نشرة “كنعان”، 14 مارس 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6499

في هذا العدد:

بيل جيتس يشرح لك رأس المال، عادل سماره

ما هي الأيديولوجية التي يناضل من أجلها الوطنيون الروس؟ مقالات في الأيديولوجيا الروسية الجديدة (الحلقة الأولى)، إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي

  • الأيديولوجية الجديدة لروسيا تولد في الدونباس، ألكسندر دوغين

✺ ✺ ✺

بيل جيتس يشرح لك رأس المال

عادل سماره

تحليل نص مقابلة صحفية أمريكية مع بيل جيتس حاكم إمبراطورية مايكروسوفت

نعم، يمكننا القول بأن هذه المقابلة القصيرة نموذج تطبيقي على جوهر النظام الرأسمالي ونقده من مدخل الاقتصاد السياسي.

ليس شرطاً أن هدف السيدة الصحافية التي أجرت المقابلة نقد النظام الرأسمالي ولكن أسئلتها إنسانية وهذا كافٍ، ويكفي أن جوهر المقابلة بل الأسئلة النقدية وبالتالي مهمة جدا.

السؤال الأول:

((هي: سيد جيتس، ماذا قدمت للعالم؟

هو: قدمت برنامج نظام الكمبيوتر

هي: أنت لم تخترعه بل سرقته من جاري…   معالج المعلومات السابق 

هو: المسألة ليست فقط التطوير بل إدارة شركة كبرى من حجم مايكروسوفت))

ملاحظة1: تهدف السيدة من السؤال إحراج جيتس بأنه يسرق جهد غيره. هنا بيت القصيد لأن علم الاقتصاد السياسي بل فلسفة الاقتصاد السياسي تؤكد أن أي مُنتَج/بضاعة أو سلعة هو من حق من بذل جهدا عضليا أو ذهنيا في إنتاج السلعة ولذا هو صاحب الحق فيها.

بيل جيتس اشترى الإنتاج وبالتأكيد بمبلغ تافه مقارنة بالمبلغ الذي باعه به وكم ربح منه على مدار استخدام هذا البرنامج.

أي ان بيل جيتس فقط يملك الفلوس ولم يبذل جهداً كي يُنتج أية سلعة ومن هنا هو كأي رأسمالي يشتري جهد الاخرين بطريقة استغلالية ولا يُصرِّح فقط أنه يملك بل ينسب لنفسه الاختراع.

يكون وضعه أفضل لو قال: أنا اشتريت الإنتاج العلمي. ولكن دائماً يكذب الرأسمالي فيتقمص شخصية العالم الذي اعتصر عقله لينتج ذلك المُنتَج، فهو حين يشتري المُنتج إنما يشتري جهد العامل ويشعر أنه يملكه!

بدوره، جيتس لجأ للتبرير أو ليثبت أنه فعل شيئاً ما أي قدرته على إدارة شركة كبرى.

بالطبع الإدارة مهمة، ولكن الأهم هو اساس وجود الإنتاج العلمي وبالتالي ليست الإدارة هي التي أنتجت البضاعة المفيدة للناس.

ومن هنا خطورة الرأسمالية كما يحصل دائما حين تعطي الشركات للمدراء مبالغ هائلة كأجرة على دورهم وليس لأنهم علماء، وحينها من الذي يظهر للناس؟ طبعاً ليس العالم بل الإداري أو من يسمونه CEOs الرؤساء التنفيذيين.

السؤال الثاني:

((هي: أنت كنت المتحدث الأساسي لصالح ترويج فاكسين (المقصود هنا الحقن المشادة لوباء كوفيد 19).

هو: نعم،

هي: ما الذي دفعك كمهندس كمبيوتر حتى تكون متحدث شرعي باسم شركات الأدوية؟

هو: قرأت كثيرا من الكتب والتقيت متخصصين من كل العالم))

ملاحظة 2: وهنا تأخذه الصحافية إلى حقل أكثر وعورة حيث تنتقد تدخله والفتوى في ما لا يعرف، وذلك فقط لأن لديه المال.

فكيف لمهندس كمبيوتر أن يشرح للناس علميا فوائد منتَج طبي من شركات الأدوية التي يُفترض أن من ينتجون فيها هم ايضا يبذلون جهدا علميا جسديا ذهنيا يبيعونه للشركات.

وبدوره يلجأ جيتس، لتبرير غير منطقي بقوله أنه قرا كتباً والتقى متخصصين. وهذا أمر مدهش! فهل يصبح من يقرأ الشعر شاعرا، ومن يقرأ عن الهندسة مهندسا ومن يقرأ كتبا عن الأدوية صانع أدوية!

يمكن للمرء أن يكتسب ثقافة في هذا المجال أو ذاك ولكن لا يصبح عالماً في مجال دون تخصص علمي.

لذا هو لجأ إلى الهلوشة.

السؤال الثالث:

((هي: هذا اكسبك بلايين الدولارات؟

هو: هكذا يشتغل العالم))

ملاحظة 3: هنا بيت القصيد سواء في السؤال أو الجواب. حيث قالت له هذا اكسبك ملايين الدولارات. لأن الرأسمالي يعمل هكذا يستغل أو يسرق جهد غيره ويبيعه ليكسب أموالا طائلة كما حالة جيتس.

أما إجابته فهي في عين ومركز إيديولوجيا راس المال، بقوله: هكذا يشتغل العالم. اي أن العالم في ظل راس المال يشتغل على الاستغلال والربح وحسب. أما التغليف بخدمة الناس فمجرد يافطة كاذبة.

السؤال الرابع:

((هي: وأدى ذلك إلى آلام وأمراض وموتى…

هو: هذه طريقة غير ناضجة لمناقشة الأمور.

هي: بل هي نمط سلوك

هو: ما قصدك

هي: تأخذ تكنولوجيا لا تعرفها وتتسبب في موت وأمراض…الخ

هو: هكذا يعمل العالم))

ملاحظة 4: هنا وصلت هي إلى إحراج جيتس بمعنى أنه قاتل، اي في سبيل الربح لا يهمه كم يموت من الناس. أي لا مكان للإنسانية طالما الهدف هو الربح.

لذا لم يجد هذه المرة ما يغطي نفسه فأجاب برفضه طريقة مناقشة الأمور. أي لجا هنا إلى أكذوبة التادُّب البرجوازي والزعم ان العالم يقوم على الاستغلال وبأن هذا أمر عادي.

لذا ردت عليه بأن هذا نمط سلوك راس المال الربح وتحديداً التراكم بلا حدود، ولو بالقتل أو نشر الأمراض أو الفقر….

هنا أضطر لسؤالها: ما قصدك

فكان ردها مفحما

اي انت لص تأخذ تكنولوجيا لا تعرفها وتتسبب في موت الناس وفقرهم.

وهنا عاد لرده الطبيعي الكاذب

هكذا يعمل العالم وكأن الاستغلال والسرقة مثابة قانون طبيعي أزلي لا يمكن للبشرية تغييره!!!

السؤال الخامس:

 ((هي هل تنام ليلا

هو: لا لا لا لا انتهت المقابلة))

ملاحظة 5: هنا تنتهي الدراما على حقيقة راس المال . حين النقد والعجز عن الكذب ينتهي بالرأسمالي إلى القمع أي تغيب أكذوبة اللبرالية وحرية الرأي والنقد…الخ

✺ ✺ ✺


انتباه: حفظاً للأمانة العلمية والصحفية ردت إدارة فيس بوك على مقالتي أعلاه بما يلي مما يؤكد أننا في عالم يفرض رؤية واحدة!!! وطبعا قامت بشطب الفيديو.

