أمريكا تُذلُّ بريطانيا…فكيف ب جماعتنا؟

عادل سمارة

كتبتُ تغريدة على صفحتي يوم 2 تشرين الأول الجاري بأن أمريكا أخطر دولة في العالم. وقد عثرت على ما يؤكد قولي ويزيد في مقالة تبين كيف تعامل أمريكا اقرب حليف لها اي بريطانيا بكل عجرفة وجلافة. ما يلي مقطع من مقدمة كتاب ” نهب العالم:تاريخ وسياسات صندوق النقد الدولي تأليف إرنست وولف. إخترت المقطع لعل في ذلك عبرة لأي جمهور عربي لا ينتبه لخطورة “صداقة”حكامه مع أمريكا.

“… بعد مرور نصف عام على المؤتمر (يقصد مؤتمر بريتون وودز  الذي سوَّد الدولار على العالم) أصرت بريطانيا على تحسينٍ ما في التعاقدات لصالحها، حيث انها صيغت بشكل غامض دفعت لوجوب الحذر ممن سيكون مسؤولا عن صندوق النقد الدولي. وبدون اية ضجة (أو بالعامية الفلسطينية: لا دصتور ولا حاظور) أوقفت واشنطن قرضاً بقيمة 3.75 بليون دولار ، كانت قد طلبته بريطانيا على نحو عاجل لإعادة دفع ديونها المترتبة عليها إثر الحرب العالمية الثانية، مشترطة أن تقوم بريطانيا العظمى بالخضوع لشروط الاتفاقية بدون أي نوع من: “إذا، و، أو ، ولكن” وبعدها بأقل من اسبوعين استسلم (داونينغ ستريت -يقصد الإدارة البريطانية ) للابتزاز الأمريكي ووافق”

“…والتجربة الأخرى لصندوق النقد الدولي فيما يخص المملكة المتحدة أي بريطانيا، فإن التدهور الاقتصادي المحتم لبريطانيا العظمى على مدى عقدين ونصف جعل منها أكبر مستدين من صندوق النقد الدولي. فما بين عامي 1947-1971، سحبت/استدانت حكومة لندن قروضا بمبلغ 7.25 بليون دولار. وفي أعقاب التراجع الاقتصادي لعام 1974/75 والهجمات المضارباتية ضد الجنيه الإنجليزي حيث تعرض لمزيد من الضغط. وحينما حاولت بريطانيا عام 1976، مرة ثانية طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي، اغتنمت الولايات المتحدة الفرصة لإظهار سلطتها. قام الأمريكيون بعقد تحالف مع الألمان ،الذين كانوا في حالة صعود، وأرغموا حكومة العمال في بريطانيا  برئاسة هارولد ولسون بأن تقلل الإنفاق العام وأن تفرض تقليصا حاداً في البرامج الاجتماعية، وتطبيق سياسة نقدية مقيدة، والتوقف عن أية رقابة على الواردات من اي نوع. مثَّل هذا التدخل الفظ سابقة لم تكن معروفة في التدخل في سيادة بلد اوروبي مستدين، وهو ما قاد إلى عدم قيام أي بلد صناعي أوروبي أبداً بالتقدم بطلب قرض من صندوق النقد الدولي”.

أول ما تذكرت في هذا الموقف الطرح النظري المتهافت للشيوعي الألماني كارل كاوتسكي صاحب نظرية تصالح الإمبرياليات. وهو التصالح المؤقت الذي يسميه ماركس “تآخي اللصوص”. ذلك لأن الرأسمالية وخاصة في مرحلة الإمبريالية لا تتصالح بينياً ابدا، وحين تكون بينها علاقات سلمية فذاك لأن أمامها عدو قوي، أو لأن الأضعف خاضع للأقوى، كما هو في النص أعلاه. خضوعا غير مرئياً.

ولكن، إذا كانت الولايات المتحدة تمارس هذا الإذلال على حليفتها الأقرب، بل أمها، اي بريطانيا، ترى كيف تُعامل الحكام العرب؟ هذا السؤال موجه إلى كل عربي لا يعتبر امريكا عدوا.

بل الى السعودية التي تقوم أمريكا اليوم بمصادرة ما رصدته السعودية في مصارف امريكا بحجة أن حاملي جنسية سعودية قاموا بتفجيرات البرجين القتيلين 11 أيلول 2001.  إن من يُذل بريطانيا بالمال لا شك سيغتصب مال  السعودية المغتصب من حق الشعب العربي اصلاً.

المصدر

Pillaging the World. The History and Politics of the IMF

 By Ernst Wolff, Global Research, January 02, 2016

  • ·       الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها حصراً ولا تعبر بالضرورة عن رأي نشرة “كنعان” الإلكترونية أو محرريها ولا موقع “كنعان” أو محرريه.