بصدد التطبيع والمطبعين وسبل المقاومة والتصدي، د. نورالدين عواد/كوبـــا

ورقة العمل التي قدمتها امام: لجنة التصدي للتّطبيع في الملتقى الدولي الرابع للتضامن مع فلسطين، بيروت 12/14 فبراير2018

بداية لا بد من ادراك ماهية التطبيع، لنتمكن من التصدي له ومقاومته والانتصار عليه. وتحديد طبيعة الصراع القائم في فلسطين التاريخية ، وتحديد جوهر العلاقة التي يجب ان تسود بين اطراف الصراع. ربما ادنى درجات تعريف التطبيع يمكن تكثيفها كالتالي: الاعتراف بشرعية الوجود الصهيوامبريالي على ارض فلسطين التاريخية، جزئيا او كليا، والاستعداد للتعامل الطبيعي معه باي شكل وفي اي مجال، وتقاسم الوطن والتعايش معه، كما لو كان حقيقية موضوعية (قدرا محتوما). رسميا التطبيع: ابرام اتفاقيات استسلام مع الكيان الصهيوني في كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو.  وميدانيا افردا ومجموعات، التطبيع: موقف انهزامي، واستسلام وقائي، وجنوح استرزاقي!

 

 على اثر الهزيمة النكراء التي مني بها الكيان الصهيوني،وانتصار المقاومة العربية الفلسطينية الاردنية في معركة الكرامة (18 ـ 21 مارس 1968) وعدم تمكن جيشه من اغراق الفدائيين في نهر الاردن، خرج الصهيوني كيسنجر بنظريتة ” إذاً اغرقوهم بالمال”! وهكذا كان ولا يزال. والنضال التاريخي للشعوب يقول: “إن نضالا بدأ ثريا لن ينتهي ثوريا. لقد اخترقونا بالمال وهو اقوى من الرصاص” (عادل سمارة) و “من ياكل من مال السلطان يحارب بسيفه” (قول شعبي ماثور). وهذا تفسير لما حصل ويحصل وليس تبريرا اطلاقا.

 

في المجتمع البشري، المقاومة فعل طبيعي وواع في آن واحد، امام التحديات والمخاطر الطبيعية والبشرية الطارئة، من اجل البقاء واستمرار وجود الانسان وتطوره بافق تقدمي من خلال التغيير الجذري للظلم والاستبداد الاجتماعي على المستويات القطرية والقومية والدولية.

 

في حالتنا الفلسطينية بابعادها العربية والاسلامية والاممية، فاننا نتعرض لظلم واستبداد وطغيان داخلي وخارجي مديد، وان تركزت وتمركزت تجليات ذلك في غزو واحتلال واستيطان فلسطين التاريخية ومحاولة ابادة شعبنا وتشريده واقتلاعه ونفيه من التاريخ.  بالمقابل نرى محاولة احلال مجمع بشري اصطناعي متعدد القوميات والعروق والثقافات في فلسطيننا، بفعل قوة راس المال والمجمع الصناعي العسكري والامني المعولم وتواطؤ الانظمة الرجعية العربية والاقليمية وقوى الثورة المضادة، مما خلق تناقضا تناحريا وجوديا غير قابل للمصالحة ولا للمساومة ولا للحل الا بنفي طرفي الصراع احدهما للاخر.

 

طابع الصراع موضوعي، لا يخضع لارادتنا الذاتية. موازين القوة المادية والمعنوية تحسم في نهاية المطاف الصراع وشكل الحل النهائي له، كي تعود الامور الى نصابها ويحق الحق ويزهق الباطل، ويسود العدل والسلام في عموم الوطن العربي الكبير ، ولو بعد حين.

