نشرة “كنعان”، الأول من أكتوبر 2023

السنة الثالثة والعشرون – العدد 6641

في هذا العدد:

الهويّات الملتبسة: “المعلوفيّة”، حالةً، سعيد محمد

الحياة مقاومة: خيار حياة وليس ردّاً على مساومين، رشاد أبوشاور

لماذا اتخذت قيادات أحزاب شيوعية موقفاً معادياً لثورات بلدانها ضد الإمبريالية؟ جمال واكيم

مناهضة التطبيع: الحركة التقدمية الكويتية تؤكد موقفها الرافض للتطبيع

✺ ✺ ✺

الهويّات الملتبسة: “المعلوفيّة”، حالةً

سعيد محمد

لنكن صرحاء. أمين معلوف، تاجر الأنتيكات الشرقيّة، المكرّس كبيراً لخدم الثقافة الرسميّة الفرنسيّة، ليس فريد عصره، كمثقف من دول الجنوب، ذي بشرة سمراء، انتهى مرتدياً لقناع أبيض. وعندما يرتدي المرء قناعاً ليقبل بين السادة البيض، فإنّه بالضرورة سيزدرد الصهينة، وحق مزعوم ل(شعب) ملفّق بإقامة دولة دين قروسطيّة في زمن القوميات، كمكوّن أساس لأكسير العبور الفاوستيّ إلى المجد المصنّع، غونكوراً، وأكاديميات، وتالياً، إلى خلاصة التوحد المرضيّ بنظرة الغربيّ إلى العالم: نوبل.

المعلوف، برغم موهبته التي لا تنكر في صياغة لغة الخبر الصحافي – حدثياً أو مستلاً من التاريخ لا فرق -، ينتمي إلى حالة ملتبسة، لانشطار الهويّة، وتشظي الولاء، وانكسار الوعي أنتجت – فيما أنتجت – بيئة مذعورة أبداً من محيطها، تجد خلاصها حصراً، عبر حبل سُريّ يمتد لقرون من حروب صليبية لا تتوقف فيربطها بروما اليهومسيحيّة، ويبقى أنظارها شاخصة إلى هناك، ودائماً على حطام عروبتها (الأصيلة) المثبتة.

هذه الحالة، تتقبل من بوابة الذّعر إيّاها مشروع الهندسة الاجتماعي البشع المزروع في قلب الشرق كقدر، أبيض، لا مفرّ منه، وتتذاكى بحكم خبرة تدبّر المعاش تاريخياً، فتمد كفّها إلى المستوطنين، العابرين رغماً عنهم، وتدير ظهرها للأصليين المزروعين عميقاً في الأرض، كزيتون لا يبلى إلى قيام الساعة.

حكاية المعلوف، ابن لبنان القتل على الهويّة، مع الصهينة عتيقة وعريقة. فاستعاده أمين الجميل، رئيس الطائفة الفاسد، من منفاه الباريسيّ الاختياريّ ليكون ضمن الوفد (اللبناني – شكلاً -) المشؤوم المعني بالانتقال جنوباً، إلى الكيان، لتلقي التعليمات بعبريّة فصيحة حول اتفاق (سلام) القبور. قبورنا. زار المعلوف، وقتها، كريات شمونة، المستوطنة العبرانية، المغروسة كخنجر في خاصرتنا، وتفقّد، رفقة القتلة الآتين من جزيرة المذعورين اللبنانية، وثلة من جنود جيش (الدّفاع) المنحدرين من أوكرانيا وبولندا ورومانيا والمغرب وأثيوبيا، منازل قيل له وقتها أن نوافذها تكسرّت بسبب قذائف (مجرمة) أسقطها مهووسون معادون للساميّة وللتفرّد المارونيّ في آن، أسكنتهم السلطات (العربيّة) في معازل في محيط الدولة العبرية كي لا تختلط الدماء والأعراق، فتتلوث كل الهويات الملتبسة، التي اخترعها موظفو وزارة المستعمرات في لندن، والتي من الضروري أن تحتفظ بالتباسها لتكون مشيئة لورانس (العرب). 

سقط، الجميل (أمين)، وسقط مشروع (سلامه) مع العبريّ، لكن صهينة المعلوف تأجلت ولم تسقط، وهو تجثم عناء الرحلة من باريس إلى سيئة السمعة، بروكسيل، في العام 2013 ليضع يده بيد الروائي الإسرائيلي ديفيد غروسمان، الذي كان يتجوّل متلفعاً الحزن على مقتل ابنه الضابط في جيش الدّفاع الإسرائيلي إبّان العدوان على لبنان عام 2006. كان لقاء حميماً، لحامليّ هويات ملتبسة، لم يعكرّه إطلاقاً، أن الضحايا هذه المرّة ما كانوا من سلالة المهووسين إياها الذين أطلقوا قذائف جرحت مشاعر ال(كريات شمونة)، وإنما عرباً، لبنانيين، وبعضهم ،كان مخدوعاً يقرأ ترجمة “الحروب الصليبية كما رآها العرب”، ويظن أن الريبورتاج الصحفيّ المتحذلق، فيها تأريخ.

