“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 9 نوفمبر 2019 ، إعداد: الطاهر المُعِز

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 506

 ديموغرافيا: نشرت الأمم المتحدة، يوم الإثنين 17 حزيران/يونيو 2019، تقريرًا بعنوان “التوقعات السكانية العالمية”، وتوقّع مُعدُّو التّقرير أن يبلغ عدد سكان العالم نحو 7,7 مليار نسمة بنهاية سنة 2019، ونحو 9,7 مليار نسمة سنة 2050 (بزيادة 200 مليون نسمة)، ونحو 11 مليار نسمة، بحلول سنة 2100، وانخفضَ عدد السكان بين 2010 و 2019، في 27 دولة، بنسبة لا تقل عن 1% بسبب انخفاض معدلات الولادة، وقد يتضاعف عدد سكان دول إفريقيا، جنوب الصحراء الكُبْرى، فيما تحتكر تسعة بلدان نصف النّمو السّكّاني العالمي خلال العقود الثلاثة القادمة (الهند وباكستان وإندونيسيا ونيجيريا والحبشة والكونغو وتنزانيا ومصر والولايات المتحدة )، ويُقدر سكان نيجيريا هذا العام (2019) بأكثر من 200 مليون نسمة، لكن الصين، أكبر دولة بعدد السكان، ستشهد انخفاضا بنحو 31,4 مليون نسمة، أو بنسبة 2,2% خلال العُقُود الثلاثة القادمة، ويُقدم التقرير وثائق عن تفوق عدد الوفيات، عن عدد المواليد الجدد، مما يُسبب نقصًا متواصلا في عدد سكان بلدان مثل بيلاروس وإستونيا وألمانيا وهنغاريا وإيطاليا واليابان وروسيا وصربيا وأوكرانيا، وتُعَوض بعض البلدان، وفي مقدمتها ألمانيا، هذا النقص، بتدفق المهاجرين، وأظهر التقرير، بشكل عام، انخفاض  المعدل العالمي للولادات من 3,2 مولود لكل امرأة، سنة 1990، إلى 2,5 سنة 2019، ويتوقع أن ينخفض إلى 2,2 مولود لكل امرأة، بحلول سنة 2050، بينما يُقدّر الحد الأدنى لضمان تجَدّد الأجْيال، بنحو 2,1 مولود لكل امرأة، في ظل ارتفاع معدل الأمل في الحياة، من 64,2 سنة (1990) إلى 72,6 سنة (2018) وإلى 77,1 سنة، بحلول 2050…

بدأت تظهر في المغرب العربي مشاكل شيخوخة السكان وانخفاض معدل “الخصوبة” (معدّل عدد المواليد لكل امرأة) ليقترب وضع هذه البلدان من أوروبا وآسيا والأمريكتين، مع ارتفاع نسب البطالة والفقر، وعلى المستوى العالمي ، تتوقع الأمم المتحدة أن تتجاوز أعمار 16% من سكان العالم 65 سنة (أي واحد من كل ستة أشخاص) بحلول سنة 2050، وتجاوز (لأول مرة في تاريخ البشرية) عدد الأشخاص الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر عدد الأطفال دون سن الخامسة في العالم، سنة 2018 …

ملاحظة: لم تَرِدْ بعض المعلومات سوى في النّسخة الإنغليزية للتنقرير، ولم تُنْشَرْ نُسْخَة عربية، عند تحرير هذا المُلَخّص…

عن الأمم المتحدة 17/06/2019

أخبار نقابية من آسيا وأمريكا الجنوبية

 سريلانكا

سبق أن نظّمت النقابات العمالية مظاهرات ضخمة يوم الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ضد القوانين التي تسمح بتَشْريع العقود والعمل الهش، ونظمت نفس النقابات مُؤتمرًا نقابيا دوليا بمشاركة نقابات من خمسين دولة، من أجل القيام بحملة دولية ضد التشريعات التي تسمح لأرباب العمل بإلغاء العقود الثابتة وتشغيل العُمال بعقود هشة، وفي ظروف سيئة…

في كانون الثاني/يناير 2019، تظاهر عُمّال الصناعة من أجل تحسين الرواتب وظروف العمل، وفي الواحد والعشرين من شهر آب/أغسطس، نظمت النقابات مظاهرات ضخمة واعتصام أمام وزارة العمل، في العصمة “كولومبو”، من أجل سحب مشروع “إصلاح قانون العمل” الذي قدمته الحكومة في بداية شهر تموز/يوليو 2019، ويستهدف مشروع القانون الجديد نَسْفَ بعض أهم المكاسب التي أفرزتها نضلات عمال الصناعة وموظفي الإدارات والنّساء الحوامل والمُرْضِعات، ويقترح مشروع القانون زيادة عدد ساعات العمل، وخفض قيمة الرواتب، وخفض أو إلغاء الحماية الإجتماعية (التأمين على المرض والولاياة والتقاعد وغيرها) في كافة القطاعات الإقتصادية تقريبًا، بذريعة “توحيد الإجراءات”، وطالبت النقابات بسحب هذا المشروع، لأنه يُمثل عودة إلى الوراء…

 تايلند

تظاهر العمال يوم 20 آب/أغسطس 2019، قريبًا من مبنى الحكومة، من أجل تطبيق الوعود الإنتخابية للحزب الحاكم للدّورة الثانية على التوالي “بالَنغ براشَرات”، ورفع الحد الأدنى للرواتب ليُعادل حوالي 14 دولارا أمريكيا في اليوم، ورفع المنحة الشهرية للمُسنِّين إلى نحو 97 دولارا شهريا، في بلد يتميز بفوارق اجتماعية كبيرة بين الأثرياء والفُقراء، مثل العديد من البلدان الأخرى، وحيث لا تكفي رواتب العُمّال لتوفير الحد الأدنى من الضروريات الحياتية، ويُعاني حوالي ثلاثة ملايين من العمال السابقين، والمُسنّين حاليا، من الفَقْر المُدْقَع، ولا يتجاوز دخلهم الشهري ما يعادل 19 دولارا أمريكيا، أو أقلَّ من رُبُع قيمة الإحتياجات الشّهرية الدّنْيا للفرد، وفق تقدير النقابات العُمّالية…

 أمريكا الجنوبية

التقى في مدينة “ساو باولو” بالبرازيل، يوم 13 آب/أغسطس 2019، ممثلوا عُمّال شركة صناعة السيارات الأمريكية “جنرال موتورز”، بهدف التشاور بشأن تنظيم حملة، على مستوى أمريكا الجنوبية، من أجل تحسين ظروف العمل وإلغاء العقود الهشة في مصانع “جنرال موتورز” في الأرجنتين والبرازيل وكولومبيا وغيرها، حيث أعلنت الشركة (رغم زيادة إيرادات مبيعاتها) “إعادة هيكلة” العمل، أي إلغاء بعض الحقوق التي اكتسبها العمال بعد نضالات عديدة وطويلة، بهدف زيادة الأرباح الصافية، ولذلك قررت النقابات تعزيز تبادل الأخبار والمعلومات وزيادة التنسيق بين مختلف المصانع، بقطع النظر عن الحدود الدولية، وتنسيق الحملات والتظاهرات من أجل تثبيت العُمال العاملين بعقود مؤقتة، وتحسين ظروف العمل، وتوحيد المطالب والمقترحات لتحسين بنود عقود العمل، في مصانع المجموعة الأمريكية “جنرال موتورز”، في مجموعة دول “مركوسور” وفي مجمل بلدان أمريكا الوُسْطى والجنوبية…

المكسيك

صمد عُمال نقابة المناجم “لوس مينيروس” طيلة 12 سنة (من 30 تموز/يوليو 2007 إلى 02 آب/أغسطس 2019)، ونظموا إضرابات واحتجاجات دورية ومتنوعة، من أجل الحصول على جزء من أرباح مجموعة المناجم “غروبو مكسيكو”، في مناجم “تاكسكو” و”كنانيا” و”صمبريتي”، وغيرها، واضطرت المجموعة المنجمية لتغيير بنود العقد الجماعي وإلى إقرار تحسين ظروف العمل والرعاية الصحية وتحسين أمن عُمال المناجم، وتسديد المبالغ المتأخرة من أرباح 12 سنة للعمال، الذين بدأ ثلاثة آلاف منهم إضرابًا يوم 30 تموز/يوليو 2007، من أجل تحقيق هذه المطالب، وهي حُقُوق دستورية، تحاول الشركات الرأسمالية الإلتفاف عليها، وإلغاءَها، ويعتبر هذا الحَدَث انتصارًا للعمال وللنقابات التي خاضت معركة قضائية ونضالية طيلة 12 سنة، إثر انهيار في منجم “باستا كونشوس” يوم 19 شباط/فبراير 2006، ووفاة 66 عاملا، وتكررت الحوادث الناتجة عن إهمال الشركات لأساليب الوقاية والصيانة، مما أدّى إلى تسرّب أربعين مليون لترًا من السوائل السّامة والخطيرة، من أحد المصانع، إلى مياه الأنهار، ما تسبب بكارثة صحية وبيئية، وتكررت مثل هذه الحوادث التي يموت جراءها العمال، وآخرها كارثة تسرب المواد السامة، من إحدى المصانع، يوم التاسع من تموز/يوليو 2019، في ولاية “سونورا”، شمال شرقي المكسيك، وكان الرئيس “أوبرادور” قد وَعد، خلال ندوة صحفية، بتنظيم ندوات بين نقابات العمال وإدارات مجموعات الصناعات المنجمية، بهد التوصل إلى اتفاق حول الرواتب وظروف العمل، ووعَدَ بنشر نتائج البحث حول الحوادث الصناعية الخطيرة التي شهدتها البلاد بين 2014 و 2019…         

