“كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي، 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 إعداد: الطاهر المُعِز

 

نشرة الاقتصاد السياسي

إعداد: الطاهر  المُعِز

 

خاص ب”كنعان”، نشرة الاقتصاد السياسي عدد 401

 

نُرَكِّزُ في مُعْظم أعداد النشرة على مواضيع مُحَدَّدة، ويحصل أن يقع التركيز على بلد أو على منطقة من العالم أو على قطاع اقتصادي، وركزنا في العدد السابق مثلاً (العدد 400) على الولايات المتحدة، من خلال عدة فقرات، ونركز في هذا العدد 401 على بعض مظاهر الوضع في تونس (مهد أول انتفاضة ضد حكم دكتاتوري مُتَسَلِّط، أواخر سنة 2010 وبداية سنة 2011) وعلى موضوع “الصحة”، وذكرى وعد بلفور، إضافة إلى الأبواب المعهودة، وهذا المنهج في إعداد النشرة يتطلب تنظيمًا وإعدادًا مُسْبَقًا للمحافظة على توازن المواضيع والمواد التي سَتُنْشَر (جمع وترجمة وترتيب وإعادة تحرير لتقريب المفاهيم من القارئ العادي، غير المُخْتَص)، ولكن لهذا المنهج مساوئ منها تأجيل نشر بعض الفقرات إلى أعداد لاحقة، ما يُؤَدِّي إلى التأخير في تناول بعض الأحداث، ولكن أهداف النشرة تتمثل أيضًا في تحليل “أروقة” أو “كواليس” الخبر، والتعليق على بعض الأخبار دون غيرها، ما يُمَثِّلُ اختيارًا قد يكون صائبًا وقد يكون خاطئًا… إن غياب أو قِلّة التّفاعل بين القارئ والنّاشر (نشرة “كنعان”) والكاتب لا يُساعد على تحوير الشكل والمُحْتَوَى، ويُحَوِّلُ القارئ إلى مُسْتَهْلِكٍ (رُبما سريع القراءة) قد تعجبه المادة أو لا تُعْجِبُهُ ولكنه لا يتفاعل بالإعجاب (وهو غير ضروري) أو الإحتجاج والنقد، وهو أهم بكثير من التعبير عن “الإعجاب” أو الرِّضا… لذا بِوِدِّي أن أقرأ تعاليق ونقد ومقترحات القراء بخصوص شكل النّشرة ومحتواها… مع تحياتي وتحيات فريق نشرة “كنعان” اليومية – الطاهر المُعِز   

 

مائوية ثورة اكتوبر الإشتراكية 1917 -2017

 

أُطْرُوحة “حق الشعوب في تقرير مصيرها” تأسست الأممية الأولى سنة 1864 تحت شعار “ياعُمّال العالم اتحِدُوا”، بمساهمة كارل ماركس وفردريك إنغلس، ثم أضافت الأممية الثالثة بُعْدًا هامًّا تَمثَّل في حق الأمم والشعوب المُضْطَهَدَة (الواقعة تحت الإضْطِهاد) في تقرير مصيرها، خصوصًا بعد الحرب العالمية الأولى التي أدت إلى انقسام الحركة الشيوعية بين من يُساند “برجوازيته” القومية أثناء الحرب، ومن يُعارض الحرب الإمبريالية برمّتها، وأسس الشق الثاني الأممية الثالثة، بإضافة البُعد الأممي لتحرر الشعوب من الإستعمار ومن الهيمنة إضافة إلى تَحَرُّر البروليتاريا من الإستغلال الطبقي، وكان لينين قد نشر في أوج الحرب كُرّاسًا سنة 1916 تحت عنوان “موضوعات حول حق الأمم في تقرير مصيرها”، مُعْلِنًا انه يود الخروج من “الأممية المُجرّدة” إلى توعية الطبقة العاملة في الدول الإمبريالية وتطعيمها (تلقيحها) ضد التعصب القومي، لتُساند الشعوب والأمم التي تناضل من أجل تقرير المصير والإستقلال، ولا يجب أن يغيب عن أذهان المناضلين التقدّميين العرب ان ثورة اكتوبر فضحت مخططات الإمبريالية ونشرت اتفاقيات سايكس وبيكو (نيابة عن الإمبرياليتين البريطانية والفرنسية) لتقسيم الوطن العربي، وإنشاء دولة الكيان الصّهيوني، وكانت هذه الإتفاقية سِرِّيّةً…

كان هذا البُعْد الأممي من عوامل انتشار الفكر الإشتراكي بين الشعوب الواقعة تحت الهيمنة الإمبريالية، وفي أوساط حركات التحرر، التي كانت تكتفي بشعار الإستقلال، ثم أضافت البُعْد الإجتماعي لمشروع الإستقلال، وشكل “مؤتمر باكو لشعوب الشرق” (1919) دَعْمًا كبيرًا لحركات التحرر (من الصين وتركيا ومن العرب والأكراد والأرمن ومن جورجيا والهند وغيرها) وللأممية الشيوعية (الأممية الثالثة)، بعد اصطفاف أحزاب وحركات اشتراكية من الدول الإستعمارية وراء برجوازيات الدول التي أشعلت الحرب العالمية الأولى، في إطار الصراع بين القوى الإمبريالية الذي لن تجني منه الشعوب سوى الموت والخراب، وأصبحت الشيوعية تعني التّحرُّر الطبقي والقومي، فيما عملت الدول الإمبريالية  (بمشاركة 14 دولة) على محاصرة الثورة البلشفية عسكريًّا واقتصاديا، ودعم ما سمي “الجيوش البيضاء” (المناهضة للثورة) من 1918 إلى 1922) وتكرر الأمر خلال الحرب العالمية الثانية حيث ابتهجت الدولتان الإمبرياليتان الأعظم آنذاك (بريطانيا وفرنسا) لتوجه جيش ألمانيا النازية نحو الشرق واحتلال روسيا حتى “ستالينغراد” وبعد حصار دام سنتين وخسائر باهضة، بلغت نحو عشرين مليون ضحية سوفييتية، دحر الجيش الأحمر جيش الغُزاة، حتى مدينة “برلين” (عاصمة ألمانيا)، ما حدا بالإمبريالية الأمريكية -التي افتَكّت مشعل الإستغلال والإضطهاد والإستعمار من بريطانيا وفرنسا- إلى إيقاف الحرب… كان من نتائج مؤتمر “باكو” (1919) توسيع صف التحالف المناهض للإمبريالية، وتُمَثِّلُ الإمبريالية “أعلى مراحل الرأسمالية” وفق لينين، فأعلنت حركات التحرر في آسيا (الصين بقيادة “ماو تسي تونغ” وفيتنام بقيادة “هو شي مينه”) انضمامها للحركة الشيوعية، وساعدها الإتحاد السوفييتي لدحر الإستعمار الياباني في الصين والفرنسي في فيتنام… رغم دور الإتحاد السوفييتي في نشر الوثائق السّرِّية وفضح مخططات بريطانيا (وعد بلفور ومنح فلسطين للحركة الصهيونية) ومخططات بريطانيا وفرنسا (اتفاقية سياكس-بيكو) لعب الإتحاد السوفييتي دورًا مُساندًا للإحتلال الصهيوني لفلسطين، باعترافه بالكيان الصهيوني المُغْتَصِب لأرض وَوَطَنِ شعبٍ واقعٍ تحت الإستعمار والإضطهاد، ما يُشِير إلى خلل كبير في تحليل طبيعة الحركة الصهيونية، وتحليل طبيعة الإمبريالية التي قد تُوكِلُ إلى قوى أخرى -مُتَفَرِّعَة عنها- مُهِمّة استعمار الأوطان واضطهاد الشعوب…  

 

فلسطين: يحاصر الكيان الصهيوني قطاع غزة من البَرِّ والبحر والجو، بدعمٍ من النظام المصري والإتحاد الأوروبي وسلطة الحكم الذاتي الإداري، ويشن حربًا مُسْتَمِرّةً، بلغت ذروتها ثلاث مرات بين 2008 و 2014، وخلال القصف الأخير (صائفة 2014) أحصت الأمم المتحدة 2251 قتيلاً منهم 551 طفلاً ولا يزال نحو 100 ألف شخص بدون مأوى في غزة… اغتال الجيش الصهيوني ،”خارج إطار القَضاء” (وفق اللغة التي تستخدمها منظمات حقوق الإنسان) من تشرين الأول 2015 إلى تشرين الأول/اكتوبر 2017 في الأراضي المحتلة سنة 1967 لوحدها نحو 303 فلسطيني، بذريعة “احتمال” قيامهم أو “اعتزامهم” القيام بعمل مُعادي لجيش الإحتلال، فيما قُتِلَ خلال نفس الفترة 51 صهيوني، وفق وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) 31/10/17

 

في ذكرى وعد بلفور: كانت بريطانيا وفرنسا تحتلاّن أجزاء هامة من الكرة الأرضية، واتفق قادة الإمبرياليتَيْن قبل انتهاء الحرب العالمية الأولى على تقسيم الوطن العربي بينهما، قبل (اتفاقية “سايكس” و “بيكو” سنة 1916 )، واقتطعت فرنسا أجزاء من سوريا وسلّمتها إلى تركيا فيما اقتطعت بريطانيا أجزاء من العراق وسلّمتها إلى إيران، وغير ذلك من العبث بمصير البلدان والشعوب العربية، ثم أضافت الإمبريالية البريطانية إلى سَوآتها العديدة ما عُرِفَ ب”إعلان بلفور” الذي لا يُمْكن فَصْلُهُ عن اتفاقية سايكس-بيكو، بل هو حلقة منها، وهو بمثابة رسالة مفتوحة بتاريخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1917، وقعها آرثر بلفور، وزير الخارجية البريطاني (باسم الدّولة الإستعمارية البريطانية)، وهي موجهة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد (1868-1937)، أحد أبْرَز البرجوازيين اليهود في بريطانيا، ومن ذوي النفوذ المالي القوي جدًّا، وهو زعيم صهيوني يموِّلُ مجموعات صهيونية ويمول إنشاء مُسْتَوْطَنات صهيونية في فلسطين التي كانت تحتلها الدولة العثمانية، ثم بريطانيا، وأعلن “أرثر بلفور في هذه الرسالة “تَطَابُقَ التّطَلُّعات الصهيونية مع مخططات حكومة بريطانيا”، ولذا ستعمل بريطانيا على تسهيل “إنشاء وطن يهودي في فلسطين”، واستخدَمَ العبارة الإنغليزية التي تصعب ترجمتها (National Home)، كما لا يوجد لها تعريف في لغة “القانون الدولي”، ونشرت صحيفة “لندن تايمز” هذا البيان في عددها الصادر يوم التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1917، تحت عنوان: “فلسطين لليهود- التعاطف الرسمي”، وبدأ التنفيذ الفِعْلِي والدّولي لهذا السّلب خلال مؤتمر باريس (1919) قبل معاهدة سيفر (1920)، التي أكدها مؤتمر سان ريمو (1920)، والذي تعلَّقَ بإعادة تقسيم الوطن العربي ووضع حد للدولة العُثمانية التي ورثها نظام دكتاتوري يتزعّمُهُ “كمال أتاتورك”… أما أسرة “روتشيلد” ومُؤَسَّساتها المالية فقد بدأت تمويل المُسْتَوطنات قبل عُقود من ذلك التاريخ…

