نشرة “كنعان”، 16 مايو 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6545

ي هذا العدد:

قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي (حلقة2)، عادل سماره

  • الموجتان القوميتان الأولى والثانية

عقد على غياب جانيت أبو لغد: هذا العالم لم يبدأ من أوروبا، سعيد محمّد

  • تعليق الدكتور عادل سماره

أثر المقاومة على الكيان الصهيوني، محمد سيف الدولة

✺ ✺ ✺

قراءات في الراهن العربي من النظري إلى التطبيقي

(حلقة2)

 عادل سماره

  • الموجتان القوميتان الأولى والثانية

ملاحظة: عولجت هذه المسألة في كتابنا: هزائم منتصرة وانتصارات مهزومة (2020).

ليست المصطلحات في السياسة بلا معنى طالما هي وصف أحداث وحالات وأوضاع، طالما هي تأريخ للأحداث في أُطر لغوية تشرحها وتعبِّر عنها بهذا المستوى البلاغي الحار أو ذاك. وفي غالب، إن لم نقل مطلق، الحالات، يجري التأريخ على لسان وبخطوط ايدي المنتصرين، لحظة الانتصار وما بعده أي خلال استقرار نظامهم. ويتلو ذلك بالطبع ترسيخ لغته ناقلاً العلاقة بين المنتصر والمهزوم من السيطرة إلى الهيمنة التي في الغالب تؤذي وتُخضِع أكثر مما فعلت السيطرة حين انتصار طرف وهزيمة آخر. لكن السياق الزمني اللاحق لا بد أن يبين إن كان الحدث في صالح البشرية أم ضدها وذلك عبر قوانين الديالكتيك التي هي في التحليل الأخير تؤكد الصعود البشري. فتاريخ البشرية يؤكد غَلَبة المنحى التطوري.

في هذا السياق تبلورت لغة الغرب المركزاني الأوروبي ولاحقا الأورو-أمريكي، فأُعطت أسماء وتوصيفات لمختلف الأحداث، حتى السابق منها على عصر راس المال، أسماء وتوصيفات كما رآها وقرَّر الغرب أن تُصبح مؤكدة لكينونته ونافية لكينونة بقية العالم بكل تعددها وخواصها. وليس الاستشراق سوى أحد تجليات تصنيع تاريخ للتاريخ.

الموجات القومية

أحد هذه المصطلحات ما كرسه خطاب الغرب بتسمية القرن التاسع عشر ب “عصر القوميات” في توصيف للثورات التي حصلت في أوروبا في منتصف القرن التاسع عشر مترافقة مع الثورة الصناعية حيث تبلورت أكثر ورسمياً حدود وسيادات الدول القومية في أوروبا الغربية خاصة.

ليس موضوعنا طبيعة تلك الثورات القائمة على الثورة الصناعية التي أنجزتها أوروبا الغربية بشكل متناسب/متوازٍ تقريباً، وإنما يرتكز نقدنا على تعميم تلك التسمية المحدودة جغرافياً على سائر العالم. واي عالم؟ بقية العالم أو معظمه الذي كان كلما تقدمت أوروبا الغربية خاصة كلما تم اقتحامه واستعماره ونهبه بمطلق الوحشية. ومع ذلك يتم تعميم التسمية على الضحايا ويتم تدريس هذه التسمية المعممة في كثير من بلدان المحيط مما يخلق حالة من التعمية التثقيفية لتواريخ هذه الأمم بطيها لصالح تأريخ تم تصنيعه غربياً، فترى الأجيال الجديدة أنها في عصر القوميات الأوروبي! بينما هي تحت سقف الاستغلال والتخلف والتبعية. وهذا نمط من الاستعمار الثقافي وهو شديد الخطر، فاستيراد السلع حتى المعمرة التي لا تعيش أكثر من عشر سنوات أقل خطراً من استيراد ثقافة لأن الثقافة تعيش قرونا أو يزيد. فليس أقدم ولا أطول عمراً من الثقافة/الفكر/النظريات سوى العمل فالإنتاج.

كانت موجة القومية الأولى، أو الأوروبية إذن نتاج الثورة الصناعية وتجاوز أوروبا مرحلة التراكم البدائي/الأولي الذي نهب وكرَّس آليات نهب المحيط. وبالتطور الصناعي تجاوز الإنتاج في هذه البلدان حدود السوق القومية التي حرصت الدول السيادية الجديدة على تثبيتها والصراع كل من أجل حدوده، أو ما يفترض أنها حدوده.

في هذا القرن اي التاسع عشر، تقاطع في أوروبا راس المال إدماج الجشع بالتقنية بتوظيف التطور الصناعي من اجل النهب الخارجي والاستغلال المحلي فكان لتوظيف الثورة الصناعية نتائج تحقيق:

·       التفوق التسليحي

·       التفوق الإنتاجي بما يزيد عن حاجة الدولة القومية

·       التوسع الاستعماري عبر الغزو العسكري لبيع المنتجات ونهب الخامات ولاحقا تصدير راس المال وصولا إلى تصدير راس المال العامل الإنتاجي الذي حوَّل الصين إلى ورشة أمريكية وتركيا إلى ورشة أوروبية…الخ وأبقى تقريباً على كامل العالم سوقاً مفتوحة أو ما ارى انه قطاع عام راسمالي معولم (نوقش مصطلح قطاع رأسمالي عام معولم في موضع سابق. ) تحكمه الشركات ويتم فيه طغيان نهب الريع وتوجه رأس المال من الإنتاج إلى المضاربات، ويحكمه اليوم ديكتاتور تدعمه قطاعت شعبية عنصرية وراس المال بتسمية الأبيض مستخدماً اللون والعرق والدين وكل ما فاض به خياله ليصبح النهب والفتك والعسف مبررا حتى من الله.