 الاقتصاد والأسواق والعملات، على هامش قمة قادة الدّول السّبْع: انخفضت قيمة الأسهم في سوق المال “وول ستريت” بنيويورك مرتين بنسبة 3% خلال عشرة أيام من شهر آب/أغسطس 2019، بسبب تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وما سببته من اضطراب في الأسواق المالية وفي قيمة العُملات، وإطالة أَمَدِ التباطؤ الاقتصادي العالمي، مما يؤدّي إلى واضطراب قيمة العملات، والأسواق المالية، مما أدّى بالمُضاربين إلى التحول نحو الذّهب (بدل المضاربة بأسهم الشركات)، وما يمكن أن يؤدّي إلى حدوث أزمة جديدة أقوى من أزمة 2008، ومن العلامات الظاهرة لمقدّمات الأزمة، استعداد المُضاربين (المُستثمرين) لخسارة بعض الأموال، عبر الإنتقال إلى استثمارات “آمنة”، مثل الذهب الذي ارتفع سعره إلى أكثر من 1500 دولارا للأُونْصَة (أو “أوقية”)، مما يُعْتَبَرُ علامة خلل في أسواق السّندات، وعلامة على ركود وشيك، بعد التباطؤ في الولايات المتحدة وفي الصين، كما في “منطقة اليورو”، وعلى رأسها ألمانيا، ناهيك عن انهيار اقتصاد الأرجنتين والبرازيل، وغموض مصير بريطانيا بعد “بريكسيت”، وعن المشاكل التي خلّفتها أزمة 2008، والتي لم يقع حَلُّها بعد، بل تعمّقت، مثل تعميق الفوارق الطّبقية (عدم المُساواة)، الناتجة عن خفض الإنفاق الحكومي على الخدمات والمرافق العمومية، وتحويل المال إلى المصارف والشركات، وما نَتَجَ عن ذلك من تشوهات اقتصادية، وأهمها خفض الضرائب في أمريكا على أرباح الشركات، من 35% إلى 21% (في واقع الأمر، لا تتجاوز الضرائب التي تسددها الشركات الكبرى الأمريكية نسبة تتراوح بين 12,5% و 15% على الأرباح )، وبدل استثمار الأموال التي استفادت منها الشركات، كما يدّعي الرئيس “دونالد ترامب”، وزعت الشركات هذه الأموال (حوالي 400 مليار دولارا إضافية) على مالِكِي الأسهم، في حين انخفضت إيرادات الدولة الأمريكية الإتحادية من الضرائب، بنسبة 22% سنة 2018 وزاد عجز الميزانية الإتحادية بنسبة 17%، إلى 779 مليار دولار، سنة 2018، وارتفع بين بداية تشرين الأول/اكتوبر 2018 (بداية السنة المالية الأمريكية) ونهاية شهر تموز/يوليو 2019، إلى حوالي 867 مليار دولارا، وقد يبلغ تريليون دولارا، بنهاية السنة المالية في الثلاثين من أيلول/سبتمبر 2019…

لعبت الصين دورًا هامًّا في “تَلْطِيف” وقْع أزمة 2008 على العالم، وعلى الولايات المتحدة، بسبب تمسك الصين ب”حرية تدفق السلع ورؤوس الأموال”، ولكنها قد لا تفعل نفس الشيء، في حال انطلاق أزمة مُماثلة، بسبب الإجراءات الأمريكية، التي اعتبرتها الصين مُعادِية، وتستهدف استقرارها، كما تستهدف استقرار أوروبا، التي أصابتها “أضْرار جانبية” جرّاء الحرب التجارية، لكن الولايات المتحدة لا تعبَأُ بمصالح حُلَفائها، باستثناء الكيان الصهيوني، وهو أكثر من حليف…

قبل موعد اجتماع قادة مجموعة السّبْع (الولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكندا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا) في جنوب فرنسا (في بياريتز) خلال الفترة من 24 إلى 26 آب/أغسطس، 2019، أعلن المصرف المركزي الأوروبي، يوم الخامس عشر من آب/أغسطس 2019، استعداده لاتخاذ تدابير دعم سياسية ومالية، استثنائية، لمساعدة الاقتصاد الأوروبي، لأن الإجراءات السابقة، مثل أسعار الفائدة السلبية، وشراء سندات بقيمة 2,6 تريليون يورو، لم تُؤْتِ أكْلَها …عن موقعفايننشال تايمز” + وكالةبلومبرغ19/08/2019

 الهند، من جبهة الأصدقاء على جبهة الأعداء: أشارت الكاتبة والأكاديمية الهندية “غيثا هاريهاران” (وهي ابنة أخ جواهرلال نهرو، أول رئيس وزراء الهند المُستقلة)، في بعض مقالاتها، منذ سنة 2014 إلى العلاقات المتطورة بين حزب “باهارتيا جاناتا” الحاكم في الهند وحزب “ليكود” الصهيوني، وإلى العلاقات المتطورة بين “بنيماين نتن ياهو” و رئيس حكومة الهند “ناريندرا مودي”، الذي يصف رئيس حكومة العدو الصهيوني ب”صديقي”، وتُشارك الكاتبة في حملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية للكيان الصهيوني، ونشرت “دار ليفت وورد” سنة 2014 كتابًا أشرفت على إعداده وتحريره بعنوان “من الهند إلى فلسطين، مقالات في التّضامن”، بمشاركة العديد من الكّتاب الشيوعيين والتقدّميين، ومن بينهم الباحث الشيوعي الهندي في الإقتصاد السياسي “برافات باتنايك”…

وقّعت حكومة الهند، منذ سنة 2003، مع حكومة العدو الصهيوني برئاسة “أرئيل شارون”، اتفاقية “شراكة استراتيجية”، ثم أبرمت ولاية “هاريانا” صفقة لمعالجة المياه العادة للصّرف الصّحّي، مع شركة مياه الإحتلال الصهيوني (ميكروت)، وأصبح أحد فروع شركة الصناعات العسكرية الصّهيونية “ألبيت” مُستثمرًا هامًّا في صناعة الأسلحة بالهند (ولاية إندرا براديش)، ومستغلاًّ للكفاءات والعُمّال في الهند، برواتب منخفضة، مع المحافظة على أسرار صناعة السلاح (أمريكي الأصل)، والتزمت حكومة الهند الصّمت إزاء الإعتداءات الصهيونية المُتكرّرة ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة سنة 1967، وضد الشعب السوري وضد الشعب اللبناني، ومع ارتفاع حجم التعاون العسكري، أصبحت الهند من أكبر الدّاعمين للكيان الصهيوني، وأصبحت منطقة “غوا” الساحلية الهندية مُنْتَجَعًا للجنود الصهاينة، منذ سنة 2003، للإستجمام بعد إتمامهم خدمتهم العسكرية، وكتبت الصحف المحلية عن تَعَدُّدِ حالات العنف والإغتصاب، ناهيك عن حالات الإعتداءات والشتائم العُنْصُرِيّة التي يتعرض لها المواطنون المَحَلِّيّون، في ظل صمت السُّلُطات المحلية والإتحادية…

كانت جوازات السّفر الهندية (قبل انهيار نظام المَيْز العنصري في جنوب إفريقيا) تحمل عبارة “صالح للسفر إلى جميع دول العالم باستثناء إسرائيل وجنوب إفريقيا”، وكانت الهند من مؤسسي حركة “عدم الإنحياز”، ومن داعِمِي حركات التّحرّر الوطني، ضد الإستعمار والإمبريالية، وشكّلت مناهضة الإستعمار إرثًا ثقافيا وتاريخيا للأجيال المُتعاقبة، من تاريخ الإستقلال سنة 1947، إلى انهيار الإتحاد السوفييتي، ثم تحولت الهند (منذ حوالي ربع قرن) تدريجيًّا من مناهضة الإمبريالية إلى التحالف مع الإمبريالية الأمريكية ومع الكيان الصهيوني، قبل وصول اليمين المتطرف (حزب باهارتيا جاناتا) وزعيمه “نانيدرا مودي” للسلطة، وصوت الكاتبة “غيثا هاريهاران” هذا التحول بمثابة “فقدان للذاكرة”، وتطبيقًا للخطة الرجعية الأمريكية تحت إسم “محاربة الإرهاب”، التي تنخرط فيها دولة الإحتلال الصهيوني، وهو ما دفعها (من موقعها الأكاديمي) للمشاركة النّشيطة في حركة المقاطعة الثقافية والأكاديمية، والتّنديد المُستمر بهده “العلاقة المستجّدة” مع الإحتلال الصهيوني، والتقارب العقائدي بين الصهيونية والهندوسية المتطرفة التي يتبناها ويحول فَرْضَها حزب “باهارتيا جاناتا” الذي يعتبر المواطنين غير الهندوسيين غُرباء (أغْيار بلغة الصهيونية المتغلفة بالدّين)…

كتب ناشر الكتاب: “… شهدت السياسة الهندية تحولًا جذريًّا تجاه فلسطين، في عقد التسعينيات من القرن العشرين، وأصبحت إسرائيل مصدرًا رئيسًا لسلاح الجيش وقوى الأمن في الهند، بالتزامن مع تعزيز علاقات الهند مع الولايات المتحدة، ومع تغيير الرؤية للعالم…”

عُمُومًا، يلقي الكتاب بعض الضّوء على تنامي علاقات التعاون الإستراتيجي بين الهند والكيان الصهيوني، والنّمُوّ المُطّرِد للعلاقات التجارية، والعسكرية، وتأييد الهند لسياسة الإحتلال، وما ينتج عنها من قمع ونكران لحقوق الشعب الفلسطيني… كما رَبَطت الكاتبة بين زيادة تواجد ونشاطات المنظمات “غير الحُكُومية” (في فلسطين وفي غيرها من البلدان الواقعة تحت الإحتلال والهيمنة)، وانخفاض الدّعاية والتحريض والنّشاط السياسي، وتفتيت الحقوق الوطنية للشعوب، وتحويلها إلى حقوق فئوية ضيّقة لا رابط بينها، ولا هدف لها سوى ابتعاد الشعوب الواقعة تحت الإحتلال والهيمنة، عن أهداف التحرّر الوطني، وتغيير المجتمعات، من خدمة الأقلية الثرية، إلى خدمة الأغلبية الكادحة والفقيرة…

من الأعمال الروائية للكاتبة “غاريثا هاريهاران”: الوجوه الألفُ لِلّيل، والفائز بجائزة كُتّاب الكومنولث سنة 1993، وأشباح فاسو ماستر، وحين تسافر الأحلام، وفي أزمنة الحصار، وتواريخ عابرة، ومجموعة قصصية بعنوان فن الاحتضار”، ومجموعة قصصيّة للأطفال…