شَكَّلَ وعد بلفور (مع اتفاقية سايكس-بيكو) مؤامرة على الوطن العربي، لا تزال متواصلة بل استفحلت منذ اتفاقية “كمب ديفيد” (1979) ومنذ هَيْمَنَت السعودية على الجامعة العربية (العِبْرِيّة) التي دعمت الإمبريالية (مَالِيًّا وعَسْكَرِيًّا ودبلوماسيًّا) أثناء قصف أو احتلال دول عربية، وحولت الصراع العربي ضد الصهيونية إلى حرب (تقودها السعودية نيابة عن الإمبريالية) ضد دول عربية (غير مَلَكِيّة) وقع تخريبها وتفتيتها مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا، وبدأت السعودية ومشيخات الخليج، وقوى سياسية في تونس ولبنان والمغرب والجزائر وغيرها تُدافع بشكل عَلَنِي على تطبيع علاقاتها مع دولة الإحتلال الصّهيوني، رغم الأَدِلَّة العديدة على الدور الوظيفي للكيان الصهيوني كَمُمَثِّل للإمبريالية في قلب الوطن العربي، بدليل العدوان على مصر مع بريطانيا وفرنسا إثر تأميم قناة السويس، وبدليل ما كتَبَهُ رئيس حكومة إسبانيا الأسبق “أزنار” ومفادُهُ “يجب دعم إسرائيل ومَنْع انهيارها، لأن في ذلك انهيار للغرب”، وتصريح الرئيس الفرنسي الأسبق “ساركوزي” بأن “إقامة إسرائيل هي أهم إنجاز للغرب خلال القرن العشرين”، وكذلك أَقْوَال وأفعال جميع الرّؤساء الأمريكيين… 

بعد مائة عام من إطلاق وعد بلفور، أصبحت الإمبريالية الأمريكية هي المُهَيْمِنَة، ووَضُحت صورة الصلة العضوية بين الإمبريالية (أمريكا وأوروبا بشكل خاص) والحركة الصهيونية، وأصبح الكيان الصّهيوني جزءًا من الإستراتيجية الأميركية وقاعدة عسكرية للسيطرة على الوطن العربي، وأكثر من الوطن العربي (إفريقيا، إيران، آسيا الوُسْطى…)

من أقوال وكتابات “أرثر بلفور” سنة 1919: “يجب ألاَّ نُولِيَ أية أهمِّية لرغبات 700000 عربي (في فلسطين)، فهي لا قيمة لها بالمقارنة مع مصير حركة استعمارية أوروبية في جوهرها (أي الصهيونية)”، وتَدُلُّ هذه الجملة القصيرة عن وجود مشروع استعماري في الوطن العربي بقيادة بريطانيا (أوروبا)، تُنَفِّذُهُ عبر حركة استعمارية أوروبية ذات عقيدة (إيديولوجيا) عنصرية، أي الحركة الصهيونية، فَوّضَها الإستعمار البريطاني والأوروبي لتحقيق هذا الهدف والذي يتطلّبُ بدوره تنفيذ “تطهير عرقي” ضد 700 ألف فلسطيني (سنة 1017 وحوالي 850 ألف سنة 1948)، لا قيمة لحياتهم ومصيرهم مُقَارنَةً بهذا المشروع الإستعماري “الحضاري” الأوروبي…

 

“يونسكو”، ابتزاز أمريكي وصهيوني: تزامن انتخاب الصهيونية الفرنسية “أودريه أزولاي” على رأس منظمة التربية والعلوم والثقافة (يونسكو) مع إعلان الولايات المتحدة والكيان الصهيوني انسحابهما من المنظمة بدعوى تسييس المنظمة والتحيز ضد الكيان الصهيوني، ولكن التهديد الأمريكي والعمل على انهيار هذه المنظمة ليس جديدًا بل يعود إلى 1984 (خلال رئاسة “رونالد ريغن”) لأن حكومات الولايات المتحدة ترفض الديمقراطية عندما لا تكون في خدمتها وتحت إمْرَتها ورهن إشارتها، وتختلق الذرائع لرفض نتائج الديمقراطية التي تَدَّعِي الدفاع عنها في أفغانستان والعراق وغيرها من البلدان التي خَرّبَتْها القنابل “الديمقراطية” الأمريكية… تأسست “يونسكو” سنة 1945 بنهاية الحرب العالمية الثانية ضمن موجة تأسيس المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك العالمي (الذي كان يُسَمّى “البنك الدولي للإنشاء والتّعْمِير”، أي إعادة تعمير القارّة الأوروبّية)، وكان الهدف من تأسيس “يونسكو” حماية التراث الإنساني الثقافي، وتتولّى المنظمة مسؤولية تحديد مواقع التراث العالمي وحمايتها بدءا من جزر “غالاباغوس” قبالة سواحل الإكوادور على المحيط الهادي وحتى أضرحة “تمْبُكْتُو” في مالي بغرب أفريقيا، ما يفترض بُعدًا عالمِيًّا ودفاعًا عن التّعَدُّدِيّة الثقافية والحضارية، وهو أمر يتناقض مع طبيعة الإمبريالية الأمريكية والكيان الصهيوني، ما يُفَسِّرُ الخصومات العديدة التي افتعلتها الإمبريالية الأمريكية وانسحابها عديد المرات، مع قطع التمويل عن “يونسكو”، وتتعارض المهمة الأساسية ل”يونسكو” أيضًا مع “تهويد” القدس والخليل وغيرها من الأراضي التي استولى عليها الكيان الصهيوني، كما تتعارض مهمة “يونسكو” الأصلية مع استيلاء فرنسا على إدارتها، خلافًا لعُرْفٍ غير مكتوب يقتضي عدم ترشيح شخص من دولة تحتضن منظمة دولية… تعيش “يونسكو” أزمة مالية منذ تجميد الولايات المتحدة اشتراكها (كانت تمثل 25% ثم خفضتها إلى 22% من ميزانية المنظمة) مرة أولى سنة 1984 (حتى سنة 2002) ثم سنة 2011 وسنة 2014 وسنة 2017 (ستكون نافذة سنة 2018) وارتفعت ديون المنظمة إلى 500 مليون دولارا، وستطور الأزمة المالية بإعلان الولايات المتحدة الانسحاب بذريعة تحيز المنظمة “ضد إسرائيل”، التي انسحبت أيضًا في عملية مُنَسَّقَة بين الإمبريالية الأم ووكيلتها في الوطن العربي، وتؤثر الأزمة المالية ونقص التمويل في برنامج المنظمة وأهدافها، وتدّعي دول أوروبية أخرى “إن مشاكل يونسكو نابعة من تَسْيِيسِها” بينما تستخدم نفس هذه الدول كافة المنظمات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن للإعتداء على بلدان وشعوب العالم، وللتذكير فإن  الولايات المتحدة والكيان الصهيوني اعترضا مع 12 عضوا على عضوية “فلسطين” من أصل 194 عضوا، أي أنهما كانا ضمن أقلية ضئيلة، وفق مقاييس الديمقراطية التي يتبجح بها “الغرب”… يعمل بمنظمة “يونسكو” نحو ألفي شخص في مختلف مواقعها عبر العالم، واضطرت مع غياب التمويل الأمريكي إلى تقليص برامجها وتجميد التوظيف وسد الفجوات بالإسهامات التطوعية، وانخفضت ميزانيتها بقرابة 50% منذ 2012 (أي سنة بعد عدم تسديد أمريكا معلوم اشتراكها) وبلغت سنة 2017 نحو 326 مليون دولار، وتشير بيانات الموقع الإلكتروني للمنظمة أن قيمة المستحقات المتأخرة بلغت نحو 650 مليون دولار منها حوالي 542 مليونا على الولايات المتحدة، كما لم تُسَدِّدْ اليابان وبريطانيا والبرازيل مساهماتها، وتهدف بعض الدول الإمبريالية تحويل المنظمة إلى أداة لفرض سياساتها عبر هيكل يُشْبِهُ مجلس الأمن، حيث يكون حق النقض ساريًا، وفق نسبة مشاركة كل دولة بهدف “مراقبة إنفاق الأموال”… عن رويترز 15/10/17 (بتصرف) – راجع مقال “اليونسكو تحت الهيمنة الصهيونية” – الطاهر المعز

 

المغرب: أطلقت حكومة الإئتلاف التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون جولة “الحوار الإجتماعي” بمشاركة الحكومة ونقابات الأجراء وأرباب العمل، لتفادي الإضرابات والتظاهرات التي عَمّت البلاد خلال السنتين الماضيتين، بسبب تطبيق برنامج صندوق النقد الدولي المتمثّل في خصخصة المرافق العمومية وتجميد التوظيف وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد وعدد موظفي القطاع العام، وكانت النقابات العُمالية تتذَمّرُ من غياب الحوار مع حكومة عبد الإله بنكيران التي تؤكّد (كما الحكومة الحالية والتي يُهيْمِنُ عليها  نفس الحزب) على “تنافُسِية الشركات وضمان التوازنات المالية للدولة”، وهي في الواقع شروط صندوق النقد الدولي، وما هذا “الحوار” سوى التفاف على مطالب الشّغّالين والتّظاهر “باستشارة ممثلي الأُجَراء”، أما القرارات فهي مُعَدّة مُسبقًا… تتعامل الدولة مع أي احتجاج بنفس الأساليب القمعية (سياسة العصا الغليظة)، فقد شنّت قوات الشرطة حملة اعتقالات في صفوف مواطنين خرجوا للمطالبة بتحسين ظروف العيش وتوفير الماء الصالح للشرب، مساء الأحد 08/10/2017 في مدينة “زاكورة” (جنوب البلاد) وقَدّرت بعض المنظمات عدد المعتقلين بما لا يقل عن 21 شخصًا بعضهم من القاصرين، حيث ضَمَّت الوقفة الإحتجاجية مواطنين، من ضمنهم نساء وأطفال، خرجوا يُطالِبُون بالماء الصالح للشرب ضمن مطالب اجتماعية أخرى، قبل أن تحاصرهم قوات الشرطة التي منعت المواطنين من المشاركة ومن الإلتحاق بالتظاهرة، إضافة إلى تحرّش عناصر الأمن ببعض النساء، واستخدمت الشرطة العُنْف الذي أدّى إلى جرح بعض المتظاهرين ونقلهم إلى المستشفى لتلَقِّي الإسعافات، وتجدر الإشارة أن هذه الوقفة ليست الأولى من نوعها، بل سبقتها وقفات منذ شهر حزيران/يونيو عند اشتداد موجات الحر وانقطاع الماء، وكان السكان يُطالبون منذ حوالي عقديْن بتحسين جودة الماء، أما اليوم فإن الماء (رغم رداءتِهِ) مُنْقَطِعٌ تمامًا عن بعض أحياء المدينة منذ أسابيع، مما يضطر السّكان للخروج بحثًا عن هذه المادة الحيوية وجمعها في صهاريج في ظروف غير صحية بالمرة… عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أ.ف.ب 10/10/17

 