الموجة الأولى تخلق نقيضها الموجة الثانية

لو كان لنا تسمية قرن بقرن الاستعمار لكانت الفترة بين 1850-1950 هي عصر الاستعمار بجدارة. وهذا لا يعني أن الاستعمار بدأ مع هذا القرن حصراً كما لم ينته به ابداً. فعلى الأقل بدأ الاستعمار الرأسمالي الأوروبي تحديداً مع مرحلة الراسمالية الميركنتيلية سواء في فترة سيطرة الاستعمارين الإسباني والبرتغالي الممتد على مدار القرون الثلاثة للمرحلة المركانتيلية (1500 ــ 1800) أو إثر هزيمته على يد القوى الاستعمارية الطالعة آنذاك وخاصة بريطانيا، ولا نبالغ إن قلنا لم يتوقف، وإن تعثر أحيانا وهُزم أحياناً أخرى ولكن الروح الشريرة للغرب الاستعماري القائمة على النهب والاستغلال/المصالح المادية، لم تُقتل بعد. ويكفي أن نُشير إلى إرسال فرنسا وبريطانيا (أما والاستعماران الفرنسي والبريطاني وقد هرما كشعوب ايضاً، لكن العدوانية والجشع للنهب والعيش على ريع من الغير لم يتوقف، لذا أشبه دورهما الآن في محاولات تجديد دورهما ولو كاستعمار تابع بما كتبه أمير الشعراء العرب أحمد شوقي: رأيت على صخرة عقرباً…وقد جعلت ضربها ديدنا. فقلت لها إنها صخرة…وطبعك من طبعها ألينا. فقالت صدقت ولكنني…أريدُ أعرِّفها من أنا.

)اليوم 2018 قوات ضد سوريا في ذيل قوات العدو الأمريكي في محاولة لاستعادة ماضٍ استعماري دموي ولكن بعد ن تهالكت أنياب هذه الإمبرياليات المتهالكة، وإن تدريجيا.

كان القرن السابع عشر حاسماً في صعود الراسمالية وما رافقه من صعود ل لندن ومن ثم نيويورك. بينما رافق ذلك إهلاك إسبانيا وهولندا لبعضهما البعض مما فسح المجال لبريطانيا حيث بدأت حقبة سيطرتها الإمبراطورية. لكن هذا لم يلغِ ابداً حصة لمختلف بلدان أوروبا الغربية في استعمار امريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا. أي حمل القرن السابع عشر المشروع الاستعماري الأوروبي الغربي المعولم وخاصة بريطانيا وهولندا وفرنسا وإيطاليا والمانيا.

وبالطبع ترافقت مع هذا الاستعمار تنظيرات عنصرية تضفي عليه دورا تقدميا لإخراج المستعمرات “من الظلمات إلى النور”!. وهي تنظيرات قامت على عنصرية طاغية إلى حد إصابة ماركس نفسه بلوثتها رغم إنجازه العظيم ضد راس المال من حينة وإلى عصور مقبلة. أخذت الحماسة الرجل إلى حد تخيُّل أن الاستعمار البريطاني سينقل الهند إلى “الحضارة”، حتى ولو بقسوة ضد الإنسان، ناهيك عن ما كتبه هو وإنجلز عن الجزائر.

أنظر عادل سمارة

Terrorist Orientalism in a State Form.  Using Marxism, Christianity and Islam to Dismantle Arab Homeland. Adel Samar, Kana’an – The e-Bulletin Volume XV – Issues 3781- 3782. 24 march 2015

ولكن، لم تكن هذه قناعة شعوب المستعمرات التي قاومت قدر جهدها وواصلت المقاومة لتحقق انتصارات على امتداد الأرض وخاصة منذ اربعينات وخمسينات وصولا لسبعينات القرن العشرين وهذا ما اسميناه الموجة القومية الثانية والتي امتدت تقديراً من اربعينات وحتى نهاية سبعينات القرن العشرين.

الموجة الثانية سياسية وطنية دون تبلور طبقي وإنتاجي (لذلك انكفأت). لقد ترافق مع نجاحها وجود القطبية الاشتراكية مما حماها من الغزو الاستعماري مجددا، لكن أنظمتها ذهبت لتثبيت نفسها/مصالحها إلى تحويل الدولة إلى دولة أمنية. وعليه، قاد تفكك الكتلة الاشتراكية إلى وقوف هذه البلدان عارية أمام عدوان لا يتردد في اقتحامها.

هي إذن ثورة الموجة القومية الثانية/المستعرات ضد الموجة القومية الأولى/ الاستعمار على يد حركات التحرر الوطني وخاصة في آسيا وإفريقيا حيث كانت ثورات امريكا الجنوبية سابقة على ثورات آسيا وإفريقيا.

قادت هذه الموجة قوى محلية في بلدان المحيط وهي خليط شعبوي في معظم الحالات قادته غالبا شرائح من البرجوازية الصغيرة وقاعدته الطبقات الشعبية وخاصة الفلاحين الفقراء. كانت هذه الثورات محفوزة بالانتماء والإيديولوجيا القومية كحافز ضد الاستعمار. وقد ركزت بالطبع على الثقافة واللغة والتاريخ المحلي في كل بلد. واعتمدت الكفاح المسلح في معظم الحالات وهو كلما كان اشد كلما واجهه الاستعمار بوحشية أعلى، ولعل أوضح الأمثلة وحشية الاستعمار الفرنسي في فيتنام والجزائر ثم أمريكا في فيتنام لاحقاً.

لا ننسى في هذا السياق أن انفلات اليابان من الاحتجاز الاوروبي الغربي للتطور لم يمنعها من التحول إلى استعمار لا يقل وحشية عن الأخريات، وهذا الأمر الذي امتد في دور اليابان حتى اليوم لتحجز لنفسها المقعد الثالث في الثلاثي الإمبريالي إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ليس هناك من اتفاق بعد، إن كان سبب ما آلت إليه هذه البلدان بعد الاستقلال السياسي أو بعد الاستعمار، إن حصل حقاً، هو:

·       الانحراف المصلحي الطبقي للأنظمة الحاكمة في هذه البلدان بعيدا عن التنمية المحلية وفك الارتباط راجعة إلى أو مجددة لعلاقات التبعية للاستعمار بتحولها إلى كمبرادور بدل التنمية بالاعتماد على الذات وصولاً إلى فك الارتباط (سمير أمين) منخرطة بشكل تابع في السوق الدولية نفسها.

