“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 31 آب (أغسطس) 2019 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 496

 في هذا العدد من نشرة الإقتصاد السياسي:

 نبذة عن قمة مجموعة السبع – “بياريتز” (فرنسا) من 23 إلى 26 آب/أغسطس 2019

فقرتان عن “ضحايا الجوع والفقر”

من ضحايا العدوانات العسكرية وهيمنة الإمبريالية وشركاتها

بيئة – الأضرار التي تُلحقها المبيدات بالبيئة وبالبشر، وهي جرائم مُتعمّدَة، لا يُعاقَب مرتكبوها

المغرب – اقتصاد تابع وهش

سوريا والعراق، وتأثير أسلحة الدّمار الشامل التي تستخدمها أمريكا وحلفاؤها

الوضع في موزمبيق بعد اكتشاف كميات هائلة من الغاز (في مجمل الساحل الشرقي لإفريقيا)

وضع البرازيل بعد عودة اليمين المتطرف (بولسونارو) للحكم

روسيا، وأضرار الحرب التجارية

الصين وروسيا- هل تُشكّلان بديلاً داخل النظام الرأسماتلي نفسه؟

التحولات الهيكلية في الإقتصاد وتأثيراتها على المجتمع الصيني

الهند في ظل حكم اليمين المتطرف، حزب “باهارتيا جاناتا” وزعيمه “نانيندرا مودي”

فقرة مطولة بشأن وضع أوكرانيا كبيْدق في رُقعة الشطرنج الأمريكية

أوروبا والهجرة واللجوء: صُراخ وعويل، واستغلال فاحش، وتَنصّل من تحمّل نتائج الإستعمار

أمريكا، مُستفيدون وخاسِرون من القوة والهيمنة الأمريكيتيْن، في الدّاخل والخارج

طاقة: ارتباط أسعار النفط (والمواد الخام) بالعوامل الخارجية، خارج مناطق الإنتاج   

■ ■ ■

 قمة مجموعة السّبع 2019:

 تأسست مجموعة الدول المُصَنّعَة الغنية، التي تُسمّى حاليا “مجموعة السّبع” سنة 1975، في “رامبويِّيه”، في فرنسا، خلال فترة رئاسة “فاليري جيسكار ديستان”، بهدف مناقشة الأزمة الإقتصادية الحادّة آنذاك و”الدّفاع عن العالم الحُر” في مواجَهة الإتحاد السّوفييتي، وتقاسم مناطق النفوذ في العالم بين هذه الدّول المُصنّعَة، وأظْهَرت الدّورات الأولى اتّفاقًا إيديولوجيًّا، لم يُفْضِ إلى اتفاق اقتصادي ومالي، لأن الولايات المتحدة لا تراعي مصالح “حُلفائها”، منذ زمن، وتتعامل معهم بتَعَالِي، وبِفَوْقِيّة…

انعقدت قمة مجموعة السبع (كانوا ثمانية قبل إقصاء روسيا)، خلال الأسبوع الأخير من شهر آب/أغسطس 2019، بجنوب غربي فرنسا، في منتجع مدينة “بياريتز” السياحية (بلاد البَاسْكْ)، في فترة لا تهتم وسائل سوى بدرجة الحرارة المرتفعة، وبعودة الفرنسيين من العطلة الصيفية، وازدحام حركة السّير، وغير ذلك من التّفاهات…

يتميز الظرف الحالي بهيمنة اليمين المتطرف، واليمين الناطق باسم الإحتكارات، على جهاز الدّولة في معظم الدول الغنية، ومجموعة السبعة، مع وجود دونالد ترامب في رئاسة الولايات المتحدة، زعيمة الإمبريالية، وبوريس جونسون في بريطانيا ومُشاركة اليمين المتطرف في الحكم في عدد من البلدان الأخرى في أوروبا واليابان وأستراليا، وسويسرا وغيرها من الدول الغنية، داخل وخارج مجموعة السّبعة، ويتميز المناخ السياسي والإقتصادي العالمي بالحرب التجارية التي أعلنتها الولايات المتحدة، وبالحرب (العسكرية) المتواصلة من أفغانستان إلى مالي ونيجيريا، مرورًا بالمشرق العربي والقرن الإفريقي، وليبيا…

لم يصدر أي بيان ختامي خلال القمة السابقة سنة 2018، ولا يتوقع أن يصدر بيان ختامي سنة 2019، بسبب إرادة الولايات المتحدة في الهيمنة (مُنْفَردة) على العالم، ورفض وجود أي شريك، لا من مجموعة السبعة ولا من الحلف الأطلسي، ولا من غير هذه المجموعات “الصديقة”، ولم تختلف البيانات المنافقة لقِمّة مجموعة السبع طيلة عقد كامل، واكتفت بالتّأكيد على العُمُوميّات، مثل “حرية التجارة والسلم في العالم، والمُساواة، والبيئة…” وغير ذلك من العبارات الفضفاضة، وكأن الحروب اندلعت بمبادرة من دول فقيرة مثل كوبا أو فنزويلا أو مالي أو اليمن، وليس بفعل الإمبريالية التي يجتمع قادتها في قمة مجموعة السبع، وكأن قادة الدّول الغنية يناضلون من أجل السلم والعدالة والمُساواة…

جنَّدَت الحكومة الفرنسية أكثر من 13 ألف شرطي وجندي “لحماية القمة”، وقُدِّرت قيمة الإنفاق الأمني “لحماية قمة بياريتز” بنحو 37 مليون يورو، ويشتكي تجار منطقة “بلاد الباسك” الفرنسية (الفنادق والمطاعم والمتاجر والمُنتجعات السياحية) من الإجراءات الأمنية التي حرمتهم من عائدات السياحة، في ذروة الموسم، ومَنَعت الحكومة آلاف المُتظاهرين ضد القِمّة (وما تُمثله من هيمنة رأس المال الإحتكاري)، من الإقتراب من مكان انعقاد القمّة…

لا تزال هذه المجموعة تُسمِّي نفسها “مجموعة الدول الأكثر تصنيعًا” في العالم في ظل غياب الصين وكوريا الجنوبية والهند وروسيا وغيرها من الدّول الأكثر تصنيعًا في العالم، خُصُوصًا بعد عجز هذه المجموعة عن حل المشاكل التي انجرّتْ عن أزمة 2008، وكانت الصين بمثابة مُنْقِذ النظام الرأسمالي العالمي، رغم وجودها خارج هذه المجموعة، وفي غياب أي تشاور دولي، وأدّت هذه الأزمة إلى إنشاء “مجموعة العشرين”، سنة 2008، وإدماج الصين، وبعض الدّول “النّامية”، ومنها مَشْيَخَة “آل سعود”، لابتزاز عائدات النفط…

اتخذ قادة مجموعة السبع قرارًا، خلال قمة 2005، بضخ 25 مليار دولارا، في اقتصاد الدول الأشدّ فَقْرًا (وهي قُرُوض بشروط مُجْحِفَة، وبنسبة فائدة مُرتفعة)، ولم يقع تنفيذ هذا القرار، فالتجأت الدول الإفريقية إلى الصين، وجابهت انتقادات الدول التي وعدتها ولم تنفّذ وَعْدَها، وأصبحت الدّول الإستعمارية (الإمبريالية) تنتقد وسائل الهيمنة التي تستخدمها الصين، في إفريقيا وفي آسيا وغيرها، من القُروض “المُيَسَّرَة” إلى مصرف التنمية، وخطة “الطريق والحزام”، وغيرها من وسائل الهيمنة غير العسكرية…

في المُقابل، انهار حلف وارسو ومجموعة الدول “الإشتراكية” بزعامة الإتحاد السوفييتي، كما انهارت مجموعة دول عدم الإنحياز ومجموع السبعة والسبعين، وغيرها، مما يَسَّرَ الهيمنة الأمريكية، وهيمنة “القُطْب الواحد”، وتُؤشِّرُ كافة الظروف “المَوْضُوعية” (انتشار الفقر والبطالة وتعميق الفجوة بين الأثرياء والفُقراء في العالم، وعلى المُستوى الدّاخلي لكل دولة)، إلى نُضْج ظُروف الثورة ضد هذا النّظام العالمي الظّالم والمُجْحِف في حق الفُقراء والعاملين، لكن غياب العامل “الذّاتي”، أو أدوات الثورة، يُعيق تغيير العالم لصالح الأكثرية…   

 ضحايا الجوع والفقر 1: تُعَرِّفُ المنظمات الدّولية اللاجئ بأنه الشخص الذي يُغادر بلده الأصلي، ويتعرض حين العودة إليه، إلى الإضطهاد، بكافة أشكاله، أما النّازِح فهو الشخص الذي غادر مسكنه، لكنه بقي داخل حدود وطنه، وأعلنت الأمم المتحدة، يوم الأربعاء 19 حزيران/يونيو 2019، ارتفاع عدد الذين أُجْبِرُوا على النزوح من ديارهم بسبب الحرب، أو العُنف أو الإضطهاد، بمقدار الضِّعْف خلال العقدَيْن الماضِيَيْن، وارتفاع عددهم من 68,5 مليون شخص سنة 2017 إلى 70,8 مليون نازح ومُهاجر أو طالب لُجُوء، سنة 2018 (يشمل العدد 5,5 ملايين لاجئ فلسطيني، داخل وخارج حدود فلسطين التاريخية)، أو أكثر من سُكان تايلند، معظمهم بقوا داخل بلدانهم أو في الدول المُجاورة لأوطانهم، وهو رقم قياسي لكنه أقل من العدد الحقيقي للأشخاص الذين نزحوا بالفعل من ديارهم، إذ يبقى معظمهم داخل حدود بلدانهم، دون إحصاء، ودون مساعدات دولية، كما لم يتم إحصاء جميع الفنزويليين الذي غادروا بلادهم بسبب الأزمة التي أَجّجَتْها الولايات المتحدة، وزادت حِدَّتَها بإقرار حَظْرٍ “دولي” على البلاد، يَمْنَعُ دُخول الغذاء والدّواء، وتقدر الأمم المتحدة عدد الأشخاص، الذين فروا من فنزويلا منذ مطلع 2016، بنحو 3,3 ملايين شخص…

نزح، سنة 2018، قرابة 41,3 مليون شخص، داخل بلدانهم، وغادر 25,9 مليون شخص بلدانهم، وتقدّم نحو 3,5 ملايين لاجئ بطلب للحصول على اعتراف رسمي بوضعهم كلاجئين، والحصول على الحماية…