الجزائر: تُشَكِّلُ إيرادات النفط والغاز نحو 60% من ميزانية الدولة و95% من إجمالي الصادرات، ولم تُطَوِّر الحكومات المتعاقبة وسائل الإنتاج أو قطاعات مُنْتِجَة مثل الزراعة والصناعة، بل بقي الإقتصاد ريعيًّا يعتمد على المحروقات (النفط والغاز) وتشتري الدولة الصّمت بتوزيع بعض الفتات في شكل حوافز ومِنَح، وتأثرت ميزانية الدولة من هبوط أسعار النفط حيث انخفضت إيرادات صادرات الطاقة من 60,3 مليار دولارا سنة 2014 إلى 27,5 مليار دولارا سنة 2016 ويتوقع وزير المالية أن تبلغ 31 مليار دولار سنة 2017 وتأثرت احتياطات النقد الأجنبي بتراجع إيرادات الطاقة  فانخفضت من 195 مليار دولارا سنة 2014 إلى 97 مليار دولار مُتَوَقّعة هذا العام 2017 وأضر تراجع أسعار النفط الخام العالمية منذ منتصف 2014 بالمالية العامة للدولة ودفع الحكومة إلى خفض الإنفاق ورفع أسعار بعض السلع المدعمة وفرض ضرائب جديدة وتدبير مصادر تمويل بديلة… عن وكالة الأنباء الجزائريةرويترز 11/10/17

 

تونس: ارتفع العجز التجاري إلى أكثر من عشرة مليارات دينارًا وارتفعت نسبته من 5,8% من إجمالي الناتج المحلي خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2016 إلى 6,6% من إجمالي الناتج المحلي خلال الأشهر الثمانية الأولى من سنة 2017، رغم تطبيل الحكومة وإعلامها بشأن ارتفاع العائدات السياحية بنسبة 22,3% وتحويلات التونسيين بالخارج بنسبة 12,6%، والواقع أن احتساب قيمتها بالدينار الذي انخفض كثيرًا، يُظْهرُ ارتفاعا مُصْطَنَعًا لبعض الإيرادات، فالخدمات السياحية والإقامة في تونس من أرخص مناطق البحر الأبيض المتوسط، ولا تُحَقِّقُ قيمة زائدة مُرْتَفِعة… من جهة أخرى سجل مخزون العُملة الأجنبية انخفاضًا قياسيا خلال حكم تحالف الإخوان المُسلمين والدّساترة (أتباع بورقيبة وبن علي)، ولم تتمكن حكومة هذا التحالف الكُمْبرادُوري من المحافظة على ما يقابل 90 يوم من التوريد، خاصة في ظل عدم صرف القسط الثالث للقرض صندوق النقد الدولي، وزادت قيمة الدين الخارجي على 60% من إجمالي الناتج الداخلي الخام، وفق بيان المصرف المركزي (04/10/2017)، وفي ظل انخفاض السيولة لدى المصارف بقيمة تعادل عشرة مليارات دينارًا… يُشكِّلُ الوضع الإقتصادي بابًا مُشْرَعَة للتدخل الأجنبي المباشر، عبر القروض وعبر تمويل المنظمات “غير الحكومية”، وأعلن رئيس الحكومة الفرنسية الترفيع في قيمة استثمارات فرنسا في تونس، إلى 100 مليون يورو خلال السنوات الثلاثة القادمة عبر الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تخصيص 100 مليون أورو (حوالي 300 مليون دينار) للإستثمارات في تونس حتّى سنة 2020، مقابل “تنفيذ برنامج مشترك لمكافحة الإرهاب والتطرف، والحفاظ على الأمن في المنطقة”، أي أن تتحول تونس مثل كافة بلدان المغرب العربي إلى سجن أوروبي لطالبي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين، وأن تتحول أجهزة الدولة التونسية إلى جهاز أمن وإدارة سجن لأوروبا على أراضي تونس، وتُرَكّز فرنسا على غرس اللغة الفرنسية في المجتمعات المغاربية منذ المرحلة الإبتدائة (وكذلك في مستعمراتها الأخرى) مع رفض تأشيرات الدخول إلى أراضيها والمنح الدراسية في جامعاتها، وبالمقابل ألغت الدولة في فرنسا دراسة العربية في كافة مراحل التعليم… في مجال الهيمنة الإمبريالية عبر المنظمات “غير الحكومية”، يوجد المكتب الرئيسي لمبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية “ميبي” (MEPI) في تونس منذ تأسيس هذا البرنامج خلال فترة حكم بوش الإبن، سنة 2002، ويلعب هذا البرنامج دورًا تخريبيًّا هائلا في الوطن العربي بتركيزه على فئة الشباب من الطلبة والصحافيين والنساء والمُثقّفين وبعض رجال الأعمال أو ما يُسَمِّيهم البرنامج “زعماء الغد” (راجع مقال الطاهر المعز بشأن هذا البرنامج بعنوان “ميبي مشروع هيمني أمريكي في الوطن العربي” 2009)، وأعلنت سفارة الولايات المتحدة التوقيع على ثمانية “مِنَح محلية جديدة لفائدة ثماني جمعيات ومنظمات تونسية، بقيمة قاربت 1,3 مليون دولار أمريكي، واستفادت من هذه المِنَح جمعيات “نحن الشباب” و”المعهد التونسي للديمقراطية والتنمية” ومنظمة “أنا يقظ” وجمعية “الجيل” وجمعية “النهوض بالتربية على المواطنة” وجمعية “كوجيت” و”مركز ريادة الأعمال وتطوير الإطارات التنفيذية”، و”غرفة التجارة الأمريكية – التونسية”… يُعلن برنامج “ميبي” بوضوح أنه يرمي (إضافة إلى شراء الذِّمَم بمنح لبعث مشاريع مؤسسات صغيرة) إلى “زيادة الوعي بأهمية ممارسة الحق في التصويت ومشاركة الشباب في الإنتخابات البلدية المقبلة، وتعزيز شفافية المسار الانتخابي ودعم الديمقراطية التشاركية…”، وهي أهداف سياسية مَحْضَة وتَدَخُّل سافر في شؤون البلدان، وهو ما لا تسمح به أمريكا أو غيرها من الدول الإمبريالية… وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) من 05 إلى 09/10/17

 

مَيِّت عن مَيِّت بيفرق” (مع الإعتذار لغسّان كنفاني صاحب قصة “خيمة عن خيمة بتفْرق”): ترتبط تونس بعدة اتفاقيات مع أوروبا، وكُلّما وقعت الدولة التونسية اتفاقية “شراكة” جديدة مع أوروبا كلما تشددت الأخيرة في دخول التونسيين إلى أراضيها سواء للدراسة أو الزيارة أو السياحة أو للعمل، ولم يستفد من نظام التّأشيرة سوى بعض فئات الفرنكفونيين من المحامين والصحافيين والأكاديميين ورجال الأعمال، وكلما ارتفعت الحواجز أمام السلع الأوروبية زادت أوروبا من “معايير” وشروط عبور البضائع التونسية حدود أوروبا التي أصْبَحَتْ قَلْعَة مُحَصّنة، خصوصًا منذ انهيار الإتحاد السوفييتي ودخول رومانيا وبلغاريا وبولندا وغيرها الإتحاد الأوروبي (بعد انتمائها لحلف شمال الأطلسي “ناتو”) وأصبح عمال أوروبا الوسطى والشرقية يعملون في أوروبا الغربية برواتب جد منخفضة، فأغلقت أوروبا باب الهجرة أمام عُمّال وفقراء المغرب العربي وافريقيا، باستثناء مصر ما دامت مُتَشَبِّثَة باتفاقيات التطبيع (كامب ديفيد)… كان مواطنو المغرب العربي (قبل انهيار الإتحاد السوفييتي) يتسَوّقون في إيطاليا ويعملون في أوروبا الجنوبية في موسم الصيف (في الزراعة وقطف الثمار والخضار…) بدون تأشيرة ثم يعودون إلى بلادهم، فيما يستجم فُقَراء أوروبا في تونس والمغرب بأسعار منخفضة، ولا يزال الأوروبيون يدخلون بدون تأشيرة (بل ببطاقة هوية عندما يكونون ضمن مجموعة سائحين) فيما أصبح دخول التونسيين (وسكان المغرب العربي) شبه مُسْتحيل، لذلك ارتفعت ظاهرة الهجرة غير النظامية (يُسَمِّيها مواطنو المغرب العربي “حرق الحدود” أو “الحَرْقَة”)، خصوصًا بين فُقَراء وشباب تونس الذين شكّلوا أغلبية المتظاهرين أثناء انتفاضة 2010-2011 والإنتفاضات الإقليمية (الجهوية) المتواصلة، وتصفهم أجهزة الإعلام المملوكة لرجال الأعمال الذي انبطحوا أمام بورقيبة وبن علي بالمُخرّبين (وهو وصف يطلقه الكيان الصهيوني على الفدائيين) وبالسُّوقة والرّعاع، وجميعها أوصاف ونُعُوت ذات صبغة طَبَقِيّة بحتة، واستخدمهم الإسلام السياسي لإرساء مشروعه المُناهض لمصالحهم، وأصبحت المُخاطرة بالحياة في عرض البحر أمْرًا عاديًّا، بسبب ما يُعانيه هؤلاء الشُّبّان في بلادهم وبسبب ما عرفوه في ظل حكومات “ما بعد الإنتفاضة” من تدهور في الأوضاع (راجع الخبر بعنوان “تونس، حكومة صندوق النقد الدولي” في هذا العدد 401 من نشرة الإقتصاد السياسي) والإرتفاع المستمر للأسعار وتراجع قيمة العملة المحليّة (الدّينار) وارتفاع نِسَبِ البطالة والفقر… كانت الدّوائر الأمنية والعائلية المُقَرّبَة من الجنرال زين العابدين بن علي “تُنَظِّمُ” حركة الهجرة غير النظامية وتُشرف عليها وتستفيد من أموالها، كما تستخدمها السّلطة للضغط على أوروبا كلما صدر تقرير عن “انتهاك حقوق الإنسان” في تونس”، ولم يتغيّر الوضع كثيراً منذ رحيل بن علي، بل أصبح المُهرِّبُون من عصابات الجريمة المُنظّمة يشرفون على هذه الرحلات، وأصبحت سفن حلف شمال الأطلسي والسفن الحربية وسفن اليمين المتطرف الأوروبي تجوب سواحل تونس وليبيا بذريعة منع الهجرة غير النظامية، وتحولت بلدان المغرب العربي إلى حارسة لحدود أوروبا ومُعتقل لمن يعتزمون الهجرة، وكلما ضاق الخناق على المهاجرين ارتفع عدد القتلى غَرَقًا في البحر، واكتفت أوروبا بتقديم بعض “المِنَح” لحكومات دول جنوب المتوسط تمثلت في تقديم أجهزة مُراقبة وخافرات ورادارات وتجهيزات أخرى (بينما حصلت حكومة الإخوان المُسْلِمين في تركيا على أكثر من ستة مليارات يورو سنويا، مقابل مراقبة هجرة ضحايا الحروب على سوريا وافغانستان والعراق، انطلاقا من أراضيها)، وأصبح خفر السواحل في تونس يعمل لصالح أوروبا بدون مقابل تقريبًا، بل أصبح يشارك في قتل المهاجرين في البحر، حيث صدمت سفينة حربية تونسية عُنْوَةً مركبًا كان يقل مهاجرين مُتَجِهِين إلى السواحل الإيطالية، يوم الأحد الثامن من تشرين الأول/اكتوبر 2017، ما أدّى إلى قتل عدد غير مُعْلن من الشبان (يُقَدّر العدد بالعشرات) وانتشال ثمانية جُثَث وإنقاذ 38 من الرّكاب، الذين تجمعهم قواسم مشتركة عديدة،  منها انتماؤهم جغرافيّاً إلى مناطق أهملتها كافة الحكومات المُتعاقبة منذ 1956 وانتماء القتلى والجرحى وزملاؤهم الذي بقوا على قيد الحياة اجتماعيّاً إلى أدنى دَرَجات السُلّم الطبقيّ… ألا يسْتَحِقُّ هذا الوضع ثورة؟ لكن من سيشعلها ومن سيتابع نتائجها لتخدم مصالح الفُقَراء؟… عن مقال بتوقيعمَجْدِي الوِرْفِلِّيفي صحيفةالأخبار13/10/17 (بتصرّف وإضافات)  

