التقرير الأسبوعي لمراكز الأبحاث الاميركية


د. منذر سليمان

واشنطن، 15 ديسمبر 2012

 

مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

واشنطن، 15 ديسمبر 2012

 

صباح يوم الجمعة، 14/12، ارتكب شاب في مقتبل العمر جريمة قتل مروعة في مدينة وادعة بولاية كنتيكت، ضحاياها اطفال طلبة مدرسة ابتدائية وبعض معلميهم، حصيلة الجريمة 26 ضحية، منهم 20 طفلا بين سن الخامسة والتاسعة، مديرة المدرسة وبعض المعلمات والطاقم الاداري، اضافة للقاتل نفسه.

لم تكن الجريمة حدثا معزولا تشهده المدارس في الولايات المتحدة، بل سبقتها مجزرة في مدرسة اورورا بولاية كولورادو، ودار للسينما ومجمع تجاري مؤخرا. عقب كل حادثة مؤلمة، يتجدد النقاش حول ضرورة الحد من اقتناء السلاح المتوفر بكثافة. اذ ارتفعت نسبة الطلب على شراء الاسلحة الفردية عقب مجزرة مدرسة كولورادو الى 41%، مما يعزز “ولع الجمهور الاميركي اقتناء السلاح،” والذي تغذيه الاحتكارات وصناعة الاسلحة المختلفة. (تناول المركز تلك الظاهرة بالتفصيل في تقريره المؤرخ 27/7/2012 بعنوان أميركا وخلفيات العنف الداخلي في غابة السلاح.”

يوم 30 آذار 1981، تعرض الرئيس الاسبق رونالد ريغان الى محاولة اغتيال نجا منها بينما تعرض مساعده جيمس بريدي الى شلل نصفي اقعده عن العمل. في 30 تشرين الثاني 1993 تمت المصادقة على قرار مركزي (عرف بقانون بريدي) يقضي بعدم موافقة السلطات على ترخيص السلاح ان ثبت ان سجل المتقدم يتضمن جرما جنائيا. اللهجة الاصلية القوية لمشروع القانون تم تمييعها بدرجة كبيرة من قبل جماعات الضغط العائدة لشركات الاسلحة.

تجدد المطالبة الشعبية بعد الجريمة المأساة قد لا يجد آذانا صاغية لدى المشرّعين، في المدى القريب، كما يدل استصدار قانون بريدي. جدير بالذكر ان طلب “الحد من اقتناء السلاح” تراجع كثيرا امام صعود مصطلح “حرية اقتناء السلاح،” بعد انقضاء عقدين من الزمن على القانون المذكور. تتجدد الاسئلة القاسية، ولا تملك السلطات المركزية اجوبة سوى تعزيز الاجراءات الامنية في المدارس بشكل عام، وتتحاشى الاصطدام بسيطرة وهيمنة شركات الاسلحة ونفوذها الضخم لدى صناع القرار.

المقدمة:

واشنطن كانت تتطلع بشوق لقضاء فرصة اعياد الميلاد المجيد، قبل ان تعكر عليها التطورات الداخلية والدولية الاجواء والتوقعات. مصر وسورية من جانب، والصراع على الميزانية المركزية في الجانب الآخر، وما تقتضيه من اصطفافات سياسية وانعكاسها المباشر على حجم الانفاقات المالية.

سيتناول بند التحليل الازمة المالية التي اصطلح على تسميتها بـ “السقوط المالي للهاوية،” والبحث بمكوناتها واطرافها والمواقف والاقتراحات المتعددة، فضلا عن تداعياتها على الوضع الاقتصادي المترنح اصلا.

ملخص دراسات ونشاطات مراكز الابحاث

سورية كانت العنوان الابرز، تلتها مصر، في اهتمامات مراكز الفكر والابحاث الاميركية. استهلها مجلس العلاقات الخارجية Council on Foreign Relationsبالبحث في الوسائل المناسبة التي ينبغي على الولايات المتحدة اعتمادها “للرد على تصاعد وتيرة الازمة السورية.” وقال انه بعد اعلان الولايات المتحدة اعترافها بائتلاف المعارضة السورية “واحجامها (بالمقابل) عن تسليحها بشكل مباشر.. ينبغي عليها الانتقال الى تشكيل تحالف للقوى الحليفة لفرض منطقة حظر جوي على غرار النموذج الليبي.” وفي ذات السياق، حذر المجلس من الانخراط الاميركي المباشر “خشية تعريض مصداقية التمرد.”