تَعالَتْ صرخات معظم القُوى السياسية الأوروبية ضد “ارتفاع عدد اللاجئين إلى أوروبا، عبر البحر الأبيض المتوسط”، ويتناسى أصحاب هذه الصرخات إن اللاجئين جاؤوا من بلدان قَصَفتها الطائرات والقنابل الأوروبية، والأمريكية، وإن رأس المال الأوروبي يستغل خبرات المهاجرين واللاجئين بأرخص الأسعار (الأُجُور)، وتمكّن اقتصاد ألمانيا من تعويض العُمال المُسنِّين، الذين يعملون بعد تجاوز سن التقاعد، بعمال شُبّان أجانب، من ذوي الخبرات والمهارات العالية، ولم تستقبل أوروبا في تاريخها أكثر من 10% من إجمالي اللاجئين في العالم، بما في ذلك فترة الحرب العالمية الثانية، وهي حرب أوروبية، توسّعت لِتَطال شعوبًا لا ناقة لها ولا جَمَل، في شمال إفريقيا والوطن العربي ودول آسيا… عن الأمم المتحدةأ.ف.ب 19/06/2019

ضحايا الحُرُوب والفَقْر 2 – من المُسْتَفِيد؟ أطنَبَ الإعلام الأوروبي في التّذَمُّر من ارتفاع عدد اللاجئين القادمين من بلدان دَمّرَتْها قنابل أوروبا وأمريكا، وحَوّلَت الأحزاب اليمينية، “المُعْتَدِلَة” و”المُتَطَرِّفَة”، موضوع اللاجئين إلى فُرْصَةٍ ذهبية لعَرْضِ الأطروحات الفاشية، وتغْيِيب النّقاش بشأن انتشار الفقر والبطالة، وتعميق فجوة الفوارق الطبقية، ورَوّجت هذه الأحزاب (بدعم من الإعلام المَمْلُوك لكبار الرّأسماليين ) إن اللاجئين والمُهاجرين، أَصْلُ الدّاء، وسَبب مشاكل المواطنين، وبالأخص المواطنين الأوروبيين والأمريكيين الفُقَراء، وتَفَنِّدُ كافة الدّراسات والبيانات هذِهِ الإدّعاءات منذ قرابة أربعين سنة، وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين، أَظْهَرَتْ بيانات الأمم المتحدة (مُفوضيّة اللاجئين) إلى ارتفاع عدد اللاجئين والنازحين فى العالم خلال سنة 2018 إلى أكثر من 70 مليون شخص، وقد يكون هذا العدد أقل من العدد الحقيقى للأشخاص الذين تركوا ديارهم، لكن أظهر التقرير إن  نحو 80% من هؤلاء النازحين واللاجئين  يتشبّثُون بالبقاء ببلادهم ولا يغادرونها، أما الذين يغادرون، فيقصد 80% منهم دول الجوار، ولا يتجاوزون ذلك، وذَكَرَ التّقْرِير تفاصيل أخرى عن الوجهات الأساسية للاجئين سنة 2018…

هيّأت تركيا، بدعم من دول الإتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة، مُخيّمات عملاقة، كما عمل النظام الأردني على نصب عدد كبير جدًّا من الخيام، بدعْمٍ من نفس الأطراف الخارجية، قبل انطلاق العدوان العسكري على سوريا، ثم ضَخّمَتْ حُكُومات تركيا والأردن ولبنان عَدَدَ اللاجئين السُّورِيِّين، واستخدمت الحكومات الثلاثة مأساة الشّعب السُّورِي للتّسَوُّل (لبنان والأردن) وللإبتزاز (تركيا)، واستغلّت الدول الثلاثة اللاجئين السّورِيِّين (والأطفال) للعمل برواتب متدنية، واستثمارات الأثرياء السوريين، وأعلنت حكومة الإخوان المسلمين في تركيا إنها تستضيف نحو 20% من أعداد اللاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان، دون ذكر عدد مضبوط أو تَقْرِيبِي، وتبدو هذه النسبة مُضَخّمة، مُقارنة بتفاصيل الأرقام والبيانات التي نشرتها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، واعتبرت حكومة وصحافة “بِيرُو” إن البلاد تعتبر ثاني أكبر “مُستَضِيف” للاجئين من فنزويلا الذين غادروا بلادهم، سنة 2018، بسبب الإنهيار الإقتصادي، والأزمة السياسية، وقَدّرت الأمم المتحدة عدد النازحين من فنزويلا إلى دول الجوار (البرازيل وكولومبيا وبيرو…)، بين بداية 2015 ونهاية 2018، بنحو أربعة ملايين شخص، وهو ما تَنْفِيه حكومة فنزويلا، أما السودان، الذي يعيش بدوره أزمة داخلية حادّة، فاستقبل ثالث أكبر عدد من اللاجئين سنة 2018، وقدم معظمهم من جنوب السودان، الذي انفَصَل سنة 2011، كما يستقبل السودان بعض الآلاف من اللاجئين السّوريين، بالإضافة إلى عدد النازحين من مناطق دارفور والنّيل الأزرق وغيرها، وخرج من البلاد نحو 724 ألف سوداني بنهاية العام 2018، بحسب بيانات الأمم المتحدة، واستقبلت أوغندا حوالي 120 ألف لاجئ، سنة 2018، جاء مُعْظَمُهُمْ من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، ومن بينهم العديد من الأطفال بدون عائلاتهم، وغادر أوغندا (سنة 2018) أيضًا نحو 84 ألف لاجئ عادوا إلى جنوب السودان، بعد هُدُوء نسْبي في بلادهم…

لا يَذْكُرُ الإعلام السائد (وكالات الأخبار المُهيمنة وصحافة الدول الإمبريالية ومحطاتها التلفزيونية) هذه الحقائق عن استقبال الدول الفقيرة، والمُجاورة لمناطق الحرب، التي تُشْعِلُها الإمبريالية، لأكبر عدد من اللاجئين في العالم، وكانت باكستان وإيران من أكبر مستضيفي اللاجئين من أفغانستان، بل تُرَكِّزُ وسائل الإعلام السائد على الولايات المتحدة وأوروبا، مع ترويج أخبار زائفة عن جرائم وهْمِيّة (وقليل منها حقيقي) يرتكبها المهاجرون أو طالبو اللجوء، كما يحدث في الولايات المتحدة (وهي دولة أَسَّسَها مهاجرون أوروبيون بعد ارتكاب مجازر عديدة للقضاء على السكان الأصليين) التي ادّعى رئيسُها اليميني المُتَطَرّف إن المهاجرين يُشكلون عِبْئًا على اقتصاد البلاد، وقَدّر الإعلام الأمريكي عدد طالبي اللجوء في أمريكا الشمالية بنحو 331 ألف شخص، سنة 2018، أما ألمانيا، فقد سَدّت حاجة مصانعها ومزارعها من العَمالة الماهرة، وسدّت نقص السّكّان (نتيجة لشيخوخة معظم المواطنين) باستقبال نحو 1,2 مليون لاجئ، من بينهم نحو نصف مليون سوري، بين 2013 و 2018، وعَمد مُمثّلو الشركات الكبرى في ألمانيا إلى اختيار المُهندسين والأطباء والفَنِّيِّين والباحثين السّوريين، في مخيمات تركيا ولبنان والأردن، ومُخيمات العبور في أوروبا الشرقية واليونان، ولا يزال اتحاد أرباب العمل في ألمانيا يُؤكد حاجة اقتصاد ألمانيا إلى أكثر مكن مليون عامل مختص وباحث وفني أجنبي، ويُطالبون الحكومة بتيْسِير دخول الأجانب، بسبب تراجع عدد طالبي اللجوء إلى ألمانيا بنسبة 14% سنة 2018، بعد ارتفاع عدد الجرائم والمُمارسات العُنْصُرِيّة ضدّهم… عن الأمم المتحدة (بتصرف) 20/06/2019

بيئة، جرائم بدون عقاب: “كلوربيريفوس” هو مبيد حشري، فوسفاتي، عضوي، يتكون من النيتروجين والكلور، من تصنيع شركة “داو كيمِكال” ( Dow Chimical )، العابرة للقارات، أمريكية المَنْشَأ، يُباع رسميًّا منذ 1965، ليُسْتَخْدَمَ (عوضًا عن مادة “د يدي تي” ) في إبادة بعض الآفات الضّارّة، في زراعة المواد الغذائية والأعْلاف، وللقضاء على النّمل الأبيض وعلى البعوض والدّود، كما تستخدم المنتجات التي تحتوي على “كلوربيريفوس” لعلاج أشجار التّفاح واللوز والحمضيات، ومعالجة الأسوار الخشبية للحدائق وأعمدة الهاتف والكهرباء، وأقرّت وكالة حماية البيئة الأمريكية (US EPA) إعادة تسجيله سنة 2006، مع تَقْيِيد استخدامه، ووضع شُرُوط، لوقاية العاملين في الزراعة، وإجْبار المُصنّعين على وضع مُلصقات للوقاية من تأثيراته السّلْبِيّة، لأن أي مبيد يقتل الحشرات أو الأعشاب الضارة، يحتوي على مواد مُضِرّة بالجهاز التنفسي والجهاز العصبي للإنسان، ويُؤثِّرُ “كلوربيريفوس” سَلْبًا على الجهاز العصبي للأشخاص والحيوانات الأليفة، والسمك والنّحل، والطيور، والحشرات والحيوانات الأخرى، بنفس الطريقة التي يؤثر بها على الآفة المستهدفة، أما الأعراض فتتلخّص (عند التّعرّض لكميات صغيرة) في سيلان الأنف والدموع واللعاب، والتّعَرّق (كثرة العَرَق) والإصابة بالصداع والغثيان والدوار، أما إذا كانت الكمية كبيرة (وهو ما يحصل للمُزارعين وعُمال الزراعة) يسبب هذا المُبِيد القيء، وتشنج عضلات البطن، وارتعاش العضلات، والهزات، بفعل تأثير المُبِيد على الأعْصَاب، بالإضافة إلى الإسهال وضبابية الرّؤيَة، وقد تزداد حالة المستخدمين سوءًا، إذا تعرضُوا لكمية أكبر، مما يُؤدِّي إلى الإحساس بالضُّعْف، وفقدان الوعي، وفقدان السيطرة على المَثَانَة والأمعاء، والتشنج، وصعوبة التنفس، والشلل… اتفقت جميع الدراسات التي أُجْرِيَتْ على هذا المبيد، بين 2006 و 2012، على خطر استخدامه، وعلى تأثيره على الصحة، وكشفت الأكاديمية الأمريكية للعلوم (PNAS)، سنة 2012، عن مشاكل في نمو الدماغ لدى الأطفال، بسبب تعرّض أمهاتهم لهذه المادة أثناء الحمل، وأظْهرت دراسة جديدة، نُشِرَت في كاليفورنيا، في بداية شهر حُزيْران/يونيو 2019، زيادة في وتيرة التوحد وتلف مبكر في الدماغ عند الأطفال المعرضين “للكلوربيريفوس”، قبل وبعد الولادة، وأكّدت دراسة أجراها المعهد الوطني الفرنسي للبحوث العلمية ( CNRS ) إن “كلوربيريفوس يُسَبِّبُ اختلال الغدد الصماء، وله تأثيرات على نمو الدماغ قبل وبعد ولادة الطفل”، ويُشكّل المُبِيد “خَطَرًا على جميع الثدييات”، لأن مكوناته، من نفس عائلة “الغازات الحربية، القتالية، التي تم حظر استخدامها في الحرب، ولكنها بقيت مُسْتخْدَمَة في قطاع الزراعة، لإنتاج غذاء الإنسان والحيوان، من خُضار وفواكه، وحُبُوب…” في أوروبا ومعظم بلدان العالم… عن أ.ف.ب (بتصرف) 18/06/2019