 

تونس، حكومة صندوق النقد الدّولي: أقام في فنادق تونس وفد من صندوق النقد الدولي للمرة الرابعة خلال تسعة أشهر منذ بداية شهر تشرين الثاني/اكتوبر، للضغط على الحكومة وعلى مجموع القوى السياسية المُمَثَّلَة في مجلس النواب وكذلك على الإتحاد العام التونسي للشغل (أكبر وأقدم نقابة أُجراء عربية وافريقية) لإدْراج القرارات الإقتصادية التي أمر الصندوق بتطبيقها سنة 2018 (يُسَمِّيها “إصْلاحات”، وهي في الواقع “تَخْرِيب”)، وطلب الموافقة على هذه “الإصلاحات” قبل حلول تاريخ الاجتماعات السنوية للصندوق في واشنطن من 13 إلى 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2017… ناقش أعضاء الحكومة مشروع الموازنة لسنة 2018، وفق شروط صندوق النقد الدولي التي يتوقع أن يُؤَدِّي تطبيقها إلى زيادات هامة في مقدار ونسب الضّرائب والرُّسُوم، وإلى تراجع الدخل الحقيقي للعمال والأُجَراء والفئات الفقيرة وحتى المتوسطة، ما قد يؤَدِّي إلى انفجار اجتماعي، وتوقّعت حكومة تونس أن يبلغ عجز مُوازنة الدولة سنة 2017 حوالى ملياري دولار (5345 مليون دينار تونسي) أو نحو 5,4% من إجمالي الناتج المحلي، بينما تُشِير توقُّعات صندوق النّقد الدّولي إلى ارتفاعها إلى حدود 6,2% من الناتج المحلي، وتعتمد الحكومة (مثل الحكومات المماثلة في مصر والأردن والمغرب وغيرها) زيادة القروض مع زيادة الضرائب والأداءات لِسَد العجز، وأشرنا مرات عديدة سواء بخصوص مصر أو تونس أوغيرها ان القروض الخارجية لا تُسْتَخْدَمُ في الإستثمار وزيادة الإنتاج، بل لإعادة قروض أخرى حل أجَلُها، ولسد العجز في ميزانية الدولة، ويُسَمِّي صندوق النقد الدولي زيادة الضرائب (على الأُجُور وليس على دخل البرجوازية ورجال الأعمال والمِهَن المُسَمّاة “حُرّة”، أي غير مأجورة) “إصلاحًا جِبائيًّا شاملاً”، وهي مُغالطة لُغَوية وسياسية استنْبَطَها خُبَراء الألْسُنِيّة في المُخْتَبرات الأكاديمية الرأسمالية، ويشترط صندوق النقد الدولي زيادة الضرائب للإفراج عن قسط جديد من القرض البالغة قيمته 2,8 مليار دولارا لفترة أربع سنوات (اتفاقية 20/05/2016 مع الدولة التونسية)، وسبق أن حصلت الحكومة التونسية بشيء من التّأخِير على قسطين بلغت قيمتهُما مُجْتَمِعَيْنِ 1,277 مليار دولارا لحد الآن، وتنتظر الحصول على قسط ثالث بقيمة 875,350 مليون دولار خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل 2017، بعد زيارة تفتيش وإقامة وفد صندوق النقد الدولي أسبوعين في فنادق تونس (على حساب المواطن الأجير) وشهادة رئيس الوفد بحصول تَقَدُّمٍ في تطبيق تعاليم الصندوق وتنفيذ “حزمة الإصلاحات”، وبيع ما تبقى من حصص الدولة في الشركات التي كانت عمومية وتجميد الرواتب، وتجمديد التوظيف، بل وخفض عدد موظفي القطاع العام، وخفض المعاشات التقاعدية مع زيادة سنوات وقيمة الإشتراك في صناديق التقاعد بنسبة لا تقل عن 1% من الراتب السنوي،  وتُبَيِّنُ الأرْقام ان حكومات الإخوان المسلمين رفعت عدد موظفي الدولة من 440 ألف، في بداية سنة 2011 إلى 650 ألأف موظف سنة 2014، بعد توظيف حوالي 155 ألف من أفراد عائلاتهم وقياداتهم والمنْتَمِين إلى حزبهم والمساجين السابقين من حركة الإخوان المسلمين في تونس (تحت مُسمّيات “حركة الإتجاه الإسلامي” ثم “النهضة”)، كما زاد الإخوان المسلمون من حجم القروض الخارجية، ومن ارتهان البلاد إلى الدّائِنِين… بدأت الحكومة تطبيق أحد شروط صندوق النقد الدولي، والمتمثل في إحالة ما لا يقل عن عشرة آلاف موظف، مِمّن يُفْتَرَضُ أن يتقاعدوا بعد ثلاث سنوات، على التقاعد “الطّوْعِي” ولكنها لم تحصل سوى على أربعة آلاف طلب، وتعتزم الحكومة تسريح 120 ألف موظفًا حكوميًّا (دون تحديد شرط سن الموظف) مقابل راتب سنتين، قبل نهاية سنة 2020، ليلتحقوا بصفوف 630 ألف عاطل عن العمل مُسَجّلِين رسميًّا في سجل العاطلين المُعْتَرَفِ بهم… يعتبر خُبَراء صندوق النقد الدولي ان القطاع العام ومؤسسات الصحة العمومية ومؤسسات المظلّة الإجتماعية (العلاج والتقاعد والتعويض عن الحرمان من العمل…)، وكذلك قطاع التعليم الحكومي والنّقل العام وغيرها من المؤسسات التي ضحّت الشعوب (والأُجَراء بشكل خاص) بجزء من دخْلِها لإنشائها، “عِبْئًا مالِيًّا، ووجب بيعها إلى القطاع الخاص بأسعار رمزية”، وأحصى الصندوق 104 مؤسسات قطاع عام في تونس وجب بيعها للقطاع الخاص بسعر رَمْزِي (هل يقبل القطاع الخاص الإستثمار في شراء مؤسسات خاسرة؟)، ويتفق صندوق النقد والحكومة (التي يرأسُها صهر الرئيس، وهو موظف سابق في الإدارة الأمريكية وفي سفارة أمريكا بتونس، وكاتب بحث يدعو إلى خصخصة الفلاحة والأراضي الزراعية وبيعها إلى الأجانب)، على تحميل العُمّال والأُجَراء والفُقَراء والمتقاعدين نتائج خطة تخريب الإقتصاد التي يُسمِّيها الصندوق “إصْلاَحًا هيكليًّا”… عن وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات) – موقع جريدة الصحافة” (حكومية) + موقع صحيفة المغرب 12/10/17    

 

فلسطين تحت القُبّة الأمريكية؟ بعد عشر سنوات من الخلافات غير المبدئية بين حركتي “فتح” و”حماس” وقّع مُمَثِّلوهما الإتفاق الحادي عشر في القاهرة تحت إشراف المخابرات المصرية وبرعاية أمريكية، مع الإشارة إلى تبنِّي حكومة ومصر ودويلة الإمارات للقيادي محمد دحلان المُنْشق عن فتح وإلى ولاء قيادة “حماس” لحركة الإخوان المسلمين (تركيا وقَطَر، وقطر في خصومة حاليًّا مع مصر والإمارات والسعودية) قبل أي ولاء آخر لأي قضية أو وطن، أما قيادة حركة فتح فهي التي فَوّضها الإحتلال الصهيوني والإمبريالية الأمريكية للحفاظ على أمن المُسْتَوْطِنين والجنود الصهاينة وتفتيش حقائب التلاميذ الصّغار واعتقال الشبان الفلسطينيين الذي يُشْتَبَهُ في عِدائهم لدولة الإحتلال، لذلك فإن أي اتفاق بين هذه الأطراف لا يمكن أن يكون في صالح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية وحركة التحرر الوطني والقومي، لكن الإنقسام بين الطرفين (إضافة إلى الحصار الذي يتشَدد النظام المصري في تطبيقه، أضر بمصالح العديد من سكان غزة، ومنهم موظفي “الحكومتين” (رغم الإتفاق المُوَقّع بهذا الشأن سنة 2011)، وتعتزم سلطة الحكم الذاتي الإداري إحالة 32 ألف موظف على التقاعد ضمن خطة تقليصية تشمل الضفة وغزة بين عسكريين ومدنيين، لكن من دون فصل أي موظف، مع دمج حوالي ثلاثة آلاف من موظفي الأمن في غزة، ووعدت مصر بفتح معبر رفح ثلاثة أيام أسبوعياً بصورة أولية، مع الإشارة ان الكيان الصهيوني هو المتحكم الفعلي في المعبر (عن بُعْد)، بدعم تقني من الإتحاد الأوروبي، وأعلن محمود عبّاس ان “حكومته” ستلتزم بتسْدِيد المستحقات المالية الشهرية لموظفي غزة جميعاً بمبالغ لا تقل عما يصرف لهم في الوقت الحالي (50% من الراتب)… من الأسئلة التي تُراوِد الفلسطيني “العَادِي” في غزة: هل سَتُنَفَّذُ عمليات إعادة الإعمار وبناء المساكن والمدارس والمستشفيات؟ وهل سيتمتع سكان غزة بماء الشرب الذي أصبح عُملَةً نادرة منذ 2014؟ أما موضوع تحرير فلسطين، كل فلسطين فلم يعد من المواضيع التي تناقشها المنظمات الفلسطينية حاليًّا ولا الأحزاب والمُنظّمات العربية، وكذلك عودة اللاجئين إلى وَطَنِهِم… إنه اتفاق لا يُعيد توجيه البَوْصَلَة نحو تحرير فلسطين   

 