ولأن المعلوف هكذا، أي ابن الذعر المتوارث، لم يتحرّج ولو للحظة في الظهور تالياً على تلفزيون اليمين الإسرائيلي (2016). وحتى عندئذ، لم يستغل جدله مع المذيعة العبرية الشمطاء ليحكي عن لبنان. كان فرنسياً محضاً، أو هكذا كان القناع الذي ارتداه يومها، ليطلّ على المستوطنين، أبيضاً لا لبس فيه.

طريق المعلوف إلى العالميّة بعد تطويبه فرانكوفونياً قد يمر بجائزة جروساليم قبل نوبل. وهو، أجزم، لن يقول لا. فأبناء الذّعر الذين خلعوا وجوههم الأصليّة، وبالغوا في طلي وجوههم بمراهم التبييض، عطشى أبديون لايماءات السادة لهم. ثمّ أتريدون من سمسار التحف الشرقيّة أن يترك السّوق لتجار النفط والغاز؟

:::::

موقع “الثقافة المضادة”

http://counterculture1968.com

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

✺ ✺ ✺

الحياة مقاومة

خيار حياة وليس ردّاً على مساومين

رشاد أبوشاور

أمّا وأن فلسطيننا محتلة بقوة السلاح، وبعدوانية إجراميّة تبيح لنفسها كل أنواع البطش، بل والإبادة لعرب فلسطين، مدعومةً ومؤيدة بغرب استعماري عنصري تاريخه ملطخ بإبادات، واحتلالات نهّابة تتغطّى بشعارات مزوّرة وقحة تدّعي المدنية ونشر التحضّر، كما فعلت بريطانيا عندما انتدبت نفسها على فلسطين الوطن والشعب، وعندما سمحت لنفسها مع شريكتها فرنسا باقتسام المشرق العربي – بلاد الشام- وكان الهدف سرقة ثروات الأرض، وتجهيل الشعب صاحبها، بما تضمره من إجرام تجلّى بدعم وتثبيت المشروع الصهيوني في احتلال فلسطين، والتخلّص من شعبها، وزرع خنجر في القلب بين المشرق والمغرب العربي، والهدف تكريس الهيمنة على بلاد العرب بتجزئتها، وتمزيقها، ونشر التخلّف في ربوعها..فلا بُدّ أن يكون الخيار فرديا وجماعيّاً لكّل نساء ورجال الأمة العربيّة: الحياة مقاومة.

الحياة مقاومة ليس في مواجهة الشعار التضليلي ( الحياة مفاوضات)، ذلك الشعار المزوّر للوعي، الذي قاد الشعب والقضيّة الفلسطينية إلى المأزق الراهن المُكلف دماً وخسارة أرض وبدّد عدّة عقود ثمينة في السير وراء سراب (سلام الشجعان)، والدخول في العزلة، وتمكين كل المتآمرين التابعين لأقلمة القضية الفلسطينية وتحميل أصحابها المسؤولية..حتى بلوغ حقبة التطبيع من أنظمة إقليمية تابعة ضيقة الأفق، المحتلة بقواعد أجنبية، التي تضيّع ثروات هي من حق ملايين العرب، وتستخدمها في مؤامرات ومكائد تدمّر نسيج الأمة..أليس هذا ما فعلته بتآمرها على سورية، وحربها على اليمن،ناهيك بعدائها للمقاومة العربية كُلّها،وتحديدا في لبنان ،وفلسطين؟!

الحياة مقاومة لكل أسباب الفُرقة، والتلّف، والطائفية، والإقليمية، والتبعية..ولكّل ما يدفع المواطنين العرب للهرب والموت في البحار سعيا للخبز والعمل والاستقرار وتأمين حياة أطفالهم، رغم كل ما يملكه الوطن العربي من ثروات..يبددها من يتحكمون بها، ويحرمون الأمة من توظيفها في نهوض الأمة، وانتشار العلم والمعرفة وتحقيق التقدّم والتطوّر..ولا يتعلمون من تجربة نهوض الصين من التشرذم والتخلّف  إلى امتلاك ناصية العلم والمعرفة و..توحيد أشلاء الصين، بحيث لم يبق سوى بعض الأجزاء لتكتمل وحدة الأمة العظيمة!.