المغرب، اقتصاد تابع وهَشّ: مثل قطاع النسيج، سنة 2015، نحو 7% من إجمالي الناتج المحلي، ويشتغل بالقطاع نحو 175 ألف عاملة وعامل، أو ما يُعادل 30% من إجمالي الوظائف المتوفرة بالبلاد، ويستحوذ على حصة 22% من صادرات القطاع الصناعي، ويضم القطاع 1200 شركة، ومعظمها شركات صغيرة ومتوسطة، وقُدِّرَ عدد العاملين في الشركات غير النظامية (القطاع الموازي) للنسيج والملابس في المغرب، بضِعْفِ عدد العاملين في القطاع المُنظّم، وأعلنت حكومة الإخوان المسلمين إنها ستعمل على إضافة 100 ألف عامل وعاملة في قطاع النسيج، بحلول سنة 2020، ولم تتَطَرّق الحكومة إلى ظروف العمل السَّيِّئة جدًّا في هذا القطاع (كما الحال في تونس ومصر والحَبَشَة والبلدان الآسيوية…)، أما الإستثمارات فمصدَرُ مُعْظَمِها الشركات الأوروبية، التي تتعاقد مع شركات محلية، كانت تصنع الملابس والأغطية والسجاد والزرابي التقليدية المغربية، وتتوجّه نسبة هامة من إنتاج الملابس والنسيج نحو أوروبا، القريبة من المغرب، مما يجعلها رخيصة الثّمن وقادرة على منافسة المنسوجات الأسيوية، وبلغ حجم صادرات النسيج نحو 25% من إجمالي الصادرات الصناعية في المغرب، سنة 2015، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، وتتوجه 49% من صادرات النسيج المغربي إلى السوق الإسبانية، ونسْبَة 25% إلى السوق الفرنسية…

وقعت حُكومتا المغرب (قبل الإخوان المسلمين) وتركيا، سنة 2006، اتفاقية التبادل التّجاري الحر، ولكن التقارب العقائدي بين الحكومتَيْن، منذ 2012، أدّى إلى تساهل الحكومة المغربية مع المُنْتجات التركية (التي تتمتع بإعفاءات من الرسوم الجمركية)، ليرتفع حجم المبادلات التجارية بين تركيا والمغرب أربعة أضْعاف، بين سنتَيْ 2006 و 2016، من حوالي 700 مليون دولارا، سنة 2006، إلى 2,7 مليار دولارا، سنة 2016، ولترتفع صادرات النَّسِيج والملابس التركية إلى المغرب، بنسبة 175% بين سَنَتَيْ 2013 و2017، إلى نحو 1,9 مليار دولارا (في بلد منتج للنسيج والملابس)، بحسب بيانات وزارة الإقتصاد والمالية، مما أضر بمصالح المنتجين المحليين، الذين اشتَكَوْا وتَذَمّرُوا من إغراق تركيا للسوق المغربية بإنتاجها من السّجّاد والمَفْرُوشات والأغطية، والملابس، وتدعم حكومة تركيا هذا الإنتاج، كما الإنتاج الزراعي، ليُباع بسعر أَقَلّ من الإنتاج المحلي في تونس أو المغرب أو مصر، واضطرت الحكومة المغربية إلى إعادة فَرْضِ رُسُومٍ على دُخول إنتاج تركيا من النسيج والملابس، في بداية سنة 2018، لمواجهة الإغراق، وإفلاس العديد من الشركات المحلية، وتسريح العاملات والعُمّال، لينخفض عدد عُمّال القطاع، من 520 ألف سنة 2010 إلى قرابة 100 ألف، سنة 2015، بخسارة عشرين ألف وظيفة سنويًّا، بحسب رئيس “الجمعية المغربية لصناعة النسيج والألبسة” (نقابة أرباب العمل في القطاع)، بسبب الإغراق التركي والصيني، وبسبب التهريب، والسوق الموازية،  وغيرها، وخسرت شركات النسيج المَحَلِّيّة حوالي 5% من حصتها في السوق الداخلية، سنويا، وطالبت الشركات “بحماية السّوق المَحلِّية، وبدعم الدولة لتطوير وإعادة هيكلة قطاع الملابس والمنسوجات”، ليُصْبِحَ قادرًا على تلبية الطلب الداخلي، وتعمل حاليا معظم الشركات الصغيرة عبر “المُناوَلَة” (أو “التعاقد من الباطن”) لصالح شركات أجنبية، مما يجعل القطاع تحت هيمنة ورَحْمَة رأس المال الأجنبي، في عملية “تبادل غير مُتكافئ”، أو في وضع التّبَعِيّة لرأس المال الأجنبي…

تراجَعَ دَوْرُ الشركات الأوروبية في المغرب، لكن بقي الاتحاد الأوروبي أوّل وأكبر شريك اقتصادي للمغرب، وارتفع حجم التجارة بين الطرفين من حوالي 38 مليار دولارا سنة 2016 إلى 42,8 مليار دولارا سنة 2017، بزيادة نسبتها 10,2% بحسب بيانات وزارة المالية، لكن سجلت تدفقات الاستثمارات القادمة من الاتحاد الأوروبي تراجعا، مقابل ارتفاع التدفقات الصينية، بدفعٍ من “مُبادرة الحزام والطريق”، التي أطلقتها الصين، سنة 2013، وكان الملك المغربي قد أعلن ( يوم 20 أبريل/نيسان 2016 ) تنويع الشراكات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية، “لإنْعاش الإقتصاد الوطني”، بعد تراجع الأُسَر الحاكمة بالخليج عن وعودها بدعم المَمْلَكَتَيْن الأُخْرَيَيْن، المغرب والأردن، ووقع المغرب، خلال شهر أيار 2016، اتفاقًا مع الصين “لإرساء شراكة إستراتيجية”، وتحولت هذه “الشراكة” إلى إغراق أسواق المغرب بالإنتاج الصيني الرديء والرّخيص،  وارتفع حجم الإستثمارات الصينية في المغرب من حوالي 310 آلاف دولارا سنة 2012 إلى 37 مليون دولارا سنويا، بين سَنَتَيْ 2014 و 2016، وتطمح حكومة المغرب لاجتذاب استثمارات صينية في مجال البنية التحتية والطاقة، وخصّص مشروع “مدينة محمد الخامس” (منطقة نشاط صناعي وتجاري) أكثر من أَلْفَيْ هكتار للشركات الصينية التي وَعَدَت باستثمار حوالي مليار دولارا، على مدى عشر سنوات، وهو مبلغ هزيل، وبالتوازي مع ارتفاع الإستثمارات، ارتفع حجم المبادلات التجارية لصالح الصين، ليبلغ نحو أربعة مليارات دولارا، سنة 2016، منها 3,5 مليارات دولارا من الصادرات الصينية نحو المغرب…

تُرَوّج الدعاية الرّسمية إن المغرب يستثمر في إفريقيا (نحو أربعة مليارات دولارا سنة 2017)، والواقع إن الشركات والمصارف التي تستثمر، هي فُرُوع لشركات ومصارف أوروبية، بأسماء وبشراكة مغربية في مشاريع، من ضمنها خط أنابيب نقل الغاز من نيجيريا إلى المغرب، وهو مشروع أمريكي قديم، تخلّت عنه الشركات الأمريكية، بعد انخفاض تكلفة استخراج النفط والغاز الصّخْرِيَّيْن في الولايات المتحدة، وبعد ارتفاع صادرات أمريكا من الغاز الصخري، نحو أوروبا وآسيا، من جهة أخرى، بلغ حجم التبادل التجاري بين المغرب والدول الأفريقية 3,86 مليارات دولارًا، بين سنَتَيْ 2003 و 2017، بحسب وثيقة وزارة المالية أثناء مُناقشات البرلمان بشأن ميزانية 2019… عن أ.ف.ب + رويترز + يو بي آي + موقعهسبرس” من 14 إلى 20/06/2019

سوريا والعراق – “أضرار جانبية” ل”قنابل الحرية“: قبل بداية الحروب العدوانية التي شَنّتْها الولايات المتحدة على شعوب العالم، يَدّعِي الإعلام الأمريكي إن هدف الحرب هو “نشْر الحرية والدّيمقراطية”، وكذا كان الأمر في العراق وفي ليبيا وفي سوريا، حيث ادّعت دعاية الدّول المُعْتَدِيَة إن جيوش حلف شمال الأطلسي سوف تُخَلِّصُ هذه الشعوب التي ارتكبت مجازر (حقيقة أو مُفْتَرَضَة ) ضد فئات من شُعُوبها، ونادرًا ما يعلم جمهور أوروبا وأمريكا بالأهداف الحقيقية للعدوان، كما يُعلن الإعلام، منذ حرب فيتنام، إن “التّدخل” لن يدوم سوى أسابيع، مع الإشارة إن الولايات المتحدة لم تعد تلجأ إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بالإعتداء على البلدان، بل لم تُعْلِن أصلاً عن بداية عدوانها على سوريا، ولم تعلن رسميا عن وجود حوالي 5500 جندي، في حوالي 14 قاعدة عسكرية، ولكنها أعلنت دعم مليشيات إرهابية، ودعم المليشيات الإنفصالية الكُردية…