يمكن الإطلاع أيضًا باللغة الإنغليزية على المقالات السياسية (إضافة إلى مقالات التحليلية للإقتصاد السياسي) للباحث الهندي “برافات بَتْنايك”، ومن أهم كُتُبِه ( Notes on Political Economy of Structural Adjustment )، أو ما يمكن ترجمته “ملاحظات حول الإقتصاد السياسي للإصلاح الهيكلي” 

 مصر: بعد إعلان بناء أبراج سكنية مُرتفعة، في مدينة “العَلَمَيْن” الجديدة، على بعد 120 كيلومتر من مدينة الإسكندرية، في منطقة كانت تُعتبر غير مُخَصَّصَة للبناء، لأن المباني قد تعرقل حركة الطيران، يُنجز الجيش المصري (بالتعاون مع وزارة الإسكان) برنامجًا عقاريًّا ضخما، في الإسكندرية، على شاطئ البحر الأبيض المتوسّط، أيضًا، في منطقة فاخرة، ترتفع فيها أسعار الأراضي، وتُشرف الدّولة على عملية توَسُّع كبير في بناء السكن الفاخر، وبَيْع وَحَدات المباني الإدارية التي أشرفت الدّولة على إنشائها في أرباج “العاصمة الإدارية الجديدة”، رغم زيادة ارتفاع حجم العَرْض، وانخفاض حجم الطّلَب، وتستهدف الدّولة اجتذاب الأموال التي سيحصل عليها أصحابُها، بقيمة أربعين مليار جُنَيْه، من عائدات شهادات الاستثمار في توسيع قناة السويس، والتي حل أجل استحقاقها…

بدأ العمل في إنجاز الأبراج الجديدة التي تُشرف عليها الحكومة، على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، حيث ارتفعَ سعر المتر المُربّع الواحد من ثلاثين إلى خمسين ألف جُنَيْه مصْرِي، خلال ثمانية عشر شهرًا، مما رفع أسعار الأراضي الصالحة للبناء، وأسعار العقارات، والمساكن، والمباني بأنواعها، رغم الركود الكبير، وعجز الحكومة (والجيش) عن بيع جميع العقارات المَطْرُوحة، وتوسّعت الدولة كذلك في بناء منازل فاخرة (فِيلاّت) وأبراج في مدينة “المنصورة الجديدة”، المُطلّة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، في منطقة غير مأهولة بالسكان، وأعلنت الدولة تنفيذ مشاريع عقارية أخرى، من بينها بناء “الأبراج الأعلى في أفريقيا”، في “العاصمة الإدارية الجديدة”، ومشاريع سكنية، يُتوقّع أن تُطرحَ للبيع قبل نهاية سنة 2019…  ( دولار أمريكي واحد = 17 جُنَيْه مصري)  عن وكالة أنباء الشرق الأوسط أ.ش.أ (رسمية مصرية) بتصرف 24/08/2019

 لبنان: دخل لبنان مرحلة الإنهيار الإقتصادي، قبل احتجاجات الفقراء على واقعهم المتردّي، بالتوازي مع غلاء الأسعار وعلى أزمة المحروقات والطحين (والخبز) وفرض ضريبة على الإتصالات، وتسبّب مصرف لبنان (سلطة رأس المال) في خَلْقِ أزمة نقدية، بإنشاء سوق موازية للدولار، وبسعر أعلى من السعر الرسمي، في عملية تلاعب بسعر صرف العملة… أعادت الإحتجاجات توجيه البوصلة نحو الفساد ونهب الثروة التي يُنتجها العُمال والأُجراء والمزارعون والفُقراء، ولا ينالون نصيبهم منها، ويُدْرِكُ من يُلقي نظرة سريعة على شعارات المظاهرات والإعتصامات، أن المطالب الأساسية تتمثل في مكافحة الفساد، وتأمين وظائف للعاطلين، ومجانية التّعليم، فيما حاول زعماء الطوائف ووزراء ونواب حاليون وسابقون، بالإضافة إلى مجموعات مشبوهة (منظمات “غير حكومية”) استغلال الفرصة، والظهور بمظهر المتضامنين مع الفُقراء، ضد الفساد (الذي أرسى هؤلاء النواب والوزراء وأمراء الطوائف قواعده)، بالتوازي مع التدخّل السّافر للولايات المتحدة والسعودية والظهور بمظهر المُدير الحقيقي لشؤون الدّولة اللبنانية، عبر إملاء شروط، وابتزاز القوى السياسية، ودعم القوى الأكثر رجعية، والعميلة لها وللكيان الصهيوني، في محاولة لإقصاء القوى التي لا تصطف وراء الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والسعودية…

في “جبهة الأسعار”، تستورد البلاد سلعًا استهلاكية بقيمة عشرين مليار دولارا سنويًّا، ولكن ارتفاع الأسعار خلال الإحتجاجات شمل أسعار المواد الغذائية الأساسية المحلية والمُستورَدة، فارتفعت أسعار بعض المواد الإستهلاكية، خلال شهر واحد، بنسبة تتراوح بين 100% و 250%، ويعزو التّجّار هذه الزيادات الكبيرة إلى ارتفاع سعر الدولار، مقابل الليرة اللبنانية، وقد ينطبق الأمر على البضائع المُستوردة، والمُقَوّمَة بالدّولار، لكن الخضار (البطاطا والطماطم…) ليست مستوردة، ولا مبرر لارتفاع أسعارها بمثل هذه النِّسَب، وسجلت جمعية حماية المستهلك، بين نهاية شهر أيلول/سبتمبر ونهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2019، أي خلال شهر واحد، ارتفاع سعر البضائع التي كانت مخزنة في مخازن تجار الجملة، فارتفعت أسعار الخضار بنسبة 27 %، والفواكه بنسبة 2%، واللحوم بنسبة 7%، وأسعار الألبان والأجبان بنسبة 3%، واستقت جمعية حماية المستهلك هذه النسب من التجار، لكن الزيادة الحقيقية كانت أعلى بكثير، بينما لم تُحدد وزارة الاقتصاد الرقابة، وتحديد سقف الأرباح، سوى على سِتّ سلع أساسية، كالدواء، والطحين، والمحروقات، ولحم الدجاج، وعمومًا لا تَتَدَخّلُ الدولة في تثبيت الأسعار، بدعوى “إن اقتصاد لبنان حُرٌّ”، ويعتمد على قطاعَيْ المصارف والتجارة والسياحة، ولذلك من المهم جدًّا تغيير النظام الإقتصادي الليبرالي والرّيعي، والنظام السياسي الذي يعتمد تمثيل الطوائف، وليس تمثيل المواطنين…

 سوريا 1: تتسم الدول الإمبريالية ببراعة فائقة في قَلْب الحقائق، عبر البيانات الكاذبة والإعلام المُضَلِّل، لأنها تُهيْمن على وسائل الإعلام (وكالات الأنباء والصحافة المكتوبة والمسموعة والمَرْئِيّة)، وصوّرت الحكومة الأمريكية دَعْمَها المجموعات الإرهابية التي خربت سوريا، كمُساعدات إنسانية، في حين تعمل الولايات المتحدة على إنهاء عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وسحبت تمويل المنظمات الدولية (يونسكو)، وادّعت حكومة الولايات المتحدة تقديم مساعدات إنسانية بقيمة حوالي عشرة مليارات دولارا إلى الشعب السّوري، “لدَعْم مختلف القطاعات، ومن بينها المساعدات الغذائية الطارئة والمأوى ومياه الشرب والرعاية الطبية والصرف الصحي…”، لكن التّدقيق في هذه “المُساعدات” يُظْهر إن الولايات المتحدة وحلفاءها دعموا المنظمات التي أنشأتها الدول المُشاركة في العدوان على سوريا، وأهمها “قسد”، التي يقودها زعماء مليشيات العشائر الكُردية، التي تُسلحها وتُدربها وتُخطط لها المُخابرات العسكرية الأمريكية، خصوصًا في شمال شرق سوريا، وأعلنت مجموعات المعارضة السورية (المُوالية لأمريكا وأوروبا والخليج) “إن الميليشيات العسكرية الكردية، ووحدات حماية الشعب وقوات سورية الديمقراطية، التي يُشرف عليها حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي، هي المُستفيدة من الدّعم المالي والعسكري والإعلامي الأمريكي”، وتُسيطر الولايات المتحدة مباشرة أو عبر حليفها الكردي على جزء واسع من شمال وشمال شرق سورية، وعلى مناطق تتركز فيها معظم حقول النفط والغاز، ومعظم الأراضي الزراعية الخصبة في سوريا، وتضم أيضًا أهم نقاط العُبور الحُدُودية مع العراق، وسبق أن أعلن الرئيس “دونالد ترامب” سحب القوات الأمريكية من سوريا، لكن ذلك لم يحصل رغم مرور نحو عام على تاريخ الإعلان الزّائف، بل عززت أمريكا وجودها العسكري، على جانبَيْ الحُدود العراقية السّورية، ويُعاني الشعب السوري من العدوان العسكري، ومن الحصار الإقتصادي والسياسي، حيث تَمْنَعُ الولايات المتحدة دُخُول الغذاء والمحروقات والدّواء، كما تمنع عودة اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة (الأردن ولبنان) إلى بلادهم، في الأراضي التي استعادها الجيش السّوري من المنظمات الإرهابية، كما تمنع التبادل التجاري بين سوريا والأردن ولبنان، ومُساهمة الشركات والمصارف العربية في إعادة إعمار سوريا… عن موقع وزارة الخارجية الأمريكية (بتصرف) 12/08/2019