ومع ذلك لا نياس، وفلسطين تقاوم، ولبنان يقاوم، واليمن يقاوم، وفي شعوب أمتنا تنتشر رياح المقاومة، ويترسّخ الوعي والانتماء رغم تكلفة المقاومة ومشقة السفر إلى التحرير والوحدة والنهوض…

الحياة مقاومة خيار ثقافي للأفراد المتميزين بالوعي، وللشعوب التي تتلهف على تحقق حريتها، وللأمم الحيّة، و..شعب فلسطين العربي يُلهم عالميا كل الشعوب المغلوبة، ويستنهض قدرات أمتنا رغم ثقل الأعباء على كاهله..وهو لن يبقى وحده في الميدان إن شاء الله.

الحياة مقاومة، والكتابة مقاومة، وهذا ما أردته في كل ما كتبته، رواية، قصصا له قصيرة، مقالات، عمل صحفي وإعلامي..وسأبقى حتى الرمق الأخير من العمر.

          رشاد أبوشاور

*صدر الكتاب الذي يضم مختارات من الكتابات في شهر آب2023،وهو معروض حاليا في معرض عمّان للكتاب حتى 30أيلول، وسيشارك في معارض عربيّة إن أتيح له.

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

✺ ✺ ✺

لماذا اتخذت قيادات أحزاب شيوعية موقفاً معادياً لثورات بلدانها ضد الإمبريالية؟

جمال واكيم

ملاحظة من “كنعان”:

ننشر هذه المقالة الهامة ونضيف إلى جانبها ما يضئ أكثر على موضوعها. 

لقد قامت الوجاهات والعشائر والأنظمة العربية بمكوناتها من تجار وبقايا إقطاع ثقافة ووضعاً بدعم الكيان الصهيوني منذ وعد بلفور، أي أن ما تسمى البرجوازية العربية قد اعترفت سواء مباشرة أو مداورة بالكيان منذ ما بعد مؤتمر بازل الصهيوني 1897.

وها نحن نراها على حقيقتها اليوم ونرى تمفصلات مثقفيها العضويين التابعين. ونرى دولا عربية وإسلامية بين من يعترف بالكيان وبين من يدعو لدولة دينية ثلاثية في فلسطين أو استفتاء في فلسطين وفي الوقت نفسه يزعم أنه ضد الكيان الصهيوني.

ولإثراء البحث فإننا نقدم للقارئ  نص كتاب يبين موقف الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي من الكيان: “السوفييت وتقسيم فلسطين: إضاءات على كارثة تاريخية وأيديولوجية وجيو – سياسية”، لمؤلفه مسعد عربيد، ويمكن مطالعته على الرابط التالي:

كما نشير إلى كتاب: “أحمد حسين: الرفض المشتبك”، من إعداد مسعد عربيد وعادل سماره

وأخيراُ فإن وباء الاعتراف بالكيان ينخر اليوم العديد من الأحزاب والمنظمات اليسارية والقومية العربية ايضا. 

وهكذا من سباق الحديث عن التحرير إلى سباق القاع.

▪️▪️▪️

لماذا اتخذت قيادات أحزاب شيوعية موقفاً معادياً لثورات بلدانها ضد الإمبريالية؟

جمال واكيم

28 آب 2023

 عام 2019، وبعد أسابيع قليلة من فوز الرئيس نيكولاس مادورو بولاية رئاسية جديدة في فنزويلا، أعلن خوان غوايدو نفسه رئيساً للبلاد بدعم من المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة، وأعلن أيضاً استراتيجية لإطاحة مادورو والنظام البوليفاري الذي يمثله.

فشل غوايدو في غايته، على الرغم من الدعم الذي تلقاه من العواصم الغربية، وعلى رأسها واشنطن. وفي نتيجة هذا الفشل، تشرذمت المعارضة الليبرالية إلى عدد كبير من المجموعات، ما يطرح تساؤلات عن قدرتها على مواجهة الرئيس نيكولاس مادورو وحكومته البوليفارية في الانتخابات الرئاسية المرتقبة عام 2024 والتشريعية عام 2025. 

وقد استفاد الرئيس نيكولاس مادورو من تراجع الضغوط الأميركية والغربية على حكومته، وخصوصاً بعد اندلاع الحرب الأوكرانية وتوجّه العواصم الغربية إلى خطب ود كاراكاس للحصول على نفطها، لشن حملة لمكافحة الفساد داخل حزبه وجهاز الدولة أدت إلى استقالة أكثر من 60 رئيس بلدية كبرى في البلاد، إضافة إلى عدد كبير من المسؤولين الكبار، على رأسهم وزير النفط طارق العيسمي. 