أعلن قائد القوات الأمريكية في “الشرق الأوسط”، في بداية شهر آذار/مارس 2019، بعد ثماني سنوات من العدوان على سوريا، “إن المعركة ضد تنظيم داعش” (الذي خَلَقَتْهُ أمريكا) “قد تدوم ثلاثين سنة”، رغم خروج نحو ستين ألف شخص من المناطق التي احتلتها هذه المليشيات الإرهابية، وهذا التصريح مُناقِض لتصريحات أمريكية أخرى تدّعِي “القضاء شبه التام على داعش”، بهدف تبرير احتلال شمال شرقي سوريا، وتبرير الدّعم السياسي والعسكري لمليشيات العشائر الكُرْدِيّة…

تعدّدت الوثائق بشأن استهداف الطائرات الأمريكية السُّكّان المَدَنِيِّين المَحَلِّيِّين سواء في فيتنام أو في أفغانستان، أو في ليبيا والعراق وسوريا، وتضطرُّ الولايات المتحدة إلى الإعتراف، من حين لآخر، بوجود عدد من الضحايا، تُدْرِجُهُم في خانة “الأضرار الجانبية” (أو “غير المَقْصُودة”، أو القَتْلى بطريق الخطأ)، مع خفض عددهم إلى العُشُر (الإعتراف بقتيل واحد من بين كل عشر ضحايا)، وأعلن الجيش الأمريكي، يوم الأول من حُزيران/يونيو 2019، تنفيذ أكثر من أربع وثلاثين ألف غارة منذ شهر آب/أغسطس 2014 إلى أواخر شهر نيسان/ابريل 2019، وأدّت هذه الغارات العُدْوانية إلى مقتل أكثر من 1300 مدني في العراق وسوريا، “عن طريق الخَطأ”، منذ العام 2014، بحسب الجيش الأمريكي الذي أعلن ناطق باسمه إنه “يواصل مراجعة 111 ادعاء بوقوع قتلى في صفوف المدنيين”، واتفقت جميع المنظمات الإنسانية، بما فيها منظمة “هيومن رايتس واتش” الأمريكية، شبه الرسمية (مُموّلة من وزارة الخارجية الأمريكية)، إن هذا الرقم أقل بكثير من الرقم الحقيقي، بآلاف عديدة، وترفض الولايات المتحدة تعويض أهالي المتضررين من العدوان ومن الانتهاكات، والإعتقالات والتعذيب، التي تتعرض لها الشعوب (في بُلدانها)، والتي يقوم بها الجيش الأمريكي، والشركات الأمنية المتعاقدة معه، بالإضافة إلى سرقة ونهب الوثائق والآثار، ومُمْتلكات الأُسَر، أثناء المُداهمات الليلية العشوائية، والتهجير والاختطاف… عن وكالة رويترز” (بتصرف) 02/06/2019

 موزمبيق: اكتشفت شركات طاقة غير مشهورة (باستثناء الشركة الإيطالية “إيني”) احتياطيات كبيرة من الغاز، بين سنتَي 2005 و 2013، في الساحل الشرقي لقارة إفريقيا، في مياه المحيط الهندي (الصّومال وكينيا وتنزانيا وموزمبيق )، ولما تأكدت الشركات الكبرى (مثل “توتال” الفرنسية و”اناداركو” و”إكسون” الأمريكيتين و”نوفاتيك” الروسية) من وجود احتياطي هائل، اشترت أُصول الشركات الصغرى، مثل “أُكْسِيدَنْتال”، وقُدِّرَ احتياطي الغاز في موزمبيق بنحو خمسة آلاف مليار متر مكعب (أو حجم استهلاك دولة مثل فرنسا لفترة 120 سنة)، وتعرضت موزمبيق لفيضانات كبيرة، منذ شهر آذار/مارس 2019، أدت إلى قتل ما لا يقل عن ألف مواطن، فيما نَزَحَ مليونا شخص من ديارهم، ولتهدئة الأجواء المَشْحُونة بالغضب المَشْرُوع ضد فَساد الحكومة، والإستيلاء على قُروض مُخصصة للتنمية، أعلن رئيس موزمبيق، يوم الثلاثاء 18/06/2019، أن شركة الطاقة الأميركية أناداركو تعتزم استثمار 25 مليار دولار في تطوير حقول غاز قبالة الساحل الشمالي للبلاد، وهو “أكبر استثمار أجنبي” في تاريخ البلاد، ضمن مشروع الغاز الطبيعي المسال “دولفين تونا”، وتأمل حكومة موزمبيق تحقيق “نهضة اقتصادية” بفضل هذه الثروة، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج سنة 2024 بنحو 12 مليون طن مُكافئ نفط (أي ما يعادل 12 مليون طن من النفط)، أو ما يقارب ضِعْفَ الإنتاج الحالي، كما تتوقع حكومة موزمبيق تشغيل خمسة آلاف شخص في الحقل مباشرة، بالإضافة إلى آلاف الوظائف غير المباشرة، وأن يضاعف إنتاج حقل “دولفين تونا” الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، الذي لا يتجاوز (سنة 2017) 12,3 مليار دولارا، وقدرت مؤسسة “وود ماكنزي” للإستثمارات إيرادات موزمبيق من الغاز الطبيعي، بحلول سنة 2030، بنحو ثلاثة مليارات دولارا سنويًّا، وهو مبلغ صغير، لكنه ضخم مقارنة بحجم الناتج المحلي للبلاد التي تُعَدُّ من أفقر بلدان العالم، والتي لا يتمتع حوالي 80% من سكانها بالتيار الكهربائي، لتتضاعف عائدات الدولة، وفق توقعات صندوق النقد الدولي، والبنك العالمي، وقدّرت شركة “أناداركو” الأمريكية، من جانبها، حجم احتياطات الغاز الطبيعي، التي اكتشفتها الشركة الأميركية، بنحو 75 تريليون قدم مكعب منها حتى الآن، هي “من بين الأفضل والأكبر في العالم”، بحسب ناطق باسم الشركة، التي كلّفتها حكومة موزمبيق ببناء أكبر محطة لتسييل الغاز في قارّة إفريقيا، بتكلفة قدرها عشرون مليار دولارا، لتلبية الطلب على الغاز الطبيعي، الذي سوف يرتفع، خلال السنوات القادمة، رغم انخفاض الأسعار سنة 2019، بحسب توقّعات الوكالة الدّولية للطاقة، وتأمل الشركة بيع الغاز الطبيعي المُسال إلى أوروبا وآسيا…

حَصّنت الصين موقعها في “موزمبيق” منذ سنوات عديدة، وأعلنت إدارة الجمارك الصينية (يوم 15/06/2019) ارتفاع حجم التجارة بين موزمبيق والصين إلى نحو 2,515 مليار دولار، سنة 2018، بارتفاع نسبته 35% مقارنة بسنة 2017، ولم تتجاوز قيمة صادرات موزمبيق 651 مليون دولارا، فيما بلغت صادرات الصين إلى موزمبيق 1,86 مليار دولارا، وعلى سبيل المقارنة، بلغ حجم التبادل التجاري بين أنغولا والصين 27,755 مليار دولارا، سنة 2018، مع العلم إن أنغولا مُنتج ومُصدّر للنفط، وتحاول الشركات والمصارف الأوروبية منافسة الصين في إفريقيا، عبر الإستثمار في الطاقة وتوليد الكهرباء والقُروض المصرفية، وأعلنت شركة “توتال” الفرنسية للطاقة إنفاق ثمانية مليارات يورو في موزمبيق، لتطوير حقل غاز، قد يُنْتِجُ 12,8 مليون طن من الغاز الطبيعي المُسال سنويًّا، وهو من أهم استثمارات الشركة، طيلة عشرين سنة…

من النتائج السلبية لاكتشاف الغاز، مَنْع الصيادين من ممارسة مهنتهم، في المناطق المقابلة لحقول الغاز، وإبعادهم إلى مناطق تبعد ما لا يقل عن عشرة كيلومترات من ساحل البحر، ومصادرة الأراضي التي كانوا يسكنونها، كما أبْعدت الحكومة المُزارعين إلى مناطق تبعد قرابة عشرين كيلومترًا، لتُجْبِرَهُم على الإستقرار في أراضي غير خصبة، وأقل مساحة من أراضيهم المُصادَرَة… عنمرصد الشركات متعددة الجنسية” + رويترز + أ.ف.ب 10 و 19/06/2019

 البرازيل: أكبر دولة في أمريكا الجنوبية، من حيث المساحة، ومن حيث عدد السكان (حوالي 210 مليون نسمة، بنهاية سنة 2018)، ورغم انخفاض نسبة الفقر، لا يزال عدد الفُقراء مرتفعا، ويقدر معدّل نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي بنحو 12 ألف دولارا سنويا، وخفضت حكومة “حزب العمال”، ما بين 2003 و 2015، عدد الفقراء، بفضل برامج اجتماعية، لكن بعد الإنقلاب الدّستوري على الرئيسة “ديلما روسيف”، زاد عدد الفقراء بنحو مليوني شخص سنة 2017، وشهدت البلاد ركودًا اقتصاديًّا، خلال السنتيْن اللتيْن قضاهما “ميشال ثامر” في الرئاسة، وهو من أشْهر السياسيين اللصوص الفاسدين في البلاد، ووَرَدَ في بيان للمعهد البرازيلى للجغرافيا والإحصاءات أنّ عدد الفقراء ارتفع من 52,8 مليون شخص سنة 2016 إلى 54,8 مليون شخص، تحت خط الفَقْر، سنة 2017، أو ما نسبته 26,5% من سكان البلاد، وارتفع عدد البرازيليين الذين يعيشون فى فقر مدفع (أقل من 1,9 دولارا يوميا للفرد)، من 13,5 مليون شخص سنة 2016 إلى 15,2 مليون شخص سنة 2017، أو ما يُعادل 7,7% من السكان، وبلغ معدّل البطالة 12,5% من القادرين على العمل (بنهاية سنة 2017)، وقُدِّرَ عدد العاطلين بأكثر من 14 مليون، بنهاية سنة 2018، وذلك بعد أن وضع الرئيس الإنتقالي “ميشال ثامر” حَدًّا للبرامج الإجتماعية التي أقرّها ونفّذَها “حزب العُمّال” لمكافحة الفقر، عبر السكن والتعليم والرعاية الصحية، أما الرئيس اليميني المتطرف الحالي “جاير بولسونارو” فقد أعلن تأجيل سن التقاعد إلى 65 سنة للرجال وإلى 62 سنة للنساء، وإلغاء النظام التّكافلي في الرعاية الصحية والتقاعد، مما أدى إلى احتجاج السّكّان، واعلنت النقابات إضرابًا عامًّا، شل الحركة، يوم 14 حزيران/جوان 2019، وشارك في الإضراب نحو 45 مليون عامل وموظّف، ضد ارتفاع نسبة البطالة إلى 14% من قُوّة العمل، وضد خصخصة شركات القطاع العام، وفي مقدمتها شركة النّفط “بتروبراس”، وضد خفض ميزانيات التعليم والصحة والبرامج الإجتماعية، وإلغاء بعض حُقُوق اكتسَبَها العاملون بعد نضالات عديدة، ومن بينها الحق في العلاج ومنحة الأرامل، ومنحة المعاقين، وغيرها…

