى “تدمير السلطة القضائية والحياة المدنية لصالح عسكرة المجتمع (…) وتعليق الدستور، ومصادرة الحريات العامة، وتكريس دكتاتورية عسكرية”[22]، وفرض املاءات الدولة الامنية، من اجل تبرير اي سلوك سياسي داخلي او خارجي. نعتقد بان سلطة رام الله بهذا التصرف قد دخلت في تناغم تام مع الادارة الامريكية، التي فعلت نفس الشيء في امريكا منذ 11 ايلول 2001. وعلى هذا النحو، تماثلت السلطة الفلسطينية، بالتمام والكمال، مع امريكا واسرائيل، واوجدت اساسا صلبا لتحالفها في مكافحة “الارهاب الفلسطيني”، مما ادى الى تعقيد مسرح الصراع الفلسطيني. (ص 109)

انطلاقا من موقع قوة في غزة، حاولت حماس توطيد وضعها القائم، بصفة متحدث مناظر مخوّل في عملية المفاوضات الجارية، ولذلك اعربت عن استعدادها للحوار مع امريكا. بالخصوص اعتبر ر . ساتلوف “ان الوضع الناجم عن احداث غزة يشكل نكسة خطيرة (…) يجب على امريكا واسرائيل ان تعملا معا بشكل افضل، من اجل التصدي للتحديات الجديدة (…) وافضل ما يمكن ان تفعلاه هو ادارة الصراع (…) وتمهيد الظروف تحسبا ليوم الحل النهائي (الهتلري)”[23]. وبهذا يعترف ساتلوف بالدور الحقيقي الـذي تلعبه “كلا القوتين” في الصراع الداخلي الفلسطيني.

بالتوافق  مع اسرائيل و عباس، وضعت الادارة قيد التنفيذ مخططها[24] الذي وضعته مسبقا من اجل الاطاحة بحكومة حماس، وجندت لذلك الاتحاد الاوروبي والانظمة الرجعية العربية، وقطاعات من الطيف السياسي الفلسطيني، من اجل الضغط على حماس، من خلال حملة دعائية، وضغوطات تمويلية، ومضايقات عسكرية[25]. نعتقد  ان فشل الحرب الامريكية ـ الاسرائيلية على لبنان؛ ونكسات الحرب الامبريالية في العراق وافغانستان؛ والاستقطاب السياسي ـ العسكري بين غزة ورام الله، قد شكلت مسرحا غير مؤات لاستراتيجية الادارة الامريكية للشرق الاوسط، ولهذا لجات الى تصعيد الحرب على غزة بهدف كسر شوكة المقاومة في المنطقة. ومع ذلك لم تستبعد الادارة امكانية اجراء اتصالات ومفاوضات مشروطة مع حماس في غزة. (110)

مقتطفات من جلسة الدفاع عن الرسالة

لقد تطورت حماس في سلوكها السياسي في المجتمع الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني، وانتقلت من الوعظ، والاعمال الخيرية، الى الجهاد، وصولا الى الحكم والسياسة… وتقول انها تقاتل في سبيل تحرير فلسطين (…) والاصلاح (…) وتخفيف الظروف القاسية، التي اوجدها الاحتلال الصهيوني، وانها لا تسعى باي شكل من الاشكال الى تدشين دولة اسلامية![26]

صحيح ان حماس تنتمي الى ما يسمى بالاسلام السياسي (المصطلح يعزى الى زعيم النازية ادولف هتلر الذي استعمله لاول مرة اثناء لقائه في ذلك الزمان، مع مفتي فلسطين امين الحسيني. قال له هتلر “انني لا اخاف من اليهود ولا من الشيوعيين؛ لكنني اخاف من الاسلام السياسي”. (المصدر حسام الدجني، حركات الاسلام السياسي وفلسفة الحكم، المنشور يوم 13 ابريل 2010 على موقع المشرق العربي  http://www.asharqalarabi.org.uk/mu-sa1/b-mushacat-3891.htm)   ). كما انها تكافح في سبيل فضاءات لها في المحيط الفلسطيني.

الاستاذ راشد الغنوشي، وهو رئيس حركة النهضة الاسلامية التونسية (يعترف بالاسلام السياسي ايضا)، وينصح الاحزاب الاسلامية التي تشارك في الانتخابات البرلمانية في البلدان العربية بـ “عدم تجاوز نسبة 30% من المقاعد، لان الانظمة العربية ليست جاهزة بعد لحكومة الاسلاميين”[27].

هناك آراء اخرى تشير الى ان الاحزاب الاسلامية نفسها بما فيها حماس، ليست جاهزة بعد للحكم، ويعود ذلك الى انها لا تميّز بين “الاسلام الثقافي” و “الاسلام السياسي” او ان ايديولوجيتها، تحول دون تعاملها مع السياسة ببراغمائية ومرونة، من شانها ان تجعلها تساوم على مبادئها.