في ظل هذه التطورات، حصل تحول لافت في موقف الحزب الشيوعي الفنزويلي الذي أعلن أنه لن يدعم الرئيس مادورو في الانتخابات المقبلة، بذريعة دعمه النقابات العمالية التي تطالب بزيادة أجورها، وبذريعة تلكؤ مادورو في مكافحة الفساد، علماً أن الحزب الشيوعي كان قد دان سجن ليونر أسواهي، الرئيس السابق لمصنع الورق المقوى المملوك للدولة، بتهم فساد، وطالب بتحقيق مستقل في انتحاره بعد أيام قليلة من سجنه.

وقد جاء ذلك في الوقت الذي تكررت الاشتباكات بين ممثلي الحزب الشيوعي في الجمعية الوطنية، وعلى رأسهم خورخي رودريجيز، وممثلي الحزب الاشتراكي الموحد الحاكم، وصولاً إلى قيام قيادة الحزب الشيوعي الفنزويلي باتصالات مع ممثلي المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة وجماعات المجتمع المدني التي تمولها لتنسيق الجهود ضد مادورو في الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة. 

في نتيجة هذه الاتصالات، تمرد عدد كبير من قواعد الحزب الشيوعي الذين اعتبروا أنه، مهما كانت الانتقادات الموجهة إلى حكومة الرئيس مادورو، لا يجب أن يصل الحد إلى التواصل مع أعوان الولايات المتحدة من أحزاب وأوليغارشيا فنزويلية كانت تسيطر على مقدرات البلاد قبل فوز الرئيس الراحل هوغو تشافيز في انتخابات العام 1999 بالرئاسة وكفه يد هؤلاء عن مقدرات البلاد، وهذا ما دفع هؤلاء إلى التقدم بشكوى لدى الغرفة الدستورية في محكمة العدل العليا، نتج منها عزل قيادة الحزب الشيوعي وتعيين قيادة بديلة. 

دور قيادة الحزب الشيوعي البوليفي في إفشال غيفارا

لم تكن تلك المرة الأولى التي تندفع فيها قيادة حزب شيوعي في خصومتها مع قيادات معادية للإمبريالية الأميركية إلى حد الوقوف مع جماعات مدعومة من واشنطن ضد هذه القيادات. من أبرز الأمثلة على ذلك دور قيادة الحزب الشيوعي البوليفي خلال الستينيات في الوقوف ضد تشي غيفارا، وصولاً إلى إبلاغ السلطات البوليفية التي كانت تلاحقه عن مكانه. 

عندما وصل تشي غيفارا إلى بوليفيا عام 1966 لإطلاق الثورة فيها، تواصل مع الأمين العام للحزب الشيوعي البوليفي ماريو مونجي، الذي أدى دوراً في تسهيل اتصالات غيفارا مع منظمات يسارية عدة في بوليفيا. وقد عقدا عدة اجتماعات خلال فترة وجود غيفارا في بوليفيا، وناقشا الاستراتيجيات، وتبادلا المعلومات، وتعاونا في تنسيق أنشطتهم. 

على الرغم من تعاونهما، فإن غيفارا ومونجي اختلفا حول السبيل لإحداث تغيير في بوليفيا، فقد كانت رؤية غيفارا الثورية أكثر راديكالية من نهج الحزب الشيوعي البوليفي الذي كان يسعى للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات.

وقد حاول مونجي أن يطرح نفسه زعيماً مطلقاً لقيادة حركة التغيير، وهو ما رفضه غيفارا، ما جعل مونجي يهدد قواعد الحزب الشيوعي البوليفي بالفصل، ويهدد كوادر الحزب المتفرغة بقطع رواتبهم إن تعاونوا مع غيفارا. 

وقد وصل الحد بمونجي إلى إبلاغ السلطات البوليفية المدعومة من واشنطن عن موقع غيفارا، ما مكن هذه السلطات من محاصرته وأسره وتصفيته عام 1967. بعد ذلك، نأى بنفسه عن إرث غيفارا الثوري، وانتقد علناً تكتيكاته، ودان الكفاح المسلح، معتبراً أن السبيل للتغيير لا يتم إلا عبر الانتخابات. هذا المنطق تبنّاه الكثير من قيادات الأحزاب الشيوعية في العالم، واصفين نهج غيفارا بأنه نهج “مغامر”.

