تخبطات اليمن: قتل العرب للعرب والريع الحربي للمركز، عادل سمارة

الإمارات العربية المتحدة هي وليد بريطاني ورثته نسبيا امريكا. إذا تمسك أياً كان بهذه القاعدة فلا عذر له إن تصرف أو حتى قرر عكس ذلك.
هذا سؤال لكل من القيادة اليمنية والقيادة الإيرانية بعد الاندفاعة الجديدة للقوات الإماراتية العدوة والمرتزقة والانفصالية في اليمن الجنوبي وباتجاه الشمالي وخاصة تعز وربما الحديدة.
قبل ثلاثة اسابيع حط وفد من أبو ظبي ولاحقاً وفد من صنعاء في طهران للحديث عن الصراع في اليمن.  وفيما يخص وفد صنعاء، نقول ليس هناك من اعتراض على حوار الحلفاء، ولكن ما رشح أن إيران طلبت من اليمنيين استثناء الإمارات من الضربات ولا سيما بعد ضربة أرامكو.!
وقائع العدوان المكشوف لا تشي بصحة ولا ضرورة مثل هذا الاستشناء. وبغض النظر عن إن كان هدف إيران مغازلة امريكا أو حماية مصالحها في الإمارات، فإن قرار الرد على عدوان الإمارات يجب ان يكون قراره يمنياً لا إيرانيا. فالإمارات تحتل عمليا جنوب اليمن وحواف الشمال، ممل يجعل المرونة تجاه الإمارات شكلا من اشكال التمييز بين أهمية ويمنية ارض الجنوب وأرض الشمال وكأن القيادة اليمنية تعتبر بان الجنوب ضاع كما ضاعت الأندلس!
في هذا الصدد ثرثر العديد من المحللين المأجورين ماليا وعقليا في مديح وتجميل “قرار الإمارات بالانسحاب من اليمن، وذلك دون ان تنسحب قوات الاحتلال.  كان هذا التهليل لانسحاب الإمارات سواء من القيادة اليمنية أو المحللين بالأجرة أحد عوامل تجهيل وتضييع الرأي العام على طريقة “اسمعنا مهما قلنا ولا تحلل”.
وعلى هذا ارتكز السيد مهدي المشاط فأعلن مبادرة سلام تم الترحيب بها بشكل كبير في أوساط إعلام ومحللي الأجرة!.
وبعد أن تفاءل محبو التفاؤل وشحنوا الناس بمرونة امريكا وتغير موقف الإمارات مما يعني التأصيل في ذهن المواطن العربي بأن الإمارات هي دولة! وبأنها قادرة على اتخاذ قرار ذاتي! وذلك خاصة بعد الصراع على عدن، والحديث عن خلاف سعودي إماراتي، ثم إعلان الطرفين تسوية التناقض…الخ.
وفجأة تتدفق قوات إماراتية على اليمن مما قلب كل التفاؤلات راساً على عقب، الأمر الذي يؤكد ما تجاهلته كل من إيران واليمن، وطبعا المحللين حسب الطلب بأن الإمارات كسلطة هي طبعة من الصهيونية من حيث دورها وعلاقتها بأمريكا، ولكن دون ان يكون لها نفس الاحترام والمودة  وحتى فرض بعض الأمور والسياسات التي تحظى بها قيادة الكيان. لا بل إن هذا الوصف يمكن سحبه على كافة أنظمة مجلس التعاون الخليجي.
يحضرنا هنا:
أولاً: إن تضحيات الشعب العربي اليمني بشماله وجنوبه، بمعزل عن وجود تيارات ارتزاق وردة،  تستحق مواقف قيادية واضحة وجذرية وغير مترددة وحين الخطا نقد الذات.
والثانية: وجوب الوضوح بان الولايات المتحدة في عهد ترامب/و لم تختر عدم الحرب، بل اختارت عدم الحرب بقواتها، اي الحرب بادواتها، وهذه حرب “رائعة” لأنها تعطي نتائج ربح صاف بدون كلفة، إنها نمط من “الريع الحربي المعولم” Global Rental War لأنها تقدم ربحا صافيا هو دم المرتزقة وتدمير العروبة كعدو وتُبقي على سوق السلاح فاعلا بما يعنيه من تشغيل الملايين من عمال المركز الإمبريالي ولا تخسر جنديا واحدا حتى لو أمريكي أسود طبقاً لمراتبية الدم في نظر العنصري الأبيض.
وعليه، فإن إدارة ترامب/و ليست سلمية التوجه كما يثرثر محللو الأجرة، وسياسته إذن ليست نقيضة لإدارة أوباما بل إنتقائية. فهي اختارت تبني حرب العرب ضد العرب بالإنابة، وهي الحرب التي في جوهرها السياسي  تقويض العروبة حيث تحترب دولة قطرية مع أخرى، وهذا ما بدات به الأنظمة العربية منذ العدوان ضد العراق بعد استعادة الكويت 1990، بغض النظر عن التوقيت، حيث تم إرساء قيام جيش عربي بالعدوان ضد قطر عربي في معية او ذيل العدو الإمبريالي وخاصة أمريكا.
نعم، تبنى ترامب/ونهج أوباما في الاحتفاظ بجيش امريكا الثالث ومنع توابعه من الذهاب لأية هدنة  والتعهد بحمايتهم عبر تسليحهم كي يُجمِّعوا ملايين المرتزقة من العالم ضد الوطن العربي. بكلام آخر، ترامب يقوم بحرب مزدوجة:
– حرب  تجارية بالاقتصاد الأمريكي.
– وحرب الإرهاب بعرب ضد عرب.
وهذا ما قصدته في مقالتي قبل ايام في كنعان الإلكترونية:” ترامب ليس حمامة، بل أمريكا لم تعد صقراً”.
أختم ب: في غياب تحليل الحزب الثوري العروبي وسماع محللي الأجرة ومذيعي/ات الإعلام الريعي يحقنون الشعب العربي بالصديد، أكاد أتقيىء.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.