 سوريا 2نفط: أدّت الحرب في (وعلى) سوريا إلى التّدخّل العسكري الأمريكي والأطلسي والصّهيوني المُباشر، بداية من سنة 2012، وتزامن ذلك مع نَهْب الآثار التي تُمثّل التّراث الحضاري لسوريا وللإنسانية، ولنهب ثروات الشعب والدّولة، من مصانع مدينة حلب، إلى آثار تَدْمُر وقَمْح الحسكة وحقول النفط في شرق البلاد، واستفادت تُركيا من عملية النّهب، التي أصبحت مصدر تمويل للمجموعات الإرهابية، ومن “داعش” والقاعدة (النّصرة) إلى مليشيات العشائر الكُردية، بعد الإحتلال العسكري الأمريكي، وتسليح المنظمات الإرهابية الموالية للإمبريالية وللمُحْتلِّين، ولئن سيطرت هذه المجموعات الإرهابية على حُقول النفط والغاز، فإن الحكومة بقيت تُسيطر على المصافي، وعلى الساحل والموانئ البحرية، بدعم روسي وإيراني، كما أدّت الصّراعات المُسلّحة بين مختلف المنظمات الإرهابية إلى احتراق بعض آبار النفط، وإلحاق الأضرار بالأراضي الزراعية، وبالمياه والمُحيط، وانتشرت المصافي البدائية…

دعم الجيش الأمريكي بشكل مُباشر حزب “الإتحاد الديمقراطي” الكُردي، على مستوى الإعلام والسلاح والإتصالات، وشكل أعضاء هذا الحزب القُوة البَرِّية لجيش الإحتلال الأمريكي والأطلسي، وأقامت الولايات المتحدة قواعد عسكرية في شرق سوريا، على الحُدُود مع العراق، خصوصًا منذ 2015، بالتزامن مع تدخّل روسيا إلى جانب الجيش السّورِي، وعمدت مليشيات الأكراد إلى تهجير السّكّان وفَرْض التّجنيد الإجباري للشباب، وفرض مناهج مدرسية معادية للوطن وللعروبة، وساعدتها الولايات المتحدة على توسيع نطاق سيطَرَتِها، وعلى الإستحواذ على الثروة الزراعية والطاقة والمياه، ودعم الإتحاد الأوروبي (بمبادرات من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا…) تفتيت البلاد، واستحواذ المنظمات الإرهابية (كيفما كان إسمُها) على ثروات البلاد والشعب السوري، ثم فَرضت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي حصارًا صارمًا على الشعب السوري، بعد الهجوم المُضاد للجيش واستعادة جزء هام من الأراضي التي كان يحتلُّها الإرهابيون المَدْعُومون أمريكيًّا وأوروبّيًّا…

يُقدّر احتياطي سوريا من النفط بحوالي 2,5 مليار برميل، وهي كمية صغيرة، مقارنة باحتياطي حُقُول نفط الخليج (بما فيه العراق) بأكثر من 700 مليار برميل من النفط الخام، وكانت البلاد تُنتج نحو 370 ألف برميل يوميًّا من النّفط الخام، سنة 2010، وتراجع الإنتاج إلى نحو سبعين ألف برميل، سنة 2018، تُسيطر مليشيات الأكراد على نحو 80% منه، وتقدّر خسائر الدّولة، جراء فقدان مواردها من المحروقات، بنحو ثلاثة مليارات دولارا سنويًّا، فيما قُدّرت إيرادات مليشيات الأكراد من بيع النفط والغاز، بنحو 250 ألف دولارا يوميا، وتحوّل زُعماء “الإتحاد الديمقراطي” من “مقاومين” إلى أُمَراء حرب، ومن مُدّعِي الماركسية إلى عُملاء للإمبريالية الأمريكية، وحلفاء للكيان الصهيوني، بحسب “الإشاعات”، والتّسْرِيبات المَدْروسة التي نشرتها الصحف الصهيونية، خلال الأسبوع الثاني من شهر تموز/يوليو 2019، بشأن اتفاق “سرِّي” بين مليشيات عشائر أكراد سوريا (قَسَد) والكيان الصهيوني، لاستغلال وبيع كميات تتراوح بين 125 ألف و450 ألف برميل يوميا من نفط الشمال الشرقي لسوريا عبر شركة يملكها وسيط صهيوني (ضابط سابق في المخابرات العسكرية)، وكنّا أشرنا إلى ذلك في أحد أعداد نشرة الإقتصاد السياسي، ونشرت وسائل إعلام روسية بعض وثائق هذه الصّفْقَة، ولا يمكن وصف وسائل الإعلام الرّوسية بالمُعادية للكيان الصهيوني، نظرًا للعلاقات المتطورة بين روسيا ودولة الإحتلال، فيما أكّدَ رجل الأعمال (الضابط السابق في جيش العدو) وصاحب الشركة، الإتفاق على استغلال شركته إحدى عَشَر بئرًا في منطقة “دير الزور”، وأكّد على حُصُول موافقة الإحتلال الأمريكي،         “لأن القوات الأميركية تَحمي مباشرة حقول النفط في شمال شرق سورية”، وفق تصريحه… عن وكالاتآكي” (إيطاليا) و”نوفوستي” (روسيا) و أ.ف.ب (فرنسا) من 14 تموز/يوليو إلى 20 آب/أغسطس 2019

 تشيلي: يُصنّف الرئيس التشيلي “سيباستيان بينيرا” من ضمن الرؤساء اليمينيين الذين عادوا تدريجيًّا إلى الحكم في أمريكا الجنوبية، منذ أربع سنوات، وتشيلي هي البلاد التي حكمها الجنرال الدّموي “أوغوستو بينوشيه”، الذي قاد انقلابًا دمويا في الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 1973، ضد الرئيس المُنتَخَب “سلفادور أليندي”، بدعم من الإستخبارات الأمريكية والشركات متعددة الجنسية وصندوق النقد الدولي، الذي أشاد بالسياسة الإقتصادية الليبرالية لأوغوستو بينوشيه، كما بسياسة الرئيس الحالي “سيباستيان بينيرا”، لكن للشعب التشيلي رأي آخر مُخالف، حيث انطلقت مظاهرات عارمة في العاصمة “سنتياغو”، يوم الجمعة 18 تشرين الأول/اكتوبر 2019، احتجاجًا على ارتفاع أسعار خدمات النقل، وخطوط قطار النقل الحَضَرِي في العاصمة، الذي يستخدمه حوالي ثلاثة ملايين مسافر يوميّا، وقتلت قوات الشرطة ثلاثة أشخاص في العاصمة “سانتياغو”، حيث تم إعلان حالة الطوارئ، وفرض حظر التجول، لمدة أسبوعَيْن، وجرحت قوات الشرطة 156 واعتقلت 308 وفق بيانات وزارة الدّاخلية، يوم السبت 19/10/2019، وانتشر الجيش في الشوارع والساحات، وأصبح الجيش مسؤولاً عن الأمن، منذ يوم الجمعة 18/10/2019، ورغم حالة الطوارئ، تواصلت المظاهرات وحاول المتظاهرون الإقتراب من مقر الحكومة، في الضواحي الجنوبية للعاصمة، وهاجموا مقر شركة الكهرباء وبعض المصارف، والمتاجر الكبرى، والصحف اليمينية التي وصفت المتظاهرين ب”المُخربين”، وأعلنت السلطات إغلاق جميع محطات القطار الحضري (المترو)، وعددها 164 محطة، تمتد على طول 140 كيلومتر، وتوقفت خطوط حافلات النقل العمومي البري، واضطر العاملون والسكان إلى السير مسافات طويلة، فيما نصب المتظاهرون المتاريس واشتبكوا مع الشرطة، التي استخدمت خراطيم المياه المضغوطة، والغاز المسيل للدموع، واستعاد الشباب أنماط الإحتجاج التي مارسها الجيل السابق ضد الحكم العسكري، مثل التظاهرات الليلية، والتجمعات الصغيرة في العديد من مناطق العاصمة، بهدف تشتيت قوات الشرطة، ورغم حالة الطوارئ، تظاهر الآلاف من المواطنين في شوارع العاصمة (سبعة ملايين نسمة) والمدن الرئيسية الأخرى، وحمل المتظاهرون صوراً لأشخاص اختفوا في ظل الديكتاتورية العسكرية (1973-1990)، للتذكير بفترة الحكم العسكري الذي أدّى إلى مقتل أكثر من 3200 مواطن، وتُشكل هذه الإحتجاجات حلقة من حلقات معارضة البرامج الحكومية، التي أدت إلى خصخصة قطاعات الصحة والتعليم والخدمات، وخفض الإنفاق الحكومي، وإلغاء برامج وميزانيات الدّعم الإجتماعي…

اضطر الرئيس إلى إعلان تجميد تطبيق قرار رفع أسعار النقل (وليس إلغائه)، ولكنه لم يُلْغِ قرارات حظر التجوال وإعلان حالة الطوارئ، رغم التحدّي الذي أعلنه العديد من الفنانين، بإقامة حفل موسيقي في العاصمة، وقَرَع المواطنين أدوات الطبخ، في الشوارع، للتذكير بفترة الإنقلاب العسكري… عن وكالة الصحافة الفرنسية أ.ف.ب + رويترز 19 و 20/10/2019

 فرنسا، زراعة، غذاء: يتراوح الفائض التجاري للإنتاج الزراعي الفرنسي (قيمة التصدير – قيمة التّوريد) بين 6,5 و 12 مليار يورو، بين سنوات 2011 و 2018، وتُعتَبَر فرنسا من أكبر مُصدّرِي الحُبُوب في العالم (إلى جانب الولايات المتحدة وكندا وروسيا)، كما يعتبر كبار مزارعي الحبوب من أثرى فلاّحي فرنسا، خصوصًا في منطقة باريس الكبرى، حيث يتجاوز إنتاج الهكتار الواحد ثمانية أطنان من القمح اللّين وستة أطنان من القمح الصّلب، وتهيمن شركات كبرى على تخزينه وتسويقه، وعلى صناعة علف الحيوانات، وتفرض أسعارًا مُتَدَنِّيَة لشراء إنتاج صغار الفلاحين الذين ابتهجوا هذا العام (2019)، لِوَفْرَة الإنتاج، لكن الشركات الإحتكارية خفضت سعر شراء الطّن الواحد من القمح اللّيّن (المستخدم في صناعة الطّحين والخبز)، من 225 يورو خلال شهر آب/أغسطس 2018 إلى 165 يورو، خلال آب/أغسطس 2019، على أن يتكفل المُنْتج بنقل كميات القمح إلى المخازن الواقعة في الميناء، لُيُباع الطن الواحد إلى الجزائر أو مصر بسعر 270 يورو في المتوسط، وعلى سبيل المقارنة، يقدّر إنتاج فرنسا من القمح اللين سنة 2019، بنحو أربعين مليون طنا، وحوالي 15 مليون طنا من الشعير، بينما يطمح المغرب (35 مليون نسمة) إلى إنتاج 3,5 ملايين طن، من الحبوب بأنواعها…