·       أو أن هذه الأنظمة ورثت بلادا مرهقة هالكة اقتصادياً لم يكن بوسعها إلا الارتباط مجدداً بعدوها الذي أعاد صياغة تحكُّمه بها بطرق جديدة طالما أن القيادات الجديدة ليست ذات منظور تنموي لإنجاز الاستقلال الاقتصادي مكتفية بالاستقلال السياسي الشكلي والمظهري والذي أهم جوانبه الخطيرة تركيز الإنفاق على بنية وأمن وجيش السلطة وليس على إنتاج الحاجات الأساسية للمجتمع. اي لم تخلق لنفسها إطار الدعم الشعبي بل استبدلته بحزام أمني!

·       أو أن كلاً من الكتلة الشرقية وقيادات كتلة عدم الانحياز، التي ضمت معظم بلدان الموجة القومية الثانية، لم تتمكنا من خلق ترابط بينهما في مواجهة الغرب الرأسمالي، سواء لضعف الكتلة الشرقية اقتصاديا، ووصول التحريفية الخروتشيفية إلى السلطة في الاتحاد السوفييتي، أو لأن قيادات دول عدم الانحياز هذه، ونقصد ذات التوجه القومي التحرري وبعضها الاشتراكي( شو إن لاي، نهرو ، ناصر، تيتو، سوكارنو…الخ)  لم تكن قادرة على القطع مع الاستعمار ولم تكن ناضجة التوجه الفكري الاشتراكي، وصاحبها فساد قاد إلى تحولها من برجوازية إنتاجية مفترضة إلى استسهال دور الكمبرادور مسلحا بأجهزة قمع هي الأجهزة الدولانية الأكثر ارتباطاً بالإمبريالية.

على أن ما حصل هو ذوبان نتائج هذه الموجة القومية مما ابقى معظم بلدانها ملحقاً بالسوق العالمية وبالتالي، ونظراً لعدم إنجاز تنمية حقيقية زراعية وصناعية، بقيت سوقا للغرب الراسمالي، ومصدرا للمواد الخام المطلوبة للغرب والتي يتزايد تذبذب سوقها وتغير مبدأ الطلب عليها طبقاً لحاجة الغرب المتبدلة أو بناء على سياساته التدميرية لهذا النظام او ذاك، بل تحول معظمها إلى مستورد للمنتجات الغربية الصناعية وحتى الزراعية. اي بكلام آخر، عادت لتقوية الرأسمالية العالمية والخضوع لنفس ظروف فترة كونها مستعمرات لكن هذه المرَّة بقبول إن لم نقل توسلات الطبقات الكمبرادورية الحاكمة في تلك البلدان.

وعليه، فإذا كانت هذه الكتلة وسطية، فإن تراجع الاتحاد السوفييتي نفسه إلى الوسطية قد ساعد كثيرين من هذه الكتلة ، والتي كان العديد من دولها مثابة المحيط الخارجي للاتحاد السوفييتي، إلى تجديد ارتباطها التابع للمركز الراسمالي الأمر الذي همَّش القمة السياسية لصالح طبقة رأس المال الكمبرادوري، والطفيلي والذي انتهى أخيراً إلى تبعية للمركز باسم الوطنية والقومية اي بدون السيطرة أو العصا الاستعمارية السابقة حيث تحولت القيادات “المناضلة” إلى عصىً على شعبها وخدمة للعدو، وصولاً إلى تحالفها المبلور في القطاع العام الراسمالي المعولم. لقد وجد الغرب الرأسمالي الاستعماري نفسه أمام تبعية “وطنية” لأنها ممهورة بخاتم حكام هذه البلدان نفسها تماماً كما وجد الغرب نفسه، لاحقاً،  أمام تبعية قوى وأنظمة الدين السياسي العربية والإسلامية ممهورة بطابع القداسة الدينية بل حتى الربانية.

وقد تكون ظاهرة الخليج العربي، مجلس التعاون الخليجي، حالة خاصة جداً في هذا السياق بمعنى أنها لم “تستقل” بنضال قومي، بل لم يكن هذا التوجه مطروحاً لدى حكامها قطعا بما هي انظمة تنصيب إمبريالي. فقد حصلت على أكثر اشكال الاستقلال شكلانية، ولكنها أخضعت نفسها لأكثر اشكال التخادم غير المتوازن مع المركز الإمبريالي. فهي بعكس غيرها من الدول “المستقلة” حديثاً ذات الأمكانيات الشحيحة. وعليه، لم تكن الفوائض المالية النفطية سوى ريعاً تم تكريسه لأدوار تابعة وخطيرة وعدوانية من هذه الكيانات ضد الوطن العربي بأكمله بل على صعيد عالمي.

لم تكن هذه الكيانات بحاجة للعب هذا الدور إذا ما قرأنا وضعها على ضوء إمكانياتها، ولكن إذا قرأناه على ضوء كون انظمتها تنصيب إمبريالي، وكونها ترى في القومية العربية الوحدوية خطراً على عروشها، وعلى ضوء تشرُّبها لقناعة أنه لولا الاستعمار لما كانت ولا كان النفط، لفهمنا لماذا اصطفت أنظمة هذه الكيانات سرا سابقا وعلانية لاحقا اصطفافاً مضاداً للقومية العربية ولعبت دور أداة تمول كافة قوى الإرهاب على صعيد عالمي. هي انظمة تقاتل الإنسانية نيابةعن الإمبريالية وخدمة لها. وتكون من نتائج ذلك الكراهية العالمية للعرب والمسلمين، فأي دور لهؤلاء!