        بينما اعتبرت مؤسسة اميركا الجديدة New American Foundation ان التدخل العسكري المباشر “من المستبعد ان يفضي الى حكومة سورية مستقرة،” وطالبت انتهاج “سياسة حذرة تستند الى تدريب وتسليح متواضع لقوى المعارضة.”

        معهد واشنطن Washington Institute طالب بدوره الادارة الاميركية بعد اضفاء اعترافها على قوى المعارضة الى “بذل جهود علنية للتواصل مع المجموعات غير المتشددة من مكونات الجيش السوري الحر، تتضمن توفير الاسلحة لهم.” كما طالب واشنطن “الاقلاع عن مراهنتها التعامل حصرا مع القوى المدنية وفتح حوار مع المجموعات المسلحة.. مما يتطلب منها تحديد مواصفات دقيقة للمجموعات التي لن تتوفر فيها شروط للتعامل معها.”

بالمقابل، حذر معهد كاتو Cato Institute من تنامي التدخل الاميركي في سورية، لا سيما وان “واشنطن لم تكتم تهديداتها واتهاماتها الموجهة ضد موسكو وبيجينغ لتطاولهما في احباط السياسة الاميركية” في المنطقة.

        معهد كارنيغي Carnegie Endowment بدوره اعرب عن قلقه لانتقال عدوى الازمة السورية الى لبنان “لهشاشة بنية دولته.. وتداعيات المناوشات الطائفية والاشتباكات عبر الحدود المشتركة،” محذرا من “المخاطر طويلة الامد” التي تنتظره، مناشدا صناع القرار “اتخاذ خطوات عاجلة لتعزيز الاستقرار.”

        مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS تناول سباق السيطرة على نفوذ المشرق بين الولايات المتحدة وايران، منوها ان الاخيرة “تمضي في استغلال التوترات الناجمة عن الصراع العربي الاسرائيلي.. لاعاقة التوصل الى سلام دائم، بينما يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع موجة العداء العربي لعلاقة شراكتها الاستراتيجية مع اسرائيل.” ولفت المركز الانظار الى “حالة عدم اليقين” التي تواجهها كل من ايران والولايات المتحدة في تعاملهما مع الاوضاع المتطورة في مصر وسورية، فضلا عن موجة الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي.”

        مشروع الدستور المصري كان ايضا من نصيب معهد كارنيغي Carnegie Endowment محذرا من ان سيطرة تيارات متنافسة من الاخوان المسلمين على السلطتين التنفيذية والتشريعية ستؤدي “وصول الدستور الجديد الى طريق مسدود عوضا عن دور الرقابة عليه.” الا ان ما يطمئن المرء ان “فعالية المسار الديموقراطي في مصر.. تستند الى اجواء صحية وعملاتية، وتوافق على الضوابط، والمؤسسات المصممة جيدا.”

معهد واشنطن Washington Institute اصدر تقريرا بعنوان “الإنخراط بدون أوهام” جاء فيه إن “التغييرات الأساسية.. وانتخاب رئيس جمهورية إسلامى في مصر استوجبا إعادة تقييم للاستراتيجية الأميركية إزاء جهود مكافحة الإرهاب وكذلك إزاء الشراكة الاستراتيجية الثنائية بين البلدين.” واضاف أنه “على الرغم من توفر خلافات سياسية مع الحكومة المدنية في مصر، فإن تعاوننا الوثيق مع الجيش المصري لا يزال يشكل ضرورة لاستمرارية علاقاتنا. الاستقرار الإقليمي يشكل مصدر قلق كبير، ونقترح تخصيص 100 مليون دولار من التمويل العسكري الخارجي من أجل إرساء الأمن في سيناء. ونحن بحاجة أيضا إلى التأكيد على التنمية الاقتصادية في سيناء، إذ أن الفقر هناك يكمن وراء العديد من مشاكل المنطقة.”