 

الاستاذ جمال البنا، وهو احد اكبر المفكرين الاسلاميين العقلانيين، ومؤلف كتاب “الاسلام دين وامة وليس دين ودولة” (دار النشر الشروق. القاهرة. 2008) يعتقد ان “مشكلة الاحزاب الاسلامية  تكمن في انها تسعى الى اعطاء طابع مؤسساتي للدين؛ انها ليست حداثية وتتبنى وجهات نظر تقليدية (…) انها لا ترافق متطلبات العصر وتتشبث بتحجر عقائدي يعود الى حقب معينة”.

بالنسبة الى التركيبة العضوية لحماس، نجد فيها تمثيلا لكافة قطاعات المجتمع الفلسطيني: مثقفون، اكليروس (شيوخ دين)، برجوازية صغيرة، روابط نسوية ورجال اعمال وفلاحين …الخ على الرغم من ان قيادتها تمثل بشكل اساسي البرجوازية التجارية والكومبرادور. مشروعها اقتصاد راسمالي يتّسم بتدخل هام من قبل الدولة.

 

بصدد تقييم سلوك حماس، يمكن القول انها اضحت لاعبا سياسيا جديدا في السياق الاسلامي،  وفي مساعيها للتحول الى اللاعب الرئيسي و الوحيد تقريبا، في الاراضي المحتلة غزة والضفة الغربية، اذ انها في البداية كانت تطرح نفسها بديلا لمنظمة التحرير الفلسطينية، ارتكبت، ومن وجهة نظري، خطأين استراتيجيين، الحقا الضرر بصورتها وشرعيتها الداخلية، ومهّدا الى تكيف معيّن لنهجها السياسي على حساب استراتيجيتها التاسيسية:

 

الخطا الاول، مشاركتها في الاننتخابات التشريعية للسلطة الفلسطينية، في ظل ظروف الاحتلال العسكري الاجنبي، كردّ منها على مخطط الاصلاح والدمقرطة الذي تدفع به ادارة بوش. حماس فازت بالاكثرية في الانتخابات البلدية والتشريعية على اساس برنامج سياسي معارض للمخطط الامريكي والاحتلال الصهيوني وقامت بتشكيل حكومة حكم ذاتي!

 

هذه الوقائع وبغض النظر عن النوايا والتبريرات، افضت الى اعتراف  حماس بالفعل باتفاق اوسلو 1993، الذي كانت تناضل ضده، والى تخليها تدريجيا عن الكفاح المسلح من اجل تحرير الوطن. وهذا يشكل انتهاكا سافرا لميثاقها التاسيسي، الذي يحرّم جذريا مفهوم التسوية السياسية، والتنازل عن اي جزء من الارض الفلسطينية الى اي طرف كان. بمعنى ان حماس قامت بخطوة خطيرة نحو الاعتراف باسرائيل وباتفاق اوسلو ومجمل عملية تطبيع العلاقات مع العدو التاريخي للقضية الفلسطينية.

 

الخطأ الثاني، تورطها في “حرب الاخوة” لتي نجم عنها انقسام سياسي بالاضافة الى الانقسام الجغرافي، للاراضي المحتلة عام 1967. وبهذا تساوت حماس، فكرا وسلوكا، مع السلطة الفلسطينية، التي كانت خصما لها منذ عام 1993. وجاءت عواقب هذاالعمل وخيمة على القضية الفلسطينية. (في الرسالة تفاصيل كثيرة عن تلك العواقب).

[ وآمل الان  ـ ديسمبر 2012 ـ من كل قلبي ان لا ترتكب حماس الخطأ الثالث ـ المعصية الكبرى ـ وتلتحق رسميا باتفاق اوسلو (النكبة الثانية) وتسهل اجتثاث المقاومة في غزة، وتلتحق بركب اردوغان ومرسي وحمد ومرسي]

اما امريكا وحلفاؤها، فقد وضعوا لاعترافهم بحماس في اطار بنى السلطة الفلسطينية ثلاثة شروط، في رايي، انتحارية بالنسبة لحماس: الاعتراف بشرعية دولة اسرائيل؛ التخلي عن الكفاح المسلح والالتزام بالاتفاقات التي ابرمتها السلطة الفلسطينية منذ عام 1993. هامش المناورة كان ضيقا جدا وبدات امريكا بتنفيذ مخططها للاطاحة بحماس، ووضع حد نهائي للمقاومة اللسطينية في الضفة وغزة، وتم تتويجه بالحرب على غزة عام 2008 ـ 2009.

 

منذ ذلك الحين، شرعت حماس باتخاذ اجراءات في قطاع غزة، اضرت مباشرة بالقضية الفلسطينية، من بينها، الحد من عمليات المقاومة ضد الاحتلال العسكري الصهيوني والتضييق عليها؛ اعتقال فدائيين اثناء قيامهم بمهمات قتالية؛ احتكار الفضاءات العامة، ومحاولة فرض مفهومها، لما يجب ان يكون عليه القانون الاسلامي في غزة.