ما ينطبق على صغار مزارعي الحبوب ينطبق أيضًا على مُربِّي الماشية، الذين يشترون العلف بسعر مرتفع من الشركات الإحتكارية، حيث انخفض متوسط سعر العُجول (وزن ستين كيلوغرامًا تقريبًا) من 180 يورو سنة 2018 إلى مائة يورو سنة 2019، بينما يُباع لحم العجول بأسعار مرتفعة للمستهلك، وهو أعلى من سعر لحم البقر والخرفان…

تحولت الزراعة في فرنسا وفي أوروبا، منذ ستينيات القرن العشرين، من الإنتاج العائلي إلى المساحات الشاسعة والآلات الزراعية، ويكاد المزارعون الصغار ينقرضون من الأرياف، مقابل هيمنَةِ الأثرياء والشّركات، التي تمتلك نحو 3,7 ملايين بقرة حلوب، وحوالي أربعة ملايين بقرة مُعدّة للأكل، في ظل انخفاض معدّل استهلاك اللحوم، وتستحوذ هذه الشركات على الجُزْء الأكبر من دعم الإتحاد الأوروبي، الذي لا يهتم كثيرًا بجودة العلف والحليب واللحوم، وسبق (يوم 07 حزيران 2019) أن نشرت بعض الجمعيات الفرنسية التي تُقدّم الغذاء للفقراء نتائج تحليل علمي (في المُختبر) لبعض أنواع اللحوم، وأظهرت النتائج أن هذه اللحوم التي يستهلكها الفُقراء والتي تُباع أيضًا إلى المؤسسات التعليمية والمستشفيات ومؤسسات المُسنِّين، والجمعيات الخيرية ومطاعم الشركات، هي من النوع الرديء جدًّا، وبعضها غير صالح للإستهلاك البَشَرِي، وأظْهرت بحوث أخرى ارتفاع تكاليف تربية الماشية بنسبة تعادل 7 في المتوسط سنة 2018، ورفعت الشركات الإحتكارية سعر الحليب واللحم بنسبة تعادل 0,9% عند الشراء من الفلاحين (بعد سلسلة احتجاجات، وبعد تجميد الأسعار لعدة سنوات)، بينما ارتفع سعر البيع بالتجزئة للمُستهلكين، بمعدّل 3%، خلال نفس السنة 2018… عن صحيفةلومانيتيه20 و 23/08/2019 

 بيئة، علاقة التغييرات المناخية بالفقر: طالبت مجموعة الخبراء الدولية لدراسة التغير المناخي باتخاذ إجراءات عاجلة للحد من ارتفاع حرارة الأرض، وتحسين مستوى إدارة الأراضي الزراعية وخفض معدلات الاستهلاك، والحفاظ على التّنوُّع الحيوي والبِيئي، لتوفير الاحتياجات الغذائية لسكان الأرض المتوقع أن يصل عددهم إلى 11 مليار نسمة، بنهاية القرن الحادي والعشرين، وأشار التقرير الذي قُدّم في مدينة “جنيف” يوم التاسع من آب/أغسطس 2019، إلى “ضرورة إعادة النّظر في استغلال الأراضي الزراعية، وضرورة التخلي عن الزراعة المكثفة وإعاده هيكلة قطاع الصناعات الغذائية، والعناية بجودة الغذاء الذي يستهله البشر…”، لأن الإستغلال المكثف للأراضي أدّى إلى القضاء على الغابات، وإلى ارتفاع معدلات انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإلى الكوارث الطبيعية والأزمات والصراعات المُسلّحة، وغير ذلك من النّتائج السّلْبِيّة، بالتوازي مع إفلاس المزارعين الصغار، والوسائل الزراعية “الصديقة للبيئة”، وأشار التقرير إلى إتلاف حوالي 30% من الأغذية، في حين يعاني 820 مليون شخص من الجوع، وبالتوازي مع هذا التقرير، نشر الصندوق العالمي للتنمية الزراعية تقريرًا يدعو إلى الإهتمام بعدد متزايد من الشبان المُهمّشين الذين يعيشون في أرياف الدول الفقيرة، ويتراوح عددهم بين 500 مليون و780 مليون شاب وشابة، أو حوالي نصف الشباب في “البلدان النامية”، وهم عُرْضَة للفقر وعدم المساواة، ويفتقرون إلى التدريب والمهارات، ولا يملكون الوسائل المادية التي تُمكّنهم من الحصول على الأراضي الزراعية والتجهيزات الضرورية لخدمة وزراعة الأرض، وقَدّرَ نفس التقرير عدد الشّبّان الفُقراء الذين يعيشون في المناطق الرّيفية بإفريقيا، جنوب الصّحراء الكُبْرى، سنة 2015، بنحو 105 ملايين، ويُقدّر ارتفاع عددهم إلى حوالي 174 مليون بحلول العام 2050، وهم يُعانون من محدودية الإمكانيات المالية، ومن غياب فُرص التّأهيل، رغم خُصُوبة الأرض، ومن عدم المُساواة ومن الهشاشة والفَقْر، مما يَدْفَعُهم إلى الهجرة، بحثًا عن عَملٍ في أوروبا، يعتقدون أنه سوف يضْمن لهم حياةً أفْضَلَ… عن موقع أخبار الأمم المتحدة من 05 إلى 19/08/2019

هوامش من حرائق الغابات في البرازيل: تُعَدُّ غابات الأمازون الواقعة في أمريكا الجنوبية (على إسم النهر، على خط الإستواء) في بيرو والبرازيل وكولومبيا، أكبر غابة استوائية مَطِيرة في العالم، وهي الرئة التي تتنفس منها الأرض، وهي ذات أهمية كبيرة، بالنسبة للبيئة ولهطول الأمطار، والتّنوّع البيئي، حيث تعيش بها أنواع نادرة من النباتات والحيوانات، وتمتص كميات كبيرة من غاز ثاني أُكْسِيد الكربون، ولذلك يعتبر العلماء إن الحفاظ عليها ورعايتها أمرٌ حَيَوِي للبيئة العالمية، وتقع نسبة 60% من مساحتها في البرازيل، حيث تنطلق حرائق كل سنة، معظمها خلال شهر آب/أغسطس، واحترقَ جُزْءٌ هام من الغابة سنة 2003، لكن حرائق سنة 2019، هي الأضخم، بحسب وكالة أبحاث الفضاء البرازيلية. أما أسباب الحرائق، فهي في الغالب، ذات طبيعة إجرامية، حيث يتم إشعال حرائق (بِفِعْلِ فاعلٍ)، للإستحواذ على الخشب، ثم يقوم المُضاربون بإحراق الأرض النباتات، وإخلاء الأرض من السكان ومن الأخشاب والنباتات، لِبيْعها إلى الشركات الفلاحية، لكن كثيرًا ما تخرج هذه الحرائق عن السّيْطَرة، وتمتد إلى مساحات شاسعة، وارتفع حَجْمُ التّعدّي على غابات الأمازون في البرازيل، منذ انتخاب الرئيس اليميني المتطرف “جاير بولسونارو”، وارتفع معدل إزالة الغابات، من شهر كانون الثاني/يناير إلى نهاية شهر تموز/يوليو 2019، بنسبة 67% مقارنة بالعام 2018، بفعل ارتفاع حجم قَطْع أشجار الغابة، في ظل تشجيع ضمني من الرئيس الذي أعلن “إن الحرائق أمرٌ طبيعي”، ثم اتّهَمَ المنظمات “غير الحكومية” التي تدافع عن سلامة البيئة والمناخ، “بإشعال الحرائق، لإلحاق الضرر بحكومته”، قبل أن يتراجع لاحقا، ويُسَخِّرَ الجيش لمكافحة الحرائق، بعد إثارة موضوع تدمير غابات الأمازون على الصعيد الدّولي، وخلال انعقاد قمة الدول السّبع الأكثر تصنيعًا في مُنْتَجَع “بياريتز” (فرنسا)، وهدّد الرئيس الفرنسي بالإعتراض على اتفاق التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي وتكتل “ميركسور” الذي يضم البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأرْغُواي، لأن الرئيس “بولسونارو” لم يحترمْ التزاماته التي وعد بتحقيقها خلال قمة مجموعة العشرين في حزيران/يونيو 2019…

يثير تدمير الغابات المَطِيرة في الأمازون، التي تبلغ مساحتها حوالي 5,5 ملايين كيلومتر مُربّع، تخوفات من تحوُّلِ المنطقة إلى سُهُول عُشْبِيّة (سافانا)، خلال فترة تتراوح ما بين ثلاثة وخمسة عُقُود، إثر خسارة ما بين 15% و17% من إجمالي غابات الأمازون، لحد الآن، ومع تفاقم الجفاف وتدهور المناخ، ونشوب الحرائق بشكل متعمد، قد تصل نسبة التدمير بسرعة إلى 20% من غابات الأمازون، لتبلغ خط العد التنازلي، غير القابل للإصلاح، والمُقدّر بنحو 20% من المساحة الإجمالية لهذه الغابات…

