إحراق «تاريخ هيكل»!

سامي كمال الدين

 

عدة أيام تفصل بين حريق فيلا الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، في برقاش وتقديمه بلاغاً رسمياً يتهم فيه الإخوان المسلمين، بأنهم السبب في الحريق الذي التهم محتويات الفيلا والأرض بالكامل!
لا أعرف سبب تأخر الأستاذ في تقديم بلاغ رسمي، لكني أعرف بعض التفاصيل من مصادر موثوق منها. يوم قامت قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام رابعة العدوية حدث بعض الانفلات الأمني في عدد كبير من المناطق في مصر.
وفي برقاش حيث يتجمع عدد كبير من الفيلل والمزارع ذات المساحات الشاسعة والتي تمتلكها شخصيات واسعة الشهرة والثراء في منطقة ريفية بسيطة يعيش بعض أهلها على الكفاف، منهم من يعيش على الزراعة، ومنهم من لديه ورش صغيرة، وبعضهم يعمل في السمسرة في تجارة الإبل.
يسكن في هذه المنطقة من المشاهير هيكل، والراحل اللواء عبد الحليم موسى، وزير الداخلية الأسبق، ويوسف عبد الرحمن، صاحب القضية المشهورة في وزارة الزراعة وغيرهم.
قبل فض الاعتصام بيوم حملت سيارة هيكل عددا من الحقائب الكبيرة من المزرعة، وترك هيكل المزرعة، التي يقيم فيها فترات طويلة ويستقبل فيها الشخصيات المهمة مثل: سوزان مبارك، والرؤساء والمفكرين والكتاب والصحفيين، كما يقيم فيها أعياد ميلاده وأعياد ميلاد زوجته وأحفاده، وعاد إلى شقته بجوار فندق الشيراتون في الدقي، حيث تبلغ مساحة المزرعة خمسة وعشرين فدانا بها فيلا من طابقين.
في مساء فض اعتصام رابعة تجمع عدد ممن ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين أمام فيلا هيكل، وأخذوا يهتفون ضده لاعتقادهم بأنه خطط لعزل الدكتور مرسي وكتب بيان الجيش مثلما فعل في أزمة 1954، مع محمد نجيب وجمال عبد الناصر، ظل الإخوان لنصف الساعة يهتفون، ثم تركوا المزرعة ورحلوا، بعد ساعة ظهر عدد كبير من البلطجية، وهم شبه البلطجية الذين نهبوا المحلات والشركات ليلة 28 يناير 2011، حطموا أبواب المزرعة وكسروا الباب الداخلي للفيلا ليبدأ نهب عشوائي لكل ما يصادفهم. سرقوا التحف والأنتيك الخاص بهيكل ومنها عدد من المسدسات النادرة منذ الاحتلال الفرنسي والبريطاني لمصر، وكذلك الأباجورات والمقاعد والأثاث باهظ الثمن واللوحات، بل وبدل هيكل وأحذيته الإيطالي، كذلك سرقوا “اللاب توب” الخاص به، وهو من نوع الـ “HP” القديم، عجزوا عن فتحه، ففكوه وحصلوا على الهارد الخاص به، في محاولة لمعرفة المعلومات التي كانت تحويها ذاكرة الهارد، برغم أن ذاكرة الأستاذ أهم بكثير من ذاكرة كمبيوتر!
لم يكتف اللصوص بسرقة أحلام هيكل التي حولها إلى واقع ملموس ومحسوس بلمساته وأنفاسه ووجوده في هذا المكان الذي كان من الممكن تحويله إلى متحف كبير، بل سرقوا البجع والطيور والمفارش والنجف، وعدداً كبيراً من كتبه ومخطوطاته النادرة، وقد أعاد البعض جزءا من هذه الأوراق.
لم تكن الكارثة في السرقة، فكل ما سرق يمكن تعويضه لكن ما حرق هو ما لا يمكن تعويضه، فبعد أن كان يسرق اللصوص كل حجرة يشعلون فيها النار حتى لا يستطيع أحد أخذ بصماتهم، فتم حرق مكتبة نادرة تحتوى على أكثر من عشرة آلاف كتاب، منها نسخة نادرة لمخطوطة “وصف مصر” التي يصل ثمنها الآن لنحو مليون دولار، وكذلك مصحف تعود طباعته للقرن الخامس عشر.
بعد الحريق بساعتين قدمت قوات من الجيش تأملت المزرعة المحترقة، ثم عادت من حيث أتت، وبعد نصف الساعة جاءت قوة من الشرطة وحصلت على الكاميرات الخاصة بالفيلا والمعلقة على السور الخارجي لتفريغ محتواها والقبض على مرتكبي الواقعة.
قدم لواء شرطة متقاعد رياض زكى، 64 سنة، محام، مقيم بالعجوزة، وكيلا عن الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل بلاغا جاء فيه: «إنه بتاريخ 14 من شهر أغسطس الجارى، قام بعض الأشخاص المنتمين إلى جماعه الإخوان المسلمين بحرق مزرعة موكله المكونة من 25 فدانا تتوسطها فيلا، مما أدى إلى احتراقها بالكامل، وأن الأهالى تمكنوا من إخماد الحريق دون حدوث أى إصابات فى الأرواح، وعلل ذلك بموقف الكاتب من جماعة الإخوان المسلمين، وطلب إثبات الحالة فى محضر رسمى رقم 2482، لسنة 2013، جنح مركز منشأة القناطر، وجار العرض على النيابة»>

:::::

“بوابة الأهرام العربي”