المعهد اليهودي لشؤون الامن القومي JINSA تناول تقييم اداء “القبة الحديدة” في الحرب الاخيرة على غزة، من زاوية “تداعياتها الاستراتيجية على (الصراع مع) ايران.” وقال انه “بصرف النظر عن طبيعة ادائها على جبهة غزة، فان القبة الحديدية عززت بوضوح قدرة اسرائيل على توجيه تهديد عسكري ذات مصداقية ضد ايران.”

التحليل:

اميركا على حافة الانهيار المالي – هل ستهوي فعلا ؟

        تطغى التحذيرات من السقوط في الهاوية المالية على غيرها من اولويات سياسية واجتماعية في واشنطن، على خلفية التجاذبات الحادة لاقرار بنود الميزانية المركزية بين الفريقين السياسيين الرئسيين. حقيقة الامر ان مخاطر الوقوع في هاويتين تنتظران البت العاجل: الاولى، الارتفاع التلقائي للنسب الضريبية المقررة مع بداية العام المقبل، والتي من شأنها الوصول بالحالة الاقتصادية الى الركود. والثانية تتمثل في رفع سقف الديون العامة والذي لا مفر منه للمحافظة على مستويات الانفاق المركزية الراهنة.

        يرى بعض الفرقاء من طرفي الصراع ضرورة الوصول بالدولة الى السقوط لاحداث الصدمة لدى العامة وصناع القرار على السواء. هناك من يجادل داخل فريق الحزب الديموقراطي بأن التحديات الناجمة بعدئذ جاءت بسبب تعنت الحزب الجمهوري، مما يشكل ذخيرة انتخابية للفريق الاول في الانتخابات النصفية المقبلة، عام 2014. بالمقابل، يستمر فريق الحزب الجمهوري في عناده بان مسؤولية الركود الاقتصادي تقع على عاتق البيت الابيض وحده لتخلفه عن الوصول الى اتفاق مشترك بخفض الانفاق على البرامج الاجتماعية والصحة العامة.

        بعضهم يرى انه يتعين على اوباما استثمار فوزه بولاية رئاسية ثانية من اجل ممارسة مزيد من الضغوط على الفريق الجمهوري للتساوق مع موقفه. حقيقة المشهد السياسي تدل على خطأ تلك الفرضية، لا سيما وان اوباما لا يتمتع راهنا بمستويات عالية من الدعم الشعبي ومن شأن اي اهتزاز في الوضع الاقتصادي، نتيجة تفعيل مستويات ضرائبية اعلى، ان يؤدي الى تآكل قاعدة الداعمين والمؤيدين له. اذ يتطلع الى حشد اكبر دعم جماهيري ممكن لصالحه قبيل الانتخابات النصفية في عام 2014، التي عادة تنذر بالشؤم للحزب المسيطر على البيت الابيض وتداعياتها القاسية في مناخ يتسم بالركود الاقتصادي. كما ان تضاؤل الموارد المالية نتيجة لحالة الركود وعدم رفع سقف الدين العام يشكلان قيودا جديدة على حرية حركته في ولايته المقبلة وبرامجه المتعددة.

        من المستبعد ان يسمح اي من الفريقين بتدهور الاوضاع ودفعها نحو السقوط الاقتصادي المدوي. بل ان الفريقين يشتركان في الظهور بموقف صارم امام قواعدهما الانتخابية، لكنهما في حقيقة الامر سيتوصلان لصيغة عمل ما لدرء تفاقم الازمة. وكما جرت العادة، فان الحلول الوسط التي سيتوصلان اليها طبيعتها قصيرة الاجل وتستند الى الحد الادنى من تقديم التنازلات المتبادلة. الا انها في نهاية المطاف تشكل اتفاقا يمكن البناء عليه، مع ادراك الطرفين لطبيعته للمعالجة السريعة بمثابة ضمادات تخفي عمق الازمة بغية درء التداعيات المقبلة، ومن شأن الازمة العوده مجددا العام المقبل.

