وجهة نظر: حرصاً على دور الحزب القيادي والرهان الافضل لكل قوى التغيير وعودة م.ت.ف لميثاقها القومي وبرنامج التحرير، جاسر خلف

الجبهة الشعبية هي الأغنى بإرثها الثوري وثقافتها النضالية والأرقى بنقدها الذاتي.

تتفق غالبيتنا بأن سلطة التنسيق الأمني هي أداة بيد الإحتلال الصهيوني وهو ما تؤكده قيادة السلطة بنفسها و صوصاً أمنياً كحرس مستوطنات وكمخبر على شاكلة حكومة سايغون وحركيي الجزائر وجيش لحد ..

عرفات علناً قام بهذا الدور ولهذا مسخ الانتفاضة لتتلاءم مع دوره و مهمته !.

لكن هل كان ليستطيع عرفات و حتى مع كل فتح القيام بذلك لولا مساعدة قوى فلسطينية أخرى دافعت عنه دائماُ وبأساليب مختلفة منها التأييد و التبعيية دائماً و منها  بأسلوب أكثر مرارة وحسرة وهو الحوارات ثم الحوارات التي لم تنته و لن تنته إلى شيء أبداً لأن عرفات وعباس من بعده ينفذان مشروعهما الصهيوني بوضوح  تام و لم يتعهدا يوماً بغير ذلك !.

“حوارات الوحدة الوطنية” تلك أدّت لمزيد من التمزق و التشرذم في مجتمعنا و نسلاخات متتالية في حزب النخبة الثورية و ضعف الثقة في القيادات التي تحاور و تحاور سنوات طويلة مع ممثلي الإحتلال _ كما يصفونهم بأنفسهم_ و المفارقة أن هؤلاء المحاورين لم يكن لديهم الصبر أو الإرادة لحوار رفاقهم الذين لا تروق لهم تلك الحوارات  فغادروا التنظيم !.

ضمن مندرجات أوسلو جرى إدخال كوادر و قيادات وازنة إلى الداخل فالرفيق الشهيد أبو علي مصطفى مثلاً لم يدخل متسللاً إلى رام الله بل ضمن مندرجات أوسلو أي إعتراف به. هنا التصريحات التي تنتقد أوسلو لا تفيد بل تعطيه مصداقية و شرعية بأنها عملية ديمقراطية.

هنا ماذا تبقى لكادر الجبهة الذي تخلت قيادته طوعاً عن سلاحه وتنكرت بشكل شبه كامل لتنظيم الخارج وجرت مركزة شديدة بيد فرع الداخل الذي وضع نفسه بفخ سلطة أوسلو ضمن ساحة مناورة ضيقة جداً و بين فكي كماشة هما الإحتلال من جهة و عملائه العرفاتيين الفتحاويين و الشيوعيين و الديموقراطية وجماعات الأنجزة التي وجدت تربة خصبة للغاية للتكاثر و حتى لمنافسة أجهزة السلطة في التغول بحيث أضحت م.ت.ف إسم ماض وذكرى.

لأسباب معيشية أضطر بعض الرفاق و منهم كانوا قادة عسكريين وسياسيين إلى الانزلاق تجاه أجهزة أمن السلطة (سلطة التنسيق الأمني) ومؤسسات الأنجزة المختلفة.

هنا تفككت وتصدعت أكبر وأقوى وأشرف وأرقى وأنبل كتلة نضالية فلسطينية وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبناء ورفاق كنفاني وحداد والحكيم وأبو علي وأصبح أبناء الجبهة كالأيتام على موائد اللئام في كل الساحات !!!!

البعض القليل إستفاد من ذلك و أصبح من نسيج السلطة وبطانتها ولن نذكر اية أسماء لأننا لسنا جهاز مخابرات.

لو كانت الشعبية بدلاً من حوارات “الوحدة الوطنية” الماراتونية ولمدة عقود قامت بتأسيس عمل سري جاد لكانت إستطاعت خرق و زعزعة مؤسسات السلطة العميلة وقلبها على رؤوسهم  وذلك بدلاً مما يحدث الآن.