مصر للبيع؟ ارتفع الدين الخارجي من 34,4 مليار دولارا سنة 2012 إلى 43,2 مليار دولارا سنة 2013 و46,1 مليار دولارا سنة 2014 وإلى 48,1 مليار دولارا سنة 2015 وحوالي 56 مليار دولارا سنة 2016 و73,9 مليار دولارا بنهاية الربع الأول من سنة 2017 وفق بيانات المصرف المركزي، واستطاعت الحكومات المصرية المتعاقبة تسديد الديون في آجالها بفضل إيراداتها من النقد الأجنبي التي كانت تفوق ستين مليار دولارا من إيرادات السياحة (خاصة قبل 2011) وكثرة عدد المصريين العاملين بالخارج الذين يُحَوِّلُون أموالا بالنقد الأجنبي إلى مصر، وإيرادات قناة السويس، وصادرات الغاز قبل أن تنخفض كميات الغاز، لكن الديون الخارجية المُقَوّمة بالعملة الأجنبية ارتفعت بشكل مُقْلِق، ويتوقع صندوق النقد الدولي ارتفاع الديون الخارجية لمصر من حوالي 74 مليار دولارا في آذار/مارس 2017 وحوالي 79 مليار دولارا خلال الربع الثاني من 2017، واقترضت الدولة أكثر من 23 مليار دولارا خلال عام واحد، وقد تصل إلى 84 مليار دولارا في بداية 2018 لأن الدولة تخطط لاقتراض عشرة مليارات دولارا في شكل “طرح سندات” قبل بداية 2018، وإلى 102,4 مليار دولارا سنة 2020، ما يرفع “خدمة الدّين” (لأن القروض ترتفع بفعل الفوائد) وما يُثْقِلُ كاهل الأجيال المُقْبِلَة، لأن تسديد الديون يعني عمليا إنتاج ما يكفي الشعب المصري الذي فاق تعداده 100 مليون مواطن (وفق التعداد الأخير) وإنتاج فائض لا يستفيد منه الشعب المصري بل يغادر البلاد ويُسْتَخْدَمُ لسداد الديون بالعملة الأجنبيةو المُرْتَفِعة (مقابل الجُنَيْه)، وقد تعجز الدولة عن خلاص الديون فتصبح البلاد (قناة السويس والنفط وغيرها) مرهونة لدى الدّائنين، في ظل انخفاض قيمة الصادرات وانخفاض إيرادات الدولة من العملة الأجنبية وضعف الإستثمارات وضعف مستوى الإدخار، ولا تستخدم الحكومة المصرية (كما الحكومات التونسية والمغربية والأردنية…) القروض الخارجية لاستثمارها في مشاريع لإنتاج ما تستورده البلاد من الخارج (بهدف التخفيف من العجز التجاري)، بل لسد عجز الميزانية، أو لخلاص ديون قديمة، ما يرفع قيمة الديون وقيمة الفوائد، ويشترط الدائنون (في مقدمتهم صندوق النقد الدولي) مراقبة الميزانية وفرض ما يُسَمِّيه صندوق النقد “إصلاحات إقتصادية” وهي إجراءات تقشفية تضر بحياة المواطنين الفقراء والعاملين والفئات الوسطى، بسبب رفع الأسعار وارتفاع نسبة التضخم إلى مُسْتويات قياسية، وإلغاء الدعم وفرض الضرائب المباشرة (على الدخل) وغير المباشرة (القيمة المضافة وعلى الخدمات)… من جهة أخرى تضطر جميع الدول إلى الإقتراض الخارجي، بما فيها الدول النفطية والدول الرأسمالية المتطورة، ولا تتمثل الخطورة في قيمة الدّيُون وإنما في نسبة الدين العام (الدين الحكومي) من إجمالي الناتج المحلي، باعتبار ان مصر (والبلدان العربية الأخرى التي ذكرناها) لا تُنْتِجُ سِلَعًا ذات قيمة زائدة مُرْتَفِعَة، بل تُصَدِّرُ بعض الإنتاج الزراعي أو المواد الخام كالفوسفات في المغرب وتونس والأردن أو النفط والغاز بكميات قليلة، أو مواد مُصَنّعَة وقع تركيبها في المغرب أو تونس أو الملابس والنسيج وهي مواد غير ذات قيمة كبيرة، وتخضع لمنافسة حادّة من بلدان فقيرة أخرى، خاصة في آسيا، وبلغ الدين العام المصري 73,9% من إجمالي الناتج المحلي سنة 2012 و81,3% سنة 2013 و 85,3% سنة 2014 و86,6% سنة 2015 وحوالي 96,8% سنة 2016، وتشير التوقعات إلى بلوغها 107% بنهاية 2017، ما يمثل خطورة كبيرة في ظل ارتفاع قيمة الواردات إلى حوالي سبعين مليار دولارا وانخفاض قيمة العُملة المحلية وارتفاع عجز الموازنة إلى حوالي عشرين مليار دولارا، وارتفاع قيمة فوائد الديون إلى حوالي 23,5 مليار دولارا خلال العام المالي الحالي (2017 – 2018) فيما تحتاج الدولة إلى سد ما يُسَمّى “الفجوة التمويلية” بقيمة تصل إلى 12 مليار دولارا خلال العام المالي الحالي 2017 -2018 (من تموز/يوليو 2017 إلى حزيران/يونيو 2018)… عن بيانات المصرف المركزي + الإحصاء المركزي + موقع البديل 10/10/17

 

سوريا، مُخططات استعمارية طويلة المدى: نددت حكومة روسيا بالتعاون بين مجموعات إرهابية (داعش والنصرة) والجيش الأمريكي في مناطق تواجد القواعد العسكرية الأمريكية التي أنشأتها منذ 2013 مع مليشيات الأكراد وبعض المجموعات الإرهابية التي تعتبرها أمريكا وأوروبا “مُعْتَدِلَة”، ووَفّر الجيش الأمريكي مساعدة مادية ولوجيستية لنقل “مسلحين” إلى ريف “درعا” وتسهيل دخول مئات الإرهابيين المُسَلّحِين من “داعش” لشن هجوم على طريق تدْمر- دير الزُّور، لمحاربة الجيش السوري، وعرقلة تقدمه في مناطق أخرى مثل مدينة “الميادين” أو “دير الزور”، بالتزامن مع دعم أمريكا مليشيات الأكراد للسيطرة على حقول النفط شرق نهر الخابور (شرق البلاد)، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن ما يقرب من 600 مسلح آخرين غادروا منطقة مخيم الركبان على الحدود الأردنية واتجهوا بشكل منظّم نحو نقطة عبور حدودية محاذية لبلدة “طفس” في ريف “درعا” الغربي، وسهّل الجيش الأمريكي استحواذ إرهابِيِّي “النصرة” على المساعدات الإنسانية (للتذكير، سبق وأن ذَكرنا على صفحات نشرة الإقتصاد السياسي تخصيص وزارة الحرب الأمريكية مبلغ 250 مليون دولارا إضافية َمن ميزانية 2017 لدعم وتمويل المجموعات الإرهابية في سوريا)… بالتزامن مع هذا النشاط العسكري الأمريكي كثف الجيش التركي عمله العدواني في الشمال (بين “عفرين” و”إدلب”)، وتعمل تركيا على “تَتْرِيك” مناطق “درع الفرات” التي تحتلّها منذ آب/أغسطس 2016، حيث دَرّب الجيش الأمريكي قوات إرهابية قبل إرسالها إلى هناك، لاحتلال أراضي سورية جديدة لفائدة تركيا، بذريعة “مكافحة الإرهاب”، وتحتل تركيا حوالي ثلاثة آلاف كيلومترا مُربّعًا في ريف حلب الشمالي، وركزت هناك “إدارة” تُرْكية تسعى إلى ربط اقتصاد وتعليم وخدمات المنطقة من بريد ومصارف بالحكومة التركيّة، وأصبحت العُملة التركية تنافس الليرة السورية والدولار الأمريكي، وتُشْرِفُ الحكومة التركية مباشرة على الشرطة والإدارة وعلى الهيئات التي نَصَّبَتْها لإدارة المنطقة، وتعمل تركيا بشكل حثيث على تأسيس “حكومة مُؤَقَّتَة” وإدماج المجموعات الإرهابية المُوالية لها (تحت إسم “الجبهة الشّامية” بقيادة الإخوان المسلمين) في إطار “جيش وطني”، لا علاقة له بالوطن (السوري)، لأنه تحت إشراف تركي مباشر، ويُمَهِّدُ دخول الجيش التركي إلى إدلب، لضمّ مناطق جديدة إلى الاحتلال التركي لمناطق “درع الفرات”، ويمثل “الإخوان المسلمون” الخيار التركي لحكم ريف حلب الشمالي وإدلب، إن تمكنت تركيا من الإستقرار فيها، لِتُحَوِّلَها إلى “لواء إسكندرون” جديد، وشجعت الإستثمارات التركية داخل شمال سوريا، وتعمل منظمات “خيرية” مرتبطة بالإخوان المسلمين وبالنظام التركي على تقديم مِنَح للطلبة السوريين الراغبين في الدراسة في جامعات تركيا، فيما تُنْشَرُ جميع المطبوعات باللغتين العربية والتّركية… عن الأخبار” + وكالةسبوتنيك” (بتصرف) 12/10/17  

 

لبنان، مصب نفايات أمريكية: حصل الجيش اللبناني من نظيره الأردني سنة 2010 على عشْرِ دَبَّابَات من صنع أمريكي من طراز “إم 60″، ونقلت الصّحف اللبنانية مطلع شهر تشرين الأول/اكتوبر 2017  حصول الجيش اللبناني على “هدية” من الجيش الأردني تضم عربات مدافع وناقلات جند ونحو عشرين دبابة أميركية الصنع، من طراز “إم 60” أيْضًا، وكما قبل 7 سنوات، فإن هذه الدّبّابات غير صالحة للإستخدام، بل هي “خُرْدَة” يعتزم الجيش الاردني التخلص منها، فيطلب الأميركيون نقلها إلى لبنان، ويتطلّبُ تأهيلها وصيانتها أموالاً لا تتوفّر حاليا لدى الجيش اللبناني، ما يعني ان السلطة السياسية في لبنان تخضع للسياسات الأميركية التي لا تريد بناء جيش لبناني قادر على الدفاع عن الوطن ضد الإعتداءات الصهيونية المتكررة، بل تريد جيشًا ضعيفًا يمارس مهمات القمع الدّاخلي (مهمات الشرطة ومكافحة الإرهاب)، ولم يحصل الجيش على تمويل لشراء أسلحة ومعدات من مصادر متنوعة، لأن بلداناً أخرى، منها روسيا والصين وغيرهما، اقترحت تقديم سلاح للجيش اللبناني، سواء كهبات أو ضمن صفقات تجارية، تتضمن أسلحة وذخائر أفضل بكثير وبأسعار أقل من تلك التي يبيعها الأميركيون… من جهة أخرى تؤدِّي الشراكة المفروضة على الجيش اللبناني مع الطرف الأمريكي إلى تطبيع واختراق صهيوني، عبر شراء طائرتي “سوبر توكانو” الأميركية، وما هي في الواقع سوى نسخة مطوّرة من طائرة “توكانو” البرازيلية، التي تُستخدم في دوريات حرس الحدود وملاحقة المهربين، ومنحت الولايات المتحدة حق تطوير هذا الطراز من الطائرة إلى شركة “إلبِيت” الصهيونية التي تستأثر بقسم كبير من ثمن بيعها لأنها تُنْتِجُ أهم ما في الطائرة، مثل الحاسوب وشاشات العرض ونظام الملاحة ونظام تخزين المعلومات، وتتولّى الشركة الصهيونية أيْضًا عمليات الصِّيانة، ما يُشكل تعاونًا خطيرا مع الكيان الصهيوني وتَمْوِيلاً للإحتلال… عن صحيفة الأخبار 13/10/17

 