✺ ✺ ✺


تعديل الفيديو في رسالتك
تحتوي رسالتك على نفس المعلومات الموجودة في المنشور الذي تم التحقق منه بواسطة مدققي الحقائق المستقلين. قد يكون لها اختلافات صغيرة.
يقول مدققو الحقائق المستقلون في Agência Lupa إن مقطع فيديو في مشاركتك قد تم تغييره بطريقة يمكن أن تضلل الناس. لوقف انتشار المعلومات الخاطئة، قمنا بإضافة إشعار إلى منشورك.
الأشخاص الذين ينشرون معلومات خاطئة بشكل متكرر قد يتم نقل مشاركاتهم إلى مستوى أدنى في “آخر الأخبار” بحيث يقل احتمال رؤيتها للآخرين.

فحص وكالة LUPAFact
فيديو لبيل جيتس غاضب من أسئلة اللقاح “مزيفة للغاية”
تم تداول مقطع فيديو لمقابلة مزعومة مع الملياردير بيل جيتس على وسائل التواصل الاجتماعي. في التسجيل، اتهمه أحد الصحفيين بالترويج للقاحات تسببت في “إصابات وأعراض جانبية ووفيات لا حصر لها”. الفيديو “مزيف عميق”، أي أنه تم إنشاؤه من الذكاء …
يجب أن يكون جميع مدققي الحقائق الذين يتشاركون مع Facebook موقعين على الشبكة الدولية لتقصي الحقائق ويتبعون قواعد مبادئهم.
تعرف على المزيد حول كيفية عمل Facebook مع مدققي الحقائق المستقلين لوقف انتشار المعلومات الخاطئة.



Altered video in your post
Your post contains the same information as a post checked by independent fact-checkers. It may have small differences.
Independent fact-checkers at Agência Lupa say a video in your post has been altered in a way that could mislead people. To stop the spread of false information, we’ve added a notice to your post.
People who repeatedly share false information might have their posts moved lower in News Feed so other people are less likely to see them.

AGÊNCIA LUPAFact-check
Vídeo de Bill Gates irritado com perguntas sobre vacinas é ‘deep fake’
Circula nas redes sociais um vídeo de uma suposta entrevista com o bilionário Bill Gates. Na gravação, uma jornalista acusa-o de promover vacinas que causaram “inúmeras lesões, efeitos colaterais e mortes”. O vídeo é um “deep fake”, ou seja, foi construído a partir de inteligência …


All fact-checkers who partner with Facebook must be signatories of the International Fact-Checking Network and follow their Code of Principles.
Learn more about how Facebook works with independent fact-checkers to stop the spread of false information.

✺ ✺ ✺

ما هي الأيديولوجية التي يناضل من أجلها الوطنيون الروس؟ مقالات في الأيديولوجيا الروسية الجديدة

(الحلقة الأولى)

إعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

مقدمة من المترجم

الدستور الروسي الليبرالي الحالي يحظر اعتماد أيديولوجيا معينة للدولة. ولكن الطبيعة لا تطيق الفراغ!

اليوم تسود الأيديولوجية الليبرالية في كل مناحي الحياة في روسيا: في العلوم ومناهج التعليم، في الاعلام والصحافة والثقافة، في القوانين والدستور. من هنا تأتي أهمية النضال الذي يخوضه وطنيو روسيا لاعتماد إيديولوجية روسية تعبر عن تاريخ الشعب الروسي وحاضره ومستقبله.

د. زياد الزبيدي

✺ ✺ ✺

 الأيديولوجية الجديدة لروسيا تولد في الدونباس

محاضرة امام طلاب دونيتسك في إطار التجمع الشعبي الروسي

 ألكسندر دوغين

تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

 9/3/2023

الإيديولوجيا تولد في نوفوروسيا

 اشكركم على دعوتي للتحدث أمامكم عن موضوع مهم مثل الأيديولوجية الجديدة لروسيا.

اليوم، تولد هنا في دونباس الروسية إيديولوجية تكتسب هويتها الخاصة.  ماتت ابنتي من أجل روسيا العظيمة على أيدي الإرهابيين الأوكران.  قبل ذلك بوقت قصير، كانت قد عادت من المناطق المحررة (زارت ماريوبول، خيرسون، ميليتوبول، لوغانسك، دونيتسك) وشاركتنا انطباعاتها التي تلقتها هناك.

وقالت في محاضرة لها: “حتى نحن الوطنيون، نحن المؤيدون والمخلصون للعالم الروسي، نحن الإيديولوجيون وملهمو الربيع الروسي، نعتقد هنا في موسكو أن نوفوروسيا بحاجة إلينا.

 لكن في الحقيقة، ليس كذلك.  ماذا يمكننا أن نعلم نوفوروسيا بعدما مر أبناؤها وبناتها، البالغون والأطفال، ببوتقة المحنة التاريخية لدرجة أنهم أصبحوا شعبًا روسيًا حقيقيًا.  إنهم العالم الروسي “.

وبالتالي، عندما نتحدث عن أيديولوجية روسيا الجديدة، فإن هذا ليس نداءً من موسكو او من أولئك الذين معكم بأرواحهم، من كل قلوبهم، بجسدهم طوال حياتهم، الذين على الجبهة يموتون معكم، يعيشون معكم، من ينتصر معكم، من يتألم معكم، هذه ليست رسالة منا إليكم، بل سؤال.

 أي عندما نقول “أيديولوجية روسيا الجديدة”، فهذا ليس موضوعا لمحاضرة اليوم، ولكنه سؤال موجه لكم ولشعب نوفوروسيا، أنتم حاملو هذه الأيديولوجية.   أيديولوجية روسيا الجديدة ستكون إما لكم، أو أنها لن تكون موجودة على الإطلاق.

وهذا ليس مجرد نوع من التحية العابرة للأشخاص الذين عاشوا معاناة شديدة وانضموا الآن إلى روسيا.  أنتم لم تصبحوا فقط جزءًا من الاتحاد الروسي الحالي.  أنتم لم تصبحوا فقط جزءًا من بلدنا، بل جئتم إلى روسيا لتقوموا ببنائها من جديد، لجعلها مختلفة تمامًا.  أنتم تنضمون إلى الدولة الموجودة، والتي ليس لها أيديولوجية (كما هو مكتوب في الدستور).  أنتم لا تنضمون إلى الدولة التي تم إقامتها على أنقاض الاتحاد السوفياتي في عام 1991 على أساس القيم الغربية الليبرالية بالكامل، والمكرسة بالكامل للحكومة العالمية، والتي تسيطر عليها مجموعة من الأوليغارشيا المجرمة الذين سرقوا ثروتنا.  أنت لا تنضمون إلى هذه الدولة.  لقد جئتم لخلق روسيا من جديد.

وبالتالي، في روسيا التي سيخلقها أهل الجبهة، شعب نوفوروسيا، سيكون لكم الدور الرئيسي.  لذلك ينبغي ألا نخبركم بأي شيء، بل ان نصغي إليكم.

  من حيث المبدأ، سيكون من الصواب أن يخبرنا الناس في الخنادق والناس من دونيتسك وجورلوفكا وغيرها من المناطق التي تتعرض للقصف المستمر، بما يجب أن تكون عليه أيديولوجية روسيا.  وسنستمع إليكم ونتفق معكم.

 وهذه هي الطريقة التي يبدو لي أنها ستكون ضرورية لبناء علاقاتنا مع دونباس.  انظروا، الثقافة الروسية الحقيقية تولد في دونباس.  لا يوجد شعراء في روسيا الآن.  هناك بعض الدجالين الليبراليين “الطنانين” المنكسرين ذوي المواهب الضحلة للغاية، والطموحات الضخمة، المدعومين بمؤامرة من نفس الحثالات الصماء عديمة الجدوى.