 

ان التصدي للتطبيع يعني المقاومة الواعية والصادقة بافق ازالة الظلم التاريخي، اي تحرير فلسطين التاريخية واعادة شعبها اليها واستعادة كافة حقوقه المادية والمعنوية، وهذه المهمة تتطلب قبل كل شيء:

 

* الايمان الراسخ بالقضية وعدالتها، دينيا و/او فلسفيا. سبيل التصدي: دحض النصوص الدينية المشكوك في صحتها او غموضها، من انتاج جهابذة القوى الرجعية للدين السياسي، الوهابية تحديدا، والآلة الصهيونية الامبريالية الامريكية لوسائل الاتصال الاجتماعي (قران انترنيت 2005)، وكذلك النصوص والتنظيرات التروتسكية وما شاكلها، وتفنيدها دينيا وفلسفيا. وهذا لا يتم الا من خلال:

 

*المعرفة والالمام بالقضية الفلسطينية (ضرورة اعداد وثيقة موجزة تؤرخ للهجمة الراسمالية الاستعمارية الامبريالية الصهيونية على فلسطين التاريخية تكون مرجعية لاعضاء الحملة العالمية وللنشر والتوزيع) مما يفضي الى:

 

*وعي ضرورة المقاومة والصمود والتصدي، عبر:

 

*المبادرة بالافعال الهادفة على كافة المستويات وفي كافة المجالات؛ وهذا يساهم في :

 

*التحصين النفسي والمعنوي العملي والادائي للافراد والجماعات، امام الحرب النفسية الدائمة التي يشنها معسكر الاعداء وانتجت (تشويه الوعي،استدخال الهزيمة؛الردة؛ الاستسلام، الاسترزاق…الخ. تمظهرت في طابور ثقافوي سادس وسابع من فتى الموسادّ الى فتى الاسقريوطي الصغير(تروتسكيّ)، ينتج لنا صرخة تلو اخرى للتعايش مع المستوطنين وتقاسم الوطن معهم، وحرف بوصلة الصراع الى عدو وهمي، واختلاق شريك حميم افتراضي (المجمع الاستيطاني بعد تخليه عن صهيونيته!!) تهربا من مواجهة العدو الحقيقي .

 

وربما واملنا ان يؤدي كل ما تقدم الى:

 

* خلق ذهنية وعقلية وسلوكية فردية وجماعية تقطع تماما ونهائيا مع مفهوم المساومة على الوطن والمهادنة في النضال والتفريط بالحقوق. وعندها فقط، نكون قد وضعنا اللبنة الاساسية في مشروع المقاومة الاصيلة الصادقة، دون مجاملات ولا تمييع للصراع، والانتقال الى مرحلة المبادرة بالتحرير، تحرير وعي الانسان المقاوم، واستراتيجيا، تحرير ارض الوطن والامة، وانني لا اخال ذلك ممكنا الا بالكفاح المسلح والقوة المتكاملة الابعاد.

 

بالمحصلة، يجب على كافة اعضاء الحملة وبمؤازرة من المناضلين الثوريين فلسطينيين وعرب ومسلمين ومسيحيين وامميين، السعي دائما، وحسب ظروف كل ساحة وامكانياتها المادية والميدانية، الى استخدام النشاطات السياسية والاعلامية والثقافية المؤاتية، من اجل تعريف جماهير كل بلد نتواجد فيه بحقيقة القضية وتطورها عبر الزمان، وتحديث المعلومات حسب المستجدات الانية، باستعمال الوسائل السمعية البصرية والصورية. فالجماهير باقية والانظمة عابرة.

 

واذا كان عدونا جذريا في عدائه لنا ووفيا لمشروعه وهو غاز قاتل سفاح، فالاجدر بنا ان نكون اكثر جذرية في عدائنا له واوفياء لمشروعنا، ونحن اصحاب حق مظلومين. و”إذا كان لليهود “حق إلهي” في فلسطين بزعم العهد، فإن لرجال الله شرف زوالهم بموجب الوعد… ” (احمد شرقاوي).

 

نحتاج مقاومة عروبية قومية اسلامية مسيحية تحت راية السلاح الثوري! وسنبقى قابضين على جمر القضية والوعي الوطني والقومي والاممي ونرجم به شياطين البترودولار وغلمانهم واسيادهم الى يوم يبعثون.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.