ينتمي الرئيس الحالي “جاير بولسونارو” سياسيًّا لليمين المتطرف، بدعم من الطائفة الإنجيلية (المسيحيون الصهاينة)، ومن رأس المال والإعلام الذي تُهيمن عليه الكنيسة والشركات والمصارف، وهو ضابط متقاعد، ويعبّر عن أسَفِهِ لنهاية حكم العسكر (إثر انقلاب 1964 وحتى سنة 1985 )، وعبّر عن إعجابه بالرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ويدعم الكيان الصهيوني، ويعتزم نقل سفارة البرازيل من تل أبيب إلى القدس، وشَجّعَ انتخابُهُ الشرطة وعصابات الجريمة على ارتكاب مزيد من الإغتيالات وجرائم القَتْل ضد الفُقراء، وتتعلّلُ الشرطة بتجارة المخدّرات، لإطلاق النار، وقَتْل أبناء الأحياء الشعبية وضواحي المدن الكُبْرَى… عن الإتحاد النقابي (CNQ/CUT ) – الإتحاد العالمي للنقابات أ.ف.ب 17/06/2019

 روسياخسائر الحرب التجارية: أعلن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” إن تقييد التجارة، والعقوبات المُتبادَلَة، منذ 2014، بين روسيا، من جهة، والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، من جهة ثانية، أَدّى إلى خسارة روسيا 50 مليار دولارًا، فيما خسر كل من الاتحاد الأوروبي 240 مليار دولار، والولايات المتحدة 17 مليار دولار، واليابان 27 مليار دولار، ولا يتوقَّع الرئيس الروسي أي تغييرات في موقف “الغرب” تجاه روسيا، لأن الهدف، حسب رأْيِهِ، مما اضطر روسيا إلى تقديم تنازلات، كانت ترفضها منذ أكثر من عشر سنوات، خلال محادثاتها التجارية والإقتصادية مع الصين، المُسْتَهْدَفَة بدَوْرِها من قِبَل أمريكا، من خلال “العُقوبات” (كأن الصين ارتكبت مُخالَفَة، وكلّفَتْ أمريكا نَفْسَها بمعاقبتها) و”الحَظْر” اللَّذَيْنِ تفرضُهُما الولايات المتحدة على مُنافِسِيها وخُصُومِها، ضد منطق “حرية التجارة” و”حرية الأسواق” و”المُنافَسَة الحُرّة” و”عدَم تدخّل الدّولة في تحديد الأسعار”، وغير ذلك من المُغالَطات التي ابْتَدَعَتْها الرأسمالية، وتنازلت روسيا عن بعض الشُّرُوط، وعقدت اتفاقيات مع الصّين، في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والإستثمار، بهدف الإلتفاف على “العُقُوبات الغربية”، وفْقَ تعبير الرئيس “بوتين”، وترمي هذه “العُقُوبات” إلى تعطيل تَطَوّر البُلْدان، وإلغاء المُنافَسَة، وإن كانت هذه المُنافَسَة في إطار النّظام الرأسمالي… عن موقع قناةروسيا اليوم20/06/2019

 الصين وروسيا، بدائل داخل النظام الرأسمالي: شكّلت أزمة 2008 نقطة تحول في طبيعة العلاقات بين روسيا والصين، حيث كانت روسيا تعتمد على تصدير النفط والغاز والمواد الخام، وأدت الأزمة إلى تباطؤ الإقتصاد العالمي، وانخفاض إيرادات روسيا، إلى أن انهارت أسعار النفط والطّاقة والمواد الأولية، منتصف سنة 2014، وأدّت التّغْيِيرات في السياسة الرُّوسية، بعد الخلافات الحادة مع حكومة أوكرانيا، التي نصّبتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بالقوة، بدعم من المليشيات الفاشية، إلى استعادة روسيا شبه جزيرة “القرم”، وإلى التوجُّه نحو الصين، مع التّنازل عن بعض المطالب أو الشروط، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول لروسيا، بدلاً من ألمانيا، وبالنظر إلى اعتماد “اليوان” الصيني كعملة احتياطية في صندوق النقد الدولي، اتفقت الحكومتان على المقايضة، واعتماد العملة المحلية (الروبل/ اليوان)، لِتَجَنُّبِ استخدام الدولار، وساهمت الحرب التجارية التي أعلنها “دونالد ترامب” في تقريب المواقف، بين الصين وروسيا، بشأن الملفات الإقليمية والقضايا الدولية، وتعددت زيارات الرئيس الصيني إلى موسكو، (ثمانية زيارات بين 2013 ومنتصف 2019)، والتقى الرئيسان الروسي والصيني ثلاثين مرة، خلال ست سنوات، وتوطّدت العلاقة بين الدولَتَيْن، كلما توترت علاقاتهما مع الولايات المتحدة، وبدأت وسائل إعلام البلدَيْنِ تُشِير إلى “تحالف استراتيجي” مصْلَحِي، استَوْجَبَتْهُ الضّرُورة، يهدف إلى مُقاومة الهيمنة والغطْرَسَة الأمريكية، وبالأخص بعد نَشْر الحكومة الأمريكية وثيقة بعنوان “استراتيجية الأمن القومي الأمريكي (نهاية 2018)، التي تعتبر “إن الصين وروسيا تتحديان مصالح وقوة وتأثير الولايات المتحدة، بتحالفهما”، واعتبر مدير المخابرات الأمريكية (شباط/فبراير 2019) “إن تحالف الصين وروسيا يتحدّى قيادة أمريكا للعالم، عبر السّعْيِ لفرض نظام دولي جديد متعدد الأقطاب خلفا للنظام القائم حاليا”، وأصبحت الصين وروسيا تسْعَيان إلى ضَمِّ دول جديدة للمنظمات الإقليمية، مثل “منظمة شنغاي للتعاون”، التي تأسست سنة 2001، وانضمت إليها الهند وباكستان، سنة 2017، ونسقت الصين وروسيا مواقفهما، داخل مجموعة “بريكس”، المُهدّدَة حاليا، بخروج البرازيل، بعد انتخاب رئيس يميني متطرف، وضابط سابق، يُمجّد الحكم العسكري للبرازيل (1964 – 1987)، وأنشأت الصين، من جهتها “مبادرة الحزام والطّريق”، التي ضمّت الجمهوريات السوفييتية السابقة، في آسيا الوُسْطَى، وعددًا متزايدًا من البلدان، بهدف فك الحصار الأمريكي…

يُقَدّر حجم الإقتصاد الرّوسي بنحو 1,6 تريليون دولارا، بينما يبلغ حجم اقتصاد الصين، نحو 13,5 تريليون دولارا، وتُعْتَبَرُ الصّين قوة اقتصادية وصناعية عظمى، أما اقتصاد روسيا فَبَقِيَ ريعِيًّا، يعتمد على إيرادات النفط والغاز والمواد الأولية، واهتمت الصين، خلال السنوات الأخيرة بالإنفاق العسكري، لتطوير الجيش والعتاد، وبلغت قيمة الإنفاق العسكري الصيني 250 مليار دولارا سنة 2018 (حوالي رُبع الإنفاق الأمريكي)، بينما وصل الإنفاق العسكري الروسي، خلال نفس السنة (2018) إلى 61,4 مليار دولارا، أو حوالي 8% من الإنفاق الأمريكي، وتحاول الولايات المتحدة إبراز هذه الفُرُوقات بين روسيا والصين، لتستنتج إن التحالف بينهما غير قابل للإستمرار، والتحول إلى تحالف استراتيجي… لا تطمح روسيا والصين سوى لتقاسم النفوذ مع الولايات المتحدة، ولا تطمحان لأكثر من إصلاح النظام الرأسمالي، من خلال ما عُرِفَ ب”عالم متعدد الأقطاب”، خلافًا للقُطْب الواحد الذي تقُودُهُ وتُهيْمِنُ عليه الولايات المتحدة… عن بي بي سي + موقعفايننشال تايمز17/06/2019

 الصين: أدّت التحولات الهيكلية في الاقتصاد والمجتمع الصيني، خلال أكثر من ثلاثة عُقُود، إلى تعميق الفجوة الطبقية وعدم المساواة، وتغيَّرَتْ تركيبة العاملين، فمن مجتمع زراعي بين 1949 ومنتصف عقد السبعينات من القرن العشرين، إلى مجتمع صناعي، خلال الفترة 1980 – 2008، إذْ نَزَح ما لا يقل عن 200 مليون من صغار الفلاحين الذين فَقَدُوا الأرض، مصدر رزقهم، نحو ضواحي المُدُن الكبرى الصناعية، ولكن قطاع الخدمات تطور منذ الأزمة الإقتصادية العالمية، ليُشكل العاملون به أغلبية نسبية، وورد في خطة الحكومة إنها تعتزم توفير أكثر من 11 مليون وظيفة جديدة، في المناطق الحضرية هذا العام (2019)، وأعلنت البيانات التي نشرها مكتب الإحصاءات إحْداث قرابة ستة ملايين وظيفة، بين كانون الثاني/يناير و أيار/مايو 2019، أو إنجاز حوالي 54% من أهداف الحكومة في التّوظِيف، ولكن الحكومة الصينية تُشكّل المَصْدَر الوحيد للبيانات التي تُشبه الدّعاية والإشهار السياسي، وجاء في هذه البيانات الحكومية إن الدولة تستهدف عدم تجاوز نسبة البطالة في المناطق الحَضَرِيّة 5,5% سنة 2019… مثل العاملون في قطاع الصناعة الأولية (المناجم والمواد الأولية) نحو 26,1% من إجمالي العاملين، والصناعة التحويلية 27,6% والخدمات 46,3% من الحجم الإجمالي للعاملين، سنة 2018، وخلق الإقتصاد نحو 11 مليون وظيفة جديدة، أما في المنطق الريفية، فقد بلغ عدد العاملين 288,36 مليون عامل، من إجمالي أكثر من 750 مليون عامل في البلاد…