        ومن بين المقترحات المتداولة الطلب من وزارة المالية بعدم قبض اموال ضرائبية مستحقة على اصحاب الدخل العالي لعام 2013، واجماع الخبراء وصناع القرار على السواء ان لدى وزير المالية، تيموثي غايتنر، صلاحية اقرار حجم الضرائب المستحقة على المداخيل – لكافة اصحاب الدخل او البعض منهم. مما يعني ان اجراءاته المرتقبة تتساوق مع موقف البيت الابيض القاضي برفع النسب الضريبية لذوي الدخل المرتفع من فئة 250،000 دولار سنويا فما فوق. وفي نفس الوقت، الابقاء على النسب الضريبية المستحقة على الطبقة الوسطى كما هي عليه راهنا، وعدم تعرض مداخيلهم لمزيد من الاستقطاعات الضرائبية.

        من شأن الحل المقترح تخفيف وطأة الازمة، اذ ان الضرائب المستحقة تبقى كذلك، وعدم قبضها في اوانها يؤجل ولا يلغي الاستحقاق الذي لا مفر منه ان لم يتم تسوية الامر وابقاء المستويات المستحقة على نسبها الراهنة. اذ ان صلاحية السلطة الرئاسية تقتصر على تحديد النسب الضرائبية المستحقة على المداخيل، وليس اعفاء اصحابها منها بالكامل. الادارة هي في وضع المقامرة، ففي حال ثبوت خطأ فرضياتها السابقة سيواجه الملايين استحقاقات ضرائبية كبيرة في العام الذي يليه، 2014، وقبل نحو ستة اشهر من بدء حملة الانتخابات النصفية لممثلي الكونغرس.

        لمعالجة الهوة المالية الامثل الناجمة عن فروقات الدخل والانفاق هو اعتماد تغييرات جادة في برامج اصلاح الاستحقاقات الاجتماعية، الامر الذي يشكل عنصرا تجاذبيا لدى فرقاء الحزبين. اورد الصحافي الاستقصائي المعروف، بوب وودووارد، عن رغبة البيت الابيض في ادخال اصلاحات على برامج الاستحقاقات، برفع سن التأهل لبرنامج الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية. الا ان العثرة تكمن في معارضة القاعدة الديموقراطية العريضة للخطوة، اذ يعتبر الحزب البرنامجين جوهرة سياساته التقليدية. في المقابل، يواجه رئيس ممجلس النواب الجمهوري، جون بينر، تحديا مماثلا من اقرانه للتمسك بتخفيض الاستحقاقات الضرائبية على ذوي الدخل العالي.

        الحل، برأي وودوورد، يتعين على الطرفين تقديم تنازلات في هذا الصدد، اذ ان كل فريق يتمترس خلف معتقداته، لكن ما يجمعهما هو الرغبة المشتركة في التوصل لحل وسط يحفظ ماء الوجه لهما معا. ما ينشده المجتمع باكمله هو التوصل لحلول عملية والاقلاع عن المناكفات الحزبية والايديولوجية المتزمتة، وقد ضاق ذرعا لتشتيت الطرفين للوقت والجهود، ولديه قابلية لتبني اي حل يحظى بموافقة مشتركة.

        من المفارقات الحزبية، ان عددا لا باس به من معارضي الرئيس اوباما هم اعضاء في مجلس النواب المسيطر عليه من قبل الحزب الجمهوري. ان كان بمقدوره التوصل لاتفاق مع رئيس المجلس، جون بينر، فمن شان ذلك تهميش معارضيه من حزبه.

        يتشارك الطرفين المعنيين خشية الافصاح علنا عن حجم التنازلات المتفق عليها، درءا لسهام الانتقادات المتربصة بهما. قد يكون من الافضل لهما اصدار اعلان مشترك لصيغة الاتفاق النهائي تحفظ ماء وجهيهما امام قواعدهما الحزبية. وعليه، من الجائز ان تستمر وتيرة المفاوضات الراهنة لبضعة اسابيع مقبلة.

