الطاهر المعز

(1) بإيجاز: تونس – اعتراض على عقد مؤتمر فرنكفوني

  • الفرنكفونية، إحدى ركائز الإستعمار الجديد

(2) بإيجاز: الأمم المتحدة في خدمة النيوليبرالية

  • نموذج قطاع الفلاحة

■ ■ ■

(1)

بإيجاز: تونس – اعتراض على عقد مؤتمر فرنكفوني

الفرنكفونية، إحدى ركائز الإستعمار الجديد

من المقرر أن ينعقد بتونس، يومَيْ 25 و 26 أيلول/سبتمبر 2021، المؤتمر العالمي للكُتّاب الفرنكفونيين، بإشراف “باسكال بلانشارد”، المُستشار غير الرّسمي للرئيس الفرنسي الذي اشتهر بمحاولات فَرْض الرُّؤْية الإمبريالية للتاريخ الإستعماري، ومحاولات مَحْو رُؤْيَة وذاكرة الشعوب الواقعة تحت الإستعمتار، والكاتبة الفرنسية ليلى سليماني (من أصل مغربي)، المُمثّلة الخاصة للرئيس اليميني الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، مُكَلَّفَة بملف الفرنكفونية، ولها ارتباطات طبقية وثيقة (عائلية ومَصْلَحية وإعلامية) بالنظام الرجعي الملكي بالمغرب، ويُشارك ​​بالمؤتمر العديد من المُدافعين عن أُطْرُوحات النظام الإستعماري، وعن الكيان الصهيوني، من بينهم كمال داوود ومائسة باي وبوعلام صنصال، الذين رافقوا، سنة 2017، الرئيس اليميني الفرنسي في زيارته إلى الجزائر، ودافعوا عن سياساته العدوانية ضد بلدهم الأصلي (قبل أن يُصبحوا فرنسيين)، وضدّ الشعوب التي تستعمِرُها وتضطهِدُها وتستغل ثرواتها الإمبريالية الفرنسية، من أفغانستان إلى غينيا، مرورًا بالوطن العربي والقرن الإفريقي والبلدان المُحيطة بالصّحراء الكُبرى…

تعمل الإمبريالية الفرنسية، من خلال الفرنكفونية، على نشر الأيديولوجية الاستعمارية، ودَعم الصهيونية كإيديولوجيا وكممارسة استعمارية وعنصرية، وجنّدت عُملاء لها من “المُنْبَهِرِين بالإستعمار”، والمدافعين عن النظام الاستعماري وعن الصهيونية، مثل كامل داوود أو بوعلام صنصال،… كامل داود هو إسلامي سابق “تائب”، يُتْقِن الدّفاع عن شيوخ النفط، وصهاينة العرب بالخليج، وعن النظام الملكي بالمغرب، كما تُمَجِّدُ نُصُوصه، التي يُساعده في ترويجها “برنارد هنري ليفي”، استعمار الجزائر وتفتح له وسائل إعلام اليمين المتطرف اللبناني، صفحاتها، لتمجيد الصهيونية، وشتم أي نفس تحرري عربي مُقاوم…

أما بوعلام صنصال، المؤيد القوي كذلك للحركة الصهيونية وإيديولوجيتها ودولتها، فهو شريك ومُتعاون دائم مع منظمة “كريف” بفرنسا (المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بفرنسا) وهي منظمة تأسست للدفاع غير المَشْرُوط عن الصهيونية، ومُكافأةً له على انبطاحه الذّليل، دعاه الكيان الصهيوني، منذ أيار 2012، لزيارة فلسطين المُحتلّة، عدّة مرات، وشارك رفاقه الصهاينة الإحتفال بذكرى النّكبة، وأعلن أنه يعود بعد كل رحلة “تغمره السعادة والرّضا”، وأصبح، مع كمال داوود، من العاملين بنشاط على تبرئة الكيان الصهيوني من الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني والدّول والشعوب العربية، ودول الجوار بالمشرق العربي، مثل إيران…  

 إن مثل هذه المؤتمرات لا تختلف عن المؤتمر الأفخارستي (المسيحي الكاثوليكي) المُنعقد بقرطاج، من 07 إلى 11 أيار/مايو 1930، بدعم من السلطات الإستعمارية “العلمانية” الفرنسية، احتفالاً بالذكرى المائوية لاحتلال الجزائر، والذي عارضه التونسيون بالتظاهر، وبإضراب عُمّال الموانئ والطلبة، وجابههم الإحتلال بالقمع…

لم ينتفض فُقراء تونس (2010/2011) من أجل حُرّيّة العُملاء، بل من لأجل حرية وكرامة المُنتجين الكادحين والفُقراء…     

من حقنا ومن واجبنا مُعارضة الفرنكفونية كأداة لنشر الإيديولوجيات الرجعية والإستعمارية، ومُعارضة الدّولة الرّاعية للفرنكفونية، مَوصُودة الأبواب، في وجه الطلبة والعاملين والسائحين، القادمين من البُلدان التي استعمرتها فرنسا، ولا تزال تُهيمن على اقتصادها وثرواتها وعلى أسواقها…  