تجلت رِدَّة بلدان الموجة القومية الثانية في تبلور “تحالف” معولم بين راسمالية المركز وكمبرادور المحيط متخذا:

·       سياسياً: تكوين طبقة رسمية معولمة رأسها البرجوازية الغربية تقودها الشركات الكبرى وذيلها كمبرادور المحيط

·        اقتصادياً: تحويل اقتصاد العالم إلى قطاع عام رأسمالي معولم لصالح رأس المال تكون حصة برجوازية المحيط منه هي اقتصاد التساقط. والمفارقة أن تفكك الكتلة الاشتراكية جعلت هذا القطاع معولما تماماً قد يكون أفضل شاهد على هذا ما تقوم به إدارة الولايات المتحدة منذ ترامب إلى بايدن من فرض عقوبات تجارية تقريبا على كل العالم وخاصة شركاء أمريكا بما هي راس سيطرة هذا القطاع العام الراسمالي المعولم. 

وبالتالي سياسيا واقتصاديا وثقافيا يمكن الحديث عن طبقة راسمالية معولمة.

·       وتحكمت بهذا التحالف المؤسسات المالية والإدارية الثلاث الكبرى المصرف الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. لكن هذا الثلاثي هو في الحقيقة في خدمة سلطة معولمة شكلية وأخرى فعلية. والشكلية هي السلطات السياسية/الطبقة المعولمة المزدوجة، بينما الفعلية هي قاعدتها او بنيتها التحتية ماليا وإداريا اي الشركات الكبرى. وللمفارقة يرأس هذه الشركات الكبرى رأس افتراضي واحد هو دونالد ترامب والذي أصبح بعد عام على رئاسته مثابة المدير العام لشركة عالمية، يعاقب هنا وهناك ويقاطع هنا وهناك…الخ بل ويدير حربا تجارية على صعيد عالمي.

على أن تفسير هذا العسف الأمريكي بقيادة ترامب ومرده اساساً السر العسكري التسليحي الذي عززه في بداية الخمسينات الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور، الجنرال سابقاً، (  ربما بنى أيزنهاور عقيدته في التفوق التسليحي المطلق على حقيقتين، قيام أوروبا المسلحة جيدا بتدمير الدول التي كانت سابقة لها في التطور الاقتصادي الصين والهند، اي اعتماد القوة دخولا إلى الاقتصاد، ثم خروج امريكا الأقوى بعد الحرب الإمبريالية العالمية الثانية.

لعل الاستثناء فيما يخص قدرة دول أوروبا الغربية على شن عدوان هنا وهناك هو من جهة الأمر الأمريكي لها، ومن جهة ثانية اختيار حالات معينة بشن عدوان محدود وباشتراك مع دول أخرى. هذا ما حصل مؤخراً بمشاركة فرنسية للعدوان ضد اليمن إلى جانب العدوان السعودي الإماراتي حيث   تشارك فرنسا في نزع ألغام إعاقة العدوان، كما ارسلت فرنسا قوات رمزية ضد سوريا مساعدة للكرد الصهاينة، هذا ناهيك عن مشاركة مختلف دول الناتو تحت مظلة أمريكا في تدمير ليبيا وإسقاط نظام الرئيس القذافي) الذي تنبه إلى إمكانية بروز دول تنافس الولايات المتحدة اقتصاديا بالإنتاج المدني فاتجه لإقامة المجمع الصناعي الحربي الأمريكي لتبقى أمريكا متفوقة عسكريا مما يضمن ويحمي ويفرض مصالحها الاقتصادية، اي استعمارها للعالم. لذا، فالحرب الاقتصادية التي تشنها إدارة ترامب/وحتى على حلفائها الأوروبيين ترتكز على كون امريكا هي القوة والقيادة لحلف شمال الأطلسي الذي هو حلف غزو مختلف بقاع العالم، ويرتكز على أن تمويل هذا الحلف يعتمد بنسبة 90 بالمئة على امريكا. وهنا تبرز حاجة أوروبا واليابان لأمريكا على صعيد خارجي مما يمنعهما من مشاكسة قرارات ترامب العدوانية. فالرجل مدير شركة هي القطاع الرأسمالي المعولم، ويعرف عن ماذا يتحدث.

· يمكننا الاستنتاج بان حلف شمال الأطلسي كأنه بشكل ما امتداداً لمشروع مارشال لإعادة إيقاف اقتصاد أوروبا الغربية على قدميه كي لا تتجه شرقاً، وبأن تحمُّل الولايات المتحدة للعبء المالي لهذا الحلف هو مثابة مساعدات عسكرية على نمط مارشال الاقتصادي لصالح اوروبا الغربية التي لم تعد قادرة على القتال العدواني بمفردها على صعيد معولم). لعل الاستثناء فيما يخص قدرة دول أوروبا الغربية على شن عدوان هنا وهناك هو من جهة الأمر الأمريكي لها، ومن جهة ثانية اختيار حالات معينة بشن عدوان محدود وباشتراك مع دول أخرى. هذا ما حصل مؤخراً بمشاركة فرنسية للعدوان ضد اليمن إلى جانب العدوان السعودي الإماراتي حيث   تشارك فرنسا في نزع ألغام إعاقة العدوان، كما ارسلت فرنسا قوات رمزية ضد سوريا مساعدة للكرد الصهاينة، هذا ناهيك عن مشاركة مختلف دول الناتو تحت مظلة أمريكا في تدمير ليبيا وإسقاط نظام الرئيس القذافي.)

بقي أن نشير هنا، إذا كانت أوروبا الغربية لم تحتجز التبادل التكنولوجي فيما بينها مما قاد إلى تطور متكافىء نسبياً، كما نفترض، لكنها وقد وصلت كل واحدة منها تقريباً إلى إنتاج ما يفوق طاقة السوق المحلية ، أو كما قال ماركس “تدني القدرة الاستهلاكية Under-Consumptionism” الناجمة، اساساً وليس فقط، عن تصاعد القدرة الإنتاجية وتجاوزها لطاقة السوق القومي على الاستيعاب، فقد  واصلت حروبها  المصلحية البينية سواء داخل جغرافيتها أو خارجها حتى نهاية الحرب الإمبريالية العالمية الثانية كي تسلم القيادة بعدها للولايات المتحدة وتنحني لتلك القيادة حتى حينه ذاهبة إلى “سلام” اقتصادي فيما بينها أي الاتحاد الأوروبي.