 يولد الشعر الحقيقي فيكم – إن شعراءكم هم من يبدعون، والآن هم الذين يحددون نغمة شعرنا الروسي.  هؤلاء هم الرجال الموجودون في الخنادق على الجبهة. هم في قنواتهم على تيليغرام، المراسلون العسكريون، المشاركون في الحرب، معكم، يصوغون الآن أهم الافكار الروسية.

وعلينا فقط أن نفهمهم، ونستوعبهم وندعمهم، وننقل ذلك إلى بقية الشعب الروسي.  لذلك، هنا، قبل كل شيء، يجري الحديث عما يحدث الآن في المناطق الجديدة، وما يحدث في الجبهة.  وكل شيء سيعتمد على النصر القادم.  لأنه بدون هذه الأيديولوجية الروسية الجديدة، وبدون العالم الروسي، وبدون إحياء الربيع الروسي، لا يمكن للفرد ببساطة أن ينتصر.  والنصر يعتمد على ما إذا كانت لدينا هذه الأيديولوجية أم لا.  ليس الروسية، ولكن إيديولوجيتكم – إيديولوجية روسيا الجديدة.  ستكون روسيا إما جديدة أو ستنهار، ولن تصمد أمام هذا الاختبار التاريخي إذا بقيت في الحالة التي كانت عليها قبل الحرب.

السؤال لا يدور فقط حول ما إذا كنا سنحرر أو لا نحرر بعض الأراضي.  هذا هو السؤال: “يكون أو لا يكون الشعب الروسي، الحضارة الروسية، العالم الروسي، الروسي بشكل عام؟”.  لذلك، نحن نعيش في زمن صعب.  أنتم تعرفون أكثر عن هذا الأمر، لذلك أقول مرة أخرى: “كما تفهمون”، نحن نعيش في الأوقات الأخيرة، “كما تفهمون”، كل شيء على المحك، “كما تفهمون أفضل مني”، والآن تقرر اما ان تكون أو لا تكون كل روسيا.

لقد وصلنا إلى النقطة التي يجب أن تولد فيها هذه الأيديولوجية من خضم الألم.  لا ينبغي أن تولد على الورق، لا ينبغي أن تولد من بعض التقارير، أو استراتيجيات العلاقات العامة لإدارة الرئيس.  سيتم رميها على الفور، رياح التاريخ ستبعثر قصاصات الورق هذه على الفور، مثل أوراق الخريف.  جميع المكونات والأيديولوجيات المصطنعة، بغض النظر عن المكاتب التي توجد بها، وبغض النظر عن الأهداف الجيدة التي تم كتابتها من أجلها، ليس لها فرصة للوجود.

الأيديولوجيا تولد الآن عندكم، إنها تولد في نوفوروسيا، إنها تولد في المناطق المحررة.  ولهذا السبب لا نقول “نحن على قدم المساواة”، نحن على استعداد للاستماع إلى ولادة هذه الأيديولوجية.  لأن الأيديولوجيا – عملية تاريخية وصعبة للغاية.  وإعادة توحيد عالمنا الروسي، الشعب الروسي في الأراضي الجديدة، ومع تلك التي سنحررها بعد، ثم ندافع عنها، ثم ندمجها – في هذه العملية تولد روسيا.  وهذه المرة لا يمكن لروسيا أن تكون بدون أيديولوجية، لذلك فإن روسيا كفكرة ولدت هناك، وإذا أردتم، روسيا كإيديولوجيا.

 الأيديولوجية الجديدة ومقاومة الشر العالمي

 الآن بعض الملاحظات حول هذه الأيديولوجية الجديدة، لأننا إذا فهمنا بشكل صحيح معايير إنشائها، فسوف نفهم بشكل أفضل ما يحدث معنا.

 أولاً، ما أريد أن أقوله هو أن روسيا بالطبع لا تقوم بعملية عسكرية خاصة.  لقد بدأنا بعملية عسكرية خاصة، والتي تحولت إلى حرب كاملة.  حرب حقيقية.  حرب تواجه فيها روسيا الغرب الجماعي بأكمله، والتي تحدث عنها رئيسنا عدة مرات.  وهذا أمر خطير للغاية.  وهذه ليست عملية تقنية، وليست مجرد هدف يمكن تحقيقه هناك بالوسائل التكنولوجية، بإطلاق الصواريخ، من خلال الاستحواذ الدقيق، كما هو الحال في عملية لمكافحة الإرهاب.  هذه حرب بكامل القوة، بكل المقاييس.

 ثانيًا، هذه حرب ليست فقط بين الدول، وليس فقط بين الاتحاد الروسي كدولة قومية، وتحالف دول قومية أخرى تقاتل الآن ببساطة ضد روسيا.  يشمل هذا التحالف الولايات المتحدة وبريطانيا، باعتبارهما المبادرين الرئيسيين لهذه الحرب، عمليا جميع الدول القومية في الاتحاد الأوروبي (ربما باستثناء المجر وصربيا).  أوكرانيا، إذا اعترفنا بها كدولة وطنية، فهي تحاربنا أيضًا، أو كل البقية يقاتلون بأيديها.  قواهم آخذة في التضاؤل ​​، وأصبحوا أكثر بؤسًا.  لكن قوة المقاومة لا تهدأ، لأن الغرب الجماعي يلقي المزيد والمزيد من القوات في هذه الحرب.

 الصراع النووي – هو احتمال يمكن أن يصبح حقيقة في أية لحظة.  في الوقت الذي ينظر فيه جانب أو آخر إلى تهديدات معينة على أنها خطيرة، قد يتبع ذلك توجيه ضربة استباقية.  لا أحد محصن من هذا، لذلك نحن بثبات، إذا أردتم، نمشي على حافة الهاوية.  وليس فقط كسكان دونيتسك، وسكان روسيا، ولكن مثل البشرية جمعاء.

وفقًا لذلك، نحن نعيش في صراع الفناء، نهاية العالم، التي أصبحت قريبة جدًا منا بحيث لا ينبغي التقليل من شأنها.  من حيث النطاق العالمي للصراع الذي يتكشف بالفعل، نحن في حرب عالمية.  وأنتم على حدود هذه الحرب.  لقد كنتم شرارة هذه الحرب.  ولو استسلمتم أنتم، سكان دونيتسك ولوغانسك، فربما لم يكن  ليحدث شيء من هذا القبيل.

 لكن على الرغم من ذلك، عاجلاً أم آجلاً، بعد أن تقوى وتنضم إلى حلف الناتو، كانت أوكرانيا ستطالب بالقرم، وكانت ستهدد بيلغورود وكورسك وروستوف وفورونيج.  لكنكم أنتم استيقظتم أولاً، وتعذبتم، فأصبحتم مسيح روسيا.

الدونباس – هو مسيح روسيا، الذي عانى من أجلنا وذهب إلى مقاومة الشر، دون دعم، معتمداً ببساطة على روحه وإرادته وهويته وجذوره.

هذا إنجاز بطولي لشعب الدونباس، الذي نفتقده منذ زمن طويل ولا أستطيع ان أقارنه باي شيء اخر – وذلك لعظم رسالتكم.

مهمتكم هي أن تكونوا بمثابة كاتيخون.  أنتم طليعة الشعب الروسي المستيقظ، لقد حفظتم العالم وروسيا من الموت المحتوم.

نحن واصلنا هذا الحوار الغامض مع الغرب، والذي كان يعد لضربة حاسمة ضدنا، بتسليح نظام كييف النازي. كان الغرب يبحث عن فرصة لصرف انتباهنا باتفاقيات مينسك (هولاند وميركل اعترفا بذلك بصراحة). ولو لم نبدأ هذه العملية العسكرية الوقائية، لكان مصير روسيا على الأرجح قد حُسم.