القادة الشيوعيون الجزائريون قبل الثورة 

وإذا انتقلنا إلى العالم العربي، فإننا نجد أن الحزب الشيوعي الجزائري كان خلال الثلاثينيات والأربعينيات ملتزماً بالنضال السياسي والدفاع عن الحريات الديمقراطية في إطار الوحدة مع فرنسا. 

وعلى الرغم من جهوده بالتواصل مع القوميين الجزائريين، فإن موقفه القاضي بالتمسك بالوحدة مع فرنسا والنضال بالتعاون مع الحزب الشيوعي الفرنسي، إضافة إلى إدانته تظاهرات الجزائريين في 8 أيار/مايو 1945 عند انتهاء الحرب العالمية الثانية للمطالبة بالاستقلال، جعلت الحزب الشيوعي الجزائري يخسر الكثير من مصداقيته، وجعلت عضويته لا تتعدى 15 ألف عضو في مطلع الخمسينيات.

وقد جرت محاولات لإقامة جبهة جزائرية موحدة بين الحزب الشيوعي الجزائري والعلماء والجماعات القومية، وعلى رأسها جماعة مصالي الحاج، إلا أن هذه الجهود باءت بالفشل بسبب الخلاف على الاستراتيجية التي يجب أن تعتمد في مواجهة الاستعمار الفرنسي. وكان الحزب الشيوعي يرفض اعتماد النضال المسلح، ويفضّل البقاء على علاقات طيبة مع فرنسا التي كانت تحكمها حكومة اشتراكية. 

وعند اندلاع الثورة الجزائرية، عارضتها قيادة الحزب الشيوعي الجزائري، معتبرة أنها لا يمكن أن تنتصر، “وخصوصاً أنها مدعومة من نظام رجعي” (أي جمال عبد الناصر في مصر، الذي كان قد واجه محاولة انقلاب قادها الشيوعيون في عام 1954 في ما سمي بتمرد سلاح الفرسان أو المدرعات). 

وقد فاجأت الهجمات التي قامت بها جبهة التحرير الوطني الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1954 الحزب الشيوعي الجزائري. وبضغط من أعضائه الأوروبيين الذين كانوا يفضلون النضال السلمي، فإن الحزب أصدر بياناً في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1954 يدين العنف. 

هذا الأمر خلق شرخاً بين قيادة الحزب وقاعدته التي بدأت تتعاون مع جبهة التحرير الجزائرية، وأدى أيضاً إلى عدم وثوق قيادة جبهة التحرير الجزائرية بقيادة الحزب الشيوعي، ما أثر في التعاون بين الاثنين. وبعد انتصار الثورة الجزائرية عام 1962، بدأت قيادة الحزب الشيوعي الجزائري بحملة تحريض ضد الثورة أدت إلى حظر الحزب نهائياً عام 1965. 

الشيوعيون الفلسطينيون خلال النكبة 

ننتقل إلى الحزب الشيوعي الفلسطيني وموقفه من الحركة الصهيونية؛ فقد تأسس هذا الحزب في عشرينيات القرن الماضي، وضم في صفوفه أعضاء عرباً ويهوداً، في الوقت الذي كان الكثير من الشيوعيين اليهود في العالم لا يزالون يتمسكون بميولهم الصهيونية، ولا يرون فيها تعارضاً مع انتمائهم الشيوعي.

 وقد اعتبرت قيادة الحزب الشيوعي الفلسطيني، ممثلة بإميل حبيبي وتوفيق طوبي، أن تأسيس الكيان الصهيوني سيؤدي إلى تقدم المنطقة العربية المحكومة بأنظمة رجعية، وكانت بذلك متأثرة بموقف الحزب الشيوعي السوفياتي الذي كان داعماً لتأسيس الكيان الصهيوني.

وفي نصّ نشر في صحيفة “هآرتس” الصهيونية قبل أعوام قليلة، أشاد “بنضال قادة عرب من أجل تأسيس إسرائيل”. ويشير النص إلى أنه في الأربعينيات والخمسينيات كان هناك وقت عندما كان يمكن تسمية قادة اليسار بـ”محاربي الحرية الإسرائيلية”. في تلك الأيام، كان اليسار العربي يقاتل من أجل استقلال “إسرائيل”، ولم يكن معارضاً لـ”دولة يهودية”. 

وفي آب/أغسطس 1948، قبل إعادة توحيد “الحزب الشيوعي الإسرائيلي”، عقد الشيوعيون العرب اجتماعاً في حيفا. ألقى إميل حبيبي، أحد مؤسسي الرابطة الوطنية للتحرير في فلسطين، والذي أصبح لاحقاً عضواً في الحزب الشيوعي الإسرائيلي الموحد، خطاباً فيه.