رصدت الأقمار الصناعية البرازيلية نحو تسعة آلاف حريق في الغابات التي تبلغ مساحتها نحو خمسة ملايين كيلومتر مربع، بتاريخ 23 آب/أغسطس 2019، واتهمت بعض وسائل الإعلام المحلّيّة في البرازيل عُمّال أو أصحاب مناجم الذهب (غير النّظامية) بإشعال الحرائق، لأن الرئيس اليميني “بولسونارو” وعد ب”تحْرِير” عملية استخراج الذهب، بينما أكّدت وسائل الإعلام التّقَدّمية “إن الحرائق نتيجة مَنْطِقِيّة لسياسات اقتصادية عنصرية وتمييزية مقصودة ومخطط لها”، وفق ما وَرَدَ في  موقع “ميديابارت” الفرنسي، وأشارت بيانات البرازيليين المُتظاهرين إلى تورّط ملاك الأراضي الراغبين في توسيع حقولهم لزيادة إنتاج فول الصويا المُستخدم كعَلف للمواشي، في معظم الحرائق التي تحصل منذ سنوات في غابات الأمازون، ويعود ارتفاع عدد الحرائق هذا العام (2019) إلى إطلاق الرئيس “بولسونارو” وُعُودًا بإلغاء القيود التنظيمية، بشأن الغابات والبيئة، وأدّى ارتفاع حجم الحرائق إلى انتشار ضباب أسود كثيف في سماء مدينة “ساو باولو”، وسبق أن أدّى نشاط تدمير الغابات، سنة 2017، لوحْدِها، إلى قتل ما لا يقل عن 57 شخصًا من السكان الأصليين للبلاد، الذين يسكنون الغابات، والذين تتجاهلهم سياسة الرئيس اليميني المُتطرّف “جاير بولسونارو”، بتشجيع مُناصريه من كبار المزارعين، ومن المُقاولين، لتدْمِير ما أمكن من الأشجار والغابات، واتهام مُنظّمات الدفاع عن البيئة بالتخريب والتّدْمير، واتهام وسائل الإعلام بتشويه تصريحات وبيانات الرئيس…

سَجّلَ مركز أبحاث الفضاء البرازيلي رقما قياسيا منذ بداية العام، وحتى يوم 23/08/2019، بأكثر 72 ألف حريق، وأعلنت منظمة “السلام الأخضر” (غرين بيس) إن الحرائق ارتفعت خلال سبعة أشهر من سنة 2019، بنسبة 145% في منطقة الأمازون، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (2018)، وخَفّفت وكالة البيئة من العقوبات على نشاط قَطْع الأشجار، منذ تولي “بولسونارو” منصب الرئاسة، مطلع العام 2019، وصدرت عن الرئيس والوزراء تصريحات عُنصُرية، داعِمة للشركات التي تَقْطَعُ الأشجار، ومُعادية لحوالي مليون شخص من السكان الأصليين الذين يعيشون في الغابات، مع تَبْرِيرات واضحة، لا غُبار عليها، لإزالة الغابات، والإستثمار (الخاص) في زراعة المساحات المُدَمَّرَة بالمحاصيل، واستخدام هذه المساحات لتربية الماشية… أما السّكّان الأصليون الذين يعيشون في هذه الغابات منذ آلاف السنين، فإنهم اعتادُوا على ترك مكان سكناهم، والإنتقال إلى مكان آخر، كل عِقْدَيْن، لكي تتمكّن الطبيعة من التّجدّد، ويعتبرون الطبيعة مَصْدَرًا للخيْر لا بُدّ من المحافظة عليه، ومن احترامه، خلافًا للرئيس “جاير بولسونارو” وأصدقائه من أصحاب الشركات الزراعية والصناعية والتجارية…

تُعادل مساحة غابات الأمازون المَوصُوفَة ب”رئة الأرض” نحو ستة أضعاف مساحة مَصْر، وبها حوالي  400 مليار شجرة، تَرويها أنهار عَدِيدة، بفضل الأمطار المتهاطلة، بشكل شبه مُستمر، لتجعل من هذه الغابات مُزَوِّدًا أساسيا للأرض بالأكسجين، فيما تمتص أوراق الأشجار غازات “ثاني أكْسيد الكربون”، المُتَأتِّي من استخدام البشر والمَصانع ومحطات توليد الطاقة للوقود الأحفوري، ليتسبّبَ النّشاط البشري، بشكل أساسي، في التّغيير المناخي والكوارث “الطّبيعية”، ويُتوقّعُ، في حال تَواصل النشاط البشري الحالي، وقطع الأشجار وحرْق الغابات، بنفس الوتيرة، أن تَزول نسبة 70% من غابات الأمازون، بنهاية القرن الواحد والعشرين، أي في غُضُون ثمانية عُقُود، وقد تُعجّل سياسة الرئيس الحالي للبرازيل، اليميني المتطرف، “جايير بولسونارو” بنهايتها قبل هذا التاريخ، بسبب استباحة منطقة الغابات، وممارسة الأعمال التجارية، وإزالة الغابات لأجل البناء، وشق الطرقات، وإنشاء المناطق الصناعية، والمزارع لتربية المواشي… عنرويترز” + دوريةنيتشر” (طبيعة) + موقعميديابارتالفرنسيبتصرف من 23 إلى 25/08/2019

 الحرب التجارية: تصاعدت الحرب التجارية التي بدأها الرئيس دونالد ترامب، مع الصين، خلال الأشهر الأخيرة، وأدت إلى تقلص ثقة قطاع الأعمال وانخفاض الاستثمارات، وتقلبات كبيرة في الأسواق المالية العالمية، وخفض الاحتياطي الفدرالي (المصرف المركزي الأمريكي) معدل الفائدة المعيارية، خلال شهر تموز/يوليو 2019، لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات، لأسباب أهمّها التأثيرات المتوقعة للحرب التجارية على نمو الاقتصاد، وتدهورت توقعات النمو العالمي منذ منتصف العام 2018، وتجسّدت في تباطؤ الإقتصاد العالمي، وفي ضعف التصنيع، وإنفاق رأس المال في الولايات المتحدة، بسبب السياسة التجارية الأمريكية، وصعّد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” من لهجته في بعض اجتماعاته الإنتخابية، ودعا، يوم الجمعة 23/08/2019، الشركات الأمريكية إلى إنهاء عملها في الصين، والبحث عن بدائل، وعلى رأس هذه البدائل، نقل كافة نشاطها الصناعي إلى الولايات المتحدة، ولا يمكن للرئيس “ترامب” أن يجبر الشركات الأمريكية على أن تتخلى عن الصين، ولم يقدم أي تفاصيل بشأن آلية تنفيذ مثل هذا الأمر، لكن غرفة التجارة الأمريكية رفضت دعوة الرئيس الأمريكي، وأعلن نائب رئيس الغُرْفَة: “إننا نعتقد أن التواصل المستمر والبناء هو الطريق الصحيح للسير قدما”، ودعا إلى التوصل إلى اتفاق تجاري على وجه السرعة، لأننا لا نريد أن نرى المزيد من التدهور في العلاقات الأمريكية-الصينية”، وردّت الصين، يوم الجمعة 23/08/2019، بإعلان فَرْضِ رسومٍ جمركية على واردات أميركية بقيمة 75 مليار دولار اعتبارا من الأول من أيلول/سبتمبر وحتى 15 كانون الأول/ديسمبر، ردا على خطط واشنطن زيادة الرسوم على أكثر من خمسة آلاف سلعة أمريكية، بنسبة تَتَراوح بين 5% و 10% على هذه السّلع التي تستوردها الصين من الولايات المتحدة، بحسب مكتب الرسوم الجمركية التابع لمجلس الدولة الصيني، وأدّى إعلان الصّين إلى انخفاض معدل أسعار الأسهم الأمريكية  في بورصة نيويورك… عن رويترز 24/08/2019

 هوامش قِمّة الدول السّبع الأكثر تصنيعًا: لم تُسْفِر الحرب التجارية، التي أطلَقَها الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، عن حل للمشاكل التي تذرّع بها، بل تسببت في حدوث أضْرار لاقتصاد “الحُلَفاء” في أوروبا، والعالَم، وتسببت باضطراب حركة التجارة العالمية، تتجاوز الصّين التي استهْدَفَها الرئيس الأمريكي، ليتمكّن من البقاء في منصبه، وإعادة انتخابه رئيسًا سنة 2020، وأظْهَرت جميع المُؤشرات بوادر تباطؤ الإقتصاد الأمريكي، كما تباطأ اقتصاد ألمانيا (أكبر اقتصاد أوروبي)، ويؤكّد بعض الإقتصادِيِّين الأمريكيين إن اقتصاد بلادهم نَما بشكل مصطنع، نظرًا للعجز التاريخي في الميزانية الذي قد يرتفع سنة الإنتخابات الرِّئاسِيّة إلى تريليون دولارا (ألف مليار دولار)، ويتجسد النمو المُصْطَنع في دعم إنفاق المستهلكين (الذين لا يُمْكِنهم ادخار شيء يُذْكَرُ)، عبر القُروض، ودعم الاستثمار التجاري للتغلب على زيادة الرّسوم الجمركية، ودَعْم قطاع الزراعة (المُتضرِّر من الحرب التجارية)، والشركات المُصَدِّرَة، بعد انخفاض صادراتها إلى الصين، أكبر سوق عالمية، في محاولة من دونالد ترامب للخروج مُنْتَصِرًا من الحرب التّجارِيّة، فيما تُشير البيانات إلى ارتفاع قيمة العجز التجاري الأمريكي، منذ إطلاق الحرب التجارية، بدل انخفاضه، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”…

انعقدت قمة “مجموعة السّبع” في هذا المَناخ المُتأزّم، والذي يُنْذِرُ بالمزيد من التّوتّر، بعد قرابة عشر سنوات من انهيار اقتصاد معظم الدول الرأسمالية المتطورة، حيث كان الإقتصاد الأمريكي يفقد حوالي 800 ألف وظيفة شهريّا، بفعل تلك الأزمة، التي فاقَتْ في حِدّتِها أزْمَةَ 1929، ولا تزال العديد من الدول تواجه صعوبات لتحقيق نسبة نمو تُعادل ما كانت تُحقِّقُه اقتصاداها قبل الأزمة، وقَدَّرَ صندوق النقد الدولي معدل النمو العالمي المتوقع لسنة 2019 بنحو 3,2% وبنحو 3,5% سنة 2020، مع احتمال وقوع اقتصاد كافة الدّول السّبع المُشاركة في قمّة “بياريتز”، في أزمة اقتصادية، وفي الكساد، بالإضافة إلى اقتصاد المكسيك وسنغافورة وهونغ كونغ، والبرازيل والأرجنتين، وغيرها، مما قد يُسبِّبُ كارثة، لأن اقتصاد الدّول أصبح مُترابطًا، باستثناء الدول التي لم تَنْدَمج في مؤسسات الإقتصاد الرأسمالي العالمي (كوبا وكوريا الشمالية…)، والدول الخاضعة لعقوبات أمريكية، مثل فنزويلا وروسيا وسوريا وإيران…