لقد منحتمونا فرصة البقاء ولم تنقذوا نفسكم فقط، لقد أنقذتم الشعب الروسي والدولة الروسية.  إكرامًا وحمدًا لكم، وذاكرة أبدية لكل الذين ماتوا من أجل هذه القضية العظيمة.  لم يكن ذلك عبثا.هذا يعني أن هذه ليست حرب دول فقط، بل صدام حضارات.

 حرب الحضارات

 الآن دعونا نلقي نظرة على محتوى هذا الصراع.  يمكن اعتبار هذا الأمر على أنه صراع دول: الدولة القومية الروسية مقابل تحالف الدول القومية.  لكن هذا لا يقربنا من جوهر ما يحدث.  من الواضح أن هذا ليس صراعًا من أجل الأراضي أو الموارد أو الإمكانات الصناعية أو محطات الطاقة الكهرومائية أو الحبوب، إلخ.هذه المرة البُعد المادي للحرب ضئيل.

 هذه حرب الروح، حرب من أجل “فكرة”، إنها صدام كامل بين عالمين، وحضارتين.  صراع الحضارات نفسه الذي تحدث عنه عالم السياسة الأمريكي صموئيل هنتنغتون في التسعينيات من القرن الماضي.

الغرب – حضارة تدعي أنها عالمية وتؤمن بأنها مرادفة للحداثة والتطور والتقدم.  نشأت هذه الحضارة في العصر الحديث في أوروبا.  هدفها الرئيسي، كما قال فيلسوفنا فلاديمير سولوفيوف، كان فكرة “التقسيم” والانحلال، عندما يصبح الجزء أعلى من الكل.  في قلب كل شيء تكمن الرغبة في تحويل كل شيء إلى ذرات، إلى التشرذم.  وأي مكونات، أو مجتمعات تقليدية، أو شعب، أو دولة، أو مُلْكِيَّة، أو كنيسة، إلخ.  – كل هذا قابل للتحلل إلى شظايا والتشتت.

هزمت الليبرالية في القرن العشرين جميع الأيديولوجيات الغربية الأخرى التي حاولت الحفاظ على نوع من الوحدة على الأقل: الوحدة الطبقية في الاشتراكية، والوحدة القومية في الفاشية.  وهذا يعني، في الغرب نفسه، أن التقسيم الكامل للوحدة العضوية ساد أخيرًا فقط في نهاية القرن العشرين، عندما انتصرت الليبرالية بشكل لا رجعة فيه.

الليبرالية اليوم هي الأيديولوجية الرئيسية للغرب.  هذا هو الاتجاه الرئيسي.  وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، اعتبر الليبراليون، بعد أن انتصروا، أنهم هدموا أخيرًا المشروع الاشتراكي البديل لهم – آخر مشروع بقي بعد سقوط النازية في أوروبا.  بسبب انهيار الاشتراكية كأيديولوجية والاتحاد السوفياتي كدولة، وجد سكان دونباس أنفسهم في منطقة معادية يسيطر عليها المتطرفون والغزاة.  لقد خانتهم موسكو.

في وقت سقوط الاتحاد السوفياتي والاشتراكية، أعلنت الليبرالية أنها قد انتصرت أخيرًا على نطاق واسع، وأن نهاية التاريخ قد جاءت، وأن الحضارة الليبرالية الغربية هي الآن الوحيدة المتبقية.  هذه هي العولمة.  أعلن الليبراليون أنه من الآن فصاعدًا سيتم توسيع هذا النظام العالمي الليبرالي الجديد ليشمل جميع البلدان والشعوب، بما في ذلك روسيا.  ووافقت روسيا في التسعينيات على هذا.

 التسعينيات: ليس غباء، بل خيانة

 هذا ما كانت عليه خيانة العالم الروسي، الدولة الروسية، الحضارة الروسية، من جانب قادة روسيا في التسعينيات.  لم يتخلوا عن الشيوعية كفكرة فحسب، بل تخلوا عن الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي.  لقد خانوا الحضارة الروسية.  هذا هو السبب في أن كل أولئك الذين شاركوا في السلطة السياسية في روسيا في التسعينيات هم مجرمون تاريخيون خانوا بوعي أو بغير وعي سيادتنا وجذورنا وأرضنا.  وسوف يلعنهم التاريخ الروسي والشعب الروسي عبر القرون، مثل يهوذا الاسخريوطي.

الآن نحن نغسل خطايا التسعينيات بالدم.  تلك الحقبة اللعينة التي يجب أن يكرهها كل روسي، مثل زمن الفوضى. لأن كل ما يحدث اليوم على حدودنا الغربية، ما يحدث في الأراضي الجديدة، ما يحدث مع روسيا هو نتيجة تلك الكارثة الجيوسياسية الهائلة، كما قال رئيسنا، التي حدثت في التسعينيات.  عندها، استولت نخبة خائنة معادية للروس، لا تختلف كثيرًا عن الأوكرانية، على السلطة في روسيا، وتحاول حتى الان عدم التخلي عنها، على الرغم من الظروف التي تجد روسيا نفسها فيها.

 الحضارة الغربية، التي وصلت إلى ذروة فردانيتها، حطمت بالفعل ليس فقط الدول القومية، والكنيسة، والممتلكات، بل دمرت الأسرة، بحجة أن الفرد يمكنه اختيار جنسه.

 تحرير الإنسان من جميع أشكال الهوية الجماعية هو المعنى والأطروحة الرئيسية للليبرالية.  ولكن بمجرد حرمان الانسان من جميع أشكال الهوية الجماعية، أي لم يعد مواطنًا في روسيًا – هو لم يعد روسيًا، ولم يعد أرثوذكسيًا، ولم يعد أرستقراطيًا أو مزارعًا، وعندما لم يعد رجلاً أو امرأة، مثل هذا الفرد النقي لا يمكن أن يعيش. هو يصبح لا شيء: صفر.  إذا تمت إزالة كل الهوية الجماعية تمامًا من الإنسان، فلن يكون بشرا أيضًا.  سوف ينهار لاشلاء.

وهذه هي المرحلة الأخيرة من الحضارة الغربية، وهي مرحلة ما بعد الإنسانية – نقل القوة إلى الذكاء الاصطناعي، وظهور السايبورغ، والهندسة الوراثية، ونهاية البشرية.  هذا ما يدعو إليه الأيديولوجيون الليبراليون مثل كورتزوايل، ويتحدث عنه التكنوقراط الغربيون.  استبدال الانسان بأنواع بيولوجية أخرى، كائنات، نصف آلات، سايبورغ، غمر الوعي البشري في خوادم سحابية cloud servers – مرحبًا بك في المصفوفة matrix.  هذا ما يسميه دعاة العولمة “التفرد” او ” الانفرادية” Singularity.

المصفوفة – ليست مجرد خيال علمي، إنها مخطط لمكان توجه الحضارة الحديثة، وما اقتربت منه بالفعل.

الحضارة التي رسخت نفسها في الغرب – هي انتصار الليبرالية والتكنوقراطية ونهاية التاريخ.  العولمة – هي استراتيجية لتحويل جميع الشعوب، كل الثقافات، كل الحضارات إلى نسيج واحد من مجتمع ليبرالي يشمل كوكبنا، حيث يتحرر الشخص، بعد أن حرر نفسه من كل الهويات الجماعية، من الهوية الجماعية الأخيرة – من كونه إنسانًا.  لأن الإنسان هو أيضًا هوية جماعية.

في هذه الحالة، قبلت روسيا في التسعينيات قواعد اللعبة هذه، وقالت: “نحن أيضًا جزء من عالمكم الليبرالي ما بعد الحداثي”.  لدينا ليبراليون في السلطة.  لقد أدخلنا المبادئ الليبرالية في المجتمع وكرسها الدستور جزئيًا: حرية السوق، والديمقراطية الليبرالية، وحقوق الإنسان، والانتخابات، وثقافة ما بعد الحداثة، والفردية، والمهنية، والاندماج في الغرب.  سارعت الأوليغارشيا لدينا لشراء أندية كرة القدم في أوروبا ليتم قبولها في العالم الغربي ما بعد الإنساني.  ثم سادت الأيديولوجية الليبرالية بالكامل في روسيا.  ثم فقدنا كل شيء تقريبًا.