ثم أرهقت الشعبية نفسها ببرامج مرحلية عن دول فلسطينية مع توصيفات لها و كأنها تمتلك الدولة فعلاً و شاركت في برلمان أوسلو و حتى كان لها مرشح أنجزة للرئاسة هو مصطفى البرغوثي و إن كان بإسم مبادرته الأنجوزوية العقيمة و قررت من جديد قبل أكثر من عام المشاركة بإنتخابات تشريعية أوسلوية جديدة و بشروط الإحتلال و لكنها لم تتم لأن الإحتلال نفسه رفض !!.

هنا كانت تتعمق جراح المخلصين للجبهة.

الكارثة و المكابرة و برأيي الخاص بعد كل ذلك أن تقول لك قيادة الجبهة:

“نحن لسنا جزءاً من السلطة و لسنا جزء من منظمة التحرير و ليس لنا عضو في المجلس المركزي و لا التنفيذية” و بعد ذلك نستمع خمسة عقود لأسطوانة التمسك ب متف لإصلاحها و لن نتركها لهم ..!

هل الشعبية إذاً داخل المنظمة أما خارجها ؟؟!  و كيف تكون ضد أوسلو و هي تشارك في برلمانه؟

الرفيق سعدات بنفسه عندما كان في سجن أريحا و أثناء زيارة بسام الشكعة له أقنعه بالترشح لرئاسة سلطة أوسلو و التي لا تعترف بها الشعبية كما تقول. الشكعة تراجع فيما بعد..

ما نطلبه و ما نريده من قيادة الشعبية هو الإعتراف بتلك الأخطاء بدل المكابرة و الإمعان في الخطأ.

الشعب يرى ان اليسار دخل برفقة اليمين لرام الله و تحت مظلة أوسلو.

الحكيم قال: إذا أردنا علاج المرض بشكل صحيح علينا أولاً تشخيصه بشكل سليم.

المرض هنا برأيي الشخصي واضح جداً و هو: 

إستمرار هذه العلاقة غير الطبيعية و المدمرة مع السلطة و متف تحت مسمى وحدة وطنية مع أنها لا تحمل في جوهرها أي مضمون وطني و خصوصاً مع عباس ممثل الإحتلال كما وصفه بشكل دقيق الرفيق جميل مزهر.

أقترح على قيادة الشعبية الخروج من مستنقع مؤسسات السلطة و توجه القيادة العلنية لخارج الضفة و إلى دمشق و الضاحية و المشاركة النضالية الحقيقية من هناك و إعادة الإعتبار لمنطقة الإحتلال 48 بحيث تكون لها القيادة و الأهمية الأولى و الأكبر في نشاطنا ودعمنا. 

إعادة بناء النشاط السري للخارج و هو مصدر تمويل كافٍ حين تكون هناك إرادة للعمل.

و يجب التخلص من أوهام إصلاح م.ت.ف لأنها ولدت فاسدة و مريضة و مفسدة و علينا البناء من الأساس و من جديد م.ت.ف بالميثاق القومي و هدفها  التحرير و نحن غير مضطرين للشراكة مع حرس المستوطنات بإسم الحفاظ على م.ت.ف.

كم يجب أن ندفع كي نصل إلى الإعتراف الشجاع و الجريء بأن سياسة الجبهة كانت خاطئة تماماً بمسألة الحوارات الوطنية مع وكلاء الإحتلال و على حساب التنظيم و وحدته و على حساب فلسطين كاملة. علينا العودة فوراً لخط الجبهة العروبي التأسيسي.

الحوار الأهم هو الحوار مع رفاقنا خارج الإطار التنظيمي لأنهم أضعاف من هم داخل الإطار ..

الجبهة الشعبية هي الحزب الثوري الأمثل و المؤهل لقيادة نضال الجماهير و كجزء أساس من محور المقاومة.

نتمنى النجاح لرفاقنا في الجبهة الشعبية في مهمتهم الصعبة فعلاً و لكن ليست المستحيلة وذلك بعد مؤتمرهم الثامن ووجود قيادة جديدة ولذلك سمحنا لأنفسنا بالمشاركة والنقد وكلنا ثقة بأن صدورهم تتسع لذلك.

عاشت فلسطين

_________

“كنعان”  غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.