ينتشر الفقر في المناطق الريفية، رغم إعلان الحكومة القضاء على الفقر، الذي يُشكل دافعًا للهجرة نحو المناطق الحَضَرِية، بحثًا عن عَمَل، ويضطرُّ الأطفال إلى العمل، لمساعدة أُسَرِهِم على تحمّل المصاريف ومُتَطَلّبات العيش، وأعلنت الحكومة تخصيص مبلغ 18,7 مليار دولارا، ضمن خطة لخفض عدد الفُقراء (المُعترف بهم)، من ثلاثين مليون سنة 2017 إلى صفر، سنة 2020، عبر بناء الطرقات والمساكن، لتثبيت القاطنين في الأرياف، وتدريبهم لتعلّم مختلف المِهَن، وخصصت الدولة مبلغ 1,5 مليار دولارا، لنَقْلِ مائة ألف شخص من القرى الريفية إلى ضواحي المدن بنهاية العام 2019 لتستحوذ الدولة على الأراضي (الأرض في الصين ملك للدولة)، من أجل إقامة مشاريع زراعية تديرها الدولة… عنشينخوا” + “بلومبرغ” – موقع صحيفةفاينانشيال تايمز”  15 و 17/06/2019

الهند: تغلغلت الولايات المتحدة في الهند، بعد انتقال الحكم من حزب المُؤْتمر إلى حزب “بهارتيا جاناتا” اليميني المتطرف، مما جعل روسيا تُعْلِن “إعادة النّظَر في مُسْتَوَى التعاون العسكري والتقني مع الهند”، التي تمتّنت علاقاتها مع الولايات المتحدة (والكيان الصهيوني،  “ومع باكستان” التي أصبحت “حليف الضرورة” للصين، بعد الخلافات مع أمريكا بشأن معالجة نتائج الإحتلال الأمريكي لأفغانستان…

كانت الهند حليفة للإتحاد السوفييتي، بينما كانت باكستان بمثابة قاعدة عسكرية للولايات المتحدة، ولكن تطورت العلاقات مع الصين، التي دعمت باكستان خلال حرب انفصال بنغلادش (المدعومة من الهند) عن باكستان سنة 1971، ثم تحولت الهند تدريجيًّا إلى الصف الأمريكي، وأقْصت صناعة السلاح الروسية من ست مناقصات، بالتوازي مع تحول اقتصاد الهند نحو النموذج الرأسمالي الليبرالي، وأصبحت وزارة الحرب الأمريكية (بنتاغون) تولي أهمية خاصة لمكانة الهند في الإستراتيجية العسكرية الأمريكية، في قارة آسيا، ومَنحت أمريكا موطئ قدم للهند في أفغانستان (تدريب قوى الأمن واستغلال بعض المناجم…)، إلى أن قرّرت الولايات المتحدة إقامة شراكة استراتيجية مع الهند، ورفع جميع القُيُود على تصدير التقنية النووية، سنة 2006، ممّا عَزَّزَ التعاون العسكري، مع حصول الهند على تقنيات ومعدات عسكرية أمريكية متطورة، وتَعَزَّزَ التعاون في مجالات الإتصالات والفضاء، وفي المقابل فتحت الهند سوقها الضخمة أمام الشركات المَدَنية والعسْكرية الأمريكية…

رغم “الإنفتاح” الهندي، ودخول الشركات الأمريكية بقوة في كافة مجالات الحياة، أعلنت حكومة الولايات المتحدة، سحب “امتيازات تجارية” كانت تمنحها للهند (التي تحاول استغلال الحرب التجارية لصالحها)، وشطب الهند من قائمة الدول التي تحظى بأفضلية تجارية، وتُعدّ الهند أكبر دولة مستفيدة من برنامج “الأفضليات المُعَمَّم”، الذي سمح لها بتصدير سلع معفية من الرسوم الجمركية، نحو أمريكا، بقيمة 5,7 مليارات دولار سنة 2017، وفق بيانات نشرها الكونغرس الأميركي، وردّت الهند بفرْضِ رسومٍ إضافية على 28 سلعة أميركية، بدءاً من يوم الأحد 14 حزيران/يونيو 2019، وأظهرت حكومة الهند انتهازية استثنائية، إذ أَعَدّت وزارة التجارة الهندية قائمة تضم 354 سلعة هندية يمكن الاستفادة منها، وسط الحرب التجارية بين أمريكا والصّين، أكبر اقتصادين في العالم، من بينها 151 سلعة قد تمثل بديلاً استراتيجياً للسلع الأميركية إلى الصين، والتي تضم مضادات حيوية وكيماويات ومحركات الديزل، و 203 سلعة أخرى قد تمثل اهتماماً لأميركا بدلاً من سلع صينية، ومن بينها المطاط وأنابيب الغرافيت والصمامات الصناعية، وقَدّر الباحثون (الهنود) قيمة الصادرات الإضافية إلى الصين وأمريكا من هذه السلع بقيمة تتراوح بين خمسة وإحدى عشر مليار دولارا، مما يخفف من عجز الميزان التجاري الهندي مع الصين البالغ خمسين مليار دولارا (نيسان/ابريل 2019)، أما بخصوص المعاملات مع الولايات المتحدة، فيَمِيل الميزان التجاري لصالح الهند بقيمة تُعادل نحو 27 مليار دولارا، خلال السنة المالية 2017/2018، وصدرت الولايات المتحدة منتجات بقيمة 142,1 مليار دولار إلى الهند سنة 2018، وقُدّر العجز التجاري الأمريكي مع الهند، خلال نفس السنة بنحو 24,2 مليار دولارا، بحسب البيانات الرسمية المنشورة من الجانبَيْن، ويأتي القرار الأمريكي في ظرف غير مُواتي لحكومة الهند، إذْ أظهرتْ أرقام رسمية نشرت يوم الجمعة 12 حُزيران/يونيو 2019، تَباطُؤَ النمو الهند، للفصل الثالث على التوالي مسجلًا 5,8% خلال الرّبع الأول من سنة 2019، فيما سجلت البطالة أعلى معدلاتها منذ 45 عامًا…

أعلن رئيس حكومة الهند، يوم السبت 13/06/2019 إن العلاقات بين الهند والولايات المتحدة جيدة، خصوصًا منذ تنصيب “دونالد ترامب” رئيسًا، لكن الولايات المتحدة تريد السيطرة على السوق الهندية الضخمة (1,3 مليار نسمة)، وعلى تجارة التجزئة، التي لا تزال حكومة الهند تُقَيِّدُ استفادة الشركات الأجنبية منها، وتعمل حكومة الولايات المتحدة على تعزيز العلاقات مع الهند، التي تَعْتَبِرها “قوةً قادرةً على مواجهة الصين”، لكن الإدارة الأمريكية نشرت تحذيرات لحكومة الهند (يوم 19/06/2019) من “نَقْلِ أي تكنولوجيا أمريكية لشركة (هواوي) الصينية”، لأن شركة “هواوي” تعتمد بدرجات متفاوتة على الموردين الأمريكيين في إنتاج الكمبيوتر المحمول، حيث يعمل الكمبيوتر المحمول الذي يعمل بنظام التشغيل “ويندوز” المملوك لشركة “مايكروسوفت” الأمريكية، ويستخدم رقائق من إنتاج شركة “إنتل” الأمريكية المُستقرة في تل أبيب، وتحاول الولايات المتحدة خَنْقَ شركات التكنولوجيا الصينية، وحرمانها من الحصول على الكثير من احتياجاتها من شركات التكنولوجيا والإلكترونيات الأمريكية مثل “كوالكوم” ومايكروسوفت” و”إنتل” و”غوغل”… عن وكالات أ.ف.ب + يو بي آي + رويترز + بلومبرغ  من 01 إلى 17/06/2019

 أوكرانيا، بيْدق في رُقْعَة الشِّطْرَنْج الأمريكية؟ جدّدت حكومة أوكرانيا (وهي جمهورية سوفييتية سابقة) أسلحتها، واستبدلت حكومتها معظم السلاح السوفييتي والروسي بسلاح أمريكي وصهيوني، فيما أصبحت البلاد محطة هامة للبوارج الحربية للجيش الأمريكي ولجيوش حلف شمال الأطلسي، على حُدُود روسيا، وسلّمت الولايات المتحدة في 20 أيار 2019 رادارات حديثة مضادة للمدفعية، “لمساعدة أوكرانيا على رَصْدِ وتدمير أهداف مُعادية”، وأشار نائب رئيس الأركان الأوكراني “إن المساعدات التقنية العسكرية الأمريكية تمكّن أوكرانيا من مكافحة المعتدي بشكل فعال”، في تهديد مُبَطّن لروسيا، وأكد ناطق باسم وزارة الحرب الأمريكية، يوم 29 أيار 2019 “إن الولايات المتحدة مُلْتَزِمَة منذ أكثر من عشر سنوات بتزويد أوكرانيا بالأسلحة، لمجابهة روسيا”، التي وصَفَها المبعوث الأمريكي الخاص للمفاوضات في أوكرانيا “كورت فولكر” بأنها “دولة غازية، ونحن (أمريكا) ندعم أوكرانيا للدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها”، وكان الرئيس الأوكراني الجديد، المُهرّج “فولوديمير زيلينسكي” قد أعلن خلال كلمته في حفل تنصيبه أن “حل الصراع سيكون على قمة قائمة أولوياته”، وأعلن ناطق باسم وزارة الحرب الأمريكية “بنتاغون”، يوم الثلاثاء 18/06/2019 منح مساعدة عسكرية لأوكرانيا بمبلغ 250 مليون دولار، “لتعزيز القدرات البحرية والبرية لأوكرانيا”، مما يرفع قيمة المساعدات العسكرية المُعْلَنَة، التي تقدمها الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ 2014 إلى 1,5 مليار دولار، كما حصل الجيش الأوكراني على أسلحة، وأجهزة رادار، حسب بيان “بنتاغون”، وتشترط الولايات المتحدة (في مقابل “المُساعدات”) إنجاز ما تُسميه “إصلاحات اقتصادية وسياسية، وإصلاح المؤسسات، بهدف مواءمة الجيش والسلاح الأوكراني مع مبادئ وأهداف أوروبا، والحلف الأطلسي”، إذ تضغط الولايات المتحدة على الإتحاد الأوروبي، ليَضُمّ إليه أوكرانيا وجورجيا، المُواليتَيْن للسياسة العدوانية الأمريكية، ضد روسيا، وضد شعوب العالم…