  بوتين في البداية: الاندماج في الغرب مع الحفاظ على السيادة

في تلك اللحظة، عندما كانت قدمنا ​​بالفعل على حافة الهاوية، جاء فلاديمير بوتين وأوقف، على الأقل، انهيار الاتحاد الروسي، الذي بدا شبه حتمي.  كلما اندمجنا في الغرب، كلما استوعبنا الليبرالية أكثر، كلما أصبحنا أضعف، كلما نشأت المزيد من المشاعر الانفصالية، كلما انهار الوعي الذاتي الجماعي بشكل أسرع.  من ناحية أخرى، راهن بوتين على السيادة، وبالتالي بدأ عملية الخروج التدريجي من هذه التبعية الليبرالية.

لكن السيادة بالمعنى الضيق تعني الدولة فقط.  لذلك، في المرحلة الأولى، قدم بوتين الأطروحة التالية: نعم، نريد أن نكون جزءًا من الغرب، نريد الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، نريد المشاركة في العمليات العالمية، في التقسيم الدولي للعمل، سنقوم بتزويد الغرب بموارد طبيعية رخيصة (غاز، نفط، ألمنيوم، إلخ)، نحن على استعداد لتطوير التعاون على جميع المستويات.  من الغرب، بدوره، هناك حاجة إلى شيء واحد فقط – الاعتراف بأننا دولة قومية ذات سيادة، على الرغم من أننا نقع في فضاء النظام العالمي الليبرالي العالمي المتمركز حول الغرب، وهو أمر لا نختلف عليه في الواقع.

وبسبب هذا الموقف على وجه التحديد، لم تكن لدى روسيا حاجة ملحة “لفكرة” او إيديولوجية وطنية طوال هذه السنوات.

 في التسعينيات، قام الليبراليون الذين صاغوا دستورنا بحظر الأيديولوجيا تمامًا، خوفًا من عودة الشيوعيين إلى السلطة.  ولكن من خلال رفض الإيديولوجية الشيوعية والأرثوذكسية المحافظة (الإمبراطورية)، فإن الإصلاحيين الليبراليين في التسعينيات (أطلقوا على خصومهم مصطلحًا مهينًا “أحمر-بني”) بشكل افتراضي جعلوا الليبرالية هي الأيديولوجية المهيمنة.  كل شيء ما عدا الليبرالية، في الواقع، تم حظره، والسخرية منه، وتهميشه، وشيطنته في التسعينيات.

بعد أن أصبح بوتين رئيسًا للدولة، حيث كان الأمر لا يزال يتعلق بالاندماج في الأيديولوجية الغربية، في العالم الليبرالي الغربي، لم تهتم السلطات أيضًا “بالفكرة” الروسية، على الرغم من تراجع الاضطهاد المباشر للوطنيين الروس.

ومع ذلك، في عام 2007، في مؤتمر ميونيخ للأمن، وجه بوتين انتقادات مباشرة للنظام العالمي الغربي، الذي تحول إلى عالم أحادي القطب وهيمن على كوكبنا.  تصاعد الموقف في آب أغسطس 2008، خلال اشتباك مع نظام ساكاشفيلي الموالي للغرب، بدعم من جورج سوروس.  وفي عام 2014، عندما دعم الغرب بنشاط الانقلاب النازي في أوكرانيا الموجه ضد روسيا، بل نظمه في الواقع، وهو ما ردت عليه روسيا بإعادة توحيد شبه جزيرة القرم ودعم دونباس المتمرّد، تدهورت العلاقات مع الغرب تمامًا.  ولكن حتى بعد ذلك، وبعد أن دخلت روسيا في صيغة اتفاقيات مينسك، لم تتخلَّ عن الفكرة الأقل واقعية المتمثلة في الاندماج في العالم الغربي على أساس شروط الحفاظ على السيادة.

احتوت الفكرة ذاتها على تناقض لا يمكن إزالته – ففي النهاية، فإن الليبرالية، نظريًا وعمليًا، تنكر على الدول الحق في السيادة، وخاصة تلك الدول التي لا تخضع للسيطرة الكاملة من قبل الهيمنة العالمية والتي لم تتغلغل فيها الليبرالية بعمق في الوعي العام والمؤسسات السياسية والاجتماعية.

لذا، خطوة بخطوة، استجابةً لكل تحدٍ من موقع السيادة، دخلنا في صراع ليس فقط مع الدول القومية الأخرى التي كانت تابعة تمامًا للغرب، ولكن مع الحضارة الغربية نفسها، مع العولمة، مع نظام عالمي مهيمن، مع الليبرالية كفلسفة تقوم على الفردية التي تكمن وراء ميتافيزيقيا الحضارة الغربية الحديثة.  وكلما انخرطنا في هذا الصراع، كلما أدركنا أننا حضارة أخرى، وأن الحضارة الروسية ليست جزءًا من الحضارة الغربية، ولكنها ظاهرة أصيلة تمامًا.

 كانت هذه العملية بطيئة للغاية: من وقت لآخر، كنا نتذكر السلافوفيليين، كما إقتبس بوتين عن إيلين، الذي كان له نفس وجهة النظر، حتى سولجينتسين (الذي، على الرغم من خيانته، كان أيضًا من محبي السلافوفيليين).  وفقًا لذلك، بدأنا ندرك أكثر فأكثر أننا لسنا جزءًا من الحضارة الغربية، وأن لدينا “فكرتنا” الروسية.  وبناءً عليه، فهمنا أكثر فأكثر أننا بحاجة إلى أيديولوجية لروسيا الجديدة.

 العملية العسكرية الخاصة بمثابة طرد الأرواح الشريرة

 وأخيرا، لقد حانت العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.  قبل عام، دخلت روسيا في حرب وجها لوجه واسعة النطاق مع حضارة الغرب، ضد الفردية، ضد تفكك المجتمع والإنسان، ضد العولمة، ضد جميع الأسس الرئيسية لفلسفة العولمة الليبرالية الغربية الحديثة والسياسة والاقتصاد، والثقافة.

في أوكرانيا، تحدت روسيا الهيكل المصطنع للنازيين الجدد الذي ابتكره دعاة العولمة والليبراليون من أجل تدمير روسيا، وهي العقبة الأخيرة أمام انتصارهم العالمي.  إذا سقطت روسيا، فلن تتمكن حتى الصين الثرية والفعالة من مقاومة القوى الغربية لفترة طويلة.

عمد دعاة العولمة إلى إنشاء دولة كانت أيديولوجيتها الشمولية مزيجًا من الليبرالية والأطلسية من جهة والنازية الجديدة المعادية للروس من جهة أخرى.  نظام نازي ليبرالي، وعن أكثر جوانبه اللاإنسانية والعنصرية والإرهابية غض الغرب الليبرالي الطرف ولا يزال.  بلا شك – بعد كل شيء، هو خطط وخلق هذا النظام.