تأثّر نمو أوروبا سَلْبًا بالحرب التجارية، بعد فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركيةً على سلع مُسْتَوْرَدَة من الإتحاد الأوروبي، بقيمة 100 مليار دولار، وقدّم الإتحاد الأوروبي تنازلات، وقرّر استيراد كميات إضافية من فول الصويا الذي أصبحت تُشكل  فائضًا بعد الرد الصيني بزيادة الرسوم على استيرادها، وخفض الإتحاد الأوروبي الرسوم الجمركية على المواد المُصنّعة الأمريكية، لتفادي الحرب التجارية، لكن أمريكا لم تتنازل، وأضرّت قرارات الرئيس “ترامب” باقتصاد أوروبا في مُجْمَلها، مع تهديدها بالعقوبات إن تعاملت الشركات الأوروبية مع روسيا أو إيران، وخلقت الحرب التجارية الأمريكية، مشاكل متعددة لدول الإتحاد الأوروبي، في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، وتظافرت هذه العوامل لِتُؤثِّر بشكل سلبي على نمو أوروبا، زيادة على ما ينجر عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، وبالمناسبة فقد يتضرّر الاقتصاد البريطاني كثيرًا من عملية “بريكسيت”، إذ تتوجّهُ 55% من صادرات بريطانيا نحو الإتحاد الأوروبي، وتستورد منه نحو 61% من حاجياتها، وقد يُؤَدّي خروج بريطانيا، بدون اتفاق مع الإتحاد الأوروبي، إلى فرض الرسوم الجمركية على البضائع والخدمات، وتحديد شروط انتقال رؤوس الأموال والأشخاص، وإلحاق أضْرار كبيرة بالإقتصاد البريطاني، وبدأ الإقتصاد البريطاني بالتّراجُعِ، مباشرة بعد تصويت البريطانيين على الانفصال، وانخفضت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي، وانخفضت قيمة التداول في سوق لندن المالية، ويُتوقّعُ انخفاض قيمة الجنيه الإسترليني بنسبة 10%، زيادة على ما فقده ( 16,3% ) منذ التصويت على “بريكست” في 23 حزيران سنة 2016، كما يُتوقع انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 2% سنة 2020، زيادة على ارتفاع معدلات البطالة…

في ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، ورابع أكبر اقتصاد عالمي، وصاحب ثالث أكبر حجم للمبادلات التجارية، بنحو 2,4 تريليون دولارا سنة 2018، وإحدى أهم الدول المُشاركة في قمة مجموعة “السّبْع”، تراجعت الصادرات، خلال الربع الثاني من سنة 2019، بنسبة 8% بسبب تراجع الصادرات إلى خارج أوروبا (منها الصين والولايات المتحدة)، بسبب تأثير الحرب التجارية الأمريكية، وأدّى تراجع صادرات السيارات الألمانية إلى انكماش الناتج المحلي الاجمالي، خلال الربع الثاني من سنة 2019 بنسبة 0,1% وانخفض الفائض في ميزان المدفوعات السنوي، من 276 مليار دولار سنة 2017 إلى 250 مليار دولار سنة 2018…

في إيطاليا، المشاركة في لقاء مجموعة السّبْع، حصل ائتلاف اليمين، واليمين المتطرف على أغلبية الأصوات، إثر انتخابات 04/03/2018، حيث وعد زعماء الأحزاب الفائزة بحل الأزمة وبالخروج منها، وأدّت سياسة هذا الإئتلاف إلى دخول الاقتصاد الإيطالي في أزمة حادّة، وتبخّرت الوُعُود الكاذبة برفع مستوى الرواتب وتحسين مستوى العيش والقضاء على البطالة، وفشلت الحكومة في خفض مستوى الدين الخارجي الذي بلغ قرابة 2,44 ترليون دولار، أو ما يُعادل 131,2% من الناتج المحلي، بنهاية شهر حُزيران 2019، وبلغت نسبة البطالة 9,7%…

انعقدت القمة في ظرف يتسم بتصعيد الولايات المتحدة الحرب التجارية، مما جعل الصين تردّ على الفور بفرض رسوم جمركية جديدة على بضائع أميركية بقيمة 75 مليار دولار، وإعلان “دونالد ترامب” زيادة جديدة في الرسوم على السّلع الصينية، لتبلغ القيمة الإجمالية للسلع الصينية الخاضعة لرسوم أمريكية إضافية نحو 550 مليار دولارا، بنهاية العام 2019…

بدلَ البحث عن حلول لمثل هذه المشاكل، ووضع حدّ للحروب العدوانية التي تَشُنّها هذه الدول (المُتنافسة) ضد شعوب آسيا وإفريقيا، ناقش الرؤساء المُشاركون “مكافحة العنف ضد المرأة، وتأكيد مبدأ المساواة بين الجنسين”، ودعم حكومة أوكرانيا اليمينية المتطرفة، وبحث فرض مزيد من العقوبات على شعوب فنزويلا وسوريا وإيران… عن موقع صحيفةلوموندالفرنسية + أ.ف.ب + رويترز من 25 إلى 27/08/2019

 على أبواب أزمة اقتصادية عالمية جديدة؟ لديَّ تَحَفُّظٌ على استخدام عبارة “أزمة”، لأنها توحي إننا جميعًا، أُجراء وفُقراء، ومزارعين وموظفين برواتب ضعيفة، كُنّا في حالة “رفاه”، قبل “الأزمة”، وهذا مُنافي للواقع وللحقيقة، لأن متوسّط قيمة الدّخل الحقيقي لهذه الفِئات يُعادل دخْل سنة 1974، في معظم الدول الرأسمالية المتقدّمة، بينما ارتفع دخل الأثرياء عشرات الأضْعاف…

انطلقت أزمة 2000/2001 التي عُرِفَتْ باسم “فُقاعة التكنولوجيات الحديثة” من الولايات المتحدة، كما انطلقت الأزمة المالية وأزمة الفقاعة العقارية، من الولايات المتحدة أيضًا، سنة 2008، ومنذ الرّبع الأول من سنة 2018، ظهرت مُؤَشِّرات التباطؤ في الولايات المتحدة، لكن قرارات خفض الضرائب على أرباح الشركات وحمايتها من المُنافَسَة أعطى انطباعًا بانتعاشٍ مُؤقّتٍ للإقتصاد الأمريكي، ويدُور الحديث منذ صَيْف 2019 عن التباطؤ واحتمال الرّكود الذي قد يُصيب اقتصاد الولايات المتحدة، وفق وثيقتين صادرتَيْن عن الكونغرس الأمريكي وعن صندوق النّقد الدّوْلِي، مما قد يُنْذِرُ بأزمة جديدة…

تُشير البيانات المَنْشُورة خلال الأسبوعَيْن الأخيرَيْن من شهر آب/أغسطس 2019، إلى تراجع أداء الإقتصاد في كل من الصين وألمانيا، وتراجع أداء القطاع الصناعي، كما تُشير البيانات الأمريكية إلى الصعوبات التي يعاني منها القطاع المصرفي (رأس المال المالي)، وخاصة مصارف “جيه بي مورغان”، و”تشيس آند كو”، و”بنك أوف أميركا”، وسيتي غروب”، وغيرها، وهي أهم مصارف سوق “وول ستريت” (نيويورك)، وتُشير البيانات أيضًا إلى انخفاض نسبة العائد على بعض أصْناف السندات الحكومية الأمريكية، خلال الأسبوع الأخير من نفس الشّهْر، وإلى احتمال ركود الإقتصاد، لكن ذلك لن يَظْهَر قبل بضعة أشْهُرٍ، وقَدّرتْ دراسة صَدَرَتْ عن جامعة “أكسفورد” أن احتمال حدوث ركود سنة 2020 مرتفع، بسبب تباطؤ الإقتصاد العالمي، وبسبب الحرب التجارية التي تخوضها الولايات المتحدة مع الصين، وسبق أن أشرنا في مناسبة سابقة إلى تباطؤ نمو الإقتصاد الأمريكي وانخفاضه من نسبة 3,1% خلال الربع الأول من سنة 2019 إلى 2,1% خلال الربع الثاني من نفس السنة 2019، وتراجع نسبة النمو السّنَوِي من 2,9% طيلة سنة 2018 إلى 2,3% متوقعة بنهاية 2019، وأشارت بيانات أخرى إلى تباطُؤ مبيعات الشركات، بسبب انخفاض الطّلَب، فالإقتصاد الأمريكي يعتمد على الطلب المحلي واتساع السوق الدّاخلية، ولا تُشكّل الصادرات سوى حوالي 12%، والواردات حوالي 15% من الإقتصاد…

أصبح خبراء الإقتصاد حَذِرِين من نشر التّوقّعات، بسبب عجزهم عن توقّع أزمة 2008/2009، ولذلك يُعْلِنُ مُعظمهم عن حُدُوث أزمات مالية أخرى، في المُستقبل، مع الإمتناع عن ذكر تاريخ تقريبي، أو عن مدى حِدّة الأزمة أو مُدّتها، وكان “كارل ماركس” قد أطْنَبَ في الحديث عن الطابع الدّوْرِي لأزمات الإقتصاد الرّأسمالي، وعن الأزمات كَأحد خصائص الإقتصاد الرّأسمالي، ليستخلص إن الأزمات ليست عارِضَة أو عابرة، وإنما أزمات “هيكلية”، وفي أمريكا، قاطرة الإقتصاد الرأسمالي العالمي، سدّدت المصارف مليارات الدولارات لتسوية شكاوى “الاحتيال المدني” إثر أزمة 2008/2009، ثم عادت لممارسة نفس الإحتيال، وكان قطاع المصارف، مُتَسَبِّبًا مُباشرًا في تلك الأزمة، بانهيار مصرف “ليمان براذرز” (15/09/2008)، وبدأ “الاحتياطي الفدرالي”، ضخ المال العام في خزائن المصارف والشركات الكُبْرَى، وفاقت المبالغ التي استفاد منها القطاع المصرفي، بحلول شهر آذار/مارس 2009، نحو 7,8 تريليون دولارا، أو ما يزيد عن نصف الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، خلال سنة 2008، في عمليةٍ يُمكن نَعْتُها بتأميم الخسائر وخَصْخَصَةِ الأَرْباح، ووافق الكونغرس الأميركي على إنفاق 700 مليار دولار أخرى، لشراء الأصول “الرديئة”، في القطاع المالي (المصارف وقطاع التامين والإستثمارات)…