لعل إشكالية الاتحاد الأوروبي اليوم ثلاثية:

الأولى: التهديد الداخلي بتفكك هذا الاتحاد بعد خروج بريطانيا شبه المؤكد من هذا الاتحاد، وزيادة سيطرة ألمانيا عليه وهو ما اتضح في قمع اليونان بشروط مجحفة، وزيادة الضغط الشعبي في كثير من أعضائه للخروج من هذا الاتحاد،

والثانية: الصعود الواضح للفاشية أو الشعبوية لتخفيف الوقع إلى السلطة كما في إيطاليا خاصة وتقوية هذه التيارات في العديد من دول هذا الاتحاد.

والثالثة: الهجمة العقوباتية الأمريكية التي بدأت في فترة ترامب والتي يُفترض ربما أن تؤدي إلى تماسك هذا الاتحاد أو بعضه، اي الرأسماليات الأوروبية.

لقد اختتمت موجة القومية الثانية مرحلتها بأزمة مزدوجة في المركز والمحيط مما نقلها إلى وضعية الانتصارات المهزومة.

 فيما يخص المركز الإمبريالي لدينا مشكلة قوى التفجير الداخلي التي تدفع للتفكك، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأزمة اليونان وإسبانيا والبرتغال، وذهاب إيطاليا باتجاه شعبوي. هذا من جهة، والحرب الاقتصادية الأمريكية كونها امتدادا للأزمة الاقتصادية الممولنة منذ عام 2008، مما يوجب التماسك الأوروبي الداخلي من جهة ثانية، وحاجة البرجوازيات الغربية لحلف الأطلسي العدواني سواء على صعيد عالمي او ضد روسيا خاصة من جهة أخرى. وهذا يبين تناقض طبقي على الصعيد الأوروبي حيث الراسماليات رغم العقوبات الأمريكية هي لصالح بقاء الاتحاد الأوروبي والعلاقة مع امريكا، مقابل الضغط الشعبي الذي لا تمثله الشركات ولا تمثله، إلى حد ما، مصالح أوروبا المحمية بحلف الأطلسي على صعيد عالمي!

أما على صعيد المحيط، فأزمته أكثر شدة كامتداد لأزمة المركز إلى جانب التزام هذه البلدان بعدم اعتماد سياسات حمائية بأوامر من الثلاثي المزدوج: الثلاثي السياسي الطبقي الرأسمالي ” الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان”، والثلاثي الاقتصادي المالي التجاري اي المصرف الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. في هذا المناخ ذهب المركز لتخليق الموجة القومية الثالثة.

✺ ✺ ✺

عقد على غياب جانيت أبو لغد

هذا العالم لم يبدأ من أوروبا

سعيد محمّد – لندن

في “روح الشرائع – 1748″، نقد البارون الفرنسي مونتسكيو النّظام الفرنسي القائم في زمانه، ودعا لتخليصه مما أسماه ملامح “الاستبداد الشرقي” الذي اعتبره شكلاً شرقيّاً حصرياً لنظام ثقافيّ/سياسيّ منحط ينطوي على عبوديّة مجتمع ذليل ومصاب بالجمود لحاكم فرد متعسّف وشرير، يدير حكومة متخلفة وفاسدة، تقوم على أساس أوامر شفهيّة أو رسائل تمليها المرجعيات الأعلى.

ما لبث هذا المفهوم أن أصبح عند مثقفي التنوير الأوروبيّ بمثابة حكم تاريخيّ نهائيّ على طبيعة المجتمعات (الشرقيّة) تبعتهم فيه أجيال من المؤلفين والرحالة والجواسيس الذين كتبوا عن بلادنا في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، ولم يعد من المستهجن للغربيين اللاحقين – وأتباعهم من منظري الربيع العربي – تمرير جميع تجاربهم وملاحظاتهم وأفكارهم عن الشرق من خلال مصفاة النظريات والتجريدات المستوحاة من مونتسكيو، فيما أُهملت أو أُدينت كل محاولة لتقديم صورة أكثر واقعيّة أو تفهماً.

إلى أن جاءت جانيت أبو لغد (1928 – 2013).

عالمة الاجتماع الحضري الأمريكيّة (تزوجت من الأكاديمي الأمريكي الفلسطيني إبراهيم أبولغد) أخذتها الأقدار إلى القاهرة بمصر حيث وضعت دراستها المفصليّة “القاهرة: 1001 عام على المدينة المنصورة – 1971″، وخلصت فيها إلى أن “النظرة الأورو-مركزية للعصور الوسطى المظلمة غير مدروسة، فإن كانت الأنوار قد انطفأت وقتها في أوروبا، فمن المؤكد أنها كانت لا تزال مضيئة في الشرق الأوسط”، مشيرة إلى أن العاصمة المصريّة لم تكن سوى “عقدة واحدة فقط في شبكة نظام حضريّ متطور للغاية ضم عدة مدن عبر عالم الإسلام”.

تجربتها القاهريّة، منحتها البصيرة لإعادة النّظر في التاريخ الحضريّ لمدن العصور الوسطى برمته، ورفض طروحات هنري بيرين، وماكس ويبر وغيرهم من سيسيولوجيي الأكاديميا الغربيّة القائمة على أساس مفاضلة مدن الغرب (الأعلى، الأرقى) مقابل مدن الشرق (الأدنى، المتخلف). لم ترتح أيضاً لمعالجة كارل ماركس لأصول الرأسماليّة، وخرجت بانطباع سلبيّ من قراءة دراسة والرشتاين عن “نظام العالم الحديث – بجزئيه 1974، 1979)”، لأنه ينحو إلى التعامل مع النظام العالمي في عصر الحداثة – الذي تشكل في القرن السادس عشر (المديد) – كما لو كان بدأ في الغرب، ومن صفحة بيضاء. 

