أثار زحف جماهيري عراقي ضد سفارة حاكم البحرين في بغداد الكثير من النقاش بين من يبارك وبين من يُشكك وخاصة من ينسبون الحراك إلى تأثير إيراني، أو أنها متأثرة بمناورة من مقتدى الصدر…الخ . ولعل ما غاب عن كثيرين هو القدرة على قراءة الكامن الشعبي سواء في العراق او غير العراق وهو رفض الاستعمار والاحتلال الاستيطاني في اي مكان. وفي حالة العراق فالشعب العراقي عروبي كأي شعب عربي، عروبي بمعنى الاندماج الهوياتي الانتمائي التاريخي وهذا يشمل العرب والكرد والعراقيين الآخرين الأشوريين وغيرهم. ومن يراجع بنية الأحزاب العراقية التاريخية كالبعث والشيوعي والقوميين العرب فهي مكونة من عرب وكرد وآشوريين على حد سواء. الراحل عبد الكريم قاسم الذي قاتل في فلسطين 1948 وقاد العراق بعد ثورة 14 تموز هو كردي. والراحل طارق عزيز نائب الرئيس العراقي أشوري…الخ.
بيت القصيد هو: إذا ما توفر مناخ التعبير عن القناعة والانتماء في الشارع العربي، يحصل في كل قطر عربي ما حصل في بغداد.
ونحن في غنىً عن الإشارة بشكل خاص عن دور الشعب اليمني في وقوفه المطلق والمتواصل مع فلسطين.
في عام 1991، أثناء العدوان على العراق بنصف مليون جندي امريكي وغير أمريكي بحجة أن الكويت دولة تعترف بها الأمم المتحدة بينما الكويت هي الولاية 19 من العراق، وبمعزل عن توقيت استعادة الكويت، كنت أجلس خلال العدوان في مقصف جامعة S.O.A.S إحدى تفرعات جامعة لندن، ودار حديث بيني وبين الرفيق توبي شلي، وهو شيوعي إيرلندي يعمل كمعلق في جريدة The Financial Times، وكان الحديث عن الحرب وعن وجود العروبة ودور الشارع. وبالصدفة كان جهاز التلفاز يبث صورة قال معلق أل BBC أنها مظاهرة من مليون مواطن مغربي، لا شك هم أمازيغ وعرب، يتظاهرون دعما للعراق رغم أن الملك المغربي أرسل جنوداً للمشاركة في الحرب ضد العراق. كان أحد ملاحظاتي للرفيق توبي: هذه هي القومية العروبة.
ليست المسألة القومية التحررية قصرا وحصرا على امة دون غيرها، فالعالم يعيش عصر القوميات بالمعنى التطوري والتحرري، ولذا فهي كطائر الفينيق، كلما قيل قضى، ينهض من تحت الرماد.
بوتين ومسالة بقاء الرئيس الأسد في السلطة
في حديث له مع جريدة بريطانية The Financial Times على هامش قمة أل 20 دولة راسمالية قال الرئيس الروسي فلاديمي بوتين، ردا على سؤال موقفه من بقاء الرئيس الأسد: ” وفي رده على سؤال حول موقفه من بقاء الرئيس السوري، بشار الأسد، في السلطة، قال بوتين: “أنا من مؤيدي تقرير الشعب السوري لمصيره بشكل مستقل، لكن مع ذلك، بودي الكبير أن تكون كل الأعمال من الخارج مدروسة مثلما كان الوضع المتعلق بالمخاطر التي سألتني عنها، والتي كانت قابلة للتنبؤ ومفهومة، وذلك لكي تكون بإمكاننا دراسة خطوة تالية واحدة على الأقل”. بصراحة، هذا رد سيء. صحيح أنه لا يعني الطلاق، ولكنه يعني أن موقف روسيا من سوريا ليس كموقف امريكا من الكيان الصهيوني، على الأقل بالمعنى السياسي، حيث لا نطالب روسيا بالقتال لتحرير فلسطين ولا حتى الجولان. قد تكون في عقل بوتين حسابات النفط والغاز مع نفطيات الخليج، وحتى مغازلة ما لما تسمى معارضة سورية، وقد يكون افضل الرد على هذا ما قاله كاسترو”حين يكون الوطن في خطر تكون المعارضة خيانة”، وهذا يؤكد أن روسيا الراسمالية هي لمصالحها، وهذا حقها. ولكن يعني بالنسبة لنا وجوب الفهم للأمر بأعصاب تنظر إلى الغد.
مطلوب عميل لكشف الحقيقة للخليج!
نعم تزايدت مؤخرا هرولة حكام عرب وفي اذيالهم كتب كثيرون وبتناسل اميبي يتوسلون الكيان بلغة تلمودية كي يقبلهم وقد خلعوا كل شيء. ولكن هذه الهرولة بل الزحف على الرموش ليست جديدة. لا أحد ينسى عصام سرطاوي الفلسطيني، ولا علي سالم من مصر، ولا محمد جعفر من العراق وبالطبع إميل حبيبي…الخ، ومن الأحياء عزمي بشارة من فلسطين وكمال اللبواني من سوريا، وسمير جعجع وفؤاد السنيورة من لبنان…الخ. لكن، لماذ العميل؟ اذكر في عام 1969، وكان قد مضى على اعتقالي مع رفاق من الجبهة الشعبية قرابة 16 شهراً
حيث نُقلت من سجن بيت ليد (يسمونه بالعبرية كفار يونا) إلى سجن رام الله في قضية جديدة إثر اعتقالات جديدة حينها لرفاق الجبهة الشعبية، والتقيت هناك بالحاج فايز من بلدة ترمسعيا معتقل على ذمة الجبهة الشعبية ايضا. تحدثنا عن العملاء، فأخبرني قصة شخص كان عميلاً للاحتلال، وخلال تعرفه على الحاج قرر التوبة. وبالطبع شرح للحاج أن سبب تراجعه عائد إلى كم يحتقر العدو العملاء في علاقتهم السرية به. فنصحه الحاج أن يقتل مشغله الصهيوني، وفعلا فعلها واستُشهد. واليوم، لا نريد عميلاً كي يتحول إلى مقاتل فشهيد. ولكن فقط ليقول للناس كيف يُعامل العدو كل من مارس التطبيع الاعتراف بالكيان وإلى اي حد يحتقر العدو عملائه، بعيداً عن الغسيل الإعلامي! فربما يفهم البعض منهم، على الأقل، أننا نعلم بأن العدو يحتقره أكثر مما نحتقره نحن. فإذا كان الكيان يعتبر كافة أمم الأرض أغياراً ودونيين فكيف بموقفه من عملائه. لا أريد شرح كم يحترم العدو المناضلين/ات حتى في التحقيق. هذا تجدونه في تجارب العديد من المناضلين وخاصة كتاب الرفيق محمود فنون شرح التجرية الاعتقالية. فلا تغرنكم عنتريات هذا أو ذاك، ولا تدليس دُعاة دولة واحدة مع العدو سواء نتيجة تهاوي لبرالي أو كراهية قومية للذات أو ماركسية ثقافوية تستمد نسغها اليوم من مدرسة المضارب جورج شورس Soros ولا حتى “تكريم” شكلاني لعميل مثل إميل حبيبي حيث وضعوا صورته على طابع بريد يحمل إسم الكيان. وهم هذا يؤكدون كم يحتقرونه.
_________
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.