استخدمت حكومة الولايات المتحدة وكندا، وحكومات أوروبا، المال العام (ضَرائب الأُجَراء والمُسْتهلكين) لحل أزمة أَطْلَقَتْها المصارف الكُبْرى وشركات التّأمين، وفَرضَت هذه الحكومات التّقَشُّف وضَنَك العيش على العاملين والمُنْتِجِين والفُقراء، وبعد إعلان “الإنتعاش”، وبعد أن تَبَجّحت الحكومات بالخروج من الأزمة، تواصلت السياسات المُعادِية للعاملين وللمُنْتِجِين والفُقَراء، فما الفَرْقُ إِذًا بين الإنتعاش والنُّمُو والأزمة بالنسبة لنا، ما دام الحاكمون في خدمة رأس المال؟ عنفورين بوليسي” + “كابيتال إكونوميكس” + رويترز من 19 إلى 27/08/2019

 صحة: قدّرت بيانات منظمة الصحة العالمية، أن ستة ملايين شخص يموتون، سنويًّا نتيجة الاستهلاك المباشر للتبغ، بينما يموت نحو 900 ألف شخص من غير المدخنين بسبب “التدخين السلبي”، وأن التّبغ يقتل حوالي نصف مُستهلكيه، في الأمد المتوسط أو الطويل، مقارنة بمتوسط عمر البشر، وتُصنِّفُ منظمة الصّحّة العالمية التبغ بمثابة “وباء وواحدا من أكبر الأخطار على الصحة العامة في التاريخ”، ودَعت جميع دول العالم إلى “اتخاذ تدابير تمنع التدخين، وتقليص إعلانات ورعاية شركات التبغ ورفع الرسوم على السجائر”، وأعلنت تقارير منظمة الصحة العالمية “انخفاض عدد المُدخّنين من نسبة 27% من سُكّان العالم سنة 2000 إلى 20% من إجمالي السّكّان سنة 2016، لكن هذه الوتيرة غير كافية لتحقيق الأهداف المتفق عليها دوليا”، وقدّرت المنظمة عدد المُدخّنين في العالم (سنة 2016) بنحو 1,1 مليار نسمة، من البالغين في العالم، ويوجد نحو 80% منهم في الدول ذات الدخل المتوسط والضعيف…

كان التّدخين يُعْتَبَرُ عادةً صِحِّيّة، وكان الناس يعتقدون أن استهلاك أوراق نبْتَة التّبغ، بواسطة “الغلْيُون”، يُشْفِي من عدّة أمراض، لذلك اعتبرت العديد من الشُّعُوب هذه النّبْتَة “مُقَدَّسَة”، وتُشكّل “دواءً إلهِيًّا”، مُضادًّا للسُّمُوم وللأمْراض المُعْدِيَة، وذلك حتى القرن السادس عَشَر، وأوردت مجلة “الجمعية الملكية للطب” (بريطانيا) إن البحّار “كريستوفر كولومبوس”، كان أوّلَ أوروبي شاهد محاولة استعمال التبغ لأغراض طبية، ولتطهير المكان ولإبعاد الأمراض والإرْهاق، في الجُزُر التي أصبحت تُسمّى كوبا وهايتي وباهاماس، ولا يزال سُكّان الهند الحاليون يخلطون التّبغ بالجير لتنظيف الأسنان، ويُعْتَقَد إنها عادة مُسْتَوْرَدَة من أمريكا الوُسْطى، فيما كان سُكّان البرازيل يستخدمون نبتة التّبغ في علاج القُروح والأورام، ويستخدمها سكان المكسيك، في علاج الجُروح وأمراض “غدد الرقبة”، وأورَدَ رجال الكنيسة، والرّحّالة هذه الروايات، خلال أواخر القرن الخامس عشر وطيلة القرن السادس عشر، فاهتم أطباء أوروبا آنذاك بدراسة الإستخدام المُحتمَل للتّبغ لأغراض طبّيّة، بحسب البيانات والصّور الموجودَة حاليا في متحف “ويلكوم”، البريطاني، وأصبح الغَلْيُون من أدوات الأطباء في أوروبا، لكن الطبيب الإنغليزي “جون كوتا” شكّك في بداية القرن السّابع عشر، في الفوائد الطّبّيّة لنبتة التّبغ، بل حذّرَ من ضَرَرِها المُحْتَمل، منذ سنة 1612، ومع ذلك، تواصل استخدام التبغ لأغراض طبية مزعومة، حتى القرن التاسع عشر، وبدأ طرح الأطبّاء العديد من التّساؤولات، والتشكيك في نجاعة التّبغ، بعد عَزْلِ النيكوتين من أوراق التبغ سنة 1828، ولم يتأكّد التأثير السّلْبي للتدخين على الصحة، سوى بداية من العقد الثالث للقرن العشرين، وعملت شركات التبغ (الذي أصبح يُستهلك في شكل سجائر) على تَطْمِين الزبائن، وتكذيب “الإشاعات”، وطوّرت شركات التّبغ دِعايتها لترويج السجائر في أوساط الشباب والنّساء، إلى أن تأكّد، خلال عقد الثمانيات من القرن العشرين، وبشكل لا يقبل الشّك، الضّرر الكبير للتدخين المُباشر، على المُدخّنين وعلى الأجنّة في رحم الأم، وأضْرار التّدْخين السّلْبِي، وخاصة في الأماكن المُغْلَقَة، وبدأ الباحثون ينشُرُون معلومات عن الأمراض التي يُسَبِّبُها استهلاك التّبغ، مثل سرطان الرئة وانسداد الأوعية الدموية وأمراض الشرايين والقلب، وغيرها، لكن شركات صناعة التّبغ اخترعت “السّجائر الإلكترونية”، لتحل محل السجائر التّقليدية، ويتم شحن السيجارة الالكترونية ببطارية تُمَكّن المدخنَ من  استنشاق النيكوتين، عبر بُخار يُعَوّضُ دخان التبغ، وأعلنت شركات التبغ إن السيجارة الإلكترونية لا تُسبّب أضرارًا، لأنها خالية من القطران، ومن أول أكسيد الكربون، وشكّل هذا الإدعاء ركيزة لتوجيه الدّعاية نحو الشباب لحثهم على تدخين السجائر الإلكترونية، وشكّكت بعض جمعيات الدفاع عن المُستهلك وبعض مؤسسات البحث، في أوروبا وفي الولايات المتحدة، في مَزاعم خُلُوّ هذه السّجائر من الأضْرار، وتعرّضت شركة “فيليب موريس” (أكبر شركة سجائر في العالم) إلى المتابعة القضائية بتهمة “إطلاق حملات دعائية تستهدف الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي”، كما اتهمت بعضُ هيئات ضبط الأسواق في الولايات المتحدة، عددًا من البائعين ب”تَيْسِير حصول الأطفال والمراهقين على السجائر الالكترونية”، مما يَسَّر انتشار استهلاك السّجائر الإلكترونية، والمُحافظة على أرباح شركات صناعة التّبغ، التي تُشرف على عملية بيع السجائر في السّوق الموازية، دون تسديد الضرائب…

نشرت مجلة “أديكشين” (الإدمان) دراسة سنة 2014، استنتجت إن “السجائر الإلكترونية تُساعد حوالي 60% من مستخدميها على الإقلاع عن التّدْخِين”، مُقارنة بمن يعتمدون على إرادتهم الشخصية، أو بمن يشترون علاجات بديلة للنيكوتين، وأدّى نَشْر مثل هذه الدّراسات إلى ارتفاع عدد مُستخدمي السجائر الإلكترونية ثلاثة أضعاف، خلال سنتَيْ 2017 و 2018، أملاً في جعل استهلاك هذه السجائر مرحلة في طريق الإقلاع عن التّدخين، بحسب تقديرات جمعية “العمل بشأن التدخين والصحة”، فيما يُشير الأطباء والمؤسسات المعنية بالإضرار الناتجة عن الإدمان “إن أفضل وسائل الإقلاع عن التدخين تكمن في الاستعانة بخدمات التأمين الصحي، حيث ترتفع نسبة الإقلاع عن التدخين فيها ثلاث مرات أكثر من استخدام علاجات بدائل النيكوتين بدون مساعدة متخصصة”، ونقلت وكالات الأنباء، عن مسؤولين أمريكيين وفاة ما لا يقل عن ثلاث مُستهلكين للسجائر الإلكترونية، جراء مَرض خطير في الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى إعلان حوادث انفجارات قاتلة لبطاريات هذه السجائر، وانتشار “مرض غامض” في الولايات المتحدة، “يُصيبُ الرئة ويرتبط بتدخين السجائر الإلكترونية”، وأكدت مراكز “السيطرة على الأمراض والوقاية منها ” ( CDC ) ظهور حوالي 193 “حالة محتملة” من هذا المرض في 22 ولاية أمريكية، وقع الإبلاغ عنها على مدار شهرين في الفترة من 28 يونيو/حزيران وحتى 20 أغسطس/آب 2019، وظهرت أعراض من بينها السعال وضيق التنفس والإرهاق وكذلك بعض حالات القيء والإسهال على المرضى. ولم يكتشف الأطباء لدى هؤلاء، أي إصابة ترجع إلى عدوى نتيجة فيروس أو بكتيريا، مما رَجّح احتمالات الإصابة بسبب تدخين السجائر الإلكترونية، وهو القاسم المُشترَك لجميع المُصابين، في انتظار نشر نتائج التّحاليل التي أُجْرِيت على مكونات محتوى السجائر الإلكترونية…

سبق أن نُشِرَ، في الولايات المتحدة، خبر وفاة شَخْصَيْن على الأقل، على إثْر انفجار سجائر إلكترونية في وجهيهما. عن موقعمنظمة الصحة العالمية” + إدارة الغذاء والدواء الأمريكية + موقع جامعةلندن كوليدج” + بي بي سي 27/08/2019

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.