في ذكرى رحيل د. صبحي غوشة: اشتراكي بلا شعارات، عادل سمارة

 كتب لي الصديق عبد الله حمودة أن ارسل كلمة في ذكرى رحيل المناضل د. صبحي غوشة . ودائماً في هذه الأمور ابحث عن ما لا يتطرق له معظم المشاركين.

نعم يحق لهم علينا أن نذكرهم ونتذكرهم. كل فلسطيني هو رواية بغض النظر عن دوره وموقعه فهو صراع منذ قرن ولا ندري مدى امتداده في المُقبل من الزمان.

تعرفت إلى الراحل د. صبحي غوشة منذ عام 1963 ، وكنت في الثانوية، حيث كنت أزوره في عيادته في باب العامود /عمارة هندية. لم أكن اعاني من مرض فعلي ولكن كان لدي بعض الألم في البطن. كان يضحك ويضربني على صدري مازحا: بينك وبين المرض قرن من الزمان.

لم يكن يتقاضى كشفية لا مني ولا من كثيرين/ات. كانت الموظفة السمراء في عيادته تقوم بذلك نيابة عنه وبتفويض منه.

تعرفت إليه من خلال أخي الأكبر فريد الذي كان قد أٌقيل/ترمَّج من الجيش الأردني بتهمة الضباط الأحرار. وفي تلك السنة نُظِّمتُ في حركة القوميين العرب وكنت في الثانوي الثالث.

كانت الحركة الوطنية حينها في حالة من  التشاحن المفتوح، كل حزب يهاجم الآخر، البعث، الشيوعيون، القوميين العرب، القومي السوري. أما الإخوان فكانوا ضد الجميع لكنهم كانوا مقربين من النظام الأردني طبعاً.

ولكن حتى داخل حركة القوميين العرب كان التشاحن بين القيادات، وخاصة صبحي غوشة في القدس ومحمد عبد الله ربيع في رام الله. وكان على شاب مستجد أن تكن له علاقة جيدة بالطرفين:مع د. غوشة بناء على معرفة أخي به ومعاملته الإنسانية ومحمد ربيع مسؤول التنظيم حيث كنت في كافة أجهزة التنظيم:السياسي  الطلابي والنضالي والفدائي والعسكري.و

المهم في الأمر أن هذه الأحزاب كانت جميعا، وكذلك الضباط الأحرار ضد النظام، لكنها لم تنخرط في جبهة وطنية ضد النظام، وهذا أمر أو سمة من سمات الحركات السياسية في الأردن على الأقل، إن لم نعمم ذلك على الوطن العربي. وكما هو واضح، فقد انسحب هذا على الفصائل الفلسطينية قبل هزيمة 1967 وبعدها وحتى اليوم إذ لم تتبلور جبهة وطنية متحدة بعد.

بعد الضربة المخابراتية من النظام الأردني وخاصة ضد البعث والقوميين العرب 1965 غادر د. صحي غوشة صفوف الحركة وشكَّل مع الراحل بهجت ابو غربية (بعثي سابق) جبهة النضال الشعبي التي جناحها العروبي الرافض لأوسلو في الشام .

لم ألتق د. صبحي منذ تلك الاعتقالات، كما لم نلتق في السجون الصهيونية فهو من القدس التي وضع لها العدو وضعية خاصة من الاحتلال 1967 حيث يُسجن أبناء القدس في سجن الرملة المركزي.

بقي د. صبحي غوشة على علاقة خاصة بالقدس بعد إبعاده من الأرض المحتلة . وما اذكره هو العلاقة الحميمة بينه وبين الراحل المناضل صالح برانسي حيث كانا يقومان بنشاط سنوي لصالح القدس.

ما أختم به هذه الكلمات القليلة والمتواضعة هو استنتاج علق في ذاكرتي منذ بداية تعرفي للرجل وهو:

ما الفارق بل من هو: الإشتراكي بالفطرة والعمل ؟ هل هو الطبيب الذي يعالج العمال والفقراء مجاناً رغم أنه ليس ماركسياً مع الأخذ بالاعتبار أن معظم هؤلاء لا يذهبون إلى الطبابة لضيق ذات اليد، أم الماركسي/الشيوعي الذي يحفظ الكثير ويكرره، لكنه يهتم أكثر بالملكية الخاصة. لا اقصد هنا إدانة أحد، ولكنني اعتقد أن الموقف الإشتراكي هو بالسلوك وليس بالشعارات. وقد يسعفني في تثبيت هذا الاستنتاج  ما نراه جميعاً اليوم حيث تكوَّن الطابور السادس الثقافي المتعيِّش بأموال النفط قبل الحدث الفصل في كشفهم اي الحروب لتدمير سوريا وخلال تلكم الحروب وحتى اليوم.

أحييكم على حفظ الود والإخلاص لكل من ذهبوا.

_________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.