تَزَامَنَ إعلان هذه “المنحة” الأمريكية (بقيمة 250 مليون دولارا) مع إعلان الرئيس الأوكراني، المُهَرِّج “فولوديمير زيلينسكي” يوم الإربعاء 19/06/2019 اسْتِحْسانَهُ لقرار القضاء الهولندي توجيه اتهامات بالقتل لأربعة مشتبه بهم في قضية سقوط طائرة الخطوط الجوية الماليزية في الرحلة إم.إتش 17 (بين أمستردام عاصمة هولندا وكوالالمبور، عاصمة ماليزيا) في شرق أوكرانيا يوم 17 تموز/يوليو سنة 2014، وأسفرت عن مقتل 298 مسافر، معظمهم من هولندا، مؤكداً تطلعه إلى محاكمتهم، بينما وصفت وزارة الخارجية الرّوسِيّة قرار الإتهام الهولندي (لثلاثة عسكَرِيِّين روس وأوكراني واحد)، بأنه فاقد للمصداقية، ومُنْحاز وأحادِيّ الجانب، ولا يستند إلى أي أساس، ولم يعرض الإتهام أي دليل ملموس، وتَجاهَلَ فريق التّحْقِيق المعلومات التي قَدّمَها الجانب الرُّوسِي، ويهدف القرار إلى تشويه صورة روسيا لدى شُعُوب العالم، ويتركب فريق التحقيق من خبراء من هولندا وأستراليا وماليزيا وبلجيكا وأوكرانيا، ووقع إقْصاء روسيا، منذ بداية التّحقيق، وادعت حكومة هولندا إن روسيا لم تُبْدِي تعاونا مع فريق التحقيق…

تضغط الولايات المتحدة على الإتحاد الأوروبي لقبول عضوية أوكرانيا، رغم عدم توفر الشروط، وهو ما حصل مع كافة دول أوروبا الوسطى والشرقية، واعلن رئيس أوكرانيا، يوم الثلاثاء 18/06/2019، في تصريح لصحيفة “بيلد”، قبل لقائه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، رغبة حكومته انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، سريعًا…

تعددت المشاكل والخلافات بين روسيا وأوكرانيا، منذ الإنقلاب، في بداية سنة 2014، على الرئيس الأوكراني المنتخَب ديمقراطيًّا “فيكتور يانوكوفيتش”، واحتلال مبنى البرلمان من قِبَلِ مليشيات اليمين المتطرف المدعومة من أمريكا والكيان الصهيوني والإتحاد الأوروبي، بعد رَفْضِ الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش” التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2013، لأن شُرُوط الإتفاق مُجْحِفَة، مفضلا مساعدات تقدر قيمتها بنحو 15 مليار دولار تعهد الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بتقديمها لاوكرانيا، وانطلقت احتجاجات اليمين واليمين المتطرف الموالي لأوروبا وأمريكا، بذريعة “رَفْضِ الهيمنة الروسية”، والاصرار على الانضمام الى اوروبا، وتدخّل السفير الأمريكي مُباشرة في الصراع، كما دعمت وزارة الخارجية الأمريكية، والمنظمة الحكومية “يو إس آيد” المحتجّين، ماليا وسياسيا، وإعلاميا، واستخدمت إحدى المليشيات اليمينية المتطرفة (وريثة مليشيا تعاونت مع الإحتلال النازي، خلال الحرب العالمية الثانية) السّلاح الذي قَتَل ما لا يقل عن ثمانين من الشرطة والمتظاهرين الداعمين للرئيس “يانونكوفيتش”، الذي فَرّ إلى روسيا، بعد تهديد حياته، وهيمنت المعارضة على السلطة، وأطردت النّواب المُنْتَخَبِين، بإشراف مساعدة وزير الخارجية الاميركية “فيكتوريا نولاند”، والسفير الاميركي في كييف “جيفري بيات”، اللَّذَيْنِ عَملا على إقصاء الإتحاد الأوروبي، والتّفرّد بالتّحكّم بمصير أوكرانيا، رغم معارضة ملايين المواطنين الأوكرانيين الذين يسكنون خارج العاصمة “كييف” للهيمنة الأمريكية، وخاصة سُكّان شرق البلاد، الذين يتكلمون اللغة الروسية، ولكن نجحت الولايات المتحدة في إزاحة إسقاط حكومة الرئيس “فيكتور يانوكوفيتش” المنتخب ديمقراطيا، وإزاحة أعضاء الأغلبية البرلمانية، المنتخبة ديمقراطيًّا أيضًا، واستخدم المُوالون لأمريكا العنف المُسلّح لإلغاء نتيجة الإنتخابات، وإقصاء المُنْتَخَبِين…

يَمُرُّ الغاز الروسي عبر أوكرانيا، لتزويد أوروبا، وأدّت الخلافات بين روسيا وأوكرانيا (التي لم تُسدّد مستحقات استهلاكها للغاز الروسي) إلى قطع شركة “غازبروم” إمدادات الغاز، وأعلن بيان لمجلس إدارة “غازبروم” (19/06/2019) إن الشركة عرضت على الجانب الأوكراني، منذ كانون الثاني/يناير 2019، في إطار اتفاقية تسوية بخصوص المنازعات الجارية في محكمة ستوكهولم للتحكيم، العودة إلى نقطة الانطلاق، وإجراء المفاوضات “من الصفر”، إلا أن الجانب الأوكراني (المدعوم من أمريكا) يُصِرُّ على  تغيير صيغة اتفاقية التسوية، مما قَوّضَ شروط مناقشة اتفاقية التسوية، من جهة أخرى تُجْرِي شركة “غازبروم” مفاوضات مع حكومة بولندا (يمين ديني متطرف، موالي لأمريكا) حول إمكانية تجديد عقد مرور الغاز الروسي من أراضي “بولندا”، والذي ينتهي في الربع الثاني من سنة 2020، ويُجْرِي الإتحاد الأوروبي مفاوضات (تحت رقابة أمريكية) مع شركة “غازبروم” بشأن وصول الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، لأن العقد الحالي ينتهي مع نهاية العام 2019، وبذلت روسيا جهودًا كبيرة، وقدّمت تنازلات، لبناء خطا أنابيب الغاز الألماني الروسي “السَّيْل الشمالي” أو “نورث ستريم 2″، وخط الأنابيب الجنوبي، الذي يمر من تركيا، “السّيل التّركي” أو “تركش ستريم”، وتهدف روسيا تفادي عبور أوكرانيا، التي تحاول ابتزاز روسيا، وبذلك تُحْرَم أوكرانيا من عائدات الرّسوم على عُبُور الغاز الرّوسي… في الأثناء، أقر الكونغرس الأمريكي رفع الحظر عن تصدير النفط والغاز، وأصبحت أمريكا تُزَوِّدُ أوروبا وآسيا بالغاز الصخري، وهو أقل جودة وأعلى ثمنًا من الغاز الروسي، لكن أمريكا تستخدم الضغط والتّهديد، لفَرْضِ غازها الصخري على العالم، ويدعم الرئيس الأوكراني المُهَرِّج تهديدات أمريكا بفرض عقوبات على الشركات التي تُساهم بإنجاز خط الانابيب “نورث ستريم2″، بل طلب رئيس أوكرانيا تشديد العقوبات على روسيا، وبعقوبات اقتصادية جديدة ضد روسيا، في تصعيد تُحَرِّكُه الولايات المتحدة “من وراء السّتار”… عن أ.ف.ب + رويترز 18 و 19/06/2019

 أوروباهجرة: للتذكير، لم تَسْتَضِفْ أوروبا في تاريخها أكثر من 10% من النازحين واللاجئين والمُهاجرين في العالم، ولكنها الأكثر عُواءً، وأقَرَّ البرلمان الأوروبي، يوم الإربعاء 17 نيسان/ابريل 2019 قانونًا جديدًا يتضَمَّنُ إنشاء قُوّة عسكرية إضافية ودائمة، من عشرة آلاف جندي، لمراقبة حدود الاتحاد الأوروبي البَحْرِيّة (أي في البحر الأبيض المتوسّط) لِتُضاف هذه القوة إلى الآلاف من حرس الحدود وخفر السّواحل، وبوارج الولايات المتحدة، والحلف الأطلسي، ودول الإتحاد الأوروبي، التي تجوب البحر الأبيض المتوسط، وتتعلل الدول الأوروبية ب”الهجرة غير الشرعية”، التي يعتبرها اليمين المتطرف “غَزْوًا” و”استبدالاً مُتسارِعًا للسكان المسيحيين البيض بمهاجرين عرب وسود ومسلمين”، ودعمت الحكومات الأوروبية (يمينية صَرِيحَة أو “ديمقراطية اجتماعية” ) أطروحات اليمين المتطرف، بتأسيس “الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية” (فرونتكس) سنة 2005، ومَقَرُّها “وارسو”، عاصمة بولندا، وعززت قُدراتها المالية والتقنية والبشرية سنة 2016، لتصبح قوة عسكرية قارّة، أو دائمة (وليست مُؤقّتة، كما ادّعى الإتحاد والبرلمان الأوروبيَيْن، في بداية تأسيسها)، وتتلخّص مُهمّتها في “وَقْفِ تدفُّق المُهاجرين”، وتمتلك “فرونتكس” سفنًا حربية وطائرات مروحية، وطائرات مراقبة، ورادارات متطورة، وأجهزة تصوير (كاميرا) ليلي، وأجهزة اتصالات ومراقبة حديثة،  وتُخَطِّطُ لنشْر عناصر وأجهزة مُراقبة خارج الاتحاد الأوروبي، من موريتانيا إلى مصر، وبناء معتقلات في هذه البلدان، للمهاجرين، قبل أن يعبروا البحر الأبيض المتوسط، أو الذين تُرحِّلُهُم دول الإتحاد الأوروبي، كما قرر الإتحاد الأوروبي إنشاء قوات احتياطية مُسلحة ومُجَهّزة، تحت إسم “احتياطي الرد السريع”، لتنفيذ التدخلات “الطارئة عند الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي”، بداية من كانون الثاني/يناير 2021، بحسب المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة…