نشأ جو اجتماعي سياسي غير مؤات لحكومة حماس، التي تعاني ايضا من حصار شديد على غزة، بما فيه الجدار الباطني على امتداد 10 كيلومتر على الحدود بين غزة ومصر (بعمق 30 متر وسمك نصف متر من الصلب الذي قدمته امريكا) من اجل مكافحة الانفاق الشعبية وانفاق المقاومة.

توجد اتصالات سرية بين الادارة الامريكية وحماس منذ العهد الرئاسي الثاني لبوش. حاليا يقيم اوباما قنوات اتصال مع قيادة حماس في الخارج. كما ان محادثيها الامريكيين الرسميين وغير الرسميين، طلبوا منها عدم الادلاء بتصريحات للصحافة حول اللقاءات التي تعقد بين الطرفين، بحجة تجنب ضغوطات اللوبي الصهيوني الامريكي على الادارة الجديدة، التي قررت التعامل مع الحركة الاسلامية، سواء كانت في حكومة السلطة او خارجها.

من المرتقب ان تقوم شخصية اكاديمية امريكية من اصل فلسطيني (من غزة) بالاشراف على الاتصالات الثنائية[28]. كما عقد في دمشق لقاء بين خالد مشعل ووفد من مجلس المصالح القومية الامريكي، الذي يضم دبلوماسيين سابقين يدعمون القضية الفلسطينية كقضية انسانية، ويعارضون سلوك مجموعات ضغط اللوبي الصهيوني.

 

اي انه توجد ارادة واستعداد متبادلين لاقامة اتصالات وحوارات بصدد وضع التسوية السياسية، التي اقترحتها الادارة الامريكية. اذا ما اخذنا بالحسبان الطبيعة الطبقية لقيادة حماس، وايديولوجيتها وسلوكها السياسي الراهن، يمكن ان نكون في حضرة عملية اعادة انتاج لتجربة منظمة التحرير الفلسطينية، التي انتهى بها الامر راكعة منهارة، امام مخططات امريكا وحلفائها، وتكريس الانقسام النهائي بين الضفة الغربية وغزة، وبذلك يكون لدينا ـ الفلسطينيين ـ “دولتان قابلتان للحياة” يتم توحيدهما تحت الارادة الامريكية ومصالحها. وفي هذه الحالة ، واذ استلف عبارة اطلقها فيديل كاسترو مؤخرا في احدى تاملاته السياسية، “اتمنى ان اكون مخطئا على وجه الاطلاق”.

*****

بصدد السؤال عما ستؤول اليه  حماس؟  لا احد يمكنه تاكيد اي شيء وافضل ان لا اقدم تكهنات مبكرة. لا توجد ضمانات موثوقة مطلقا، عندما يتعلق الامر بسيرورة مجتمع بشري ما. كانوا قد لقنونا ان الاشتراكية لا يمكن ان تنكص على اعقابها، وان بلوغ صفة شيوعي هي اسمى مكانة للانسان الثوري.

نظريا، يجب ان يكون الامر كذلك، لكن السياسة تتعامل مع ما هو قائم بالفعل. انهيار الاتحاد السوفييتي، وتفكك الحزب الشيوعي السوفييتي، وسلسلة من الاحزاب الشيوعية، والتحذير الذي اطلقه فيديل كاسترو في القاعة العظمى بجامعة هافانا في نوفمبر  2005 (قال يمكن لهذا البلد أن يدمّر نفسه بنفسه؛ يمكن لهذه الثورة أن تدمّر نفسها بنفسها، ولكنهم هم من لا يستطيع تدميرها اليوم؛ نحن نعم، نحن نستطيع تدميرها، و الذنب في ذلك يكون ذنبنا.) ، تقدم لنا “ذخيرة حقيقية”، لكي لا نحكم مسبقا على مستقبل حماس، وبقية الحركات القومية الاسلامية، في كفاحها من اجل تحرير اوطانها وانعتاق شعوبها.

 

توجد مرجعية تاريخية فعلية يمكن مقارنتها مع حالة حماسالحالة الاندونيسية“اول حركة مناهضة للاستعمار كانت سراكات الاسلام “الاتحاد الاسلامي” وكان مجموعة اسلاميين انشئت عام 1920، من اجل محاربة الاحتلال الهولندي. في ذلك السياق، بعث فلاديمير لينين الى اندونيسيا، الشيوعي الهولندي هنك سنيفليت، الذي قرر العمل معهم، ولاحقا تحولت المجموعة الى حركة شيوعية، واصبحت فيما بعد الحزب الشيوعي الاندونيسي، وكان اهم ثاني حزب شيوعي في عموم آسيا”[29].

 

توجد ايضا امكانية ان تتحول حماس الى نقيض ذاتها. في النهاية، وكما قال كارل ماركس ” الحركات السياسية في الشرق تولد في لباس ديني”.