تل الزعتر- 12 آب/أغسطس 1976 – 2020 ، الطاهر المعز

كان مخيم “تل الزعتر” يقع شمالي بيروت، وكان يسكنه اللاجئون الفلسطينيون، وكذلك العمال الفُقراء اللبنانيون، الذين كانوا يعملون في المصانع القريبة من المخيم…

بعد 55 يوم من الحصار المطبق، وقَطْع الماء والكهرباء، في عز الصّيف، وفي الثاني عشر من شهر آب/أغسطس 1976، ارتكبت قوات حزب الكتائب (ملكية أُسْرة “الجمَيِّل” ) وقُوات “الأحرار” (ملكية أسرة “شمعون”) و”حُرّاس الإرزة”، مجزرة في مخيم “تل الزعتر”، فاختفى المخيم من الوجود، بعد قصف المُحاصَرِين بأكثر من خمسين ألف قذيفة، وبعد عملية إبادة جماعية طالت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل وعشرة آلاف جريح، من اللاجئين الفلسطينيين، وقتلت قوات اليَمِين اللبناني حوالي ستين ممرضًا، مع مَنْع سيارات الإسعاف من دخول المخيم (ذي الشوارع الضّيّقَة أصْلاً)، وقِلّة الأدوية…


كتب الشاعر محمود درويش قصيدة “أحمد الزعتر”، وغناها “مارسيل خليفة”، وكتب أحمد فؤاد نجم قصيدته التي الحّنها وغناها الشيخ إمام، وأنتجت “وحدة أفلام فلسطين” و”مؤسّسة أفلام فلسطين” عدة وثائق سمعية بصرية عن حصار وقصف وتدمير مخيم “تلّ الزعتر”، وسجّل المخرج الفلسطينيّ “مصطفى أبو علي” واللبنانيّ “جان شمعون” حوالي 15 ألف متر من الأفلام، الّتي ضَمّت السياق التاريخي للحصار والمَجْزَرَة، ضمن أحداث الحرب الأهلية اللبنانية، ومشاهد الحصار، وشهادات عديدة، ضمن مجموعة من الوثائق، فاق طولها 150 ألف متر…

شريط “تل الزعتر”

نشرت مجلة “الصورة” الفلسطينية، سنة 1978، حديثًا للمخرج “مصطفى أبو علي”، الذي يروي تجربته: ” في منتصف سنة 1976، كان مطار بيروت مغلقًا، ولدينا 15 ألف متر من المادّة المُصَوَّرَة المُهَدّدَة بالتّلف، إن لم يقع تَحْمِيضُها بسرعة… اتّصلنا بالحزب الإيطاليّ الشيوعيّ، واتفقنا معه على نَقْل حوالي 150 كيلومتر من المواد المُصَوَّرة، من ميناء صيدا، في قوارب صغيرة، إلى قُبرص، وتمكّنّا من الإفلات من رقابة الزوارق الحربية الصهيونية، بأعجوبة…

أدّت الجهود الكبيرة، بفضل التّضامن الأُمَمِي، إلى إنجاز نسخة شريط “تل الزعتر”، قبل أن يُؤدِّي الإحتلال الصهيوني لِلُبنان، سنة 1982، إلى القضاء على المُؤسسات الفلسطينية، ومنها “وحدة أفلام فلسطين” عام 1982، وضاعت وثائق عديدة، وبقيت العديد من الوثائق ( 15 ألف متر) لدى الحزب الشيوعي الإيطالي، حتى تاريخ وفاته وحَلِّهِ سنة 1991، واعتبر الجميع أن الوثائق الفلسطينية المُصَوّرة ضاعت، وفي العام 2011، وقع التّعَرُّفُ على موادّ شريط “تلّ الزعتر”، وبدأت المخرجة الألمانيّة مونيكا ماورو العمل على تحويلها إلى موادّ “ديجيتال”، ليسهل تنقّلها وعرضها في أماكن مختلفة، ما سَمح بعرض الشريط لأوّل مرّة سنة 2014، في “مهرجان الأفلام الفلسطينيّة” في لندن، ثمّ تم عرضه، مع بعض الموادّ الأصليّة، في الأردنّ سنة 2016، وعُرِضَ في جامعة “بير زيت” (فلسطين المحتلة) سنة 2017، ثم في القُدس، سنة 2019… 

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.