اعتبرت بعض دول الإتحاد الأوروبي (بولندا والمجر ورومانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا…) أنّ “حماية الحدود الخارجية غير كافية”، فأعادت تشديد المراقبة على الحدود الداخلية للإتحاد، في منطقة “شنْغن” التي يُفترض إنها مفتوحة، وتسري داخلها حُرِّيّة التنقّل… عن أ.ف.ب + د.ب.أ (ألمانيا) 21/06/2019  

 أمريكا: استمرَّ نمو الإقتصاد الأمريكي لقرابة عشر سنوات، بشكل قياسي، منذ انهيار الإتحاد السوفييتي والعدوان على العراق سنة 1991 إلى غاية 2001، وارتفع حجم الاقتصاد الأميركي (أي الناتج المحلي الإجمالي) خلال تلك الفترة، بنسبة 43%، ثم عاد الإقتصاد للنمو بين 2009 و 2019، بفضل ضخ المال العام في خزائن المصارف والشركات الكُبرى، فيما سُمِّي سياسة “التّحْفِيز المالي” (أو التَّيْسِير الكمِّي)، وارتفع حجم إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة بنسبة 22% خلال الربع الأول من سنة 2019، لكن النّمُوّ لا يؤدّي إلى تحسين معيشة العُمّال والأُجَراء، بل لم يستفد سوى رأس المال من هذا النمو بنسبة 43% بين سنتَيْ 1991 و 2001، أما حصة العمال، والموظفين والأُجَراء بشكل عام، وهم أغلبية السكان،  من الدخل القومي، فقد انخفضت خلال نفس الفترة ومن نسبة 68,9% سنة 1991 إلى 66,4% سنة 2001، ثم انخفضت حصة العُمال بحوالي نقطة مائوية، كل ست سنوات بعد ذلك، وتُلِحُّ الإدارة الأمريكية (ومؤسساتها)، على انخفاض معدّل البطالة خلال السنوات العشرة الماضية ( 2009 – 2018 ) إلى 3,6%، وانخفاضه بنهاية أيار 2019، إلى أدنى مستوى في نصف قرن، بسبب الحوافز التي تمنحها الدولة إلى أرباب العمل، لتشغيل الأقل تعليماً، وتأهيلاً، و”الأقليات العرقية”، والعمال من كبار السّن، وغيرهم من العُمّال الذين يتقاضوْن رواتب ضعيفة جدا، فيما تُكَمّل الدولة دخلهم الضعيف، بتوزيع قسائم الغذاء، بعد تقرير شامل بشأن كل منهم، من مكاتب العمل الإجتماعي، ويُطالب عُمال الشركات الكُبْرى الأميريكية العابرة للقارات ( من بينها ماكدونالدز، وكوكاكولا، وولمارت…) منذ 2015، برفع أَجْر ساعة العمل من 7,25 دولارا إلى 15 دولارا، أما انخفاض معدلات البطالة فيعود بشكل أساسي إلى عدم احتساب الأشخاص الذين توقفوا عن البحث عن عمل أو الذين يعملون بدوام جزئي مفروض (أي إنهم يفضلون العمل بدوام كامل)، ضمن مؤشرات البطالة، وتفوق نسبة هؤلاء 10,8% من إجمالي قوة العمل (القادرين على العمل) الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 54 سنة، وتعتبرهم مؤشرات الحكومة الأمريكية “خارج قوة العمل” (بنهاية شهر نيسان/ابريل 2019)، بحسب مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة، وأشارت عدة دراسات جامعية إلى إحْجام العُمال عن المطالبة بالزيادة في الرواتب، خوفًا من التّسْرِيح، وتُفنِّدُ هذه الأرقام دعاية الحكومة الأمريكية بشأن “التوظيف الكامل”، أي انخفاض مستوى البطالة إلى أقصى حد، وانخفاض فترة البقاء بدون عمل، كما تُفنّد خُرافة “استفادة الجميع من نمو الإقتصاد”…

يتهدّد “الإنْكِماش” اقتصاد الولايات المتحدة، بسبب التوترات التي انجَرّت عن الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب، ضد الصين، وضد بقية العالم، من حُلفاء ومنافسين وخُصُوم، فتأثر اقتصاد الصين، لكن تأثر اقتصاد الولايات المتحدة أيْضًا، خُصُوصًا بعد فَرْضِ تعريفات جمركية مُرْتَفِعَة على السلع الواردة من المكسيك، لأن شركات أمريكية عديدة تعتمد على وارداتها من السلع والمحاصيل الرخيصة القادمة من المكسيك، وبعد رفع الرسوم الجمركية انخفض مؤشر مشتريات التصنيع الأمريكي، خلال شهر أيار/مايو 2019، إلى أدنى مستوى له منذ شهر أيلول/سبتمبر 2009، في حين ارتفع تجاوز العائد على سندات الخزانة (لحد يوم الثالث من حزيران/يونيو 2019)، مما يُؤَشِّرُ إلى قُرْب حدوث ركود (ربما في النصف الثاني من سنة 2019)، بحسب بيانات الشركة المالية “جي بي مورغان تشيز”… عن مصرفجي بي مورغان” –  وكالةبلومبرغ08/06/2019 (بتصرف)

طاقة: تتأثر أسعار المواد الأولية الخام، صُعُودًا ونُزولاً (من بينها النّفط)، بالأحداث السياسية والإقتصادية، بينما لا تتأثّر المواد المُصنّعة التي تُنْتِجُها الدول الرأسمالية المتطورة بنفس الأحداث، بل هي في ارتفاع مُستمر (السيارات والتجهيزات والآلات…)، واضطرت الدول المصدرة للنفط لخفض الإنتاج، للمحافظة على أسعار برميل النّفط الخام، بعد انهيار الأسعار منذ منتصف حزيران 2014، وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار البرميل بالكاد، بنسبة 1% يوم الجمعة 12/04/2019 بدعم من تخفيضات غير طوعية في الإمدادات من فنزويلا وإيران (التي تخضع لعقوبات أمريكية ظالمة)، وبسبب الصراع في ليبيا، الذي تُحَرِّكُهُ دول أجنبية، تعمل على السيطرة على ثروات البلاد (من بينها فرنسا وإيطاليا)، ونشرت الصين بيانات تُظْهر نُمُوًّا يجعل الطلب على النفط مُستقرًّا، أو قد يرتفع قليلاً، كما تأثّرت أسعار النفط (إيجابًا) بارتفاع الطلب على أسهم الشركات العالمية، والمصارف، مثل مصرف “جي بي مورغان” الذي حَقّقَ أرباحًا هامّة، وأدّت مجمل هذه البيانات إلى ارتفاع أسعار النفط بنحو 30% منذ بداية سنة 2019، بفضل استجابة روسيا لطلب منظمة “أوبك”، بخفض الإنتاج، أملاً في رفع سعر البرميل من النفط الخام…

أوْرَدْنا هذا التّقديم الطويل، لإبراز تبعية أو ارتباط أسعار النفط الخام بعدد من العوامل الخارجية، وكانت السعودية ترفض خفْض الإنتاج، بذريعة المحافظة على حِصّتِها من الأسواق العالمية، بدل الإهتمام بسعر البرميل، إلى أن انخفض سعره إلى حوالي ثلاثين دولارا، مما اضطر الأسْرة المالكة لشبه الجزيرة العربية لخفض الإمدادات، وتقليل الخسائر، بالإتفاق مع أعضاء منظمة البلدان المُصدّرة للنفط (أوبك)، ومع روسيا، بالتزامن مع تشديد العقوبات الأمريكية على إيران وعلى فينزويلا، وعادت السعودية، خلال شهر نيسان/ابريل 2019، للحديث عن زيادة الإنتاج من أجل الحصول على حصة في السوق، لأن الولايات المتحدة رفعت من إنتاجها، وأصبحت تبيع النفط والغاز في أوروبا وآسيا، مما يُهدد بانخفاض أسعار النفط من أكثر من سبعين دولارا (72 دولارا عند تحرير الخبر يوم السبت 13/04/2019) إلى نحو أربعين دولارا للبرميل…

وَرَد في أخبار يوم الجمعة 12/04/2019، أن احتياطيات النفط والغاز المؤكدة في المكسيك، تَراجَعَتْ بنسبة 6,9% سنة 2018 (مقارنة بسنة 2017) للعام السّادس على التّوالي، لتَبْلُغ نحو 7,9 مليار برميل من المكافئ النفطي (بين نفط وغاز)، وأصبح مجمل الاحتياطيات الحالي يَقِلُّ عن نصف مستواه سنة 2006، وفقا لبيانات لجنة الطاقة الوطنية في المكسيك، وشركة بتروليوس مكسيكانوس (بيميكس) المملوكة للدولة، والتي تمتلك معظم احتياطيات النفط والغاز المؤكدة في البلاد…

أما في الولايات المتحدة فقد ارتفعت مُؤشّرات الإنتاج، وعُقُود الخام، منذ بداية العام، وخصوصًا منذ بداية شهر نيسان/ابريل 2019، وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ( يوم الثلاثاء 09/04/2019) أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي بمقدار 1,43 مليون برميل يوميا، من معدّل 10,96 مليون برميل يوميا سنة 2018، إلى مستوى قياسي عند 12,39 مليون برميل يوميا، سنة 2019، وتمكّنت الولايات المتحدة، بفضل تطوير تقنيات الحفر، وخفض تكلفة إنتاج النفط الصخري، من منافسة “الحلفاء” (مَشْيَخات الخليج)، وروسيا، وأصبحت أمريكا تنافس منتجي النفط والغاز، وتُصدّر كميات مُتزايدة نحو أوروبا وآسيا، بالتوازي مع فَرْض العقوبات على منتجي النفط والغاز (روسيا وإيران وفنزويلا) بهدف زيادة حصة أمريكا من أسواق النفط العالمية، ودَفْعِ الإتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إيران وروسيا، وعدم توريد الطاقة منهما، في تعارُضٍ تام مع مصالح الشركات الأوروبية… عن رويترز + بلومبرغ 13/04/2019

 _________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.