هل المفاوضات بين شخصين

محمود فنون

المفاوضات لصالح إسرائيل واستمرار المشروع الصهيوني

قلنا أن المشروع الصهيوني يستهدف كل فلسطين، بل ويستهدف الإستيطان في كل فلسطين ، وقلنا أن الغرب الإستعماري الذي أراد ذلك لم يغير موقفه منذ البداية وحتى الآن ، وكذلك الحركة الصهيونية وإسرائيل مستمرة في  استكمال  برنامجها حتى اليوم .

أي أن المشروع الصهيوني الأساسي لم يتوقف بل قطع أشواطا كبيرة ولا زال مستمرا .

ولم تضع القوى الإمبريالية والصهيونية حدا لهذا المشروع في وقت من الأوقات رغم التفاوض ظاهريا من أجل إقتسام فلسطين كما تدل الحركة والتصريحات الملحقة بها .

وها هو صائب عريقات من داخل بيت التفاوض ومن أهل بيت السلطة يقول ليورو نيوز وبصراحة تامة عن نتائج التفاوض بعد أربعة أشهر :” لا أستطيع الحديث عن نتائج ملموسة، خاصة أنه منذ بدء المفاوضات في 29 تموز/يوليو الماضي كان هناك سلوك تفاوضي اسرائيلي خارج طاولة المفاوضات تمثل في قتل واحد وثلاثين فلسطينيا بدم بارد وطرح غطاءات لبناء خمسة آلاف وتسعمائة واثنين وتسعين وحدة استيطانية وهو يوازي ثلاثة أضعاف النمو الطبيعي في مدينة نيويورك وهدم مائتين وتسعة بيوت ومنشآت فلسطينية واعتداءات على المسجد الاقصى المبارك وطرح قوانين لتقسيمه وارتفاع إرهاب المستوطنين إلى نسبة 41 بالمائة وتشديد الحصار على قطاع غزة .
بالتالي كل هذا السلوك الإسرائيلي يدل على شيء واحد وهو إصرار الحكومة الاسرائيلية على تدمير المفاوضات..”ونضيف بأنها أبلغ دلالة على استمرار النهج الصهيوني الإستيطاني الأقتلاعي حتى يومنا هذا ، وقد أقرت لجنة وزارية ضم الأغوار أي  ما يقارب 30% من أراضي الضفة لضمها رسميا ، وبهذا يكون نهر الأردن كما جاء في اتفاقية وادي عربة  هو الحدود بين الأردن وإسرائيل وليس بين فلسطين وإسرائيل.

وقال محاور يورو نيوز لعريقات:” تصريحات أخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قال فيها: إنه لن يوقف الاستيطان لساعة واحدة فكما يبدو أنكم تفاوضون تسيفي ليفني لوحدها وليس الحكومة الاسرائيلية أليس كذلك؟

وقد أكد صائب عريقات بالإستناد إلى تجربته العريقة في المفاوضات وتتبعه للسياسة الإسرائيلية على هذا الصعيد فقال لمحاوره:” لكن وكما نضع نحن استراتيجية فإن نتانياهو وضع استراتيجية تقوم على ثلاثة أسس وهي:

 هو يريد سلطة فلسطينية بدون سلطة ويريد احتلالا اسرائيليا بدون كلفة وإخراج قطاع غزة خارج الفضاء الفلسطيني”،وأضاف إجابة على سؤال حول نقاط الخلاف:”

لا أستطيع الخوض في تفاصيل المفاوضات ولكن ما أسست له الشرعية الدولية والقانون الدولي واضح ومحدد لا معنى لفلسطين دون أن تكون القدس الشرقية عاصمة لها ، ولا يمكن أن تكون هناك فلسطين دون أن يكون قطاع غزة جزءا منها، هذا يعني البحر المتوسط والشراكة الكاملة والشعب الواحد، لا يمكن أن تنهي الصراع دون حل قضية اللاجئين استنادا إلى القرار الدولي رقم 194″

أي أن الخلاف ليس على نقاط هناوهناك بل على فلسطين :لآ قدس ولا أغوار ولا قطاع غزة ولا تفكيك المستوطنات القائمة  ولا عودة اللاجئين،و”سلطة فلسطينية بدون سلطة واحتلال إسرائيلي بدون كلفة ..”

وما لم يقله عريقات أنهم يريدون توظيف سلطة الضفة بالتقاسم مع الأردن كما سلطة القطاع بالتقاسم مع مصر وبعدها مهما تكن التسميات فهي بقاء فلسطين كلها بيد الصهيونية وإعطاء الفلسطينيين توصيفات مزيفة بإمضاء وتوقيع كبير المفاوضين وممثلي سلطة أوسلو.

بعد ذلك قال عريقات بإصرار ردا على سؤال حول امكانية الإعتراف بيهودية الدولة:” ولكن لن نقبل تحت أي ظرف من الظروف أن نغير ديننا وتاريخنا وحضارتنا وتراثنا وانتماءنا لهذه الأرض، ولن نقبل تحت أي ظرف من الظروف أن تكون اسرائيل دولة يهودية..”وقد لفت انتباهي إصرار الدكتور صائب على رفض تغيير ديننا ووتراثناا وحضارتنا (أي ما تبقى منها ) فهل طالبت إسرائيل بتغيير الدين ؟ثم ما قيمة هذا الإصرار؟ إنه يشبه القبض على الماء زيفا وخداعا لوعي الجمهور.

ما هو سلاح المفاوض الفلسطيني في وجه إصرار الصهيونية على تهويد كل فلسطين ؟

من المعلوم أن المفاوضين باسم فلسطين يفاوضون وهم مسلحون بقوة ” الخضوع للضغوط الأمريكية والأوروبية وبقوة الوعود بتمويل احتياجات السلطة المالية والإبقاء على رموزها  الخاضعين لبرنامج إتفاقات أوسلو بولاء عميق والإبقاء على إمتيازاتهم ، ومسلحين كذلك بتزيينات النظم الرجعية العربية وقادتها الذين يطلبون من قيادة السلطة النق معهم داخل المستنقع الآسن ، بينما تستمر إسرائيل في استكمال المشروع الصهيوني دون حدود .

لقد شوهوا التجربة الفلسطينية وشوهوا الوعي الوطني والثقافة الوطنية بعد أن قاموا ببوتقة المريدين وإفسادهم ومعاملتهم بسياسة العصا والجزرة، وخربوا جوهرو بنية الحركة الوطنية الفلسطينية ، ووقعوا وبصموا على الوثائق التفريطية  ببصمة منظمة التحرير الفلسطينية.

إنهم يستحقون مزبلة التاريخ وعقاب التاريخ!!!