تكاملت نظريّة أبو لغد في كتابها الأشهر “قبل الهيمنة الأوروبيّة: النظام العالمي بين (1250-1350) – 1989” الذي جادلت فيه بأن نظام ما قبل الحداثة كان يقوم على روابط بين ثلاثة أنظمة فرعيّة: الصين (الأكثر تقدماً)، وعالم الإسلام (مصر والشّرق الأدنى) الذي لعب دور صلة الوصل بين الصين والنظام الفرعيّ الثالث في أوروبا الغربيّة، وأن ظروفاً موضوعيّة، لا ضرورة ثقافيّة تاريخيّة متأصلة، حوّلت النّظام العالمي تالياً لصالح الغرب دون الشرق. وعلى الرّغم من أن تحليلها لم يستفد من الطرح الماركسيّ المتقدّم في تفسير العلاقات الطبقيّة التي أنتجت جذور الرأسماليّة الحديثة، إلا أنّه كان كافياً لنقض التّفسيرات الإقطاعيّة التقليديّة لتاريخ اقتصاد العصور الوسطى في الشرق.

ومع ذلك، ورغم جهود عديدين آخرين بمن فيهم إدوارد سعيد (الاستشراق – 1976)، فإن هذه الرؤية الغرب-مركزيّة المتخيّلة عن الشّرق، والتي وظّفت بصفاقة لإضفاء الشرعية بشكل أو آخر على التّوسع الإمبريالي الغربيّ وتبرير جرائمه من حملة نابليون على مصر (1799) إلى إسقاط ليبيا (2011) وما بينهما، بقيت سائدة ومتداولة بزعم أن دول الشرق الأوسط في العصور الوسطى لم تترك ورائها أيّ وثائق يعتد بها نظراً لطبيعة الحكم الشرقيّ المستبدّ القائم على الأحكام الفرديّة اللحظيّة التعسفيّة وسريعة الزّوال، مقارنة بديمومة النتاج البيروقراطيّ لمؤسسات الحكم في الدّول الأوروبيّة الناشئة. 

انتصار أبو لغد النهائي والحاسم على تجار مفهوم “الاستبداد الشرقي” تحقق بعد عقد تقريباً على غيابها، عندما قدّمت البروفيسورة مارينا راستو في كتابها “الأرشيف المفقود: آثار دولة الخلافة في كنيس القاهرة2019 –  ”  أدلّة ماديّة ملموسة على امتلاك دولة الخلافة الفاطمية في مصر – كنموذج، وإن كان أقل تقدماً من نظيره العبّاسيّ في بغداد – نظاماً حكوميّاً بيروقراطيّ الطابع، وسجلات مؤسسيّة مفصلة، وأرشيفات مُحكمة، تنفي كل التّصور الأوروبيّ المسبق حول غياب التوثيق في عالم الإسلام قبل العام  1500 بسبب ثقافة “استبداد” مزعومة.

إننا مدينون اليوم لجانيت أبو لغد بتحرّرنا من توهمات مونتسكيو، وفذلكات العهر الأكاديميّ الذي يسمى “الاستبداد الشرقيّ”، وبفهم أكثر عقلانيّة للنّظام العالمي – الذي يقترب للعودة إلى عالم متعدد الأقطاب، تماماً كما كان الحال قبل صعود الغرب المؤقت، والمغمس بالدماء، في آخر خمسمائة عام.

✺ ✺ ✺

تعليق الدكتور عادل سماره

شكرا للرفيق سعيد محمد على تذكيرنا بمساهمة الراحلة جانيت أبو لغد. فإضافة لكون ذلك إنجازاً، كان العمل مثابة عمل فدائي في مواجهةالحرب التزييفية المركزاية الغربية المحتواة صهيونيا والموجهة ضد العرب والإسلام بما هو عربي أساساً. ولعل أخطر كتاب في ما حمل نفس عنوان “الطغيان الشرقي Oriental Despotism” هو كتاب كارل ويتفوجل من 700 صفحة. وفيما يتعلق بماركس فقد كتب كثيرون عن موقفه من الشرق، فمنهم من قيَّمه كمركزاني أوروبي أبيض، ومنهم من حاول نفي تاثره بسيل تشويه الشرق وتجريده من اية مساهمة معرفية وحضارية، ومنهم من وقف موقفاً وسطياً بأن ذكر ما كتبه ماركس عن الهند والجزائر وحتى إيرلنده متأثرا بهيجل فيما يخص شعوب بلا تاريخ ناسباً ذلك إلى مرحلة من حياة ماركس جرى تعديل ذلك على يد ماركس لاحقاً مثلاً الكاتب Marx at the Margins O n N a t i o n a l i s m , E t h n i c i t y , a n d N o n – W e s t e r n S o c i e t i e s Kevin B. Anderson, 2010

في نهاية كتابه هذا وضع رأيه، في فصل أخير من كتابه بنوع من التعاطف وليس النقد العلمي. لقد عالجت هذه المسألة في كتابي بالإنجليزية الذي صدر قبل ايام وخاصة فصل “الاستشراق الإرهابي/الفصل الثالث” كنقد لموقف ماركس من جهة، وتوضيح بأن موقفه نجم عن تاثر بأعداء الشرق وقلة المصادر لديه وحماسته لرسملة المستعمرات لتسريع التحول العالمي إلى الإشتراكية. إن تنزيه ماركس عن أي خطىء، هو أسوأ من مطالبته بأن يعرف كل تاريخ البشرية وحتى زمنها القادم.