هذه هي الطريقة التي ظهرت بها دولة ما بعد الحداثة، حيث يعمل المهرج اليهودي في وقت واحد كرأس وملهم للجماعات النازية الجديدة الراديكالية (غالبًا معادية للسامية، ولكن الأهم من ذلك، معادية للروس).  وكل هذا التنكر الدموي في تارانتينو تحركه يد الغرب الليبرالي، الذي يعاقب على الفور أي تلميح للوطنية، أو حتى حماية الأسرة التقليدية، في الغرب نفسه بأكثر الطرق قسوة، بينما في أوكرانيا تزدهر الحركات والمنظمات النازية والمتطرفة للغاية.  كل ما هو غير مقبول على أراضيها، على العكس من ذلك، يتم دعمه وتنميته من قبل نفس الغرب الليبرالي في أوكرانيا لأغراض عملية بحتة.  الهدف الوحيد هو تدمير روسيا بأي ثمن.  وبعد ذلك، بالطبع، لن يتبقى شيء من هؤلاء الرعاع النازيين الجدد، سيتم تصفيتهم ببساطة، بعد ان يقوموا بعملهم القذر، ولن يكون هناك أي صوت.  لكنني متأكد من أننا سنقضي عليهم بأنفسنا.

بشكل عام، ستصبح أوكرانيا إما لا شيء، منطقة فارغة قاحلة في سياق العالم الليبرالي، أو ستولد من جديد كجزء من الحضارة الأرثوذكسية الروسية العظيمة التي كانت دائمًا، ولا تزال كذلك، حتى الآن.  إن تحرير أوكرانيا، الذي نسعى إليه الآن بكل قوتنا، يشبه طرد الأرواح الشريرة، طرد الشيطان.  هذا ما تحولت إليه العملية الخاصة التي نجريها منذ عام.

والآن، الأيديولوجيا.  عندما دخلنا في صراع مباشر مع الغرب، كحضارة ضد حضارة، وجدنا أنفسنا في موقف غير متكافئ.  ولأن الغرب يعرف أسس حضارته، فإن أيديولوجيته واضحة، وهي مكتوبة في جميع الكتب المدرسية الغربية، وهي موجودة في جميع الجامعات، وفي جميع البرامج.  وليس فقط في الغرب نفسه ولكن في جميع أنحاء العالم، وللأسف عندنا أيضًا.

 جميع العلوم الإنسانية الحديثة مبنية على مبادئ ليبرالية، على رأسها يوجد  “الفرد”.  وكذلك الحال في الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا والدراسات الثقافية والاقتصاد وعلم النفس والعلوم السياسية والعلاقات الدولية والإثنولوجيا وما إلى ذلك. أينما نظرتم، ومهما كان الكتاب المدرسي الذي تفتحونه، فسيكون بالتأكيد دعاية ليبرالية.

في علم الاجتماع، يعتبر موقف ماكس ويبر Max Weber 1864-1920 وعلماء الاجتماع الأنجلو ساكسون (بدءًا من العنصري الليبرالي والدارويني الاجتماعي سبنسر Herbert Spenser 1820-1903) متزمتا، حيث يتم إنشاء المجتمع من قبل الأفراد، وبالتالي يمكن دائمًا تفكيكه وإعادة بنائه، فلا توجد وحدة فيه.

ومدرسة دوركهايم Emile Durkheim 1858-1917 وموس Marcel Mauss 1872-1950 على العكس من ذلك – فإن المجتمع ككل، والوعي الجماعي هو الذي يحدد الحفاظ على الأفراد، إما أن يساء تفسيره أو يتم تقديمه كرأي خاص.

 في نظرية العلاقات الدولية، يُعتبر نموذج الليبرالية الذي يتمتع بانجذاب مباشر للحكومة العالمية، بالإضافة إلى عدد من الإضافات ما بعد الحداثة (نظرية الجندر، والبنائية، الخ) أمرًا مفروغًا منه.  نظريات أخرى، وقبل كل شيء الواقعية، مذكورة أيضآ مع النقد الكامن.

 نأخذ علم النفس.  تهيمن السلوكية والإدراك والتحليل النفسي الفردي ونظريات ما بعد الحداثة.  علم النفس الأعمق “لجونغ” Carl Jung 1875-1961، وعلم الاجتماع التخيلي “ديوران” Gilbert 1921-2012 Durand، أو العلاج ب “الدازين Dasein اي احدى طرق التحليل النفسي” “لبوس / بينسوانجر”Boss-Binswanger موجودة فقط في الهوامش.

 لم أعد أتحدث عن الاقتصاد، فهناك فقط تعصب للسوق الليبرالية، وإلى جانب ذلك، هناك فقط “هرطقة” هامشية، والتي لا تشمل فقط “فريدريش ليست” أو “سيلفيو جيزيل”، بل تشمل “ماركس” و”كينز” و”شومبيتر”.

 في كل مكان في المعرفة الحديثة السائدة، نواجه التغني بالفرد، وكذلك النقد المباشر أو غير المباشر لأي تكامل أو كلي جمعي أو أي تسلسل هرمي، وتفكيك المبدأ الجماعي إلى ذرات، وإزالة كل ما يرتبط بطريقة أو بأخرى المجتمع التقليدي.  الدراسات الجنسانية، ما بعد الإنسانية، البيئة العميقة، الذكاء الاصطناعي والهندسة الوراثية هي في طليعة هذا الاتجاه – هنا يتحلل الفرد بالفعل، مما يفسح المجال لمجموعة غريبة من المكونات البشرية والميكانيكية والحيوانية.

 في العلم والتعليم في الغرب، رسخ الخط الرئيسي نفسه بقوة: التحرر من الهوية الجماعية.  هذا هو عمليا المحتوى الكامل للتعليم الليبرالي.

 عندما وافقت روسيا على أن تصبح جزءًا من العالم الغربي، حتى أنها كانت تطمح بشدة إلى ذلك، قبلنا كل هذا – التحديث والرقمنة وما بعد التحديث.  وهكذا، كنا نفقد بسرعة ما كان يميز حضارتنا الروسية.  هذه العملية المدمرة تم التمهيد لها أيضًا خلال الحقبة السوفياتية من تاريخنا. سادت المادية والإلحاد والعبادة العمياء للتقدم التقني وازدراء الأسس الدينية والهوية العميقة في العلم والتعليم.  ولكن هناك كل هذا تم باسم المجتمع ككل. بعد ذلك بدأت الليبرالية، بعد أن حافظت على المادية والإلحاد، في تدمير المجتمع أيضًا.

 خلال 30 عامًا، ومع الأخذ في الاعتبار 70 عامًا أخرى من المادية السوفياتية، والتي تعطي بالفعل 100 عام من الاقتلاع النشط للتعليم التطبيقي الروسي التقليدي والكلاسيكي وحتى الواقعي، فإن هذه المنطقة بأكملها أصبحت أرضا قاحلة.

هذا طريق مسدود.  لدمج مناطق جديدة في روسيا، من الضروري توحيد العملية التعليمية.  لكن الكتب المدرسية والوسائل التعليمية والخطط ومعايير التقييم التي تأتي من روسيا الكبيرة هي دعاية ليبرالية تخريبية بنسبة 90٪.

 يجب أن تكون الغالبية العظمى من الكتب المدرسية في العلوم الإنسانية في الظروف الحديثة محظورة، بالمعنى الدقيق للكلمة، لأسباب تتعلق بالرقابة، لأنها تعكس وجهة نظر يغلب عليها الليبرالية، وهذه هي أيديولوجية عدونا الحضاري، الذي نخوض معه حربًا ليس من اجل الحياة ولكن حتى الموت.

 لا يمكن أن تكون شظايا التعليم السوفياتي التي حافظت على نفسها بالقصور الذاتي بمثابة نقطة ارتكاز.  لقد تم تبريرها بالأيديولوجية السوفياتية التي لم تعد موجودة والتي لا يمكن أن تكون جوهر البديل الحضاري.

 لا يوجد شيء روسي على الإطلاق في العلوم الإنسانية.  لا شيء من شأنه أن يقوي أو يؤكد هويتنا.

نجد أنفسنا في موقف متناقض حيث تخوض روسيا حربًا ضد حضارة معروفة بهوية أيديولوجية محددة بوضوح ولها تاريخ طويل وأهداف محددة بشكل واضح.