ونشرت مجلة “كل الشعب”؛ مجلة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، مقتطفات من خطابه الذي قال فيه: “ستقاتل الرابطة من أجل أن تصبح الجماهير العربية في إسرائيل عنصراً ديمقراطياً يواجه، جنباً إلى جنب مع القوى الديمقراطية اليهودية، لإنجاز القرار الصادر عن الأمم المتحدة بالكامل. يعتمد سلام واستقلال الدولة اليهودية والعربية القائم على التفاهم اليهودي العربي”.

وقد جرت الاحتفالية الجماهيرية في تجمع تشرين الأول/أكتوبر 1948 في سينما ماي في حيفا. وقد نقلت صحيفة “دافار” حديثاً لحبيبي، الذي دعا إلى “طرد الجيش العراقي المحتل من أرض إسرائيل”، وأعلن أن الحزب الشيوعي سيقاتل “لحماية استقلال دولة إسرائيل”.

وفي خطابه في التجمع، أكد مئير فيلنر، أحد الذين وقّع إعلان استقلال “إسرائيل”، مساهمة “الغالبية العظمى من رفقائنا اليهود والعرب في القتال في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي. وقد قُتل العديد من رفقائنا وأُصيبوا في المعركة، وقدموا مثالاً لمحاربي الحرية الشجعان والأمناء”.

واستشهد بمساهمة الحزب الشيوعي في جذب المساعدات الدولية “لحرب استقلال دولة إسرائيل”، مضيفاً: “كما ترغب الجماهير العربية في رؤية دولة إسرائيل تنتصر على الغزاة، ترغب الجماهير اليهودية في إفشال مؤامرة الإمبريالية لإضافة الجزء العربي من أرض إسرائيل إلى الأردن”.

وقد تم الإفصاح عن مساهمة أعضاء الحزب في استقلال “إسرائيل” في سؤال برلماني من النائب فيلنر عام 1949، موجه إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع ديفيد بن غوريون، بعد إصدار حاكم الجيش أوامر ضبط واعتقال ضد عضوين في الحزب، هما أمين الحزب في الجليل الغربي رمزي خوري ونديم موسى.

وذكرت صحيفة “الحمشمار” أن فيلنر ذكر في سؤاله البرلماني أن هذين العضوين في الحزب “نشطا على رأس المقاومة العربية في الجليل الغربي ضد عصابات فوزي القاوقجي، فلماذا يتم اعتقالهما؟”.

وخلال جلسة المناقشة في الكنيست في كانون الثاني/يناير 1950 بشأن قانون خدمة الدفاع، كان موقف قيادة الحزب الشيوعي لافتاً. ووفقاً لصحيفة “معاريف”، “لمع نجم توفيق طوبي بموقفه الصارم، إذ كان يهاجم نمر حواري ويدين عودته إلى إسرائيل، لأنه كان على رأس منظمة تعمل ضدها”.

وقد ذكر طوبي في خطاب سابق لحواري في غزة، إذ وجه كلامه إلى المفتي، قائلاً: “تحت رايتك يا مفتي، سندخل تل أبيب ونلقي اليهود في البحر”، وطالب النائب طوبي بمحاكمة حواري بصفته “مجرم حرب”.

وفي ما يلي خطاب لتوفيق طوبي كان قد ألقاه في باريس في شهر أيار/مايو 1949 لمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لإعلان قيام “دولة” الكيان، والذي نشر في مجلة الحزب الشيوعي “كول هعام”:

توفيق طوبي

احتفالنا باستقلال إسرائيل

الرفاق الأعزاء،

أشكركم من أعماق قلبي لإتاحة الفرصة لي للاحتفال هنا هذا المساء في هذا المهرجان الشعبي الكبير، مثلما فعل أبناء بلدي في الوطن في الذكرى السنوية الأولى لإقامة دولة إسرائيل.

إنّ احتفالنا بإقامة دولة إسرائيل هو احتفال بانتصار مبدأ حقّ تقرير المصير للشعب اليهودي في أرض إسرائيل. إنّنا نحتفل بذكرى الهزيمة التي مُني بها الاستعمار إثر فشل الحملة العدوانية لجيوش الحكّام العرب الرجعيّين. وبقدر لا يقلّ عن ذلك، فإنّنا نحتفل بفتح الباب للفُرص الجديدة للشعب اليهودي ليشكّل عاملاً للتقدّم في الشرق الأوسط، بواسطة بناء بلاده كدولة ديمقراطية شعبية حقيقية.