✺ ✺ ✺

أثر المقاومة على الكيان الصهيوني

محمد سيف الدولة

Seif_eldawla@hotmail.com

مهاجرون من (اسرائيل)، جنود صهاينة، محللون اسرائيليون، كتاب وأدباء عالميون، يهود غير صهاينة، كل هؤلاء وغيرهم قدموا ​​شهاداتهم على امتداد سنوات طويلة عن طبيعة (اسرائيل) واعتداءاتها المتكررة، وعن المقاومة الفلسطينية وآثارها على هذا الكيان الصهيونى، وكيف تؤدى الى تفككه ويأسه وهزيمته وسحب الشرعية الباطلة من تحت أقدامه. وفيما يلى بعض هذه الشهادات، كما وردت فى دراسة هامة بعنوان ((أثر الانتفاضة على الكيان الصهيوني)) للمفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيرى. وسنشعر ونحن نقرأها وكأنها كُتبت اليوم تعقيبا على العدوان الصهيونى الأخير. ولعلها تساعدنا فى رسم صورة لحقيقة ما جرى ويجرى بعد كل انكسار للعدو الصهيونى أمام صمود ومقاومة الشعب فى فلسطين، وتمثل حافزا اضافيا لدعم بلا حدود لنضال الشعب الفلسطينى الذى لم يتوقف منذ قرن من الزمان:

***

شهادة مهاجر من (اسرائيل):

((لم يكن الامر هينا، لقد استغرقتنى اعوام من الانفجارات واعمال القتل، من الاحزان والآمال، من المجادلات والقلق، لكننى فى النهاية انهرت. سئمنا ان نجدهم فى كل مرة نفتح المذياع يتحدثون عن انفجارات، عن دماء، عن موت، عن جنائز. هذا هو الواقع صراحة. ولست فخورا بذلك، ولا اعتبر هذا شعارا لى ولكن من المستحيل ان تقولوا لنا عليكم ان تبقوا هنا ما دام من المستحيل ان تضمنوا لنا حياتنا. اريد ان امنح اسرتى اقصى قدر ممكن من السعادة. الجميع يعتقد انه لا مجال نتقدم نحوه .. المشكلة هى اننا على مدى السنوات الثلاث والخمسين الماضية لم ننجح فى ضمان امننا. هذا هو سبب الرحيل .. الحل هو الرحيل وليس تغيير السلطة)) ـ (عاموس ساهر، مستوطن اسرائيلى قرر ان يهاجر من اسرائيل بعد انتفاضة الاقصى)

***

اليأس من القضاء على المقاومة:

((فلنتخيل ان كل الاوهام تحققت، وقبضنا على كل الارهابيين، وصادرنا كل الاسلحة، وحطمنا كل مصانع السلاح .. فهل سيكون لهذا اى تأثير؟ هل يشك أحد انه فى الصباح التالى ستظهر مصانع سلاح أخرى ستنتج المزيد من الاسلحة؟ .. هل يشك احد فى ان هناك مئات من الفلسطينيين الآخرين سيعلنون مجددا انهم على استعداد ان يشنوا هجوما على اسرائيل؟ هل نفذ خزان الانتحاريين من نابلس وقطاع غزة؟)) ـ (يوزى بنزمان – هارتز)

***

الاعتراف بالهزيمة:

((يدخل ملاكمان الحلقة: واحد منهما بطل الوزن الثقيل، والاخر وزن الريشة. ويتوقع الجميع أن يقوم البطل بتسديد ضربة قاضية تقضى على غريمه الهزيل فى الجولة الاولى.

ولكن باعجوبة تنتهى الجولة الاولى، والضربة القاضية لم تسدد بعد، ثم الجولة الثانية، ويستمر نفس الوضع. وبعد الجولتين الثالثة والرابعة لا يزال خفيف الريشة واقفا، مما يعنى انه هو الرابح الحقيقى، لا بالضربة القاضية ولا بالنقط، وانما لمجرد انه لا يزال واقفا ومستمرا فى الصراع مع غريمه القوى)) ـ (يورى افنيرى)

***

الاعتراف ببربرية الكيان الصهيونى ووحشيته ـ شهادة جندى صهيونى:

((كنا نتسلى بمنع عربات الاسعاف التى تحمل المرضى والجرحى من المرور. ولقد رأيت أشخاصا يموتون بسبب الفشل الكلوى والأزمة القلبية، ورأيت بعض الحوامل يقضين حتفهن اثناء الولادة، كنا نستيقظ أحيانا فى منتصف الليل ونركب دبابة مع جنود آخرين، وندخل فى المدن والقرى الفلسطينية قبل بزوغ الفجر ونمطر الاسر الفلسطينية النائمة فى منازلها بالقذائف.

وأحيانا كنا نقوم بغارات قبل الفجر ونندفع داخلين الى منازل الفدائيين لنلقى القبض عليهم او لنقتلهم امام اعين زوجاتهم وأطفالهم. واحيانا اخرى كنت اقود بلدوزر اسرائيلى لأحطم منازل وأحلام قاطنيها، وأحيانا اخرى كنت اجتث اشجارا استغرق نموها عدة اجيال، وكم كنت احب اتلاف الارض الزراعية. وكنت احيانا اطلق الرصاص الحى على المتظاهرين المسالمين. لكن اكثر الاعمال التى كنت احبها هو اطلاق النار على الاطفال الفلسطينيين الذين يتجاسرون على القاء الحجارة على. فى هذه الحالة كنت اصوب رصاصى على رؤوسهم وقلوبهم، ثم اتفاخر باننى قتلت الكثيرين وأصبت عددا اكبر بعاهات مستديمة، فقد كنت أؤمن ايمانا جازما بان حياة اسرائيلى واحد تساوى حياة الف فلسطينى. وان ابدى الفلسطينيون اى شكل من اشكال المقاومة كنا نلجأ للعقاب الجماعى!