        عند توصل الطرفين لاتفاق حول تجنب السقوط في الهاوية، يبقى عليهما معالجة رفع سقف الدين العام الذي يخول الحكومة الاميركية الاقتراض المالي لتغطية الانفاقات المتعددة. اذ سعى اوباما منذ البداية الى حصر صلاحية رفع السقف بالسلطة التنفيذية. اما الكونغرس الذي يزهو بسلطته المطلقة على “ميزانيات الانفاق،” كما هو منصوص عليها دستوريا، لا يبدي استعدادا لتخليه طواعية عنها. مما يعني ان اي طلب للكونغرس برفع سقف الاستقراض يشكل عنصر ضغط ونفوذ يسعى الحزب الجمهوري التشبث به. كما ان عددا من زعماء الحزب الديموقراطي ليسوا على استعداد للتنازل عن تلك الصلاحية، لخشيتهم مما يضمره المستقبل من رئيس جمهوري يعارضون سياساته.

        جعبة مناورات السلطة التنفيذية لا تخلو من مفاجآت. اذ يلوح البيت الابيض الاعتماد على نص التعديل الدستوري الرابع عشر، المادة الرابعة، اذ تنص بان “صلاحية اقرار الدين العام للولايات المتحدة، المصادق عليه قانونيا.. لا تجوز مساءلته.” وعليه، ينذر فريق البيت الابيض خصومه المعارضين بان اخفاق الكونغرس في رفع سقف الدين العام سيؤدي تلقائيا الى تعثر التزامات الولايات المتحدة بسداد ديونها، الامر الذي لا تسمح به المادة الخاصة بالدين العام. ودرءا لتلك الواقعة، يطالب بالمصادقة على صلاحية الرئيس برفع سقف الدين العام دون موافقة مسبقة من الكونغرس.

         الفريق الاخر، بالمقابل، يتمسك بالنص الدستوري الذي حصر الصلاحية بالكونغرس. كما ان المحكمة العليا حسمت الجدل سابقا بالقول ان التعديل الدستوري المشار اليه كان يرمي لدرء تخلف الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها او اضطرارها لتعديل شروط الاستقراض.

        من بين المقترحات الاخرى المتداولة ثغرة “عملة البلاتين،” اذ ان القوانين المعمول بها تخول وزارة المالية صك عملة معدنية مصنوعة من البلاتين وتحديد قيمتها الشرائية كما تراه مناسبا. وعليه، باستطاعة هيئة صك العملة استحداث زهاء 2 تريليون دولار من عملة البلاتين، تخضع لامرة الرئيس بتخزينها في البنك المركزي والذي سيشرف على تسويقها عبر وزارة المالية. وبهذا تستيقظ وزارة المالية لتجد في حوزتها ملياري دولار في خزينتها تسدد ديونها لنحو سنتين قادمتين – دون اللجوء للتعامل بسقف الدين، وابطال مفعول النص الدستوري الاصلي.

        بالرغم من ان الاقتراح المذكور لا تشوبه تحفظات قضائية، الا انه ينطوي على بضعة تحديات. اولها، النص القانوني الاصلي لم يكن يرمي الى تطبيق من هذا القبيل وباستطاعة الكونغرس ابطال مفعوله بغية الحفاظ على سلطاته الحصرية للتحكم بمصادر الدخل العام. ثانيا، تداعيات التضخم الاقتصادي المترتبة عن سياسة عدم الاستقراض، بل البحث بوسائل تنفيذها. وفي التاريخ القريب، كانت تجربة المانيا ابان عهد جمهورية ويمر في عشرينيات القرن المنصرم، ومثال حديث العهد في زيمبابوي التي اعتمدته مما ادى الى افراط التضخم الاقتصادي واضطرابات اجتماعية.

        في نهاية المطاف، تتضائل الخيارات المتاحة امام الحزبين لتجنب السقوط مما يشكل ضغطا مضاعفا على الطرفين لتقديم تنازلات كافية، وستستمر جهودهما في الظهور بمظهر التشدد العام وعدم الرضوخ لاهواء الطرف المقابل، وستعلو اصوات بعدم الرضا من بعض مؤيدي الطرفين. الا ان شدة وطأة الاوضاع وتنامي الضغط العام على الطرفين لتقديم تنازلات يُعقّد من رغبة المعسكرين التمترس وراء مواقفهما المعلنة، ويدفع باتجاه الاقتراب للتوصل الى حل يرضيهما.

::::::::

المصدر: مركز الدراسات الأميركية والعربية – المرصد الفكري / البحثي

مدير المركز: د. منذر سليمان

العنوان الالكتروني: thinktankmonitor@gmail.com