وفي الوقت الذي نحتفل، فإنّنا سنتذكّر باعتزاز ذكرى الحرب البطولية للشعب اليهودي من أجل استقلال إسرائيل، وذكرى كلّ أولئك الذين ضحّوا بحياتهم في الحرب ضدّ الإمبريالية والتدخّلات الإمبريالية. كما لا يمكننا أن نكون صادقين مع أنفسنا إن لم نذكر في هذه اللحظات أولئك الأصدقاء الذين وقفوا بجانب الشعب في إسرائيل في الساعات العصيبة خلال كفاحه للاستقلال. ببالغ الشكر والاعتزاز، نتطلّع هذه الأيام إلى الاتحاد السوفياتي والدول الديمقراطية الشعبية، الذين لم يرتدعوا عن تقديم يد العون في حرب استقلال إسرائيل سياسيّاً وماديّاً. لن ننسى أبداً أنّ الاتحاد السوفياتي كان الداعم الأكثر مثابرة وصدقاً في حربنا للاستقلال.

إنّ كفاح الديمقراطيّين العرب في فلسطين والبلاد العربية ومقاومتهم حرب الحكومات العربية الرجعية ضدّ دولة إسرائيل الفتيّة، وحقيقة مشاركتهم بكلّ ما يمتلكون من قوّة في حرب الاستقلال، على الرغم من الإرهاب والتهديد، سيُنظر إليه باعتزاز بوصفه جزءاً من عون ومساهمة الديمقراطيّين في أنحاء العالم في حرب استقلال إسرائيل.

نحن القوى الديمقراطية في إسرائيل، ونحن نحتفل بيوم استقلال إسرائيل، سنصون الاستقلال إذا كُنا اليوم نتناسى الإشارة إلى المخاطر الكبرى التي تتربّص باستقلال دولتنا” – مصدر: “كول هاعام” 19/5/1949

خلاصة 

في ما تقدّم، استعرضنا تجارب لقيادات أحزاب شيوعية أخطأت تقدير الموقف السياسي، واصطدمت بحركات ثورية وطنية معادية للاستعمار والإمبريالية، نتيجة انطلاق قيادات هذه الأحزاب من تجارب بيروقراطية حزبية معزولة عن فهم الواقع، ومن فهم دوغمائي، وفي كثير من الأحيان يوروسنتري، جعلها تسقط أفكاراً مسبقة تتنافى مع واقع مجتمعاتها، ما انعكس سلباً على دور الأحزاب الشيوعية في البلدان التي ذكرناها، وساهم في بعض الأحيان في إفشال هذه الثورات وحركات التحرر، وخصوصاً في ما جرى في بوليفيا مع تشي غيفارا وفي ما جرى في فلسطين المحتلة، فهل تتعظ قيادة الحزب الشيوعي الفنزويلي من هذه التجارب، وتعمل على حصر الخلاف مع الحكم البوليفاري، بما لا يتيح للإمبريالية الأميركية الاستفادة منه لاستعادة هيمنتها على فنزويلا؟

:::::

“الميادين”

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

✺ ✺ ✺

الحركة التقدمية الكويتية تؤكد موقفها الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب

 إزاء الوتيرة المتسارعة لخطوات التطبيع الرسمي مع الكيان الصهيوني الغاصب التي تقوم بها بعض الحكومات العربية وفي المنطقة؛ فإننا في الحركة التقدمية الكويتية نجدد تأكيد موقفنا الرافض والمقاوم للتطبيع، وذلك انطلاقاً من حقيقة أنّ الخطر الصهيوني لا يطاول الفلسطينيين وحدهم، وإنما يستهدفنا جميعاً نحن العرب… واستناداً كذلك إلى أنّ أساس القضية الفلسطينية إنما يتمثّل في كونها قضية تحرر وطني في مواجهة كيان صهيوني غاصب زرعته الإمبريالية في منطقتنا العربية ليتولى القيام بدوره الوظيفي في خدمة المصالح والمشروعات الإمبريالية الغربية وتثبيت هيمنتها على منطقتنا وبلداننا وشعوبنا.