ودعايتنا الصهيونية فى غاية الكفاءة. لقد اقنع الاسرائيليون العالم اننا نحارب دفاعا عن انفسنا ضد عدو فلسطينى لا يريد سوى ان يقذف بنا الى البحر. ولكن الاشياء ليست كما تبدو. ان العالم لا يعرف ان الاسرائيليين هم الذين يحاولون ابادة الشعب الفلسطينى. ونحن بمقدورنا ان نفعل ذلك بسهولة ويسر بسبب دعم اصدقائنا الامريكيين الذين يساعدونا بغض النظر عما نقوم به ويعطونا خمسة بليون دولار كل عام ويزودوننا بآخر الاسلحة والطائرات. نحن لا نريد السلام فنحن نريد المزيد والمزيد من الارض العربية حتى تصل امبراطوريتنا الى منتهاها……الارهاب لعبتى، والقتل اسمى، لا أشعر بأى ندم على ما فعلت لأن روحى ماتت، واعرف انه لا يوجد اى مجال لأن أنال الخلاص)) ـ (اعترافات الجندى الصهيونى عاموس)

***

اهتزاز الثقة فى المشروع الصهيونى:

هل بإمكانكم ان تأتوا بمثال واحد من التاريخ نجح فيه شعب فى السيطرة على شعب آخر لفترة طويلة؟ هل تعرفون مكانا واحدا فى العالم يعيش فيه بشر دون حقوق انسان مثل الفلسطينيين؟ ـ (ابراهام يهوشع ـ يديعوت احرنوت)

***

((ان الانتفاضة هى حرب التحرير التى يخوضها الشعب الفلسطينى. فالتاريخ يعلمنا انه لا توجد امة على استعداد ان تعيش تحت هيمنة شعب اخر وان حرب التحرير التى يخوضها شعب مضطهد ستنجح حتما ..

والاسرائيليون كقوة احتلال يقتلون الاطفال ويقومون بتنفيذ حكم الاعدام فى اشخاص مطلوبين دون محاكمة. لقد اقمنا الحواجز التى حولت حياة الملايين الى كابوس .. ان علما اسود يرفرف فوق افعالنا)) ـ مايكل بن مائير ـ هارتس

***

((ان الفلسطينيين يعرفون ان قوتهم العسكرية اقل بأضعاف من القوة الاسرائيلية .. ولكنهم يؤمنون من الناحية الاخرى بتفوقهم السياسى والاخلاقى)) جرشون باسكين ـ المدير العام المشترك للمنظمة الاسرائيلية الفلسطينية للبحوث والمعلومات

***

ايقاظ الضمير العالمى ـ شهادة أدباء عالميين:

((استندت نظرية المجال الحيوى الصهيونية الى ان اليهود شعب بلا ارض، وان فلسطين ارض بلا شعب، هكذا قامت الدولة الاسرائيلية غير المشروعة فى 1948. فلما تبين ان هناك شعبا، وان فى فلسطين شعب يسكن فى ارضه، كان من الضرورى حتى لا تكون النظرية مخطئة ابادة الشعب الفلسطينىن وهو ما يتم بصورة منهجية منذ اكثر من خمسين عاما.

هناك بلا شك اصوات كثيرة على امتداد العالم تريد ان تعرب عن احتجاجها ضد هذه المجازر المستمرة حتى الان، لولا الخوف من اتهامها بمعاداة السامية او اعاقة الوفاق الدولى. انا لا اعرف هل هؤلاء يدركون انهم هكذا يبيعون ارواحهم فى مواجهة ابتزاز رخيص لا يجب التصدى له سوى بالاحتقار، لا احد عانى فى الحقيقة كالشعب الفلسطينى، فالى متى نظل بلا ألسنة؟

..اطالب بترشيح آرييل شارون لجائزة نوبل فى القتل. سامحونى اذ قلت اننى اخجل من ارتباط اسمى بجائزة نوبل. انا اعلن عن اعجابى غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطينى الذى يقاوم الإبادة، بالرغم من انكار القوى الاعظم او المثقفين الجبناء او وسائل الاعلام او حتى بعض العرب لوجوده)) ـ (جابريل جارثيا ماركيث الكاتب الكولومبى)

***

((لم اكن اعرف انه من الطبيعى ان يبحث طفل فلسطينى دمروا بيته عن كتبه ولعبه وسط الأنقاض، لم اكن اعرف انه من الطبيعى تماما ان تزين الرصاصات الاسرائيلية جدران المنازل الفلسطينية، ولا اعرف انه يلزم لحماية اقلية من الناس ان تصادر مزارع وان تدمر محاصيل، ولا ان توفير الامن لهذه الاقلية يقتضى احتجاز المئات عند نقاط التفتيش وحواجز الطرق قبل السماح لهم بالعودة الى منازلهم منهكين، هذا ان لم يقتلوا.. فهل هذه هى الحضارة، ايمكن ان نسمى هذه الاشياء ديمقراطية؟)) ـ (الكاتب البرتغالى ساراماجو الحائز على جائزة نوبل للادب)

***

 بيان عدد من كبار المفكرين والمثقفين اليهود الفرنسيين:

((هؤلاء الذين يبررون حق عودة اليهود الى اسرائيل تحت دعوى “حق دم” يعود لآلاف السنين يرفضون حق العودة “حق الارض” للفلسطينيين. وأصحاب المقامات الرفيعة فى الامم المتحدة تصالحوا وارتضوا الاذلال المفروض على السلطة الفلسطينية. وهؤلاء الذين يدعون ادارة العدالة الكونية يديرون رأسهم عن اعمال القتل خارج نطاق القانون، واعدام السجناء دون وجه حق وجرائم الحرب التى يرتكبها آرييل شارون.

الاسرائيليون لديهم دولة ذات سيادة وجيش وتراب وطنى، اما الفلسطينيون فهم محبوسون كالبهائم فى معسكرات منذ نصف قرن معرضين للوحشية والاذلال، ومحاصرين على ارض من الاحزان فى حجم مقاطعة فرنسية .. ان الضفة الغربية مفخخة بالطرق الاستراتيجية ومثقوبة بنحو 700 نقطة تفتيش ومحاطة بالمستوطنات.

لا يمكن المساواة بين المحتل وبين من تحتل ارضه. الانسحاب غير المشروط للجيش الاسرائيلى من الاراضى المحتلة وتفكيك المستوطنات هو مجرد تطبيق لحق معترف به شكليا من الامم المتحدة فى القرارين 242 و338 وحتى قرار مجلس الامن 1042، ومع ذلك طلب بوش ضمانات من الضحايا.

شارون يعتقل ممثليهم، وينسف بيوتهم بينما تمنع قواته سيارات الاسعاف من الوصول للجرحى))

*****

القاهرة فى 14 مايو 2023

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:
  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org