لكننا لم نصوغ أيديولوجيتنا بشكل واضح حتى الآن، ولم نغير مادة الدستور التي تحظر أي إيديولوجية للدولة، ولم نعتمد “المبادئ الأساسية”.

 لم نبدأ حتى العمل على تغيير محتوى نظامنا التعليمي نحو العالم الروسي.  يظل تعليمنا استعماري الطابع.  نحن، كهنود، متوحشين، نتعلم من قبل المستعمرين مبادئهم، وبالطبع في مصلحتهم الخاصة.  للأسف الشديد، لم نبدأ حتى النضال من اجل التحرر في المجال الفكري المعرفي.

 القيم التقليدية للمرسوم المصيري

 أول علامة هنا هي مرسوم رئيس الاتحاد الروسي بتاريخ 9 نوفمبر 2022 رقم 809 “بشأن إعتماد قواعد سياسة الدولة للحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية التقليدية وتعزيزها.”  هذه هي القيم التقليدية التي نتبعها الآن مع مالوفيف والأب أندريه تكاتشيف على قناة Tsargrad TV.  تم نشر كتيب منفصل، حيث يتم إخضاعهم لوصف وتفسير منهجي.

هذا كثير من العمل لتوضيح المرسوم.  نعطي تفسيره التفصيلي، ونترجم العبارات البيروقراطية الجافة الفردية إلى بنى نظرية متسقة.  بتفسير هذا المرسوم وفرز كل قيمة على حدة، نشكل الحقل الأساسي “للفكرة” الوطنية التي نحتاجها كثيرًا.

أهم أطروحة هي “التقليد” Tradition، واستمرارية العصور التاريخية، ووضع الروحانية فوق المادية، والأسرة القوية، وتنوع الشعوب.  كل هذه هي القيم المميزة للمجتمع التقليدي، وبالتالي فهي معاكسة مباشرة للأيديولوجية الليبرالية.

قيم المرسوم رقم 809 هي جوهر هذه الأيديولوجية الجديدة.  لكننا نتخذ الخطوات الأولى فقط نحو حقيقة أن “الفكرة الروسية”، التي تجمع بين استقلالنا وهويتنا وأصالتنا مع العدالة الاجتماعية، أي مواقف اليمين واليسار والافكار المحافظة والاشتراكية، تصبح أساسًا لأيديولوجيا متكاملة.

لذلك كان هناك وضع متناقض.  نحن بالفعل في حالة حرب، لكننا لم نفهم بالكامل بعد وظيفتنا في حرب الحضارات هذه.  وليست هناك حاجة للحديث عن كيفية البناء على أساسها نظرية المعرفة الكاملة، ومجموعة كاملة من النظريات العلمية، والتي ستشكل بعد ذلك أساس العلوم الإنسانية.  لكن الغرب والليبرالية يقاتلوننا بهذه الصفة.  إنهم يفهمون تمامًا من نحن حقًا، وحتى أنهم يضربون على نقاط الضعف، التي لم يشتد عودها بعد.  بمعنى ما، فهم يفهموننا بشكل أفضل مما نفهم نحن أنفسنا.  ولذا فهم يكرهوننا – ليس بسبب حاضرنا، بل أكثر بسبب ماضينا ومستقبلنا، من أجل أعماقنا وأبديتنا.

 دونباس – المركز الروحي للعالم الروسي

 بإرادة القدر ووفقًا لمنطق تاريخ دونباس، لم تكن الأراضي الجديدة على الهامش، بل في قلب العالم الروسي.  أنتم تحتاجون لبدء عملية الصحوة الكاملة.  أنتم الذين، كونكم على الحدود مع عدو حقيقي، بعد أن تحملتم الكثير من المحن، ستكونون قادرين على شق الطريق نحو الأيديولوجية الروسية والتعليم الروسي بشكل أسرع بكثير من بقية روسيا.  بعد كل شيء، أنتم لستم بحاجة للمعاناة طويلا لاقتلاع الليبرالية لديكم لأنه يطلق النار عليكم.

  الليبرالية هي “صواريخ HIMARS” التي تسقط على رؤوسكم، فتقتل أطفالكم، ونساءكم، وكبار السن، والأهل، والآباء.

دورة قصيرة (تعليمية ومركزة) في الليبرالية – هي القصف اليومي لدونيتسك أو جورلوفكا.  يجب على سكان دونباس تطوير رد فعل سلبي وراثي بكل ما يتعلق بالغرب، وقبل كل شيء فيما يتعلق بالليبرالية، وهي الحالة ذاتها التي حكمت عليكم وعلينا جميعًا بالإعدام.

هذا يعطيكم الفرصة لاستيعاب واعتماد الأيديولوجية الجديدة لروسيا السيادية وللعالم الروسي.

أنتم طليعة العالم الروسي.  أنتم حدودنا الأمامية.  وعندكم، في أصعب ظروف المواجهة، يجب إنشاء أو إعادة بناء الأيديولوجية الروسية.

 وبالتوازي، من الضروري اقتلاع الليبرالية من كل مكان.

 من الناحية الفنية، يمكنني إخباركم بكيفية القيام بذلك بشكل صحيح.  الليبرالية – هي أيديولوجية تسعى إلى تحرير الفرد من جميع أشكال الهوية الجماعية.  أينما ترى تلميحًا لنقد الشمولية، والنزاهة، والوحدة، والتضامن، والتماسك، والعدالة الاجتماعية، وكذلك نقد التقاليد، بما في ذلك الكنيسة، والملكية، والأسرة، والأخلاق، والروحانية، والبطولة، والسمو، والجمال – فهناك الليبرالية.  فكر في الأمر على أنه قنبلة”عنقودية”.  تنتشر اليوم هذه الأفكار في جميع المؤسسات والكتب المدرسية والبرامج.  وهذا من فعل أعدائنا الحضاريين هناك.

نظريات أكثر تكاملاً وليبرالية، وروايات أكبر مثل الليبرالية في العلاقات الدولية، ومفهوم “المجتمع المفتوح”، ووضع الفرد ضد الدولة والتقاليد والدين، و “فهم علم الاجتماع” – هؤلاء هي بالفعل “صواريخ HIMARS” الذين قصفونا بها لتدميرنا.  هذه هي صواريخ Tochka-U التي يستخدمها خصومنا الأيديولوجيون لضربنا.

يجب الآن القيام بعمل ضخم لتطهير المجال الإنساني، مع تحديد “الألغام” الليبرالية.  إن إجتثاث الليبرالية من العملية العلمية والتعليمية – هي مهمة تقف أمام المناطق الجديدة، ولا سيما جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.  وهذه مهمتنا المشتركة معكم.  سنساعدكم فيها بقدر ما نستطيع.  لكن يجب أن تتعلموا هذا اليوم، وهذا ما يجب أن تعلمونا إياه.  المركز – هو أنتم، نحن الآن الأطراف، المؤخرة.  يصنع التاريخ حيث تدور رحى الحرب.

 كاتيخون في الدونباس

 لقد شهدت لحظة مفجعة للغاية في حياتي عندما شاهدت مقاطع فيديو عن بداية تحرير الدونباس من النازيين في عام 2014. كانت هذه أول تجمعات لعمال المناجم.  أنا، من سكان موسكو، وفيلسوف، لم أذهب أبدًا إلى دونباس.  ما هو تصوري عنها؟  بالطبع، فهمت أن هذه كانت نوفوروسيا، وأنه لا علاقة لها بأي “أوكرانيا”.  ومفهوم “أوكرانيا” ذاته لا يمكن الدفاع عنه.  لكن، مع ذلك، بدا لي أن هؤلاء الناس في الدونباس هم في الغالب أشخاص عاديون، لهم ميزاتهم الخاصة، ولكن ليس لديهم نظرة واسعة.  نعم، إنهم يحمون لغتهم وتاريخهم وأرضهم.  وهذا وحده يفوق المديح.