افريقيا فرنسا: تملك فرنسا عددًا من القواعد العسكرية في البلدان التي كانت تستعمرها بشكل مباشر قبل الإستقلال الشكْلِي (1960- 1962) وتتدخل عسكريا في عدد هام من هذه البلدان (النيجر وتشاد وكامرون والغابون ومالي وافريقيا الوسطى والكونغو وغيرها)، كما تستغل شركاتها متعددة الجنسية ثروات افريقيا التي تعاني شعوبها من الفقر والجوع والحروب التي تساهم فرنسا في إشعالها (مالي وكامرون والكونغو وافريقيا الوسطى وغيرها)، وفي المقابل تغلق فرنسا حدودها أما ضحايا الفقر وضحايا الحروب والمناخ (البيئة) بل سترسل بعثتين الى تشاد والنيجر لفحص طلبات اللجوء التي تقدم بها الضحايا إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة، ولكن البعثتين ستعملان تحت اشراف المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين والمحرومين من الجنسية (اوفبرا)، وبذلك يبقى 99,99% من هؤلاء (طالبي اللجوء) في افريقيا، لأن حكومة فرنسا حَدّدَتْ مُسبقًا عدد اللاجئين القادمين من افريقيا ومن لبنان والأردن وتركيا (أي السوريين والعراقيين) والذين سيتم قبول ملفاتهم خلال سنتين بعشرة آلاف (أي خمسة آلاف سنويا)، وكانت دول الإتحاد الأوروبي قد أنشأت مُعْتَقَلات للاجئين في عدد من البلدان الإفريقية (شمالها وجنوبها)، لكي تتنصل دول مثل فرنسا من نتائج حروبها واستغلالها واضطهادها للشعوب في افريقيا والعالم، كما في جمهورية مالي حيث كثفت فرنسا من وجودها العسكري منذ حوالي خمس سنوات، وتظاهر سكان مدينة “كيدال” في شمال شرق مالي يوم الاثنين 09/10/2017 للمرة الثالثة خلال أسبوع واحد للمطالبة برحيل القوة الفرنسية من المدينة التي يسيطر عليها متمردون سابقون من الطوارق، بسبب “العنف الوحشي ورعونة الجيش الفرنسي وترهيب المواطنين داخل مساكنهم”، وفق شهادات -من سكان محليين وأجانب- أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب)، وسبق أن رشق متظاهرون بالحجارة العسكريين الفرنسيين… أدّى التدخل العسكري العلني الفرنسي منذ كانون الثاني/يناير 2013 الى طرد بعض المنظمات “الإسلامية”، لكن الهجمات العسكرية وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات لا تزال مُتواصلة… عن أ.ف.ب 10/10/17

 

مدغشقر: ذكرنا في عدد سابق انتشار وباء الطاعون في جزيرة مدغشقر، وارتفع عدد حالات الإصابة بوباء الطّاعُون المُبَلَّغ عنها 561 إصابة من أواخر شهر آب/أغسطس إلى يوم 10 تشرين الأول/اكتوبر 2017 وأعلن الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر  إرسال أول مركز لعلاج الطاعون، وتضاعف عدد الحالات خلال الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول 2017 وتكاثرت حالات الطاعون الرئوي، الذي ينتشر من شخص إلى شخص، وأصبحت تُشَكِّلُ نحو 70% من إجمالي حالات الإصابة في مناطق ومدن مكتظة بالسّكان، ويتطلب العلاج عزل المرضى لتحديد انتشار الوباء الذي انتقل إلى أرخبيل “سيشيل” عن منظمة الصحة العالمية 13/10/17

تواصل انتشار وباء الطاعون خلال الأيام العشرة الأولى من شهر تشرين الأول 2017، ورصد الأطباء 85 حالة جديدة ووفاة ستة مرضى خلال أسبوع واحد، وأعلنت منظمة الصحة العالمية إرسال 1,2 مليون حقنة جديدة ومعالجة حوالي خمسة آلاف مصاب، فيما أرسلت بعض المنظمات أطباء وتجهيزات طبية  في بلاد أهملها حُكّامُها منذ حوالي أربعين سنة -في حين اكتشف الطب أساليب الوقاية من وباء الطاعون منذ نهاية القرن التاسع عشر- حيث انتشر الفقر وباعت الدولة نصف الأراضي الصالحة للزراعة إلى شركات متعددة الجنسية أو إلى دول أجنبية… مدغشقر جزيرة في جنوب شرق افريقيا على المحيط الهندي قبالة “زمبابوي” وموزمبيق، وهي رابع أكبر جزيرة في العالم، تقارب مساحتها 590 ألف كيلومترا مربعا ويقطنها حوالي 25 مليون نسمة، وكان الرحالة العرب أول من كتب عنها في كُتُب التاريخ والرحلات خلال القرن السابع، ولا يبلغ متوسط دخل الفرد ألف دولارا، ويعيش حوالي 70% من السكان تحت خط الفقر بأقل من 1,25 دولارا في اليوم… يعتمد اقتصاد البلاد على زراعة وتصدير المُنتجات الزراعية ومنها “الفانيلا” (الخزامة) والتّعدين والسياحة والغزل والنسيج وعلى صادرات الصناعة التحويلية الخفيفة، وتتميز (بحكم وضعها كجزيرة) بتنوع بيئي وبيولوجي فريد، وتستغل شركة “ريو تنتو” العابرة للقارات الفحم والنيكل الموجود في الجزيرة وتستغل شركة “أوتوكلاف” النفط والغاز المُكتشف حديثًا، وهو نفط ثقيل كثير الضرر بالمحيط، وتُعتَبَرُ هذه المشاريع مُضِرّة بالبيئة وبالمجتمعات المحلية والأراضي الزراعية والنباتات النادرة في الجزيرة، وقد يتجاوز ضَرَرُها المنافع المُحْتَمَلَة… استعمرات فرنسا الجزيرة من 1883 إلى 1960، ولكن بدأت الإمبريالية الأمريكية تُهيمن على الجزيرة منذ منتصف ثمانينيات القرن العشرين عبر وكالة التنمية (يو إس آيد) وعبر القروض واتفاقيات الشراكة…

 

فيتنام: تقع دولة فيتنام ضمن منطقة الزوابع والعواصف الإستوائية وتتعرض البلاد باستمرار لعواصف استوائية تُؤَدِّي إلى فيضانات مدمرة في موسم الأمطار بين شهر أيار/مايو وشهر تشرين الأول/اكتوبر من كل عام، بسبب طول سواحلها، وسبق أن قتلت العاصفة الإستوائية “كيتسانا” أكثر من 150 شخصا في البلاد سنة 2009 ولحق الأقاليم الوسطى دمار هائل خلال شهر أيلول/سبتمبر 2017، فيما تسبب آخر إعصار (الأسبوع الثاني من تشرين الأول 2017) في وفاة ما لا يقل عن 68 شخصا ونحو أربعين مفقود، عقب أمطار غزيرة في العديد من المحافظات، وبالأخص في وسط وشمال البلاد، ويحذر خبراء الأرصاد من عاصفة كبيرة متجهة نحو البلاد، ستزيد من حِدَّة الأضرار، بعد تدمير آلاف الممتلكات وإتلاف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ومنها على مقربة من “هانوي” حيث انهار جسم السد وأغرق المناطق المجاورة، وتكبدت محافظة هوان بينه (شمال) خسائر فادحة، تبعتها محافطة ثانه هوا (وسط) بحسب سلطات إدارة الكوارث، ونشرت الدولة آلاف العناصر من الشرطة والجنود للمساعدة في جهود الإنقاذ، وتدعيم السدود وتوزيع وجبات الطعام، ونشر التلفزيون حصيلة مُؤَقّتة للأضرار، حيث أحْصَت إدارة الكوارث (من يوم 9 إلى 13 تشرين الأول/اكتوبر 2017) انهيار نحو 317 منزلا في فيضانات وانهيارات أرضية في حين غمرت المياه أكثر من 34 ألف منزل وأحدثت أضرارا بها، وتضرر أكثر من 22 ألف فدان من حقول الأرز ونفق قرابة 180 ألفا من الماشية أو جرفتها المياه…  عن رويترز + نوفوستي 13/10/17

 

أوروبا: دَعَتْ نقابات موظفي الدولة في فرنسا بشكل مُوحّد وذلك لأول مرة منذ عشر سنوات، جميع العاملين في القطاع العام من الممرضات إلى الأساتذة، وعددهم 5,4 ملايين موظف، إلى الإضراب والتظاهر في حوالي 130 تظاهرة وتجمعا في جميع أنحاء فرنسا، ما أدَّى إلى إلغاء حوالي 30% من الرّحلات الجوية بسبب إضراب عناصر إدارة الطيران المدني (قطاع حكومي) وإغلاق دور الحضانة والمدارس والمستشفيات (باستثناء الحالات المُسْتَعْجَلَة) وإدارة الضرائب والعديد من الخدمات العامة الأخرى، وشارك موظفو القطاع العام بكثافة في هذا الإضراب الذي دعت له النقابات يوم الثلاثاء 10 تشرين الأول/اكتوبر 2017، احتجاجا على خطة حكومية تقضي بتجميد رواتبهم وخفض أعدادهم، في جبهة جديدة ضد سياسة الرئيس “إيمانويل ماكرون” القادم من أوساط المال والأعمال، والذي مَنَحهُ الحزب “الإشتراكي” (خلال رئاسة فرانسوا هولاند من 2012 إلى 2017) وزارة الإقتصاد، ومَكّنَهُ من تخريب قانون العمل مرة أولى، قبل أن يُجْهِزَ عليه عندما أصبح رئيسًا، وكانت فرنسا قد شهدت مظاهرات قبل حوالي شهر احتجاجا على تحويرات جوهرية في قانون العمل ونظام التقاعد، وأغلق سائقو الشاحنات بعض المنافذ، ويعتزم الرئيس وحكومته إلغاء الوظائف وتجميد الرواتب وإعادة النظر في وضع موظفي الدولة والقطاع العام (أو ما تَبَقّى منه)، ويمثل قطاع الوظائف الحكومية حوالي 20% من إجمالي الوظائف في فرنسا، وتعتزم النقابات تنظيم عدة تحركات أخرى… في ألمانيا، قدرت النقابات أن إفلاس شركة الطيران “إير برلين” سيؤدي إلى خسارة 1400 موظف عملهم بداية من نهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر 2017، وبالأخص بين موظفي الخدمات الأرضية والموظفين الاداريين، الذين تنتهي عقود قسم منهم بنهاية تشرين الأول/اكتوبر 2017 وقسم آخر في شباط/فبراير 2018، وتسعى شركة طيران “لوفتهانزا” للاستحواذ على أصول شركة “إير برلين”، بما فيها مواقع هبوط واقلاع مميزة في المطارات الالمانية، واشترت لوفتهانزا بالفعل او تتفاوض لشراء نحو 20 طائرة من “اير برلين” لتشغليها على خطوط طيرانها المنخفض التكاليف “يورو وينغز”… توظف إير برلين” ثمانية آلاف وستمائة موظف، منهم عمال مؤقتون، واعلنت لوفتهانزا خططا لتوظيف حوالي ثلاثة آلاف شخص فقط في اطار مساعيها لتوسيع عمل فرعها “يورو وينغز”، بشروط رفضها موظفو “لوفتهانزا” لأنها تنتقص من حقوقهم المُكْتَسَبَة، وتسعى شركة “إيزي جيت” البريطانية للحصول على أُصول الشركة الألمانية المفلسة، وكانت النقابات قد انتقدت التعتيم الإعلامي والتّكتّم على سير المحادثات بشان بيع اصول الشركة المُفْلِسَة… عن أ.ف.ب 10/10/17

 

