همبورغ: راس المال واحتجاج بلا راس، عادل سمارة

ضجت شوارع هامبورغ أمس بعشرات آلاف المحتجين على قمة أل (عشرين لصا-تآخي اللصوص-ماركس). عشرون حاكم يمثلون الشركات الكبرى المعولمة المملوكة للرأسمالية في مرحلة اللبرالية المتوحشة، ثقل كل حاكم آت من حصة بلاده في الشركات الكبرى، أي نحن تحت حكم الشركات. تناقشوا في غرف كاتمة الصوت والاحتجاج لأجل التركيز.

بالمقابل، صارت الاحتجاجات من العديد من المنظمات والتيارات المتناقضة مثابة البهار على هذه القمة. يأتي الحكام لجرد النتائج بعد شغل كبير بين قمة وأخرى، ويصبح لا بد من حشد احتجاجي يحصل فجأة ويخبو فورا. والحشد كثيرا ما تموله وتقوده طواغيت المال والمضاربات وخاصة جورج شورس اليهودي البلغاري الصهيوني طبعا، وكثير من منظمات الأنجزة لينجلي الغيم عن تمويل رأسمالي لتظاهرات ضد رأس المال، تجر معها اكثرية من البسطاء والطيبين والمتحمسين، لكن الخطر أن هذا الانجرار يُشعرهم بأن لا داع لنضال حزبي حقيقي وطبقي ضد راس المال! وبالطبع ليس قولنا هذا ضد التظاهرات، ولكن ضد الوقوف عندها.

إله هذه التظاهرات اقتصادي يزعم أن اقتطاع 1 بالمئة من الضرائب يجتث الفقر في العالم. ليس هنا مجال قراءة هذا الوهم القائم على الاقتصاد الرياضي، وهو يذكرني بمشروع الوهم ل محمد يونس (غرامين بنك)  ذلك لأن ما يجتث الفقر هو اجتثاث الراسمالية. ومن لا يبدأ من هنا يستهلك فورة الصبايا والشباب ويفرغ شحنتها في الهواء بحيث لا تزيد سوى حرارة الكوكب لا حرارة الصراع الطبقي.

تظاهرت هذه الحشود قبيل احتلال العرلاق وتم الاحتلال وصار طبيعيا وتلتها احتجاجات واحتلالات وصولا إلى الحرب الراسمالية المعولمة على كل الوطن العربي وصار كل ذلك طبيعيا بل حتى حينما نهش الإرهاب شوارع رُعاته لم تتحرك هذه الشوارع كما يجب.

والأمر اخطر،  فقطاعات واسعة من اليسار الألماني هي صهيونية بامتياز سواء عبر حزب  ديلنكه الذي يرعى منظمة روزا لكسمبورغ المؤنجزة التي تعمل وعملت على  تشريك أنجزة صهيونية فلسطينية لبنانية…الخ معاً. ونفس الحزب يدعم انفصاليي كرد سوريا وكرد سوريا وافدين وليسوا اساسا سوريين بل هاربين من تركيا التي بعد ان استخدمت وحشيتهم لذبح الأرمن، ذبحتهم وطردت منهم ما استطاعت.  لذا، لم يكونوا اساسا من أُناس البلد  ولا مالكي أرضا سوى النزر اليسير. ومع ذلك احتضنتهم سوريا، وهذا واجبها كدولة بالطبع حيث غدوا سوريين.

 وخطر موقف يسار الماني لصالح الانفصاليين متجسد  في التالي:

       دعم انفصال أرض من سوريا لإقامة دولة كردية معظم سكانها ليسوا كردا بل عربا آىشوريين وكلدان…الخ

      يتتلمذ هذا اليسار الألماني على تراث الاستيطان الصهيوني في فلسطين

      يبرع الكرد الانفصالويون في جلب امرأة لتلاوة بيان ما فيبدو الكرد كما لو كانوا الثورة الثقافية في الصين!

      يتعامى اليسار الألماني عن أن قيادات الانفصاليين الكرد مدعومة علانية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.

      ولا يحتج وربما يغتبط على تسليح نظام بلاده للكيان الصهيوني بغواصات تحمل رؤوسا نووسة.

بكلام موجز، على كل هذه الجرائم لا يحتج يسار ألمانيا.!

بل المثير للسخرية أن يساراً يتظاهر ضد الراسمالية المتوحشة وشركاتها وفي نفس الوقت يدعم الكيان الصهيوني ويدعم انفصاليين في سوريا تسلحهم امريكا وتحميهم بطائراتها؟

هنا يمكن تكوين صورة حقيقية مأخوذة من اليسار الصهيوني في خدمته لراس المال سواء في مرحلتي الإمبريالية فالعولمة. يسار يتحدث عن الإمبريالية وحتمية الاشتراكية ويخدم دولة استعمار استيطاني.يسار نموذجه نوعام تسومسكي الذي انتج آلاف الصفحات في نقد سياسات الولايات المتحدة ولكنه لا يلبث أن يعلن أنه صهيوني حتى اليوم، وبانه حتى ضد دولة مشتركة مع العرب الفلسطينيين لأن ذلك على حساب اليهود! كيف كل هذا معا ايها العجوز؟ تسعون عاما من الصهينة! لكن ربما معه الحق وهو يسمع مثقفي الطابور السادس الثقافي العرب يتسابقون على تقديم نعليه (مأخوذ عن قيام إبني هرون الرشيد الأمين والمأمون بالتسابق على تقديم نعلي معلمهما الكسائي). عنصرية ووقاحة تشومسكي تكشف بالمناسبة العقل الكرتوني للفلسطينيين/ات الذين يصرخون لصالح دولة للتعايش مع المستوطنين!هكذا اليسار الألماني الداعم للكرد:  صراخ في شوارع همبورغ، ودعم مادي وإيديولوجي وربما قتالي لصهاينة كردا في سوريا.

ما الفارق عن النازية إذن؟ بل هي النازية ما بعد الحداثية لأنها مصممة ضد العرب.

أمام احتجاج من هذا القبيل، لم يتورع العشرون عن الإلتقاء على موقف مشترك ضد فقراء العالم مطالبين دول المحيط بأن لا تحمي اقتصادها! نعم احتجاج اليسار على راس المال هو احتجاج بلا راس.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.