(2)

بإيجاز: الأمم المتحدة في خدمة النيوليبرالية

نموذج قطاع الفلاحة

قَبْل بضعة أيام من انعقاد مؤتمر القمة العالمي لنظم الأغذية الذي تنظمته الأمم المتحدة في نيويورك، يوم 23 أيلول/سبتمبر 2021، نشرت ثلاث وكالات تابعة للأمم المتحدة (برنامج الأمم المتحدة للبيئة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأغذية والزراعية- فاو) تقريرًا يوم الثلاثاء 14 أيلول/سبتمبر 2021، لا يختلف شَكْلُهُ ولا مُحتواه عن تقارير صندوق النقد الدّولي والبنك العالمي، بخصوص إلغاء دعم أسعار السلع الأساسية، كالطاقة والغذاء وبعض الخدمات، ويُشكل تقرير منظمات الأمم المتحدة حَلقة من سلسلة الحملات ضدّ دعم الزراعة والإنتاج الفلاحي، ليس الدّعم الذي تُقدّمه الولايات المتحدة وكندا والإتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا، للمزارعين الكبار وللإنتاج الزراعي وإنتاج الحيوانات (الألبان ومشتقاتها واللحوم)، وإنما الدّعم (أو ما تَبَقّى من الدّعم) الذي تُقدّمه البلدان الفقيرة للإنتاج الفلاحي والسّلع الغذائية، وادّعى بيان هذه المنظمات “إن الدّعم الحكومي يُوَلِّدُ آثارًا ضارّة بالصّحّة والبيئة… (ووجب) إعادة توجيه الدّعم ليكون أكثرَ كفاءةً وإنصافًا…”، وقَدّرت أن ترتفع قيمة هذا الدّعم المُقدّرة سنة 2020، بنحو ستمائة مليار دولارا، إلى 1,8 تريليون دولارا، بعد عشر سنوات.  

يُعَدُّ التقرير المُشترك بيانًا يدعم شُرُوط صندوق النّقد الدّولي، حيث ورد في إحدى فقراته: “إن نسبة 87% من قيمة دعم الزراعة والمنتجين الزراعيين المقدر بنحو 540 مليار دولار، تُؤدِّي إلى تشويه حقيقة الأسعار وإلى إلحاق الضَّرَر بالبيئة وبصحة الإنسان… يجب إعادة توجيه الدّعم وتخصيصه لتحسين منظومة الغذاء وتحقيق أهداف التنمية المُستدامة”، ثم يُفصِح التقرير عن الهدف المتمثل في “التّخلُّص التدريجي من التحفيز والإعانات والدعم الذي يُشَوِّهُ المنافسة، ويؤدي إلى نتائج سلبية اقتصاديا وبيئيا واجتماعيا… وإعادة توجيه الدّعم نحو  نحو الاستثمارات في السلع والخدمات العامة للزراعة، مثل البحث والتطوير والبنية التحتية، وتقديم الإعانات المالية المُباشرة، ما من شأنه تحسين الإنتاج والتغذية والبيئة والصّحّة…”، بحسب تصريح المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة – “فاو” )  لوكالة الصحافة الفرنسية ( أ.ف.ب 14/09/2021)، واعتبرت المنظمات الإنسانية أن هذه التقارير تدعو إلى توجيه الدّعم من المال العام للإعمال الزراعية الكُبرى ذات الصبغة الرأسمالية والتجارية، على حساب صغار المُزارعين، وعلى حساب الزراعة المستدامة.

سبق أن نشرت “منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية” (34 دولة غنية) تقريرا في حزيران/يونيو 2021، يصُبُّ في نفس الإتجاه، يدعو (في زمن أزمة كوفيد 19 وإلغاء ملايين الوظائف) إلى إلغاء دعم استهلاك الإنتاج الزراعي (وتوجيه الدعم) نحو الابتكار لزيادة الإنتاجية…” أي دعم المختبرات ومراكز البحث الخاصة والمزارع الكُبرى التي تمتلكها الشركات الزراعية الكُبرى، واستفادة عدد قليل من الشركات العابرة للقارات من الدعم المالي الحُكومي، ما يتعارض ومصالح المُستهلكين وصغار المُنْتِجين…

سبق وأن أعلنت الأمم المتحدة في شهر تموز/يوليو 2021 (أ.ف.ب 24/07/2021) ارتفاع عدد الجائعين والذين يعانون من سوء التغذية في العالم، للسنة الخامسة على التّوالي، وتفاقم الأمر مع جائحة “كوفيد 19″،  إذ قُدِّرَ عددهم، سنة 2020، بما لا يقل عن 811 مليون شخص، لم يكن لديهم ما يكفي من الطعام”، بحسب تقرير الأمم المتحدة عن الجوع في العالم، سنة 2020…

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.