أوروبا، بيئة، تلوث: تعتمد المنطقة الإقتصادية الأوروبية منذ 2005على البيانات الديموغرافية والوبائية وعلى قياس درجة التلوث من خلال 2500 محطة في أوروبا لدراسة تأثير التلوث على صحة الإنسان (الأوروبي)، ورغم تحويل الصناعات المُلَوِّثة إلى البلدان الفقيرة وإغلاق مناجم الفحم بهدف حماية المواطنين الأوروبيين (مع تحقيق أرباح إضافية)، تسبَّبَ تلوث الهواء بمختلف السّموم والغازات -مثل ثاني أُكْسِيد النيتروجين- في الوفاة المبكرة (قبل 65 عاما) لحوالي نصف مليون شخص في إحدى وأربعين بلد أوروبي سنة 2014، وقُدِّرَ عدد ضحايا “الجُسَيْمات الدّقيقة” بأكثر من 400 ألف ضحية سنويا (في أوروبا لوحدها)، وارتفع عدد ضحايا التلوث بصورة عامة في الدول الصناعية وذات الكثافة السّكّانية العالية، وبلغ عدد الوفيات (الناتجة عن التلوث) أكثر من 81 ألف في ألمانيا وأكثر من 79 ألف في إيطاليا و52 ألف في بريطانيا وأكثر من 48 ألف في بولندا وأكثر من 45 ألف في فرنسا، وفي منطقة باريس وضواحيها يتنفس حوالي 300 ألف مواطن هواء مُلَوّثًا جدا بسبب قربهم من الطرقات الرئيسية، حيث تتجاوز نسبة التلوث المقاييس الأوروبية للإنبعاثات الضّارّة التي تتجاوز الحدود أيضًا في شمال إيطاليا وبولندا وبعض مناطق ألمانيا… عن الوكالة الأوروبية للبيئة أ.ف.ب 11/10/17

 

البرتغال: تعيش البلاد تحت الوصاية المُزْدَوَجَة للدائنين (صندوق النقد الدولي وللإتحاد الأوروبي) منذ 2011 وارتفعت الديون إلى 78 مليار يورو، واشترط الدّائِنون (كما هي الحال دائما)، برنامج “إصلاحات”، أي تقشف وزيادة ضرائب وخصخصة وتجميد التوظيف وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد وغيرها من الإجراءات المناهضة لمصالح الأُجراء والعمال والفُقَراء، الذين أطاحوا بحكومة اليمين خلال انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وعاد الحزب الإشتراكي إلى الحكم بالتحالف مع حركات يسارية اشترطت زيادة دخل العُمّال والفُقَراء والمُتقاعدين، مع زيادة الضرائب على الأثرياء بشكل طفيف، وكانت نتائج هذه السياسة إيجابية (رغم معارضة الإتحاد الأوروبي في بداية الأمر)… أعلنت الحكومة إنها ستتمكن من خفض العجز خلال سنة 2018 مع خفض الضرائب على الدخل المنخفض وزيادة طفيفة في مقدار معاشات التقاعد، بعد سنوات من التقشف وخفض الرواتب والمعاشات وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي (مثل باقي الدول الأوروبية)، وسيتضمن مشروع موازنة 2018 خفض عجز الموازنة من 2% سنة 2016 إلى 1% سنة 2018 وخفض نسبة الدين التي تمثل حاليا 126,2% من إجمالي الناتج المحلي إلى 123,5% من إجمالي الناتج المحلي، ويُفَسِّرُ خُبراء الإقتصاد هذا التحسن النسبي في أرقام “الإقتصاد الشموالي” للبلاد (ماكرو إيكونومي) بزيادة مداخيل السياحة وبتحسن الوضع الإقتصادي في إسبانيا (الشريك التجاري الأول للبرتغال)، وتتوقع الحكومة ارتفاع نسبة النّمو من 1,4% سنة 2016 إلى 2,6% سنة 2017 وإلى 2,2% سنة 2018 وخفض نسبة البطالة من 9,2% سنة 2017 إلى 8,6% من قُوة العمل (القادرين على العمل) سنة 2018 وزيادة رواتب موظفي القطاع العام ومعاشات التقاعد، لكن الوضع لا يزال هَشًّا، ويطالب الأُجراء بسياسة أكثر جُرأة وأكثر عَدْلاً ودعت نقابات الموظفين إلى إضراب يوم 27 تشرين الأول/اكتوبر 2017 فيما أعلن أطباء القطاع العام والمُدرِّسون تنظيم تظاهرات احتجاجية خلال الأسابيع القادمة… عن أ.ف.ب 14/10/17

 

إسبانيا، من الأسباب العَمِيقة لأزْمة كاتالونيا“: تعود جذور تطور مسألة القوميات (وأهمها في إقليمَيْ الباسك وكاتالونيا) إلى تدهور وضع إسبانيا كقوة استعمارية بنهاية القرن التاسع عشر، وظهور أزمة اقتصادية وسياسية حادة حاول التّيّار الفَوْضَوِي استغلالها، لكنها انتهت بقمع وحشي في تسعينيات القرن التاسع عشر، وفشلت الدولة المركزية منذ ذلك الحين في إنتاج عقيدة مُوَحِّدَة تندمج مختلف القوميات في إطارها، وفشلت بالتالي في بناء هوية وطنية وِفَاقِيّة، لكن التيار الجمهوري توصل مع اليسار في كاتالونيا إلى صيغة حكم ذاتي خلال العقد الثالث من القرن العشرين، وانتهت تجربة الجمهورية في إسبانيا بمجازر (دعمها نظام الحكم النازي في ألمانيا والفاشي في إيطاليا، خاصة بين سنَتَيْ 1936 و 1939)، ونصّب فرانكو نفسه دكتاتورًا مدى الحياة إلى أن توفي سنة 1975، وعَيَّن “خوان كارلوس” مَلِكًا ليخْلفَهُ… أما الأزمة الحالية فبلغت ذروتها بتنظيم الإستفتاء الذي سبقته مظاهرات ضخمة لأنصار الإنفصال تعاطَتْ معها شرطة الحكومة المركزية بعنف شديد وموجة قمع غير مسبوقة منذ انهيار نظام دكتاتورية “فرنسيشكو فرانكو” (1975) وتبعته مظاهرات ضخمة أيضًا لمناهضي الإنفصال (وبعضهم من أنصار “تقرير المصير”)، واستخدمت الدولة القمع والتشريعات والدستور ومختلف أجهزتها (بما فيها المَلِك الذي نادِرًا ما يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ) لحظر عملية الإنفصال التي تتمتع بعمق تاريخي في الإقليم ولكنها زادت تَجَذُّرًا منذ الأزمة المالية سنة 2008 لتتطور من المطالبة “بالاعتراف بالهوية وباللغة وبحكم ذاتي إداري وسياسي” وهو ما يتمتع به الأقليم منذ 1979، إلى الإنفصال الذي تدعمه البرجوازية القومية الكاتالونية وكذلك التيارات “اليسارية” (باستثناء التيارات الفوضوية)… تُعْتَبَرُ إسبانيا منذ التحاقها سنة 1986 بما أصبح يُسمى الإتحاد الأوروبي، ثاني دولة (بعد بريطانيا) تتسع فيها الهوة بين الأثرياء والفُقَراء، وتعمقت الفجوة إثر أزمة 2008 وتطبيق خطة التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي (بداية من آب/أغسطس 2008) وشملت هذه الخطّة إلغاء جميع المكاسب التي حصل عليها العُمّال والأُجراء منذ انتماء البلاد إلى الإتحاد الأوروبي (المجموعة الإقتصادية الأوروبية سابِقًا)، وفَرَضَ الدّائِنُون تجميد التوظيف في القطاع العام وتجميد رواتب الموظفين الحكوميين بنسبة 5% ورفع الضرائب غير المُباشِرة ومنها ضريبة القيمة المضافة، وتجميد المعاشات التقاعدية، وزيادة سن التقاعد إلى 67 سنة، وأدت هذه الخطة إلى كارثة اقتصادية واجتماعية فانخفض إجمالي الناتج المحلي لإسبانيا بنسبة 7,8% خلال خمس سنوات بين سنتي 2008 و 2013، وتضررت الفئات الوسطى والطبقة العاملة والأُجَراء وصغار الفلاحين، وبعد الإطاحة بحكومة اليمين (بزعامة “ثاباتيرو”) سنة 2011، واصَلَ الحزب “الإشتراكي” نفس السياسة (كما الأحزاب “الإشتراكية” في كافة بلدان أوروبا باستثناء البرتغال، لأسباب انتخابية بَحْتَة)، ما أدى إلى حصول انتفاضات وتظاهرات ضخمة في عموم البلاد، وظهور حركات سياسية جديدة (مثل “بوديموس” في اسبانيا و”سيريزا” في اليونان…) واستغلت البرجوازية في إقليم “كاتالونيا” بطالة الشباب (رغم انخفاضها عن المُعدل العام في إسبانيا) لإعادة الروح للحركة الإجتماعية الإستقلالية في كاتالونيا، التي تعتمد “القومية” كقاسم مُشْتَرك، تحت هيمنتها، فهي حركة غير متجانسة طبقيا رغم الحضور العدَدِي القَوِي للبرجوازية الصغيرة (الفئات الوُسْطى)، وتتجاهل الحركة الإستقلالية الحالية الفوارق الطبقية، لِتُرَكِّزَ دِعايتها على شعارات عنصرية ضد المناطق الفقيرة في إسبانيا مثل “الأندلس”، برفض التضامن القومي (من خلال الضرائب) بين المناطق الغنية مثل “كاتالونيا” والمناطق الفقيرة، تحت شعارات بَرّاقَة مثل التصرف في ثمرة النمو الإقتصادي أو حق تقرير المصير، واستفادت هذه البرجوازية الإقليمية من تَبِعَات الأزمة الإقتصادية التي لا تزال إسبانيا تُعاني منها، واستفادت كذلك من افتقاد الأحزاب التقليدية لصِدْقِيّتها… عن صحف صوت الشمال” -“ألبايس” – وكالة أ.ف.ب من 09 إلى 12/10/17  

 