لكن هذا ما رأيته في هذا الفيديو.  نصب تذكاري، أعلام سوفياتية في الغالب.  وفجأة، يخرج عامل عادي يرتدي ملابس متواضعة، ربما مباشرة من المنجم، إلى المنصة المرتجلة.  غير متنكّر، بل يرتدي ملابسه العادية، مسنّ، لا يميزه شيء.  صعد إلى النصب وصرخ: “الحرية لدونباس!  يسقط المجلس العسكري في كييف!  نحن كاتيخون. نحن حاملو راية آخر مملكة أرثوذكسية.  نحن هنا مدعوون للقيام بمهمة دينية عظيمة “.

عندما شاهدت هذا، فكرت: “هذه هي البداية”.  كان من المستحيل ببساطة تخيل مثل هذا الفهم الثاقب والعميق لما يحدث في دونباس، وأين يقود، وما سينتج عنه.  لقد كانت معجزة دونباس حقيقية.  لهذا أكرر كلمات ابنتي داريا، التي ماتت على يد إرهابي أوكراني، لكنها في الحقيقة سقطت في المعركة في الخط الأول.  الآن أصبحت داريا بالفعل بطلاً قومياً.

 لذا، داريا، عندما كانت عائدة من رحلة إلى نوفوروسيا – لوغانسك، دونيتسك، ميليتوبول، خيرسون، إلخ.  قالت حقيقة عميقة: “نحن نعتقد أن دونباس تحتاج إلينا، وأننا بحاجة إلى تعليم شعبه… لا، إن دونباس هو العنصر الحيوي بالنسبة لروسيا.  هو الذي يجب أن يعلمنا “.

وكيف يمكن للمرء ألا يتذكر كلام عامل المنجم المجهول من عام 2014. هناك أوقات يتكلم فيها الله من خلال شخص بسيط.  وقد جعلنا نفهم ما تدور حوله هذه المواجهة، ليس فقط بالنسبة لنا جميعًا، ولكن أيضًا للبشرية، وحتى له نفسه – نوفوروسيا، ما معنى جمهورية دونيتسك ولوغانسك.

نصر حقيقي في حرب حقيقية

 وآخر شيء أريد أن أقوله.  ربما يهتم الكثيرون بموعد النصر؟  كيف ستنتهي الحرب؟  كيف سوف ينتهي كل هذا؟  كيف ستكون روسيا بعد الحرب، حيث تتجذر أيديولوجيتنا؟  يعبر بعض الناس عن وجهات نظر متفائلة، لكنهم يسوقون توقعات مبالغ فيها.  مثل، نحن على وشك الفوز، نحن فقط علينا ان ننخرط في النضال وسنفوز.  البعض الآخر، على العكس من ذلك، ينزعج ويستسلم، ويرى مدى صعوبة الأمر بالنسبة لنا في هذه الحرب، ومدى بطء تقدمنا ​​، وكيف نترك مواقعنا أحيانًا.

 أود تجنب التطرف هنا – التفاؤل الشديد والتشاؤم الشديد.  هذا ما أفكر به حول هذه الحرب.  أعتقد أن النصر يمثل إشكالية كبيرة.  نعم، سيكون النصر لنا، ولكن بأي ثمن – لا يمكننا تخيل ذلك.  هذه حرب صعبة وطويلة.  وستستمر لفترة طويلة جدًا.  بعد كل شيء، نحن نحارب الغرب الجماعي.  وبالتالي، لأكون صادقًا، لا أرى احتمالًا قريبًا للنصر.  مهمتنا التي أمامنا تكاد تكون مستحيلة.

 الفوز – يعني هزيمة الغرب، وهزيمة حضارة المسيح الدجال، والنظام العالمي، وليس فقط النظام النازي في كييف.  هذا هو صراع الحضارات، المعركة النهائية للبشرية. لا يمكن ان تفوز بها بسهولة.

من أجل الفوز بهذا النصر، نحتاج إلى بدء حرب حقيقية.  ونحن ما زلنا قد بدأنا القتال.  ما زلنا في مكان ما في مرحلة العملية العسكرية الخاصة.  نحن نخرج فقط من الصدمة ولا يمكننا فهم ما يحدث، ولا يمكننا فهم جوهر ما يحدث بالفعل.  وعليه، فإن النصر – ليس على جدول الأعمال بعد.  من أجل الانتصار في هذه الحرب الوطنية النهائية، وربما الأخيرة، والأكثر فظاعة، الحرب الوطنية، الحرب الروسية، لهذا، يجب أن ينخرط كل شعبنا ودولتنا ومجتمعنا في هذه الحرب.  بدون أي استثناء.  كما حدث في الحرب العالمية الثانية، كما حدث في الحرب الوطنية العظمى.  ما يحدث الآن – هي الحرب الوطنية الثالثة.  إنها شعبية بالفعل، لكن يجب أن تصبح شاملة.  فقط بكل قوتنا، روحيًا وماديًا، بكل الموارد والأساليب، سننتصر.

الآن، لا يجب أن يتحرك جرار واحد، ولا شاحنة واحدة، ولا عربة واحدة، ولا شاحنة واحدة عبر روسيا إذا لم يكتب على متنها الحرف “Z”.  كل ما يزحف ويطير، يتنفس، يعمل، يفكر، يتكلم يجب أن يفعل ذلك باسم النصر.  اليوم، مسألة مدى تركيزنا على الحرب – هي مسألة حياة أو موت.  يجب أن ندع الحرب تدخل في أعماق أنفسنا، بعمق، حتى النهاية.  يجب على الجميع تجربة مأساتها وآلامها بأنفسهم.

أرى جماهير ضخمة تنضم إلى الحرب.  الملايين من الناس في روسيا معكم بالفعل قلبا وروحا، في المناطق المحررة، في الجبهة.  لكن هذا لا يكفي.  يجب على الجميع أن يستيقظوا.  هنا يجب أن يكون هناك الكل.  يجب أن تصل الحرب إلى كل بيت، وتصل إلى كل إنسان، إلى أعماق الروح.

 والحزن – حزنكم، حزننا، حزن أولئك الذين فقدوا أحباءهم، والذين يفقدونهم الآن على الجبهة – يجب أن يصبح حزن الجميع.  هذا ليس حزنًا خاصًا لشخص بعيد، في مكان ما هناك.  لا يجوز القول: فقد البعض أحباءهم، وهذا شأنهم، فقط همهم ونحن لم نخسر. لا يجوز القول: هذه ليست قضيتنا، هذه قضيتكم.

 هذه قضية الجميع، بشكل عام، الجميع، دون استثناء واحد.  من لا يشعر بهذه الطريقة، من لا يبكي، من لا يقلق معنا، من لا يتضامن مع جنودنا، الذي لا يساعدهم من كل قلبه، بكل روحه، بكل أفعاله – هذا هو الشخص الذي يستثني نفسه من الوطن الأم، من روسيا، من الشعب الروسي.  لم يعد هذا شخصًا روسيًا على الإطلاق، فهو يعارض بنفسه الوجود التاريخي للشعب الروسي، وينحاز إلى جانب عدو كاتيخون، وفي الواقع يتحول إلى عدونا المباشر.

 اليوم لا مجال للتردد والحياد.  إما يمينًا أو يسارًا.  اما الحملان او الجداء.  سننتصر عندما نفهم أنفسنا وعدونا.  هذا هو الشرط الأساسي للنصر.

 ويبدأ النصر منكم، مع أهل الدونباس، مع أولئك الذين استيقظوا أولاً لخوض المعركة الكبرى.

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:

https://kanaanonline.org/

  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org