 إن العذر الذي يسوقه البعض بأنّ التطبيع سيجلب للدول المطبّعة الاستقرار والازدهار وسيجلب السلام لشعوبنا ليس إلا مُجرّد أوهام تسند سردية الإحتلال التي يسوّقها لنفسه ليستمر بتوسعه وجرائمه، وبمجرد النظر للدول التي وقعت اتفاقيات تطبيع مع الكيان الصهيوني فإننا سنرى بأن تلك الاتفاقيات لم تجلب سوى الاستبداد والعسكرة والقمع والإفقار والحرمان للشعوب، كما كرّست التبعية للإمبريالية وقوّضت سيادة الدول وقيّدت حرية الشعوب.
ورغم أنّ الحكومة الحالية لكيان الاحتلال تعتبر أكثر حكومة متطرفة وعنصرية، وأنّ هدفها المعلن والرئيسي هو تصفية القضية الفلسطينية وهذا ما يظهر واضحاً بتصعيدها بعمليات التطهير الممنهج ضد كل الشعب الفلسطيني؛ ومع ذلك، نرى بعض الأنظمة تهرول للتطبيع مع هذا الكيان الغاصب، الذي يمرّ بأزمات بنيوية غير مسبوقة تهدّد بانفجار داخلي نتيجة حالتي اشتداد أزمة النظام العالمي والانهيار الداخلي للكيان، ما يتطلب منا لمصلحة شعوبنا وبلداننا العربية تقديم الدعم لصمود الشعب الفلسطيني وإسناد مقاومته، والعمل على فضح جرائم الكيان الصهيوني ومقاطعته وفرض طوق من العزلة عليه، وتحويل التضامن إلى إسناد ملموس مادي وسياسي وعسكري ومعنوي في دعم صمود الشعب العربي الفلسطيني ومقاومته.

 كما يعنينا أن نشير إلى أنّ ما تقوم به بعض الأنظمة العربية بما فيها السلطة الفلسطينية مع كيان الاحتلال يمثل انحرافا عن الخط القومي والفلسطيني الوطني، وإنّ استغلال الغطاء الرسمي الفلسطيني لتمرير اتفاقيات التطبيع بهدف إنقاذ الكيان إنما هو خيانة لقضية الشعب الفلسطيني الصامد خلف مقاومته الباسلة… ونؤكد أنّه ليس من بديل سوى المقاومة والصمود والتضامن الكفاحي لشعوب أُمتنا حتى التحرير وإقامة الدولة المستقلة الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس موحدة.

 ويهمنا على نحو خاص ومباشر أن نؤكد على أهمية الثبات على الموقف الوطني والقومي المتماسك للكويت في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب والالتزام بالتشريعات، التي تجرّم التعامل مع الكيان الصهيوني بأي صورة من الصور، ومن بينها القانون رقم ٢١ لسنة ١٩٦٤ في شأن القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل، الذي يحظر ولا يزال في مادته الأولى على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعملون لحسابها أو لمصلحتها أينما أقاموا… ويحظر في مادته الثانية دخول أو تبادل أو حيازة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية بكافة أنواعها… وكذلك المرسوم الأميري بإعلان الحرب الدفاعية بين دولة الكويت والعصابات الصهيونية المحتلة، في يوم ٥ يونيو/ حزيران ١٩٦٧ وهو المرسوم الذي لا يزال سارياً إلى يومنا هذا.

 كما تدعو الحركة التقدمية الكويتية جميع القوى والتيارات السياسية والاتحادات والنقابات العمالية والطلابية ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات المهنية وحقوق الإنسان وأعضاء مجلس الأمة إلى تحمل مسؤولياتها في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ أمتنا العربية لمقاومة الاحتلال وكافة أشكال التطبيع ومناصرة قضيتنا المركزية فلسطين وشعبها الأبي.

الكويت في ٢٨ سبتمبر/ أيلول ٢٠٢٣

_________

ملاحظة من “كنعان”: “كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم … تابع القراءة ….

________

تابعونا على:

  • على موقعنا:
  • توتير:
  • فيس بوك:

https://www.facebook.com/kanaanonline/

  • ملاحظة من “كنعان”:

“كنعان” غير مسؤولة عن الآراء الواردة في المقالات، بل هي تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية أو تبنيهم لهذه الآراء والمواقف.

ومن أجل تنوير الناس، وكي يقرر القارئ بنفسه رأيه في الأحداث، ونساهم في بناء وعيً شعبي وجمعي، نحرص على اطلاع القراء على وجهات النظر المختلفة حيال التطورات في العالم. ومن هنا، نحرص على نشر المواد حتى تلك التي تأتي من معسكر الأعداء والثورة المضادة، بما فيها العدو الصهيوني والإمبريالي، وتلك المترجمة من اللغات الأجنبية، دون أن يعبر ذلك بالضرورة عن رأي أو موقف “كنعان”.

  • عند الاقتباس أو إعادة النشر، يرجى الاشارة الى نشرة “كنعان” الإلكترونية.
  • يرجى ارسال كافة المراسلات والمقالات الى عنوان نشرة “كنعان” الإلكترونية: mail@kanaanonline.org