الأحزاب الشيوعية القطرية لن تنهض بلا بعد قومي

عادل سمارة

اطلعت على مقال بعنوان “الاحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان العربية والشعب العربي في اليمن” بقلم كاظم الموسوي (تجدونه أدناه) يتناول بياناً حررته مجموعة من الأحزاب الشيوعية والعمالية في أقطار عربية، وقد نُشر الماقل في موقع “ساحة التحرير” يوم 1 آب 2015 على الرابط التالي:

http://www.sahat-altahreer.com/?p=6956

ملخص البيان أنه موقف واضح من هذه الأحزاب ضد العراق حينما استعاد الكويت في 2 آب 1990 . اما من نشر البيان فكان هدفه مطالبة الأحزاب الشيوعية والعمالية أن تطلب من حكوماتها شجب الاحتلال السعودي لليمن.

اقتطف منه:

” بدأ البيان بالسطور التالية: “عقدت الاحزاب الشيوعية والعمالية في البلدان العربية اجتماعا طارئا، تدارست فيه الوضع الخطير في منطقة الخليج، الذي نشأ في اعقاب اجتياح القوات العراقية لدولة الكويت وإلحاقها بالقوة ضد ارادة شعبها. وقد خلق هذا التصرف الذي نشجبه وضعا جديدا في المنطقة وفي الوطن العربي يتميز بالخطر الحقيقي لإشعال المنطقة والتهديد المباشر للشعوب العربية واستقلالها وأمنها وحقها في تقرير مصيرها بنفسها وذلك باحتلال اجزاء واسعة من الاراضي العربية في السعودية والخليج من قبل القوات الامريكية المدعمة بقوات حلف الاطلسي.”

لا أريد الدخول في تفاصيل الفارق بين حالتي الكويت واليمن سوى بالإيجاز التالي: الكويت المقاطعة العراقية  التاسعة عشرة أقطعتها بريطانيا لعائلة بدوية لتحولها إلى دولة. وهي بالمناسبة اتخذت اسم دولة الكويت، ربما اسوة ب “دولة إسرائيل”. لذا، فالعراق سواء عراق الراحل قاسم أو الراحل صدام لها حق استعادة الكويت. والحديث عن تقرير مصير لجزء مختطف بقوة الإمبريالية لا معنى له.

وحينما يأتي هذا الحديث من أحزاب شيوعية قُطرية، نفهم الأرضية العقيدية التي تقف عليها هذه الأحزاب بما انها أحزاب بأسماء أقطارها حيث تُباعد بين نفسها وبين البعد القومي. وإلا لأسمت نفسها مثلا: “الحزب الشيوعي/العراقي العربي” لذا، وبما أنها أحزاب قطرية فولائها لجغرافيا بل لسلطة القطر التي هي برجوازية تابعة.

كان يمكن قبول موقفها ولو جزئيا لو كان اسمها “الحزب الشيوعي العربي”. أما وهي قطرية هكذا، فلا معنى لهذه الغضبة المضرية لصالح دويلة تسرق نفط الأمة العربية وفي معظمه لصالح الشركات الغربية.

الأخطر في البيان هو زعم هذه الأحزاب بان استعادة الكويت أدت إلى احتلال الخليج والسعودية؟

العيب هنا أن هذه الأحزاب لم تذكر بأن الخليج والسعودية استدعت الاحتلال الإمبريالي الأطلسي وهي سعيدة بذلك. بل هي محتلة اصلا. فالقواعد العسكرية الغربية حينها كانت هناك 24 قاعدة، ناهيك عن كون هذه الأنظمة تحكمها أجهزة مخابرات غربية. ولا داع للقول بأنها تحت احتلال الشركات النفطية وهي سوق مفتوح الفخذين لبضائع العدو الغربي.

والأهم، أن كل هذه الأحزاب لم تفهم أن الغرب لا ينتظر استعادة العراق للكويت ليجد مبررا لتوسيع احتلاله للخليج. الشيوعي الذي يقيم تحليله على المادية التاريخية يعلم أن الأمة العربية مستهدفة دائماً وعليه يكون إيجاد مبرر الغزو من السهولة بمكان.

لكن اللافت هو أن ناشر البيان، لم يتعظ بعد من احتلال امريكا للعراق. بل لم يمر على هذا الحدث الرهيب قطعياً!!!!لم يلاحظ أن العرب بانواعهم الذين هاجموا تحرير العراق للكويت، وهتفوا للاحتلال الأمريكي للعراق  هم انفسهم اليوم يهتفون لمحاولات احتلال سوريا ورقصوا لاحتلال ليبيا. وحتى القلة منهم التي رقصت لاحتلال العراق تبكي اليوم موقفها المتواطؤ لصالح احتلال العراق. أي ان قلة هي التي اتعظت من حقيقة أن العدو لا يصعب عليه إيجاد مبرر لاحتلال اي قطر عربي. فهل احتلت ليبيا تونس أو هل احتلت سوريا بيروت كي يتم العدوان الهائل عليهما!!! وهو كما يبدو ليس من هذه القلة!

الطريف ان ناشر البيان في جزء من حديثه يشجب حرب الصهيونية السعودية ضد اليمن. وهذا صحيح، لكنه لم يشجب احتلال امريكا للعراق. وهو يعقد مشابهة بين عدوان السعودية وبين تحرير العراق للكويت من قبل نظام الرئيس صدام حسين.

اقتطف منه:

“الآن يتعرض الشعب العربي في اليمن الى اخطار فعلية وأضرار جسيمة، وعدوان سافر وفظ من الامبريالية الامريكية بأدوات عربية وبالنيابة عنها، وبتحمل الكلف المادية والبشرية، وبكل وضوح يخدم هذا العدوان السافر العدو الصهيوني والمصالح الامبريالية.”

لا يمكن للكاتب أن يجهل الفارق إلا من باب إيمانه بالقطرية.

وإذا كان هذا حاله، فلماذا يلوم هذه الأحزاب لأنها لم تقف مع الشعب العربي في اليمن؟ وهي أحزاب قطرية.  أما قيامه بالقياس من الحالة الأولى على الثانية، فهو قياس في غير محله، لأن تلك الأحزاب وقفت موقفا غير عروبي في حالة العراق والكويت، ولذا من الطبيعي ان تقف اليوم موقفا غير عروبي تجاه اليمن.