فرنسا هِجْرَة انتقائية لأصحاب الشهادات العُلْيا: أقرت جميع الدول الرأسمالية المتطورة نظام التأشيرة لمنع دخول العُمال والُقَراء، ولكن أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية تجتذب المُهندسين والأطباء وذوي الإختصاصات، مجانًا، أي دون إنفاق فِلْسٍ واحدٍ على تعليمهم وتربيتهم ورعايتهم، وعلى سبيل المثال تؤهِّلُ بلدان مثل سويسرا وألمانيا حوالي 65% من حاجتها للأطباء وتعول على الأطباء المُهاجرين الأجانب من بلدان “العالم الثالث” أو من أوروبا الشرقية لتشغيل 35% من الأطباء الأجانب برواتب أقل بكثير من الأطباء المَحَلِّيِّين رغم ارتفاع عدد ساعات العمل (في أقسام الحالات المُسْتَعجلة على سبيل المثال)، وفي فرنسا (كقوة استعمارية فرضت اللغة الفرنسية في مُستعمراتها) يعود الفضل إلى الأطباء الأجانب في تسيير عدد من الأقسام في المستشفيات العمومية، وقدرت الصحف الجزائرية عدد الأطباء الجزائريين العاملين في فرنسا بنحو سبعة آلاف طبيب في جميع الإختصاصات، منهم حوالي خمسة آلاف طبيب درسوا وحصلوا على شهاداتهم في الجزائر (من أموال الشعب الجزائري) واستفادت الدولة الإستعمارية السابقة من خبراتهم مَجَانًا… يُقدر عدد إجمالي الأطباء في فرنسا (بداية سنة 2017) بحوالي 216 ألف طبيب من جميع الإختصاصات في القطاعين العام والخاص، وارتفع عددهم بأقل من 1% خلال عشر سنوات، لكن نسبة الأطباء الأجانب الحاصلين على شهاداتهم خارج فرنسا ارتفعت بنسبة 7,8% خلال نفس الفترة وأصبحوا يشكلون حوالي 12% من إجمالي عدد أطباء البلاد، أو حوالي 27 ألف طبيب (9,2% منهم درسوا وحصلوا على شهاداتهم خارج أوروبا)، ويتوقع مجلس عمادة الأطباء أن يرتفع عدد الأطباء الأجانب، ذوي الشهادات الأجنبية إلى  أكثر من ثلاثين ألف سنة 2020… يعمل الأطباء الأجانب في أوروبا عمومًا برواتب منخفضة ويعملون خلال ساعات الدوام الليلي ونهاية الأسبوع وفي أقسام الطب الإستعجالي أحيانًا طيلة 72 ساعة متتالية، كما يشكلون أغلبية الأطباء في بعض المناطق “الداخلية” البعيدة عن المدن الكُبْرَى التي يرفض الفرنسيون العمل بها، ويعمل حوالي 30% من أطباء البلاد في باريس ومنطقتها التي تضم حوالي 12 مليون نسمة (من إجمالي حوالي 60 مليون نسمة)، فيما يُشَكِّلُ الأطباء الأجانب ذوي الشهادات الأجنبية من خارج أوروبا حوالي 55% من إجمالي الأطباء في مستشفيات عديدة وَسَط البلاد في مُدُنِ يبلغ عدد سكانها من 35 ألف إلى 40 ألف نسمة… عن مجلس عمادة الأطباء أ.ف.ب 12/10/17

 

فرنسا، المال والسياسة: ترأس نيكولا ساركوزي فرنسا من 2007 إلى 2012، واشتهر بوقاحته وبأنانِيّتِهِ وبسوء سلوكه وبذاءة لسانه مع وزرائه ومع المواطنين وأعضاء حزبه على حد السواء، إضافة إلى تَعَلُّقِهِ الشديد بالمال وبالسّلطة السياسية، مِمّا وَسَّعَ رُقْعَة أعْدائه، وبعد سقوطه المُدَوِّي (سنة 2012) أصبح متورّطا في حوالي عشرة قضايا ذات صبغة مالية، ومخالفات واضحة للقانون، مستغِلاًّ سُلْطَتَهُ خلال فترة رِئاسة الدولة، ما دعا مكتب النائب العام لتشبيهه بالمجرم المُحَنّك والخبير بأمور الفساد والإحتيال والإلتفاف على القانون (وهو صاحب مكتب محاماة مختص في قضايا المال والأعمال) واستغلال منصبه للإحتيال والثراء الشخصي، ووَجَّهَ المدّعي العام له ولمحاميه “تيري هيرزوغ” مجموعة من التهم، منها الفساد واستغلال النفوذ، ما يُمَهّد الطريق لمحاكمة الرئيس السابق مع بعض شُركائه (مع محاميه وأحد أصدقائه وقاضي سابق لمحكمة النقض)، ووجّه مكتب الإدعاء تُهَما أخرى إلى عدد من “أصدقاء” ساركوزي، مثل خرق سرية بعض البحوث القضائية والتستر على الجرائم ومغالطة العدالة وأحد قضاة محكمة الإستئناف في إحدى المدن الكُبْرى، وكان ساركوزي أول رئيس سابق يقع التحقيق معه بحالة “إيقاف تحفظي” لمدة أربع وعشرين ساعة، وسيكون أول رئيس سابق للجمهورية يُحال على المحكمة بشكل علني بتهمة الفساد… يُحقق القضاء الفرنسي أيضًا في أموال تلقاها ساركوزي من ليبيا خلال فترة حكم معمر القذافي، قبل أن يبدي ساركوزي حماسًا مُفْرِطًا للعدوان على ليبيا وقتل القذافي (بواسطة المخابرات العسكرية الفرنسية)، وكان ساركوزي قد وعد بعض شركائه (منهم بعض القضاة) بمناصب رفيعة، مقابل مُساعدته في أعمال الإحتيال والنّصب… بالنسبة لنا كتقدميين عرب، كان ساركوزي صهيونيا حتى النّخاع وكان ذا نزعة استعمارية شبيهة بتلك التي سادت في أواخر القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، كما كان معاديًا لمصالح العمال المهاجرين، والعمال والفُقراء بشكل عام وللثقافة والحضارة العربيتين  عن صحيفة لوموند” + أ.ف.ب  14 و 15/10/17

 

فرنسا، فساد “ديمقراطي“؟ على هامش عودة قضايا فساد ساركوزي العديدة إلى السّطح، يَجْدُرُ التّذكير ان “شُكْرِي غانم” وزير النفط الليبي الأسبق – خلال حكم القذافي –  دَوَّنَ في مُذَكّراته تفاصيل الرشوة التي حصل عليها نيكولا ساركوزي من النظام الليبي لتمويل حملة الرئاسة الفرنسية سنة 2007 وبلغت قيمتها حوالي خمسين مليون دولارا، واستحوذ القضاء الفرنسي على هذه المُذَكّرات بعد اغتيال شكري غانم الذي وجدت جثته طافيةً على سطح نهر “دانوب” في النمسا سنة 2012 (أي بعد إطاحة جيوش الحلف الأطلسي والسعودية والإمارات بنظام معمر القذافي) في حادثة يكتنفها الغموض ولم يتم نشر التحقيقات بشأنها ولا اتهام أي من مُنَفِّذي هذه الجريمة، ما يُشِير إلى تورط المخابرات الفرنسية في اغتياله، وسرقة مُذكراته التي آلت إلى جهاز القضاء في فرنسا (“بِقُدرَةِ قادِرٍ؟)، وتضمّنَتْ المُذَكّرات تفاصيل كثيرة ودقيقة عن طريقة ومكان التسديد، والمكلفين بالمفاوضات بين الجانبين وغيرها من التفاصيل التي يُعْتَقَدُ انها كانت سببًا في انقلاب “ساركوزي” على “القذافي”، ومساهمة فرنسا العسكرية (بحماس كبير) في الإطاحة بالنظام سنة 2011 وتقسيم البلاد وتخريبها… ساهمت رعونة “ساركوزي” في توسيع رقعة أعدائه وفي توسيع التحالف ضده بين الصحافيين والقُضاة (الذي شتَمَهُم عِدّة مَرّات) والنقابات العمالية والعديد من مُكونات المجتمع، ما أدّى إلى زيادة عدد القضايا التي يواجهها ساركوزي منذ 2013 (في العام الذي تَلَى هزيمَتَهُ الإنتخابية)، بتهمة الفساد، وإلى اعتقال عدد من مساعديه ومستشاريه السابقين، وسجنهم بتهم مختلفة تتمحور كلها حول الرشوة والفساد والتمويل غير القانوني، وغسيل الأموال ذات المصادر المشبوهة، والإثراء غير المشروع… يُجسِّمُ ساركوزي بشكل مفضوح فساد الديمقراطية البرجوازية التي يندمج فيها المال بالحكم أو السياسة بالمال والثراء (أو الإثراء)، فقد كان “سيلفيو برلسكوني” في إيطاليا رجل أعمال اشترى أشهر نادي لكرة القدم في إيطاليا واشترى حزبًا سياسيًّا جعل منه رئيسًا لحكومة إحدى أقوى بلدان أوروبا عدة مرات، وكان أحد أَفْسَدِ حُكّام العالم وأقلُّهُم ثقافة وأدبًا، وفي الولايات المتحدة لا يمكن لأي مرشّح أن يصبح رئيسًا إذا لم يملك المال والدعم من الشركات الكبرى ودعم مُجَمّع الصناعات العسكريّة… 

 

احتكارات: اشتهرت الشركة الأمريكية “مونسانتو” بإنتاج المبيدات الضارة جدا، والخطيرة جدا على الصحة والبيئة، وأهمها مُبِيد “رونداب” الذي تُسَوِّقُهُ منذ 1974، ويحتوي على مادة “غليفوسات” التي أظهرت دراسات عديدة أنه مُسَبِّبٌ للسرطان، وهو منتج خطير يعرض السكان (وخاصة العمال الزراعيين) للمخاطر الصحية، وتعرف الشركات المُصَنِّعة خطر جميع المواد الكيماوية التي تُنْتِجُها (مثل المُبيدات)، ولكن هذه المواد الخطيرة مُدِرَّةٌ للرِّبْح الوفير، والرّبْح هو القيمة العُلْيَا في دين الشركات (رأس المال) أما الإنسان فهو مجرد أداة لترويج الإنتاج، وتحاول “مونسانتو” إظهار “براءة” مُنتجاتها من إلحاق الضرر بالبشر أو بالحيوان والنبات والمحيط، وذلك من خلال نشر مقالات كَتَبَها موظَّفُون لديها ووقَّعَها ثُلَّةٌ من العلماء المعروفين، مقابل منح وحوافز “سَخِيّة” (أي هي عملية شراء الذمم)، وتُسَمّى هذه الممارسة (القانونية) “غوستورايتنغ” (غوست = شَبح – ورايتنغ = كتابة)، وتهدف هذه الدراسات “العلمية” التأثير في الرأي العام، والتّشْكِيك في مصداقية وجدِّية الدراسات التي تُبَيِّنُ خطر مُنْتَجاتها المَسْمُومَة،  مثل “رونداب”، وتستقطب هذه الشركات -ذات النفوذ القوي- علماء من الجامعات ومراكز البحث المَرْمُوقَة وتَبْدو هذه الدراسات التي يوقعونها بمظهر الاستقلال، بسبب صعوبة إيجاد خيط رابط بين هؤلاء الباحثين والعلماء والشركات التي تُمول بحوثهم بسخاء مبالغ فيه أحيانًا (مثل “مونسانتو” وغيرها أيضًا)… رفع 3500 من الضحايا أو أقارب الضحايا دعاوى قضائية ضد شركة “مونسانتو” في الولايات المتحدة بسبب إصابتهم (أوفاة أقاربهم) بشكل من أشكال سرطان نادر في الدم بعد التعرض لمادّة “غليفوسات” الموجود في “رونداب” وغيره من المبيدات التي تستخدم بكميات كبيرة في زراعة ورعاية البذور المعدلة وراثيا، والتي مكنت شركة “مونسانتو” من الحصول على الكثير من المال مع هذا السم… أثار بعض النواب نقاشًا حادًّا في البرلمان الأوروبي (حيث تتمتع “مونسانتو” بحرية كاملة ولها مكتب ومجموعة ضغط في مقر البرلمان)، واعتبر بعض النواب “إن غوستورايتنغ شكل خطير من أشكال الاحتيال العلمي، وتبرئة لصناعة المواد الكيماوية (وغير الكيماوية) الضارة، وشكل من أشكال تبعية العُلَماء والباحثين للشركات الرأسمالية العابرة للقارت…” (سبق الكتابة في هذا الشأن في أعداد سابقة من نشرة الإقتصاد السياسي، سواء عن “العُلَماء المُرْتَزَقَة” أو عن مُبِيدات “مونسانتو” وغيرها) عن المركز الدولي للدراسات والأبحاث حول السرطان أ.ف.ب 13/10/17

__________

الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع أو محرري نشرة “كنعان” الإلكترونية.